رواية بين الحقيقة والسراب الفصل العاشر 10 بقلم فاطيما يوسف



رواية بين الحقيقة والسراب الفصل العاشر 10 بقلم فاطيما يوسف 

في نسمات الليل حيث الناس نيام نلقي أناساً تتضرع إلي خالقها تببتغي عرض حسنة ،وأناسا أخري تلهو وتضيع في معصية الخالق عز وجل ،وأناسا بات همهم أن يستيقظوا مبكراً لأشغالهم الشاقه ،وشتان مابين ذالك وهؤلاء تبدوا الحياه صراع شديد بين الليل والنهار ،


وفي ليلة من تلك الليالي حدث مالايحمد عقباه ولا يخطر علي بال راندا وأبنائها حيث رأوا بأم أعينهم مشهداً زلزل كيانهم وقطع أرواحهم ،


ومنذ أن رأوه وكأن الطير أكل رؤوسهم من شدة الصدمة ،


فتحدثت سما باندهاش واستنكار مرددة لأبيها بعتاب محب أنكر من حبيبه فعلة شنعاء كتلك نزلت علي قلوبهم وأصابتها الرعشة جراء قلبهم البرئ :


_ ممكن تفهمنا يابابا ايه إللي بيحصل بالظبط هنا ؟


خرج ذاك السؤال من بين شفاها المرتعشة مما رأوا ،


وأتبعها مهاب بسؤال آخر مرددا بتعجب لما وصل من رؤية ذالك المشهد إلي قلبه وتيقن أن الأيام القادمة ستمر عليهم حربا لا يفوز فيها أعتي الرجال:


_ اتكلم يا بابا وفهمنا اللي إحنا شايفينه ده إيه ويارب مايطلع إللي في بالي ؟


كل ذلك و راندا وإيهاب كل منهم نظرته تختلف عن نظرة الأخر ،


أما هو فكان ينظر لها مطأطأ بخذلان ولا يقوي علي مواجهتها وكان فقط ينظر إلي تشتت جسدها ، حائرة، مصدومة، غير مصدقة وتكاد تكذب أعينها ،وجسدها أصبح كالنار المشتعلة التي تحمي في بدايتها ولم تنطلق شرارتها إلي الآن ولكنها ماإن تكونت لهيبها بفضل ماوضع فيها من عامل أقوي من البنزين حتي انطلقت مسرعة إليه قابضة بتلابيب قميصه وهي تهزه بعنف ودموعها انسدلت من مقلتيها بدون إرادة منها أو قدرة في التحكم علي عدم نزولها وهي تهتف بكلمتين فقط مع هزتها بعنف لجسده :


_ ليه يا إيهاب ليه !

ليه ليه ليه .......


وتركته وذهبت إلى المنضدة الموضوعة وقامت بقلبها بكل ماعليها من شموع مضائة وأكلات شهية وسكبت محتوياتها أرضاً بحدة بالغة وهي تردد :


_ لاااااااااا مش مصدقة والله إنك تخوني وتجرحني وتعمل فيا كدة ،


ثم أسرعت إلي ابنها وقبضت علي معصمه بأيد ترتعش وسألته بتيهة :


_ قولي يامهاب يابني إني بحلم وإن إللي عيني شافته ده كذب ،


قول لي ياماما إحنا لسه موصلناش علشان نعمل لبابا مفاجأة وإني بحلم بكابوس وأكيد هفوق منه ،


وبدوره احتضنها ولدها وهو يهدهد علي ظهرها بحنان ممزوج بالرعب من حالة والدته ،


وهدأها بكلمات خرجت من بين أسنانه بتوتر من هول الموقف :


_ اهدي ياحبيبتي وإن شاء الله خير اهدي يا أمي .


أما عن سما تلك الطفلة الرقيقة التي رأت مشهداً جعلها تكبر أعواماً عن سنها تقف كالشريدة الضائعة من تطلع عقلها علي حالهم وهم علي مشارف المستقبل الضائع ،


وهي تبكي بغزارة وتحتضن حالها وهي تعيد رؤية ذلك المشهد مراراً وتكراراً منذ وصولهم ،


وكل تلك الأحاسيس والمشاعر التي تبدلت من فرحة شديدة إلي انتكاسة حزن وأسى رهيبة فقط في بضع لحظات من وصولهم إلي مكان أبيهم ،


حيث رأوا منذ دخولهم أبيهم يحتضن سيدة ويتراقص معها رقصتهم الرومانسية ومتناسين العالم من حولهم من سحر اللحظة وتلك المرأة ترتدي فستانا مكشوفا لاترتديه أي امرأة إلا لزوجها ،


وحولهم الشموع مضائة والأدهي مارأوه مكتوباً علي قطعة الحلوي الموضوعة علي المنضدة المقلوبة حالياً حيث كان مشيداً بحروف من لون الذهب :


_ كل سنه وانتي معايا يا أجمل فيروز،

كل سنة وعيد جواز وإنتي حبيبتي وفي حضني ،

كل سنة ودايما مع بعض ومنفارقش بعض أبداً،


عشت معاكي خمس سنين وكأني في الجنة .


