رواية وعد ريان الفصل الثلاثون 30 بقلم اسماء حميدة

 




رواية وعد ريان الفصل الثلاثون 30 بقلم اسماء حميدة


اللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين و كل من له نبي فليصلي عليه.

🥀🥀🥀🥀🥀🥀🥀🥀🥀🥀

اغلق منصور الباب في وجه صقر ظناً منه أنه الشبح الذي لقاه في حديقة الدوار في الظلام، وهو يردد بعض من آيات الذكر الحكيم قائلاً بهلع :سلاماً قولاً من ربٍ رحيم، لا تؤذيني ولا اؤذيك.

أراح الصقر جسد أنيتا على أحد المقاعد الخشبية الموجودة أمام دار منصور، يحكم الغطاء عليها متحسسًا جبهتها مرةً أخرى، وجد أن حرارتها لا زالت مرتفعة، وهيئتها الساكنة تلك لا تريحه على الإطلاق، فقد اعتادها مشاكسة، تهاجم كوسيلة للدفاع، فبعض الناس تلجأ لتلك الوسيلة إخفاءً لدواخلها الهشة وشخصياتها الرقيقة التي تعاني حرمانًا قد يكون عاطفياً او نقصًا للاهتمام أو خوفاً من التعلق بالأشخاص ومن ثم يلاقوا الخزلان، أو ربما بسبب فقدان الثقة بالنفس فيتقمص شخصية المهاجم العدائي؛ ليصنع الشخص لنفسه هالة من القوة ويبني أسوارًا يخفي خلفها ما يعانيه.


قام الصقر بالطرق بقوة على الباب هاتفًا : افتح يا دكتور منصور، آني صجر، افتح ما تخافش.

لكن لا إجابة.


عاود الصقر الكرة مرةً أخرى وأيضاً لا من مجيب.


فلم يجد بدًا سوى دفع باب الدار المتهالك بكتفه، فسقط الباب بدَفعةٍ واحدة، ولكن أليس من المفترض أن يصدر سقوط باب خشبي ضخم عتيق كهذا صوتًا مدويًا عند ارتطامه أرضًا.

نظر الصقر أرضًا تجاه الباب فوجده قد استقر فوق شيئاً لينًا حال دون ملامسته للأرض.


فاستدار يميل بجسده مستكشفًا لماهية هذا الشيء، فوجد منصور متسطحًا أرضًا على ظهره، وقد سقط الباب فوق جسده.

ويبدو أنه فاقدًا للوعي أو دخل بإغماء إثر فزعه من رؤية الصقر أمامه.

(رجالة خرعة😂).


الصقر مناديًا همام ذلك الرجل من حراسته و الذي أتى معه إلى دار منصور قائدًا للسيارة، ويقف بالخارج بجانب أنيتا كما أمره صقر.


صقر : همام، يا همام.


همام مقتربًا من باب المنزل وعينيه مراقبة لما وكله عليه الصقر.


همام : أمرك يا كابير.


صقر : يدك إمعي يا همام.


قام صقر بمساعدة همام برفع الباب الخشبي من فوقه وحملاه مُرابعةً من أطرافه، و وضعاه على أريكة موجودة بالصالة.


وخرج الصقر إلى أنيتا حاملًا إياها يريح جسدها هي الأخرى على الأريكة المقابلة لتلك.


صقر لهمام : روح شوف لنا شوية مي، ولا فحل بصل؛ نفوجوا بيه الجتيل ده .

همام : بايني وعيت لحزمة متعلجة برا، هروح أچيب منيها بصلة.


صقر : شهل يا همام.


خرج همام محضرًا بصلة ساندًا إياها على أحد الجدران طارقًا عليها بقبضة يده، فتهشمت مخرجةً سائلها مناولًا إياها إلى الصقر، الذي قام بدوره بتقريبها إلى أنف منصور مسببةً له هياجًا بجيوبه الأنفية، مما أدى إلى انتعاش نشاط الحواس الدماغية لديه، وبدأ ينتبه رامشًا بأهدابه من بين الوعي واللاوعي.


وما إن وقع بصره على وجه الصقر بجسده المائل إليه حتى هب مفزوعًا، يتراجع بجسده إلى الخلف، مرددًا بداية المعوذتين.


استقام الصقر في وقفته بعد استفاقت منصور.


صقر : كانك وعيت لعفريت إياك؟!

