رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الثلاثون 30 بقلم منال سالم


 رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الثلاثون 

خلال الأيـــــام اللاحقة ،،،،،

إحتفل ســـامي الجندي مع رفيقه ممدوح في أحد الملاهي الليلية بما أسماه دق أول مسمـــار في " نعش " أوس ، ولم يدخر وسعه في إنفاق ما معه على العاهرات والباغيات من أجل التمتع بلذة الإنتصــار الزائفة ..

وفي نفس الفترة بدأت رحمــــة تحقق حلمها بالشهرة السريعة من خلال قيامها بالغناء والرقص المصاحب في فقرة خـــاصة بها بنفس الملهى ..
ورغم عدم وعي معظم المتواجدين بما تردده – بسبب حالة السُكر المسيطرة عليهم – إلا أنها تعمدت أن تبرز مفاتنها أكثر من موهبتها لتجعل لعابهم يسيل عليها ، وتلهب رغبتهم في التقرب منها .. 
فالقاعدة الأولـــى في هذا الملهى " نقود الزبائن حق مكتسب " ، وكلما زادت الإيرادات وما يسمى بـ الـ " نقوط " ، حصلت هي على نسبة عالية من الأمـــوال .. 
وإستطاعت بأنوثتها الطاغية أن تلفت الأنظـــار إليها .. وتحظى ببعض الإعجاب المصطنع .. ونالت إستحسان صاحب الملهى " بهججة " ..

............................................ 

وقف فـــــارس أمام البناية المتواجد بها منزل أوس بمنطقة المعادي ، وتأمل إرتفاعها الشاهق بنظرات إنبهار .. 
ثم أخفض عينيه ، وبحث عن حـــارس البناية ..
ولج هو إلى الداخل ، وهتف قائلاً بنبرة عالية :
-سلامو عليكم 

خرج رجل ما من داخـــل غرفة جانبية ، وفرك عينيه وهو يجيبه بصوت متحشرج :
-وعليكم السلام 

تنحنح فـــارس بصوت خشن وهو يسأله بفضول :
-إزيك يا آآآ... هو إنت اسمك ايه ؟

رد عليه حارس البناية متسائلاً بنبرة جادة وهو يرمقه بنظرات متفرسة لهيئته :
-عاوز مين يا فندي ؟

أجابه فــــارس ببرود وهو يضع يده في جيبه :
-أنا بسأل بس على اسمك 

حك حارس البناية رأسه ، وأجابه بإيجاز :
-محسوبك جابر 

أخــــرج فـــارس علبة السجائر من جيبه ، ثم إلتقط واحدة بيده ، ومــدها نحوه وهو يقول بجدية :
-عاشت الأسامي يا سي جابر ، تاخد تعفر ؟

تناولها منه جابر ، ووضعها خلف أذنه وهو يرد بإقتضاب :
-توشكر 

سأله فــــارس بإهتمام وهو يشعل سيجارته :
-ألا قولي يا جابر ، هو أوس باشا الجندي موجود ؟

رد عليه جابر بإيجاز :
-معرفش 

سأله مجدداً وهو يشير بيده :
-مش هو ساكن هنا ؟
-معرفش 

نفث فـــارس دخان سيجارته في الهواء ، ورد عليه بتبرم بـ :
-الله ، هو اللي نازل عليك معرفش ، مش إنت شغال هنا ولا في حتة تانية ؟
هز جابر رأسه نافياً ، وقال بهدوء :
-لأ أنا لسه جاي جديد مبقاليش يومين 

تسائل فــــارس بفضول كبير قائلاً :
-أومــال البواب القديم راح فين ؟

أجابه الأخير بنبرة عادية وهو يمسح طرف أنفه :
-مشاه اتحاد الملاك بعد الفضيحة 

قطب فـــارس جبينه ، وعقد ما بين حاجبيه في إهتمام ، ثم سأله بحيرة قائلاً :
-فضيحة ايه دي ؟

رد عليه جابر بنبرة عادية وهو يشير بكلتا يديه :
-واحد من السكان كان جايب واحدة استغفر الله باين هنا ، وكانوا هايولعوا في البرج ، والبت باين ماتت ، والبواب كان مطنش عمايل الراجل ده وبيقبض منه أد كده ، فمشاه السكان وجابوني مكانه 

سأله مجدداً بإهتمام واضح على قسمات وجهه :
-والواحد ده اسمه ايه ؟

إزداد عبوس وجــه جابر وهو يجيبه بنبرة منزعجة :
-معرفش
-برضوه !

إنزعج جابر من أسئلته الفضولية ، وتسائل هو متبرماً 
-بأقولك ايه يا فندي ، إنت جاي لمين بالظبط ؟ وبتسأل كل الأسئلة دي ليه ؟

أخـــذ فـــارس نفساً مطولاً ، وزفره على مهل وهو يجيبه بهدوء :
-كان ليا واحد صاحبي ساكن في المنطقة هنا ، بس الظاهر إني غلطت في العنوان 

أشــــار له جابر بيده ، وهو يتابع بسخط :
-طب اتفضل يا بيه خليني أشوف شغلي  

حدجه فــــارس بنظرات محتقنة ، وســـار مبتعداً عنه وهو يردد قائلاً 
-بواب رزل !!!

