رواية وعد ريان الفصل الرابع و الثلاثون 34 بقلم اسماء حميدة
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبنا ورسولنا وسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام و سلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وكل من له نبي فليصلي عليه.
الله لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
عند محمد و سارة.
بعد استماع محمد لذلك الخبر المشئوم، الذي بثه علاء عبر الهاتف بوفاة زوج عمته والذي يعتبره محمد أبًا ثاني له، و انهيار سارة، ورفضه القاطع بالذهاب معه إلى المشفى؛ لتوديع جثمان والدها، بعد أن لقى مصرعه إثر انقلاب إحدى سيارات النقل الجماعي في حادث أليم، وهو في طريقه إلى العمل في الصباح الباكر.
( كانت معكم من قلب الحدث الإعلامية أسماء حميدة 😊وخفي ظرافة أهلك عشان عاوزين نحزن على الراجل).
توجه محمد ووالدته تحية، بعد أن ارتدت تحية ملابس الحداد إلى المشفى الذي ذكره علاء ، يستقلان إحدى سيارات الأجرة.
و ذلك بعد مهاتفة محمد لصديقه حسن، أثناء استوقافه للسيارة، وأخبره بنبأ الوفاة، مما أثار حزن الثاني، فقد كان والد سارة رجل محبوب من كل أهل الحارة.
طلب محمد من حسن الذهاب إلى الحج رمضان شيخ الحارة؛ ليستأذنه في أخذ سيارة تكريم الموتى في موقف مماثل ، عندما إتصلت به وعد طالبة الدعم، فكان خير مجيب.
أخبر محمد صديقه الصدوق حسن بأن يوافيه إلى المستشفى، بعد إبلاغه بالعنوان،
فبالطبع علاء ووالده لن يستطيعا إنهاء تلك الإجراءات الخاصة بالدفن بمفردهما، فهما ليس من قاطني القاهرة.
فترجع أصول سارة و أبيها إلى صعيد مصر تحديداً سوهاج.
(إيه ده بردو 🤔حساكي بتألفي سيكا يا سمسمة 😏مش مهم هنفوتها لك دي 😂).
و التي لم تذهب إليها سارة سوى مرات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة وانقطعت زيارتها إلى هناك بعد وفاة جدها، ولحقته جدتها بثلاثة أعوام.
فكانت حين إذن بالحادية عشر من عمرها، أي منذ ما يقارب سبعة أعوام.
فقد كانت الروابط بين والدها وعائلته يشوبها بعض التحفظ؛ بسبب ما حدث منذ 25 عاماً حينما أصر والدها بالزواج من والدتها فتحية، أخت صديقه والد محمد وهناء، ورفضه الزواج من ابنة عمه لحبه الشديد لوالدتها.
حيث كان والد سارة رفيقاً مقرباً لوالد محمد، فقد كان والد سارة قبل زواجه من فتحية، دائم التردد على القاهرة لتصريف محصول الأرض الزراعية العائدة لأسرته بسوهاج للتجار في القاهرة.
و تعرف على والد محمد، حيث كان والد محمد يملك وكالة لبيع الخضروات والفاكهة بسوق العبور.
وعندما توطدت بينهما العلاقات التجارية، نشأت بينهما روابط صداقة قوية فكان والد سارة يتردد على والد محمد.
الى أن دعاه والد محمد إلى منزله، و قابل هناك الكونتيسة فتحية، و وقع في غرامها من النظرة الأولى، ونشبت بينهما قصة حب ملهلبة.
(و مش هنحكي عنها 🤫عندنا محن كفاية في الرواية دي 😂).
وأصر حينها على رفضه من الزواج، من تلك التي خطبها إليه والده، و انشق عن العائلة، ونقل إقامته إلى القاهرة.
باحثًا عن عمل تاركًا خلفه عائلته، و إرثه الذي لم يطالب به، حتى بعد وفاة والديه، والذي سعى من أجل هذا الإرث أخاه، ليزوج إبنه علاء من إبنة عمه سارة.
بعد أن عاود التواصل مع أخيه في الفترة الأخيرة، حتى لا يبدو الأمر مثيراً للشك، حين يطلب منه يد سارة لولده علاء.
وصل محمد إلى المشفى هو و تحية، وجد عمته منزوية في أحد الأركان،.
