رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الثاني عشر بقلم رحاب ابراهيم
منذ آخر لقاء بينهم وهي تأتي للنادي وتتلفت حولها حتى تلمحه بأي مكان ولكن لم يكن له أثر ...دلفت للمافيتريا الذي تعمدت أن تدخلها اليوم رغم أنها تناولت فطورها قبل أن تخرج من المنزل صباحا ولكن لأول مرة قلبها من يقودها لرؤيته ....وضع النادل المشروب أمامها وبعض الاطعمة السريعة حتى نظرت للطعام في مقت وبدأت تتناوله ببطء وعيناها على الباب تراقب من يدخل المكان ....
ما حصدت غير اضطراب معدتها من الطعام الزائد وبدأت تتناول المشروب عقب انهاء الطعام وهي تترقب في صمت ...بدأت تشعر بالضيق من نفسها فهذا شعور جديد تماما عليها ومع من ؟! ... مع آخر رجل يجب أن تشعر به هكذا !.. نعتت نفسها بالحمقاء وهي تضع الفنجان من يدها بعصبية وحملت حقيبتها ونهضت حتى تخرج من المكان ولكن توقفت عندما ظهر أمامها فجأة بابتسامته المعهودة ويبدو أنه كان يراقبها هو أيضا ....ارتبكت من نظرته التي تدل على ادراكه بما يقلقها وزدا بعيناها العصبية وهي تنظر له حتى قال فجأة :-
_ ياسمين انا بحبك
جف ريقها واتسعت عيناها بذهول ولم تستطع كبح سعادة غامضة ركضت بالشريان الذي يمد القلب حتى داعبه بسعادة حتى تمايل القلب محلقا .....غمغمت ببطء ينتابه الذهول :-
_ بت..بتحبني !
هز رأسه بتأكيد وقال مالك بقوة :-
_ عارف أنك هتستغربي ، بس انا أول مرة احس كدا وماحبتش اخبي عنك ، انا ماكنتش مختفي على فكرة ، انا كنت براقبك من بعيد زي مانتي كنت مرقباني وبتدوري عليا ...انا متأكد من ده
فجأة ظهر على قسماته وجه ابيها وهو يعاتبها على ما فعلت واعترفت أن عقلها من يُخيل ذلك لها ..فهل عقلها عدوا أم حبيب ؟ .....لمعت دمعة متألمة فهي تبادله الشعور ولكن لا أمل لذلك الحب ولابد أن تنهي هذا الأمر الآن حتى لو بالكذب....تظاهرت بالغضب وهتفت به :-
_ وانا مش بحبك ولو سمحت ابعد عني ، وبعدين مين اللي قال أني بدور عليك ومراقباك ! ...انت موهوم !
قطبت ملامحه بحزن كبير ولكن عيناه تشك بحديثها ..قال بقوة :-
_ لأ مش وهم ، انتي اللي بتضحكي على نفسك ، انا شوفت كدا لما اعترفتلك بحبي دلوقتي ، شوفت عنيكي ..لا يمكن تكوني مابتحبنيش أو على الاقل معجبة بيا ...
بدأ بعض الأفراد في الكافيتريا ينتبهون لصوتهم حتى انتهت الحديث بهدوء غامض قد اخفت به الألم الذي تشعر به :-
_ بعد اذنك ..
تركته يقف وعلى وجهه علامات الحزن والغضب ولام نفسه على تسرعه في الاعتراف لها ولكن هو يعرف نفسه حق المعرفة فهو منذ أن رأها وقد وقع صريع الهوى الذي لا محال في نسيانه....
____________________________أذكروا الله
اجاب اسماعيل بشك بعد أن أخبره مصطفى ما يريد ، قال اسماعيل بتفكير :-
_ طب والضابط ده انت متأكد أنه هيساعدك ؟!
اجاب مصطفى وهو يتذكر حدة فهد مع ذلك المجرم وقال :-
_ بأذن الله
ترقب اسماعيل المكان حوله وقال :-
_ طب اخويا بايت عندي وهيمشي بعد شوية ويسافر ، هوصله واجري على القسم عشان كمان ممكن يكونوا مراقبين كل الجيران ...هو قالك بليل ..صح ؟
اجاب مصطفى باقتضاب وقال :-
_ حاول يا اسماعيل تروح دلوقتي ، خلينا نخلص منه ، انا ما اعرفش ايه اللي هيحصل بعد ساعة ...لو ينفع اسيبهم هنا كنت مشيت لكن ماينفعش اسيب مراتي وولادي لوحدهم وامشي. ..