منذ أن وصلوا وأعينهم الثلاثة مشططت المكان وما يحويه من كوارث لعقولهم ،


اما هي رددت وهي في أحضان ابنها بلهيب قلب احترق:


_ اتجوزت عليا ياإيهاب!

اتجوزت عليا ياابو ولادي !

اتجوزت عليا يا عشرة عمري وحب حياتي ؟!


اتجوزت عليا أنا علي راندا المالكي ؟!


وانطلقت الدموع لبكاء وشهقات عالية أدمتهم جميعاً حتي تلك الفيروز التي تقف في موقف مهيب لو كان عقلها استجمعه ألاف المرات ماكان وصل بتلك الهالة والهول ،


انطلق إليها إيهاب وهو يسحبها من داخل أحضان ابنها ويدخلها داخل أحضانه برعب وخوف من القادم مرددا وهو يهدئها بكلمات خرجت من بين أسنانه غير مرتبة :


_ اهدي ياراندا أرجوكي متعمليش في نفسك كدة دموعك بيموتوني وبيقطعوا فيا ،


أرجوكي اهدي وأنا هشرح لك كل حاجة ولازم تعرفي إن عمري ماحبيت ولا هحب ولا عشقت ولا هعشق غيرك ياعمري كله وأيامه إللي راحت واللي جاية .


استمعت تلك الفيروز علي اعترافاته التي خرجت من أعماق قلبه وأحستها بمدي صدقه ،


نعم فالإنسان لا تظهر حقيقته إلا وقت الغضب الشديد وما يتفوه به لسانه هو الحقيقة المؤكدة ولا غبار عليها ،


وتألمت روحها وتوجع قلبها وبات موجوعا تدق أبواب بداية الوجع عليه،


فكان مؤلما حقا لها وهو في بداية وجعه فماذا يكون إحساسه عندما تصل فقط إلي منتصفه فقط ؟

وماذا عن منتهاه ؟


وعندما جال عقلها ووصل إلي منتهاه نطق قلبها:


_يا الهي إنه لموت بالحياة !

وتطلعت بالمستقبل إلي الأمام والأن أدركت أن بداية الوجع بدأت وحروبه اندلعت وأصبحت الأن علي مشارف الفقدان لحبيب الروح مرة أخري ،


وحدثت حالها بصراخ داخلي أرعب خارجها وجعلها تجلس منكمشة علي حالها وهي تنظر إلي جلاديها بعيونهم الآكلة لها والتي تود أن تقتنص الفرصة ليمحوها من حياتهم وكأنها ارتكبت جُرماً ماله من محيص:


_ياإلهي كان في احضاني الآن يعترف لي بأنه احبني وعشقني وانه يُكِنُ لي في قلبه محبه من اخمص راسي الى اسفل قدماي !


أحقا كان يلهو معي لكي ينسى تعب غربته؟!

أحقا لم يحبني و كلماته التي يلقيها على مسامعي ليلا ونهارا كانت سراباً ؟!


أحقا ذلك الانكسار والارتعاب الذي بدا على معالم وجهه من مجرد لحظات زادته هموم أكبرته أعواماً علي عمره ؟!


يالها من رياح عاتية سوف تحرق في طريقها الأخضر واليابس ،


وأكملت تلك الفيروز حديثها الداخلي المنفرد مع حالها وهي تنظر إلى ذات العيون القوية والطلة البهية التي ظلمتها الصور والتي في حقيقتها تُحلِّي القبيح ولكن مع تلك الراندا حقيقا ظلمتها في الوصف بتساؤل مريب :


_كيف لي ان اواجه صاحبه تلك النظرات القوية وهي في اشد لحظات انكسارها ولكنها كنظرات الصقر الحادة ؟!


كيف لي ان أقف وأصد الهجوم في تلك المعركة وانا وحيدة ضعيفة مكسورة وحتى الحب الذي كنت استند عليه اصبح الآن في نظري اوهام ؟


كن معي يا الله كفى ما جري لي في السنين الماضية والانكسارات المتتالية،


ولكن بعد العاصفة الآتيه لا استطيع النهوض لكي اعود مره اخرى وسأكتب نهاية سعادتي .


دفعت راندا يديه بقوة من عليها ونظرت اليه نظره انتقام وتحدي وهي تجز على اسنانها من شده تأثرها هاتفة بوعيد :


_ابعد عني اوعاك تفكر تلمسني تاني او إنك هطول مني حقوق اي زوج على زوجها من بعد اللحظه دي ،


واسترسلت حديثها بتهديد حتما ستنفذه :


_ورب اللي خلق الكون لهندمك على كل لحظة خيانة خنتها لي وانا كنت فيها ام واب وكيان كامل بيحافظ على كيان كامل ،


وحياة من جمعنا من غير معاد لهبكيك بدل الدموع دم على كل لحظه جرحتني فيها وخنت العهد والوعد وانا كنت باقية عليه ،


اتقفلت لعبتك وهقلبها لجحيم اللي هخلي نار لهيبه أقوي من النار الحقيقة.


ثم أولته ظهرها وهي تنظر الى ابنائها آمره اياهم وهي تمسح دموعها بحدة بالغة مرددة وهي تشير ناحية الباب :


_يلا يا مهاب يلا يا سما قدامي على تحت مش قادره اقعد في المكان القذر ده اكتر من كده .


