رواية وعد ريان الفصل الثاني و الثلاثون 32 بقلم اسماء حميدة
اللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا و رسولنا الكريم محمد النبي المصطفى وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين و كل من له نبي فليصلي عليه.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
بعد استدعاء الصقر لمسعدة، ومشوراتها في أمر زواجها من الطبيب منصور، لم يصدر منها أي ردة فعل تنم عن الرفض أو القبول.
فقال صقر ناهياً الأمر : السكوت علامة الرضا نجروا الفاتحة.
منصور : يا صقر باشا الأمور ما تتاخدش كده، إحنا ندي العروسة مهلة قيمة شهر، شهرين كده تفكر، وأكون أنا كمان جهزت نفسي، وخفض صوته، أو خلعت.
صقر : تچهز إيه؟ إنت مش جولت إنك هتاخد الإچازة علشان تتچوز، وبعدين الدار اللي إنت جاعد فيها آني اللي مخصصها سكن مغتربين، وبجولك دي هَدِّية مني لمسعدة، وهكتبها بأسمها، وفرحكم هيكون إمعاي آني وماچد، و بكرة تاخد عروستك وتتدلى المركز تچيبوا الشبكة.
الصقر موجهًا حديثه لمسعدة : جولتي إيه يا عروسة؟
أجابت مسعدة بما جعل منصور على وشك البكاء : اللي تشوفه يا كابير.
فعندما دخلت مسعدة مع أخيها همام، ووجدت الطبيب منصور لدى كبيرهم صقر الزيدي، الذي تتحاكى كل فتيات الكفر عن وسامته وتعني هنا منصور، فالصقر لا خلاف عليه😎 وخفة ظله المعهودة والتي جعلت منه محور لحديث أهل الكفر، وحلم للعديد من فتيات البلدة، فهو حقًا وسيم ومحبوب من كل أهل الجهة والجهات المجاورة.
كما إنها تراه كل يوم في الصباح الباكر عندما تتوجه إلى عملها، فيكون هو في تلك الأثناء متوجهًا بدوره إلى الوحدة الصحية التي يتوافد إليها عددًا لا بأس به من الجماهير، وبالطبع هو لا يعرفها من جهة نقابها، ومن جهة أخرى ليس لها تعامل معه، أما من حيث الجماهير المتوافدة على الوحدة، فمنهم من يأتيه لعلة أو مرض، ومنهن من تأتي لتعرض حالها عله يفكر بها كزوجة، ومنهم من طلب يده لإبنته أو إحدى أقاربه، من باب المثل الذي أَعْمله الصقر حين طلبها إليه، وحالها كحال معظم الفتيات في البلدة كبيرها هو من يقرر و هي امتثلت لأوامر الكبير.
فعندما أتت مع أخيها لم تكن تتوقع أن الصقر يستدعيها لهذا الأمر، فإذا كان الصقر يفوق منصور وسامة إلا أن منصور بروحه المرحة، وتواضعه، وشخصه الهين اللين، طيب المعشر، يجعل منه حلم لها تتمنى تحقيقه.
(البت بتكرش على الدكتور من زمان بقى😏).
وبعد إجابتها تلك أنهت حجة منصور بالتمهل.
رفع الجميع كفوفهم تأهبًا لقراءة الفاتحة، إلا منصور.
فمال عليه الصقر قائلاً : چرالك إيه يا دَكتور؟! ما تجرا الفاتحة، ولا ما حافظهاش؟!
منصور : لا حفظها، بس عندي ظروف.
(ظروف إيه دي يا منص؟! 🤔أوعى يكون اللي في بالي 😱).
الصقر بعدم استيعاب : بتجول إيه إنت؟! ثم استكمل مستدركاً بتسلية : طب مش كنت تجول من الول؛ كنا خطبناك لهمام؟! 😂
منصور بعد ما توصل إلى ما يرنو إليه الصقر : لا، لا، لا، أنا راجل أوي على فكرة.
(ما إنت اللي موضحتش نوع الظروف يا منص😂).
كانت مسعدة تستشعر نفوره منها منذ قدومها، ولكن بات حدثها يقينًا عند امتناعه عن تلاوة الفاتحة، وجدال الصقر معه بصوت خفيض، وباتت تتساءل إذا كان لا يرغب بالزواج منها، لِما تحدث الصقر بهذا الشأن؟! ولم أرسل إليها من الأساس؟!
