رواية حواء بين سلاسل القدر الفصل السادس بقلم لادو غنيم
عاده "جواد" إلى بيت أبيه'و'صعدا الدرج'و'سارهَ إلى حجرتهُ'و'فتحَ الباب'و'تدلى للداخل'فـوجدها تـقف أمامهُ بـعبثً'فضيق عينيه بسؤالهُ أثناء أغلقهُ للباب"
مالك شكلك مضايقه'
لوت فمها بذات العبث"
أنتَ كُنت فين'و'سايبنى لوحدى'تـعرف أن النور قطع أكتر من ساعتين'و'فضلت قاعده بعيط من الخوف'عشان بخاف من الضلمه'؟
تزامحت غصه بقلبهُ'بقلقً عليها"
معلش كان عندي شُغل مُهم'المهم أنتِ كُويسه'
أومأة ببسمه هادئه'فـتفحص قميصه التى'مازالت ترتديه"
غيري القميص دا'و'تعالى معايا هنروح نشترليك لبس جديد'
إتسعت مقلتيها برهـبه'تبوح بلبكه"
إيه هـخرج لاء هخاف'
قطب جبهتهُ مستفهماً"
هتخافى من إيه'
بلعت لعابها بربكه أكثر"
من الشارع'أنا متعودتش إنى أخرج'
إدرك أنها تشعر بالرهبه من ذلك العالم الذي لم تتعرف إليه بعد'فقتربا خطوه منها'و'إمسك بيداها يحتويهما بقبضتيه الكبيرتين'تزامناً معا نظرتهُ الدافئ لعينيها"
متخفيش من حاجه طول مأنتِ معايا'و'بعدين أنتِ مش كان عندكم تلفزيون'و'بتشوفى الناس'و'الاماكن'و'الشوارع'إعتبري نفسك دخلتى جوه التلفزيون'و'إندمجى معا اللي هتشوفيه من غير ما تخافى'
ضيقت عينيها بعفويه"
يعنى ابقاِ بطلة فيلم'و'أنتَ البطل بتاعىِ'
خفق قلبهُ بدفئ الرياح المحلقه بـاعجابً يسكن الروح'فتحمحم ببعض الرسميه مبتعداً عنها"
حاجه زي كدا'و'ياله بـقا أمشي غيري لبسك'و'البسي لبس أمبارح'و'الطرحه'و'خلينا نمشي'
حاضر'
هتفت بهدؤً'و'سارة من جوارهُ'لتبدل ملابسها'اما هو فخرجَ متجهاً'لحجرة أخيه'و'دق الباب فأذن لهُ"فارس"بالدخول'فدخلَ يناظرهُ بجديه"
أخبارك إيه :!
وقفَ أخيه بأحترامً "
تمام الحمدلله'أنتَ كُنت فين'؟
دخلَ'و'جلس على حافة الفراش قائلاً "
كُنت عند "نـهى"
جلس أخيه أمامهُ مضيق عيناه بـغرابه"
"نهـى" أنتَ لسه على علاقه بالبنت دي'
فرك عنقهُ بجفاء"
"نـهى" مراتى'و'الا نسيت"؟
تنهدا بجديه"
لاء منستش'بس شكلك أنتَ اللى مش قادر تنسا"رحاب"عشان كدا لسه بتلجئ "لـنهى" عشان بتفكرك بيها'؟
قبض قلبهُ بذكريات قد تفتحت'تزامناً معا اكمال أخيه للحديث"
أنتَ ليه مش قادر تعترف أن "نـهى" مجرد بنت بتشبه "رحاب" نـهى"مش هى "رحاب" رحاب"سابتك بأردتها'و'قررت أنها تسافر القاهره عشان تكمل دراستها'و'تبقى سيدة أعمال'رحاب"متستاهلش حبك'فـوق بقا يا "جواد" حبك "لـرحاب" لسه مسيطر عليك'
نهضا شامخاً'و'كأنهُ لم يسمع شيئاً يسجن ألم قلبهُ بسلاسل ممزقه بـالعذاب لقلبً يتألم من العشق "
أنا خارج و'معايا "ريحانه" هنشتري، شوية حاجات'لـو احتاجة حاجه ابقا كلمنى'
حاول السير'فـوجدا اخيه يعارضهُ بحديثً صائب"
أنتَ مش بس اخويا الكبير'أنتَ أبويا'أنتَ اللى ربتنى'و'كبرتنى'أنتَ اللى راعتنى من لما ابونا'و'اُمنا ماتوا'و'أنا عندي تلت سنين'أنا موعتش عليهم يا "جواد" أنا وعيت عليك أنتَ كُنت أبويا'و'أخويا'و'صحبى'أنتَ'كل حاجه ليا'و'أنا ميرضنيش'أشوفك بتتعذب'و'ماشي فى طريق الحرام'وأقف ساكت'