اقترب منصور منه بحرص يمد يده بتوجس يتحسسه بحذر.


منصور : أمال إنت إيه؟! أنس ولا جنس؟!


صقر : عتخرف تجول إيه إنت؟!

منصور : صقر باشا، أنا تعبان.

صقر ولسان حاله يقول (كانك مش مضبوط ياض😂).


أبعد صقر يد منصور عنه بتقزز : جنس وتعبان!! آني مش مرتاح لك من الول.


منصور : لا، لا، إنت فهمت إيه؟!


أنا قصدي إن نفسيتي تعبانة هنا، وبدأت أدخل في حالة هالاوس سمعية وبصرية، ومحتاج اخد أجازة أو اتنقل أو اترفد، اللي تجود بيه يا باشا.


صقر : طب تعالى شوف الحاله دي الول، وبعدين نبجوا نشوفوا موضوع الرفد ده.

وأشار الصقر إلى أنيتا المتسطحة على الأريكة.


منصور متجهًا إليها وهو يغمغم : اشمعنا الرفد اللي مسكت فيه.


أشار منصور إلى همام الواقف مرابطًا أمام فتحة الباب المخلوع قائلًا : والنبي يا أخ ناولني الشنطة الصغيرة اللي جنب رجلك دي.


التقطها همام يناوله إياها عائدًا إلى موضعه.


بدأ منصور في فحص أنيتا وقياس درجة حرارتها، فوجد أنها مصابة بنزلة شعبية حادة أدت إلى إرتفاع حرارتها.

منصور مخاطبًا صقر : أنتوا إزاي ساكتين عليها كده؟! دي لازم يتعمل لها جلسة تنفس ودلوقتي حالًا.


صقر مخاطبًا همام : خد العربية و اوصل لغاية الأجزخانة، وآني عخلي الدكتور إبتاعها يحصلك على هناك.


توجه همام ناحية الخارج منفذًا ما أمره به صقر.


صقر مناديًا همام : إنت يا سخام البرك.

همام عائدًا إليه : أيوه، حاضر، نعم چنابك.


صقر : رايح فين إنت؟!


همام : رايح أچيب الدوا من الأجزخانة، كيف ما چنابك أمرت.


صقر : دوا إيه اللي رايح تچيبه يا مخبول إنت؟! هو الدكتور منصور أدى لك الروشتة ابتاعت الدوا.

همام : لاه، يا كابير.


هز صقر رأسه بيأس من زوج المعاتيه اللذان سيقودانه إلى حافة الجنون.

صقر لمنصور : إيدي له الورجة إنت التاني.


نزع منصور صفحة الوصفات العلاجية المدون بها ما يلزمه من الصيدلية من دفتره مناولًا إياها لهمام.


منصور لهمام : بسرعة يا ميمو الله يخليك.


همام بتغاشم : واه إيه ميمو دي عاد؟! اتحشم بدل مسفخك كف أبلعك الكراڤيطة اللي إنت لابسها دِيّ.


مشيراً إلى سماعة الأذن الطبية المعلقة حول عنق منصور.


منصور : خلاص يا شيخ العرب، بقى ميمو حرقتك قوي؟! وسخام البرك عدت عليك عادي؟!


صقر بنبرة قوية : إيه؟! ما حدش مالي عينكم ولا إيه؟! معاملينش حساب لوچودي؟! ولا كاني واجف وياكم! ولا فيه روح بين الحيا والموت، وجاعدين تغنوا وتردوا على حالكم!!


همام مطأطأً رأسه : ما چنابك واعيله يا كابير، وهو عمال يتمسخر.


لم يتفوه منصور بكلمة فبدا وكأنه فقد النطق بعد نبرة صقر القوية التي اهتزت لها جدران المنزل.


صقر لهمام : روح إنت، وحسك عينك إتعوج.


همام بخنوع : تمام چنابك.


منصور بسخرية : عالم جبانات صحيح.


انصرف همام، وقام منصور بحقن الصغيره بعقار خافض للحرارة، و الصقر جالسًا على المقعد المجاور للأريكة يتابع منصور وهو يفحصها ويقوم باللازم لحين حضور همام.


كان منصور يعمل بحرفية عالية، من يراه لا يصدق أنه نفس الشخص صاحب الروح الفكاهية والشخصية الساخرة، فلكل منا عدة شخصيات تظهر بتعدد المواقف، كما أن الاحتكاك والتفاعل مع المحيطين يساهمون في إبراز تلك الاختلافات فمن تعاملهم معك يحددون بأي شخصية يجب عليك معاملتهم.

