![]() |
رواية ساعه الانتقام الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم دينا اسامه
ارخه ووجهها يتصبب عرقًا، جسدها بدأ بالإرتجاف بطريقه افزعتهم جميعًا، اقتربت ميسون بخوف تجلس مُقابلها وهي تقول :
- أنتي كويسه! طمنيني مالك.
اتجهت الأم هي الأخرى تجلس جانبها من الناحيه الأخرى وهي تلمس وجهها الذي وجدته كالثلج رغم ذاك العرق الذي يملي جبينها لكن جسدها كان باردً للغايه، شهقت بفزع وخوف تقول :
- ي حبيبتي ي بنتي جسمك متلج!
- أنا كويسه.
قالتها شهد وقتها بعدما شعرت بإحراج من وجودهم حولها بل تخجل أكثر من أنها غفت بهذا المنزل وصاحبه التي لم تعلم عنه شئ حتى الآن!
- كويسه إزاي بس إنتي مش شايفه نفسك! دانتي متلجه وقمتي مفزوعه أوي.
قالتها ميسون وهي تُتابعها بقلق بينما تنظر لها الأم بإكتراث تهتف :
- قومي ي ميسون جيبيلها ميه ي بنتي.
امآت لها ميسون مُسرعه لكن اوقفها رجائي الذي ذهب هو وجلب لها كيس بِه بعض الاطعمه الجاهزه وبعض عِلب العصير يُعطيها إلى ميسون التي نظرت إليه بتعجب لثواني ثم جلست ثانيهً وهي تقول :
- بما إنك صحيتي بقي ده أكلك وكمان فيه عصير اشربيه علشان تهدي ممكن.
- معلهش تعبتكم معايا، انا آسفه بجد على اللي حصل.
- ي بنتي متقوليش كده أنتي زي ميسون بنتي، ويلا أسمعي كلامها وكلي علشان صحتك.
قالتها الأم بحنان وهي تربت أعلى ظهرها، نظرت إليها شهد بحب وهي تمسك الكيس بين يديها رغم أنها لم تشعر بالجوع بتاتًا، حمحم رجائي وقتها واضعًا يديه خلف ظهره يقول :
- مش يلا ي ماما نخليها ترتاح شويه دلوقتي!
امآت له ثم نهضت وهي تذهب معه وكادت ميسون أن تخرج هي الأخرى كي تأخذ راحتها عندما تأكل لكن وجدتها تقول :
- ممكن تقعدي معايا؟!
نظرت إليها وهي تقول بحب :
- أكيد طبعًا لو مش هزعجكك.
- أكيد لأ، ده أنا اللي مُحرجه من وجودي هنا حقيقي ومش عارفه اقولكم إيه، انتو ناس كويسين اوي ومامتك حد عسول اوي هي إسمها إيه؟
- لأ بجد هزعل متقوليش كده انتي نورتينا اصلاً مش شهد برضو؟
امآت لها شهد مُبتسمه لترد بقول :
- ماما إسمها فردوس.
- هو ممكن سؤال ومتفهمنيش غلط؟!
قالتها شهد بإستحياء وتوتر لترد ميسون :
- مفيش إحراج بينا اتفضلي طبعًا.
- هو بصراحه المكان اللي انتو قاعدين فيه ده قاعدين فيه ازاي؟! اقصد يعني شكلكم بصراحه ميبينش أنكم عايشين هنا وكمان لهجتكم في الكلام عاديه، اصلي اللي اعرفه اللي بيكونوا قاعدين في قريه لهجتهم بتبقي مختلفه عن كده آسفه والله لو كنت ضايقتك.
ابتسمت ميسون لتردف بتوضيح جعلها أكثر حيرهً بشأنهم أو بشأنه هو بالأخص :
- بصي ي ستي انتي صح فعلا احنا مكناش قاعدين هنا اصلا، احنا من الجيزه وبقالنا سنه واحده بس نقلنا لهنا.
نظرت إليها شهد بصدمه وهي تقول :
- ازاي!! إزاي من الحال ده لده!
فهمت ميسون ما تقصده لترد :
- رجائي أخويا جابنا هنا من سنه بسبب طبيعه شغله وأن ده اكتر مكان آمن ليه بس إن جيتي للحق انا حبيت هنا اوي، حبيت الهدوء والراحه النفسيه اللي حسيتها هنا بس روح المكان حلوه والناس هنا طيبه وبتود بعضها.
تعجبت شهد من ما تقوله وهي لا تفهم ماذا تقصد "بطبيعه شغله هذه" لتردف :
- طبيعه شغله إزاي؟! ليه هو شغال إيه!
صمتت ميسون ثوانيٍ بتفكير وهي تنظر إليها تُتابعها شهد بغموض ثم تنهدت وهي تقول بصوت منخفض :
- بصي انا مش عارفه ده صح ولا لأ لأن محدش يعرف هو شغال إيه غيري انا وماما بس، بس هقولك بس بالله عليكي ما تعرفيه إنك عرفتي ولا كأنك سمعتي حاجه لأن ده خطر عليه.
انتبهت شهد لِما تقوله بتمعن وهي تُخمن وظيفه ما لتُكمل ميسون لكن وجدت رجائي يفتح باب الغرفه دون الطرق عليها حتى كما اعتاد يقول بصوت جامد ومُخيف :
- ميسون في واحده برا وشكلها بتولد روحي ساعدي الحجه برا.
انتفضت ميسون بصدمه تنظر بعينيه التي كانت تتوعد لها ثم ركضت من الغرفه مُسرعه، تنظر شهد في اثرها بحيره واندهاش إلى أن جالت بنظرها عليه تراه يتفحصها ببرود ونظراته التي كانت تحمل الكثير من المعاني وقتها.
- ي ريت تاكلي وتخليكي في حالك ده أفضل ليكي ولحمايتك مفهوم؟!
- هو إيه اللي مفهوم! وبعدين أنت مين فهمني! انا من حقي أعرف ي كده ي تسيبني أمشي من هنا وبلاش شويه الرجوله اللي باقيين عندك دول.
قالتها شهد وهي تخرج عن صمتها هذه المره فقد تَعِبت من كل هذه الالغاز والغموض في حياتها، أليس طبيعيًا أن تعيش حياه هادئه خاليه من هذه المؤامرات والغموض؟!