تبكي فقيدها بحرقة، تضم جسدها بذراعيها تواسي حالها.
محمد لفتحية، وهو يقترب منها ضاماً إياها إليه يدعمها : وحدي الله يا عمته، ربنا يصبر قلوبنا.
(انجز يا زميلي😁 ما ليش في النكد أنا 😊).
فتحيه بأنفاس مسلوبة من شدة البكاء، فقد كان ونعم الزوج، يكفي أنه عاد الجميع من أجلها، وكان لها نعم السند : مات وسابني أنا و سارة يا محمد، وإحنا ما لناش غيره في الدنيا.
محمد بنظرة حزينة :ليه بتقولي كده يا عمته؟ أمال أنا رحت فين؟ هو أنا مش إبنك بردو ولا إيه؟
فتحية : ربنا يخليك لينا يا محمد، إنت راجلنا دلوقتي.
في هذه الأثناء اقترب منهم علاء ووالده الحاج سامح (وما أعرفش سامح وحج ازاي؟! 🤔مش راكبة بس مش مشكل 🤗) وبالطبع تعرف عليهما محمد، فلقد صادف وراءهما عند عمته وزوجها في الآونة الأخيرة.
الحاج سموحة (قصدي سامح😂) : إحنا خلصنا الإچراءات، يلا بينا عشان نلحجوا قبل الوجت ما يتمسى نوصلوا البلد، عشان ندفنوا إكرام الميت دفنه.
محمد وهو يمد يده للحاج سامح الذي قابل سلامه بفتور.
محمد : البقاء لله يا حاج.
الحاج سامح : ونعم بالله.
محمد موجهًا السلام لعلاء الذي قابله بعجرفة : البقاء لله يا دكتور.
علاء : متشكر.
ووجه حديثه إلى زوجة عمه فتحية : أمال سارة فين؟ مش عاوزين نتأخر.
محمد : طب ما مقابرنا هنا موجودة بدل السفر والبهدلة، وعشان كمان عمتي وسارة يقدروا يزوروه هنا براحتهم.
الحاج سامح : لاه، أخوي هيدفن إهناك في بلده.
علاء : يا أستاذ محمد أفتكر أن دي مسألة ما تخصش غير أهل المتوفي، اللي هم والدي في المقام الأول ومرات عمي.
(ده إنت سئيل سئالة يا جدع 😡).
محمد بحرج وتخوف من تلك السفرة : أنا بس كنت بقترح عشان الموضوع مؤلم بالنسبة لعمتي و سارة، وكل ما عجلنا بالدفن هيكون أفضل.
الحاج سامح متجاهلاً حديث محمد : همي يا أم سارة حضري حالك إنتي وبتك عشان ما نتأخروش.
محمد متدخلًا وهو يوجه حديثه لتحية والدته، فبالطبع لن يدع عمته والمزة يسافران لحالهما، خاصة بعد الحديث السابق بشأن عرض علاء الزواج من سارة.
محمد : خليكي إنتي يا أمي مع عمتي، وأنا هروح أجيب سارة وهناء، عشان ما نأخروش الناس أكتر من كده.
ولم يدع فرصة لأحد بالإعتراض، وأسرع خارجًا من المشفى، قبل أن يقدم علاء على الذهاب، لإحضار سارة.
ففي تلك الحالة سيحرق الأرض بما عليها من أخضر ويابس.
👁️👁️👁️👁️👁️👁️👁️👁️👁️👁️
وعد ريان بقلم أسماء حميدة.
بعد أن أخبر ماجد ريان بأنه هاتف عمه موسى، قائلاً ما جعل ريان يهب من مقعده منتفضاً يدور حول نفسه، كأسد جريح وقد غافلته الضباع.
و ذلك بعد قول ماجد : ما آني جولتله إنك اتچوزت.
ريان بثورة، وهو يضع يديه على جانبي وجه أعلى رأسه، بغضب يزفر أنفاسه بتدافع، ومن ثم اخفض ذراعيه، يشيح بيده اليمني أمام وجه الآخر : كيف تعمل إكده من غير ما تجولي.