ولكن عند حديثنا عن منصور فهو شخص فكاهي بطبيعته وهذا لا يقلل من شخصه كطبيبٍ ماهر.


لم يكذب همام خبرًا، فبعد ذهابه اتصل الصقر بالصيدلي وطلب منه بل أمره بفتح الصيدلية و انتظار قدوم همام إليه.

فالصيدليه تعود إلى صقر، هو من أسسها وأمن احتياجاتها من الأدوية والمستلزمات، كما أنه يساهم في تأمين علاج الحالات الإنسانية من اهل البلدة والبلاد المجاورة داخل دائرته وخارجها، وعمل على تواجد سكن الصيدلي ومساعديه بالقرب من الصيدلية تحسباً لأية ظروف طارئة، وها قد أتت.


وفي أقل من ربع ساعة قد أحضر همام قناع التنفس ومضخة الأكسجين، والأدوية الأخرى التي وصفها منصور.

سريعاً قام منصور بتركيب أدواته استعداداً لعمل جلسة التنفس واضعًا الماسك على وجه الصغيرة التي تلقفت أول نفس منه بروح كادت تذوق الموت، وقد بدأت حرارتها في الهبوط بعد سريان مفعول العقار الذي حقنها به، وقد بدأت تتنبه بعد حالة الهزيان التي أصابتها إثر تلك الحمى.


فتحت الصغيرة عينيها وجدت يدًا موضوعة على جبينها تداعب خصلات شعرها في حنان تفتقده برغم عدم تقصير ريان وماجد وموسى وكل من حولها، إلا أن تلك اليد التي تربت عليها الآن ترسل لها إحساسًا بالراحة والأمان، وتطمئنها أن القادم أفضل، ف الأطفال يستشعرون المحبة الخالصة.


رفعت مقلتيها لتتعرف سبب ذلك الشعور، وصاحب اليد الحانية، وجدته ذلك الشخص الذي كانت تخشى على والدتها منه.

شقت الإبتسامة طريقاً إلى ملامح الصقر، حينما انفرجت أهدابها. فإبتسمت له بدورها بإمتنان.


صقر بحنو : إيه عاملة دلوك؟!


أنيتا : آني زينة ياچوز أمي.


اندهش صقر من ردود أفعال الصغيرة التي تسبق عمرها

(صغيرة؟! ده أنا اللي صغيرة والنحمة😂)

الصقر مجيبًا : جوليلي يا صجر بيناتنا يعني، أو يا عمي.


أجابت أنيتا بتحدي :لاه.


صفق منصور الذي يشاهد ما يدور شامتًا : بوم، قصف جبهة.


فاستكملت أنيتا : هجولك يا بوي.


طأطأ منصور رأسه بخزي متمتمًا : جبهتي أنا اللي اتشخرمت، يا فرحة ما تمت.


انبلجت أسارير الصقر : حبيبة جلب أبوكي.


أنيتا :أوعاك تسيبني يا أبوي.


صقر : ما تخافيش يا جلبي مش هسيبك واصل.


أنيتا : ولا بعد ما أمي تچيب لك الواد.

صقر : ولا بعد ألف واد يا ست أبوها.


وجه الصقر حديثه لمنصور مقلبًا إحدى كفيه في الهواء عابسًا بتذكر : ها يا دكتور، كنت بتقول حاچة عن استجالة أو رفد بايني؟!


منصور بتراجع : رفد إيه بس يا كبير؟! أنا كنت محتاج أجازة.


صقر : كَد إيه؟!


منصور : يعني شهر، شهرين.


صقر : إيه بتجول إنت؟! ونجولوا للعيانين يستنوا شهر شهرين، الناس بتاخد أچازة يوم، يامين، سبوع، وإنت عاوز شهرين!! ليه عاد؟!


منصور بمهادنة : إنت عارف يا كبير إني وحداني، وأبويا وأمي الله يرحمهم، والوحدة اللي أنا فيها ابتدت تأثر على عقلي الباطن، فقلت أتأهل وأدور على عروسة بنت ناس، و أهي تونسني، يقطعها الوحدانية.