عشان خاطر أخوك سيبك من "نـهى" جوازك منها باطل'و'سيبك من حبك "لرحاب"لأنها بقت مجرد ماضى'أرجع تانى صلى'و'صوم'د أنتَ اللى علمتنى الصلاه'و'الصيام'كُنت أمامى' عارف أنك بطلت صلاه'و'صوم'و'رسمت وشم'و'أتجوزت عرفى'عشان ربنا مستجبش لدعائك لما دعتله كتير أن" رحاب"تتراجع عن قرارها'و'تفضل هنا معاك'و'تتجوزك'،ربنا ما بيتعاقبش أنتَ كدا مش بتعاقب ربنا أنتَ بتعاقب نفسك'ليه متقولش أن الله اعز'و'جل'مستجبش لدعائك عشان "رحاب" متستاهلكش'أو مثلاً جوازك منها كان هيبقى فيه مشاكل أو إبتلائات أنت كعبد ما تتحملهاش'
أستقبل حديث أخيه بتنهيده عميقه'سجنت تلك الكلمات بجوف القلب المأثور بـالخذلان'الحانق للأوتار'لـيخض الشريان دمائاً ملوثه بـحزن الألم''و'قاله بجموداً"
ركز فى شغلك يا "فارس" أنا مش هتاخر شويه'و'هرجع'
تدلى إلى الخارج'فـوجدها تـقف بجوار بابها مرتديه ملابس البارحه'و'الحجاب'فلم يتحدث إليها'و'إكمل سيرهُ فعقدت حاجبيها بـغرابه'ثمَ سارة خلفهُ'حتى خرجت من باب البيت'و'ركبت برفقتهُ السياره'فقادها لخارج البيت'متجهاً إلى الـسوق'
ـــــــــ
بعد ساعتين'كانت تسير"ريحانه"برفقة "جواد" تتشابك أصابعها بأصابعه. تشعر'بالرهبه'من هؤلاء البشر'و'البائعون المتجولين من حولها'حتى'دخلت برفقتهُ لمحل ملابس محجبات'كانت به فتاة بـمنتصف العشرنيات'تقف بجوار كومود النقود"
أهلاً'و'سهلاً يا ترا الأنسه بتدور على حاجه مُعينه'؟
سألتهم ببسمه'فلم تُجيب"ريحانه"فقاله"جواد"
نيابتاً عنها"
عايزك تشوفلها لابس مناسب لجسمها'و'فى نفس الوقت يبقى واسع'و'محتشم'
أقترحت الفتاة ببسمه"
طب لو بنطالون'و'فوقيه شميز أو بلوزه طويله ينفع'و'الا ايه"؟
عارضها بجموداً "
أنا عايزها بنت مش بنت متشبها بالولاد'البناطيل'و'الشغل دا للرجاله'البنات ليهُم لبس يستر عورتهم بحشمه مش يظهرها لكل خلق الله'شوفيلها عبايات'أو فساتين تنفع للبيت"؟
تحمحمت الفتاة باحراج'
حاضر يا فندم تحت أمرك'اتفضلى يا أنسه معايا
نظرة لهُ بخوفاً'فـربت علي يدها بدعماً جاد"
امشي معاها اختاري اللى يعجبك'أنا هستناكى هنا'عشان فى جوه حريم'مينفعش اخش أتلزق فيهم'
حاولت الإسترخاء'و'التمالك'فتركت يدهُ'و'سارة برفقة الفتاة'اما هـو فلم تفارق عينيه'فظلا يراقبها حتى أنتهت من شراء ما تحتاج إليه'فـتجه للفتاة'و'أعطاها حق المشتريات'
'و'خرجَ من المحل برفقتها'و'هى تحمل أكياس ملابسها الجديده'و'سارهَ إلى السياره'و'أخذ منها الاكياس ثمَ وضعها بالأريكه الخلفيه'ثمَ نظرا
لها قائلاً برسميه"
خلينا نروح نجبلك كوتش'و'كام سندل'و'شباشب للبيت'و'الطُرح'
أوماة دون اعتراص'فأمسك بيدها من جديد'و'سارهَ لأحد محلات الاحذيه'فدخلَ'فستقبلهُ شاباً يصغيرهُ ببعض الأعوام"
حريم'و'الا رجالى يا برنس'
حريمى'بس متتعبش نفسك أحنا هنختار'
هتفَ برسميه بحته'فقاله الشاب"
زي ما تحب المحل قدامك'!