رد اسماعيل بقوة :-
_ هروح دلوقتي ماشي ، هستأذن من اخويا واروح هوا
ربت مصطفى على كتفه بأمتنان حتى ابتعد اسماعيل مثلما اتى ....
_________________________استغفرك ربي وأتوب إليك
في قسم الشرطة ....
مهمة جديدة قد اخفاها عن الجميع مثلما جرت العادة دائما ، أخذ عطلة للسفر بشكل ظاهري حتى يشتت انتباه الجواسيس ، قلب سلاحه بين يديه وهو يبثه التوعد بالقبض على هولاء الأوغاد الذي حمل مهمة القبض عليهم على عاتقه وبشكل سري لا يعلمه سوى رئيسه الذي كلفه بالمهمة فقط ....
دلف خالد إلى المكتب وتصهر ملامحه التعجب وقال :-
_ أنا مش عارف أنت مصمم تلاقي عنوان البت اياها ليه ؟
انا مش لاقي خيط واحد يوصلني لعنوانها !
وضع فهد سلاحه بجانبه واغلق معطفه الأسود الشتوي ثم نظر لخالد ولم يبذل جهد في اختباء لهفته فخالد كان صديقه دائما ويثق به ...هتف بحدة :-
_ لازم الاقيها ياخالد ...لازم
تساءل خالد باستغراب وقال :-
_انا مش شايف ليها تهمة ! ، وانت خدت حقك لما بيتها ليلة في القسم من غير ما تعمل حاجة يا فهد ، ده مش اسلوبك غير مع المجرمين بس والبت دي مظلومة !....
صمت فهد لبرهة ثم توجه للباب دون أن يجيب خالد على سؤاله ....
راقبه إسلام وهو يخرج حتى ابتعد في زاوية خالية بالمكان واتصل برقم حداد ...قال :-
_ هو طلع ، بس مش عارف هو رايح فين بالضبط ، على العملية بتاعتنا ولا البت اللي اسمها فاطمة ... ولا فعلا هيسافر في مهمة في الأقصر
اجاب حداد بقلق ثم قال :-
_ انا عملت اللي قولتلي عليه يا باشا ، بس مش معقول هيسيب شغله ويروح عشان حتت بت يادوبك بتوصله اخبار !
كشر إسلام قليلا وقال بشك :-
_ لأ ، البت دي معلقة مع فهد ، انا متأكد من ده ، ده كان بيدخل يضربك كل شوية وبيحذرك لو قريبتلها تاني ، ولا مش فاكر !...
زم حداد شفتيه وهو يتذكر تلك اللكمات الشرسة الذي تلقاها بعنف وتحذير ...حتى اجاب بغيظ وشر :-
_ ودي حاجة تتنسى يا باشا ، بس مش عارف ايه اللي هيحصل ، انا خايف الاقيه قدامي فجأة ...ده مجنون ولو شافني تاني ممكن يقتلني
قهقه إسلام وقال :-
_ مش عارف اقولك ايه بصراحة ، انا متأكد أنه هو اللي خد المهمة دي وخصوصا بعد الاخبار اللي قالهاله مرزوق قبل ما يموت ، فهد هو أكتر ضابط فينا بيروح الكماين ... ومش داخل دماغي أنه مسافر ...
انكشف القلق بنبرة حداد وهو يجيب بخوف :-
_ كدا هتقلقني يا باشا
ابتسم إسلام في شر وحقد ثم قال :-
_ لو ساب مهمته هتبقى كارثة كبيرة ليه ومش بعيد يترفد فيها وياريت يعملها ، كدا هيبقى قضى على مستقبله والصفقة بتاعتنا هتمشي بردو ، ولو فضل هناك انا موصي رجالتي ...هينهوه ...ماتخافش يا حداد هو في جميع الاحوال مش هيوصلك ....
تساءل حداد في قلق مرة أخرى :-
_ طب أفرض الخبر ما وصلهوش ؟
اجاب حداد بنفاذ صبر وقال :-
_ هو بيدور على البت اللي اسمها فاطمة دي ، وانا هبعت حد يوصل الخبر لخالد وخالد مستحيل ما يقولش لفهد حاجة ...اكيد هيتصل بيه فورا ، فهد مش هيسيب حد يروح غيره انا متأكد ..ده عنيد
صمت حداد ولم يقل الخوف والقلق بداخله ولم يشأ أن يكثر الاسئلة أكثر من ذلك ....
