رواية ليالي الوجه الاخر للعاشق الفصل الستون 60 بقلم رحاب ابراهيم


 رواية ليالي الوجه الاخر للعاشق الفصل الستون بقلم رحاب ابراهيم 

بعد خروجه من المكتب توجه إلى روضة فهد وحاول أن يستعلم عن بيانات الصغير ولكن لم يصل لشيء ومؤشر الشك يزيد بشكل كبير ، فلماذا رفضت مسؤولة الروضة أعطائه أي معلومة ولو بسيطة عن فهد وبهذه الشدة إلا لو كان هناك شيء غامض ! 

تحدث مع فهد في مكتب المسؤولة وقد دنا لمقام الطفل ومرر يده على شعره بحب ...قال :-
_ وحشتني يا فهد ، مش عارف انساك من ساعة ما شوفتك آخر مرة ..
مط فهد فمه للأمام بتذمر ونظر له شذرا وهو يلهو بكورة صغيرة بيده وتمتمت بعض الكلمات الغير مفهومة ..حتى سأله عمر مستوضحًا :-
_ بابا اسمه إيه يا فهد ؟ 
حملقت عين الصغير في وجه عمر بإستياء طفولي ثم نظر لكورة يده ولم يجيبه ....زفر عمر بضيق وقال مجددًا :-
_ طب ماما اسمها ليندا ؟ 
قطب فهد حاجبيه وقال :-
_ لااالي 
اقترب منه عمر أكثر وأشار له كي يكررها حتى قال الصغير بشكل هجومي غاضب وبدأ يصرخ :-
_ لاااااالي 😭 
هتفت المسؤولة وقالت بإعتراض وهي تشير لأحد المشرفات :-
_ خدي الولد يا إيمي 
اقتربت المشرفة "إيمي " وأخذت فهد للخارج وشعر عمر بالحيرة للعصبية الدائمة لهذا الطفل وقال :-
_ هو ليه دايمًا بيصرخ كدا !! ، مش بشوفه هادي غير مع والدته بس 
اجابته المسؤولة بحنق:-
_ انا بتأسف لحضرتك انا مش هقدر أديك أي معلومات عنه بس لو كان يهمك أمره ساعتها اقدر اقول أن الولد عصبي بشكل مش طبيعي ، دايما بيضرب الاطفال اللي حواليه وبيكسر أي شيء يشوفه وانا قلت لوالدته كدا ...
تنهد عمر بعمق وقال :-
_ بشكر حضرتك ...مع السلامة 

خرج من الروضة وهي يختنق من الضيق وشعور يكتسح اعماقه ويؤكد أن هذا الفهد الصغير ....ابنه 

***************************

مرت ساعات العمل 
انهت ليالي العمل واستعدت للذهاب ، فتحت باب المكتب لتخرج ولكن تقابلت عينيها مع نفس العينان التي تأسرها دائمًا في طوق من اللهفة والشوق لعشق قد مر عليه سنوات ورغم ذلك يشتعل أكثر ويلتهب بنيران قد التهمت جسور مقاومتها ....

كان الهواء يبدو شديد بالخارج من تحريك زجاج النوافذ بقوة محدثًا صوتٍ مزعج بعض الشيء ....قال بصوت اشبه بالهمس :-
_ هوصلك 
بلعت ريقها بإرتباك لهدوئه المربك هذا ونظرته الدافئة ..غامت نبرتها في موج الاضطراب :-
_ مش ..لازم ، في ....
قاطعها بإقترابه ،واقتراب عينيه من عينيها وقال بنفس الهمس :-
_ قولتلك هوصلك ، مش هسيبك لوحدك 

استعادت شيء من قوتها بصوت قوي قد صفع قلبها لتستيقظ من ضعفها هذا ...أردفت بثبات أو هكذا تظاهرت :-
_ اوك ، مافيش مشكلة 
تحركت من أمامه وتوجهت للخارج ولكن سبقها وأغلق الباب وقال بمزيج من التوعد والهدوء الغامض :-
_ لو مخبية عليا حاجة قوليها ، لأني لو عرفت من نفسي عقابي مش هتتوقعيه ....
ضمت حاجبيه بغضب وهي تنظر له شذرا حتى باغتها قبل أن تتحدث وفتح الباب واشار لها بالخروج .....