ماجد وهو يستنده بمرفقيه على فخذيه، يناظر الآخر بتسلية، وعلى وجهه إبتسامة، غير عابئاً بالحالة التي أوصل ريان إليها، بما أنزله على مسامع الآخر من خبر يحتاج إلى حنكة وسرعة بديهة؛ ليحل الأمر ولا يوجد في تلك الحالة غير حل واحد، أن يسرع ريان بالزواج من وعد قبل مجيء موسى، حتى لا ينكشف الأمر لصقر الذي حاك ريان تلك التمثيلية أمامه، ليس خوفاً من صقر.
ولكن ريان لن يروقه أن يبدو أمام الصقر أو غيره بصورة غير لائقة، أو يصفه أحد بالكذب أو الاحتيال أو المراوغة، فتلك الصفات يوصم بها ريان الجبناء، فماذا لو وصم الواصم بتلك الوصمة?.
(أحيه أنا تهت 😂).
ماجد : ما إنت مكنتش هتتچوز غير إكده.
ريان مقترباً من ماجد يميل عليه، فتراجع الآخر يستند بظهره إلى الخلف متيحًا له الفرصة؛ ليصب جم غضبه، فما فعله ليس بالأمر الهين.
استند ريان بكفيه على مقبضي الكرسي الخشبي الجالس عليه ماجد، يناظره بأعين ذئب.
ريان : من ميتى وإحنا بنعمل في بعض إكده؟! من ميتى وإحنا بنستو.سخ مع بعض إكده يا ماچد؟!
ماجد وهو يناظره باستغراب : عتجول إيه إنت؟! آني ما فهمش إنت تجصد إيه بحديتك ده!!
ريان وهو ينظر إليه باستخفاف، مستقيمًا بجسده، واضعاً يديه في جيب منطاله، فقد ارتدى قميص بدلته على سروال الجلباب يشمر أكمام قميصه المثنية، يُظهر ساعديه بعروقهما البارز، يفتح أول زرارين من القميص مضيفًا صيحة جديدة إلى الموضة.
فما يرتديه بعيداً كل البعد عن أية تصاميم، ولكن ريان يضيف للأزياء أناقة وليس العكس.
(والله هو باريش قصدي ريان مز بكل حالاته على رأي وعد 😊وبالنسبه للكتكوت حجي أنا لو منه اطلقني وأخلص 😂).
ريان : ما فهمش؟! ولا فاكر إن جصة إنك عملت إكده عشان اتچوز عتخيل علي؟! 😏جول إن العروسة اللي كت متچوزها وإنت متغصب حليت إفعينك، وعاوز تعچل من چوازك منيها، فجولت تحرك الموضوع، وتصدرني آني 😎.
ماجد بخزي من إفتضاح هدفه الأول مما فعل، برغم من إختلاف أسبابه التي دفعته لذلك، فالأمر ليس كما يتخيله ريان، فهو لا يستعجل الزواج لأنه يرغب بها (متكَبرش يا ميجو😂) ولكن ليتمكن من ابقائها جواره؛ لحمايتها دون أن يعترض أحد على ذلك.
ولكن لديه هدف آخر هو يريد دفع ريان للزواج من وعد، بعد ما لاحظ أن ريان يميل إليها وتعجبه.
كما أنه يراها مناسبة له، وقد أشرف ريان على السابعة والثلاثين دون زواج.
فهو أدرى الناس بريان الذي تعجبه حياه العزوبية، والانتقال من علاقة عابرة إلى أخرى.
و ماجد يريده أن يستقر مكوناً عائلة قبل أن يتقدم به العمر أكثر من ذلك(كان القرد نفع نفسه 😂)، فيشيخ وحيدًا دون زوجة أو ولد يتعكز عليه عندما يهرم.
(يهرم ويشيخ، يا شيخ🤔 يا رب كل رجالتنا تشيخ شيخته🙏 ده احنا ندعي لهم كلهم عن ظهر غيب عشان تبقى مستجابة، اللهم شخشخ رجالتنا 😂).
ماجد وهو مطأطأ الرأس يتهرب من النظر إلى ريان قائلًا : الموضوع مش كيف ما إنت مفكر.
ريان : أمال لما هو مش كيف ما آني مفكر، وطيت راسك ليه عاد؟!
(ما يمكن حاجة وقعت منه، ما تبقاش شاكك يا ريو يا أخي 😂).