رمقها بنظره غاضبه جعلتها تبتلع ريقها من الخوف الذي اصاب قلبها من نظراته التي تُشبه نظرات الفهد الغاضب ثم هتف بصوتٍ يشوبه الاستياء فقد ضاق صدره من حديثها :
- خلصتي كلامك؟! بصي أما اقولك انتي هنا زيك زي الحيطه اللي وراكي دي مسمعش صوتك ومش عاوز أي لغبطه في الكلام، كلامي هو اللي هيمشي عليكي لحد ما اخلص منك، ومتدخليش نفسك في اللي ملكيش فيه لتاني مره علشان متندميش.
تركت الطعام من بين يديها بصدمه من كلامه المُهين وكأنه يطردها ويُريد التخلص منها لكنه مُجبر عليها! نهضت من مكانها وهي تقترب منه تقف مُقابله بعينين دامعتين
كادت أن تقع في وقفتها فتناولتها يد "رجائي" سريعًا مُمسكًا بها وهو يردف بنبره سريعه :
"خدي بالك"
رفعت بصرها ببطءٍ له، وهمست بصوت تملكه الأسف والأسى :
- أنت ظابط صح؟!
قالتها بحزن وهي تتأكد الآن من طريقته حتى فرت دمعه هاربه من عيناها، يُتابعها هو بصدمه وما زال مُمسكًا يدها بقوه ولكن لو يدرك مدى ثوران مشاعرها لاشفق عليها وتركها تهرب منه تأخذ انفاسًا طويله بعدما حبست أنفاسها تحت يده الممسكه بها في قوه.
- تاني ؟!!!
قالها هو بغضب يترك يدها بقوه من كشفه للمره الثانيه أمامها ثم أكمل :
- انتي عاوزه توصلي لأيه فهمينييي!!! ي ستي ايوه أنا ظابط ارتاحتييي!
ابتسمت بسخريه وهي تقول تضع يدها الثانيه أعلى يدها الموجوعه اثر ما فعله :
- بالعكس.
- يكون في علمك إن حصل واتكلمتي ولا حتى قولتي حاجه عن نفسك قدامهم انتي حره، الحمد لله انهم معلقوش عليكي لما صرختي بأسمه وانا قايلهم إنك يُعتبر متعرفيش حد وأنك فاقده للذاكره بلاش تهور علشان هنزعل كلنا.
- وهما الظباط بيتخبوا من وظيفتهم في مكان زي ده؟!!
قالتها شهد رغم حزنها لكن تملكت منها الحيره والفضول في أن تعلم من هو ليرد هو وقد انفجر صائحاً في وجهها :
- يخربيتتتك انتييي مبتفهميييش!! ايييه وجععع الدماااغ دددده... انتي تعباااني معاك من زماان اوي ولسه! إيه ناويه تموتيني مجلوط منك؟!
كانت شهد وقتها قد وقعت أعلى ذاك السرير بفزع من صوته وهيئته وهي تتوسطه من الصدمه وقد بدأت بالبكاء بشكل هيستيري ليزفر هو بضيق أكثر ينظر إلى الخارج مُتابعاً الأوضاع إلى أن تنهد براحه عندما وجدهم مُنشغلين بالخارج حتى اقترب منها بطريقه اثارت رعبها وهي تقفز أعلى السرير تقف وهي تتحرك به صائحه :
- انتت زي ماااهر... ايوووه زيييه... هو كااان بيعمل معاياااا كده وبيضايقني علشان أتكلم.. انتو عاوزززين منييي ايييه ابعدووو عني مش عاوزاااكم مش عاااوزه حمايتكم الكدابه اللي زيكم... انا بكرهكممم.
- انتي بتعملي ايييه اقعدي! انا قولت إيه لكل دده اتفضلي اقعدي وبلاش جنون!
قالها "رجائي" بصدمه من حالتها يُريدها أن تهدأ قبل أن يسمعوا بالخارج، لتفهم هي وقتها ما يفكر به عندما لاحظت نظراته للخارج مرارًا حتى أنها نزلت من أعلى السرير بجنون وهي تُكاد أن تصرخ بهم لكنه حملها بطريقه سريعه بيد واليد الأخرى تكتتم أنفاسها مُلصقًا بها بالحائط يردف بتحذير وقد بدأت عروق رقبته ويده في الظهور :
- اسكتييي... أنتي شكلك مجنونه... انا استاهل ضرب الجزمه إني قررت اساعد ماهر في قضيه زي دي، إيه عاوزه تصوتي وتقوليلهم على الحكايه؟! طيب صوتي كده وقوليلهم وانا اوعدك إني اخليكي تعفني في السجن مدى حياتك.
انتي المفروض تشكرينااا على اللي بنعمله علشان نعرف مين الجاني الحقيقي اللي انتي كنتي مخبيه عليه بسبب هبلك... كان هيضيعك وانتي ماشيه وراه بدون حتى ما تفكري الزفت اللي إسمه زياد إيه مصلحتتته... ايييه مجاش في بالك ولو مره إيه مصلحته يساعدك في حاجه زييي دييي! رغم إنك يوم الجريمه كنتي موجوده وكنتي أنتي اخر حد مع سمير النوبي والقضية كانت لبساك لبساك لولا أنه بعد تدخله الدنئ وعمل إنه انقذك وأن ده جميل منه عليكي علشان تفضلي تسمعي كلامه وتمشي وراه زي المجنونه وهو العقل المدبر لكل ددده انتي للدرجادي مش واااعيه!! دي الطفله تفهم عنننك ما بالك بكلم واحده ناضجه قصادي.
كانت تُتابعه شهد بصدمه من كل ما تفوه به وكأنه على داريه بكل شئ من البدايه لكن ما ازعجها أنها كانت تختنق بين يديه وما زال يكتتم أنفاسها دون وعي حتى لا يسمع أحد بالخارج ما يحدث، حاولت التملص منه وهي تختنق لكنه مازال يعتقد أنها بهذا الجنان وستصرخ وتفضحه وتفضح نفسها معه.
وقعت يديها التي كانت تحاول الاشاحه بِه بعيدًا وهي تُغلق عينيها بإستسلام، يشيح هو بيديه سريعًا عنها بصدمه وقد بدأ جبهته تتصب عرقًا وهو يتفحصها بتوتر يقول :
- شهد!.. أنتي كويسه! انا...
لم يُكمل جملته عندما وجدها تقع بين يديه يلتقطها سريعًا بصدمه وقلبه قد بدأ بالاضطراب والخوف عليها هذه المره يحملها مُحملقًا بها يردف بصوت ارتفع قليلاً :
- شهددد فوقييي.. جراالك ايييه... متعمليش كدده! مينفعش يجرالك حاجه بعد كل ده! لازم تفوقييي... شهدددد!