رفع منصور كفيه مجبرًا لقراءة الفاتحة، والتي تمنى أن تكون تلك الفاتحة على قبره، وروحه هي من تقرأها عوضًا عن قراءة فتحته على مسعدة أخت همام، ولكن مهلًا لن يستسلم، سيفكر في خطة محكمة للفرار.
وبعد الإنتهاء من قراءة الفاتحة.
منصور : طب يا جماعه بالإذن أنا بقى علشان ألحق أحضر نفسي.
الصقر مربتًا على كتفه : ما هينفعش تِروِّح.
لما كل خططه تبوء بالفشل بسبب هذا اللئيم؟! أم إنه بات مكشوفًا له.
(مكشوفًا؟! 😏قول مفقوسًا، مفضوحًا ، أول مرة أشوف دكتور غبي 🤦♀️).
منصور بارتياب هامسًا للصقر : ليه بس حضرتك؟! فاتحة وقرينا! إيه هنقرا القرآن كله؟! ولا هتبقى فاتحة، وكتب كتاب، ودخلة الليلة دي(والله الفانز أكثر من مرحبين بموضوع الدخلة ده بس أنا لا أحبذ أصلهم مزعلني هبابة 😂) و لا إيه؟! كده كتير على فكرة، هي العروسة معيوبة؟! ما تقولي اللي فيها؟!
صقر : معيوبة ده إيه؟! دي زينة البنتة، ثم رفع صقر صوته :أما بخصوص كتب الكتاب، والدخلة ما تستعجلش عاد، و بردك ما هينفعش تروح النهاردة، لأن من الفچر هبعت نفرين يفضوا الدار؛ عشان في عمال هتروح تظبط المُطرح، نجاشة ولوازمه، وهبجى أخليهم يعملوا لك كشف حساب ياعريس.
منصور بهمس : طب مين هيحاسبني أنا على الطلعة دي؟! ده أنا هخدم البشرية خدمة عمرها، وهضحي بنفسي من أجل الآخرون.
الصقر بهمس مماثل : اللي عند ربنا ما هيروحش.
ثم رفع صوته قائلًا : همام ابعت عوض دار الدكتور، جصدي دار خيتك، مربتًا على كتف منصور بعنف مما جعل الآخر يرتد إلى الأمام فكاد أن ينكفأ على وجهه ساعلًا بقوة : يچيب شنطة أبو نسب، هتلاجيها چار الباب طوالي، وخليه يحطها له في الاوضة اللي چار البوابة الجبلية عشان يبجى هو كمان چاري، واطمن عليه في الرُوحة والچاية.
(إيه يا أبو الصقور ليه كده يا أخي؛ ده لو جوز أمك مش هتعمل معه كده، أهدى شوية على منص😂).
واستدار موجهًا حديثه لمسعدة : وإنتي يا عروسة، اعتبري حالك في أچازة مفتوحة من المستشفى، وبكرة من النچمة تچيبي اللي يلزمك من دار أخوكي، وتاچي تجعدي إهنه مع البنتة؛ عشان تنزلوا تشتروا لوازم الفرح، وما تعوليش هم أي حاچة.
مسعدة : تشكر يا كابير، بس آني عاينة جرشنات ورثي من حتة الأرض اللي أبوي الله يرحمه فاتها ، من لمن حضرتك جولت لي إن مصاريف علامي حضرتك متكفل بيها، وأخوي الله يكرمه رفض إني أساعده بأي حاچة منيهم، ولا احط ميلم أحمر في الدار لا من فلوس ورثي و لا فلوس شغلي.
(راجل ياض يا ميمو👌).
الصقر : معوزش حديت كتير، خلص الكلام، رُوح يا همام رَوِّح خيتك عشان تحضر حالها، وتاچي الصبح؛ عشان تروح مع عريسها تچيب الشبكة، وإنت كمان بكرة أچازة؛ عشان إتروح إمعهم، ما هيصحش إيروحوا لحالهم.
منصور متمتمًا : روح يا شيخ، إلهي يخرب بيتك، خراب مستعجل بعلم الوصول.
😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
عند مصطفى وهمس.
بعدما أغلقت معه الهاتف بحجة أن أختها على الإنتظار، أخذت الأفكار تتزاحم بمخيلته.