ماجد وهو يرفع بصره إليه، ناهضاً عن مقعده، واقفًا قبالته ينظر إلى عينيه بثبات : آني معوزش اتچوزها عشان كيف ما جولت حلية أفعيني، آني ما هجربش منيها، هي بس فترة وهطلجها، آني ما عاوزاكش تبجى زي تعيش وتموت إلحالك، من غير لا أب ولا أخ ولا ولد، معوزكش تفوت الدنيا من غير ذرية، كانك شچرة و انجطعت من چدورها.
أحس ريان بعمق الألم الذي يحمله ماجد بداخله، ولم يفصح عنه من قبل.
فقد قُتِل والده، وهو طفل صغير قبل أن يعيش معنى البنوة، ويستشعر حنان الأب، و ربى وحيدًا دون أخ أو سند، وجرت به الأيام تسحق سنينه، وتتآكلها كالجراد وهو يعثوا بالأرض الخضراء يحييلها إلى خراب كالذي عشش بداخله.
رفع ريان كفه يربت على كتف ماجد بمؤازرة قائلًا بنبرة مغايرة : ولما هو إكده طب ما تنصح حالك الول(و الله يا أخ ريان قولتله كده😂) أمال بتجول هتطلج مراتك ليه عاد؟! ولا عشان حكاية رضوان الله يرحمه، هي ما غلطتش إمعاه، دي كانت مراته على سنة الله ورسوله.
لا يعلم ماجد لما آلمه قلبه بسبب حديث ريان، عن كونها كانت زوجة لآخر قبله، طالما لا يحبها وعازم على فك سراحها وتطليقها بعد ما يضمن سلامتها أو يزوجها هو بذاته لآخر؟!
وتسائل هل هدفه فعلاً استعجال الأمور لحمايتها؟! وهل سيطلقها إذا أرادت الزواج بآخر.
هز ماجد رأسه ينفض تلك الأفكار مجيباً ريان : آني خابر إنها ما غلطتش جدام ربنا، أي نعم الطريجة كانت غلط، بس ده ما يديش الحج لأمها في اللي عملته فيها، والعذاب اللي المسكينة دي دجته، وعلم في جتتها لغاية دلوك، واللي بسببه عشية كان ممكن إتموت، آني ما هملهاش تروح عند المراة العجربة اللي اسميها حفيظة، مين عارف عتعمل فيها إيه تاني؟! ولو چرى لها حاچة ما هسامحش حالي إني كان في يدي انچدها وما عملتش إكده، ما هعرفش اطلع لحالي بلمراية، بس كمان ما اجدرش احكم عليها تعيش مع راچل عمره كد عمرها مرتين، يعني كمان عشرة خمستاشر سنة، هكون آني يلا حسن الختام، وهي لساتها صبية في أول عمرها، ربنا جال في كتابه (إياكم والشباب).
(صدقتك أنا كده😎)
ريان : وإنت عچزت إياك؟! (قوله يا ريو 😂) ما لساتك بعافيتك، و أكم من رچالة كابيرة اتچوزت نسوانها أصغر منيها، وعلى ذمتهم حريم كمان.
ماجد : فيه كتير بس آني لاه(يا راجل😏) وهملنا مني دلوك، و جولي نويت تعمل إيه 🤔؟!
(و الله 🤭ريان، غزه و ريحه👊)
ريان بتوبيخ : چاي دلوك تجولي هتعمل إيه يا چالوص الطين إنت (إيه حقه 🤫) بعد ما طينتها!؟!
ماجد باستفزاز غامزاً : ليه يعني؟!🙄 كانك مش مال يدك منيها يا كازانوفا، لاه ما مصدجش إنك لو طلبتها للچواز عترفضك.
(غلط و أنا كنت مستنيه يغلط 😡دي تبقى كافرة يا أخ ماجد،🤔 ريو خلص و حصلني🤝😂).
ريان وهو يقرض على أنيابه : هزِر، هزر، جوم وهملني دلوك أفكر وأشوف حل للغارجة، اللي ودرتني فيها دي.
(إيه ده؟! إيه الكروتة دي 🤔لا ما ياكلش أنا هبعتلك درش من عندنا و نحط عليكم بحملة يا زميلي😎 قال صعايدة و بتاع 🙄).