اخذ يربت بيديه أعلى وجهها ثم يجذب شعره بقوه من هول الصدمه قائلاً :
- أنا ايييه اللي عملته ددده!! اييه اللي هببته ددده... لييي كدددده... ي رب ارجوووك حلها من عندك.... وحياه حبيبك النبي مينفعش تموت كده.. ي رررررب.
قالها وقد بدأ بالإرتباك والخوف وقلبه الذي شعر به حينها لأول مره يهدم بهذه الطريقه، ابتلع تلك الغصه المريره في حلقه يُعيد شعره إلى الخلف ثم عاود كي يتحسس وجهها لكنه سريعًا ابتعد، يضرب الحائط بيده عِده مرات حتى تورمت وبدأت بالانتفاخ.
وفي هذا الوقت دلفت فردوس رِفقه ميسون الذين سمعوا الصوت من الخارج بعدما رحلت تلك السيده، ينظرون إليه في صدمه من هيئته وإليها أعلى الفراش ووجها الذي قد بدأ بالتحول للون الأزرق تدريجيًا، صرخت ميسون بفزع وهي تركض إليها صائحه :
- ي ماما الحقييي وشها ازرق.
شهقت الأم بخوف تقترب منها بينما "رجائي" نظر إليها بصدمه من إنعدام الدم في وجهها علامهً للزرقان الذي ظهر، لم يستطع أن يشعر بنفسه إلا وهو يركض من الغرفه يخرج من المنزل بأكمله في حاله مُريبه مُثيره للشفقه.
"*****************"
بعدما إنتهى "أكرم" من عمله الشاق هذه الليله فقد زاد العمل عليه بعدما تكفل بشغلها واتمه على أكمل وجه يودع بقيه الجروب مُتجهًا داخل الفندق قاصدًا غرفته لتعيقه تلك الفتاه التي فور رؤيتها تنهد قبل أن يردف بقول :
- افندم خير.
-انت نسيت أسمي ولا إيه؟! انا مها!
- ي ستي مها ولا مُهاب مفرقتش كتير، عاوزه إيه؟!
شهقت بصدمه من جملته وهي تُعيد شعرها إلى الخلف هاتفه بصوت غاضب قليلاً :
- أنا مش فاهمه أنت بتعاملني كده لييي!!
-بعاملك إزاي!
آتها صوته الذي يبدو عليه الممل من رؤيتها لترد هي بغضب أكثر من تجاهله :
- على العموم كتر خيرك، انا كنت جايه اسألك تُقي عامله إيه دلوقتي ولو ينفع أشوفها.
نظر إليها بتعجب قليلاً ثم اردف :
- تهمك اوى؟!
- ايوه طبعًا.
قالتها بتعجب من نظرته التي كانت تستنكر تساؤلها ليرد هو بضيق :
- غريبه يعني مش كنتي إمبارح مطلعه فيها العِبر وأنها متستاهلش و..
- كنت غلطانه.
قالتها وهي تكفيه عن الحديث تنظر له بخجل وهي تبتلع ريقها بتوتر ثم هتفت :
- هو بصراحه انا كنت غيرانه إنك اختارتها هي تشتغل معاك، كان نفسي أكون معاكم بس محصلش نصيب.
نظر إليها بترقّب يُتابع ملامح وجهها ويستشف صدق حديثها يقول :
- عامهً حصل خير، احييكي على شجاعتك إنك اعترفتي بخطأك.
- شكرًا ليك، مُتأسفه على اللي حصل وأني جتلك في وقت مش مناسب إمبارح.
- ولا يهمك، تصبحي على خير دلوقتي.
- وانت من اهله.
قالتها وهي تُتابع رحيله تنظر له بحب كبير اتضح من عينيها لتدلف هي الأخرى غرفتها تتذكر كيف كانت ترتدي عندما ذهبت إليه وكأنها عاهره!
- بس دي طبيعه لبسي ليه مضايقه كده!
قالتها وهي تُعنف ذاتها بإستياء ثم اردفت مره أخرى وكأنها تتحدث مع نفسها :
- اعترفي إنك مضايقه علشان فهمك غلط وبصلك بصه وحشه وأنك من نوعيه البنات دي.
لترد مره اخرى على ذاتها :
- طيب وأيه المشكله ما يفهمني! وبعدين انا بلبس اللي يريحني.
- بس ده مش هيريحه وانتي عارفه!
- ولو أهم حاجه يريحني انا!
- بتكدبي على نفسك صح؟! أنا عارفه إنك بتحاولي تلبسي مُحتشم علشانه.
- لأ طبعًا مفيش الكلام ده!
- متكدبيش عليا انا أكتر حد عارفك.
نظرت لذاتها بيأس وهي تجلس أمام المرآه تنظر لإنعكاسها وملامح الحزن تتوسط وجهها :
- بس أنا غلطت إني روحتله في وقت زي ده وباللبس ده وكل ده بسبب غيرتي! بس هعمل إيه هاا؟ مش شايفني من ساعه ما جيت الشركه، مش بيحب يتكلم معايا خالص بسبب لبسي ممكن!
- ممكن يشوفك بعد كده ويركز معاكي أكتر بعد اللي حصل!
نظرت إلى ذاتها بيأس ترد :
- يركز إيه بقي مهو فهمني غلط زي ما قولتي، بس هو ممكن يكون مش بيحبني بسبب لبسي؟! يعني انا لو غيرت لبسي ممكن يحبني ويهتم بيا صح؟!
- الحب عمره ما كان كده ي مها، الحب بييجي مره واحده ولشخص ممكن تكون مش طايقه ولا حابب شوفته لكن مع مرور الوقت الكره ده بيكون السبب في الحب بطريقه غير مُباشره، الحب والكره دايماً بيتواجدوا مع بعض.
- يعني هو ممكن يتقبلني بلبسي ده كده ويحبني!
- ولي لأ مفيش حاجه بعيده! الحب قادر يخلي أي بني آدم ضعيف قدام اللي بيحبها، ايوه هيضايق منك وهيتعصب عليكي بس في الآخر مش هتهوني عليه.
إبتسمت لذاتها بِرضا ومسحت تلك الدمعه التي سقطت منها بعدما أنتهت من حديث ذاتها كل ليله
تبدأ في ارتداء بيجامه جميله مثل قلبها الذي فقط يعرفه من يتعامل معها.
"**************"
- انتو عاوزين مننا إيه، وإيه المكان ده!