فقد كانت والدته دائمة الحديث عن كلتيهما، همس ووعد، ولكن من كانت يجذبه الحديث عنها هي تلك الليدي همس، فباتت أحاديث السمر بينه وبين والدته عنها، مع ذكر القليل عن وعد، ومن بين تلك الأحاديث التي كانت تقصها والدته، بات مكونًا فكرة عن شخصية وعد، فهي فتاة قوية الشخصية، وبنت بلد، وأكثر نضوجًا، بحكم أنها تكبر همس بعامين إلى جانب دراستها في جامعة حكومية، فقد تشربت شخصيتها طبقات عدة، وتعرفت أشخاص مختلفي الطباع.
كما ان همسه تحتكم لرأيها بكل كبيرة، وصغيرة، وإن الفتاتين مخزن لأسرار كلٌ لنظيرتها، فماذا لو أرادت وعد إبقاء جنيته جوارها، وحرمته رؤياها، و الأخطر إذا علمت وعد بزواجهما، وكيف تم؟ و تحت أي ظروف وقع؟ فماذا سيكون رد فعلها؟ هل ستقلب كفة ميزانه التي رجحت، بعدما مَنَّ عليه الحظ بها، وابتسمت له الحياة أخيراً.
خاصةً و أن كل شيء جاء سريعاً، فلقد التقاها منذ يومين فقط، واليوم أصبحت زوجته، و يالا سوء حظه فبنفس اليوم تأتيه مكالمة وعد تلك التي ستقضي على ما كان موشكاً لرسمه لحياته معها.
وبعدما كان مصطفى يستعد للنوم، فقد قاربت الساعة على الحادية عشر ليلاً، وقد هبط والده إلى شقة البدروم ودخل الغرفة الأخرى؛ لينام آخذًا قسطًا من الراحة.
أما هو قام بارتداء ملابسه، وخرج يجلس في المقهى المقابل للمنزل، في موقع يجعله مراقباً لبوابة البناية، فبدا كحارس أمن، أو أمينًا لأحد المخازن، فهو يخشى أن تأتي تلك السيارة التي ذكرتها جنيته بتوكيل من أختها، وتحرمه نعيمه الذي لم يتذوق منه سوى قطرة.
جاء إليه نادل المقهى.
حوكة : إيه يا معلمي؟! صاحي لغاية دلوقتى يعني؟!
مصطفى : اكتم يا حوكة؛ عشان شياطيني حاضرة، ومش عاوز أعملها معك، روح هات لي قهوة دوبل.
لم يتفوه العامل بكلمة، وأسرع يحضر ما طلبه مصطفى، إتقاءً لشياطينه الحاضرة، فهو بالرغم من رباطة جائشه، إلا أن غضب مصطفى جحيمي.
بقى مصطفى هكذا تتلقفه الأفكار مبتلعة إياه داخل دوامتها، و عبارات عدة تجول برأسه بدايتها جميعاً ماذا لو.....
وفي تلك الأثناء، مر عليه أحدهم وهو المعلم سلطان أحد سماسرة الشقق والعقارات .
قام المعلم سلطان بإلقاء التحية على رواد المقهى وخص مصطفى بالذكر.
المعلم سلطان : سامو عليكوا أرجالة، أحلى مسا عليك يا درش.
مصطفى منتبهًا : أحلى مسا عليك يا سُلْطة، اسحب لك كرسي وتعالى عاوزك في مصلحة.
جذب المعلم سلطان أحد كراسي المقهى، وهو يجالس مصطفى على نفس المنضدة.
المعلم سلطان : أؤمر يا درش؟!
مصطفى بحماس : ما يأمرش عليك ظالم، بص يا سُلْطة عاوزك تشوف لي شُقة تكون قريبة من هنا، بس يكون ريحها حلو، وبراح ومش مجروحة( يعني هنا أن بها بعض الخصوصية، أي لا تكن منافذها مكشوفة للجيران، أصله بيغير على المزة😂) وما يكونش فيها شغل كتير، ويستحسن استلمها على السكن على طول، وآه تكون في شارع عمومي مش في الزخانيق (يعني شوارع جانبية).
المعلم سلطان : إنت عاوز شُقة الأحلام بقى يا درش؟! ويا ترى عاوزها تمليك ولا إيجار؟!
مصطفى : لا يا سُلطة، إيجار إيه، توتو على كبوته، بس تراعي الديشة في السعر حبتين.