ثم توقف بجوار إحدى اللوحات الإعلانية ، وألقى بعقب سيجارته على الأرضية الإسمنتية ، وداس عليها بقدمه ، وأكمل بضيق :
-ما أنا كده ماوصلتش برضوه لحاجة عن أوس ، داهية لا تكون هو اللي بيتكلم عنه البواب !

رمش بعينيه في توتر ، وتابع متوجساً :
-ده ساعتها لوزة هتطلعهم عليا ، ومش هاخلص ! 

.....................................

في منزل عبد الحق بالزقاق الشعبي ،،،

أتقنت بطــــة لعب دورهــــا بمهـــارة ، ومارست خدعة حملها على زوجها الســاذج عبد الحق بإجادة تامة ، فأصبح أكثر تلهفاً وتحمساً على البقاء معها ، وتلبية إحتياجاتها ..
وعمدت للبقاء فترة أطـــول في غرفتها ، وأهملت معظم الأعمــال المنزلية ، وإدعت الإرهـــاق الدائم والشعور بالغثيان والدوار المستمر .. فلازمت الفراش في غالبية الوقت 
في حين زادت كراهية وسخط إحســــان لها ، فهي ترى بعينيها كم الدلال الذي يغدق ابنها به عليها ، وهي متيقنة أن هنـــاك غموض بمسألة حملها .. 
 
قررت أم بطة زيــــارة إبنتها لتبـــارك خبر حملها بحفيد المستقبل ، ورغم شكوكها حول طبيعته ، إلا أنها رسمت الفرحة العامرة على وجهها ، وأطلقت الزغاريد وهي تدلف لداخل المنزل قائلة :
-لووولووولي .. ألف مبروووك يا ست إحسان 

نظرت لها إحسان شزراً ، وأجابتها ببرود :
-متشكرة 

مطت أم بطة شفتيها في سخط ، وحدثت نفسها بإستغراب :
-مالها الولية دي ، هي مش فرحانة ولا إيه ، وأنا مالي ، المهم البت بطة 

تنحنحت هي بصوت مسمـــوع ، وأضافت بحماس :
-هاخش أشأر على بنتي يا ست إحســـان ، وربنا يقومها بالسلامة يا رب ، وتملى البيت عيـال يا قادر  يا كريم 

ردت عليها بوجه ممتعض وهي تلوي فمها :
-خشي ، اهــي متلأحة على السرير جوا !

لم تجبْ عليها أم بطة ، بل إكتفت بالنظر إليها بضيق ، ثم إستدارت في إتجــــاه غرفتها .. 
طرقت هي بيدها قبل أن تدلف للداخل ، ثم هتفت بفرح :
-مبروووووك يا بت ، والله وعرفتي تعمليها 

إعتدلت بطة في نومتها ، وصاحت بنبرة حماسية وهي تفتح ذراعيها :
-أمـــه ..ازيك !

إحتضنتها  والدتها بعاطفة أموية ، وقبلت رأسها ، فنظرت بطة لها بعتاب وهي تردف قائلة :
-كل ده عشان تجيلي !

مسحت أم بطة على وجه إبنتها ، وجلست على طرف الفراش ، وأجابتها بهدوء :
-مش عقبال ما فضيت وعرفت أجيلك

هزت رأسها بخفة ، وهي تتابع بإهتمام :
-ماشي يامه ، أخبارك ايه ؟ واخواتي عاملين ايه ؟

تنهدت والدتها في إرهــاق ، وردت عليها بصوت هاديء بـ :
-نحمده يا حبيبتي على كل حــال ، المهم إنتي قوليلي أخبار الحَبَل ( الحمل ) معاكي إيه ؟

تقوس فم بطة قليلاً وهي تجيبها بفتور :
-أهوو .. 

تفرست أم بطة في ملامح إبنتها ، هي تعلم جيداً حقيقة الأمـــر  ، فإقتربت منها برأسها ، وسألتها بخفوت :
-بت قوليلي ، هو .. هو حصل إزاي وإنتي كنتي قيلالي إنه آآآ...

قاطعت بطة والدتها بخوف ، ونظرت حولها بريبة ، وهي تقول بصوت هامس بعد أن أمسكت بكفها :
-شششش يامه ، مش انتي قولتي نكفي على الخبر ماجور ومانجبش سيرة !

أومـــأت والدتها برأسها وهي تجيبها بنبرة مهتمة :
-أيوه ، بس اللي مستغرباه هو آآآ...

أخفضت بطة نبرة صوتها للغاية وهي تتابع قائلة :
-بصي يامه ، كلام في سرك ، أنا لا حبلى ولا دياوله ، ده بس ملعوب عملاه على الولية العقربة اللي برا 

شهقت أم بطة بصوت مرتفع وهي تلطم على صدرها :
-يا نصيبتي ، إنتي اتجننتي ! ازاي تعملي كده 

همست بطة بتوتر شديد وهي تعاتب والدتها بنظراتها القلقة :
-شششش.. بس يامه ، إنتي كده هاتفضحيني !