قالها شادي ومازال يحمل يارا بين يديه يُتابع تلك الأماكن الذي كان يمر بها إلى أن وصل إلى بوابه كبيره لقصرُ ما رُبما لكنه كان قصر مُخيف ليس كبقيه القصور في عالمنا هذا، نظر إليهم يردف مره أخرى بغضب :
- إيه المكان ددده!!
- سيدي الساحر غاندالف ينتظرك بالداخل.
- مين ده!!
قالها شادي بتعجب ليرد عليه :
- أبيك سيدي.
- إيه الأسماء الغريبه اللي في العالم ده!
قالها داخله من ما حوله ثم دلف معهم ينظر صوب كل شئ بصدمه ثم نظر إلى يارا بخوف ليقول مُتسائلاً إليهم :
- هي هتفوق إيمتي!
- لا تقلق، ستفيق دون مجهود.
سار معهم بضيق وقلبه مُضطربًا لأجل هذا اللقاء وفور دلوفه وجد رجل ضخم إلى حد ما ذا ملامح حاده غريبه لم يرى قبلها من قبل، إبتسم إليه رغم غضبه من فِعلته السابقه يقول :
- اهلاً عزيزي الساحر، لم يُكمل حديثه عندما وجد تلك الساحره الذي بات يكرهها هي واباها وما زال يفعل، تنهد بغضب مُحملقًا النظر بها ثم أعاد بصره إليه بغضب أكثر يصيح :
- ألم تخجل من فِعلتك؟!.. لِما تبقي معها الآن، دعها وشأنُها قبل أن أزهق روحها بيدي.
توتر شادي من هيئته، يضم يارا أكثر بين يديه بتحكم يقول بنبره حاده وتحذيريه :
- يارا هتفضل معايا ومش هسمحلك تأذيها بأي طريقه.
- حقًا! تُحدثني بهذه الطريقه من أجل هذه الفتاه الحقيره!
- يارا كويسه وانصحك متجيبش سيرتها، واتفضل قول عاوز مني إيه!
- ستبقى معي هُنا، في قصرك هذا عزيزي، لقد عَلِمت أنك ستأتي مُجددًا.
- أنا عاوز اخرج من العالم بتاعكم ده مش عاوز اعيش هنا، لازم تخرجني من هنا انا وهي بأسرع وقت.
- ماذا!! هل جَنِنت! ستظل هُنا وهذه الفتاه سوف تُحتجز ثانيهً كي يكفي دراكو عن ما يود فِعله.
- انتو الإتنين مجانين، اتصرفوا مع بعض، انا وهي ده مش عالمنا لازم نرجع لحياتنا الطبيعيه.
- هذا مُستحيل، لقد انتظرتُك أكثر من مائه عام كي تعود ونتحد ونملك العالم أجمع بقوتنا.
نظر إليه شادي بغضب وكاد أن يُكمل كلامه بإستياء لكنه فجأه توقف ووقعت منه يارا علي الأرض عندما آتت تلك "شيراز" وقد أدخلت سائلاً في رقبته لتتحول عيناه فوراً إلى اللون الأحمر الدموي، تضخم جسده كثيرًا وأطرافه ايضاً، ينظر بجنون حوله يُريد كسر كل ما أمامه، نظرت شيراز بفرحه لتحوله وهي تشير للخدم بأن يحملوا يارا بعيدًا عن هُنا.
نظر غاندالف بفخر إليها ثم اتجه أمامها يقول وهو يُربت أعلى رأسها :
- سأظل فخور بكِ شيراز، أنتي من تستحقين "ريحان"
امآت له بفرحه وفخر في آنٍ واحد وهي تُتابع "شادي" الذي كان يتجول بالقصر بجنون كما كان يفعل من قبل.
"*********************"
جلس "رجائي" بعدما رحلت الطبيبه التي آتي بها إلى هُنا سريعًا بعدما خرج، وتحديدًا فوق اريكه صغيره الحجم يراقب "شهد" الغائبه عن الوعي
احياناً كانت تستفيق مُتمتمه ببعض الكلمات الذي لم يفهم منها شئ، وأخرى كانت تضحك بلا هدف وها هي تبكي بلا هدف .
رمقها بنظره تحمل الندم هذه المره تجاهها وهي تبكي كالأطفال، فوضع يده أسفل ذقنه ينتظر وصله ضحك أخرى لكنها صمتت هذه المره، اخذ ينظر لها بتعجب وحزن اتضح عندما جال نظره عليها ثم نهض مُتجهًا إلى غرفته الذي لم يدلفها غيره هو نظرًا لتلك الاجهزه الغريبه التي كانت توجد بها، اقترب ناحيه مصحفه الخاص ثم خرج يجلس في الصاله
تنظر إليه ميسون وأمه بخجل وهم يرمقونه بضيق.
جلس جوارهم، وهو يفتتح مصحفه كي يقرأ بعض الآيات القرآنية الشافيه، فهو مُعتادًا على ذلك عندما تمرض أمه أو أخته يظل يُردد هذه الآيات بإخلاص وصدق بالنيه.
- لي اتعصبت عليها؟!
قالتها ميسون بلوم وحزن لتُكمل الأم :
- أنت عمرك ما اتعصبت على بنت كده!
- هي غلطتت في إيه؟! علفكرا انا اللي كنت هقولها على وظيفتك هي ملهاش ذنب.
كان هو بعالم آخر من الإيقاع باللوم عليه هذه المره، يشعر ببشاعه ما فعله بحقها دون سبب، اخذ يتنهد بألم يقول بصوت ثابت :
- ممكن تسيبوني اقرأ دلوقتي.
قالها مُراقبًا لهم وهم ينظرون إليه بعدم فهم ثم نهضت الأم تدلف غرفتها، واتجهت ميسون إلى شهد تبدأ بعمل كمادات لها طيله الليل حتى آتي الصباح وهي بهذا الحال.
وهو بالخارج يقرأ تلك الآيات القرآنية ثم ختم بآيه "الكرسي" وبعدها أغلق المصحف يُقبله مُغمضًا عينيه بندم وتوّسل أن تستفيق وأن يسامحه الله على ما بدر منه بحقها.
وعندما حلّ الصباح.
وبمنزل ريم كانت تجلس على أحد الكراسي تغفو قليلاً جانب سوسن التي باتت طيله الليل ترى الكوابيس فقط، فتحت عينيها بوهن وهي تُراقب سوسن، نهضت تسير إلى المطبخ تجلب مياه جانبها ثم عادت بالجلوس مره اخرى وهي تعقد ذراعيها تبدأ بالنوم لكن فجأه فتحت عينيها بفزع عندما سمعت شئً يسقط على الأرض.