انتهى الاتصال وذهب حداد ليبتاع شيء من الخارج ،وبما أن كل فرد يبحث عن إفادته الشخصية فلما لا يلحث هو الآخر ويستفيد ....وبما أنه اعلن زفافه على تلك الفاطمة اليوم فليكن هذا الزفاف ...حقيقي !
___________________________صلّ على الحبيب
وقفت سيارة آدم على باب كبير أمامه غرفة زجاجية لحجز التذاكر لمشاهدة الافلام السينمائية ....حجز آدم مقعدين بالداخل لأحد الافلام الحديثة ذات الطابع الرومانسي وعاد لمريم التي كانت تتكئ على السيارة في انتظاره ...أخذها من يدها للداخل بملامح وجهه المرحة .....
جلست مريم وشعرت بالدفء بمجرد أن دلفت للقاعة بالداخل وأتى آدم ليجلس بجانبها وبيده علبتين صغيرتان من الفوشار وذلك للتسلية أثناء المشاهدة ....
ابتسمت له وأخذت أحداهم ..قالت :-
_ ميرسي أوووي
اجابها ببسمة من عيناه ثم قال وهو يشير للشاشة الكبيرة :-
_ الفيلم هيبدأ
انتبهت مريم ببسمة حالمة وهي تستمع لموسيقى البدء الذي زادها الظلام حولها نوعا من الدفء ووخز المشاعر الناعمة في قلبها ....
بعد مضي الوقت حتى مر أكثر من منتصف الوقت
توقفت مريم عن أكل الفوشار عندما هز البطل كتفي البطلة في عنف وقال نص حواري وكان :-
_ مش عارف أقولك إيه ، حاسس أن أي كلام هقوله مش هيبين اللي جوايا ، انتي ما تعرفيش أنا حاسس بإيه ..
حاولت البطلة التملص منه بضيق حتى هتفت به بدموع :-
_ انت عمرك ما قولت حاجة ، دايما كان المطلوب مني أني افهم انك بتحبني ، المطلوب مني ارضى بكدا ! ، لكن انا انسانة محتاجة كلمة حلوة اسمعها ، حاجات كتير نفسي فيها وانت اللي مش حاسس ، ودلوقتي لما جيت أمشي عايز تتكلم !! .....تعرف أن أي كلام دلوقتي هيخليني أكرهك أكتر ...في وقت بيجي علينا بنكره فيه احلامنا اللي كنا بنتمناها في يوم ، انت خلتني اكره نفسي اللي حبتك
بلعت مريم ريقها بصعوبة وقد اخترقت الكلمات شيء حائر بداخلها ، شيء يريد حقيقة ما يفكر من يجلس بجانبها يشاهد بصمت ، يبدو أنه يشاهد فقط ، ليس مثلها وخزته الكلمات ....
لم تدري أن قلبه أرتجف من الخوف ، تاه بفكره وأمامه المشهد تتراقص وهو لا يراها ، وتمر بشكل سريع دون أن تتركز بعقله ...شتت افكاره هذه الكلمات ، اذا كانت كل انثى تفكر هكذا فلن يفيد طريقه الذي أثثه ، لن تتقبل أنثاه الانتظار ، فما من شيء يجعل الانثى تتحدى العالم من اجل من احبت أكثر من الكلمات الرقيقة على مسامعها ، كلمات العشق التي تبثها عين آدم لحواء ....ماذا يفعل ؟
بقلم رحاب إبراهيم
رجعت بظهرها في استرخاء وتفكير لظهر المقعد ثم فردت ذراعيها على ذراع المقعد وانتبه آدم لتنهيدتها العميقة مما ايقن أن تفكيره في محله وشحب وجهه فجأة من الخوف الذي سرى بداخله ، فخوفه من فقدها يعادل خوفه من الاستمرار معها وتتعذب معه حتى شفائه من هذه العقدة ...
سبحت يداه ببطء حتى وضعها على يدها بدفء ، وتشابكت اناملهم بحميمية حتى التقت عيناهم في لحظات صامته ....كانت بعيناه خوف من الفقدان وهي خوف من الا يحبها وما يفعله مجرد شفقة بسبب سفر والديها ووصيتهم
عليها ....هناك سوء فهم كبير بينهم ولا احد فيهم مستعد للافصاح عما يجول بداخله ...كلا منهم يريد التأكد من الآخر حتى يصبح الاعتراف بدء السعادة وليس الشقاء ...