(صدقتي يا أم أحمد ياختي😂)


صقر و هو يقرص مقدمة أنفه بتفكير : طب ما هي محلولة عاد، لك عيندي عروسة إنما إيه نجاوة.


انشرحت أسارير منصور وتهللت ملامحه، قافزًا يقبل الصقر من وجنتيه قائلًا : ينصر دينك يا كبير، أخت المدام صح؟!

الصقر بايجاز : لاه.


منصور شاردًا بخياله إلى وعد : يبقى أنا كده أمي دعيالي، أكيد أخت مرات إبن عمك السئيل قصدي الجميل اللي ربطني ربطة البهايم في الشجرة، شوف يا أخي ما محبة إلا بعد عداوة.


الصقر يهز رأسه برفض : بردو، لاه.

منصور : لاء ما تحيرنيش، بص أنا بثق في ذوقك، ودايس معاك يا كبير.


صقر : يبجى على بركة الله.


الصقر موجهًا حديثه إلى همام الذي يشبه فيه هيئته أشرف في مسلسل الكبير أوي : جول لخيتك يا همام، إن كتب كتابها ودخلتها إمعي آني وماچد في ليلة واحدة خليها تچهز حالها وكل چهازها ولوازمها عليا آني.


منصور لهمام : إيه ده؟! هي أختك هتتجوز هي كمان؟! يا ترى مين اللي أمه داعية عليه ده؟!


صقر بإقرار : هو فيه غيرك، يا منص.

منصور لاطمًا خده و هو على وشك البكاء : يا وقعتك السودا يا منص.

(ألبس يا معلم، عشان خارجين😂).

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

وعد ريان بقلم أسماء حميدة.

أذن ريان لمن بالباب بالدخول ولكن لم يجيب أحدًا، فتوجه إلى الباب يفتحه مستكشفًا فلم يجد أي شخص بالخارج.

عاد مرةً أخرى إلى وعد.


ريان : الظاهر حد مخربط في الجاعة.

وعد : يمكن، معلش ممكن تليفونك؟

عاوزة أطمن على أختي، و اطمنها عليا، وكلمتها من تليفوني بس الظاهر ما سمعتش، ودلوقتي تليفوني فاصل شحن.


اخرج ريان هاتفه من جيب سترته يناولها إياه، فقامت بالاتصال بها، ولكنها لم تجيب أيضاً.


وعد : بردو ما بتردش.


ريان : يمكن عشان الرجم غريب، إشوية إكده و چربي مرة تانية، ولو ما رديتش عليكي، أبجي شيعيلها رسالة.


أمأت وعد وقد بدأ القلق يزحف إليها، حسناً لن تستبق الأمور ستعاود الكرة مرةً أخرى أو ترسل لها رسالة، فستجعل اتصالها بنجوى آخر حلولها، تفاديًا لاستجواب نجوى، فهي تُقدّرها والأخرى هي من ربتها وتستطيع أن تفطن من حديثها إذا كانت تُصْدِقها القول، أم تخفي عليها شيئاً.


ريان : هخش آني اتسبح،

وعد متذكرة ما حدث سابقاً : استنى.

ريان : إيه؟ چاية؟


وعد بأعين جاحظة من وقاحته : آجي فين يا قليل الادب؟!


ريان : وبعدهالك عاد؟! جولتلك جبل سابج لمي لسانك ده، وبعدين بدل ما تتشكريلي بتطولي لسانك؟!


بماذا يهذي؟! علما يستحق الشكر؟! على وقاحته؟!


وعد : أشكرك على إيه؟! عشان القذارة اللي في مخك؟!


ريان بعد ما فطن سوء ظنها في مقصده، فقد ظن أنها تريد استخدام الحمام قبل ولوجه للاستحمام؛ لذلك عرض عليها الدخول.


ريان بتسليه : وفيها إيه؟! عادي يا أم سيف، ده بدل ما تاچي لحالك تليفي لي ضهري، أمال كنتي بتجولي استنى ليه عاد؟!


تخضب وجهها بالحمرة بعد تعليقه، ولما ستعقب على حديثه : أنا قصدي استنى خد هدوم معك؛ بدل ما تخرج بالبشكير السايب بتاعك ده.


ريان : آني بجول البشكير أحسن.

وعد وهي تتمتم : ده إيه الوقعة السودة دي؟! ما تختشي يا إسمك إيه الواحد جتته مش خالصة، عاوز تطلع لي بعضلاتك دي، لا وبالبشكير كمان؟!