***************************

اضواء المدينة تدلف إلى القلوب بحنين وبالأخص في هذه الفترة وقد يلوح قرص الشمس ببسمته الباكية المتوهجة ويوعد بالمجيء بأقرب وقت ...تمنت أن ترتمي بين ذراعيه الآن وتروي له الحقيقة كاملة وتبدأ حياتها معه من جديد .....لهفتها بسماع كلمة "احبك" منه ، فاقت الحدود ، حتى ذهب عقلها وهي تغلق جفن عيناها وتقولها بخفوت كي تهدأ قلبها الذي يصرخ ....
بحبك ...

كان يراقبها في مرآة السيارة حتى توقف بشكل مفاجئ جعلها تنتبه لما فعلته ....نظر لها نظرة طويلة قد لمحتها رغم الضوء الازرق البسيط للسيارة وعتمت الليل التي بدأت بالترحاب .....

قالت بصوت يهدد بالبكاء :-
_ اتأخرت على فهد ، لو سمحت امشي 

شعر أن المواجهة ليست الآن ، لابد أن تتروى اولا حتى لا يثير غضبها الذي لم تقلله كل تلك السنوات .....فكيف لا يصدق أنها ليست هي !!... 

سار مرة أخرى حتى توقف بعد قليل أمام الروضة وتركها تذهب لتحضر فهد وهو يعلم أنها ستكتشف أمر مجيئه ...
اتصل هاتفيا بسائقه الخاص حتى يأتي خلال .......

دلفت ليالي للداخل ولكن اخرتها مسؤولة الروضة واخبرتها بتفاصيل زيارة عمر اليوم حتى لاحظت التوتر الظاهر على وجه ليالي .....طمئنتها :-
_ انا ما قولتلوش أي حاجة ، دي رغبتك ولازم نحترمها 
هزت ليالي رأسها بإمتنان وشكر وأخذت فهد للخارج وتفاجئت أن عمر يجلس بالمقعد الخلفي وليس مقعد القيادة .... 
توقفت لدقيقة بقلق ثم اكملت طريقها وكأنها لم تلاحظ شيء ودخلت السيارة من الباب الآخر ... 

وضعت فهد على قدميها تهدائه من ثورته العنيفة بسبب تأخيرها وتلا هذا الصراخ بكاء ، وقال كلمات كثيرة بالانجليزية ولكن بشكل غير مفهومة ثم قال ببكاء قد احرق قلبها :-
_ بتسبيني ....وحدي 😢 

صر عمر على اسنانه بقوة وتلقف الصغير منها بشكل مفاجئ وضمه بقوة وذلك مع دفعات فهد المتعصبة ولكن اصر عمر على ضمه بقوة وحب ابوي حتى سكن الصغير بين يديه ببكاء مكتوم ....

وكانت هي قد أغرق الدمع وجهها من رؤيتهم ووخز قلبها الالم والندم لحرمانهم من بعضهم ولمحت عمر وهو يتمتم بإحدى العبارات بصوت هفيض وهو يغلق عيناه وملامح وجهه غارقة بعنق الصغير ، ولا إراديا شعرت باناملها وهي تتحرك على كتف عمر وتربت عليها بأسف ......

ابتعد قليلا عن فهد وتفاجئت بشيء صادم عندما رأت لمعة باكية بعين عمر بعد ابتعاده عن فهد قليلا.....نظر ليدها على كتفه بعتاب قاتل وعاد لضم فهد مرة أخرى حتى غفا الصغير بين ذراعيه ...

ابتسمت لهم بحنان وهي تراه يقبل فهد النائم من جبينه بين الحين والأخرى ولم تبتعد عيناه عن وجه الصغير وهو يضمه 

*****************************

اتى سائقه الخاص وذهب بالسيارة حتى الفندق ثم ترجلت ليالي وعمر الذي يحمل فهد ودلفوا إلى مبنى الفندق ...