استجمع تفكيره بسرعة وعلى الفور اعترض طريقها ووقف امامها وهو يردد برفض قاطع :


_لو سمحتي اهدي يا راندا احنا هنا في الغربة والأولاد ما ذنبهمش حاجه في البهدلةخ دي عايزين نقعد مع بعض ونتكلم بهدوء زي اي ناس متحضرين .


_اقعد ! وناس متحضرين !... جملة تهكمية ساخرة عقبت بها إليه عقب استماعها لما تفوه به ،


واسترسلت حديثها باستهزاء وهي تنظر إليهم نظرات سخرية:


_ فين الناس المتحضرين دول اللي انا هقعد معاهم ؟!


انا مش شايفه قدامي غير ذئاب خطفت اللي مش من حقها وسرقته واتغدت بيه وملت قلبها وعقلها بأنه حقيقي ومن حقها ،


مش شايفه قدامي غير مكان جرحي انا ،

مش شايفه قدامي غير مكان اندبحت فيه وبسكينه تلمة ومن مين من اعز الناس ،


واستطردت بنظرات عاصفة لو كانت حقيقية لأغرقت أمتن السفن :


_لا المكان بقي مكاني ولا إللي فيه بقوا مني ،


وهمشي ومش هرجع لو عملت ايه بالذي ياخاين .


فقد قوة تحمله من تعنتها وتفوه بعصبية وهو ينظر إلي تلك الضائعة آمرا إياها :


_استني عندك كفايه تهور بقى لو مش عشان خاطر احنا الاتنين يبقى عشان خاطر الاولاد اهدي بقى من فضلك انا هاخدها وهمشي وهسيبك لما تهدي خالص وبعدين لينا كلام مع بعض ،


يالا يا فيروز البسي هدومك وروحي على شقتك دلوقتي ونتكلم بعدين .


أما هي حينما استمعت الى كلامه معها بات داخلها يغلي غيرة عمياء ستنقلب إلي حقدٍ سيحرقهما جميعاً ،


ورأت أنها من الأفضل أن تقضي تلك الليلة المشؤومة والتي سجلت بها ميلاد جرحها الأول والأخير والأصعب في حياتها ،


وستغادر تلك البلاد غداً بروح مكسورة مقهورة مجروحة ،


وحدثت حالها وهي تحتضن روحها مرددة بآلام عبرت طريق حياتها وأخذت معها الأمال وهم نفس الكلمة في نفس الليلة فقط تبدلت الحروف :


_سلام الله علي الحب الذي ضاع وسط الأفاعي ،

بات الظلام مكاني والحزن زماني وسهم الغدر رماني ،

سلام الله على كياني من حرمانه من الأماني ودمع العين أعماني ،

أما من أصابني بالخذلان وطعنني بخنجر مسموم فلا سلام الله عليه من أجل إحزاني

خاطرة راندا المالكي 

#بين_الحقيقة_والسراب

#فاطيما_يوسف 


_________________________________


في سيارة رحيم المالكي 

استمعوا الى اوامرها بطاعه عمياء وفورا زادوا من سرعتهم الى اقصاها الى ان وصلوا الى سياره رحيم وبقي بضع سنتيمترات فقط على مهاجمتهم الا انه زاد من سرعته بشده كي لا يلحقوا به وعيونه تمشط الطريق يمينا ويسارا كي يجد مخرجا من تلك الذئاب ،


استمع اليها وهي ترشده بأمل عسي الله أن ينجيهم :


_بص يا رحيم هيقابلك دلوقتي كورنر شمال بيودي لشارع عمومي ادخل منه على طول هما هتلاقيهم مش عارفينه ،


كان الباص اللي بنيجي منه لما يكون الطريق زحمة يدخل يعدي منه علشان نوصل بسرعة .


انتبه الى ارشادها بتركيز وزاد من سرعته حتى وصلوا الى الشارع الجانبي التي ادلته عليه وبسرعة ماهرة عبر منه مما شتت انتباههم ،


ولكن انطلقوا وراءه ولكن لا يعلمون الى متى سيؤدي هذا الطريق بهم هم فقط يتبعونه كي ينفذوا المهمة كما امليت عليهم ،


ولكن افسدت خططهم عندما رأوا انهم اصبحوا على الطريق العام وليس فقط بل وقف ذلك الرحيم امام قسم الشرطه التابع لتلك المنطقة وهدا من سرعته بل قرر ان يقف ويأخذ هدنته امام ذلك القسم وهم لن يجرؤوا ان يأتوا اليه فهم يرون القسم محاط بعدد لا بأس من الأمناء المسلحين ،


ضغط ذلك الملاحق لهم على التارت الخاص بالسيارة بعنف وهو يلقي السباب اللاذع علي ذلك تع الفارس الذي أنقذها من بين براثينهم ،


مرددا بسباب:


_أه يابن ال.... والله لهحطك في دماغي وماهسيبك بعد النهاردة.


استمعت تلك الشمطاء إلي سبابه وانطلقت بساببها الأخري مرددة إليهم بسخط :


_ اصل انا مشغله شويه بهايم معايا معرفوش يمسكوا حتة عيل لا له في الطور ولا الطحين ،


اعملوا حسابكم هبلغ الباشا الكبير اللي باعتكم ليا وهخليه يوريكم أيام أسود من قرن الخروب .


