رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم رحاب ابراهيم


 رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الواحد والعشرون بقلم رحاب ابراهيم 

كانت ترتجف من البكاء على صدره العريض حتى ابتعدت عنه وتبدلت نظرتها للغضب منه وصاحت به :-
_ ابويا اتقتل بسببك ...انت السبب 
ضيق فهد عيناه بتفاجئ واستقر الألم بمقلتيه وعيناه تقدح شررا ولم ينبث ببنت شفه حتى لكمته على صدره بقوتها وتتهمه :-
_ اللي قتله كان عايز ينتقم منك انت ...ماكنش يعرف ابويا اصلا !! ....مش ابويا اللي كان المفروض يموت ...
التمعت نظراته الما ثم قال وقد جف القرب الذي كاد أن يجعله يعترف لها ويهبط من هذا البرج العالي الذي يفترش به فراش قوته ....نظر بنظرة عميقة لعيناها وتحدث بنبرة حملت من الغضب الذي تخفى بالثبات :- 
_ حقك وحقك ابوكي هيرجعلك ...زي ماكنت السبب في اللي حصل ..يبقى الدين ده عليا ...وهاخده حتى لو على حساب حياتي ...يمكن ساعتها ترتاحي 
رماها بنظرة غريبة قبل أن يذهب للخارج ويصفق الباب خلفه بحدة ....روبا
ارتمت فاطمة على الفراش مجددا واجهشت في بكاء مرير لكل شيء .. دفن اباها دون أن تراه ...قتل دون أن تدافع عنه ..اجتاح قلبها شعورا بالمرارة مما تشعر به من فقد ويتم ....بقلم رحاب إبراهيم 

لم يذهب لأي مكان بل جلس بسيارته أمام مبنى العمارة السكنية ويرمي رأسه بالخلف على رأس المقعد ليتيه بشرود في حديثها ...كان يتنفس بحدة وضيق كلما تذكر كلماتها ...وما ذنبه فيما حدث ! ....هل من ذنب لتنفيذ واجبه ؟! ...حملته هي هذا العبئ لتثور اروقة قلبه الذي اثقبت بالعشق وتأبى الرحيل ...
احتدت نظرته بعنف وهو يتوعد لذلك المجرم الذي سلب منه سعادته مع الفتاة الوحيدة التي عشقها ...
ترجل من السيارة بزفير ضائق وصعد الى شقته مرة أخرى بعد أن استجمع قواه ...

دلف للشقة بوجه عابس ونظر بإتجاه غرفتها ثم توجهه لغرفة أخرى بعيدا عنها .......
دخل الحجرة ولم تمحى نظرة العبوس من وجهه بل ازدادت ثم تمدد على الفراش وظل شاردا بتيه لفترة طويلة ليدق قلبه قلقا على هذا السكون حوله وكأنها ليس لها وجود بالمكان ...نهض بقلق وخاطره عقله بشيء سريعا ليتوجهه الى غرفتها مبررا بهذا الاتصال ليجدها ممدة على الفراش تدفن وجهها بالوسادة لتكتم صرخاتها وبكائها من الألم ...نظر لها بضيق وضمتها عيناه بخفاء وقال:-
_ تكلمي والدتك بالتليفون ؟ 
اعتدلت سريعا بوجه يغرق بالدموع واسرعت بلهفة :-
_ ياريت ..
تطلع اليها لبرهة ثم بدأ اجراء الاتصال حتى اجابت نعيمة بالهاتف التي اعطاها اياه فهد قبل أن يغادر المشفى ...ثم اعطاها الهاتف لتتحدث معها وتركها وخرج من الغرفة لحرية الحديث ....

جلس بالخارج على احد المقاعد واخرج علبة سجائره وبدأ بنفث احداهم ...لتطاير الادخنة أمامه وجعلته يشرد طويلا بألم .....
_________________________________سبحان الله وبحمده 