نظرت حولها حتى وجدت قلاده وقعت من أعلى السرير التي كانت تنام بِه سوسن، نهضت وهي تلتقط تلك القلاده بين يديها بتعجب تتحسسها جيدًا، لاحظت أنها تُفتح ف افتحتها بتعجب لثواني حتى شهقت بصدمه وهي تنظر إلى سوسن بعدم فهم لتلك الصورتين التي رأتهم.
شعرت ريم بحركتها وعلي الأغلب أنها ستفيق، اخبأت تلك القلاده سريعاً تعود إلى مكانها وهي تُمثل النوم وعقلها قد بدأ بالتشويش بعد ما رأته.
أما بمكتب "ماهر" كان يجلس أعلى كرسيه، يرتشف قهوته الخاصه بتعب وإجهاد، فكان أسفل عينيه أسْود للغايه وجانبه أربعه فناجين من القهوه، أنهى ذاك الفنجان ليضعه جانب البقيه يرتد إلى الخلف بتعب، يُعدل رأسه مُوجهًا لها إلى الأعلى بتفكير وتشويش عن ما يحدث إلى أن طرق عسكري الباب يُعلمه بقدوم "مدحت"
- دخله.
قالها ماهر مُتنهدًا بقوه بعد أن ارتشف كأساً من المياه
تقدم "مدحت" والابتسامه تعلو وجهه يجلس مُقابله ثواني وتحولت تلك الابتسامه إلى صدمه بعدما وجد كل هذه الفناجين الفارغه ينظر إلى ماهر الذي كان يبدو عليه الإرهاق قائلاً :
- إيه كل دده!! إيه اللي بتعمله ده.!
أعاد "ماهر" شعره للخلف ثم نهض يجلس بذاك الكرسي مُقابله يتفحص وجهه ينظر له بغضب قليل وعِتاب يردف بلهجه ثابته دون مقدمات :
- تعرف ريم الجبالي؟
ابتلع ريقه بصعوبه ينظر إلى الجانب الآخر بصدمه من ما تفوه بِه.
"تتوقعوا تكون ريم شافت صور مين في السلسله دي وليه اتصدمت كده؟؟؟.. ⚠️
#يتبع.
#ساعه_الانتقام_لدينا_اسامه_الشوكي.
فصل خاص 1
" يوجد شئ إسمه الحب وشئ إسمه غريزه التملك، وبين الحب وغريزه التملك خيط رفيع.. رفيع جداً.. إذا ما تباين تكشف لك الفارق الكبير!
" للعظيم إحسان عبد القدوس "
ترنح" مدحت" اثر جملته يُبعد عينيه مُتفاديًا النظر إليه يعود بذاكرته للوراء.
فلاش باك.
- إلا قولي ي باسم البنت دي إسمها إيه؟!
- دي ريم معايا في الدفعه بس البت إيه دحيحه دحيحه يعني.
ابعد هو نظره مُصوبها تجاهها عندما كانت تجلس رِفقه صديقتها أسفل شجره كبيره يدرسون بِجد، اخذ يجول بعينيه حول ملامحها وطريقتها التي اخذت عقله عندما بدأت تتحدث معه رفيقتها وكأنها تشرح لها.
فاق من شروده عندما صفق صديقه أمام وجهه بخبث يردف :
- مالك كده روحت فين؟!
- ابداً، إسمها ريم إيه؟!
- ريم الجبالي بس بتسأل ليه!
عاوز افهمك حاجه بس قبل ما تتهور البنت دي مش زي بقيه البنات اللي بنشوفها يعني بلاش تغلّس عليها.
- اغلّس!
قالها "مدحت" بضيق يزفر بقوه ثم أكمل :
- متقلقش بيبقوا في البدايه كده بس بكلمتين بيتحولوا، كلهم شبه بعض ي باسم.
انتهى من جملته بألم ينظر إليه باسم بعدم فهم يردف :
- لأ صدقني دي غيرهم أنا أدري ي مدحت، كل دفعتي كوم والبنتين دول كوم تاني الشهاده لله، محدش بيتجرأ يتجاوز معاهم، تعرف هما أكتر ناس مُميزه في الجامعه، فيها إيه لو كانت كل البنات كده؟!
لم يُعير لجملته أي إهتمام، يُتابعها فقط بخبث ثم تمهل كي يذهب إليها لكن اوقفه باسم الذي ترنح وهو يقول :
- بلاش ي مدحت، بلاش هما.
- واشمعني هما بقي؟!
قالها "مدحت" يستشيط غيظًا بينما اردف "باسم" :
- علشان هما مش زي البنات اللي انا وأنت بنعرفهم ونكلمهم، الله يهديك روح جامعتك دلوقتي وانسى اللي بتفكر فيه.
- ليك سكه مع حد فيهم ولا إيه؟!
قالها "مدحت بخبث يُراقب باسم الذي نفي سريعًا مُردفًا :
- ابدًا والله انا بعتبرهم زي أخواتي مش أكتر.
- أخواتك برضو! اللي يشوفك دلوقتي يقول عليك غلبان وأنت مقطع السمكه وديلها.
- أنا مقطع السمكه آه بس لسه موصلتش لديلها واتمنى موصلش ي مدحت، ربنا يعفينا.
نظر إليه "مدحت" بتعجب لثواني ثم تنهد مُبتسمًا يقول قبل أن يرحل مُتجهاً إليهم :
" طيب اتفرج بقي على اللي مقطع السمكه ووصل لديلها."
خبط" باسم" رأسه بِقله حيله منه ومن أفعاله لكنه يثق بأنه سيعود خائب الرجا، لذا اخذ يُراقبهم من بعيد عاقدًا ذراعيه أمام صدره، يراقب تلك الدراما التي ستحدث.
- هاي ازيكم.
قالها " مدحت" والابتسامه تفترش ثغره ينظر إليها فقط بتمّعن، تطلعت هي إليه بتعجب وهي تنظر إلى "هنا" الجالسه جوارها بإندهاش لترد ريم وقتها بهدوء :
- الله يسلمك.
- انتو في علاج طبيعي صح؟
قالها هو بِخفه لتنظر إليه "ريم" تعقد حاجبيها بإندهاش مُتسائله :
- أيوه خير!
- وحضرتك عرفت منين بقي؟!
قالتها "هنا" بسخريه ليرد هو وقتها مُحمحمًا :
- ابدًا اصلكم قاعدين قريبين من مبنى الجامعه فخمنت!.
- امم وبعدين!
