رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم نورهان ال عشري



رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل التاسع والثلاثون بقلم نورهان ال عشري 


الفصل التاسع و الثلاثون ج ١


منذ اللحظة الأولي التي وقعت فيها في حبك و أنا أشتهي نومه طويله بجانبك يرافقني فيها انفاسك العطرة و دفء عناقك و رائحتك الشهيه و عندها سأعلن إعتزالي للعالم أجمع ! 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


نظرت ناهد الي هذا الشخص الذي ظنته لوهله شخص آخر تعرفه فقالت بزهول


" سالم ! "

طالعها على بصدمه فهل يمكن أن تحدث تلك الصدف علي أرض الواقع فتلك السيدة هيا قريبه والدته و التي ظنت أنها ماتت منذ سنوات .. منذ أن رأى ذلك الاهداء علي تلك الصورة و هو لا يصدق ما يحدث 


فلاش باك 


كانت كلماتها مؤلمه بقدر ما كانت مهينه لا لكرامته بل لقلبه الذي كان يتلهف للإجتماع بها حتي يخبرها عما يحمله لها بين طياته من مشاعر عميقه قد أختبرها كثيرا قبل أن يسلم راية عشقه لها و في المقابل نال منها صفعه تجاهل قاسيه لمشاعره و مشاعرها في آن واحد دون أن تعطي له أي حق فيما فعله فمن أهينت أمامه كانت والدته و هو غير نادم أبدا عن دفاعه عنها و إن عاد الزمن سيكرر فعلته بشكل أكثر قسوة هكذا أخبره عقله و انصاع له قلبه الذي طعنته قساوة كلماتها في الصميم و لكن كبرياؤه ابى عليه أن يظهر ضعفه تجاهها حتي أمام نفسه فهب من مكانه و أخذ يبحث عن هاتف آخر كان يحتفظ به للطوارئ فلم يجده فتمكن منه الغضب مرة ثانيه و قام بإفراغ محتويات الدرج بعصبيه ثم حمله و قام برميه علي الأرض و جلس علي السرير خلفه بيأس و اخفض رأسه واضعا إياها بين يديه ناظرا الي الأرض مغمضا عيناه و أخذ يحاول أن يعيد تنظيم أنفاسه لعدة ثوان ثم قام بفتح عيناه التي وقعت علي تلك الصورة لقريبتهم هيا و طفلها فأمسك على الصورة و نظر إلي ملامح ذلك الطفل لثوان ثم قلبها بلامبالاه ليجد ذلك الاهداء


" أهدي هذة الصورة لأختي و صديقتي الغاليه فاطمه و هيا أغلي ما امتلك فبها صغيري و حبيبي و طفلي الغالي رائد "


كرر على الاهداء ثم لمع وميض الذكري في عقله فهب واقفا من مكانه و عقله يردد " أيعقل أن يحدث هذا ؟؟!"


اخذ على يبحث في أوراقه ليجد ذلك الملف الذي أعطاه إياه صديقه شادي و الذي يحتوي علي معلومات عن ذلك المدعو رائد فأخذ ينظر إلي صور فوتوغرافيه له قبل سنوات و يقارنها بصورة ذلك الطفل هناك شبه كبير بينهما و لكن عليه أن يتأكد بنفسه . 


قام على بالبحث عن الهاتف البديل فوجده أخيرا و وضع به شريحته و ما أن فتحه حتي وجد إتصال هاتفي فأجاب بلهفه ليجده شادي صديقه و الذي قال سريعا 


" فينك يا ابني عمال ارن عليك تليفونك مقفول !"

علي بلهفه 

" شادي في حاجه مهمه عايزك تنفذهالي "

شادي باستفهام 

" حاجه ايه ؟"

" انا لازم اقابل ناهد دي في اقرب وقت "

" أنا أساسا كنت متصل عليك بسبب كدا .. رائد دا من شويه صغيرين جه بيته و طلع يجري زي المجنون دا حتي نسي يقفل باب العربيه وراه و المراقبه بتقول أنهم سامعين صوت زعيق و خناق فوق .."


كان على يتحدث الي شادي و هو يرتدي ثيابه بسرعه فقال لاهثا 

" ابعتلي العنوان انا رايح علي هناك .."


شادي باستنكار 

" تروح تعمل ايه هناك يا على انت مجنون !"

على بحدة 

" الموضوع دا لازم يخلص النهاردة و أنا لازم اقابل الست دي أنجز ابعتلي اللوكيشن "


أنهى على المكالمه ثم توجه إلي الخارج و أدار سيارته و انطلق سريعا الي ذلك العنوان الذي أرسله إياه صديقه الذي هاتفه و اخبره بخروج رائد العاصف من المكان لينتهز تلك الفرصه و يصعد الي هذه الشقه لكشف الحقيقه بنفسه 


بااااك 


أجابها على بهدوء و قد حاول السيطرة علي انفعالاته 


" انا محمود صاحب رائد هو مش موجود و لا ايه ؟"


طالعته ناهد بنظرات تائهه فقد كان يشبه سالم كثيرا فهيا لاتزال تذكره عندما تقدم لخطبه فاطمه و لكن ذلك الشاب محق فسالم الان في عمر الستون أو أكثر لذا لا يمكن أن يكون هو و لكنها بالرغم من خوفها من الغرباء فهيا ارتاحت لذلك الشاب

 .كانت ناهد شاردة تنظر إليه فقام هو بفرقعه أصابعه أمامها فخرجت من شرودها قائله بارتباك

" أأأسفه فكرتك حد اعرفه .. في الحقيقه رائد خرج من شويه ."


 على محاولا أن يخلق أحاديث معها 

" حضرتك والدته مش كدا ..؟"


ناهد بارتباك 

" أاااااه .. لا .. لا .. انا واحده قريبته !"

على بهدوء 

" طب ممكن كوبايه ميه .. اصلي جاي من طريق طويل و كنت عايز رائد في موضوع مهم بس ماليش نصيب أقابله بقي .."


أخذت ناهد تنظر إليه بحيره ثم رأت في عينيه الاطمئنان فهزت رأسها و دخلت الي المطبخ فرن هاتف على الذي أجاب بصوت خفيض

" إيه يا شادي في ايه ؟ "


شادي بلهفه 

" انزل من عندك بسرعه يا على في عربيه دفع رباعي جت وقفت قدام البيت و فها ناس شكلهم ميطمنش طالعين علي فوق انا واثق أنهم طالعين عند الست دي "


على بعمليه 

" أأمن طريق للهروب ايه ؟"

" الشقه دي ليها باب في المطبخ اطلع منه و انزل عالسلم هتلاقيني مستنيك بالعربيه عند الباب الي في ضهر العمارة ."


تحرك على و قام بإغلاق الباب بالمفتاح الذي كان بالداخل و قد أخرج سلاحه المخبئ بين طيات ملابسه فوجد ناهد تسكب المياه في الكوب فقام بضربها بمؤخرة سلاحه فوق رأسها و هو يردد 

" سامحيني بقي يا خالتي بس للضروره احكام "


فسقطت بين ذراعيه فاقدة للوعي فحملها و قام بفتح ذلك الباب و النزول علي السلالم بسرعه كبيرة ليصل إلي ذلك الباب مباشرة بعد أن سمع صوت إطلاق رصاص في الأعلي ليقابله شادي الذي صُدِم عندما رأى على يحمل تلك السيدة و قال بدهشه

" الله يخربيتك انت عملت فيها ايه ؟ "


على بلامبالاه 

" ضربتها بالمسدس علي دماغها "


شادي بزهول

" نهار ابوك اسود انت اتهبلت يا ابني !"

على بملل 

" هتتنيل تركب. و لا مستني لما ييجوا يخلصوا علي اهلك هنا ؟"


شادي و قد استوعب الأمر و صوت طلقات الرصاص فهرول الي جانب علي الذي جلس في كرسي السائق بعدما وضع ناهد في الخلف و ما أن جلس شادي بجانبه حتي انطلق بالسيارة بسرعه كبيرة فلم يستطع ايا من هؤلاء الرجال اللحاق بهم ليزفر قائدهم بغضب و قام بالرد علي هاتفه الذي أخذ يرن قائلا بأسف 


" للأسف يا بوص وصلنا متأخر و في حد هربها ! "


*****************


كانت كاميليا تلزم غرفتها منذ أن سمعت ذلك الحديث المسموم في غرفه المكتب بين يوسف و أدهم و قد أيقنت بأن كل ما اخبرها جدها به كان حقيقه فيوسف قد اعطي له وعدا بالزواج من نيفين تلك الخاطرة التي كلما مرت علي ذهنها تجلدها و كأنها صوت خلق خصيصا لجعلها تنزف من فرط الألم الذي لا يعادل وجعه اي شئ في هذه الحياه..


و أيضا في اليوم الثاني عندما طلب يوسف الاجتماع بروفان و والدته سرا دون أن يخبروها فهي قد سمعت روفان و هيا تتهامس مع صفيه بصوت منخفض عن ذلك الاجتماع الذي كان يقتصر عليهما فقط و الذي كانت قد رجحت سببه بأنه يريد أن يخبرهما قراره بالزواج من نيفين !


و لاول مرة لا تسعفها الدموع و تسقط علها تريحها قليلا بل عاندتها أكثر مثل تلك الحياه التي كلما رأتها تفرح و لو قليلا أعطتها من العذاب ما يجعلها تحزن دهرا و لم ترأف بحالها و لو لمرة واحده و لكن تلك المرة كان العذاب اكبر من قدرتها علي التحمل فهيا لا تذكر تلك الليله كيف صعدت مرة ثانيه الي غرفتها و ارتمت علي سريرها تحتضن نفسها بذراعيها علها تخفف قليلا من تلك البرودة التي لفت جسدها فجعلته صلب كالفولاذ و حجرت العبرات بعيناها حتي عندما شعرت به يدخل الي غرفتها و يقترب منها كل ما استطاعت فعله هو التظاهر بالنوم و لم تستجيب خليه واحده بجسدها لتلك القبله التي وضعها فوق جبينها ثم أخذ يناظرها لثوان قد يأس فيهما من أن تلتفت إليه و خرج مغلقا الباب خلفه بهدوء .. 


لامت نفسها كثيرا كيف أنها لم تصرخ بوجهه و تقول له 

لما ؟؟! لما اتيت أن كنت تنوي الابتعاد ؟ لما تقترب مني و في داخلك تنوي الزواج بأخرى ؟

 بأي ذنب تقتلني لتحييها ؟؟ 

عند هذا الخاطرة ارتجفت شفتيها و فرت دمعه يتيمه من عيناها اتبعها سيل من الدموع التي اشفقت علي ذلك القلب الي لم يعد قادر علي التحمل..


اخذت شهقاتها تزداد شيئا فشيئا و ظلت تبكي لوقت طويل لا تعلم مقداره الي أن هدأت تدريجيا ثم قامت من مكانها واتجهت الي احد الأدراج.و قامت بإخراج كتاب كبير و أخذت تبحث بين أوراقه حتي وجدت ضالتها تلك الرساله الوحيدة المتبقيه لها من والدتها فشرعت في قرائتها بشفاه ترتجف الما و وجعا و فقدا 


" بنتي حبيبتي كاميليا ..

