رواية أخباءت حبه الفصل الخامس عشر بقلم محمد ابو النجا
الساعه التاسعه مساءًا
جلس الحاج حسان في
صمت وأمامه إبراهيم ..
ذلك الشاب الذي قد تقدم
الى خطبة ساره...
قطع هذا الصمت الطويل
صوت الحج حسان يقول :
إبراهيم ....
أعلم أنك شاب ناجح ...
وطموح ...
وبلا شك تتمناك أي فتاه
ولكن للأسف ...
ساره ليست لك ....
كنت أتمنى أن تكون يومًا
زوجها ...
أنت بالفعل شابًا رائع ...
ولكنه النصيب..
والقضاء والقدر ..
إبراهيم في حزن واضح
على ملامحه وصوته :
هل يمكنني معرفة سبب
رفض ساره ...؟
او رفضكم لزواجي منها ...؟
ينفي الحاج حسان بيده
قائلاً : أنا لم ارفضك...
ولم ترفضك ساره أيضًا...
ولكن ...ولكن....أع....
وعاده للصمت مره أخرى ..
ليقول له إبراهيم :
حاج حسان...
أنا لا أعترض على رفضكم...
ولكن أريد أن أعرف السبب....!
هل فعلت شيء..!
هل هناك شيء ...؟
يعتدل الحاج حسان من
مقعده ويغلق الباب عليهم
ثم يقترب ويلتصق يجلس
الى جواره ويقول في
همس : سأخبرك السبب ...
ولكن عليك ان تعدنى....
بأن يبقى حديثنا ...سرًا ...
بيننا ....
إبراهيم في حيره وتعجب
شديد : أعدك ...أعدك بذلك ..
ولكن أخبرني ...
ماذا هناك ...؟
أشعر بأن هناك شيء
تخفيه...!
هز الحاج حسان رأسه :
بالفعل ..
هناك شيء لا يعرفه أحد
غيرى...
ولكن سأخبرك به ...
لكي تعلم بأن سبب رفضك
للزواج خارج نطاق قدرتي...
وعادت عيناه تتراقص
بالدموع وهو يقول :
ساره مريضه ...
اتسعت أعين إبراهيم في
صدمه حاده ...
وهو يقول في قلق كبير
ويردد : مريضه...!
أومأ الحاج حسان برأسه
وقال : نعم.. مريضه...
ولديها كسور في وظائف
القلب ...
وللأسف المرض في مرحله
متاخره...
وربما لن تعيش أكثر ...
اكثر ...من....
وعاده الحاج حسان في
التعلثم ثم قال : أكثر
من عام ...
لن تعيش اكثر من...
وعادت دموعه تتساقط ببطء
ومعها يعتصر قلب ابراهيم
حزنًا وهو يقول : مستحيل..!
ما اسمعه مستحيل...!
ينفي حسان برأسه :
هذا ما حدث ...
أنا راضى ومؤمن بقضاء الله
ولكن ساره الى الآن لم تعرف...
ولا أستطيع أن أخبرها ...
أو أخبر أحداً في البيت
بذلك السر...
ولكني أخبرتك أنت ...
لكي لا تغضب مني يومًا ..
أو تقول في سرك سوءًا
عني...
وعليك أن تسامحني...
وتغفر لي وتدعو لي ولها
بالرحمه وبالشفاء....
إبراهيم في صوت قوي
وحازم : لابد بأن هناك
ما...!
خطأ كبير...
عليك أن تذهب بها لطبيب
آخر ... وآخر ...
حتى لو اضطر الأمر لأن
تخرج بها الى دوله أخرى
لكي يكون هناك أمل ...
لا تخبرني بإستسلام بأن
ساره ستموت...
أنا بالفعل حزين من
أجلها ..
بل أنا كنت أتمناها زوجه لي...
ولا أكذب إن قلت أني أحببتها...
تتسع أعين حسان في تعجب
وهو يتطلع الى عين إبراهيم
التي تراقصت بها الدموع
وقال بحماس شديد وهو يشير
له بسبابته : أسمع ...
عليك أن تحضر لي كل أوراق
وتحاليل واشاعات المستشفى..
وأنا سأفعل المستحيل
من أجل الوصول إلى نتيجه
اخرى..
غير التي تقولها...
وإن شاء الله سيكون هناك
أمل قادم ...
ويخفق مع نهاية حروف جملته
قلب حسان وهو يقول :
هل تعتقد ذلك ...؟
إبراهيم في حماس واضح
إن شاء الله الأمل كبير...
حسان في حزن :
ولكن ...ولكن...
عقد إبراهيم حاجباه في
حيره : يبدو بأن هناك شىء
آخر تود أن تخبرني به ...
أليس كذلك ...؟
يضع حسان رأسه ارضًا في
حزن قائلاً :نعم...
بالفعل هناك أمر آخر لا أستطيع
أن أخبرك به ...
ابراهيم في تعجب شديد
عليك أن تكون صريحًا معي
في كل شيء...
يضع حسان رأسه ارضًا
وهو يقول بصوت خافت
: قلب ساره متعلق برجل
آخر غيرك ...
يتراجع إبراهيم في صدمه
وهو يقول في حزن شديد
: رجل غيري في حياتها...!
أومأ حسان برأسه : نعم..
للأسف ساره تحب رجل
غيرك ..
ومن قبلك...
ولا أعلم لماذا هي متمسكه
بحبها له بعد كل ما حدث..!
إبراهيم في شغف لسماع
حديث حسان يساله :
وماذا حدث ...؟
يتنهد حسان ثم قال :
لقد أحترق ...
احترق بالكامل...
اصبح جسده ووجهه مشوه...
لا تستطيع حتى النظر إليه ..