سلطان : عينينا ليك يا ديشة.
(و أنا كمان بضم عونيا لعنين المعلم سلطان، ده الديشة ابن الجيهة🙋).
مصطفى : ده العشم بردو يا سُلطة، بقولك عاوز حاجة مرتاحة مش أي كلام، ولو في حاجة تحت إيدك، يبقى نعتمد و نروحوا نعينوها وقتي.
المعلم سلطان : ايه يا معلم ديشة؟! داخل سخن يعني؟! ويا ترى عايز الشُقة بالعروسة ولا من غير؟!
مصطفى : لا يا سُلطة، أمن إنت المطلوب، وسيب الطلعة بتاعت العروسة دي علينا.
المعلم سلطان وهو ينتصب واقفاً : طب يلا بينا فيه شُقة في شارع.....، صاحبها لسه ملغيني النهاردة الضهرية عليها، عاوز يبيعها عشان جات له سفرية برة وهيهبأ، و كان شاريها عشان يتجوز فيها وموضبها، بس أهل العروسة بتاعته أما عرفوا إنه هيطير على برة، أجلوا الفرح؛ عشان ما يتجوزش البت ويسيبها لوحدها ويسافر، وما رضيوش يخلوه ياخدها معاه، أصلها وحيدة أمها وأبوها.
مصطفى بضجر من كثرة حديثه، فما يشغل باله الآن أبعد من ثرثرة سلطان، وأسباب صاحب الشقة.
فهو متخوف من ترك نوبة حراسته، فيعود ويجدها قد رحلت، ويريد أن يذهب لرؤية الشقة وإذا توفرت بها المواصفات المطلوبة، سيمضي عقدها اليوم.
وضع يده يؤمن على حافظة نقوده بجيبه، ففيها بطاقة الائتمان الخاصة به، والذي كان يدخر بها كل قرش يفيض من أجره أثناء عمله وهو طالب بكلية التجارة، وقد كان يعمل إلى جانب دراسته كعامل معمار مع والده، قبل أن يقوموا بشراء ذلك المحل حتى يُكَوِّنوا ما يكفي لشرائه، و ادخر ما تبقى في تلك البطاقة، وذلك طوال عشر سنوات؛ فكان يحلم بشراء سيارة فاخرة، بعدما استقرت حالتهم المادية في الآونة الأخيرة، فلديهم منزل دورين، ومحل كبير لمواد البناء ومستلزماته وهو يُدر عليهم ربحًا كثيراً؛ مما جعله طوال العامين الماضيين يلح على والدته بترك العمل، ولكنها كانت تتمسك بأمانة صديقتها، وللحق شكر مصطفى الله، أنها لم تفعل.
أخرج مصطفى حافظة نقوده، مؤمنًا على بطاقة الائتمان، وبطاقته الشخصية، وبطاقة همس أيضاً، والتي أعطاه إياها المحامي في القسم، بعد إتمام عقد الزواج، وهي نظراً لحالة التيه التي تملكتها نسيت السؤال عنها، وخيراً أنها لم تفعل.
ولكن الآن العقبة الكبرى كيف سيسيطر على الوضع حتى يعود.
فرقع مصطفى بأصابعه قائلًا : هي دي، ما لهاش حل تاني.
المعلم سلطان : هي إيه دي يا مَعْلَمة؟!
مصطفى : اتكى عالصبر يا سُلطة، عشان إنت روشت أمي معاك، وأنا دماغي عاضضها كلب دلوقتي.
ثم رفع مصطفى صوته مناديًا : ولا يا حوكة.
عامل المقهى حوكة : أؤمر يا مَعْلَمة؟!
مصطفى : ناولني الجنزير (سلسلة حديدية) اللي بتقفل بيه القهوة، والقفل.
حوكة : مش مترجم يا معلم.
مصطفى وهو يصفع حوكة على عنقه بخفة : يلا الجنزير اللي بتكلبش بيه الباب لما بتقفل.
حوكة : أيوه يا معلمي، واخد بالي، ليه بقى؟! 🤔
مصطفى : يا حوكة همد إيدي عليك، روح هات اللي قولتلك عليه.
ذهب حوكة لإحضار الجنزير والقفل، وناولهما لمصطفى الذي توجه بدوره إلى بوابة البناية، بعدما أغلقها بمفتاحه، وقام بإدخال السلسلة من بين فتحات الحديد بجانبي الباب المنقسم إلى درفتين، يحكم غلق القفل على السلسلة لمنع دخول أو خروج أحد من و إلى البناية.