 لما تقري الجواب دا هكون انا اكيد فارقت 

الحياه . بس عمري ما هفارقك أبدا لإني هفضل عايشه في قلبك . عيزاكي تعرفي إني بحبك اوي و انك اغلي حاجه عندي في الدنيا و لو طولت افديكي بروحي هفديكي بس للأسف في حاجات كتير مبتكونش بأيدينا و قدرنا أننا نعيشها .. عارفه انك هتتعبي اوي مع الناس الي انتي عايشه معاهم دول و عارفه انك هتحاربي كتير عشان تعرفي تعيشي وسطهم بسلام بس انا واثقه في بنتي أنها قويه و عمرها ما تتهزم . خليكي قويه يا كاميليا اوعي تبيني ضعفك لحد أبدا حتي لو كان مين. هييجي يوم و يستغله ضدك و خليكي دايما عندك إيمان بربنا كبير . و اعرفي أن الشر عمره ماهينتصر و مهما قوي هييجي يوم و يتهزم وقتها هتعرفي قيمه طيبتك و إنسانيتك و هتعرفي إن ربنا عادل اوي .. متتعشميش في حد عشان العشم دا اكتر حاجه وجعها صعب في الدنيا اتعشمي في ربنا عشان ربنا كبير اوي و عمره ما هيخذلك . و اعرفي اهلك يا كاميليا انا هسيبلك في آخر الجواب عنوان فاطمه اختي انتي عمرك ما شوفتيها و لا تعرفيها بس هيا هتكونلك زيي و اكتر لما تضيق بيكي الدنيا متتردديش انك تروحيلها و لما تروحي لها قوليلها زهرة بتقولك * حافظي علي ضناها اوي * خليها تحضنك اوي بالنيابه عني .. خليها تسلمك بايدها لعريسك الي يصونك و يحافظ عليكي .. و اوعي تصدقي اي كلمه وحشه تتقالك عني يا بنتي اعرفي أن امك اشرف ست في الدنيا .. خلي بالك من نفسك يا بنت قلبي و روحي و خليكي قويه يا كاميليا اوعي تضعفي و لا تسيبي الدنيا مهما جت عليكي تضعفك 

                            بحبك اوي 

                           " ماما زهرة "


قرات كاميليا هذا الخطاب للمرة التي لا تعرف عددها. في كل مرة تسقط عبراتها بغزارة و لكن هذا المرة كانت مختلفه فقد هبت واقفه و أخذت تمسح بقايا دموعها ثم طوت الخطاب و وضعته في مكانه و دخلت الي المرحاض لتأخذ حماما دافئا ثم ارتدت اجمل ثيابها و جهزت بعضا من اغراضها الخاصه في حقيبه و خرجت متجهه الي الأسفل و ذهبت الي المطبخ فوجدت صفيه تقف مع الخدم لمباشرة طهو طعام الغداء فاتجهت كاميليا تجاهها و قالت بهدوء 

" ماما صفيه !"

التفتت صفيه اليها تناظرها بحب قائله بحنان

" نعم يا حبيبتي."

كاميليا بابتسامه بسيطه و بلهجه حاولت أن تكون ثابته 

" ممكن اروح ازور خالتو فاطمه و البنات وحشتوني اوي و نفسي اشوفهم " 


صفيه بتردد فهيا تشفق علي حال تلك المسكينه خاصة و هيا تري إنشغال يوسف الدائم عنها و تشعر بحزنها و إنطفائها منذ ذلك اليوم في المشفي و خاصة عند علمها بما ينوي رحيم أن يفعله بها و بطلبه من يوسف بالزواج من نيفين فهيا تشفق كثيرا عليها مما حدث و سيحدث

" طب قولتي ليوسف ؟ "


انمحت بسمتها و حل محلها اسامه حزن كبيرة سيطرت علي نظراتها و قالت بنبرة مهزوزة قليلا 

" يوسف مشغول الله يكون في عونه .. انا قولت استاذن حضرتك لو مكنش عندك مانع اروح !"


ذلك الرجاء في صوتها و هذا الحزن الذي يسيطر علي ملامحها جعلا صفيه تحسم قرارها سريعا فقالت بلهجه حازمه و لكن حانيه

" روحي يا حبيبتي غيري جو و انبسطي و متقلقيش أنا هقول ليوسف ."


ودت كاميليا بأن تخبرها بأنه لن يسأل عنها بل إنه لن يلاحظ غيابها من الأساس و لكنها آثرت الصمت فهزت رأسها قائله بإمتنان

" شكرا "


كانت صفيه تود إحتضانها كثيرا و لكنها تراجعت فهيا تعلم بأنها علي شفير الانهيار الآن و أن أي بادرة حنان منها قد تجعلها تنهار و هذا ما لا تريدة لهذا قررت الذهاب الي خالتها فقالت بمرح 

" علي ايه والله نفسي اهرب و اجي معاكي يا بنتي علي الاقل الواحد يشوف اشكال نضيفه بدل الأشكال الغلط الي عايش معاها دي بس هعمل ايه حكم القوي "


ضحكت كاميليا علي مزاح صفيه فهيا تعلم بأن صفيه تشعر بكل ما يدور بداخلها و تود بأن تخرجها مما هيا فيه و هيا أكثر من شاكرة لها لتفهمها هذا فتلك المرأة كانت و لا تزال الصدر الحنون لها في هذا المنزل ..


أوشكت كاميليا علي الحديث و لكن أوقفها صوت أدهم الذي جاء من الخارج لتقول صفيه بلهفه


" كويس أدهم جه يوديكي .. عشان الخناقه متبقاش خناقتين مانتي هتسبيني في وش المدفع و تمشي .."


 خرجت صفيه يتبعها كاميليا فوجدوا أدهم ييقف أسفل السلم ناظرا الي ساعته و ما أن همت صفيه بالحديث حتي وجدت يوسف بالاعلي يتحدث علي الهاتف فنظرت الي كاميليا التي شعرت باندفاع الدم في أوردتها نتيجه لذلك الاضطراب الكبير الذي أصاب قلبها الملعون بعشقه فحاولت أن تظهر اللامبالاة علي ملامح وجهها و قالت بمرح لأدهم

" عمال تبص في الساعه عاملي فيها مهم حضرتك ؟"


أدهم و قد استغرب مزاحها فقال بإستفزاز 

" طبعا مهم انا راجل ورايا شغل مش عواطلي زي حضرتك "


كاميليا بمكر 

" هتندم عالمعامله دي علي فكرة "


ادهم بتكبر 

" عمري ما بندم علي حاجه عملتها ابدا ."

كاميليا بتخابث 

" ابدا ابدا ! يعني مفيش حاجه كدا و لا كدا ؟"


نظر إليها أدهم بنصف عين ثم قال متخازلا 

" لا مش أبدا اوي يعني .. في شويه حاجات أولها معرفتك .."


كاميليا بإستفزاز

" معرفتي ! طب يارب نفضل علي موقفك دا بعد ما تعرف انا راحه فين .."


ادهم و قد وصل إليه مغزي حديثها فقال بنبرة إستعطاف

" ايه يا كامي انتي لسه هتعرفيني النهاردة مانتي عارفه اني بهزر معاكي .."


كاميليا و قد رصدت دقات قلبها وقع خطواته علي السلم خلفها فصدح صوت ضحكتها كانغام موسيقيه عزفت علي اوتار قلبه الذي انهكه الإشتياق و لكن الغضب طوقه بأصفاد من فولاذ فوقف ينظر إلي يديها التي امتدت الي ياقه القميص الذي يرتديه أدهم و هيا تقول بدلال 


" بتهزر ! عليا انا بردو يا ادهومي !"


صفيه باستفهام 

"واد انت و هيا ما تفهموني في ايه .. هو انتي ماسكه عالواد دا ذله و لا ايه يا كاميليا قوليلي خليني انفخه "


ادهم إلي والدته 

" اركني انتي يا حاجه الله يباركلك .. انا حاسس انك لقياني قدام بابا جامع اصلا .."


ثم نظر إلي كاميليا و قال بنبرة راجيه 

" طب احلفلك بأيه انك اكتر حد غالي عليا في البيت دا ؟"


قهقهت كاميليا بدلع ممزوج ببعض من الخبث و هيا تشعر بإقترابه منها فقالت بدلال


" ياروحي خلاص متحلفش صدقتك .."


" أدهم !"

صدح صوت غاضب من خلفهم و قد كانت كل خليه بداخله ترتجف من شدة الغضب و الغيرة معا فهو كان يجاهد نفسه و يتجاهلها حتي لا يصب جام غضبها عليها و تأتي هيا الان تثير جنونه بهذة الطريقه إذن فهيا من بدأت تلك اللعبه و هو من سينهيها 


التفتت أدهم الذي كان قد غفل عن وجود أخاه بالاعلي ليجيبه سريعا و قد تيقن سبب غضبه الي جانب اسباب آخري 

" ايوا يا يوسف "


نزل يوسف آخر درجات السلم و انضم إليهم دون أن تحيد عيناه عن تلك التي كانت ترسم الهدوء علي ملامحها الخاطفه للأنظار و هذا الثوب الذي ترتديه و قد زادها جمالا فوق جمالها الذي جعل قلبه يدق بعنف و أخذ شوقه لها يتضاعف ضاربا بعرض الحائط كل الغضب الذي يحمله بداخله لها و لكن تجاهلها بهذا الشكل قد أيقظ غضبه مرة ثانيه فهيا لم تكلف نفسها عناء الإلتفات إليه بل أخذت تنظر إلي هاتفها متجاهله وجوده كليا لتشتعل أنفاسه حنقا من تجاهلها هذا و وجه حديثه الي أدهم قائلا 


" روح خلص الي قولتلك عليه و قابلني عالشركه "

أدهم بهدوء 

" حاضر"


التقمت عيناه تلك التي كانت تخرج من غرفه الصالون فقال بلهجه هادئه تنافي حدة لهجته قبل قليل 


" نيفين ."

التفتت نيفين إليه غير مصدقه بينما اشتعلت شرارة الغيرة و الغضب في قلب كاميليا و التي حاولت قدر الإمكان التحكم بملامح وجهها و السيطرة علي حدة تنفسها عندما سمعت نيفين تجيبه بلهجه هادئه و رقيقه تنافي طبيعتها 

" نعم يا يوسف !"