"في المصعد "
استاءت لانه تجنب الحديث معها أو حتى النظرات وكأنه اكتفى بالصغير ....وقف المصعد وخرج هو ثم خرجت خلفه وتفاجئت بوقوفه أمام غرفتها ....هتف بها بنبرة تظهر غضب استطاع أن يكبته:-
_ افتحي الباب 
تظاهرت بالتعجب وكادت أن تتحدث ..هتف بها مرة أخرى :-
_ اااافتحي الباب 

جف ريقها بخوف وتحركت اناملها مطاعة الأمر وفتحت باب غرفتها ، حاولت أن تأخذ الصغير ولكن دلف عمر للغرفة دون أن يعيرها أي اهتمام .....
نظر حوله جيدًا ، ودلف إلى غرفة جانبية ووضع الصغير على فراش وثير قد وجده بزاوية منها ......
وضعه بلطف وقبله من جبينه قبلة طويلة وهو يمرر يده على راسه بحنان ....وقال بهمس :-
_ محدش هياخدك مني تاني ...

لم تسمع ما قاله للصغير حتى نهض ورمقها بنظرة ضيقة غاضبة تتوعد بشيء يشتعل بمقلتيه واقسمت أنه اكتشف حقيقتها ولكن ما الذي يجعله صامت إلى الآن !! 
قال قبل أن يخرج من الغرفة ومواليها ظهره :-
_ انا مش هبات النهاردة في الفندق 
شعرت بالانزعاج وقالت بغيظ :-
_ ليه ؟ 
استدار لها وقال شيء جعل رأسها يدور :-
_ لأن بقالي ٢٤ساعة ما شوفتش ابني التاني ولا أمي 
خرج واغلق الباب خلفه وتركها تقف متجمدة بلا حركة ......

*************************

تسارعت انفاسها بخوف حتى ركضت على الهاتف واتصلت بجميلة التي استقبلت ما قالت ليالي بضحكة عالية :-
_ ههههههههههههههههه ، اتقفشتي يا حلوة 😂 
صاحت ليالي بغضب :-
_ انا بعيط وانتي بتضحكي !! ، انتي عارفة معناه إيه أنه بدأ يعرف الحقيقة ، انا مش عارفة هو اتأكد أوووي كدا من إيه رغم أن حضانة فهد ما اديتلوش معلومة وحتى الشركة كل بياناتي فيها باسم ليندا .....

قالت جميلة بسخرية :-
_ يمكن الفندق ، مش بتقولي أن مستر مراد حجزلك فيه بأسمك ! 
اجابتها ليالي بضيق :-
_ لأ بردو ، مستر مراد حجزلي فعلا بأسمي الحقيقي ، بس من غير اثبات فكان سهل عليا اقدم ورق ليندا لما خدته من باسم ولأن انا من طرف مستر مراد فامتكلموش معايا 

تعجبت جميلة :-
_ ماهو اكيد حس بيكي يا ليالي ، مافيش شيء ضدك أو يثبت أنك مش ليندا ، بس ماينفعش مايحسش أنك ليالي أو على الأقل يشك ، ساعتها كنت هقول أنه نساكي 
زفرت ليالي بضيق وقالت بغيظ :-
_ ده مش طايق يبصلي من ساعة ما حس بالحقيقة ، حتى ساب الفندق ومشي 😑 
قهقهت جميلة بمرح وقالت بمكر :-
_ قولي بقى انك زعلانة انه مشي

صاحت ليالي بها وقالت :-
_ بس بقى ، المهم ،لازم تيجي بكرا عشان اسيب فهد معاكي ، انا مش عايزة تامر يعرف بوجوده ، عايزة ابعد ابني عن الدوشة 

اجابتها جميلة بموافقة :-
_ خلاص ماتقلقيش ، انا قلت لبابا واستأذنته أني اقعد مع حماتي يومين واروح شقتي ارتبها وبعدين ارجع تاني ، هتلاقيني في القاهرة بكرا الصبح ....