دخلَ برفقتها'يتفحصون الأحذيه النسائيه'فسالها مستفهماً تزامناً معا فحصهُ للأحذيه"
بتلبسي مقاسم كام"
هتفت بهدؤً كالمعتاد"
مقاس'٣٧'
لوي فمهُ برسميه "
٣٧ على كدا سندريلا'
لوت فمها بعفويه'اما هـو فبدأ بختيار الأحذيه بمشورتها'و'تجهوا للشاب يعطوه ماتم اختيارهُ فسألهم مستفهماً "
هى الأنسه قاستهم'
قطبَ جبهتهُ بصرامه"
لاء، مقاستش'!
طب مش تقعد'و'تقيس اللى أختارتهُ بدل ما يطلع المقاس كبير علي رجليها"
احنا بنحب المقاسات كبيره'شوف سعر الحاجه كام عشان مستعجلين'
تحدثَ ببروداً'فتحمحم الشاب بجديه"
تمام زي ما تحب ثوانى'و'تبقي الحاجه جاهزه'
غلف الشاب الأحذيه'و'اعطا العُلب داخل الأكياس "لجواد" فاعطهُ النقود'ثمَ ذهبَ للسياره'و'عادو للسير يبحثون عن محل للأحجبه'و'أثناء سيرهم أوقفهم طفلاً صغير يحمل الكثير من البالونات الملونه"
تشترو بلونه بخمسه جنيه بس"
شعرت بالعطف حيالهُ'فتركت يد"جواد"و'جلست نصف جلسه لتصبح بطولهُ"
أنتَ معاك كام بلونه'؟
هتفَ ببسمه"
عشرين واحده تاخدي واحده'؟
أوماة ببسمه'فـاعطها بلونه ورديه قائلاً بعفوية الصغار"
دي حلوه أوي شبه لون خدودك'
إتسعت شفتيها ببسمه اطلقتها لصغيراً بائع بالشوارع"
تعرف هى كمان شبه خدودك أنا'و'أنتَ زي بعض'
أقتربه'منها يقبل وجنتها فـعانقتهُ بمحبه إلهيه'قائله"
أسمك ايه بقا "كريم"
خرجت من عناقهُ تناظرهُ بسؤلاً"
أسمك حلو أوي فين بباك'و'مامتك'
عقدا ملامحهُ بحزناً"
معرفش أنا معرفش حد غير الراجل اللى بيدينى البلالين عشان ابيعها'
ملكش اهل طب بتنام فين'
فى مدخل البيت بتاع البلالين'
شق الألم قلبها'و'غزت الدموع عينيها'و'نهضت تناظر "جواد" بعفويه"
حرام ملوش أهل'هـو احنا ينفع ناخده معانا'
قطب جبهتهُ بغرابه"
ناخدُه معانا فين"ريحانه"استهدي بالله'و'شوفى عايزه كام بلونه عشان نمشي'
أخفت دموعها بحزناً"
كُل البلالين"!
تنهدا بجديه"
ماشي'
اخرج مائتين جنيه'و'اعطاهم للصغير قائلاً "
خد'و'خلى الباقى عشانك'
اخذ المال'و'اعطاها البلالين'فامسكتهم'و'عاودت اعطائهُ واحده ورديه"
اتفضل دي منى ليك شبه خدودك عشان تفتكرنى'
أخذها الطفل بسعاده'فقالت بسعاده مثلهُ'
ايه رايك لو توزع معايا البلالين على الأطفال"
اوماء الصغير'فسارهَ أمام"جواد"يـوزعواً البلالين على الأطفال البائعين للورود'و'المناديل'و'غزل البنات'كانت مثل الحوريه العفويه بينهم'تتنقل بتناغم من صغيراً إلى اخر ترسم الفرحه على'وجوههم'تتبادل معهم الضحك العفويه الذي يشبهُهم كثيراً'التفوا حولهم الصغار ياخذون منها البلونات'ثمَ أمسكوا بيدها'و'بدأو يلتفون بها'و'كلن منهُم يحمل بالونتهُ مثلها'هيئتها بعينيه تشبه فراشه مزخرفه بأبهى الألوان الإلهيه'تطير بتناغم لتسرق حواسهُ بعفويتها المحلقه بسماء كيانهُ'حتى أنتهت من تلك المه الحيويه بالحب'و'سارة إليه ببالونتها تتنفس بلهفه مندمجه ببسمه راقيه"
شوفت الأطفال فرحوا أزي أنا مبسوطه أوي بيهُم'
فاقه من سحرها'على انغام صوتها العزب'ففرك مدمع عينيه قائلاً "
شكل كدا مفيش محلات للطُرح هنا'خلينا نروح'و'هبقى إبعت لسمرا تجبلك من المحلات اللى تعرفها'
اومأة مطاوعه إياهُ''و'كادا يتحركاً لكنهما سمعا صوت صريخً'فلتفى فوجدا"كريم"ممدداً على الأرض فاقداً للوعى'
فركضت "ريحانه" إليه'و'جلست على عقبيها أمامهُ'تحمل رأسهُ على يدها'تزامناً معا هتافها القلق"
"كريم" مالك"فوق يا "كريم'!!