جاءت الطامه الكبري عندما تفوه يوسف بتلك الكلمات التي سقطت علي قلبها كالرصاصه 

" تعالي ورايا عالمكتب عايزك .. و ياريت محدش يقاطعنا "


" هذا ليس وقت الانهيار !!" هكذا أخذت كاميليا تردد في داخلها حتي تمنع عبراتها التي تجمعت عقب سماعها تلك الكلمات من فمه و خاصة عندما التفت معطيا ظهره إليهم متوجها إلي غرفه المكتب تتبعه تلك الحيه و هيا تناظرها بعينان تحملان من الشماته الكثير فأصابت قلبها بسهام الغدر فهيا قد قررت الذهاب قبل أن تري بعيناها ماهو مقدم عليه و ها هيا اسوء كوابيسها تبدأ بالتحقق بالفعل. و لكنها حاولت استخدام كل ذرة ثبات بداخلها و كلمات والدتها تتردد في أذنها بأن تظل قويه فباغتها أدهم الذي تحدث بلهجه حانيه 

" كاميليا .. "


رفعت كاميليا رأسها تناظره راسمه الجمود فوق ملامحها و لكن لم تنجح في إخفاء الألم المرتسم بعيناها و لكنه أجابته بصوت حاولت أن يكون ثابتا قدر الإمكان 

" نعم !"


" تحبي نقعد نتكلم شويه ؟ "

كاميليا بمرح لم يصل الي عيناها 

" احنا هنتكلم فعلا بس في الطريق .. عشان انت هتوصلني عند خالتو فاطمه .."


أدهم بتعقل 

" كاميليا مش دا الحل ."

تدخلت صفيه التي رأت ما حدث و رصدت عيناها نظرات نيفين و لمست ألم كاميليا فقالت بنبرة قاطعه 

" كاميليا من حقها تروح تزور خالتها وقت ما تحب يا أدهم "


أدهم بحدة 

" تستأذن من جوزها يا ماما "


صفيه بغضب 

" لما يبقي يفضالها .. و بعدين هيا اخدت الاذن مني و أنا وافقت خلاص الموضوع انتهي . و اتفضل عشان توصلها ."


زفر أدهم بقله حيله و نظر إلي كاميليا ثم قال بملل

" اتفضلي قدامي مانتوا مش وراكوا غير التعب اصلا "


سارت كاميليا خلفه و ما أن خطة بضعه خطوات الي باب المنزل حتي نظر إليها أدهم الذي أشفق علي حالتها قائلا 

" زعلانه منه ..؟!"


تنهيده قويه خرجت من جوفها قبل أن تقول 

" زعلانه دي كلمه هايفه اوي يا أدهم جمب الي انا حساه ."


أدهم بمكر 

" طب بصي حقك تاخديه منه علي مهلك بس إيه رأيك أما نولع الفرن و نحطه تحت الشوايه شويه "


كاميليا باستفهام 

" يعني ايه مش فاهمه ؟"


أدهم بتخابث 

" يعني جرعه حرقة الدم الي كانت من شويه دي هنحطلها شويه بهارات و نخلي صاحبك يقعد يكلم في نفسه طول اليوم "


قطبت كاميليا جبينها بعدم فهم و قالت 

" يعني نعمل ايه ؟"


" و لا اي حاجه الضحكه الحلوة الي هبدتيها جوا دي و خلتيه يقفل في وش الناس عايزك تهبديها اول ما نوصل عند العربيه "


كاميليا بسخريه 

" و هو هيشوفني ازاي يا خفيف !"


أدهم بمزاح 

" اقطع دراعي من هنهوه لو مكنش يوسف اخويا راشق قدام الشباك يشوفني هخرج امتا "


كاميليا بنفاذ صبر

" و. لو اني مش معشمه بس يالا يمكن كلامك يطلع صح .."


تقدم أدهم من كاميليا ما أن وصلوا الي السيارة و قام بفتح بابها في حركه دراميه بعد أن انحني أمام كاميليا التي وضعت إحدي يديها ي خصلات شعرها لتحركها الي الجهه الأخري بدلال ثم تقدمت في حركه مسرحيه و كأنها أميرة مدلله تسير بغنج تجاه الباب الذي يقف قبالته أدهم و ما أن وصلت أمامه حتي انفجرا في الضحك سويا ثم ركبت السيارة و التف أدهم الي الجهه الأخري بعدما التقمت عيناه اخاه الذي يقف خلف النافذة ينظر إليهما بعينان كانت و كأنها قادمة من الجحيم و قد اشتعل بداخله بركان الغضب الممزوج بالغيرة معا فقام بإطفاء سيجارته بعنف قبل ان يتوجه للخارج في غضب فكيف تخرج بدون أن تخبره لتلحق به نيفين عند باب الغرفه قائله باستفهام 


" يوسف انت رايح فين ؟"

يوسف بغضب و نظرات ناريه جمدتها في مكانها 

" مالكيش فيه استنيني هنا لحد ما آجي !"

تجمدت نيفين في مكانها بالرغم من أن الفضول كان يأكلها لمعرفه ما ينوي فعله و لكن نظراته كانت لا تبشر بالخير إطلاقا ففضلت عدم إثارة غضبه أكثر فهذا ليس في صالحها .


و علي الجانب الآخر كان يوسف يغلي من شدة الغضب فأخذ يبحث عن والدته و هو يصرخ بصوت جهوري كان يرن في أرجاء المنزل 

" ماما .. يا ماما !"


خرجت صفيه مهروله من المطبخ إثر ندائه بهذه الطريقه فقالت باضطراب

" ايه يا يوسف في ايه ؟"

يوسف بغضب 

" الست هانم رايحه فين من غير ما تقولي ؟"


حاولت صفيه رسم الهدوء علي ملامحها و هيا تقول ببرود 

" راحه تزور خالتها فاطمه ."


يوسف بحنق 

" من غير ما اعرف !"


صفيه بتهكم

" و هو انت كنت فاضيلها انت دخلت اوضة المكتب و قولت محدش يقاطعني المفروض هيا تعمل ايه تتحبس في البيت لحد ما تطق و تموت علي ما حضرتك تفضالها !"


تراجع غضب يوسف قليلا و شعر بوخزات الألم تنغر بقلبه و لكنه آثر عدم الإفصاح عما يدور بخلده و قال بحدة 


" لما ترجع خليها تجيلي عالمكتب "


القي كلماته ثم إنصرف الي غرفه المكتب صافقا الباب خلفه و قلبه يخبره بأن يذهب إليها يعاتبها و يوبخها علي أفعالها الحمقاء و بعد كل هذا يأخذها بين أحضانه ليرمم كل تلك الكسور و الجروح التي مهما حاولت أن تخفيها عنه لن تفلح فهو يري داخلها كما لو كانت كتاب مفتوح أمامه و لكنه لا يقدر علي التغافل عن أخطائها أكثر من ذلك ..


" يوسف !"

كان هذا صوت نيفين الذي أخرجه من شروده فزفر بتعب نافضا من تفكيره كل الأفكار المتعلقه بها ليوجه تفكيره كليا الي تلك الجالسه أمامه تطالعه بعينان يملؤهما الحب و الألم و الذي دفعها لتقول 


" طبعا مش محتاجه اعرف انت بتفكر في ايه عشان باين اوي علي وشك . بس انا هريحك يا يوسف و هقولك الي انت عايز تعرفه !"


قطب يوسف إحدي حاجبيه و قال باستفهام 

" الي هو ؟"


نيفين بثبات 

" هقولك كاميليا هربت منك ليه ؟"

طالعها يوسف بشك و حاول الثبات قدر الإمكان و هو يقول بصوت أجش و بنبرة هادئه و مثيرة

" و أنا هصدقك في كل الي هتقوليه يا نيفين "


نيفين بشك 

" اشمعنا !"

زفر يوسف بتعب و قام بالالتفات حول مكتبه و اقترب منها كثيرا ناظرا في عينيها قائلا بصوت أجش 

" عشان مش هتعرفي تكذبي عليا و انتي عنيكي في عنيا كدا ..!"


سقطت نيفين تحت تأثير تلك اللحظه التي تمنتها كثيرا أن يقترب منها بملئ إرادته فأخذت نفسا طويلا و قالت بنبرة يملؤها التوسل 

" قبل ما اقولك اي حاجه عايزة اعرف انت جايبني هنا عشان تسألني السؤال دا صح ؟"


يوسف بنفس نبرته المثيرة 

" لا .. و لو مش عايزة تقولي انا مش عايزة اعرف .. انا جايبك هنا عشان موضوع تاني خالص "


قطبت نيفين جبينها عندما تراجع يوسف و جلس علي كرسيه مرة ثانيه و قد خيم الحزن علي ملامحه فقالت بإهتمام 

" مالك يا يوسف ؟ "


 يوسف بهدوء 

" الي هقولهولك دا محدش يعرفه غير انا و انتي و جدي . و اتمني منك تسمعيني للآخر "


نيفين باهتمام 

" سمعاك "


" قبل ما عمي مراد يحصله الي حصل كلمني في التليفون و طلب مني لو جراله حاجه اخلي بالي منك انتي و زين و أنا وعدته بدا … و جدي لما تعب و أنا دخلتله طلب مني اني اتجوزك !"


هبت نيفين من مقعدها من تلك المفاجأة الاكثر من رائعه و التي لم يستوعبها عقلها ليأتي هو بمفاجأة اكبر منها حينما قال بتأكيد 

" و أنا وعدته !"


داهمها الدوار مرة ثانيه و لكن كان ذلك في الوقت الخطأ فسقطت علي الكرسي خلفها فاندفع يوسف تجاهها قائلا باهتمام 

" نيفين انتي كويسه!"


نيفين بتوهان

" كويسه .. متقلقش .. "


" اطلبلك دكتور ؟"

نيفين و قد استعادت شيئا من تركيزها 

" لا متقلقش هبقي كويسه كمان شويه .. دي دوخه بتجيلي كل فترة ."


تناول يوسف كوب من المياة ناولها إياه فشربت منه عدة رشفات و إعادته إليه فبادرها بالحديث 

" احسن دلوقتي ؟"


فأجابته بهدوء 

" اه تمام "

" طيب يا نيفين نكمل كلامنا وقت تاني ."


قاطعته نيفين بلهفه 

" لا منأجلوش انا كويسه .. من فضلك نكمل "


يوسف بلامبالاة 

" زي ما تحبي .. مش هطول عليكي .. ايوا انا وعدت جدي اني هتجوزك بس دا مش هيحصل غير لما أعرف مين عمل في عمي مراد كدا و آخر تاره .. "


نيفين بصدمه سرعان ما تحولت لإرتباك 

" ايه ؟ طب و انت هتعرف ازاي ؟"


يوسف بيأس 

" للاسف مفيش في دماغي اي حاجه و لا طرف خيط حتي امشي وراه .. بس انا مش هسكت و لازم اعرف مين عمل فيه كدا و ليه خرج يجري اليوم دا و كإن في مصيبه "


هبت نيفين من مقعدها و سارت في أنحاء الغرفه قائله بارتباك التقمته عينا يوسف بحرفيه 

" مين قالك الكلام دا ؟"


يوسف بهدوء 

" الخدم شافوه و هو جاي يجري من المرسم بتاعه و طلع بسرعه و كأن في مصيبه حصلت عشان كدا انا اتصلت عليه و قالي الكلام الي قولتهولك دا .."


تنفست نيفين الصعداء عندما تأكدت بأن الحديث لم يشملها فقالت بلهجه حاولت أن تكون متأثرة 

" والله يا يوسف انا زيك و اكتر هتجنن و اعرف مين الي عمل في بابا كدا ؟"


يوسف بغضب

" هعرفه يا نيفين و وقتها هدفعه النمن غالي اوي .."