دلف باسم لغرفة مالك سريعا وقال سريعا :-
_ ماااالك 
اعتدل مالك من مضجعه عندما تفاجئ بصوت والده واجاب :-
_ ااااايوة 
قال باسم بتوجس :-
_ امك جحزت عند دكتور عيون كبير ، والميعاد بكرااا 
رفع مالك اللفافة من على عينيه لتظهر ساحبة مغبرة أمام عينيه من كثرة اللثم باللفافة ثم اجاب بقلق :-
_ لقد وقعنا في الفخ 🐸 
جلس باسم على الفراش مفكرا لفترة ثم تحدث بجدية :-
_ ممكن نشغلها بأي شيء بحيث الميعاد يتلغي 
زم مالك شفتيه بضيق وأردف بحيرة :-
_ طب هنعمل إيه ؟ 
انتبهوا لصوت يأتي فجأة حتى التفتوا سويا ليجدوا أنس قد تسلل بخفاء للداخل فجأة وقال بمرح :-
_ مادخلش عليا اللعبة دي بصراحة والله انا ذكي 😅 ...عندي الحل 😃
مط مالك شفتيه بغيظ في حين توجس باسم من نظرات أنس الماكرة حتى قال أنس :-
_ انت تعترض تروح للدكتور بحجة أن حالتك النفسية وحشة ....قوم انا اقترح انك تروح النادي عشان حالتك تتحسن ...انت هتروح على كرسي متحرك وحالتك منيلة اه ...بس كمان هتعرف غلاوتك عند ناس كدا 😉 
نظرا كلا من مالك واباه باسم لبعضهم بابتسامة ماكرة حتى التفت باسم بخبث وقال :-
_ اظن اللي بتعمله ده مش ببلاش ...عايز ايه ؟ 
ابتسم أنس بمكر واجاب :-
_ العربية اللي عايزاها ....هي غالية شوية بس مش خسارة فيا ...خصوصا اني بعرف اقنع امي بأي شيء ...
ابتسم باسم لابنه وقال بمرح :-
_ كنت عارف انك استغلالي 😂 
تمدد مالك بشرود على الفراش وابتسم حينما همس :-
_ يا ترى يا ياسمين لما تشوفيني كدا هتعملي ايه 
__________________________سبحان الله العظيم 

دقت الساعة العاشرة 
وحينها قررت مريم أن تجري اتصالا دوليا على امها لتطمئن عليها أولا ثم تخبرها بما حدث ....أخذت هاتفها واجرت الاتصال حتى اجابتها ليالي بصوت هادئ :-
_ ايوة يا روما ...كنت هتصل بيكي النهاردة يا قلبي معلش انا برجع كل يوم متأخر بسبب الاشعة وبرجع تعبانة جدا مابقدرش اتكلم وبنام ...
اجابت مريم بتفهم :-
_ ربنا يرجعك لينا بالسلامة يارب ...ماتعرفيش وحشتيني اد ايه في الكام يوم دول 
ابتسم ليالي وقالت بمحبة :-
_ وانتي يا روحي وحشاني اكتر ...بس طمنيني عليكي ..صوتك مش عاجبني ! 
لم تستطع مريم سوى أن تبكي وبدأت تخبر ليالي بما حدث بالأمس ....

مالت اشعة الشمس البسيطة على مياه المسبح الذي شاركت عين آدم ميلها الشارد على المياه ..لينهض من مقعده وهو يضع يداه بجيوبه وتمشى حول المسبح ببطء ...احيانا يعذرها لغضبها واحيانا أخرى يغضب منها ...واحتار ايصعد ويعتذر ام يقوى ويكابر ...حتى قرر الصعود على الاقل ليتناقش معها عله يبدد هذا الفجوة بينهم ....

هتفت ليالي عبر الهاتف وقالت :-
_ آدم فعلا قالي كدا ...البنت دي كانت مجنونة بيه لدرجة انها كانت هتنتحر وهو راحلها بعد ضغط كبير مني ...انا اللي قولتله يروحلها احسن ما تعمل في نفسها حاجة ويشيل ذنبها ...المفروض كنتي فهمتي الاول يا مريم قبل ما تتسرعي ...
زفرت مريم بضيق واعترفت :-
_ انا فعلا اتسرعت وقولته اني عايزة ارجع الفيلا ، بس بجد يا ماما ما قدرتش اسيطر على نفسي ..كنت هتجنن 

ابتسم ليالي متذكرة صباها وقالت :-
_ تعرفي أن آدم فعلا نسخة تانية من عمر ...وانتي بعنادك وتسرعك زيي بالضبط ...بصي يا مريم هقولك حاجة ...
كل خلاف حصل بيني وبين ابوكي زمان كان سببه اني كنت متسرعة ...كنت بفكر لوحدي وباخد قراري لوحدي بدون ما اهدى الاول واتكلم معاه وافهم منه ...العصبية بتزود المشاكل مش بتحلها ....حلي مشاكلك بعد ما تهدي الأول ...اوعي تاخدي قرار وانتي عصبية ....موقف زي ده كان محتاج منك زي ما سمعتي البنت دي كنتي تسمعيه هو كمان ...وآدم مش كداب يعني لو في حاجة بينه وبينها كان قالك انا عارفاه كويس أووووي ....