حوكة مستغرباً : ده ليه يا مَعْلَمة؟! مصطفى : ما يشغلكش، مفتاح القفل ده معاك صح؟!
حوكة : أيوه يا معلمي.
وضع مصطفى يده على كتف حوكة يقوده إلى التحرك ثانية ناحية المقهى، ثم التف به ويده لا زالت على كتف الصبي، وهو يشير ناحية البوابة، موجهًا نظر الفتى إليها.
مصطفى : شايف القفل اللي في السلسلة يا حوكة؟
حوكة بتساؤل : انهون؟!
قام مصطفى بصفعه مرةً أخرى على عنقه : ياض اللي كلبشت بيه السلسلة.
حوكه : آه، آه شايفه يا معلم، بس خف إيدك الله يبارك لك.
مصطفى : لو القفل ده اتفتح لغاية ما ارجع، هافتح دماغ أمك 10 غرز.
حوكة : آمين يا مَعْلمة، بس ليه بتجيب سيرة شاهنده طه؟!
مصطفى بعدم استيعاب : شاهنده، مين ياض؟!
حوكة و هو يُعدِّل من ياقة قميصه بزهو : أمي .
مصطفى : شاهنده؟! وتجيب حوكة؟! عجبتُ لك يا زمن.
مصطفى وهو يصفعه على عنقه عدة مرات بأخوة : مش مشكل، شاهنده، شاهنده، استبينا، المهم إني سايب مكاني أسد.
حوكة : عيب عليك يا معلمي!! مصطفى : طب سلام يا ابن شاهنده.
و رحل مصطفى مع المعلم سلطان إلى حيث الشقة المنشود.
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
والحمد لله يا جماعة اليوم التاريخي ده انتهى على خير.
ما بين ماجد الذي حَدَّث عمه على الهاتف، و أخباره بما جعل موسى يحجز على أول طائرة قادمة إلى مصر في مساء اليوم التالي.
وخلود ماجد إلى النوم على الاريكة في القاعة حتى يكون بجانب صغيرته؛ تحسباً لأي انتكاسة بحالتها.
وريان الذي أنتخ جانب وعد بعد بلبعته لقرصين من البورشام اللي مش عارفة اسمه.
ومنصور الذي توجه إلى الغرفة بالجهة القبلية من الحديقة مجبراً، وهو يسب ويلعن الصقر بأفظع الشتائم التي جاءت في قاموس البشرية منذ قابيل وهابيل، مرورًا بإبن البقعة، وذلك لتوريطه مع غراب البين، كما أطلق عليها منصور بينه وبين نفسه.
(ماشي يا منص بكره تبوس رجلي عشان اخلي الغراب يرضى عنك😂).
و مسعدة التي كُسِرت فرحتها ولكنها وافقت على الزواج منه؛ ثأرًا لكرامتها.
وهمس التي خلدت إلى نوم عميق، بعدما جعلت مصطفى زي ما حضرتكم شفتم كده، بيلف حوالين نفسه.
والأخ محمد الذي أشعلت به صغيرته نارًا وبراكين من جهنم، بعد آخر جملة ألقتها وفرت هاربة إلى غرفة هناء( تفتكري هيستناني يا نوجة؟!) وهي تعني بها علاء ابن عمها، وتركت خلفها أسد ثائر يتوعد لها بالكثير.
وصقر الذي بات على مشارف الجنة، بعد أعوام من صيامه عن صنف حواء، فكانت سنين عجاف.
وانجيل التي عوضها القدر بعد حرمان وعذاب الماضي بكتكوتها، الذي صار بطل أحلامها المنحرفة تلك الليلة، كما كانت له.
(بس انجيل أكتر شوية، الصقر لسه ولد ولود 😂🤝).
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
أشرق الصباح على أبطالنا، ونبتدي يوم جديد، ومش عارفة الصراحة هيخلص على إيه 🤗؟! بس لعله خير إن شاء الله.
استيقظ ريان وهو يشعر بثقل جاسم فوق صدره، وشيء ما يقيد حركته، فتململل بنومته، وما زالت عينيه مغلقتين، لا يتذكر ما حدث بعد تناوله لتلك الأقراص، ولا يعلم إذا كانت تلك أقراص مسكنة.