نيفين بدموع التماسيح 

" و أنا واثقه فيك يا يوسف انك هتجبلي حق بابا .."


يوسف بتصميم 

" دا شئ مفروغ منه .. في حاجه تانيه كنت عايز اتكلم معاكي فيها بس أرجوكي تبقي هاديه و تحاولي تستوعبي الي هقوله "


نيفين باهتمام 

" حاجة. ايه ؟"

يوسف بحزن

" عمو مراد .. مش في غيبوبه زي ما الدكتور قالنا .. عمو مراد للأسف حالته متأخرة تقريبا هو عايش عالأجهزة بس الي لو انفصلت عنه ثانيه واحده هيموت.. الدكتور بعتلي و قالي الكلام دا عشان أقرر هنعمل ايه و طبعا انا مقدرتش اقول لجدي فخليته يقول موضوع الغيبوبه دا خوفا علي صحته .."


حاولت نيفين رسم الحزم علي ملامحها و قالت بتأثر زائف

" انت بتقول ايه يا يوسف يعني بابا خلاص هيموت !"


اتبعت كلماتها بسيل من العبرات الزائفة التي قابلها يوسف بهدوء قائلا 

" انا لسه بقولك ايه عايزك تكوني أهدي من كدا و تقدري تستوعبي الي هقوله و الي احنا داخلين عليه "


نيفين باستفهام 

" تقصد ايه ؟"


يوسف بجمود 

" اقصد أني لازم انفذ وصيه عمي و هو لسه علي وش الدنيا عشان كدا لازم نكتب كتابنا في اسرع وقت و دا مش هيتم إلا لما امسك الي عمل فيه كدا .. و دا انا محتاج فيه مساعدتك ."


ارتبكت نيفين من كلماته و نظراته الثاقبه التي تشعر و كأنها تخترقها من الداخل و لكنها تظاهرت بالثبات و قالت باستفهام

" طب و أنا هساعدك ازاي ؟"


يوسف بهدوء

" انتي الفترة الي فاتت كنتي قريبه اوي من عمو مراد مقالكيش أن في عداوة بينه و بين اي حد .. يعني حد بيضايقه بيعمله مشاكل كدا يعني ."


تنفست نيفين الصعداء عندما علمت ما يفكر به فقالت بحزن زائف 

" للاسف لا .. عمره ما قالي حاجه زي دي .."

يوسف بشك 

" افتكري كدا يا نيفين يمكن في حاجه حصلت و لا حاجه و انتي نسياها "

نيفين بتوتر 

" لا مفيش و عموما انا هحاول افتكر و لو في حاجه هقولك ."


تنهد يوسف ثم قال 

" تمام ياريت الكلام الي اتقال بينا دا ميطلعش بره .. دا اول سر يكون بينا و أنا واثق انه مش هيكون الاخير .."


اتبع جملته الأخيرة بغمرة جعلت جسدها بأكمله يرتجف فاقتربت منه للحد الغير مسموح به و قالت بلهجه مثيرة 

" و أنا كمان واثقه من دا .. بس عندي سؤال ممكن ؟"


يوسف بهدوء دون أن يظهر أي ردة فعل لمحاوتها إثارته

" ممكن "


نيفين بمكر يغلفه الحزن 

" كاميليا ! "


اضطربت دقات قلبه عند سماعه اسمها و لكنه أظهر اللامبالاة في ملامحه و صوته عندما قال 

" مالها !"


" هتوافق علي جوازنا بالسهوله دي ؟ "

التفت يوسف متوجها إلي مكتبه و جلس علي الكرسي و للحظه استحضر ردة فعلها علي هذا القرار و لكن قلبه أبي التخيل فقال بفظاظه 

" دا شئ يرجعلها يا نيفين .. قبلت أو لا انا مش هتدخل في قرارها .. الي عايزك تكوني متأكدة منه اني عمري ما وعدت وعد و موفتش بيه ."


كانت الأرض بإتساعها لا تكفي لفرحتها عند سماعها تلك الكلمات تخرج من فمه فقالت بحب

" و أنا واثقه فيك يا يوسف .."


هز يوسف رأسه كعلامه شكر لها ثم قال بهدوء 

" تقدري تخرجي دلوقتي عندي شغل كتير .."

هزت نيفين رأسها ثم توجهت الي باب الغرفه و لكنها توقفت قبل أن تلتفت إليه قائله 


" يوسف ! كاميليا هربت عشان عرفت انك مضتها علي ورق تنازل عن حقها في الميراث يوم كتب كتابكوا ! 



وصلت كاميليا عند بوابه قصر السباعي ونظرت الي أدهم الجالس بجوارها قائله بهدوء 


" مش هتدخل معايا ؟ "


طالعها أدهم بحيرة ثم قال بحزن 

" مش هينفع يا كاميليا !"


كاميليا بإستفهام 

" ليه يا أدهم ؟"


أدهم بحزن

" بعد الي حصل دا ماليش عين اقابل حد منهم .."


" بس انت ملكش ذنب في الي حصل دا .."


أدهم بندم 

" بس كان ليا يد في حاجات كتير حصلت قبل كدا !"


كاميليا بحزن علي مظهره

" هتستسلم يا أدهم ؟"


أدهم بحيرة 

" مقدرش اقولك اه .. بس اقدر اقولك اني لازم اكون متأكد من كل خطوة بعملها عشان الموضوع بعد ما كان صعب بقي دلوقتي و بعد ال حصل في المستشفي مستحيل .. و اي خطوة غلط هعملها ممكن تضيعها مني للأبد و دا انا مش هقدر عليه أبدا .."


كاميليا بحزن

" بس غلط انك تبعد عنها في الوقت دا بالذات ."


أدهم بألم 

" انا اكتر واحد بيتعذب بسبب البعد دا خاصة بعد ما طلبتها من على و هيا رفضتني .. انا بس بديها فرصة تستوعب الي حصل مش اكتر ."


كاميليا بيأس 

" الي تشوفه يا أدهم .."

" عايز اطلب منك ..طلب !"


" طلب ايه ؟"

أدهم بشوق قد بلغ ذروته فظهر جليا في نبرة صوته 

" عايز اشوفها ولو. من بعيد حتي .. "


لمست كاميليا الألم في صوته فأشفقت عليه و لما لا فهيا أكثر من ذاق لوعه الفراق و عذاب البعد فترقرقت العبرات بمقلتيها و قالت بصوت يملؤه الحزن 

" حاضر .. خليك هنا و أنا هحاول اجبها عشان تشوفها .."


ما أن أنهت كاميليا حديثها حتي وجدت عينا أدهم التي تحولت فجأة الي كتله من النيران المشتعله بفعل الشوق لتلك التي كانت تمسك بالهاتف و هيا تخرج من بوابه القصر لتلتفت كاميليا و التي رن هاتفها فوجدت اسم غرام التي التفتت تجاههم لتتعالي دقات قلبها حتي ظنت أنه علي وشك الخروج من بين ضلوعها عند رؤية سيارته التي ترجلت منها كاميليا معانقه أياها بشوق ثم قالت لها بصوت خفيض


" اديله و ادي لنفسك فرصه تسمعيه .."


لم تجب غرام علي كاميليا التي توجهت للداخل فتبعتها غرام بعد أن رأته يترجل من السيارة مسرعا و امتدت يداه تمسك بمعصمها قبل أن تدخل من بوابه القصر فزادت دقات قلبها بشكل جنوني تأثرا بلمسته لمعصمها و علا تنفسها كثيرا فظلت علي حالها تعطيه ظهرها لثوان قبل أن تسمعه يقول 


" غرام .. ارجوكي اسمعيني .."


التفتت غرام إليه بعد أن استعادت بعضا من هدوئها و رسمت علي ملامحها الجمود قائله بفظاظه 

" مالوش لزوم يا أدهم اسمعك عشان كل كلامك الي بتقوله مش هيغير حاجه في الي جوايا .."


أدهم و قد حاول أن يستغل تلك الفرصه التي أتت له علي طبق من فضه فقال بلهجه حانيه

" لا هيغير كتير يا غرام .. و بعدين متمثليش انك مش عايزة تسمعيني أو انك مبقتيش تحبيني عشان مش هصدقك و الا مكنش قلبك هيدق بجنون كدا اول ما لمستك.."


اشتعل غضب غرام لكلماته و قالت بغضب 

" ايوا مش عايزة اسمعك و لا عايزة أشوفك .. حتي لو قلبي لسه بيدقلك كدا .. عارف ليه .. عشان عمر كلامك ما هيداوي الجرح الي جرحتهولي و لا هيهد السد الي اتبني بيني و بينك و خصوصا بعد الي حصل في المستشفي .."


اتفلت زمام غضبه فأمسك بمرفقيها يقربها منه للحد الذي تلامست به أنوفهم و قال بغضب و يأس 

" الي حصل في المستشفي انا ماليش يد فيه و انتي عارفه كدا .. ليه مصرة ترمي كل حاجه عليا ؟ ليه مش عايز تدي لقلبك و قلبي فرصه يعيشوا مرتاحين مع بعض ليه كل العند و الجبروت دا ."


غرام بقهر 

" العند و الجبروت دول انا اتعلمتهم منك يوم ما عملت الي عملته و أنا كنت مرميه قدامك في المستشفي و بموت و مرحمتنيش من إتهاماتك و كلامك الي كان زي السم و الي لسه لحد دلوقتي بيتردد في وداني .. تحب اقولك قولتلي ايه ؟ و لا انت لسه فاكر ..! "


أدهم بألم و يأس 

" غرام أرجوكي سامحيني !!"

غرام بعنف من وسط دموعها 

"كويس انك فاكر اهو دا الي انا قولتهولك بالظبط .. انك هتيجي في يوم تقف قدامي و تترجاني اسامحك و وقتها عمري ما هسامحك … اظن دلوقتي عرفت ايه ردي علي كلامك قبل ما تقوله … و ياريت بلاش جو تتجوزيني و الكلام الفاضي دا عشان أنا مش عيله صغيرة هتفرح و تتنطط و اسامحك اول ما تطلب تتجوزها لا .. انا النجمه الي هتفضل طول عمرك تتمناها و متطولهاش .. عارف ليه !! عشان أنا عمري ما كنت رخيصه زي ما قولتلي في اليوم دا … انا طول عمري غاليه و غاليه اوي لدرجة أنك عمرك ما هتعرف توصلي ..! "


انهت غرام كلماتها ثم قامت بانتزاع نفسها من بين ذراعيه و قد استجمعت اكبر قدر ممكن من الشجاعه حتي تستطيع مفارقته فما تفوهت به الآن فما هو إلا محاولة منها لترميم أنقاض كرامتها التي دهسها تحت قدميه و لكن قلبها المحطم لا يحتاج منه سوي لعناق ساحق ليعاد ترميمه من جديد …


 


توجهت كاميليا الي الداخل لتجد كارما و فاطمه بانتظارها و التي هرولت تجاهها تحتضنها بحب و حنان كبيران كانت كاميليا في أشد الإحتياج إليهما لتبادلها العناق بأقوي منه قائله باعتذار ممزوج بدموعها 


" أسفه .. أسفه اوي يا خالتو .."