👊👊👊👊👊👊👊👊👊👊
عند منصور بعد ما صدق حدثه بشأن ما كان يخشاه، إذا بقى في ما يخص توريطه بخطوة أخرى تقربه مما أرق مضجعه بالأمس، و أطار النوم من عينيه، وهو أن يجد نفسه في قفص الزوجية مع غراب البين.
(بردو هيقول غراب البين،😬 إنت عبيط ياض إنت؟! 🤔أكتم 🤐).
أنهى الصقر الحوار بأمره بالذهاب إلى الغرفة لتغيير ملابسه وحلاقة ذقنه، استعداداً لجلب الأصفاد التي سيكبل بها يديه إلى عنقه مقاداً إلى نحره، ويعني هنا الشبكة، التي سيصله بها الصقر في نهاية هذا اليوم، وبحلول المساء إلى توقيع شهادة وفاته وبيده.
(إنت ليه محسسني إني هجوزك الحانوتي🤔).
ذهب يضرب الأرض بقدميه كطفل ساخط من أمه لكونها أجبرته على تنظيف أسنانه، وهو يكره طعم المعجون(تشبيه أوڤر 🤔إتس أوكي اللي طلعت).
فبدى لذيذاً مهلكاً بهيئته الساخطة تلك من وجهة نظرها.
(أو نظري أنا شخصياً 🤭مش قادرة أحدد أصراحة، و كفاية كده أنا حلال فيا الوأد ☝️)
وهو يتمتم بصوت غير مسموع : منك لله يا شيخ، ده إنت مستعجل على جوازي، ولا الحمى اللي بتكيد مرات ابنها.
(احيه🤭 إنت إيش عرفك بكيد النسا يا منص؟! 🤔).
هو بعد أن دخل إلى تلك الغرفة اللعينه كصاحبها، ويقصد هنا الصقر، قذف بالحقيبة أرضاً، فهبطت بثقلها على أطراف أصابع قدمه اليمنى بداخل الحذاء.
فتلقت تلك الحقيبة نصيبها من سيل السباب و اللعنات، التي انهالت على لسانه مرتبة كصوت مذيع النشرة الإخبارية، وذلك وهو يرفعها من على الأرض يقذف بها على التخت، يفتح سحابها بعصبية، مما أدى إلى إفلات غالق السحاب، تلك القطعة المعدنية، فبصق على الحقيبة وكأنها تشخصت في هيئة الصقر، قاذفاً بالقطعة المعدنية للغالق أرضاً.
أخرج منصور من الحقيبة ثياباً نظيفة، مرتدياً إياها بتعجل، عندما طرق عليه الصقر باب الغرفة قائلاً : ما تهم يا عريس، عشان تلحجوا تخلصوا مشواركم عجبال ما اكلملك المأذون عشان يعمل حسابه على الليلة 👏.
منصور بصوت خفيض : وبعدين في شغل أم العروسة ده🥴، ثم رفع صوته من خلف الباب قائلًا : خارج، بغير هدومي، ولا عاوزني اطلع من غير بنطلون؟! 🤭ده أنا قلت لها يا مسموستي حسبتوها عليا غلطة، أمال من غير بنطلون هتقول لي مبروك ما جالك؟!
(مش بعيد يا منص🤔 اهوه يبقى رحموك من هدر طاقة وبذل شغل😂).
الصقر متأفأفاً : طب خلصنا عاد.
منصور خافضًا صوته : الهي تخلص أيامك في الدنيا يا بعيد.
(أخص عليك يا منص😂).
خرج منصور وعلى وجهه علامات السخط والنفور .
بينما كان الصقر روحه تتغذى بشغف على إذلاله، كمستذئب متعطش لدماء فريسته.
الصقر بشماتة : خبرك إيه؟! كل ده ومحلجتش دجنك؟! يا عريس.
منصور قائلاً بنزق : نسيت أحط مكنة الحلاقة في الشنطة، لو مش عاجبكم على وضعي كده؟! احنا ممكن نأجلها يوم تاني أو نلغيها أحسن.
الصقر بتسلية : لاه، ليه؟! خليها على المسا عشان يبجى ليك بهچة🤝😂.
منصور بصوت خفيض : بهجة دي تبقى خالتك.
(بهجة تبقى أمه، محاسن خالته أعتقد 🤔)
الصقر بسماجة : عتجول حاجة يا دكتور منصور؟!