ابتسمت ليالي وأردفت :-
_ الحمد لله ، عشان انتي كمان وحشتيني أوووي والكلام في التليفون مش كفاية ...
وافقتها جميلة بمرح واكدت أنها ستصل في الغد ...

***************************
"في اليوم التالي "

كان قد اوكل تامر لبعض الرجال بمراقبة ليالي بدءً من اليوم ولم يصل عمر للشركة حتى دقت الساعة الواحدة بعد ظهر اليوم ...

تنفست بحدة وهي تنتظره وقلقت من أن يكون حدث له مكروه ، انتظرت ساعات أخرى حتى دلف باسم للمكتب وبيده بعض الاوراق وقال :-
_ انا هستنى العملاء بدل عمر عشان شكله مش جي النهاردة 
قالت بقلق :-
_ هو ماله ؟ مش جي ليه ؟ 
ظهرت الحيرة على وجه باسم واردفت :-
_ مش عارف ، بس طالما اتأخر كدا يبقى مش جي وإلا كان اتصل بيا وعرفني أنه في الطريق ، انا اتصلت بيه من شوية بس تليفونه مقفول 
زاد القلق بداخله وتوقفت عن العمل حتى اضاء هاتفها برسالة نصية تخبرها أن فرانسيس دايمون اتى إلى القاهرة وسينتظرها في تمام الساعة الثامنة مساءً في مطعم شهير بأسم "......." 

لوحت بالهاتف إلى باسم حتى اقترب وقرأ ما تقوله الرسالة وقال بخفوت :-
_ الشغل ابتدا 

تنفست بحدة وتوعدت لتامر الذي سينال عقابه في خلال أيام قليلة ...

************************

للدقائق الآخيرة في انتهاء دوام العمل لهذا اليوم لم يظهر ايضا ولم يغب عن فكرها ولو لثانية واحدة ولكن لابد أن تستجمع فكرها حتى تنال من هذا التامر ....

هاتفت جميلة واخبرتها عنوان روضة فهد حتى تأخذه ويذهب معها وقالت :-
_ انا قولت للمديرة مواصفاتك وبيانتك عشان ترضى تديهولك ،ماتقلقيش ...
وافقت جميلة بحماس وقالت :-
_ هروح جري الواد ده وحشني موووووت 

بعد دقائق اغلقت ليالي الهاتف وتوجهت للمطعم الذي تعلم انها ستكون مراقبة منذ الآن ....

*************************

في مكان واسع به طاولات فاخرة وستائرة ثقيلة تحاوطه ، جلس رجل اشقر وقد مضى من العمر ما بعد الخمسين ورغم ذلك يحتفظ برونق الشباب ....لمحها من بعيد وابتسم برسمية ...

توجهت ليالي إلى طاولته بعد أن تأكدت انها مراقبة وهي في طريقها إلى هنا .....
بدأت الحديث معه بمزيج من الفرنسية والانجليزية ... 

*************************

دق هاتف تامر من أحد رجاله ليخبره بآخر المستجدات بشأن المراقبة ليبتسم تامر بسخرية وقال :-
_ طب خلي عينك عليهم لحد ما اتصل بيك تاني 
اغلق تامر الاتصال ليبدا اتصال آخر ...
رد الطرف الآخر مجيبًا :-
_ اهلا بالبيج بوص 
تحدث تامر بسخرية وتسلية :-
_ بتحسسني اني رئيس عصابة ! ، المهم من غير كتر كلام 
انت هتروح دلوقتي زي الباشا كدا ،لعنوان فندق 
اوضح صوت الرجل الآخر عن التعجب :-
_ ليه ؟ وهقابل مين ؟ 
أردف تامر وقال :-
_ هتقابل سكرتيرة عمر ....ليندا هانم 
اللي بتشتغل لحسابها ومع مين بنت اللذينة ....فرانسيس دايمون 
ده وكيل اعمال كل فروع شركات مراد غالي من أشهر رجال اعمال الشرق الاوسط ....
تساءل وفيق :-
_ طب هعرف ازاي وهقولها ايه ؟ 
صمت تامر لفترة ثم قال :-
_ انت صاحب شركة ،اي نعم لسه جديدة وصغيرة بس رجل اعمال بردو ، هتطلب تقابلها بعد ما تعرف سكنها ، اطلب انها تساعدك انك تاخد المشروع اللي عمر بيدرسه حاليا ...ولو رفضت وده اكيد هددها انك هتفضحها عند عمر وهتقوله انها بتجسس عليه وبتشتغل من وراه ومعاك الاثبات ...احنا صورناها حاليا وهي مع فرانسيس ......ويأما هتوافق ناخد مشروع المباني اللي عمر بيدرسه ودي صفقة كبيرة واكبر بكتير من اللي فات يأما هتمسك العصاية من النص وهتديلك صفقة مع فرانسيس بمعرفتها ....
وفي الحالتين احنا الكسبانين ......