ضربوا كفا بكف علي سبابها الذي أزعجهم كثيراً وهتفوا بما رأوه :


_ ماهو حضرتك إحنا لو كنا لحقناه كنا عرفناه قيمته لكن هو استخدم عقله وذكاؤه وشغله علينا بن الأبالسة وحود من شارع ومشي خطوات وجه وقف قدام القسم ومرضيش يمشي.


قبضت علي معصمها بقوة وعنفتهم بصوتها المملؤ بالجبروت:


_ تصدقوا فعلاً النهاردة عرفت حقيقة المقولة إللي بتقول " مش بالعضلات هتمشي"


المفروض كان الباشا بعتلي واحد عنده عقل مش تيران جسمهم جسم إنسان لكن عقلهم عقل حيوان .


وتابعت حديثها بأمر:


_ المهمة فشلت وقدرت تروح من بين إيديكم ارجع إنت وهو لما أشوف هعمل ايه وهجبها إزاي ياللي منكم للقبر .


وأغلقت الهاتف بسخط وحدة ونظرات غضب وأنفاس متلاحقة من فشلها في المهمة بل قضية عمرها التي تحدت بها نفسها أن تدنس تلك البريئة كي تثبت لنفسها دائما أن تلك الحياة التي تعيشها علي صواب وأن الصح الوحيد هو ما تفعله وأن الثوابت التي تحياها تلك المريم ماهي إلا شعارات كاذبة ،


بل وصممت علي أن التحدي بينهما ونشب المعركة ابتدأ من الآن وحدثت حالها مرددة بانتشاء ناتج عن مرض نفسي داخلها :


_ إن ماخليتك تقولي ياريت إللي جري ماكان يامريم مبقاش أنا ،


وبدل ماكنت هشغلك بالحكمة والهوان هبيعك زي مابتتباع الجواري وأقبض تمنك ملايين أوزعها علي الغلابة ياست الشريفة .


ثم ذهبت إلي مديرة الدار مرددة إليها بخبث وهي تلقي علي مسامعها الشر كما وساوس الشيطان بالمثل وهي تدعي التأثر والفجأة لما حدث:


_ إيه إللي حصل ده يامدام ؟


أنا بجد مش مصدقه نفسي إن مريم دي تعمل كدة وهي عاملة نفسها زي القطة المغمضة ،


وإللي شفناه في الفيديو ولا كأنها من بنات الليل دي طلعت مؤسسة .


كانت الأخري تجوب المكان ذهاباً وإياباً وهي تضغط بكفوف يديها علي بعضهم بغضب وتحدثت باستغراب مغلف بالوعيد:


_ أنا مش مصدقة والله العظيم ان مريم دي تعمل كده دي كانت زي القطة المغمضه بالظبط انا مش عارفه ايه اللي وصلها للحاله دي ،


وتابعت حديثها بوعيد :


_بس مبقاش اعتماد ولا أستحق وجودي في المكان ده لا هجيبها وهبعتها على الأحداث وهخليهم يوروها النجوم في عز الضهر هناك وهي كده اللي دمرت نفسها بنفسها وخسرت مستقبلها .


انخلع قلب الاخري ما إن ذكرت الأحداث والتي ان وصلت الى غريمتها لم تعرف تنتقم منها ولا ان تستفيد منها بشيء سوى تعذيبها هناك في تلك الاحداث ،


ولكنها عازمه امرها على ان تشوهها كليا ولن تسمح للأحداث ان تصل اليها قبل ان تصل يديها هي اليها ،


واخرجت من حقيبتها دفتر الأموال الخاص بها وسطرت مبلغا داخل تلك الورقة واعطته لتلك المديرة وهي تلقي على مسامعها نصحا وتوهمها بأنها خطأ بل لن تخرج من تلك الدار إلا وهي أقنعتها بما تفكر به :


_اولا الشيك ده مني تبرع للدار انت عارفه انا بحب اعمل العمل الخيري ده كل شهر وبعتبره صدقة عن صحتي ،


ثانيا عايزه انصحك نصيحة من واحده الدنيا علمتها كويس قوي ،


اوعاكي تطلبي الاحداثيات لمريم وتسوأي سمعه الدار وتبقي بين المديرات صاحباتك التانيين اقل منهم في فضيحه زي دي هتسببيها للدار .