تقدم منها" جواد"و'جلس نصف جلسه يتفحص الصغير"
شكلهُ داخل من الشمس'
نهضت به تضمهُ لصدرها تناظر الأخر بعين أمتزجت بدموع الحزن"
أنا مش هسيبُه هنا خلينا ناخدُ معانا عالبيت'نطمن عليه'و'لما يفوق'نبقى نرجعوا من فضلك'عشان خاطر أغلى حاجه عندك وافق'
فرك جبهتهُ بستسلامً جاد"
ماشي لما أشوف أخرتها معاكى'
حملا الصغير عنها'و'تجها للسياره'ليعودا للبيت'
ـــــ
بعد ساعتين من جديد'كانت تجلس"ريحانه"بمفردها بالحجره'و'بجوارها "كريم" فمازله يغفوا بعدما اتضح لهم أنهُ يعانى من ضربة شمس'اما "جواد"فقد ذهبَ ليجلب للصغير دواء'و'بتلك الأثناء'سمعت" ريحانه"صوت "غوايش" يملئ المكان من الخارج'فنهضت من جوار الصغير'و'تدلت إلى الأسفل'حتى وصلت إلى الباب'و'فتحتهُ'فـستقبلتها"غوايش"بالبكاء"
الحقى يا "ريحانه" أبوكىِ معرفش إيه اللى جراله'
أندب الخوف بقلبها'فـصرخت بتسأول"
مال بابا في إيه'!!
أبوكى عمال يكح الحد لما جاب دم'مش عارفه'اعملهُ إيه"؟
بابا حبيبي ياله خدينى عندهُ'
هتفت بلهفه'و'كادت تذهب'لكنَ"فارس"نزلا على الصوت قائلاً بستفهم'تزامناً معا إقترابهُ منهُما"
ايه الصوت دا'و'أنتِ يا "ريحانه" رايحه فين'!
أرتجفت ببكاء الخوف"
بابا تعبان'و'لازم أروحلهُ دلوقتي'
سالها بجديه"
"جواد" يعرف أنك خارجه'؟
لاء ميعرفش:
طب استنى لما أتصل بيه'و'أعرفهُ'
عارضتهُ"غوايش"بحده"
هو دا وقتهُ بتقولك أبوها بيموت'و'يمكن متلحقش تشوفُه'
أرتجفت تزامناً معا هطول دموعها المرتعبه"
لاء أنا همشي'مش هستنا حد أنا عاوزه أشوف بابا'؟
طب خلاص اهدي خلينى أروح معاكى'و'فى السكه ابقى اكلم "جواد"
هتفَ برسميه'و'سارهَ برفقتهم'و'أخذهُم بسيارتهُ'
ــــــ
"و" بعد ساعه عاده "جواد" للبيت فلم يجد أحداً غير الصغير'فحذف الأدويه على الاريكه'و'أخر جوالهُ'و'تصلا علي أخيه فلم يُجيب فعاود الأتصال عليه مجدداً فلم يُجيب'مما جعلُ الخوف يراوضهُ'فـاسرع بالخروج من البيت'و'ركبَ السياره'و'قادها للبحث عنهُم'تزامناً معا معاودة الأتصال'ظلا يبحث عنهُما حتى عثرا'على سيارة أخيه بجوار أحد الأشجار'فنزلا سريعاً من السياره'يتفقد المكان بعينيه'و'على أذُنهِ الجوال يُجري أتصالاً عليه'فـسمعا صوت رن جوال أخيه يأتى من وراء الأشجار'فبداء بالسير وسط الزرع 'و'كلما خطا خطوه'أقتربَ الصوت منهُ أكثر'حتى خرجَ من بين الزرع'ليتفاجئ بمشهداً لم يتوقع أن يراه حتى فى أسوء كوابيسهُ'
رائه أخيه قتيلاً تسبح من حولهُ الدماء'و'بجوارهُ تجلس'ريحانه بملابس ممزقه من على جسدها'فى حاله من الصدمه بدموعاً أمتزجت بدماء "فارس" 'و'بيدها سكيناً حاده يغرقها دماء أخيه'