رواية بنت الجزار الفصل الثاني 2 والاخير بقلم شهيرة عبد الحميد


رواية بنت الجزار الفصل الثاني بقلم شهيرة عبد الحميد 

"بتشتمي واحدة قد ستك ليه، مش عيب كده بردو"


بصيت ورايا لقيتها...


أنا مش فاهمة هي قدرت تسمع أفكاري ازاي! مسكت أعصابي بصعوبة وحاولت أبان قدامها قوية واداري خوفي وقولتلها "أي خدمة؟ حضرتك عايزة لحمة ولا برجر.. خدي برجر حلو وطري على سنانك". 


مدت أيدها مسكت قطعة برجر من قدامي وبدأت تاكل وتشد فيها نية!، وقالتلي "امممم طعمها مش بطال، زي راس الست الوالدة بالظبط". 


رجع الألم يشتغل في معدتي من تاني، وظهر على ملامحي إني موجوعة ومش قادرة أقاوم، كنت عايزة أقوم استنجد بـ والدي، لكن جسمي مشلول وهي بتحط أيديها على كتفي وبتلف حواليا ببطء وبتقولي "لا لا، لسه بدري على الاستسلام ده كله، ده انتي لسه في بداية مشوارك معايا". 


انفاسي مكتومة، وايديها بتمر على جسمي زي ماية النار بتكويني، حاولت أصرخ بكل طاقتي، لكني زي الغريق اللي ملوش صوت ومستحيل حد يسمعه من تحت البحر.


وفي أقل من ثانية لقيت بابا واقف جنبي وعمال يهزني ويقولي "عزيزة ردي عليا، مالك يابنتي متنحة كده ليه، يا عزيزة انتي تعبانة طيب، في حاجة وقعت عليكي يابنتي خبطتك". 


بابا كان فاكرني مخبوطة على دماغي لأن الدور الاخير من العمارة بيركبوا سيراميك وبيوضبوا شقة عريس جديد، وياريت الموضوع مجرد خبطة وارتحت. 


رجع الأوكسجين يدخل جسمي من تاني واتردت فيا الروح، واختفت الملعونة ولا كأنها كانت بتعذبني من شوية. 


قومت من مكاني أتلفت حواليا وقولت لبابا "معلش يا بابا.. أناــــ أنا فعلاً شكلي تعبانة وعندي دور برد شديد ماكنش ينفع انزل من البيت النهاردة، أنا هروح أرتاح وانام شوية". 


كان لازم اهرب من المكان كله، وموضحتش لـ بابا اللي بيجرالي، لأني عارفة كويس أنه هيقلق عليا وجايز يمنعني من النزول نهائي. 


وأول حد كان في بالي أروح استنجد بيه هو "مسلم"، جاري واخويا اللي كبرنا سوا طول عمرنا، وصندوق أسراري اللي هيفهمني ويقف جنبي في محنتي. 


"مسلم أنا في كارثة، أنت في البيت ولا في المستشفى"


اتصلت عليه، ومن حُسن حظي كان في البيت بدري وقالي "تعالي على البيت امي وامك قاعدين برا بيتفقوا على مصيبة جديدة شكلهم". 


رجعت على البيت، كانت فعلًا والدتي كالعادة قاعدة مع والدته، دخلتله البلكونة وده مكانا المفضل اللي معتادين نتقابل فيه، وبدون ما اتكلم كان ملاحظ من رعشة أيدي إني مش طبيعية، و ورايا كارثة كبيرة وقالي "مالك يا عزيزة، بتترعشي ليه كده! ما طول عمرك بتقعي في مصايب وبتجيلي بيها مبشوفش فيكي الخوف ده كله". 


مسكت كوباية الماية من قدامي على الترابيزة وحاولت اهدا علشان اقدر احكيله كويس التفاصيل اللي بتحصل معايا. 


قولتله "مسلم أنا من امبارح مش تمام، حتى الألم اللي جالي بليل ده مش اعراض مرضية، أناــــ أنا اتسحرت". 


مسلم انتبه لكلامي بأهتمام، وابتديت احكيله الحكاية كلها من بداية ما جتلي الملعونة المحل، لـ أخر حدث حصل من شوية، رجلي كانت بتترعش بشكل ملحوظ، وكل خوفي أنه ميصدقنيش لأننا متعلمين وعمرنا ما صدقنا الكلام ده أبدًا. 


لكن مسلم رد وقالي "أنا قلبي كان حاسس، من أول ما شوفتك ليلة امبارح وكنت متأكد أن دي مش أعراض مرضية طبيعية، لكن كدبت نفسي وقولت يمكن حساسية أو غيرها". 


قعدنا نتناقش شوية وقالي أنه هيكلم شيخ صاحبه يجي يرقيني ويشوفني، وأحاول الفترة دي على قد ما اقدر مقعدش لوحدي حتى وقت النوم، لحد ما نشوف حل. 