منصور : بقول ربنا يجعل كل أيامك بهجة، ثم خفض صوته، وحِزن مضروبين في خلاط ميكس كده.
(🤔ده غير الزبادي خلاط يا منص).
الصقر لهمام : خذ العربية إمعك يا همام، وتوجه بنظره إلى منصور مستكملا : وخلي بالك على خيتك، عينك ما تغفلش عنيها.
همام مجيب : عتوصيني على خيتي يا كابير؟! دي في عيني.
الصقر بتصريح متخلياً عن التلميح : وعينك على الدكتور جبل منيها، چايز الشيطان يخلي واحد ولد حرام يدي له طلجة، ولا عيار طايش إكده و لا إكده ياچي له من حيث لا يدري.
همام وهو يهز راسه (وقال يعني الواد فاهم😂)، بينما يبتلع منصور لعابه بتوتر وخوف وقد فطن ما يرمي إليه الصقر فقال وهو يوجه حديثه لمسعدة : يلا بينا إحنا يا مسعدة عشان ما نتأخرش، وتوجه بالحديث إلى همام : أنا قلت يا مسعدة هه، ألا مش عارف ها ترسي على إيه بعد كتب الكتاب .
توجه ثلاثتهم إلى السيارة، يفتح منصور الباب الأمامى، ليحتل المقعد بجانب السائق، وبالطبع منصور في ظنه ارحم من الجلوس إلى جوار مسعدة، فخشي أن يصعد بالمقعد الخلفي فتقوم بالجلوس لجواره.
استقلت مسعدة بالخلف، وانطلقت السيارة تقطع الطريق إلى المركز وعلى الجانبين مساحات شاسعة من الحقول الخضراء.
أخذ منصور يفكر لو كانت الظروف مغايرة، ومن كانت في الخلف أخرى غير غراب البين كما يدعوها، لكان الآن يجالسها بالمقعد الخلفي يلتقط كفيها بين يديه، يسمعها من كلمات الغزل ما يجعلها ذائبة إلى جواره، وربما يحالفه الحظ ويسترق قبله من خدها في غفلة من أخيها، والذي سيكون أحدًا آخر غير هذا الهمام.
(أنبي تتوكس يا منص 👊).
طوال الطريق وهو على حاله صامت، وهي تتأمله من أسفل نقابها وغطاء عينيها، الذي اتاح لها الفرصة لكي تتمعن في ملامح وجهه، كم هو ساحر حتى مع شعيرات ذقنه النامية وخصلات شعره الأشعث الذي لم يهتم حتى بتمشيطه، و عبوس وجهه، كل ذلك جعل منه إيقونة في الوسامة، فبدى قراصنة الكاريبي.
( والله يا اختشي أنا اتفق معك في الرأي 🤝😂و يا ريت البنات تبقى تطمن عليا خاص، الشوباب لاء مش ناقصة الحكاية، و لو مردتش أبقوا بلغوا عن البوب حجي ).
إلى أن رن هاتف مسعدة، فأجابت على الفور، وكانت إحدى زميلاتها في العمل، تدعى ملك.
مسعده : ألو، أيوه، يا لوكا، كيفك يا مزة؟!
فأجابتها من على الطرف الآخر، بينما ابتسم منصور باستهزاء ساخرًا، فبالطبع أي أنثى بالنسبة لتلك الخيمة السوداء، ستكون مزة، حتى لو كانت أنثى البومة.
(البومة دي، تبقى أمك، ما تخلينيش أغلط في المرحومة 🤫).
استكملت مسعدة حديثها قائلة : لاه يا جمر، مچياش النهاردة، آني واخدة أچازة.
فسألتها ملك تستفسر عن سبب تلك الإجازة المفاجأة، فهي تعلم أن مسعدة لا تحب التغيب عن العمل، فهي تعشق عملها وتؤمن برسالتها المهنية، و بأن الطب والتمريض مهنة سامية تطيب آلام البشر، وكم هي محبوبة من زميلاتها ورؤسائها والمرضى والحالات التي تتابعها في المشفى.
مسعدة : عجبالك يا لوكا، اصلي آني دلوك نازلة مع خطيبي الدكتور منصور المركز، لجل ما نچيبوا الشبكة.