قالتها "ريم" بملل وضيق وهي تحاول أن تقرأ ما بيديها، فكان على الأغلب يُوجد إمتحان لهم بعد قليل، نظر هو إليها بترنح وكاد أن يتفوه لكن توقف ببلاهه عندما نهضت ومعها رفيقتها ينظرون بالساعه تردف ريم :
- معلهش عن إذنك.
ساروا من أمامه ينظر هو إليهم بصدمه وإرتباك عندما لاحظ" باسم" الذي كان يُتابعه مُبتسمًا من بعيد، اقترب منه يقول :
- مش قولتلك.
- لأ علفكرا هما عاديين جدًا، هما تقريباً كان عندهم إمتحان.
قالها "مدحت" مُحاولاً إخفاء خجله ثم أكمل :
- تعالي تعالي نروح الكافتيريا نروق على نفسنا.
باك.
- ليه ي مدحت؟!
آته صوت" ماهر" الذي كان يرمقه بعتاب وصدمه اتضحت من عينيه، نظر صوبه بصعوبه وتلجم لسانه عن الحديث تاركًا "ماهر" يُكمل وصله تأنيبه هذه :
" ليه عملت وبتعمل كده؟!، أنت ي مدحت، أنت!!"
ابتلع ريقه بصعوبه وجبينه قد تصبب عرقًا وجسده قد بدأ بالتشنج، لم يستطع التفوه بأي حرف، ينظر إلى "ماهر" فقط، احتدت ملامحه وقتها ينهض من مكانه يجول مُمسكًا برأسه بصدمه وهو يقول :
" انا مش قادر استوعب.. مش قادر ي مدحت، ليه بتعمل مع بنات الناس كددده!!! إيه هدددفك! فلوس وعنددددك جاااه وسلطه وعنددددك، يبقيييي فهمنيييي في اييييه!"
اغمض "مدحت" عينيه بضعف وألم وقد بدأت الدموع تتجمع ثم سقطت كالشلال فور انتهاء ماهر من حديثه الذي آلمه كثيرًا ثم تنفس الصعداء يردف بصوت خافت :
" أنت عرفت إزاي! "
- مش مهممم عرفت ازااي، المهم أن الكلام ده حقيقي! حقيقي ي مدحت!! انتت!
قالها" ماهر" بعصبيه فريده من نوعها اثر كل شئ يدور في عقله فقد أخرج اوجاعه وهمومه هو الآخر في حديثه.
- هي اللي قالتلك؟!
- دانت مجنووون رسمييي، أنت ليككك عين تتكلم هاااا! أنت مِلتك اييييه!
- صدقني انا اتغيرت ي ماهر، والله اتغيرت، ندمت عن كل حاجه عملتها، نفسي ربنا يسامحني، توبت والله وندمان.
قالها "مدحت" بألم وضعف عندما وقف مُقابله بينما قابله "ماهر" بغضب وسخريه يقول :
- اتغيرت دلوقتي؟؟!! وبالنسبه للصور المُخله اللي بعتهالها إمبارح وهددتها بيها مكنتش لسه ندمت! متعرفش قد إيه انا مكسوف منك وزعلان من نفسي إني عرفت حد زيك وفي حقارتك.
نظر إليه "مدحت" بعدم إستيعاب يردف :
- صور إيه!! وهددت مين!
- لأ ي شيخ! عليااا أنا برضو؟!
- ماهر صدقني صور إيه اللي بتتكلم عليها انا معرفش عنها حاجه! وحياتك عندي ما اعرف بتتكلم على إيه؟!!
نظر إليه ماهر بغضب يصيح :
- انت اتهبلت في نافوخك ولا ايييه! أومال انا جايبك هنا ليه وانت ماشي معايا على الخط يعني بعت وهددت!
- أنا افتكر ريم حكتلك عن موضوع اخوها.
قالها "مدحت" ثم صمت بعدما فَهِمَ أنه لم يعلم شئ، بينما نظر إليه "ماهر" بتوجس يردف :
- اخوها!
ماله اخوها هو كمان!
قالها ماهر بغضب وقلق ينظر إلى "مدحت" الذي نظر إلى الجانب الآخر بخجل ينظر بالفراغ، أعاد "ماهر" جملته بغضب يُقابله وعينيه وقتها كانت مليئه بالشرار إضافهً لذاك الاحمرار المُريب الذي ظهر لعدم نومه مُنذ أمس.
- انا... انا السبب في موت أخوها.
قالها "مدحت" يبتعد عن "ماهر" عِده خطوات فهو يعلم جيدًا ماذا سيحل بِه الآن منه.
وفجأه وجده يجلس بصدمه وضعف أعلى أحد الكراسي يحاول إستيعاب تلك الجمله الذي انتفض قلبه على اثرها، مسح "مدحت" وجهه بقوه وهو يقول بندم :
" والله ندمت... ندمت ي رررب... ارحمني بقي وريحني من حيااااتي."
- ندمت؟!
قالها "ماهر" والصدمه تحتل وجهه ثم أكمل :
- يعني اللي سمعته صح؟!.. يعني أنت قتلت! قتلت يعني! انتتتت قتلتتتت رددددد عليااا..!
صاح بجملته مُنفجرًا ينتفض من مكانه يلكمه في وجهه بقوه جعلته يرتمي أعلى أحد الكراسي بإنكسار وضعف لأول مره يشعر به يقول وسط دموعه وحصونه التي انهارت :
" ايوه قتلت.. قتلت ي ماهر ومش بس اخوها لأ ده انا قاتل غيرهم كتير."
لم يشعر ماهر بيديه التي بدأت في ضربه بقوه، فقط يرى مجرم أمامه بل عدو متمثل في هيئه صديقه، وبعدما تنفس "مدحت" بصعوبه، والدماء تعلو وجهه اردف بنبره حزينه :
- كفايه ي ماهر.. متزودهاش عليا ي صاحبي، كفايه اللي فيا... أرجوك خليك معايا أنا مليش غيرك، اسمعني الأول وبعدين اعمل فيا اللي أنت عاوزه، بس وحياه أغلى حد عندك لتسمعني.
- أسمع إيه! أسمعك وانت بتشرحلي قتلتهم إزاي!
قالها "ماهر" ووجهه قد تحول للون الأحمر الدموي ويديه التي قد تبدلت وبدت مُلتهبه أثر ضربه العنيف، يجلس على أحد الكراسي بينما "مدحت" تحامل رغم تَعبه وضعفه يترجل إليه جالساً مُقابله بإنكسار وحزن.
- حُبي لريم عماني ي ماهر.