سمعت كلامه ولما بابا خلص شغله جالنا ورجعنا شقتنا، واتفاجئت بـ والدي بيفتح موضوع الست الكبيرة وبيقولي "اسكتي يا عزيزة، مش الحجة الكبيرة بعتتلي حفيدتها النهاردة ؟! بنت شابة كده ما شاء الله عليها جمال الدنيا فيها، بس سلوكها كان غريب جدًا". 


لفت انتباهي باللي بيقوله، وقولتله باهتمام "غريبة ازاي يا بابا، احكيلي حصل إيه ".


حسيت أن بابا خجلان مني وبيتكلم بتوتر وقالي "يعني يبنتي الله يسترها عليها، بس يعني.. مايعة حبتين في أسلوبها، وطلبت مني نفس العضمة ولما قولتلها مش موجودة حاولت يعني استغفر الله تقربلي وتقولي "طب امتهه، أنا هجيلك في أي وقت تطلبني"، مرتحتلهاش الحقيقة". 


دلوقتي اتاكدت أن الست مش هتكتفي بس بأذيتي، دي كمان بتحاول تتلاعب على بابا علشان توقعه وتسيطر عليه، ومن خوفي قولتله "بابا اوعى تكون اديتها وش.. الست دي غرضها غير شريف هي وحفيدتها"، وكملت باقي كلامي في سري وقولت "ده لو كانت حفيدتها أصلا ومش شيطانة". 


ولأن تنبيهي كان صريح أكتر من اللازم، وبابا بيعتبرني صاحبته قبل ما اكون بنته، قالي "ينفع اقولك على سر قبل ما أمك تخرج من المطبخ!؟". 


قللت نبرة صوتي وقولتله "قول متخافش، سرك في بير"، بص تجاه المطبخ وقالي بخوف "بصراحة البت كانت حلوة أوي، مش بومة زي أمك.. وبصريح العبارة كده باستني في خدي بدون ما أشوفها وانا بقطع اللحمة، بس انا مسكتش، وقولتلها عيب كده يا آنسة". 


ماما خرجت من المطبخ وهي ماسكة الساطور وبتقوله "لا كتر خيرك، عملت اللي عليك وزيادة"، معرفش ازاي سمعتنا من المطبخ، وافتكرتها بتهزر ومجرد غيرة عادية بين زوجين، لكن اتصدمت لما ماما حدفت الساطور بنمط التخويف، ورشق في دماغ بابا قدام عيني!


ذُهلت، وقلبي وقف للحظات وأنا بشوف راسه بتنزف ومقسومة نصين... لحظات من الصدمة عقلي رافض يستوعب اللي بيحصل وبيقولي أن كل ده وهم مش حقيقة. 


قربت من بابا وقولتله "بابا حبيبي ده هزار صح.. يلا اضحك بقا وقولي ده مقلب فيكي.. انت شاطر دايمًا كده في المقالب". 


لكن للأسف ده مش مجرد وهم. 


ماما قعدت في الأرض تقطع في وشها وشعرها من الصدمة، وبابا مازال بينزف وعيونه خارجة من جمجمته. 


جرس الباب بيرن بشكل متتالي، وماما على نفس حالها وانا في النص بين ابشع جريمة متخيلتش في يوم أنها تحصل في بيتنا. 


بيتنا وأسرتي الصغيرة اللي كل الناس بيحسدونا على استقرارنا وحب ماما لـ بابا، ودلالهم ليا لأني البنت الوحيدة. 


كل ده في لحظة انتهى، وبسببي. 


ايوا أنا اللي وقفت قدام اللي اكبر مني ودخلت نفسي في حاجات أنا مش قدها، كان هيجرا إيه لو ادتها العضمة؟!. 


ما هي اكيد لو ماخدتهاش من عندي تقدر تاخدها من أي جزار تاني، أو حتى تشتري العجل كله بنفسها وحالتها المادية تسمحلها. 


لأول مرة أحس أن الوقوف قدام الشر ممكن يكون هو بداية الشر كله. 


وبعلو صوتي صرخت وقولتلها "تعالي خدي كل اللي عايزاه، بس رجعيلي بابا.. أنا مش هعارضك تاني خلاص، أنا ضعيفة وندمانة". 


جرس الباب مازال بيرن باستمرار، اتمنيت لو افتح والاقيها هي، قومت فتحت ورجلي مش شايلاني لقيته مسلم بيقولي "ايه يا عزيزة.. أنا جبت الشيخ كل ده بتبدلي هدومك!". 


عقلي وقف فجأة، وحسيت بتوهة.. بصيت ورايا ملقتش بابا ولا ماما؟؟!