صمتت مسعدة برهة تستمع إلى حديث الطرف الآخر مجيبة : لاه و عخبي ليه عاد، الموضوع چه فچأة.
منصور متمتمًا : قصدك توريطة.
و بعد أن أنهت مسعدة الحديث مع صديقتها، قال همام بهيام فهو يعشق ملك صديقة أخته، ويريد الزواج منها ولكنه دائمًا يتردد في طلبها، خوفاً أن تقابل طلابه بالرفض؛ لكونها متعلمة، وهو لم يكمل تعليمه، بسبب الظروف التي جعلت منه أباً و أخاً لأخته، ومسؤولاً عنها، ومتولياً أمر العمل عند كبيرهم، ورعاية قطعة الأرض التي تركها لهما والدهم.
وعندما اكتمل معه المال اللازم لشراء نصيب أخته بالأرض، أعطاها حقها، ورفض أن تنفق منه شيئاً على نفسها، وقد تكفل هو بكل لاوازمها، وسانده الصقر في مصاريف تعليمها بالمعهد .
همام متسائلًا : ألا جوليلي يا جلب أخوكي؟! عِملت إيه ملك في العريس اللي كان متجدم لها؟!
(بطل محن يا ميمو، ومش هنزلك مع الكابلز بتوعي، كفاية كده الموضوع فرشح مني على الآخر 😂خليك الرواية الجاية 🤝😂).
أجابت مسعدة بنبرة حانية تطمئنه : ماتجلجش يا جلب أختك، هي رفضته، وكانها مستنيه حد بعينه.
كان منصور يستمع إليهما، ويستغرب حالة همام، فهيئته لا تدل على كونه تتوافر لديه تلك المشاعر، وكأنه في نظره مجرد آلة.
(لا يا منص، ده اوبشن عندنا كلنا في الاعدادات، زي ضبط المصنع كده😂).
همام وقد بدى الضيق على محياه : تجصدي إيه؟! و مين ده اللي عينها منيه؟!
مسعدة بتسلية :هي ما جالتش حاچة بس بيتهيألي إكده إن اللي عينها منيه، هو بردك عينه منيها، بس خايف يتحدت، مع ان اللي عنديه جلب زي جلبك أي واحدة في الدنيا دي تستمناه ، چمد جلبك يا أخوي، واديني الإذن اتحدتلك وياها، يمكن ربك يبرد نار جلبك، واللي إنت خايف منيه ده يكون وهم عنديك إنت بس، وتكون هي كمان ريداك كيف ما انت رايدها.
همام بنظرة أمل : فكرك إكده يا مسعدة؟!
مسعده وهي تربت على كتفه من الخلف : اتوكل على الله يا اخوي، خليني اطمئن عليك جبل ما اهملك.
بدى الضيق على ملامح منصور العابسة من الأساس، فها هو همام يعشق ويتمتع بحق سلب منه ، في أن يختبر تلك الأحاسيس، ويعايشها مع من اختارها قلبه.
وكأن الحياة ترغمه كل شيء، فهو لم يختار دراسته، ولا المهنه التي يعمل بها، بالرغم من تفوقه فلقد فرض عليه الوقت حبه لتلك المهنة،
كان منصور يريد الالتحاق بمعهد التمثيل، ولكن أباه حال دون ذلك، وكم تمنت والدته أن تراه طبيبا فلم يرد أن يخيب أملها به.
كما أنه لم يختار عمله في هذا المكان، فجاء إليه أمراً بإنتدابه إلى هنا، ناهيًا على آخر ما تبقى له من مستحقات في تلك الحياة، وبات مجبرًا على استكمال حياته مع مسعدة، استناداً لرغبات و أوامر الآخرين.
بعد مرور بعض من الوقت توقفت السيارة أمام أحد المحلات لبيع المشغولات الذهبية، ولم ينتبه إلا عندما قام همام بفتح باب السيارة المجاور له، وهمام يجذبه من ذراعه ليخرجه من السيارة، فبدى كمسجون تحت طائلة عسكري عربة الترحيلات.
فانصاع يخرج جسده من السيارة، كمن يقاد إلى جلسة محاكمته، والتي يعلم بيقين صدور حكم القاضي مقدماً بالإعدام وذلك في حالة التماسه للرأفة.