انخلع قلب تلك المديرة من الذي القته تلك الماكرة على مسامعها فهي من اهم اولوياتها منظرها العام والتي لم ولن تسمح ان ينهار وخاصه بين صديقاتها والتي دائما ما تتعالى عليهم بانها ذات الخبرة والعقل السليم الاول بينهم ،


مما كان يشجعها اخذ الدار شهادة الجوده من الدرجة الاولى عن تلك الدور الأخرى كل عام،


وتساءلت لتلك المي بتشوش :


_ طيب أعمل إيه كله إلا إن شهادة الجودة تضيع مني ،

أو سمعة الدار تتلوث دبريني إنتي زي أختي برده ؟


ما إن استمعت تلك الشمطاء إلي كلمات تلك العجوز الرقطاء وهي تنعتها بأختها حتي رددت في عقلها باستنكار :


_ زي أختك يابومة ياللي عزرائيل مش واخد باله منك ياللي بينك وبين القبر زحفة نملة ،

اسفوخس علي ده زمن اللي موقفني معاكي ،


ثم استفاقت من حديث عقلها علي كلمات تلك المديرة وهي تعيد السؤال علي مسامعها مرة أخري هاتفة بتضليل:


_ شوفي إنتي تكذبي إن إللي في الفيديو دي مريم وهعمل معاكي خدمة معتبرة بس سر مابيني وما بينك هبعتلك مهندس الكترونيات إنما ايه جبااااار هيثبتلك إن الفيديو متفبرك وتقدري تاخدي كلامه في التحقيق إللي هيتم وبالتالي تبرايها من التهمة دي قدام الناس ،


وأكملت بتخطيط شياطين وهي تواليها ظهرها وترتسم إبتسامة خبيثة بجانب فمها مرددة بمكر :


_وكل الكلام ده مايخرجش من مجلس التحقيق وأديكي خلصتي من عيلة كانت واجعة دماغك ولا تشغلي بالك بيها ،


بس ليا خدمة عندك .


نالت تلك الفكرة استحسانها وأعجبت بتلك العقلية التي طرحتها وأجابتها بطاعه:


_ اؤمريني ياميوشة ياسكر إنتي ،

ده إنتي عليكي دماغ تتلف في حرير .


سارت خطوات بسيطة ووقفت أمام حوض مزروع بالورد وبدون مراعاة حق النبات وحرمته اقتطفت زهرة لم تكتمل براعمها بقسوة وهي تشيد إليها:


_ البنت دي لو جت هنا تاني إبعتيلي وسايسيها وهاتيها علي حجرك وابعتيلي وأنا هتصرف في الباقي من غير مايصيبك أي شوشرة نهائي وده وعد مني ،


ومقابل كدة ليكي مني هدية معتبرة خارج تبرعات الدار نهائي.


تهلل قلب تلك الشريفة طمعا وأجابتها بموافقة علي طلبها تحت ابتهاج قلبها من تخيلها للهدية ،


فركت بيدها الزهرة بكل جبروت بعد أن اشتمت عطرها وكأنها تشبه فعلتها في الزهرة بما تنتويه مع تلك اليتيمة ،


انتهي الحوار بينهما وأخذت حقيبتها وخرجت بهزيمة لأول مرة في معركة دخلتها ولكن توعدت في سريرتها بأن القادمة هي القاضية ولن تتنازل عن وحلها في وكرها المغروسة به ،


ولكن هل ستستطيع أم للقدر رأي أخر فلنري في رحلتنا القصيرة تلك مالذي يخبأه الزمن لصاحباتا القلبين الخبيث والطيب ،


في مكان آخر وبالتحديد أمام قسم الشرطه في سيارة رحيم الذي تحدث الي تلك الحبيبة والذي تأكد من عشقه الوليد لها حين روع قلبه عليها في هذه الليلة التي لم تمضي بعد قائلا بتساؤل بعد أن هدأت قليلاً ولكن سكوتها آلمه :


_ مالك يامريم إحنا بقينا بخير الحمدلله.


_تعبت وحاسة إني عايزة أموت وأفارق الدنيا ... جملة انهزامية عقبت بها إثر سؤاله لأنها تشعر بانهاك قلبها .


أجابها بأريحية:


_ حطي الدنيا ورا ضهرك وكملي وانتي متأكدة ان الرضا بالمقسوم عبادة .


حاولت أن تطمأن روحها ولكن الهموم تلاحقها من كل صوب وحدب وتحدثت بثقل من الهموم :


_ كل لما أحاول أحطها ورا ضهري ألاقيها بتلاحقني لحد ما حسيت إن ضهري انقسم،


وكل مرة الرضا إللي بتتكلم عنه هو إللي بيقوني وأرجع أفتكر حاجات بسيطة من الحلو اللي مشفتهوش في حياتي وأقوم وأنسي ،


وتيجي بعدها الدنيا ترازيني باللي فوق طاقتي .


ابتسم لكي يعطيها أمل وردد :


_ وبتلاقي ربك لما يجور زمانك عليكي يبعتلك نفحة الرحمة إللي بتطبطب علي قلبك وتقويكي.


نظرت له وابتسمت برضا حين علمت مقصد كلماته وتحدثت بدون قصد بكلمات خرجت من فاهها تلقائية :


_ وتبقي أنت نفحة الرحمة إللي ربنا بعتهالي علشان تطبطب علي روحي وتداوي جروحي المرة دي ،


وفي نفس لحظة الأمل والإبتسامة تابعت حديثها بوجع:


_ بس ياترى هتبقي زي نسمة الهوا اللي بتيجي ترطب علي روحنا في يوم شديد الحرارة وبعد كدة تستكين وتمشي واحدة واحدة وتسيبني لأمواج الهوي توديني وتجبني علي كيفها. 