صفر وفيق بإعجاب وهتف :-
_ دماااااغك دي دهب ، قولي العنوان فين 

اخبره تامر بالعنوان ثم قال :-
_ هبعتلك الصور على تليفونك ، بحيث انك تفضل وراها بعد ما تخرج من المطعم لحد مكان بيتها ، عشان ما تقولش اننا رقبناها ومرتبين كل حاجة من بدري ...

وافق وفيق ثم اغلق الخط ليبدأ مهمته ....

***********************
انهت ليالي مقابلتها مع فرانسيس ثم ذهبت للفندق ....
دلفت إلى غرفتها واشتاقت لفهد ولكن لابد أن تجعله بعيدًا هذه الايام .....دق هاتف الغرفة :-
اجابت بدهشة :-
اخبرها موظف الاستقبال بأن هناك شخص بإنتظارها ولم يدلي بأسمه .....قلقت وظنت انه تامر لذلك تحمست مرة أخرى وخرجت من غرفتها مرة أخرى هبوطا لأسفل لتجد شخص لم تراه ابدًا قد أشار له النادل ....
اقتربت من الطاولة وفهم وفيق أنها هي من صورها الذي ارسلها تامر عبر الهاتف ......
قالت متساءلة بحيرة :-
_ مين حضرتك ؟ 
أشار لها وفيق بالجلوس وقال :-
_ طب اتفضلي الأول وهتعرفي ....

وقفت قليلا ثم جلست على مضص وببطء والقى وفيق عليها خطته بشكل كاد يجعلها تضحك واستوعبت الآمر ...تظاهرت بالخوف في نبرتها وقالت برجاء مصطنع :-
_ ارجوك ، انا ما عملتش حاجة غلط ، كل الموضوع اني كنت بشتغل في الشركة دي في فرنسا قبل ما اجي مصر ، وشغلي مع استاذ عمر شيء تاني وجه بالصدفة ....
احتج وفيق واصر على اتهامها :-
_ انا معايا صورك وانتي قاعدة مع فرانسيس واقدر اجيبلك ملفات توديكي في داهية ، هتسمعي كلامي ولا تدخلي السجن ...
ادمعت عيناها بشكل مصطنع وتابعت تمثيلها حتى تاكدت أن الرجل اقتنع حقا بخوفها وقالت وكأنها ما بيدها حيلة :-
_ تمام ، حضرتك عايز ايه ، بس طبعا في ايطار قانوني ، انا كلها كام يوم ومسافرة ومش عايزة دوشة 
اومأ وفيق رأسه وقال :-
_ صفقة المباني اللي عمر بيشتغل عليها حاليا ، انا عايزها 
ردت بمراوغة :-
_ ماقدرش اعمل كدا لأن المشروع بدأ يتنفذ فعلا ، بس ممكن اديلك صفقة احسن منها بكتير مع مستر فرانسيس واظن دي هتبقى صفقة العمر ويبقى كدا ماخونتش حد 
ابتسم الرجل بنظرة ماكرة وكادت ليالي ان تقهقه على غبائه ثم نهضت وقالت :-
_ هستنى حضرتك بكرا في نفس الميعاد وهكون رتبت كل شيء مع مستر فرانسيس ، هو جه مصر لشغل ومش هيقعد اكتر من يومين 

وافق وفيق بترحاب وراقبها وهي تذهب .........
فور ذهابها اخبر تامر بما حدث ليبتسم تامر بانتصار وقد اعماه طمع المال عن شكه الدائم بكل من حوله ....