قاطعتها فاطمه بلهفه و حنان و هيا تمسح دموعها برفق 


" اوعي اعتذري يا قلب خالتك انتي مغلتطيش عشان تعتذري.."


كاميليا بألم 

" مكنتش اتمني أبدا يحصل الي حصل دا .."


فاطمه بتعقل 

" و هو ايه حصل يا حبيبتي .. الي جدك قاله دا كان لازم يتعرف في يوم من الايام و ميدينيش بأي شئ و اديكي شوفتي على مسكتش و خدلي حقي تالت و متلت .. و انتي كمان مقصرتيش يا كاميليا و أنا زعلت منك !"


قالت جملتها الأخيرة بعتب واضح فقالت كاميليا بأسف 

" أسفه عشان انفعلت بس مقدرتش يا خالتو اسكت و انا شيفاه بيهينك كدا قدامهم كلهم .."


فاطمه بحنان 

" و لو يا كاميليا مهما كان دا جدك و مكنش يصح انك تعلي صوتك عليه بالشكل دا أو تقوليله الكلام الي قولتيه دا .."


ما أن أوشكت كاميليا علي الرد حتي رن هاتف فاطمه و التي اجابت 

" ايوا يا على "

" ايوا يا ماما انتوا فين ؟"


فاطمه باستغراب 

" هتكون فين يعني في البيت !"

على بنفاذ صبر 

" ايوا يعني فين في البيت يا ماما "

" في الجنينه انا و البنات و معانا كاميليا .. ليه في ايه ؟"


" بصي يا ماما اسمعي الي هقولهولك من غير ما تسأليني ليه و عشان ايه و أنا أما هاجي هفهمك علي كل حاجه .. انا عايزك تاخدي البنات و تقعدوا في أي اوضه من اوضهم و ميخرجوش منها خالص و انتي استنيني في اوضتي .."


فاطمه بتعجب 

" ليه ؟!"


على بحنق 

" اهو دا تحديدا الي مكنتش عايزك تسأليني عنه .. في ايه يا ماما ما تركزي معايا ما قولتلك متسالنيش و أنا لما اجي هعرفك ."


" طيب خلاص حاضر .. انت قدامك قد ايه و توصل ؟"

" ربع ساعه بالظبط .."

" طيب متتاخرش و أنا هعمل الي انت عايزة .."


أغلقت فاطمه الهاتف و رأت غرام التي هرولت الي الداخل و كان مظهرها يوحي بالحزن فالتفتت الي كاميليا و قالت بإستفسار.

" كاميليا هو مين الي كان موصلك لحد هنا .."


كاميليا بخفوت 

" أدهم يا خالتو !"

هزت فاطمه رأسها و قد فهمت ما حدث فقالت 

" عشان كدا ..! طب يالا قومي معايا انتي و هيا "

طالعتها كلا من كارما و كاميليا باستفهام فقالت بعجاله

" مش وقت أسأله البت الي جوا دي هتشلني و لازم نعقلها قومي انتي و هيا اعملوا حاجه صح في دنيتكوا .."


نظرت الفتاتان الي بعضهما البعض و نفذن أوامر فاطمه التي ما أن وصلوا الي غرفه غرام حتي قالت 

" تدخلوا جوا تقعدوا معاها و تعقلوها و متخرجوش غير ودماغها الي عايزة كسرها دي معدوله يالا "


لم تمهلهم الوقت للاستفسار ففتحت الباب و ادخلتهم الي الغرفه و قامت بإغلاق الباب من الخارج بالمفتاح ثم أخرجت هاتفها و قامت بالاتصال علي على الذي ما أن رد حتي بادرته قائله

" نفذت الي انت قولت عليه يا آخرة صبري هتفهمني بقي في ايه و لا لا ؟"


" بصي انا قدام القصر فضيلي الطريق عشان اعرف ادخل "


فاطمه بنفاذ صبر 

" واد انت. هو في ايه ما تفهمني تكونش فاكرني عسكري عندك و أنا معرفش ..!"


على بمسايسه 

" ياما اهدي شويه قولتلك هاجي و هتعرفي كل حاجه اتكي عالصبر شويه .."


فاطمه بحنق 

" اللهم طولك يا روح. اتفضل ادخل الخدم في المطبخ و جدك نايم "


و بالفعل قام على بحمل ناهد و الدخول الي البوابه و منها الي داخل القصر ليجد فاطمه التي ضربت علي مقدمه صدرها و قالت بصدمه 

" يالهوي مين دي يا واد ؟"


على لاهثا 

" تعالي ورايا بس و بطلي رغي احسن ما نتقفش .."


طاوعته فاطمه و صعدت خلفه حتي دخل الي غرفته و قام بوضع ناهد علي السرير لينكشف وجهها الذي ما أن رأته فاطمه حتي جحظت عيناها من فرط الزهول و قالت بصدمه 

" ناهد !!!" 


*****************

 


" تفتكري يا ماما كلام نيفين الي قالته ليوسف صح ؟ "


صفيه بحيرة 

" والله يا روفان انا معرفش .. بس ازاي نيفين هتفتن علي سميرة كدا دي أمها بردو !"


روفان بعدم تصديق 

" والله يا ماما انا حاسه انها خطة عشان تضايق بيها مامتها نيفين دي صعبه و محدش يتوقعها .."

صفيه بتعب

" والله يا بنتي انا احتارت في الناس دي و تعبت من مشاكلهم و معنتش عارفه اقول ايه .. بس الي هيجنني أن سميرة تكون السبب في هروب كاميليا .."


روفان بشماته

" لا والي يفضحها مين بنتها ! فعلا يمهل و لا يهمل "


كان هذا الحديث يدور بين روفان و صفيه في الصالون ليقع علي مسامع سميرة التي ارتعبت و جن جنونها مما سمعته و عادت إدراجها متوعده لنيفين بشتي انواع العقاب فاندفعت تجاه غرفة نيفين التي كانت ترتدي ثيابها حتي تذهب لرؤية رحيم و الذي حدثها البارحه يخبرها بأن تاني لرؤيته و وعدها بأن هناك مفاجأة بإنتظارها و التي كانت تعرفها مسبقا من يوسف و لكنها لم ترد أن تفصح عنها 


. فما أن انتهت من تزيين وجهها حتي فاجأها ذلك الهجوم العاصف من سميرة التي اقتحمت غرفتها بوجه لا يبشر بالخير و أغلقت الباب خلفها تناظرها بعينان يملئوها الشر فحاولت نيفين الثبات قدر الإمكان و رفعت إحدي حاجباها بمعني ماذا لتقوم سميرة بصفعها صفعه قويه أدارت وجهها للجهه الآخري ثم صرخت سميرة بغضب قائله 

" واطيه و خسيسه .."

لم تفق نيفين من أمر صفعتها حتي امسكتها سميرة من خصلات شعرها و هيا تقول بغل 

" بقي انا يا كلبه بتبعيني و تروحي تقولي ليوسف اني السبب في هروب كاميليا .. بتكسبيه علي قفايا يا سافله .."

نفضت نيفين شعرها من يد سميرة و هيا تقول بغضب 

" ابعدي عني أنا مقولتش حاجه لحد .. انتي اتجننتي .."

سميرة بحقد و غضب 

" اتجننت عشان حاويت حيه زيك في ببيتي .. بس لا انا مش هقع لوحدي دانا هخسف بيكي الارض قبل ما تفكري توقعيني .."

نيفين بغضب 

" انتي بتهدديني !"


سميرة بسخريه 

" لا يا عنيا انا مش بهدد انت بنفذ علي طول .. و مادام انتي فاردة جناحاتك اوي كدا انا بقي هقصقصهملك .."


قهقهت نيفين ساخرة و قالت بتخابث 

و لا هتقدري تعمليلي اي حاجه ..كلمه واحده مني لرحيم الحسيني هخليه يطيرك علي طول .. و يا سلام بقي لو عرف انك انتي الي عملتلي في ابنه الوحيد كدا انتي و عشيقك طبعا .."

جحظت عين سميرة من حديث نيفين و للحظه استرجعت كل الأحداث السابقه لتشهق قائلا بزهول 


" انتي الي قولتي لمراد علي مكاني ..!"


نيفين بشماته 

" مش بالظبط يعني أنا رميت الطعم و هو بلعه يعني تقدري تقولي كدا اديته طرف الخيط ! "


استعادت سميرة وعيها و أوشكت بالهجوم مرة ثانيه علي نيفين و هيا تصرخ بغضب 

" اه يا كلبه يا واطيه ..والله لهقتلك و اشرب من دمك ."

أمسكت نيفين بيدها و هيا تقول بسخريه 

" اهدي اهدي .. الانفعال وحش عشانك .. انتي دلوقتي المفروض تقعدي تفكري هتقولي ايه لمراد الحسيني لما يفوق و يقرر يقتلك علي خيانتك له .. ماهو مش معقول يعني هيسيب واحدة خاينه زيك كدا علي ذمته "


سميرة بشماته و قد استعادت بعضا من هدوئها

" لا دانا هفكر في حاجه احسن و احسن .. تفتكري ايه رد فعله لما يعرف انك اصلا مش بنته !"


لم تتغير ملامح نيفين و كأنها كانت تتوقع حديثها بل زادت ابتسامتها حتي وصلت لقهقهات متتاليه مما أدى الي زهول سميرة و خاصة عندما تحدثت نيفين قائله 

" ايه اتفاجأتي أن انا عارفه ! لا دانتي اتعودي بقي عشان انا عارفه حاجات كتير اوي ! و أولهم سر كاميليا الي خلاها تهرب و تسيب البيت و تمشي !" 


كان الزهول يخيم علي ملامح سميرة التي قالت بعدم تصديق 


" أيه ؟!"

نيفين بملل 

" انتي سمعتيني كويس .. و مش دا موضوعنا .. انا هعرض عليكي ديل حلو انتي اسكتي عن حقيقه اني مش بنت مراد الحسيني و أنا هسكت عن موضوع خيانتك له و انك السبب في الي حصله .."


أخذت سميرة وقت للتفكير و إستيعاب ما تفوهت به نيفين ثم قالت بقلق 

" طب و افرضي مراد فاق ماهو هيقول علي كل حاجه ؟"


نيفين بسخريه

" لا من الناحيادي اطمني مراد خلاص في عداد الاموات .. مجرد ما تتفصل عنه الأجهزة هيبقي بح و معتقدش دي حاجه صعبه يعني .."


قالت نيفين جملتها الأخيرة بمكر فاجابتها سميرة مستفهمه

" و انت عرفتي الكلام دا منين ؟"


نيفين بخبث 

" يوسف إلي قالي .."

قطبت سميرة جبينها قائله 

" و من امتا يوسف بيحكيلك أو بيتكلم معاكي ؟؟"

نيفين بغرور

" اه مانتي معرفتيش مش جدي العزيز وصاه و هو في العنايه المركزه أنه يتجوزني و يوسف وعده بكدا فمن دلوقتي تقدري تعتبريني مادام يوسف الحسيني .."