(جرى إيه يا وعد؟! ما تظبطي أبت😂) .


ريان : بتجولي حاچة؟!


وعد : بقولك راعي إن معاك بنت في الأوضة، ولم نفسك، هه لم نفسك.


ريان وهو يأخذ الجلباب الملقى أرضًا : خلاص، خلاص، أنا كنت بعرض خدماتي لعلها تنال القبول.


وعد : لا وفر خدماتك، شاكرين لمجهودات حضرتك.


دخل ريان إلى الحمام وهو يقر أنه يحتاج بالفعل إلى مجهودات كبيرة للايقاع بها، ولكن لا يهم، فهو لا يستصيغ الأمور السهلة الهينة، دائماً ما يستهويه الصعاب.


(لا يا ريو البت فلتت من إيدي، ما تنزلش بتقلك ألا البت كده هتضيع و إحنا عندنا ولاية😂)


وعد بعد دخوله إلى الحمام : ده إيه الرجالة أم وش مكشوف دي؟! بس الواد موز، موز،.

(ما تتلمي بقى 😂).

🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣

عند مصطفى وهمس.

بعد إنتهاء الجميع من تناول الطعام، تحت إدعاء مصطفى التجاهل والعبوس، واستياء همس فهو لا يستحق ذلك، وقد قررت الإعتذار منه.


قامت همس بمساعدة نجوى في لم الأطباق من على الطاولة، وايداعها حوض الجلي لإنهائها في الصباح كما اقترحت نجوى فقد تأخر الوقت.


قامت نجوى بوضع الماء في البراد استعداداً لعمل الشاي.


دخل مصطفى إلى المطبخ وجدها تقف بتململ إلى جانب والدته التي تقوم بتحضير الأكواب لحين غلي الماء .

اقترب منهما مصطفى يخاطب والدته موليها ظهره : أنا نازل، تصبحي على خير يا نوجة.


همس بإندفاع : مش هتشرب شاي يا مصطفى؟!


آهٍ، منكِ حبيبتي نطقكِ لحروف اسمي يعطيه رونقًا وعذوبة، كلحن تعزفينه على قيثارةٍ، تداعب أناملك أوتارها، وما أوتارها إلا وتين قلبي العاشق للثرى الذي تدعسه قدماكِ.


أجابها مصطفى باقتضاب جاهد لرسمه : مش لازم.


لِما لا يعطيها فرصة للاعتذار.

وبالفعل تركهم مصطفى، بعد أن قبل رأس أمه مستئذناً منها بالانصراف. متوجهًا إلى الصالة.


مصطفى لوالده : مش نازل يا حج؟!


الحج زكري : هشرب الشاي و احصلك يا درش .


مصطفى : ماشي هسبقك أنا.


استأذنت همس من نجوى مدعيةً النعاس ذاهبةً إلى غرفتها، تتسطح بجسدها على السرير، سابحةً بخيالها إلى لقائهما بمدخل البناية، حينما قام بتقبيلها.


لمجرد استدعاء اللحظة سرت رعشة بأطرافها مرسلةً إلى قلبها رجفةً لذيذة، تستشعر سريانها بداخلها كسكرات تذيب كل خلية بها، وتدغدغ عمودها الفقري، إحساس ولا أروع.


ولكنه مخيف، تلك الأحاسيس لم تخالجها يوما قط، ولم تراود أحلامها تلك الفيضانات من المشاعر التي سحبتها إلى دوامة، لا تعرف سبيل للنجاة منها.

وتساءلت هل تريد حقا النجاة؟! أم ستترك قلبها تتقاذفه أمواج عشقه الضارية؟!


وبالأخير توصلت لحقيقة واحدة، لن تقوى على الإبتعاد، لقد تملك عشقه من قلبها، ولا تعرف كيف؟! ولا تريد أن تعرف، فالعشق مصطفى، هو المختار.

أمسكت هاتفها تريد التواصل مع صديقتها وكاتمة أسرارها و أختها وعد، تريد أن تبثها ما أثقل روحها.


ربما تجد لديها ما يريحها.


ضغطت أناملها قفل الشاشة، ومن ثم زر الإتصال، ولكن وجدت هاتفها مغلق.

تأفأفت بنزق، وهي تسند الهاتف إلى جوارها على الفراش، تناظره بتردد تريد سماع صوته، ولكن كلما مدت يدها إلى الهاتف، تتراجع خشيةٌ من أن يجرحها أو يحرجها بردوده.