(أو أبو صليبة؟! 🤔مش قادر يحدد الراجل الصراحة😂).
أم تلك أقراص مخدرة تندرج في جدول الأدوية الممنوع تداولها دون إذن من الطبيب.
فتح ريان عينيه بنعاس، وفي تلك الأثناء بدأت هي الأخرى في الاستيقاظ، بعد شعورها بحركة ما أسفلها، فاتحة أعينها هي الأخرى تنظر إليه بفيروزيتيها اللتان كادتا أن تقفزا من محجريهما عندما وجدت نفسها تعتلي شيء ما معلقة فوق التخت، وما كان هذا الشيء سوى جسد ريان الذي ما إن انفرجت أهدابه، حتى استمع إلى صوت صرخة مدوية، أصمت أذنه فقام بدفعها بحركة مباغتة غير مقصودة، ولكن كان ذلك بسبب السرينة التي اطلقتها وعد بالقرب من أذنه.
فسقطت على ظهرها من أعلى الفراش، وقدميها معلقة فوقه.
بينما هب هو يعتلي الفراش جالسًا علي ركبتيه ينظر إليها من أعلى وكأنها تنين برأسين.
ريان :إيه فيه؟! صرعتيني الله يحرجك.
رفعت وعد رأسها وهي لا زالت على ظهرها متكئة بمرفقيها على الأرض، ترفع الجزء العلوي من جسدها بمساندة ذراعيها، واضعة إحدى يديها خلف ظهرها تمسده بألم : يخرب بيت أمك، إنت ناطرتني النطرة دي ازاي؟!
(يخرب بيت أمك🤔!! إنتي سرسجية أبت ولا إيه 😂)
ريان : لمي لسانك اللي عاوز حشه دِه، مالك بدياها نكد على الصبح ليه يا فجرية إنتي؟!
وعد : هو الصراحة الحديث معك ممتع، بس مش شايف إن فيه حاجة وقعت منك؟!
ريان بأعين جاحظة وهو يضع يده ليتأكد من سرواله ظنًا منه أن هذا ما تعنيه.
ريان : لاه ما فيش حاچة وجعت.
وعد متأفأفة : طب إيدك معايا الله يكرمك؛ عشان الفقرة التالتة والرابعة من العمود الفقري مش لاقياهم .
ريان بعدم فهم : بتجولي إيه إنتي؟! وعد : يا عم قومني الأول، وبعدين استفسر.
مد ريان يده ليعاونها على النهوض، وهي تستند بإحدى ذراعيها إليه، والأخرى على الفراش منزلة قدمها المصابة بحرص، وما أن اجلسها على حافة الفراش، أخذت تتأكد من ملابسها، بالرغم من تأكدها التام إنه لم ولن يفعلها، كما أنها كانت نائمة، ولم تكن مخدرة، فلو حدث شيء ما كانت على الأقل تذكرته وكأنها اضغاث أحلام، ولكن هذا لا ينفي كونه شاركها الفراش.
وعد بعصبية : إنت إيه اللي خلاك تنام جنبي؟!
ريان بتسلية : نعم ياختي؟! ليه هو إنتي مش فاكرة حاچة واصل؟!
(إيه أوعى تكون سلبتك أعز ما تملك، إحنا بناتنا بنات عائلات محترمات😂)
وعد بريبة أتراها أخطأت في ثقتها به؟! وقام هو باستغلالها : إنت تقصد إيه بالظبط؟! مش فاهمه؟!
ريان بعدما لاحظ تغير معالم وجهها : لاه ما جادرش اجول.
وعد وهي تلطم خديها : يا نهار أسود، إنت عملت ايه؟! عملت ايه؟! الله يخرب بيتك.
ريان وهو يدعي الخجل يهز رأسه يميناً ويسارًا بأسف مصطنع : آني ما عِملتش، إنتي اللي عِملتي، بعد ما اخدتي البرشام ده، اتحولتي، وجعدتي تعملي حاچات استغفر الله العظيم، وآني أجولك يا بت الناس اعجلي، تجولي ما إنت اللي مز يا ريو، يا بت الناس ما يصحش إكده تجوليلي، وفيها إيه بس، لحد ما..... وبعدين إنتي ليكي عين تتكلمي بعد أما أجوم من النوم ألجاكي نايمة النومة اللي كتي نيماها دي؟!