يعني الدجالة نفذت الوعد اللي طلبته منها ورجعتهملي من تاني خلاص، ولاني خايفة من خيانة الوعد والعقاب الـ ممكن يحصلي، زعقت لــ مسلم وقولتله "شيخ إيه هو أنا مجنونة! لو سمحت ملكش علاقة بيا ومحدش طلب مساعدتك". 


وقفلت في وشه رغم أنها المرة الأولى اللي أعمل فيها تصرف زي ده، لكن كان لازم احافظ على عيلتي وأخرج من دايرة التحدي اللي أنا مش قدها. 


تاني يوم نزلت المحل بكل نشاط ومشوفتش اي كوابيس تانية الليلة دي، غير أن الغجرية جاتلي وهي بتطبطب عليا ومبسوطة وبتديني حاجة حلوة مكافئة لخضوعي ليها. 


كنت متأكدة أنها هتجيلي اليوم ده المحل، وبالفعل جت لي مبتسمة وكلها بهجة وبتقولي "صباح الفل يا وش الخير.. ها جهزتيلي طلبي؟!". 


ابتسمتلها رغم الحقد والغل اللي في قلبي وقولتلها "طبعًا طبعًا يا أمي، لحظة هحضرهالك". 


ودخلت بكل كسرة نفس حضرتلها عضمة بيت اللوح على خشبة اللحوم جوا، ودموعي بتسبق على وشي موجوعة على قلة حيلتي اللي معنديش غيرها. 


ولقيت اللي بيسحب العضمة من قدامي وبينزل عليها بالساطور وبيقولي "علشان تحمي نفسك بتأذي غيرك، دانتي طلعتي ضعيفة بشكل مش لايق حتى على اسمك يا عزيزة". 


كان مسلم..! 


مسحت دموعي وقولتله "كله إلا أهلي يا مسلم، أنا اتحملت كتير وأنت اكتر واحد عارف ده"، رد وقالي "بردو ضعيفة، علشان شوية وهم سيطروا عليكي.. دانتي كنتي على حافة الانتصار وخلاص الشيخ هيرقيكي ويعلمك ازاي تحفظي نفسك منها، تدخلي دقيقتين البيت وتتغيري كده فجأة ؟! ". 


بابا كان واقف برا المحل، بصيت عليه وانا بفتكر اللي حصله امبارح وقولتله "بابا ضاع مني يا مسلم.. كان في ساطور في دماغه.. أنا مقدرش اضحي بيه هو بالذات". 


وسألني أصعب سؤال اتوجهلي "يعني هي اللي أنقذت ابوكي من الموت ومن أجله.. ولا الأعمار بيد الله وحده؟"


صداع رهيب بينتشر في دماغي، مش قادرة ارد عليه.. لكني عارفة كويس الإجابة. 


خدت منه العضمة المكسورة اللي في ايده، وخرجت بكل شجاعة رميتها قدامها وقولتلها "انتي صحيح قدرتي تغلبيني ليلة امبارح، لكن الله غالب، والعهد اللي كان بينا نسيته.. أصلي بتوهم كتير الفترة دي". 


مسلم كان واقف جنبي وفخور بقوتي اللي رجعتلي من جديد، ووقفت هي تبص على العضمة بغضب وقالتلي بكل جبروت "أنا محدش يقدر يغلبني، وكل اللي فات مني نقطة في بحر من قوتي.. وهتشوفي يا عزيزة". 


صحيح نبرتها كان كلها ثقة، لكن إيمان غريب نزل على قلبي وقولتلها "كافرة ومشاركة زيك، لازم تتغر في نفسها".


ضحكتلي بـ استهزاء وقالتلي "هتعيشوا طول عمركوا ضعاف وموهومين، القوة ليا أنا.. وانا اللي...".


وقبل ما تكمل كلامها وقعت سيراميكا من الشقة اللي بتتوضب فوق، نزلت قسمت راسها نصين في منظر بشع، كأنها مبعوتة ليها هي بالتحديد. 


دمها الشيطاني غرقني أنا ومسلم، ووقفنا مذهولين من انتقام ربنا عز وجل فيها. 


قد إيه الناس دي بتوصل لمراحل جبروت بتخليهم ينسوا أن القوة لله وحده، وأنهم مهما تمادوا في شرهم فهو العزيز الجبار. 


عمري ما نسيت لـ مسلم وقفته جنبي، وقد إيه هو فوقني وانتشلني على أخر لحظة. 


حتى لو منع الأذى ده ممكن يأذينا أحنا شخصيًا، مينفعش ننسى أن ربنا الحافظ والمُنجي، وزي ما بنخاف على بيوتنا، نحفظ بيوت الناس وكل واحد يكون أمين على تصرفاته وميقولش ما غيري بيعمل. 


ابدأ بنفسك. 


تمت*******

لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا 

 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1