سميؤة بانبهار 

" انتي بتتكلمي بجد ..؟ طب و كاميليا ؟"

نيفين بملل 


" متجبليش سيرة الزفته و عموما الحوار دا ميخصنيش و يوسف هيتصرف فيه .. المهم دلوقتي روحي شوفي انتي رايحه فين عشان متأخرش علي مشواري و خليكي فاكرة إن مصلحتك معايا انا و اني ممكن ارفعك سابع سما و اقدر بردو اخسف بيكي سابع ارض .."

طالعتها سميرة بمكر و هيا تقول 

" طبعا يا نيفو هو انا ليا غير بنتي حبيبتي .!"


*************


مر قرابه السبع ساعات و يوسف جالسا في مكانه ينظر الي ساعته للمرة التي لايعرف عددها و هو ينتظر وصولها علي آحر من الجمر المشتعل بقلبه و الذي قد أوشك علي الإشتعال في ايه لحظه جراء غيابها الذي كان أكثر من قاس علي قلبه الذي عانده ككل مرة و يشتاقها حد الجنون و الذي أيضا للمرة الألف التي يتجاوز بها عن أخطائها و يغلبه شوقه إليها و لهذا السبب كان يتجنبها الفترة الماضيه و لكن قد حانت لحظه المواجهه فهو لن يستطع العيش بهذا الذنب و كل هذا الغضب فظل ينتظرها كثيرا و لكنها لم تأت و لكنه لم يعد يستطيع الانتظار للحظه واحده فهب من مكانه متوجها إلي والدته التي كانت تتابع طعام العشاء في المطبخ و سألها بلهجه مباشرة 


" هيا كاميليا مجتش لحد دلوقتي ؟ "


صفيه ببرود أتقنت رسمه 

" كاميليا اتصلت و قالت إنها هتقعد يومين عند خالتها عشان وحشاها "


يوسف بإستنكار 

" نعم ! "


صفيه بلامبالاه 

" الي سمعته يا يوسف !"

اجتمع الغضب و الكبرياء بداخله فقال بحدة 


"يوسف ! هو يوسف بقي له لازمه اصلا !"


"انت شايف كدا ؟"


" انتي شايفه ايه يا صفيه هانم ؟ لما واحده تخرج من غير إذن جوزها و تبات بره كمان من غير حتي ما تفكر تعرفه دا يبقي صح !"


صفيه بغضب 

" لا يا يوسف ميبقاش صح يبقي غلط و غلط كبير بس انا لأول مرة هوافق عالغلط و اسقفله كمان عارف ليه عشان دا رد فعل لغلط اكبر هيا ملهاش ذنب فيه .. "


اتفلت زمام غضبه حتي صار لا يدري مع من يتحدث فقد تجمعت أمام عيناه جميع ذنوبها فقال بصراخ هز أرجاء المنزل 


" هيا دايما مش ذنبها.. تعمل كل عمله و التانيه و اقول حرام مش ذنبها .. كل غلطه تغلطها اكبر من الي قبلها و اسامح و اقول بردو مش ذنبها .. تدوس عليا و علينا كلنا و اقول مش ذنبها .. بس لااااا…… لحد هنا و كفايه . هيا مش طفله صغيرة و من النهاردة كل غلطه غلطتها هتتحاسب عليها .."


انهي كلماته ثم التفت و سار الي باب القصر و كأن شياطين الجحيم تلاحقه فهرولت صفيه خلفه قائله بخوف 


"رايح فين ؟"


"رايح اجيب الست هانم و اعرفها أن ليها راجل مفروض تستأذن منه قبل ما تروح اي مكان مش سايبه هيا !!"


انطلق يوسف بسيارته باقصي سرعه و قد تجمعت بداخله كل مشاعر الغضب بهذا الكون فقد كان يتجاوز عن الكثير و الكثير لأجلها ثم تأتي هيا و تتجاوزه مرة ثانيه او لنقل ثالثه لا و ألف لا فإن كان قلبه الغبي غارق في عشقها حتي أذنيه فعقله الذي لاطالما كان يجنبه في أي شئ يخصها قادر الآن و بقوة علي بتر تلك العلاقه من جزورها إن نالت من كرامته هذة المرة و ليذهب قلبه الي الجحيم فلن يعيش اقسي مما عاشه في غيابها عنه و الي اختارته بملئ إرادتها 


هكذا كان تفكيره قبل أن يتوقف أمام باب قصر السباعي ليستمع الي قهقهاتها قادمه من الحديقه فتوجه إلي حيث أخذه قلبه فوجدها جالسه بين كارما و غرام غافله عن عيون بلون السماء قد تحولت إلي الجحيم عندما وجدت ذلك الشاب يجلس قبالتها و الذي لم يتذكره للوهله الأولي و لكنه علم هويته ما أن دقق النظر فهو عمرو ابن عم على فاقترب منهم بخطوات حاول أن تكون هادئه منافيه لهذا الكم الهائل من الغضب الذي يعتريه فكان أول من شاهده هيا كارما التي نظرت إليها قائله بلهفه 


" الحقي يوسف جه.؟"

لم تستوعب كاميليا صدمه كلمات كارما ليأتيها صوته البارد كالصقيع قائلا 

" كاميليا .!"

التفتت كاميليا غير مصدقه لرؤيته أمامها و للحظات قد نسي قلبها كل شي سوي أنه اتي لرؤيتها و ودت لو تهرول مرتميه بين أحضانه و لكن لهجته الباردة إعادتها الي أرض الواقع الأليم مرة آخري حين قال 

" تعالي عايزك.."


بخطوات سلحفيه تقدمت منه و كأنها تجر خلفها آلاف الخيبات التي تثقل كاهلها و تكبل قلبها بأصفاد من فولاذ ذادته حدة كلماته معها حين قال 


" يالا عشان نروح !"


كاميليا بلهجه هادئه و لكن قويه 

" بس انا قولت لطنط صفيه اني هبات مع البنات ."


يوسف بفظاظه

" لما تبقي متجوزة طنط صفيه تبقي تستأذني منها .اتفضلي قدامي "


كانت علي وشك أن تجادله ملقيه بوجهه كل أسبابها في الابتعاد عنه و لكن نظراته القاتله جمدتها في مكانها فهزت رأسها بإستسلام و التفتت إلي الفتيات قائله بلهجه مهتزة بفعل الدموع التي تسربت من عيناها رغما عنها 


" انا هروح دلوقتي و هيبقي اكلمكوا لما اوصل .."


تفهمت الفتاتان موقفها و ودعاها مشفقين عليها من مظهر يوسف الذي لا يبشر بالخير و الذي قام بفتح باب السيارة لها حتي تركب ثم ركب بمقعد السائق و انطلق بسرعه فائقه محاولا التنفيس عن غضبه بالقيادة خوفا من أن يفعل أي شئ معها قد يندم عليه لاحقا ..

ظلت كاميليا علي هدوئها الي أن شعرت بالرعب مع تزايد سرعته فقالت بزعر 


" هدي السرعه شويه .."

زاد حديثها من غضبه و قال بحدة

" ممكن اعرف ايه الي انتي بتعمليه دا ؟


طالعته كاميليا بهدوء ينافي ضجيج قلبها ثم قالت بنبرة باردة كالثلج


" انا عايزة اشتغل ..!"


وقع حديثها عليه كمزحه سخيفه ألقيت في غير موعدها فابتسم ساخرا و قال بتهكم 

" تشتغلي !"


كاميليا ببرود 

" اه اشتغل .. ايه الغريب في كدا !"

يوسف بسخريه

" غريب ! لا ابدا مفيش اي حاجه غريبه في الي انتي بتقوليه ! و ياتري بقي قررتي هتشتغلي فين و لا هتعملهالي مفاجأة ."


كاميليا بنفس لهجتها 

" لا و لا مفاجأة و لا حاجه .. دانا عيزاك انت الي تجبلي الشغل "


أوقف يوسف السيارة أمام باب القصر و نظر إليها بغضب قائلا بقهر

" عيزاني انا كمان الي اجبلك الشغل ! عارفه يا كاميليا انتي اكتر حد غير مسئول قابلته في حياتي .. و اكتر حد غير جدير بالثقة ..انتي اول حد حسسني اني غبي في الحكم عالناس .. "


صُدٌمت كاميليا من ردة فعله الغير متوقعه و ترقرقت العبرات في مقلتيها و قالت بعدم تصديق 


" انا يا يوسف ؟!"


لم يجب عليها بل قام بفك حزام الأمان و غادر السيارة متجها الي الداخل و قد تمكن الغضب و اليأس منه و لأول مرة يقوم بتجاهلها حتي و هي في حالتها تلك لتقوم باللحاق به الي الداخل و امتدت يداها لتوقفه و هيا تقول بألم 

" يوسف انا بكلمك .. "


نفض يوسف يدها الممسكه بذراعه و قال بغضب جحيمي 

" كلامنا خلاص خلص .. اعملي الي يريحك عايزة تشتغلي اتفضلي عايزة تمشي و تسيبي البيت اتفضلي و اتأكدي أن عمري ما هدور عليكي تاني .."


انهي كلماته ثم دخل الي غرفه المكتب صافقا الباب خلفه بعنف و غضب دون أن يلتفت ليري أثر كلماته علي تلك التي كانت ترتجف و كأنها ورقه شجر هاجمتها رياح خريفيه أطاحت بكل ثباتها فصارت العبرات تهطل من عيناها دون إرادتها و صار قلبها ينزف دما إثر سهام كلماته التي طعنتها في الصميم فنظرت الي الباب المغلق بوجهها بألم ثم التفتت إلي الأعلي لتجد تلك التي تنظر إليها بشماته زادت من ألمها أضعاف مضاعفه فما أن وصلت إلي بدايه السلم من الاعلي حتي بخت نيفين سموم كلماتها بوجهها حينما قالت 


" يا حرام .. والله صعبتي عليا هيا بهدلتك دي بالساهل .."


تجاوزتها كاميليا و توجهت الي غرفتها تجر خلفها أذيال الخيبه و الهزيمه من قلب كان هو أمنيتها الوحيده في تلك الحياة التي لم ترحمها يوما و لم تشفق علي يُتمها أبدا بل ارسلت إليها حيه من الجحيم فتحت باب غرفتها و دخلت خلفها و هيا تقول بشماته 


" و أخيرا جه اليوم الي أشوفك فيه مزلوله يا كاميليا .. ياااه دا النهاردة اسعد يوم في حياتي .."


التفتت كاميليا تجاهه بكل ما يعتمل بداخلها من وجع و قهر تحولا الي جبروت قائله باحتقار 

" دا عشان انتي مريضه .. بتفرحي في وجع الناس و ألمهم .. انسانه معدومه القلب و الاحساس .."


قهقهت نيفين بشر ثم قالت ساخرة

" إحساس ! طب قوليلي كان إحساسك إيه و يوسف بيقولك أنه خلاص زهق منك و مش هيدور عليكي تاني .."