__________________________استغفرك ربي وأتوب إليك
عادت ياسمين إلى المنزل وحمدت ربها أن امها لم تكن بالمنزل ، فصباحا أخبرتها أنها ستقوم بزيارة عند شقيقها ، توجهت ياسمين لغرفتها مباشرة حتى ارتمت على الفراش لتكمل نوبة بكائها ثم قالت :-
_ ياريتني ما قربتلك ، ياريتني ما شوفتك ، انت بالذات ما تنفعش يا مالك ، ماينفعش
بقى من بين الناس كلها احب اللي ابوه دخل ابويا السجن !! ، مستحيل لأ ، اكيد ده مش حب ..لأ.
دفنت رأسها بالوسادة ولا تدري أن أعترافه وضعها على حقيقة مشاعرها ...انها تحبه ومنذ اللحظة الأولى ...
__________________________سبحان الله العظيم
دلف إلى شقته وبدأ يستعد للذهاب دون أن يلاحظ أحد من الجواسيس الذي يراقبوه طيلة الوقت ....وضع هاتفه بوضع الصامت وحفظه في جيب معطفه ثم خرج من باب آخر للشقة ويؤدي بشكل سري على ممر خلفي للعمارة السكنية ....
رفع ياقة معطفه على وجهه ثم دخل السيارة الذي تنتظره على بُعد خطوات من السكن ....
تمدد على المقعد الخلفي للسيارة بتخفي وأدار المحرك أحد أفراد الشرطة وابتعد من امام المبنى للبعيد ....
قال فهد لسائق السيارة :-
_ احنا مش هنروح هناك على طول ، هما اكيد عاملين حساب أي حد هيدخل المكان ده مجرد ما يوصلوا
رد الرجل بإستفسار :-
_ بس المكان ده يا حضرت الضابط مقطوع ومافيهوش اماكن نستخبى فيها غير اشجار على الطريق وشوية عربيات مكسرة تداري عليهم ....
اجاب فهد قائلا :-
_ هندخل المنطقة دي متخفيين وزي ما العربيات المكسرة دي بتداريهم ، هتدارينا احنا كمان ، لازم نوصل قبلهم ونكون مستعديين
__________________________لا حول ولا قوة إلا بالله
ضمة اليد استمر حتى انهاء الفيلم وخرجوا سويا يتبادلون النظرات المحبة الصامته ، لن تنسى هذا ابدا ، فمجرد ضمة انامله جعلها تنسى خوفها تماما بل وكأنه أعترف بالكلمة التي تتمنى أن تسمعها منه ....بكت السماء ببعض قطرات المطر النادية رغم ابتسامة الشمس بشعاع دافيء ولكن كغيوم وغدر طقس الشتاء المتلون ....فقد اضحى ضوء الشمس بعيدا وزاد بكاء السماء بقطرات متزايدة ....
بسطت مريم ذراعيها وكأنها تتلهف لعناق احدهم ،ولكن تلهفت لعناق المطر الحبيب ببسمة واسعة وراقبها آدم بعشق حتى نفذ وعدها عندما شاهد هطول المطر الذي تمنى هطوله أكثر كي يتخفوا خلف الغيمات الضبابية ويمرحون ولا ينظر إليها غيره ...
فاجأها وهو يحنلها بين ذراعيه ودار بها بابتسامته التي لأول مرة تراها بهذا الاتساع حتى هتف بضحكة عالية :-
_ ياااااا مجنوووون
توقف ببطء حتى اقترب رأسه من وجهها وقال :-
_ مجنون مجنون مش مهم ، المهم أنتي تفرحي
اتسعت ابتسامتها في سعادة وصرخت بضحكة مرة أخرى وهو يركض بها قليلا .....كطير يحلق في السماء تشعر ...
وما أرق من الحرية بعد التقيد ...الآن هما عاشق وعاشقة وينقصهم فقط إزاحة الكبرياء قليلا ...فهما زوجان وما من ثمة خطأ في اقترابه منها بهذا الشكل ...