(🤔معلش يا منص إعدام و رأفة؟! أمال لو ما كانش طبق عليك روح القانون كان هيعمل ايه؟! 🤔هيشنقك 🤝😂).
تقدم الثلاثة إلى داخل محل الصاغة ، وقام البائع بالترحيب بهم: أهلاً وسهلاً، نورتونا، وبإذن المولى الشغل اللي عِندينا هيعچبكم.
منصور بضجر : خلصنا بقى، وشوف لنا الزفت الدبل اللي عندك هتيجي مقاس الغندورة؟ ولا تعمل لها دبلة عمولة؟!
(دبش يا منص😂 خيِّش يا عمهم👊 هقلب عليك😁 أحرجت البُنية😭).
البائع وهو ينظر إليه باستغراب قائلًا : لاه، ان شاء الله طلبتكم كلتها عيندي.
بينما تحجرت الدموع في مقلتيها، فلقد أفسد عليها فرحتها في يوم كهذا، ولكن لا بأس، يُغلق عليهما باب واحد وستذيقه من العذاب ألوان.
(جدعة أبت، على وضعك يا مساميسو 😂).
وضعت هاتفها إلى جانبها على زجاج ستاند المعروضات( الفاترينا)، و أقسمت أن تستمتع وحدها بما يحدث، وتدعه في وجومه وعبوسه، فلن تفوت على حالها متعة اللحظة،
(أنبي إنتي دماغك عالية، عالية، يلا إياكش يولع 😂خراب يا دنيا عمار يا دماغي 👏).
وفي أثناء انشغالها رن هاتفها برقم ملك، وقد كانت مسعدة تضع صورتها خلفية لشاشة الاتصال و هي ترتدي إحدى الفساتين المشخلعة في حنة إحدى صديقاتها أسفل عبائتها و عندما بقت الفتيات لحالهن خلعن جميعًا ملابس الخروج و احتفلوا پأزيائهن الأنيقة.
لفت نظره تلك الحسناء على شاشة الهاتف، وأخذ ينظر إليها بأعين جاحظة.
(والله أمنص، إنت عينك بتنط ورا أي مؤنثة حتى لو كلبة بلدي 😂).
فأجابتها مسعدة بعدما بدأت الأولى بالحديث، فكان جواب مسعدة عليها : أيوه يا لوكا، إمنور على شاشة التليفون آهه، ما إنتي عطيتيني الرقم الچديد ده، بعد أما خلصنا عملية إمبارح، وآني سچلته عيندي.
أما منصور يقف بذهول، مهلًا أتعني أن تلك ملك حبيبة همام أخيها؟!
وبالطبع تلك صورتها التي كانت تزين شاشة الهاتف، فقال بصوت ساخر مرتفع : يا سلاااام، بقى همام عاوز يتجوز لهطة القشطة دي، وأنا!! الدكتور منصور!! اتجوز مسعدة!! دي الدنيا ماشية بضهرها.
(و هتحط عليك يا منص، 😂ومش عاوزة افاجئك أنا ولهطة القشطة هنحط عليك✌️ حطة الاهلي على الزمالك في الفاينال 🤝😂).
استمعت مسعدة لتعليقه بشأن الصورة، والتمست الانبهار على قسمات وجهه، ولمعة عينيه.
(لا يا مساميسو يا ختشي، هو على طول كده فاضحني🙆 ما بيسترش😂).
فقررت اللعب معه (معاك يا معلم🤝).
فسألته في دهشة مصطنعة : إيه فيه؟! مالك إمبحلج إكده ليه؟!
أشاح إليها منصور بيده وكأنه يهش ذبابة استقرت على أنفه، ولازال على حالته البلهاء تلك بفمه المفتوح.
فرفعت صوتها وهي توخزه في ذراعه : إيه فيك إنت؟!
تنبه منصور إلى وخزتها تلك قائلا : بقولك يا أخ مسعد، مين المكنة اللي صورتها على تليفونك دي يا شبح؟!
( دي الأخ مسعد يا جلف😂).
ابتسمت مسعده أسفل نقابها مرددة : أخ مسعد(لا ما تندهشيش أنا لسه مندهشالك فوق 👆) دي ملك ماي توينز، تجدر تجول الفردة بتاعتي.
منصور على نفس حاله : طب ما تظبطني معها ي