كاميليا بقوة و قد تجاهلت الم قلبها الناتج عن صدق حديثها المسموم 

" اقولك يا نيفين و لا حاجه عارفه ليه عشان كل الي بيقوله دا من ورا قلبه .. و عشان عارفه أنه مسيره راجعلي تاني مهما بعد عني .."


نيفين بمكر 

" كان زمان يا حلوة انتي معرفيش الاخبار الجديدة و لا ايه ..؟"


فهمت كاميليا معني كلماتها و لكنها آثرت التغاضي عنه متمسكه بحبال حبه الواهيه و قالت بقوة 

" مش عايزة اعرف حاجه علي الأقل منك عشان انا عارفه ان كل كلامك كذب .."


قهقهت نيفين بشماته ثم أخرجت هاتفها و قامت بفتح إحدي المحادثات ثم رفعت الهاتف لتضعه أمام كاميليا و قالت بشماته

" طب و ايه رأيك في كدا ؟"


" اجهزي يا نيفين عشان هنخرج كمان شويه و حضري نفسك عشان هنتعشي بره..!"


كانت كلمات بسيطه و لكن وقعها كوقع السوط علي جلد مبتل بمياه الغدر الذي تلقته علي يداه في تلك اللحظه عندما سمعت صوته الذي لاطالما كان يبعث في قلبها الأمان و لكنه الآن قد سلبه منها بمنتهي القسوة و القي بها في قاع الجحيم بحياه خاليه تماما منه فهاهو قد وعد و بدأ بتنفيذ وعده دون النظر إليها أو حتي التفكير في إخبارها و هذا يعني بأنها منذ تلك اللحظه خارج حياته فهي و إن كانت تذوب به عشقا لن تقبل بهذا الوضع أبدا ..

لا تعرف كيف أتتها الجرأة و الشجاعه و الثبات لتردد تلك الكلمات علي مسامع نيفين التي زُهلت من ثباتها 


" تمام .. مبروك عليكي يا نيفين انتي الي فوزتي و أنا بعترف اني خسرت .. بس خسرت واحد محتافظش عليا و قصاد خسارته كسبت نفسي و دا بالنسبالي أعظم إنتصار .. ماهو انا مش زيك هجري ورا واحد بايعني .. اتفضلي اشبعي بيه .."


زُهلت نيفين من حديثها و لكنها سرعان ما تجاوزت ذلك و قالت بحقد 

" طب ابقي خلي نفسك تنفعك بقي و انتي شيفاني مراته و في حضنه و انتي مش مسموح لك حتي تسلمي عليه .. ابقي خليها تنفعك و انا بخليه يطردك من البيت دا زي الكلبه و يرميكي في الشارع مكانك الطبيعي ..تصدقي انا متشوقه اوي أشوفك في الموقف دا ياااه دا الفرحه مش هتبقي سيعاني اليوم دا و أنا بذلك زي ما امي ذلت امك زمان .. "


" اخرسي و اطلعي بره مش عايزة اشوف وشك هنا تاني .."


انهارت كاميليا لدي سماعها كل هذا الكم من الكلمات السامه التي خرجت من فم تلك الحيه فلم تملك سوي ان تطردها من غرفتها فهيا لم تعد قادرة علي تحمل حقدها و كرهها و بالفعل اخرجتها من الغرفه ثم سقطت علي الارض منهارة في نوبه بكاء حارة استغرقت قرابه الساعه حتي هدأت تدريجيا ثم ببطئ أتكأت علي الحائط خلفها تستند عليه حتي وصلت الي المرحاض و وقفت تحت المياه الباردة علها تطفئ نيران قلبها المشتعله فظلت علي هذه الحالة مدة لا بأس بها ثم خرجت و قامت بإرتداء منامتها الحريرية و التي كانت عبارة عن ثوب نوم قصير وضعت فوقه شالا من الحرير و اتجهت الي الشرفة تستنشق بعض الهواء البارد كبرودة قلبه الذي قتلها قبل أن يحييها …


أخذت كاميليا تنظر إلي البعيد الي أن وصل إلي مسامعها صوت قفل الباب يدور و سرعان ما غذت أنفها رائحته و التي كانت كافيه لجعل قلبها ينتفض عشقا لذالك الذي كان يمر من أمام غرفتها المظلمه و قد أمره عقله بتجاوزها و المضي قدما بخطته و لكن قلبه لم يطاوعه أبدا بتجاوزها و قادته قدماه الي حيث ترك قلبه و روحه معها أعتقادا منه بأنها نائمه أو هكذا كان يتمني حتي يستطيع إحتضانها و إستنشاق عبيرها الفاتن والذي أصبح محرما عليه الآن بفرمان من كبرياؤه الجريح فقام بإدارة قفل الباب ليجد الغرفه تغوص في الظلام الحالك فاقترب خطوتان فوحد سريرها خاليا فهبط قلبه في قدميه من فكرة أن تكون قد هربت مرة آخري و لكن عادت له أنفاسها الهاربه مرة آخري عندما وجدها تقف علي باب الشرفه تستند عليه و نسمات الهواء البارد تتلاعب بخصلات شعرها التي تلتف حول قلبه الذي كان يود لو يدخلها بين ذراعيه معاتبا تارة و تارة عاشقا ..


كان مظهرها من الخلف لا يوحي بأنها قد شعرت به و لكن كان هذا علي النقيض تماما فهيا كانت تشعر بكل خطوة منه و كأنها ترسو فوق قلبها الخائن الذي برغم كل شئ إنتفض بداخلها لدي سماعه صوته يناديها بهدوء قائلا 


" كاميليا .."

لم تلتفت إليه خوفا من أن تضعف أمام سحره الذي أهلكها و قلبها معا فظلت علي حالها قائلا بنبرة جامدة


" نعم "


" واقفه عندك ليه هتاخدي برد .."


كاميليا بجمود 

" الجو حلو .."


كانت لهجتها الجامدة و مظهرها الساكن يبعث القلق في قلبه فود لو يديرها إليه صارخا بها بأن تكف عن تعذيبه هكذا و لكنه آثر تأجيل الحديث لوقت آخر و مع هذا القلب العاشق لها حتي النخاع قال باهتمام 

" ماما و روفان عرفوا انك جيتي و قاعدين تحت انزلي اقعدي معاهم متقعديش لوحدك .."


كاميليا باختصار 

" هشوف ..!"


زادت حدة الهواء من حولها فبعثرت خصلات شعرها أكثر فانتشرت رذاذه في الهواء الذي حمل رائحتها الشهيه إلي أنفه فأيقظ نيران الشوق الخامدة بداخل قلبه فحاول تجاهلها و اقترب من السرير و حمل غطاء خفيف و قام بوضعها حول كتفها تاركا يداه حولها لثوان مقربا رأسه من خصلاتها مستنشقا إياها بعشق قائلا بصوت أجش 


" ياريت تفكري يا كاميليا في كل الي وصلناله دا و تعرفي الغلط فين .. و أنا هخرج دلوقتي و بكرة أن شاء الله نتكلم .."


لم تستطع التفوه بحرف واحد فلاول مرة لا تذيبها لمساته و لا يزلزلها إقترابه منها و إنما قتلها إقراره بواقع كانت للحظات سابقه تكذبه بل و يرفضه قلبها بشدة فلم تتمكن من الحديث سوي بهزة بسيطه من رأسها جعلته يتراجع قسرا ثم توجه إلي باب الغرفه و ما أن وصل إلي باب الغرفه حتي أوقفته كلماتها و تلك النبرة التي تهدد بالانفجار و هيا تقول


" مشوارك مهم مينفعش تتأخر عليه طبعا .. "


التفت يوسف إليها قائلا بشك 

" كاميليا تقصدي ايه ! "


التفتت إليه ليصعق من مظهرها الذي وقع عليه ضوء القمر و إرتجافه جسدها الأشبه بالإنتفاض تزامنا مع دمعاتها التي انهمرت فوق وجهها بغزاره و هيا تهرول تجاهه قائله بهستيريا 


" متروحلهاش يا يوسف .. متعملش فيا كدا .. موتني قبل ما تسيبني و تروحلها .."

التقطتها يد يوسف قبل أن تقع و هو يقول بصدمه و زهول


" كاميليا انتي بتقولي ايه اروح لمين و اسيبك ..؟"

كاميليا بصوت متقطع بفعل البكاء

" نيفين.. ا.ا. ا انا .عارفه انك رايح لها.. و عارفه كمان انك وعدت جدو تتجوزها هيا جت و قالتلي انك بتحبها .. و انك خلاص مبقتش عايزيني… و اني هموت كل يوم و انا شيفاها في حضنك .. قالتلي انها هيا الي فازت بيك في الآخر و انك هتكون ليها .. بس ..بس انا مش هقدر استحمل دا يحصل قدامي .. همووت قبلها .. والله هموت .."


ضمها يوسف بقوة الي قلبه الذي انشق نصفين إثر رؤيتها بهذا المنظر و قال بلهفه ممزوجه بالألم علي حالها 

" إشششش اهدي .. "


قاطعته كاميليا بألم قائله من بين شهقاتها 


" متقوليش اهدي .. عمري ما ههدي أبدا و انا عارفه انك رايح لواحده تانيه غيري .."


حاول يوسف تهدئتها فقد كانت حالتها تسوء أكثر فقال بصدق نابع من عشقه لها 


" اهدي والله مفيش الكلام دا ."


قاطعته بصراخ قد آلم حنجرتها

" متكذبش عليا انا سمعتك و انت بتقول لأدهم انك وعدت جدي تتجوزها و ان يوسف الحسيني لما بيوعد بيوفي .. بس وعده دا هيكون نهايتي . عارف يعني ايه نهايتي .."


اشتعل فتيل غضبه من حديثها الذي يثبت و بالبرهان بأنها لم تتعلم درسا واحدا من كل ما مرت به فقال بحدة 

" و طبعا سمعتي الكلمتين دول مني و طلعتي تجري تعيطي زي العيال الصغيرة صح .. مفكرتيش تقفي ثانيه واحده تسمعي باقيه كلامي و لا حتي فكرتي تدخليلي و تقوليلي ليه بالرغم انك ليكي كل الحق في دا .. قررتي تهربي تاني من مواجهتي و تختاري تعذبي نفسك و تعذبيني معاكي .. متعلمتيش أبدا من غلطك و غلطتي نفس الغلط تاني و تالت .."


صدمتها حدة كلماته و لم تقدر علي استيعابها فقالت بعدم فهم 

" تقصد ايه ؟؟"


يوسف بغضب ممزوج باليأس من تسرعها 

" اقصد انك غبيه يا كاميليا و هتفضلي طول عمرك غبيه عملت المستحيل عشان توثقي فيا و تعرفي قد ايه انا بعشقك و انتي مفيش فايدة فيكي اسهل حاجه عليكي الهروب جربت كل الطرق عشان اثبتلك اني بحبك بس انتي مفهمتيش .. بس فاضل طريقه واحدة هيا الي ممكن تثبتلك انا بعشقك قد ايه .."