وقف وانزلها من بين يديه برفق ولم تفارق عيناه وجهها حتى قالت بمشاكسة :-
_ تعرف انا نفسي في ايه ؟
في أيس كريم (ماتقولي چيلاتي ياختي زي مخاليق ربنا 😒)
عقد حاجبيه متظاهرا بالضيق ثم قال :-
_ اخاف تتعبي
هزت رأسها نفيا حتى نظر حوله باحثا عن شيء وأشار لها بمرح ....ابتسمت مريم بسعادة وهي تراه يلبي لها كل ما تريد ونظرت له بعدم تصديق ...هل هذا آدم ؟ ما الذي يدفعه لإرضائها بهذا الشكل ؟ .....حملها مرة أخرى وتوجه إلى المحل الذي يبعد عنهم خطوات ليست بقليلة ...انزلها بالقرب وأشار لها بالانتظار ...(هاتلي چيلاتي معاك 😒😥)
خرج سريعا وبيده ما أرادت ...حتى أخذته منه بلهفة وبدأت تتذوقه بتلذذ ....قربت قالب الايس كريم منه وقالت :-
_ خد كل معايا بما أن ماجبتش لنفسك
أخذ منه وهو بنظر لها بمكر ثم قال :-
_ ماكنتش بحبه اصلا ، بس دلوقتي ...
اقترب لأذناها بهمس :-
_ دلوقتي بموووت فيه
ابتسمت بخجل وهي تتهرب بعيناها لجهة أخرى وعندما ابتعد مرة أخرى تصنعت التذوق مجددا كي لا يكشف اضطرابها ....
__________________________صلّ على الحبيب
كانت تبكي بصمت ولم تتحرك من مكانها على الارض ولم يتغير المشهد كثيرا سوى دخول مصطفى للحجرة من جديد ...وبعد قليل أتى حداد مجددا والقى عليها فستان الزفاف الذي اشتراه خصيصا لها وقال بنظرة ماكرة تتفحصها بعناية :-
_ فستانك اهو يا عروسة ، عشان ما تقوليش حرمتك من حاجة ، جواز وهنتجوز وفرح وهعملك ليلة ما تحلميش بيها يابت مصطفى الطبال ، طب والله يا مصطفى انت اللي هتحيي فرح بنتك ...
صمت مصطفى وضج القلق بداخله ولم يكترث لحديث هذا السفيه حتى خرج حداد بنظرة شامته ومنتصرة...
بكت فاطمة بصوت عالٍ وبدأت تندب حظها الذي اوقعها بيد هذا المجرم ...ولم يخفى عن فكرها فهد ....تمنت أن يلحث عنها مثلما كان يفعل ، تمنت أن ينقذها من براثن هذا المجرم ، تمنت أن ينقذ قلبها الذي دون أن تشعر ....احبه !
بكت أكثر وأكثر ولأول مرة تشعر بهذا الضعف الذي يقيدها هكذا ....ربتت الأم عليها ولم تتفوه بحرف ..فماذا ستقول وهي مقيدة الأيدِ ..وما باليد حيلة
*مرت عدة ساعات*
دخل اسماعيل القسم لاهثا وبحث عن الضابط فهد ولرأفت القدر فقد وقع بحثه مع الضابط خالد ..صديق فهد حتى قال خالد باستفسار :-
_ عايزه ليه ؟
شعر اسماعيل بالحيرة فماذا يجب أن يفعل ؟ ...
طرح خالد عليه السؤال مرارا وتكرارا حتى قال :-
_ طب انت بتقول أنك عايزه في مسألة حياة أو موت وانا ممكن اتصلك بيه بس لو عرفت في ايه بالضبط ..
قرر اسماعيل قول الحقيقية وبدأ في الشرح حتى اطرف خالد بعيناه قائلا بذهول :-
_ حداد وفاطمة !! ....طب استنى
أخرج خالد هاتفه وبدأ يجري اتصال على رقم فهد ولكن لم يجيب الآخر فحيث أنه كان مشغول بالتنكر حتى الاختفاء بين السيارات والاستعداد الكامل للكامين .....
لم يلاحظ فهد الهاتف الذي جعله صامت منذ ساعات بلا حتى اهتزاز .....اجرى خالد عدةىاتصالات ولكن بدون فائدة .....
قال اسماعيل بقلق :-
_ طب هنعمل ايه يا حضرت الضابط
زم خالد شفتيه بضيق فهو كان على وشك أن يستعد ليذهب لأحد الاقسام الأخرى حتى صدم بإسماعيل ....