******************************

بمجرد أن دخلت غرفتها بالفندق اتصلت بباسم الذي كان في الطريق إلى منزله ....قال لها :-
_ الخبيث ، انا كنت فاكر انه هيقابلك بنفسه بس رمى واحد بداله ، عموما وفيق عامر وصلي اوراق عنه تدخله السجن مش اقل من ١٠سنين ، بس كنت مستني لما اشوفه أخره 
هتفت ليالي بقوة :-
_ الورق ده لازم اخد منه نسخة بكرا قبل ما اقابله ، دي ضربة مقتل ..
قال باسم بتأكيد :-
_ الحفلة دي انا معزوم فيها اكيد 
فكرت ليالي لبرهة ثم قالت :-
_ لو انت عايز تبقى موجود ماشي رغم أني كنت افضل ابعدك دلوقتي وماكشفش كل اوراقي لأني مش عارفة ايه اللي جي 

رد باسم وترك محرك سيارته عندما وقف أمام مبنى منزله وقال :-
_ لا ماتخافيش ، انا عارف هعمل ايه 

قالت مترددة :-
_ ماعرفتش حاجة عن عمر ؟! 
رغم أنه يعرف أن عمر ا اد الانفراد بنفسه لعدة ايام بشكل مفاجئ ولكن أراد أن لا يخبرها حتى تذهب وتبحث عنه بنفسها ....
قال بخبث :-
_ لأ
ضاقت من اجابته واستاذنته واغلقت الخط ......
واجرت مكالمة هاتفية لتطمئن على صغيرها التي رفض محادثتها وطمئنتها جميلة أنه يلهو مع صغارها ايضا......

تمددت على فراشها هذا اليوم وقلبها يتألم من بعادهم هما الاثنان حتى دق هاتفها الخاص بها برقم غريب ولم تتلقى رد .....
شعرت أنه هو لذلك لم تغلق الاتصال واستمرت تترجى بصمت أن يتحدث ولكن لم يحدث ذلك .....

تمزق قلبها وهاتفت كريمة لتطمئن ولكن هاتف كريمة مغلق أيضًا ، واحتارت أن تدق على رقم عمر الرئيسي يركض الشك بداخله أكثر 

***********************

في اليوم التالي 
انتظرته ولكن لم يأتي ايضاً واهتز قلبها من القلق ولكن مهمتها وخطتها تبدو الاهم الآن ......
مرت ساعات العمل بشكل بطيء وبغيض حتى ذهبت الى المطعم للميعاد المتفق عليه مع نسخة من الاوراق التي اخذتها من باسم مبكرا .....واتى خلفها باسم وتأكد أنه ليس مراقب ....

جلست أمام وفيق الذي رأته ينتظرها وبشكل خفي فتحت هاتفها على المسجل ..
قالت وهي تفحص الاوراق أمامه :-
_ الاوراق دي اللي معايا توديكي انت وشركتك في داهية ، انا مايهمنيش تهديدك العبيط ، انا هطلع من هنا وهعملك بلاغ وهقدم الاوراق دي وشوف انت بقى هيحصلك ايه 

صدم وفيق وخطف منها بعض الاوراق ونظر لها في صدمة ثم بدأ جبينه يعرف بغزارة ولم يتحدث ....حتى اتى باسم فجأة وقال :-
_ طب إيه رأيك اني عارف مين وراك بس طالما انت راضي تشيل كل حاجة لوحدك فالبسلامة ...
نطق الرجل في حدة بعد ان تفاجئ بوجوده :-
_ قصدك ايه ؟ وانت ايه اللي دخلك ولا ده فخ ؟! 