تذمرت مريم وهي تقضم اظافرها بغيظ وقالت :-
_ انا بصراحة عكيت الدنيا خالص ...وبصراحة كمان مش عايزة اعتذر ليه ...عايزاه هو اللي يجي يصالحني والله هصالحه على طول 😒 
ضحكت ليالي وقالت :-
_ ليالي الصغيرة هههههه، يابنتي افهمي ...اللي انتي عايزاه ده صعب وانتي غلطانة ...مش عيب يا مريم لما تروحي تصالحي جوزك بالعكس ...عشان لما يغلط هو كمان ما يترددش انه يصالحك ...لكن مكابرتك دي هتضرك يا عبيطة وهتزود الفجوة ما بينكوا ....
جعدت مريم حاجبيها باستياء وهتفت :-
_ مستحيل اروح اكلمه بردو ....هيتقل 😏 

مرر آدم يده على ذقنه بخبث وملامحه تتراقص عليها البسمة الخبيثة بعد ان استمع لحديثها بخفاء وهمس بمكر :-
_ بقى كدا ....ماااشي يا مريم 
ذهب للاسفل مرة أخرى وتعمد عدم احداث اقدامه صوت كي لا تنتبه مريم لوجوده ...وتوجه الى المسبح مرة أخرى 

اغلقت مريم الاتصال وقد ازدادت حيرة ثم لمعت بذهنها فكرة ماكرة لتنهض الى حقيبتها وبحثت عن ذات الرداء الذي اعجبه سابقا عندما ارتدته بأول يوم زواج واخذت حماما سريعا ثم ارتدته ووقفت أمام المرآة تتأمل مظهرها...
نظرت لشعرها الحريري ذات اللون الاشقر ثم أخرجت فيونكة حمراء من درج المرآة ووضعتها بشكل جانبي على رأسها وقالت مبتسمة :-
_ حلووو أوووي ، اكيد بقى اول ما يشوفني كدا هيجي يصالحني على طوول 😊

خرجت من الغرفة بنظرات واثقة واتجهت للاسفل باحثة عنه حتى وجدته أمام المسبح يجلس ويضع قدما على قدم ويضم ساعديه أمام صدره ....تنحنحت قبل أن تتحدث وقالت بتساءل وهي تترقب عيناه لترمق أي بريق بهما يدل على اعجابه بمظهرها :-
_ مش هتتغدى ؟ 
خطف نظرة سريعة غير مبالية واجاب لهدوء وهو ينظر للمياه بالمسبح واجاب :-
_ لسه بدري على الغدا !! 
الممت شعرها بيدها بلمحة انثاوية وقالت مرة أخرى :-
_ انا قلت يمكن جوعت ولا حاجة 
لم ينظر لها هذه المرة ولكن رد بفتور :- 
_ لأ 
زمت شفتيها بغيظ من تجاهله هذا ثم نهضت بعصبية وتظاهرت بألم بقدمها وهتفت :-
_ ررجلي 😭 
لاحت طيف ابتسامة على محياه سريعا ما اخفاها ثم نهض ببطء حتى لا تكتشف أن يعلم شيء ...اسندها بقسوة يده ثم قال بحدة :-
_ ماهو محدش يقوم بالغباء ده ...ابقي خلي بالك ، وبعدين ايه المخدة اللي حطاها في شعرك دي !! 
لامست شعرها بشكل لا إرادي واحتدت عيناها بغيظ أكثر وكادت أن ترد بعصبية ولكن تذكرت نصائح امها حتى عادت وتريست قليلا وقالت :-
_ معلش 😏 
كان قد عاد الى مقعده وتظاهر بالامبالاة مرة أخرى حتى ذهبت من امامه غاضبة ....ارتشف من فنجان قهوته القليل ولم يعلم لما غمره التسلية لما تفعله ...يكمن في مشاكستها الطفولية إغراء كبير يحتاج الى مزيد القوة حتى يتحداه 

دلف غرفتها والقت بفيونكة شعرها من النافذة بعصبية لتقع بالقرب من مقعده وتتسع ضحكته بمرح ...