وعلى الجانب الآخر بالأسفل يتسطح مصطفى على بطنه أعلى الفراش يستند بمرفقيه عليه، واضعًا الهاتف أمامه يناظره بإمعان،، وعينيه مثبتة على شاشته كمان يراقب عداد قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة، مع إختلاف طفيف، فهو مترقب بتسلية لحظة الانفجار، أعني لحظة إضاءة الشاشة بلقبها المسجل لديه( أم العيال).


(يا رب ما تتصل يا درش، خليك تنبط😂).


مصطفى محادثاً حاله : إيه يا درش؟! حساباتك جَلّت المرة دي ولا إيه؟! شكلك هتقضي الليل تعد النجوم، ما كنت قعدت تشرب الشاي يا إبن الفقرية.


في حين قررت همس الإتصال به.،ملتقطة الهاتف تضغط على اسمه،

وعندما أنارت الشاشة لديه باللقب المنتظر، هب مصطفى واقفًا يعتلي السرير متراقصًا بحركات خرقاء، مرددًا بفرحة: ايوه بقى، هو ده.


مال على الهاتف يحادثه وكأنه سيجيبه : طب أرد ولا أستنى؟! أرد ولا أستنى؟!

(طب يا روح أمك، أنا هوريك أخرة تقلك على البسكوتة 😂).


وفي لحظتها انقطع الرنين، ولم تكتمل صوت النغمة الهاتفية للمكالمات لديه، مما يعني أنها قطعت الإتصال 😂.


التقط الهاتف الذي أظلمت شاشته ظناً منه أن شحنه فرغ ، وقد أطفأت البطارية الفارغة الجهاز.


ولكن وجده لا زال يعمل.

مصطفى : ايه ده بقى؟!


وأخذ يهز الهاتف بين يديه وكأنه يعنفه.

مصطفى محادثاً الهاتف : طب أتصل أنا ؟! ولا أتقل شوية؟ ما ترد؟! أنا مش بكلمك؟ رد يا جبان.

(لا حول الله، أنت حالتك صعبة أوي يا درش😂).


قطعت همس الإتصال بعد جرسين، وما إن ضغطت على زر الغلق حتى أعلنت نغمة الرسائل عن تلقيها لرسالة جديدة، ففتحتها سريعاً لعله هو.


ولكنها وجدت الرسالة من نفس الرقم الذي هاتفها من قبل، فتحتها لتعرف فحواها، فوجدت بها أربع كلمات مختصرة (ردي يا همس، أنا وعد).


وعلى الفور قامت بالإتصال على الرقم.

وفي تلك الأثناء قرر مصطفى هو الآخر مهاتفتها، ولكن كلما إتصل أعطاه الخط مشغول.


مصطفى لنفسه : وبعدين؟ هي حطتني على الرفض ولا إيه؟ ليه البيعة دي يا قلب مصطفى؟ هونت عليكي؟.


وكأن شخصًا آخر يجيبه : اشرب، مش فضلت تتقل، أهي كرفتك يا خرونج.

-بس ما تقولش خرونج.


-لا خرونج وخرو كمان، ولَّا يمكن مشغولة مع حد تاني يا درش؟


-حد، حد مين؟


-زين مثلًا؟


-دي تبقى ليلتها سودة، لا يا عم همس ما تعملش كده.


-وأنت إيش عرفك يا درش، ما يمكن....


-لا، لا، أسكت إنت شيطان؟


(مبروك عليك القميص الأبيض يا ديشة 😂).


وبدلًا من تلوعيها، إلتاع هو بنار الغيرة.

(وجرب نار الغيرة، و قولي، قولي 😂).

👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏

عندما رن هاتف ريان برقم غريب، كان هو قد إنتهى من الاستحمام.


وخرج وجدها تفترش السرير بالطعام، وفمها مملوءًا على آخره، لا يشغلها سوى ما تفعل.


وكأنها انفصلت عن العالم، ويبدو أن صابحة قد جلبت لها تلك الوليمة أثناء تواجده بالحمام.


فأخذ يهز رأسه يمينًا ويسارًا بيأس، ملتقطًا الهاتف الموضوع إلى جوارها على الكومود، ناظرًا إلى شاشته فوجد رقم غير مسجلًا يهاتفه.