 قال كلماته الأخيرة بيأس قاتل قد تسرب إلي قلبه و لنم تفهم هيا معني كلماته و لكنها شاهدت تبدل نظراته إليها لدرجه افزعتها فقالت بخوف 

" ايه هيا ؟!"


يوسف بيأس و قد امتزج عشقه مع غضبه ليشكلا بركان هائل زاد وقوده نيران شوقه الذي طغي علي كل شيء فجعله لا يري أمامه سوي جنه شفاهها و التي أثرته قبل أن يأثرها بشفتيه التان عانقتها بشوق بلغ ذروته و لاول مرة في حياته لم يستطع السيطرة علي نفسه فقد امتزج الغضب و العشق و الألم و اليأس و الشوق معا فشكلا شعور لا يستطيع رجل في العالم التحكم به أو السيطرة عليه حتي لو كان رجل يمتلك برودته التي تنصهر أمامها فصار يلتهم كل إنش بها مطلقا العنان لمشاعر كبتها لسنوات حتي صارت كالفيضان الذي يأخذ في طريقه كل شئ و لا يستطيع شي إيقافه حتي إنتفاضتها بين ذراعيه التان كانت تمارس جميع فنون العشق فوق جسدها و الذي كاد أن يهلك تحت ضغيان عشقه لولا توقفه في اللحظه المناسبه لاهثا من فرط المشاعر التي أفقدته كل ذرة عقل يمتلكها فنطق لسانه بأسف علي حالها 


" أسف .. مقدرتش اسيطر علي نفسي .."


و لكن ما لم يتوقعه هو أن يجد يدها تلتف حول عنقه تقرب رأسه من رأسها الملقي فوق وسادتها يستند عليه و هيا تقول بألم ممزوج بالعشق 


" انا راضيه اموت في حضنك و لا إني اشوف غيري فيه .."


يوسف بلهفه يملؤها الحب

" عمر حضني ما هيكون لغيرك أبدا يا كاميليا .. "


كاميليا بألم 

" بس انت وعدت جدي .."


يوسف بتخابث 

" وعدته بأيه .."


كانت الكلمات ثقيله علي لسانها و هيا تقول بوجع 

" وعدته انك تتجوز نيفين .."


يوسف بصوت أجش من فرط الرغبه الممزوجة بالعشق 

" تؤ . وعدته إني اتجوز بنت عمي .."


قطبت كاميليا جبينها قائله بعدم فهم 

" تقصد ايه !"

يوسف بعشق

" حبك سيف محطوط علي رقبتي يا كاميليا لو فكرت في واحدة غيرك دي هتكون نهايتي .. "

كاميليا بحب


" يوسف !"

" تقبلي تكوني مراتي يا كاميليا ؟؟"


فتحت ابواب الجنه أمامها علي مصراعيها فعل يمكنها الرفض فقالت بجرئه 

" كإنك بتسألني تقبلي تخشي الجنه كاميليا ؟؟ "


ابتسامه نصر ارتسمت علي قلبه قبل شفتاه فقال بعشق صادق خالص يخصها واحدها و لم يخلق لسواها 

" و الجنه بالنسبالي حضنك يا كاميليا .. "


" بحبك يا يوسف ..!"

و كأن كلماتها كانت الفرمان الذي أطلقته لتعطيه الضوء الأخضر بامتلاكها روحا و جسدا و أشعلت الفتيل الذي أشعل النيران بقلبه و جسده في آن واحد فصارت شفتاه تأكلها بنهم و صار يبثها من الحب اطنانا حتي شعرت و كأنها قد خلق لها جناحان تحلق بهم في سماء العشق الممزوج بالحنان فقد كان يرعي عذريه مشاعرها في كل 

 شئ يقوم به و صارت شفتاه ترددان علي مسامعها عبارات العشق و أكدتها أفعاله العابثه التي كانت تجعلها تضحك تارة و تتألم تاارة آخري و لكن حتي الألم معه له مزاق آخر قد راقها كثيرا فقد كان ممزوجا بنكهه عشقه الذي تلاه صرخه قويه خرجت من جوفها لجوفه فابتلعتها شفتاه لتتحول بعدها صرخاتها الي آهات من العشق الخالص و الألم اللذيذ فقد كان شعورا يعجز اللسان عن وصفه و قد كان الكمال بعينه كما وعدها من قبل …


و هكذا مرت ليله على ابطالنا من أجمل ليالي الحب التي لا يمكن نسيانها أبدا بل ستظل محفورة في القلب و الذاكرة ليله بدأت بألم قاتل و انتهت بألم لذيذ حتي ساعات الصباح الأولي فقد أُنهكت الأجساد من فرط العشق الذي كان يغلف قلوبهم التي لا تتعب أبدا حتي و أن ظلت تمارسه طوال حياتها ..


و لأن اللحظات الجميله تنتهي بسرعه فقد اتي الصباح علي بطلتنا الجميله التي قضت ليله من النعيم التي ظنت أنه سيدوم الي الأبد و لكن دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد استيقظت بعد نوم طويل منهكه القوى تشعر و كأن شاحنه قد مرت فوق جسدها الذي يلتف بشرشف ابيض اللون فأخذت تتململ في ألم لتلتفت حولها فلم تجده بجانبها فشعرت بالخوف الذي سرعان ما انمحي عندما سمعت صوت الماء القادم من المرحاض فعلمت بوجوده في الداخل و قد كانت تتمني لو أن الأرض تنشق و تبتلعها من فرط الخجل عندما رأت مظهر الغرفه و ثيابهم المبعثرة في كل مكان و ايضا مر علي ذاكرتها كل أحداث ليلتهم الهوجاء و التي لم تكن تتخيلها حتي في أحلامها فتمكن الاحمرار من خديها فبات يناقض بياض الشرشف حولها و زادت حدة أنفسها عندما سمعت باب المرحاض يفتح و علي الفور قامت بالتمثيل بأنها نائمه و شعرت باقتراب خطواته منها و التي توقفت أمامها مباشرة تلاها لمسه حانيه من يداه التي فعلت الأعاجيب بجسدها البارحه و هيا تعيد خصله من شعرها خلف أذنها و شعرت باقتراب أنفاسه منها و هو يضع قبله ناعمه فوق ارنبه أنفها قبل ان يبتسم قائلا بمزاح 

" جبانه !"


نعم فقد شعر بإستيقاظها و بأنها تدعي النوم و قد تفهم خجلها المحبب الي قلبه فما حدث البارحه لم يكن بالقليل فهاهو بعد كل هذا العذاب قد نال قربها و استطاع أخيرا بأن يريها مدي عشقه الضاري لها و الذي كان يؤرقه ليالي كثيرة و لكن كان هذا من الماضي فعليه الان الإنتهاء من مخططاته حتي يستطيع التنعم بجنتها للأبد ..


ارتدي يوسف ثيابه التي جلبها صباحا من غرفته ثم اقترب منها قائلا بصوت مسموع و لهجه يشوبها المزاح 


" مفقوسه اوي علي فكرة الفراوله الي في خدودك دي فضحاكي ."


زاد خجل كاميليا للحد الذي جعلها تقوم بوضع الغطاء فوق وجهها و هيا تقول بصوت باكي من فرج الإحراج 

" بطل بقي والله هعيط .."


قهقه يوسف بسعادة علي خجلها و قرر بألا يحرجها أكثر فتحرك من مكانه متوجها الي باب الغرفه قائلا بجديه 


 مستنيكي تحت متتأخريش عليا .." 


 ما أن شعرت به يخرج من الغرفه حتي هبت من نومتها و هيا تمسك بيد خدها و اليد الأخري تضعها فوق قلبها الذي كان يدق بجنون و هيا تقول بسعادة و بعدم تصديق 


" معقول .. انا بقيت مراته .. لا لا مش مصدقه نفسي .. "

اخذت تضحك و دموعها تتساقط لاول مرة من شدة الفرح و صارت تقفز علي السرير بسعادة بالغه حتي سقطت منهكه القوي و لكن ذلك كان أكثر من محبب بالنسبه لها فقامت من مكانها متلهفه لرؤيته فقد اشتاقته كثيرا فتوجهت الي المرحاض تأخذ الحمام الخاص بها الذي شهد البارحه علي اصعب لحظات حياتها و الان يشهد علي أسعد لحظاتها علي الاطلاق فقد شعرت عندما كانت بين أحضانه و كأنها بالجنه و لكن لكل جنه شيطان و كان هذا الشيطان متجسدا في نيفين التي ظلت طوال لليل تنتظر يوسف و تهاتفه دون جدوي فقد اغلق الهاتف بوجهها و ظلت طوال الليل تأكلها الظنون حتي اتي الصباح قررت الذهاب الي غرفته فوجدتها كما هيا لم تمس و كأنه لم يقض ليلته بها لينهش القلق قلبها الذي انشطر الي نصفين عندما رأته يخرج من غرفه غريمتها و خصلات شعره تتساقط منها قطرات المياه ليستوعب عقلها تلك الصدمه التي أفقدته كل ذرة تعقل لديها لتتجه الي غرفة كاميليا و تدخل بدون اي أستئذان لتصعق من تلك الصدمه و هيا تري حال الغرفة و تلك الدماء الي شرشف السرير الذي جعل شيطان الغيرة يتلبسها فنظرت الي تلك التي كانت تتغنج أمام المرآة تصفف خصلات شعرها بعدما ارتدت اجمل فساتينها لتتفاجأ بتلك المجنونه تقتحم غرفتها بتلك الطريقه فاقتربت منها بغضب قائلا 


" ايه قله الذوق دي مش تخبطي .. في حد يدخل علي حد كدا .."


كانت كاميليا تتحدث الي تلك التي أصابها الحنون فلم تكن تستمع الي كلماتها فقط شئ واحد ترتسم أمامها صورتها بين أحضان يوسف تلك الصورة التي جعلتها كالمجنونه فاقتربت من كاميليا تمسكها من خصلات شعرها و هيا تقول بهستيريا 

" خدتيه مني يا كلبه … والله ما هخليكي تتهني بيه أبدا .. علي جثتي تاخديه مني ."


ثم قامت بجر كاميليا التي كانت كالمذعورة بين يديها تبكي ألم خصلاتها التي تمسكها تلك المجنونه و تجرها خلفها بعنف حتي هبطت درجات السلم و هيا تقول بشر


" والله لهعرفهم حقيقتك الوسخه .."

كاميليا بألم 

" سبيني يا مجنونه انتي عايزة مني ايه .."


قامت نيفين بدفع كاميليا بقوة فسقطت علي الارض تزامنا مع قولها الملئ بالشر بقهر و صراخ

" هسيبك بس قدام حبيب القلب اللي لازم يعرف حقيقتك انك مش بنت عمو احمد انتي بنت حرام .. "


سقطت كاميليا بعنف علي الارض أمام اقدامه التي تجمدت من فرط الزهور لما سمعته خاصتا عندما قالت نيفين بشماته و كره 


" عمي أحمد مكنش بيخلف .. و اتجوز أمها عشان يستر عليها بعد ما كانت حامل فيها في الحرام !!!"

الفصل الاربعون من هنا

 

 

تعليقات



×