قالها "مدحت" بهدوء ولم يعلم أنه اثار غضب ماهر الذي كور قبضه يده بصعوبه مُتفاديًا ضربه ثم أكمل مدحت :
- أنا حبيت ريم اوى واتعلقت بيها، بس هي مشافتنيش ي ماهر! رفضتني جرحت رجولتي وهانتني قدام الجامعه كلها وفرجت عليا الناس! الإنتقام عماني وقتها مستحملتش اللي عملته فيا ي ماهر، اتحاملت على نفسي وقابلت اخوها وكلمته واعترفتله بحبي ليها، متقبلش كلامي خالص ي ماهر وعمل زي ما أخته عملت واهاني قدام كل اللي في الكافيه بدون داعي، عيشت فتره وحشه اوى ربنا ما يكتبها على حد، حاولت معاها كتير وكنت بروح الجامعه مخصوص علشان اكلمها، كان نفسي تديني وشي حتى ي ماهر او تهديني من النار اللي كانت جوايا لو كانت عملت كده مكنتش هبقي كده دلوقتي مكنتش هلوث أيدي بالطريقه دي، ايوه ي ماهر قتلته، بعت حد بعربيه يموته على أساس أنها حادثه، هي عمرها ما كانت هتعرف إني وراها غير لما كلمتها.. انا بنفسي قولتلها علشان احرق دمها واشوف كسرتها وذلها قدام عيني واشبع منه، بس للأسف كنت فاكر إن ده الحل! طلعت أغبي إنسان في الدنيا... من وقتها وانا متقدمتش يوم لقدام وفضلت ماشي في السكه دي لحد من قريب.. وعيت ي ماهر صدقني انا ندمان.. انا مستعد أعمل اي حاجه في الدنيا علشان اكفر عن ذنوبي وانهم يسامحوني.
كان "ماهر" ينصت إليه ويديه حول وجهه، يغمض عينيه من هول ما سمع، لكن ماذا يفعل، بماذا يُفيد ضربه في مثل هذا الموقف ليُكمل وما زال على هذه الوضعيه :
- والصور اللي بعتها ليها وغيرها من البنات اللي بتعمل معاهم كده؟!
- صور إيه انا مش فاهم حاجه!!!
قالها "مدحت" مُنتفضًا نافيًا ذلك بوضوح، ليُنادي "ماهر" بعسكري غرفته كي يأتى بهولاء الشباب إليه.
وعندما دلفت ندي ومعها بقيه الشباب، ابتلعت ريقها بصدمه وخوف من رؤيته، بل هؤلاء الشباب كانوا أكثر توتر ينظر كل منهم للآخر بصدمه.
نظر "مدحت" بندم صوب ندي التي كانت تُخفي نفسها وجسدها بخوف يقول بعدم فهم من وجودها بهذا المكان :
- ندي!!.. أنتي إيه اللي جابك هنا؟!!
نظرت هي إليه بخوف وقد بدأت بالبكاء بينما "ماهر" نهض يقول بتعجب وضيق :
- يعني إيه اللي جابها هنا؟!! حضرتك اللي جايبها هنا.!
- انااا!!
قالها "مدحت" بصدمه يُنفي ذلك سريعًا مُردفًا :
- والله ما أعرف أنت تقصد إيه، والله ما جبت حد هنا ولا ليا علاقه.
نظر "ماهر" بترّقب يُعيد نظره إلى ندي مُوجهاً حديثه إليها :
- ها ي ندي مش قولتي إنه هو السبب وهو اللي جابك هنا!
انكمشت ندي خوفًا منه ومن ما سيفعله معها بعدما تتحدث لكن لِما ستُبقى على حياتها بعد الآن! لذا اردفت بثبات وقوه :
- ايوه ي بيه هو.
- أنا ي ندي!!
وحياتك عندي ي ماهر ما اعرف اصلا هي جايه هنا لي ولا فاهم حاجه صدقني.
راقب "ماهر" بنظراته هولاء الشباب البادي على ملامحهم التوتر ينظرون إلى بعضهم البعض، وقف أمامهم ينظر إليهم وهو يقول بسخريه :
- دول الشباب اللي أنت اجرتهم وخليتهم يخطفوا البنت المسكينه دي لشقه مفروشه ويصوروها في وضعيات مُخله.
- نعمممم! شقه مين وشباب مين انا اصلا معرفهمش ي ماهر انا اول مره اشووفهم.!
قالها "مدحت" بصدمه ليردف "ماهر" :
- إيه القط أكل لسانكم؟! ما تردوا عليه وقولوله اللي قولتهولي.
- هيردوا يقولوا إيه ي ماهر وانا اصلا معرفهمش، أول مره اشوفهم.
- استني أنت ي مدحت.
قالها "ماهر" بغضب ثم أكمل إليهم بعنف وضيق :
- لأ ي حيلتهااا منك له، انطقوااااا بدل ما أكرمكم في محاضِر من اللي قلبكم يحبها وانا خايف لأحسن ده انا كريم أوي هكرمكم بزياده، انطقققق ياااض أنت وهووو.
- هو بصراحه، هو ميعرفناش فعلاً بس مساعده شوقي اللي تحت ايده هو اللي يعرفنا.
- أيوه كمل سامعك متوقفش.
قالها "ماهر" بِحده يهز جسده بضيق ليُكمل :
- شوقي ده هو العقل المدبر هو اللي بيأجرنا نعمل الحاجات دي منه يستفيد ويفيد.
- شوقي!
قالها "مدحت" بصدمه ليرد ماهر بسخريه :
- إيه كنت منتظر منه الوفاء! كنت مآمنه ولا إيه! مهي الحياه كده درووس، ولازم تنخدع من أقرب الناس ليك.
قالها ماهر مُشددًا على جملته الأخيره بسخريه ثم اردف :
- يعني كده مدحت ملوش دخل في سهرايه الصور والفيديوهات اللي بتعملوها وبتهددوا الناس بيها؟!
- ايوه ي بيه ميعرفش حاجه، شوقي هو اللي عاوز يرزق من وراه على إسمه.
- طيب ي حيِلتها منك ليه بما أنكم هنا مشرفيني ومنوريني في السجن، مين اللي بعت صور مِفبركه لريم الجبالي يهددها بيها؟!
- أكيد شوقي ي باشا، هو برضو اللي نشر صورها على النت وفضحها وقتها كان هو مش مدحت.
- فضحها!!
قالها "ماهر" والدماء تغلي في عروقه مُتماسكًا للنهايه وإلا سينفجر ويدمر من حوله.