أدار شاشته إليها متسائلًا : مش دِه رقم أختك؟


انتبهت همس إلى رنين الهاتف في يده، ناظرةً إلى الرقم على الشاشة، وهي تهز رأسها بإيجاب عاجزة عن الحديث، بسبب امتلاء فمها، و قد لطخت الصلصة شفتيها، وكأنها طفلة لم تعتاد بعد على إطعام حالها.

(يخرب بيت الطفاسة😂).


ابتلعت سريعاً ما في فمها، تمد يدها الملطخة إلى الهاتف؛ لتلتقطه من يده.

فأبعده سريعاً عنها، قاذفًا المنشفة التي بيده بوجهها ، قائلًا : امسحي يدك دي الول، الله يجرفك.


وعد وهي تلوك ما تبقى في فمها : تشكر يا ذوق.

(هتطفشي الراجل يا بت المفجوعة😂).


وقامت بمسح يدها وفمها بتلك المنشفة، ولكن بقيت نقطة من الصلصة عالقةً بزاوية شفتيها لم تنجلي، وكأنها تناشده بالإقتراب ليزيلها بيده، أو ربما....


هز رأسه ينفض الفكرة التي استحوذت عليه برغبةٍ ملحة.


مدت يدها تلتقط الهاتف من يده، وهو لا يزال مثبتًا بأرضه يقاوم تلك الرغبة.


رفعت بصرها إليه وجدته شاخصًا بها، فتحمحمت بإرتباك، قائلة : إيه؟ ريان وهو على حاله : إيه؟ !


وعد : يعني كلك نظر.


ريان : ما فاهمش تجصدي إيه؟!


وعد مجيبة بسماجة : عايزة اتكلم مع أختي، يعني لو ما كانش يضايقك؟!

(ما تسوقيش فيها أنا حيشاه عنك بالعافية😂).


خرج ريان إلى الشرفة متيحًا لها فرصة للحديث.


فضغطت على زر الإجابة.


وعد : إيه يا همس؟ ما بترديش ليه؟ قلقتيني عليكي.


همس بنبرة مذبذبة تعلمها وعد جيدًا : أصل، يعني، ما كنتش، ما أعرفش إن إنتي اللي كنتي بتتصلي بيا من الرقم ده.


وعد : مالك يا همس؟ بتهتهي ليه؟


همس : أنا، أبدًا، ما فيش.


وعد : همس؟!


همس : وعد، I've a problem.


تعرف وعد تلك المشكلات مقدماً ربما كسر أحد أظافرها أو إنتهت باقة مكالماتها الشهرية أو ربما راودها كابوس.

وعد : What's The problem ?


همس : وعد، أنا اتجوزت.


وعد مجيبة بإندفاع كعادتها : ياه يا همس، دايماً تكبري المواضيع ك...


وتوقف عقلها عن العمل، وانقطع حديثها كمذياع أزيل قابسه.


وعد مدهوشة جاحظة العيون من الصدمة.


والأخرى تضع سبابتها في فمها، كطفلةٍ صغيرة تحادث والدتها على هاتف العمل، تبلغها بأنها فوتت درس البيانو، تغمض عينيها منتظرة كلمتي توبيخ، أو ربما ثلاث ، وبعدها ستعد والدتها بعدم تكرار خطأها مرةً أخرى.


وعد بعدما استوعبت ما قالته همس : إت إيه؟! اتجوزتي ده إيه؟! ده إنتي نهار أبوكي مش فايت، أنتي مبلبعة حاجة أبت؟! 🤔إحنا مش قلنا ألف مرة، ألف به ضرب ما نعلاش بالدماغ مرة واحدة 😏، أنتي مصرصرة يا بت عزام؟! 🙉


همس بتوجس : مبلعة إيه؟! أنا مش فاهمة منك حاجة!!


وعد : مبلعة؟! إنتي ضاربة إيه يا همس؟ ويا ترى بتتعاطي من إمتى 😱؟!


همس : No way، ما ليش في الحاجات دي أنا.


وعد : أنيل، ده أنيل 😓، معنى كده اللي إنتي قولتيه ده بجد🙉؟!


همس بتوجس : Yes.


وعد : إزاي يعني مش فاهمة!! عرفتيه إمتى؟ وفين؟ وإزاي ده حصل؟!


همس : في القسم.


وعد : بقولك إتجوزتيه إزاي؟!