وعد بنبرة موشكة على البكاء، فقد كانت تعتليه بالفعل، يعني أنه صادق في ما يقول، وهي من أغواته.
وعد بعويل : يافضيحتك يا وعد.
ريان بعد ما رأى الحالة التي أوصلها إليها بعد تلاعبه بها، اقترب منها يضع يده على مقدمة رأسها : إهدي، إهدي ما فيش حاچة حصلت آني عهزر إمعاكي.
وعد بعد استدراكها لما يقول : وحياة أمك.
وفي تلك الأثناء اقتحمت صابحة الغرفة بعد استماعها صوت صراخ وعد منذ قليل، و ذلك بعدما استيقظت ووجدته امامها، وهم على تلك الوضعية.
صابحة : مالك يا جلبي عِمل إيه فيكي؟!
واقتربت منها صابحة تزيحه من أمامها، وهي تفتح ذراعيها إليها، والأخرى تجاريها، وتلقي بنفسها بين أحضان صابحة.
وعد بتمثيل فماذا ستقول لها؟! أنها استيقظت وجدته يشاركها الفراش!
فقالت بإدعاء : آه ياني يا صبوحة، أنا خلاص ما بقتش قادرة على العيشة دي، لازم يطلقني.
والآخر يشاهد بأعين متسعة.
و صابحة تنظر إليه بإستياء ، ومن ثَم تعاود النظر إليها مرة اخرى بس ياجلب صبوحتك، ما تعمليش في حالك إكده، كُلَّك ما يستهلوش،
(صدقتي يا أختشي 😂)
وعد : لا يا صبوحة، لازم يطلقني، يعني لازم يطلقني.
والآخر يتنقل بعينيه فيما بينهما وكأنه يشاهد عرضًا مسرحي لريا وسكينة.
صابحة بفضول : فهميني بس عِمل إيه؟!
وعد بتأتأة : عِمل ايه؟! عِمل... آه اللي عمله يا حبيبتشي لا يتقال ولا يتحكى.
صابحة وهي تضرب على صدرها : ضربك؟!
وعد تهز رأسها بنفي بعد أن رفعت رأسها مبتعدة عن أحضان صابحة وهي تدعي الحزن : يا ريته كان ضربني، و لا عمل اللي عمله يا صبوحة.
صابحة وهي تجذبها مرةً أخرى إلى أحضانها تربت على ظهرها بمواساة : يا جلب صبوحتك.
ورفعت نظرها إليه تسأله بإتهام : عِملت إيه في البت؟!
ريان ينظر إلى كلتهما بغيظ، ولكنه استدرك الموقف فهي ليس لديها سببًا لتقوله : أهي عندك اسأليها عاد.
فتوجهت إلى وعد بالحديث : ما تجولي يا بتي عِمل إيه؟!
وعد بشحتفة : قال إيه عاوز يتجوز عليا، شوفتي يا صبوحة؟!
صابحه بهجوم موجهة حديثها إليه : يا حومتي، بجى عاوز تتچوز على لهطة الجشطة دي؟ /ده آني بذات نفسي أتمناها.
(جرى إيه يا صابحة؟! 🤔ابتديت أشك فيكي على فكرة 😂).
ريان وقد تملكته الغيرة، فحتى النساء معجبات بها و بجمالها.
وقام بجذب صابحة من ياقة جلبابها من الخلف، فقامت من مجلسها برهبة، وهي توجه حديثها لوعد : بس إنتي مكبرة الموضوع إشويتين، ما طالما الراچل مجتدر، وهوه عيني سخنة عليه كيف الحيطة اآهه من حجه مثنى وثلاث ورباع، دِه شرع ربُنا عتكفري عاد و لا إيه؟!
(يا بت يا مؤمنة 😂).
ناظرتها وعد بصدمة، بينما نظر ريان إلى وعد بتشفي، و كأنما يقول لها أرأيت صبوحتك؟!
ولكن قول صابحة هذا لم يمنعه من دفعها أمامه وهو لازال ممسكاً بها من الخلف ناحية الباب، قاذفاً بها إلى الخارج، يغلق الباب في وجهها بعنف، في مشهد كوميدي لا مثيل له.
وتوجه بالنظر إلى تلك المنكمشة على حالها، يمنع حاله من الإبتسام على هذا الثنائي المرح، فقد بات مدمن لمشاكستها.
🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊🌊
بالإسكندرية بعدما عاد مصطفى ليلاً، وقد قام بمعاينة الشقة التي أراه إياها المعلم سلطان، وقد أعجبته كثيراً.
حقًا إنها لا تعني شيئاً مقارنة بالڤيلا التي كانت تسكنها، ولكن تلك الشقة لا بأس بها.
فقام بكتابة عقد ابتدائي، ودفع عربون (مقدم) لصاحب الشقة، واتفقوا على أن يستلم المالك باقي ثمنها عند تسجيلهم للعقد بالشهر العقاري.
ومنذ عودته وهو يجلس على إحدى درجات السلم و رأسه يميل إلى الحائط خلفه، ويرفع ساقيه يضع قدمًا فوق الأخرى على درابزين السلم، يسد الطريق على من يريد الهبوط من الطابق العلوي، وقد غفت عينيه قليلاً ، ولم ينتبه سوى على صوت والده الحاج زكري ويده التي تهزه برفق، فرمش بأهدابه في محاولة منه لفتح عينيه.
الحج زكري : إيه اللي مقعدك كده يا مصطفى يا ابني؟!
فتح مصطفى عينيه في محاولة لاستيعاب ما يقوله والده : أبدًا يا حاج، أصل ، أصل، اسكت يا حج إنت ما تعرفش!!
الحاج زكري : ما اعرفش إيه؟! أمك جرى لها حاجة؟!
مصطفى : لا يا حاج نوجة تمام الحمد لله.
الحاج زكري : أمال في إيه؟! وإيه اللي منيمك هنا؟!
مصطفى : أصلي بالليل سمعت دوشة كده برة على السلم، فطلعت أشوف إيه، اتخيلت بحد قلت يمكن حرامي، فقفلت البوابة، وقعدت شوية خفت ليرجع تاني، فغفلت وأنا قاعد، بس إنت صاحي بدري ليه النهاردة يا حج؟! النهاردة الجمعة.
ففي يوم الجمعة تكون عطلة المحل والمحلات المجاورة التي تعمل في هذا المجال.
الحج زكري : هطلع شوية على القهوة عقبال ما أمك والضيفة ما يصحوا، وأجيب فطار سخن من عربية الفول ونفطروا كلنا سوى، خش إنت رايح جتتك شوية من النومة دي.
مصطفى بتسرع : لا أنا مرتاح كده.
الحاج زكري : اللي هو إزاي يعني؟! ما لك يا مصطفى؟! حالك مش عاجبني اليومين دول؟!
مصطفى منتهزاً تلك الفرصة ليمهد لوالده، فإذا كانت والدته تعلم بإعجابه بها، فلا ضير من إعلام والده بالأمر.
مصطفى غامزًا لوالده بإبتسامة : أقول لك إيه بس يا حاج؟! إبنك باين عليه وقع ولا حدش سمى عليه.
الحاج زكري بعد فهمه لمغزى حديث ولده : ودي مين سعيدة الحظ اللي وقعت زينة شباب الحتة؟!
اقترب مصطفى يقبل يد والده بإحترام، وقام الحاج زكري بالتربيت على ظهر ولده بحنو.
مصطفى : ربنا يعزك يا حاج ويديك الصحة ويطول لنا في عمرك.
الحاج زكري : ما تاخدنيش في دوكة، مين دي اللي عليها القصد والنية؟!
مصطفى مشيراً إلى أعلى : الحورية اللي حطت علينا من الجنة.
الحاج زكري باستحسان : براوه عليك يا درش، نمس زي أبوك.
مصطفى وهو يشيح بيده : ما تزيطش بقى يا حاج، إيش جاب نوجة لسد النهضه؟!
(الله يخيبك يا درش أمال إيه ست الحبايب وبتاع 😂).
الحاج زكري وهو ينكزه في كتفه بمرح : عندك حق يا ديشة.
(كده بردو يا حاج؟! 🤔صحيح كلكم مصطفى أبو حجر😂).
مصطفى بغيرة : جرى إيه يا حاج؟! إحنا هنقطع على بعض ولا إيه؟! والمصحف أسيح لك عند نوجة؟!
الحاج زكري : قلبك أبيض يا درش، دي نوجة دي حتة من قلبي.
(بعد إيه يا حاج؟! 😂)
مصطفى مصفقاً بيديه : حلاوتك يا حاج 👏.
الحاج زكري