هتفت مريم بغيظ :-
_ مش هروح اصالحه بردو ها 😭 هو هيفضل كدا على طول 😧 لااااا😭 
لازم اخليه يصالحني بأي شكل بقى 
__________________________لا حول ولا قوة إلا بالله 

انهت فاطمة الاتصال وجففت دموعها بعد أن اخبرتها امها بكل ما حدث ....تنهدت فاطمة بحزن وقد شعرت ببعض الندم لما قالته لفهد ...فلم يكن ذنبه ما حدث بالتأكيد ولكن كان لابد أن يلتمس لها العذر في ثورتها ....خرجت من الغرفة وخطت باتجاهه لتمد يدها بالهاتف وقالت :-
_ الموبايل بتاعك 
أخذه فهد بنظرات متجمد واشاح نظره عنها ثم قالت :-
_ عايزة اروح ازور ابويا 
نهض فهد دون أن ينظر لها وقال :-
_ جهزي نفسك بسرعة عشان ورايا شغل 
تفحصت فاطمة وجهه ثم ذهبت لغرفتها لتستعد ....

بعد قليل ...
خرجت من الغرفة وقد انتقت الملابس ذات اللون القاتم وتوجهت اليه قائلة :-
_ جهزت 
التقف مفاتيحه الخاصة واشار لها للخارج ..... 
_________________________صلّ على الحبيب 

ترجلت فاطمة من السيارة ثم هو لترى حولها هدوء استقام له القلب بهيبة ورهبة حتى قالت دعاء دخول المقابر وقد بدأت الدموع تشق طريقها على وجنتيها وهي تقترب معه لقبر والدها ....وقفت أمام القبر وصاح الألم بمرار حتى استندت على جسد القبر باكية بحرقة لم تبكي بها من قبل مع بعض الكلمات التي ارتعد لها قلبه بحزن من اجلها ...ثم قالت لفهد :-
_ مش هاجي هنا تاني غير لما اخد حق ابويا ...
لولا وجودها هنا لكان عنفها ولكن هدوء المكان جعله يلتزم الصمت حتى يخرج منه ...قال بغضب مكبوت :-
_ ما تعصبنيش ...انا قولتلك النهاية 
لم تجيبه بل خطت لتبتعد عن المكان ورمقها بنظرة غاضبة ثم ذهب خلفها ....
دخلوا السيارة للعودة الى المنزل ......

*في المنزل * 

هدوئها الشارد اقلقه بعض الشيء حتى فتح باب الشقة ودلفوا بداخلها لتتجه هي الى غرفتها مباشرةٍ ....زفر فهد بضيق ثم أخرج هاتفه وطلب أوردر طاعم من احد المطاعم القريبة التي اعتاد أن يرسل لها .....
وظل ينتظر حتى اتى العامل المبعوث من المطعم بطلبه وذهب بعد ذلك .....
رتب فهد الطعام بنظام ثم ذهب لها بحجرتها او بالاصح حجرته ...دق على الباب دقات خفيفة حتى اتى صوتها المتهدج من البكاء ودلف للداخل ثم وقف امام الفراش ينظر لعيناها المنتفخة من البكاء وقال :-
_ العياط مش هيحل حاجة ...وهيعذبه ...ادعيله بالرحمه افضل ...
اعتدلت في الفراش وجففت عيناها بيدها ولم تجيب حتى دنى منها وحملها بين ذراعيه بخفة وقد تفاجئت بما فعله ثم قال وهو يخرج من الغرفة :-
_ انا طلبت غدا ....هتاكلي معايا 
خرج الى الصالة واجلسها على مقعد ليتلقى اعتراضها وصاحت :-
_ مش عايزة ماليش نفس 
جلس بجانبها واخذ قطعة من اللحم المشوي وامد يده بها ولكن اعترضت بقوة لينهض ويجذبها اليه مقتربا وقال بمكر :-
_ لو ما اكلتيش هاكلك بالعافية ....واظن انتي عارفة طريقتي ....
ارتجفت وهي تنظر له وقد قرأت ما يلتمع بعيناه لتجلس مرة اخرى وبدأت تأكل ببطء ....
تنفس فهد الصعداء وقال :-
_ شاطرة 
مرت دقائق وبالكاد قضمت بعض اللقيمات لتنهض تاركة اياه يجلس مراقبا ذهابها بضيق ...حتى نهض وجذبها بقوة وقال :-
_ هو ده اكل ؟ 
بكت بحزن غمره الضعف وقالت :-
_ انت بتجبرني اكل غصب عني ...بس هتجبرني ما احزنش ؟ ...هتجبر قلبي المكسر ؟ ....هتعوضني عن ابويا ؟ .....الاكل مش هيخليني اعيش ....انا حاسة اني هموت من الوجع ...
ضمها فهد بقوة تاركا عشقه يفوق كل مقاومته وكبريائه ، وقال هامسا :-
_ فاطمة 
نظرت له وهي تبكي بقوة حتى اقترب و ......

تعليقات



×