همس معاودة الإجابة نفسها : في القسم.


وعد بعدم فهم : إنتي علقتي؟! ما تنطقي؟!


همس : ما أنا بقولك اللي حصل، اتجوزته في ال Police station.


وعد : مش فاهمة!!! يعني هو ظابط؟ وحتى لو، ما الظباط....


وبطرت عبارتها، وهي تلطم خدها باستنكار : إنتي قصدك....؟!


همس وهي تومئ برأسها وكأن الأخرى تراها : Yes.


وعد : يا نهارك اسود ومنيل يا بت عزام وليلى...


همس مقاطعة : استني بس هفهمك.


وعد ب ثورة : تفهميني؟ تفهميني ايه؟! بقى همس القطة المغمضة!! يتكتب كتابها في القسم 🙉!! وكنتي ماشية في سكة البلحة المقمعة من إمتى يا محسوكة🤔؟! ويا ترى بوليس الآداب لقطكم من انهي مُكْنة 🤦‍♀️؟!


همس ببلاها : لا ما تفهميش غلط، إتعكشنا من على البحر.


أزالت وعد الهاتف من على أذنها، تنظر إلى الرقم مرددة بغباء : إتعكشنا!!


ثم أعادت الهاتف إلى أذنها : إنتي مين؟! وفين همس؟!


همس : What's wrong, It's me Hams, أنا همس .


وعد : إنتي فين يا زفتة؟! إنتي. همس : Wach Your langaue.


وعد : هو أنتي لسه سمعتي لغة! ده أنا هشتمك بالأب والقمع دلوقتي، انطقي إنتي فين؟!











همس : عند مامي نجوى.


وعد : والمحروس اللي اتجوزتيه فين؟!

همس : عند مامي نجوى.


وعد : هي مامي نجوى تعرف بعملتك السودة دي؟!


همس : Not Yet.


وعد : أمال هو عندك بيعمل إيه؟!

وقولتي لمامي نجوى إيه عنه🤔؟! كسبتيه في كيس شيبسي!! 🙉انطقي؟ وفهميني، الواد ده قرب منك؟ غلطتي معاه يعني؟!


همس : لا طبعًا، إيه اللي إنتي بتقوليه ده؟!


وعد : طب حسك عينك الواد ده يقرب منك، وبكرة الصبح هبعت لك عربية تجيبك عندي هنا، لما أشوف إيه حكايتك بالظبط.


أغلقت الهاتف في وجهها، وهي لا تفهم شيئاً، ربما بعد تناولها الطعام غفت، وما تسمعه وتعايشه الآن حلم أو كابوس.

بعد قليل دخل ريان الغرفة مغلقًا باب الشرفة خلفه، مستديراً لها، وجدها تمسك الهاتف في يدها، تناظره بأعين مشدوهة و فم مفتوح وكأنها مصعوقة بكابل كهرباء ذو فولت عالي.


اقترب منها يلوح بكف يده أمام وجهها، ولكن لا استجابة ولو بطرفة عين.


سحب ريان الهاتف من يدها، فانتبهت له تهز رأسها بدهشة ومعالم وجهها لا تفسر.

ريان : إيه فيه؟! مالك؟! حية لاشتك؟! ولا إيه؟!


هزت وعد رأسها مرةً أخرى برفض.

ريان : أمال إيه؟! الوكل طلع مسموم، واللي إنتي فيه دِه سكرات الموت؟!


هزت وعد رأسها برفض.


ريان : إيه فيه؟! ما تُنْطُجي.


وعد برجاء : هو أنا ممكن أطلب منك طلب؟


ريان : جُولي.


وعد : هو إنت ممكن تبعت حد بالعربية بتاعت ماجد يجيب أختي من إسكندرية؟ هي ما لهاش حد غيري، والمكان اللي هي فيه هناك مش هقدر اطمن عليها فيه لوحدها.


ريان : ما تعوليش هم، آني هتصل بمكتب الليموزين اللي ماجد أچر منيه العربية، واخليهم يبعتوا لها عربية بسواج يچيبها لحدك، وآني هدفعلهم أون لاين.

وعد بامتنان: متشكرة.


لملمت ما بجانبها من طعام بشرود، تضعه إلى جانبها أرضًا، وهي تأخذ وضعية النوم بإستكانة، تعجب لها ريان.


ريان : هتنا 

               الفصل الواحد والثلاثون من هنا 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1