ما إن رأي غشاوة الدموع تلمع داخل تلك العيون ذات اللون السماوي حتي ردد وهو يتعمق نظرا داخلها:


_ متقلقيش مش هسيبك إنتي بقيتي قدري ،


ثم تذكر شيئا ما جعله ابتسم تلقائيا واسترسل حديثه بغمزة :


_ بس تصدقي وسط المعمعة اللي كنا فيها وكنا علي مشارف الموت إلا أنك نقطتي اسمي طالع من بين شفافيك بدون ألقاب وكأنه سيمفونيه رائعة معزوفة بأجمل الألحان .


كان يداعب روحها المنهكة بتلك الكلمات التي انطلقت من فمه مقصودة وكأن مشارف الإعتراف بالعشق الجارف اقتربت .


_________________________________


لم تنتهي تلك الليلة العاصفة بأرواح أبطالنا بعد ولنسرح بعالمنا الي أن نصل إلي صاحبة الوجع المماثل لوجعهم جميعا ،


في منزل باهر الجمال حيث مازالت تلك المحاكمة مرفوعة علي تلك المسكينة ريم ،


وكادت أن تخرج إلا أنه نزل علي مسامعها بكلمات متتالية جعلتها فتحت أعينها علي وسعها من الصدمة وعادت إلى الداخل مرة أخري هاتفا ذالك الزاهر بتهديد :


_ طيب اعملي حسابك ان اللي انا قلت لك عليها هيتنفذ كتب كتابي عليكي هيبقي بعد انتهاء عدتك مش هتخرجي بره حيطان البيت ده يا اما ما لكيش ولا جنيه عندي ولاد اخويا هاخدهم منك وهرفع عليكي قضيه ان انتي السبب في موت ابوهم وهشردك في المحاكم وهاخد منك حضانة الاولاد وهبقى الواصي عليهم ويانا يا انتي يا الزمن طويل .


لو امراه غيرها وفي موقفها استمعت الى تلك التهديدات لهوى قلبها بين قدميها رعبا من تهديدات مكشوف الوجه ذاك ،

ولكن هذه ريم التي تحدث الشاعر احمد شوقي عنها وعن خوضه الحروب لاجلها في بيت الشعر المشهور في ديوانه "نهج البردة "والذي بدأه بالغزل لمحبوبته ريم ثم انتقل في نفس القصيدة التي تصل أبياتها إلي مائة وتسعين بيتا  

إلي مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وتلك عادة الشعراء في ذالك العصر ،


ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ

أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ

رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً

يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ

لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً

يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي

جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي

جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ .


فريم الذي وصفها الشاعر هنا في تلك الأبيات ك ريم الجمال فهي تظهر بوجه بريء مبتعد عن اي مشاكل يكفي خيره شره دائما لكن اذا اقترب احدا من أمانها ومأمنها ستسن السيوف وتقف كأقوى المحاربين مدافعه عن كينونتها ولم تخشى في حقها لومة لائم أبداً ورفعت قامتها وردت بكل شموخ وكبرياء :


_والله انت مفكر اني تهديدك ده هياثر فيا ولا هيهز لي شعره واحده من راسي انا ريم المالكي اللي تشم ايديها تشبع مش حبه فلوس هم اللي هيقعدوني في عصمة جبروت زيك حتى لو كانوا ورث ولادي ومن حقي امسك فيه بايدي واسناني لكن لو هيتعارض مع عبوديتي معاكم هنا ويخليني ابدل باهر الجمال بيك يبقى بتحلم .


اندلعت ثورات الشر من كلامها داخله وليس فقط من الكلام بل من قوتها والتي يراها لأول مره منذ ان وطأت قدميها هذا البيت لم يعهدها الا بريئة مسالمة ولكن اليوم عهدها شرسة قوية ولكن لم يستسلم فالحرب ابتدت والبقاء للأقوى ولن ينسى موت اخيه قهرا على يدها وردد وهو يقترب منها ويقف امامها وينظر لوجهها بعيون حاده مرددا :


_قابلي بقى واستعدي علشان هخليكي تيجي ركعه وتطلبي السماح على اللي هعمله فيكي يا بنت ابوكي .


لا تنكر أنها انتفض داخلها وارتعب كيانها ولكن سرعان ماتمالكت من حالها وتحدثت بثبات بدا له أنها أكثر شراسة :


_لما نشوف هتاخد ولادي من حضني ازاي او هتقدر تيجي ناحيتي ازاي؟!


وبالنسبه للورث انا مش فقيرة ولا قليلة اني اقدر اعيش ولادي في مستوى طول عمرهم متعودين عليه لكن برده حق اولادي مش هسيبه لك وحط في بالك الجواز مش هتجوزك لو انطبقت السمع على الارض وولادي خط احمر .


قبضت والدة زوجها علي معصمها بقوة وعنفتها بصوتها المملؤ بالجبروت:


_انتي ايه يا بت القوة اللي فيكي دي، ده اللي اختشوا ماتوا صحيح وصدق المثل اللي قال تقتل القتيل وتمشي في جنازته ،


احنا بقى نجيب ابوكي اللي رباكي ونعرفه إزاي تردي على اهل البيت اللي عايشه في حماهم ونعرفه القصه وما فيها علشان يعرف الست هانم تربية البرنسيسة فريدة ودت ابني لفين بجبروتها ومش بس هم اللي يعرفوا ده اسكندرية بحالها كمان وتبقى بقى هيصة ونلم اللمة تتفرج على اللي قتلت جوزها ،


ولا تجيبيها من قصيرها احسن ومتجرسيش نفسك وولادك إللي هيكبروا والكل بيردد ان امهم كانت السبب في موت ابوهم ،


واستطردت تمدد ملامحها بضحكة هادئة ثم همست في مسامعها بصوت هدر :


_ علشان مش هسيب ولاد ابني يخرجوا برة البيت ده ولا يتربوا بعيد عن حضني .


انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع تلك السيدة التي لاتختلف شراسة عن ابنها وهدأت من روعها حين جال الخوف وصال داخلها من الفضيحة التي سيضعونها داخلها وسحبت حالها وصعدت إلي الأعلي صافعة الباب خلفها بملامح وجه مكفهرة ومرتعبة .


_________________________________


في إيطاليا وبالتحديد في مركز أشهر أطباء المسالك البولية حيث يجلس مالك الجوهري يحكي معاناة رحلة علاجه لذلك الطبيب حيث أشاد بتفصيل :


_انا اتجوزت تقريبا خمس سنين بالظبط وفي الخمس سنين دول ما حصلش حمل ولا مره وطليقتي كشفت ما لقيتش عندها اي عيوب نهائيا ولما انا رحت للدكتور بعد تقريبا سنتين قال لي ان العيب اللي عندي بسيط جدا ومع الوقت والعلاج البسيط هخلف طبيعي جدا ،


واستمريت علي العلاج لمدة ست شهور كاملين وبعدين رحت تاني اعمل متابعه مع الدكتور واللي استغرب جدا ان العلاج ما جابش نتيجه وان نتيجه اني اخلف بتضعف كل يوم عن اليوم اللي قبله ،


وغيرنا طريقه العلاج وكل ده موجود عند حضرتك في التقارير الطبيه دي اللي كل مره بتقرير شكل وبعلاج شكل لحد من سنتين بالظبط قال لي ان العلاج بدا يجيب نتيجه وان هو مستغرب جدا من حاله التغير اللامعقوله في حالتي ولما سمعت عن حضرتك كدكتور عالمي قلت اجي المركز هنا واقوم بالفحص الكامل علشان نعرف حالتي ماشيه ازاي بالظبط .


كان الطبيب يستمع اليه بتركيز شديد وردد باللغة العربية الفصحى:


_ لا تقلق سيد مالك سوف نقوم بالفحص الكامل على حالتك ونقوم بعمل التحاليل والاشعه اللازمة ،


وايضا سنقوم بعمل تحليل للجينات الخاصة منذ الولادة الى الآن ولدينا اجهزه حديثه جدا ستنفعنا وتبين لنا الغامض في مسألتك ولكن عليك ان تطمئن ولا تنزعج لأن اخر تقاريرك تفيد بأنك على مشارف الشفاء .


تنهد مالك بتعب بسبب ما المه في السنين الماضيه كرجل شرقي آسي من موضوع يمس رجولته أولاً ،


ويمنع عنه نوع من أنواع زينة الحياة الدنيا وهو البنون ثانياً ،


ولكنه دائما راضي بما قسمه الله له ،


وتحدث الي ذلك الطبيب بتساؤل:


_طيب نقدر نعمل تحاليل والاشعه دي النهارده على طول ولا لازم حاجات معينه اعملها الاول ؟


اجابه الدكتور بعمليه :


_الآن سأقوم بفحصك على جهاز الآشعه اولا ،


وبعدها نقرر ونحدد خطواتنا بالترتيب تمهل يا رجل ولا تتعجل .


وبالفعل فحصه الطبيب فحصا شاملاً وطمأنه على حاله وانتهت الزياره عند الطبيب بعد أن أملاه بعضا من التعليمات التي سيقوم بها ويأتي بعد أيام قليلة كي يقوم بعمل التحليلات التي تثلج صدره وتطمأنه علي حالته ،


خرج مالك من عند الطبيب شاعراً باطمئنان روحه قليلا ،


وانتوي الذهاب إلي مكان هادئ مفتوح يجلس فيه مع روحه لكي يعطيها قسطاً من السلام النفسي الذي غاب عن عالمه في تلك الأعوام الأخيرة ،


جلس يحدث حاله وهو ينظر إلي اللاشئ بروح منهكة يجوب عقله ذكريات الماضي الأليم الذي أهلك كيانه ولكن كلها إرادة الله فلنرضي ،


وردد بلسان حاله بتعجب :


_ عجيب أمرك تلك الدنيا ألست من حقي أن أعيش سلاما نفسياً دون معافرة !