اجابت ليالي بهدوء :-
_ زي ما تسميه سميه ، المهم ان كلها ساعة بالكتير وهتبقى منور في الحبس وابقى قول هناك انك مظلوم وحاول تثبت ! 
انت راضي انك تبقى كبش فدا انت حررر 
ظهر الخوف على وجه وفيق وقال لباسم :-
_ ولو قولت كل اللي عندي ،هيحصل ايه ؟ 
مط باسم فمه بتفكير لمدة دقيقة واجاب :-
_ اظن ممكن عدد السنين يقل كتيرررر ، مش احسن ما تفضل طول عمرك في السجن ، وعلى فكرة ماخفي كان أعظم ، مش دي كل الاوراق اللي معايا ، الباقي لسه في الطريق 
مين اللي وراك ؟ ولا مصمم انك تشيلها لوحدك !! 
صاح الرجل بخوف :-
_ تامر الله يخربيته ، هو اللي اقنعني اني هبقى في الامان وقالي ان الوضع ده مش هيستمر كتير ، وكل مشاريع الشركة هو اللي كان بيعملها مش انا ، انا كنت وجهة للشركة بشكل مؤقت لوقت هو محدده ....
نظرت ليالي له بغيظ وكره حتى اتت فرقة كبيرة من رجال الشرطة ومعهم ضابط قد أشار لوفيق وقال :-
_ هتتفضل معانا بهدوء ولا حابب ازعاج الناس 
هز وفيق رأسه بذعر وذهب معهم ، قال باسم للضابط :-
_ الاوراق دي تخص شركته بس مش هو الاصل ، بس هو الوحيد اللي هيدلكوا عليه ....
اعطت ليالي هاتفها للضابط وقالت :-
_ والتليفون ده عليه تسجيل الاعتراف بالكامل ، تامر مراقبني واكيد ممكن يكون وصله اللي حصل ويهرب 
نفى الضابط هذا الشيء وقال :-
_ ماتقلقيش يا مدام ، استاذ باسم فهمنا على كل حاجة واحنا مراقبين تامر بقالنا مدة ومش هيقدر يهرب مننا ، هو فلت مننا كتير بس المرادي صعب يفلت .....

نظرت ليالي لباسم الذي ابتسم بنصر بعد أن ذهب الضابط وقالت له :-
_ انت كنت مبلغ البوليس وما قولتليش ! 
رد بثقة :-
_ خوفت لتقلقي او تتوتري انا عارف البنات ، وعموما انا مش متعود اقول كل شيء عندي طالما بعمل الصح 

ارتبكت وتوترت نبرتها وهي تقول:-
_ قصدك ايه مش فاهمة ! 

اشار لها باسم وهو يكتم ضحكته وقال :-
_ اتفضلي اطلعي اوضتك ، كدا مهمتنا انتهت وتامر زمانه اتقبض عليه وهو في بيته ......

*****************************

في اليوم التالي قد شاع خبر بالقبض على تامر بعدة تُهم ومنها غسيل الأموال ، مما جعل ليالي تبتسم بسعادة وانتصار ...قال لباسم الذي اتى للمكتب خصيصا ليبارك لها :-
_ الف مبرووووك يا ام فهد ، نفذتي مهمتك بذكاء ووقعتي راس الشر ...
ابتسمت ليالي بسعادة ثم قطبت حاجبيها بقلق :-
_ عمر لسه ما جاش بردو ، وكل ما اتصل على كريمة يديني مقفول 
انا خايفة أووووي 
قال باسم بمكر :-
_ طب ما تتصلي بيه ! 
هربت بعيناها وقالت :-
_ انت مش قلت أن تليفونه مقفول ! 

ضحك باسم بصوتٍ عالٍ وقال :-
_ يمكن فتح التليفون 

تركها تائهة وذهب للعمل...

****************************

انتظرته في المكتب حتى سأمت الانتظار ومع كل دقيقة تمر دون أن تعرف سبب تأخيره ...يزداد قلقها بأنفعال وعصبية وخوف عليه 

أطرقت اناملها التي تضم قلمها الحبر على المكتب بحدة وعقلها يجول في شتى الاحتمالات لتأخيره هذا ، أهو مريض ؟ به شيء ؟ هل آدم به شيء ؟ 
نهضت من مقعدها وقررت أن تذهب لمنزله وتطمئن بنفسها عليهم هما الأثنان ويحدث ما يحدث .......