نظر "مدحت" إليه بصدمه هو الآخر من ما سمعه لكن ماهر لم يُبالي فيكفيه ما ارتكبه وأي إرتكاب هذا بل قتل!!
- أنتي كده ي آنسه متقلقيش على نفسك، شويه إجراءات وهتخرجي.
قالها "ماهر" موجهًا حديثه إلى ندي التي كانت تنظر إلى مدحت بعينين باكيتين لكن هذه ليست مجرد نظرات بل نظرات حب مصحوب بعتاب، لاحظ ذلك ماهر الذي ظل يُراقب نظراتهم كثيرًا إلى أن اردف :
- تقدري تتفضلي دلوقتي.
امآت له وهي على وشك الخروج لكن توقفت قدميها عندما سَمِعت صوته وهو يقول :
"أنا آسف ي ندي"
نظرت إليه وانفجرت بالبكاء تقول بين شهقاتها التي جعلت ماهر يُراقب الوضع بعدم فهم :
- آسف على إيه ولا إيه!
- آسف على كل حاجه.. كمان بشكرك من قلبي.
رمقته هي بعدم فهم تمسح دموعها ليُكمل هو :
- أنتي كنتي السبب في هدايتي ي ندي، انا حاليًا ندمان ومقروف من نفسي بسببك أنتي، سامحيني لو تقدري على كل التعذيب اللي عذبتهولك.
- غريبه يعني إنك مقتلتهاش زي غيرها مانت طلعت قادر وسفاح الجيزه اهو معانا!
قالها "ماهر" بسخريه لكنه كان يقصد شئً محدد بجملته.
استدار "مدحت" إليه بألم يقول :
- مقدرتش.!
- ليه صعبت عليك كفالله الشر!
ما زال ماهر يوجعه أكثر بحديثه، اغمض عيناه يتمنى في هذه اللحظه أن تنتهي حياته فلم يعد قادرًا على تحمل هذا الأمر أكثر من ذلك يقول :
- معرفش ي ماهر كل اللي أعرفه إني مقدرتش.
- لأ فيك الخير والله، يلا ي آنسه ندي كلها شويه وتخرجي.
امآت "ندي" ثم ترجلت بقدميها ونظر هو في اثرها بحزن لتتوقف بعدها تنظر إليه قائله :
- مسامحاك.
اجهش هو باكيًا بعد جملتها، يُراقبها حتى اختفت عن عينيه، لاحظ ماهر كل ذلك ليجلس مكانه يقول بتعجب :
- بتعيط عليها! امم.. دانت اللي قتلتلها أخوها معملتش معاها كده ي أخي.
- مين قالك إني مش مقهور وبتمني الموت، بتمنى هي كمان تسامحني، مش هقدر استحمل كل ده ي ماهر مش هقدر..كتير عليا ي صاحبي.
لاحت إبتسامه ساخره على وجهه يردف :
- صاحبك؟! صاحب إيه بقي، قول كلام غير كده
تعرف ي مدحت يوم ما قابلتني في المطعم وهي كانت موجوده وفجأه شكلها أتغير وأنت كذلك حسيت وقتها أن في حاجه بس كنت بكدب نفسي، أنا مش قادر أتكلم ولا اوصفك بأيه بس كل اللي أقولهولك ربنا يعينيك ويتولاك برحمته.
- سامحني ي صاحبي.
قالها "مدحت" ووجهه قد بدأ بالشحوب فمن كان يراه الآن لأقسم أنه سيُفارق الحياه حتمًا.
- اللي بيسامح العباد ربنا.
قالها "ماهر" بجمود ينهض من مكانه يردف :
- طبعًا دلوقتي أنت حر منقدرش نسجنك لأن مفيش إدانه ولا دليل ضدك غيري ي مدحت بس انا هسيبك هعتبر نفسي مسمعتش حاجه.
نظر إليه "مدحت" بحزن وقد خرت قدميه يجثو على ركبتيه بألم ليُكمل :
- سايبك لربك هو اللي يتصرف معاك هيبقى حنين عليك عننا في كل الحالات.
وبعدها اخذ مفتاح سيارته وهاتفه مُتجهًا للخروج لكن قبل أن يرحل نظر إليه يقول :
- أنت محبتش ريم ي مدحت ولا عمرك حبيتها، الحب إنك تكون على إستعداد إنك تدمر حياتك بإيدك لو ده هيسعد حبيبك مش العكس ي مدحت، أنت حبيتها حب اناني.. حب تملّك مش هسميه حب حتى لأنه عمره ما كان حب
أنت متعرفش معنى الحب ي مدحت لو كنت تعرفه كنت حسيت إنك بتحب البنت اللي إسمها "ندي" وأنت مش واخد بالك، شايف أنت مسكت نفسك إزاي رغم كل الإهانات والعذاب اللي عذبته ليها لكن مقدرتش تقتلها! يمكن اخدت وسيله تعذيبك ليها دي علشان تدفن الشعور اللي كان بيتولد جواك تجاهها، مكنتش عاوز تحب ولا تتحب ي مدحت للأسف... للأسف ي صاحبي.
خرج "ماهر" وقتها بغضب ظاهري لكن قلبه كان يتمزق من كل كَلِمه قالها إليه وهو يعلم جيدًا شعور صديقه ويعلم ايضاً بشأن توبته النصوحه، يدعي الله داخله بأن يتولاه برحمته.
أما بالداخل لم يشعر "مدحت" بنفسه إلا وهو يبكي كالأطفال، يمسك رأسه بقوه وكلِمات ماهر تتردد في اذنيه يصرخ بقلبٍ مفتور :
- ي رررب.
وبعد قليل نهض يجذب قلم بيديه يبدأ في كتابه رساله إلى ماهر تاركها في مكتبه كي يراها، وعندما كاد على وشك الخروج
وقعت عيناه على مصليه جانب مكتبه، أغلق الباب، مُتجهًا إليها يحملها بين يديه ببكاءً ولم يشعر بنفسه إلا وهو يوضعها وقد بدأ بالصلاه، حتى أنه كان يُصلي ولم يعلم أي وقت سيصليه فقط انتابه هذا الشعور فجأه حتى وافقته المنيه أثناء صلاته
وتحقق ما تمناه قلبه بأن يأخذه راضيًا عنه، فربُك ربّ قلوب مع المنكسرين جابر، فقد اُحسنت خاتمته وقبل توبته بعد كل هذه المعاصي والذنوب ثم آتي خالقه تائبًا مُنيبًا فغفر له.
"اللهم ارزقنا جميعًا حُسن الخاتمه"