وما زاد الأمر سوء..
هو إصابته بالعمى..
هل تتخيل رغم كل ذلك
ما زالت تحبه...!
يشعر إبراهيم بأن الدنيا قد
أظلمت فجأة مع كلمات
الحاج حسان الذي قال
بهدوء : هل مازلت ترغب
في مساعدتي لإنقاذ ساره ..؟
هزه إبراهيم رأسه إيجابيًا
في حماس : نعم...
أنا لن أتخلى عنها ...
حتى وإن كان قلبها متعلقًا
برجل غيرى...
لقد أحببت ساره ...
وسأبقى الى جوارها..
وسأفعل كل ما في وسعي
من أجل إنقاذها ومهما
كان الثمن سأدفعه...
حتى تعيش...
لقد أحترمتها أكثر وزادت قيمتها
فى عينى لتمسكها بحبيبها
رغم كل ما مر به ..
أننى أحسده على حبها له...
وشعر حسان بأنه قد
اكتشف وجه آخر خلف وجه
ذلك الشاب الذي يراه ...
وجه رجل بحق ...
يستحق كل الأحترام
والتقدير...
*******
(ما تقوليه مستحيل..!)
نطقت رحاب جملتها أمام
ساره التي جاءت لزيارتها
داخل المستشفى...
وهى تروى عليها كل ما
حدث ...
تلامس رحاب طرف ذقنها
بأصابعها وهي تقول :
بالفعل كل ما تقوليه غريب...
وغير منطقي...
ابوك يتغير ويتبدل أسلوبه
ولهجته فجأة...!
ويطلب أن يزوجك من محمود
الذي كان يرفضه ...؟
في تلك السرعه . !
دون أي سبب واضح...!
إنه لشيء عجيب وغريب..
لابد بالفعل بأن هناك سر ...!
ولكن أي سر الذي يفعل به
هذا..!
أكاد أن أشعر بالجنون
من شده التفكير...
تتنهد ساره :
والاكثر من كل هذا ...
هي تلك الورقه...
ومدت إلىها ساره بورقه ...
جذبتها رحاب وهي تعقد
حاجبيها في حيره قائله :
وما تلك الورقه ايضًا ...؟
تبدأ ساره تقص عليها
قصتها...
عندما كانت تحب محمود
في صمت ...
وتضع له كل يوم أسفل
باب ورشته ورقه مكتوب
عليها أحبك ...
أحبك فقط...
تتراجع رحاب في صدمه
واضحه على ملامحها
وهي تقول :
هذا امر مستحيل..؟
أنا لا اصدق...!
وما تفسير هذا ايضًا..؟
مطت ساره شفتيها
وقالت : لست ادري ...!
لقد أصبت بالجنون ...
هذا السر لم يعرفه غيري ..
رحاب في تعجب شديد :
لو وضعنا بعض الإحتمالات
لقلنا بأن من يفعل ذلك
هو شخص قد رآك..
ويعرف قصتك ...
ويحاول تقليد أسلوبك..
أو ابتزازك ....
أو أنه شخص بالفعل قريب
منك ...
ويحبك ...
أو أنه شخص لا يريد
إلا السخريه منك..
ويتلاعب بك...
تنفي ساره وتشيح بيديها
بقوه : لا... لا أعتقد هذا...
لقد كنت متأكده بأن ليس
هناك أحد يراني ...
لقد كنت حذره للغاية...
رحاب : ولكن تلك الورقه
تدل بأن هناك من يعرف
سرك ...
ويتلاعب بك ...
ساره : أو حدثت صدفه ..
تنفي رحاب في حيره : لا..
لا أعتقد ذلك ..
أي صدفه تلك التي تطابق نفس طريقتك ...وفكرتك في
الإعلان عن مشاعرك ...!
وحبك... لمحمود..!
أنا متأكدة بأن هناك شخص ما
يعرف قصتك...
أو أنه بالفعل يحبك..
ويريد إستعمال نفس الطريقه
في وصول مشاعره لك...
تتسع أعين ساره في تعجب
: هل تعتقدي ذلك..؟
تغمغم رحاب :
هذا أقرب الى التحليل
المنطقي.
ثم تأخذ أنفاسها قائله :
هل هناك أخبار جديده
عن محمود ...؟
تنفي رحاب : لا...
ولكن حالته في تحسن
كبير ...
وربما يخرج في وقت
قريب جدًا ...
لقد جاءت أخته في
صباح اليوم لزيارته ...
وجلست معه أكثر من
ساعتين...
كان من الواضح على
ملامحها الحزن الشديد...
وكانت تبكي فى نحيب
من أجله ...
الغريب بأنه لا يأت أحد لزيارته
منذ أن جاء إلى هنا ..
لا صديق أو قريب...!
يبدو أن محمود هذا
مقطوع من شجره كما يقولون...
تميل ساره نحوها وهي تقول
بلهجه ناعمه تحمل مشاعر الحب والشوق : أريد رؤيته..
تبتسم رحاب وهي تلامس
أصابعها وتجذبها برفق
منها قائله : لا أدري كيف
أحببتك بتلك السرعه..!
أيتها الفتاه الجميله ...
تبادلها ساره الإبتسامه وتسير
معها عبر طرقه ممتده طويله
نحو حجره محمود..
إلى أن وصل الى أعتابها
وهناك تتراجع ساره ورحاب
في صدمه عارمه..
صدمه لا يتخيلها أحد ..
فقد كان هناك داخل الحجره
رجل ضخم الجثة..
يمسك بسكين حاد لامع ..
ويرفعه ويهوى به على
قلب محمود ليقتله...
وكان الموت محقق..
لا محال لحبيبها