ترجلت من السيارة قبل مكان الفيلا بقليل واتصلت على كريمة بمحاولة آخيرة واملا أن تجيب هذه المرة ....
أجابت كريمة على الهاتف وقالت :-
_ معلش يا ليالي ، كنت مسافرة ووصلت امبارح بليل و كنت عند الست الكبيرة وماعرفتش أرد عليكي 

تأففت ليالي وقالت مباشرةٍ بضيق :-
_ عمر فين يا كريمة ؟ ماجاش الشغل النهاردة بردو !! 

اجابتها كريمة وهي تدلف داخل غرفتها بتسلل:-
_ مش عارفة ، هو ماخرجش من الصبح ، وحتى آدم مش شيفاه من ساعت ما جيت امبارح ..يمكن عشان قعدت مع فريدة هانم لفترة كبيرة لان شكلها تعبان النهاردة 

بلعت ليالي ريقها وقد ازداد القلق بداخلها أكثر ومر عبر مقلتيها التي تطرف بتوتر ...قالت :-
_ طب انا عايزة ادخل اطمن عليه بنفسي ، انا قدام الفيلا ، دخليني جوا بأي طريقة ...
اعترضت كريمة وهي تشعر بخوف هذه المجازفة :-
_ طب هروح اشوفهم واطمنك 
هتفت ليالي واظهرت نبرتها قلق وخوف الأم :-
_ مش هستحمل ، انا لما كنت بعرف أن آدم تعبان وانا برا كنت مابعرفش انام لحد ما تطمنيني عليه ، انا عايزة اشوفه بعيني ، نفسي احضنه وحشني أوي 

شعرت كريمة بالشفقة وهي تسمع صوتها المتهدج ببكاء مكبوت :-
_ خلاص ماشي ، هطلع للبوابة دلوقتي واحاول اعمل حاجة ، وانتي أول ما الحرس يدخلوا لجوا تدخلي انتي كمان من غير ماحد يشوفك ...
وافقت ليالي وهي على استعداد لأي شيء حتى ترى آدم وعمر سالمين .....

خرجت كريمة وصاحت بهم وقالت :-
_ في حاجة غريبة في المطبخ ، روحوا شوفوا في ايه 
اسرعوا الرجال إلى المطبخ وظهرت ليالي أمام البوابة واشارت لها كريمة أن تأتي وتختبئ خلف أحد الاشجار بجانب المطبخ .....

خرج الحرس وقال أحد منهم :-
_ مافيش حاجة جوا ، تلاقيها قطة ولا حاجة 
تنفست كريمة الصعداء وقالت :-
_ اه ممكن ، معلش بقى ،انا بخاف من أقل حاجة 

ذهب الحرس للبوابة مرة أخرى ودلفت ليالي من خلفهم إلى المطبخ وقالت كريمة بقلق :-
_ كوثر ممكن تيجي في أي لحظة ، روحي اطمني على آدم وانا هروح اشوفها فين واشغلها شوية في أي حاجة ، هستناكي هنا 

هزت ليالي رأسها وخرجت كريمة من المطبخ للردهة الداخلية ونظرت حولها جيدًا لتكتشف وجود أحدًا ، ثم اشارت لليالي لتأتي وقالت بهمس :-
_ اوضة آدم آخر أوضة على الشمال 
أسرعت ليالي على الدرج وحذرت من صوت أقدامها ثم تحركت في الاتجاه الذي اشارت له كريمة وقبل أن تصل للغرفة الاخيرة فُتح بابها .....
كاد قلبها أن يتوقف ولمحت غرفة أخرى قريبة منها و بابها قد تُرك على مصراعيه ،فدلفت لداخلها وجسدها ينتفض .....

كانت الغرفة اثاثها قاسي وحاد بعض الشيء ، وستائرها سميكة وذات ألوان قاتمة ...اختبئت خلفها وقلبها يدق بعنف ....
حتى دلف احد وظله مخيف كالشبح ....

تعليقات



×