ألست أنا ممن يشعرون بزينة الحياة دون جهاد وتعب ،


كف عقلي عن معاتبتي لحالي علي حالي واتركني ،


كف قلبي عن مشاركة قلبك في القسوة علي كلي ودعني ،


دعني كي أنهض لكي أعود إلى عهدي مأمنه وسأعيده بفضل ربي حتي لو حاربت ،

فالحرب لأجل أن أبقي سليما كلُّ السلامِ


وأثناء انشغاله بحديث نفسه استفاق علي صوت رنات هاتفه وإذا به يبتسم تلقائيا عندما رأي نقش اسمها علي شاشه الهاتف ،


اعتدل في جلسته وفورا قام بالرد بابتسامه:


_ يا اهلا جوليا هانم أخبارك ايه ؟


علي الجهة الأخري كانت تجلس علي مقعد مكتبها المدار للخلف وتضع سماعة الهاتف "الهاند فري" في أذنيها وتتحرك بالمقعد يمينا ويساراً مرددة بإجابة:


_ fine thanks , 


واسترسلت حديثها بتساؤل:


_ من ساعه ما اتقابلنا المرة إللي فاتت وانت مجتش علشان نتفق على شغلنا مع بعض ؟


أجابها بإبانة :


_ والله كان عندي كذا ميعاد هنا قلت أخلصهم وأنا موجود ،


واسترسل حديثه يبادر بعزيمتها علي الغداء:


_ ايه رأيك تحبي نتغدي مع بعض بكرة ولا مشغولة ؟


كانت تتراقص فرحا بداخلها لأجل عزيمته والتي كانت ستبادر بها قبله إلا أنه فاجأها بها وهتفت بموافقة:


_ شرف ليا طبعا يامالك بس سبني أختار أنا المكان إذا مكانش يضايقك يعني .


فرك في عينيه بإرهاق من تعب اليوم وأجابها بصدر رحب :


_ معنديش مانع طبعا يابرنسيس جوليا .


قال كلماته الأخيرة بنبرة إطرائية جعلتها تبتسم علي ذاك الوسيم الراقي في تعامله ،


والتي لاحظت رقيه منذ المرة الأولى لمقابلتهم معا .


تمددت علي كرسيها باسترخاء أكثر وتابعت حديثها الذي ألفه قلبها كثيرا وأنهته بامتنان:


_ بجد إنت لطيف جداً يامالك وراقي في معاملتك ،


واسترسلت حديثها بتأكيد :


_ هبعتلك اللوكيشن للمكان وهستناك بكرة بإذن الله.


Good night Malek


انتهي الحديث بينهم فحقا كانت جوليا مستمتعه جداً بالحديث معه .


_______________________________


انقضت تلك الليلة الأليمة علي الجميع حيث باتت ريم ليلها دون أن تنام بسلام ،


وباتت راندا ليلة ميلاد جرحها بدموع وآلام ،


وبات مالك ليلته وهو يفكر في حياته وعن ماينتظره بصبر واستسلام ،


أما عن رحيم فقد أخذ مريم معه الي منزله بعد أن حادث والده أن معه ضيفاً سيأتي إلي منزلهم فليستعدوا للقائة ،


وصل رحيم أخيراً إلي المنزل ومريم تمشي بجانبه خجلاً من الموقف ولكن ماذا عساها أن تفعل ،

هي تاركة حالها بيد القدر وليفعل مايفعل بها من تخبطات فرب الكون الذي خلقها لن ينساها ،


فدائما تردد قول الله تعالى " لقد خلقنا الإنسان في كبد" لكي تشعر نفسها دائما انها في امان في وجود خالقها دائما وابدا ،


صعدوا درجات السلم المعدودة وهو يحسها بأعينه على الصعود بأمان فنظرة عينه كفيلة ان تهدئ قلبها من الخجل ،


ضغط على زر الجرس قبل ان يضع المفتاح في الباب لكي ينبههم ان يستعدوا لقدومه وضيفه ،


دخل واشار بيده إليها ان تتقدمه دخلت وهي تومي بعينيها ارضا وهي تلقي السلام خجلا ،


اجابوا سلامها بكل ابتسامه يتبعها استغراب ،


بعد ساعه تقريبا من حديثهم مع بعض الذي قصه عليهم رحيم منذ بدايه المشكله الخاصه بمريم الى نهايتها فتحدث ذلك الخلوق جميل :


_شوف يا ابني احنا مش هنتكلم في اي حاجه دلوقتي علشان هي باين عليها الارهاق والتعب الشديد وباين كمان ان مشكلتها كبيره جدا لكن بأمر الله يا بنتي ربنا هيقف جنبك وما تقلقيش وطالما جيتي بيت جميل واحتميتي فيه من شر الدنيا هيكون ليكي حصن امين علشان البيت ده ما تعودش يرد السائل ابدا وانت قصدتيه في أمانك وهو مش هيردك أبداً ،


ثم وجه كلامه الى رحيم قائلا له :


_علشان تبقى على راحتها يا ابني وديها المضيفه اللي انا عاملها لاخواتك البنات لما يجوا هما وأجوازهم عشان يبقوا على راحتهم،


واسترسل حديثه وهو ينظر الى مريم بحنو :


_تعرفي ان الفرق ما بين اسم بنتي واسمك حرف الميم بس يعني لو كان عندي بنت تالته كنت هسميها على اسمك يا قمر انتي ،


عايزك تعتبري البيت بيتك وعايزك تروحي تنامي وتقضي ليلتك الآمنه في هدوء علشان خاطر نفكر هنحل مشكلتك دي ازاي وما تقلقيش رب الخير لا ياتي الا بالخير .

الفصل الحادي عشر من هنا


تعليقات



×