قال خالد بتفكير :-
_ انا قدامي ساعة والمفروض امشي من هنا ، ومش جريمة عشان اقبض على حداد بيها ، بس لازم فهد يعرف هو اللي هيقدر يتصرف .....
ادخل خالد اسماعيل مكتبه ثم صمت لفترة يفكر وبعدها
رفع الهاتف ليحاول مرة أخرى وتمنى أن يجيبه فهد هذه المرة....وقد أخرج فهد هاتفه منذ فترة ولاحظ عدد المكالمات الفائتة وزفر بنفاذ صبر فلم يكن متسع من الوقت حتى يجيب ...
وعند المغيب وقد بدأ قرص الشمس يلوح بغموض ووداع ، ويخفي الذين تربصوا في النواحي في مهمة عمل سرية تترصد لبعض رجال مافيا السلاح ، لأستلام شحنة اسلحة مهربة للبلاد ...وتوحد ظلام الليل مع ردائه ، ولثام وجهه بإستثناء عيناه الزرقاء الذي طرحت ضوء ثاقب لأنعاكس ضوء القمر وضوء الشاحنات القريبة ...عيناه تخترق الوجوه لتسجيل ملامحها حتى اضاء هاتفه الصامت ، نظر له بضيق وأغلق المكالمة ليضيء الهاتف مرة أخرى برقم أحد زملائه المقربين حتى أجاب فهد متأففاً وكان على وشك الانفعال حتى قال زميله خالد :-
_ في حاجة ضروري يا فهد لازم تعرفها
كظم فهد غيظه ولم تتحرك عيناه على هؤلاء المجرمين الذي ينتظر وصول زعيمهم لتسليم الشواحن ، حتى قال من بين اسنانه :-
_ اقفل دلوقتي يا خالد
لم يخبر أحد عن مهامه وبالأخص أن كانت سرية ولا يعلم خالد أين هو بالتحديد حتى قال بحدة :-
_ البت اللي بتدور عليها ..لقيتها
كاد فهد أن يغلق الهاتف وهو يرى نور سيارة يأتي من البعيد ويبدو أن هدفه أقترب حتى تجمد من الصدمة وطرق قلبه بعنف وهو ينطق بلهفة صرخ بها القلب بجنون :-
_فاطمة ! ، فين ؟
أعطى خالد الهاتف للرجل الذي يقف بجواره حتى قال اسماعيل برجاء :-
_ مصطفى باعتني ليك يا فهد بيه ، حداد مهددهم بالقتل لو ما اتجوزش فاطمة بنت مصطفى ، وهيجيب المأذون النهاردة ويكتب عليها ...ومصطفى باعتني عشان مش عارف يخرج ويجيلك لأنهم محاوطين البيت ومراقبينه ، الحقهم ياباشا دول ناس غلابة وانت الوحيد اللي تقدر تعمل حاجة ...
ثارت عيناه الزرقاء حتى اصبحت كتلة مشتعلة لم تكن شيء مقارنةً بنيران قلبه الذي تلتهب به النيران المتفحمة واقسم أنه لو رأه الآن لخنقه بيده حتى الموت ولكن الأختيار الآن أصبح بين قلبه وواجبه ....من سيختار ؟
كاد ان يسحق اسنانه من الغضب حتى قال بصوت ينم عن عنف ينتظر الانطلاق :-
_ ابعت حد يا خالد ما يدخلش أي مأذون عند بيت فاطمة وحداد يفضل تحت المراقبة لحد ما اجيله بنفسي ، ساعة بالضبط واجيلك ...هتعرف تتصرف ولا اكلم حد غيرك ؟
نطق خالد بثقة :-
_ عيب عليك يا صاحبي ، انا هعمل اللي انت عايزه وهسيبلك بقية التورته ...انا عارف أن حداد نوى على خراب عشه ....
هز فهد رأسه ولم تغب عن عيناه تلك الوجوه أمامه وقال قبل أن يغلق الخط :-
_ لأ ، اللي بيحصل ده مقصود بس مش هنولهم الفرصة ومش هسيبهم ...ومش هسيب فاطمة ...
ضيق خالد عيناه بخبث معه بعض المرح ثم قال :-
_ طب الف مبروك مقدما
أغلق فهد الهاتف ثم قرر الهجوم الآن فما من وقت لديه وحتى أن وضعه هذا القرار في موضع الخطر ...خطر على حياته ...ولكن حياته الحقيقية هي من في خطر ولابد أن ينقذها .....