سبتها والدتها بحدة وهي تضيف قائلة :
-يخربيتك ، إنتي ناوية تخربي بيتك بإيدك !!

نفخت إبنتها في ضيق ، وقالت بيأس :
-يووه يامه ، يعني أنا غلطانة إني قولتلك 

أشـــارت لها والدتها بإصبعها محذراة إياها بـ :
-يا بت إنتي بتلعبي بالنـــار ، وحماتك مش سهلة 

عقدت بطة ساعديها أمـــام صدرها ، وأشاحت بوجهها للجانب ، وأجابت بثقة :
-ملكيش دعوة يامه ، أنا هأعرف أتصرف معاها كويس

وضعت أم بطة كف يدها على ذقن إبنتها ، وأدارته في ناحيتها ، وقالت بنبرة متوترة :
-أنا خايفة عليكي ، كده إنتي لا هتطولي بلح الشام ولا عنب اليمن !

إبتسمت بطة لها ، وقبلت كفها وهي تجيبها بصوت واثق :
-اطمني يامه ، أنا عارفة هاعمل ايه 
-ربنا يسترها بقى 

هنا دلفت إحســــان إلى داخـــل الغرفة ، وتفرست في وجه أم بطة الذي بدى مشدوداً ومتوتراً ، فسألتها بفضول :
-مالك يا أم بطة ؟ وشك مقلوب كده ليه 

ردت عليها بتلعثم واضح وهي تبتلع ريقها بتوتر :
-هــ.. آآ.. مـ... مافيش 

ضيقت إحســــان عينيها ، ونظرت إلى الإثنتين بريبة ، وإزداد عبوس وجهها وقتامته .. ثم هتفت بصوت جـــاد :
-أنا أعدة برا ، أما تخلصي مع المحروسة ابقي تعاليلي

أجابتها أم بطة بصوتها المضطرب وهي تجاهد للحفاظ على هدوئها بـ :
-من عينيا ، هو .. هو إنتي أعدتك يتشبع منها يا ست إحســـان .. ثم ضحكت بطريقة سخيفة وهي ترسم تلك الإبتسامة الزائفة على ثغرها ..

........................................
في منزل تقى عوض الله ،،،،

أرسلت إجلال في طلب الطبيب الذي تعرفه للكشف عن بنت جارتها المقربة ومتابعة حالتها .. ورغم ظروفها المادية العادية ، إلا أنها لم تكنْ لتترك جارتها بمفردها دون أن تمـــد لها يد العون ...

حمدت الله فردوس كثيراً أنه رزقها بمثل تلك الإنســـانة .. والتي تكفلت بكل شيء حتى تعينها في مصيبتها .. 

طلب الطبيب من فردوس نقل إبنتها إلى مشفى عام ، ولكنها رفضت ، وأصرت على بقائها بالمنزل لتلقي العلاج .. فإضطر هو أسفاً أن يمتثل لرغبتها ، وكتب لها وصفات طبية ، وأوصــى بتوفير الرعاية النفسية لها خاصة بعد معرفته بسبب إصابتها ...

كانت تقى معظم الوقت غائبة عن الوعــي .. مستسلمة لرغبتها في ترك الحياة .. في بعض الأحيان كانت تفتح عينيها للحظة ، لتتأمل المكان ، ويصيبها إرتجافة قوية ، وتشهق في فزع ، فصورة مغتصبها دائماً تتجسد أمامها .. 
لحظاتها المريرة معه لا يمكن أن تُمحى من ذاكرتها بين ليلة وضحاها .. 
فهو قد قضى على روحها بإفتراسه لبرائتها .. 
لم تشفع توسلاتها معه ، ولم يغفر لها ذنبها .. فقط تلذذ بتحطيمها ..
إزدادت إرتعاشة جسدها ، وهي تتخيل إبتسامته الشيطانية التي تستفزها ، فوضعت عفوياً يدها على فمها لتكتم شهقاتها المذعورة .. 
ولكن صدى ضحكاته الهيسترية يصيب أذنيها بالجنون ، فتبكي لا إرادياً بأنين مختنق .. وهي تحاول سد أذنيها ..
أغمضت تقى عينيها المذعورتين رغماً عنها ، وحبست أنفاسها لعل روحها الذبيحة تسكن .. ولكن كيف يندمل جرحها وهو مازال ينزف  ..

لم تنتبه فردوس لتلك المســألة ، فقد كانت تعتقد أنها غافية .. ونومها هو السبيل لشفائها ..

في حين كان والدها عوض يتمدد على الأريكة المقابلة للفراش وينظر لها بإهتمام بين الحين والأخـــر .. 
ومع هذا لم ينتبه هو الأخـــر لحالة الرعب التي تنتابها .. 
فهو أيضاً مغلوب على أمره ، يعاني من فقدان للذاكرة ، وحالته الصحية شبه متردية .. 
أما ذكرياته معها فتتسلل تدريجياً إلى ذاكرته ، هو يتذكر لمحات من الماضي تجمعهما سوياً ، ولكنه لم يتعرف بشكل تـــام عليها .. ورغم هذا يشعر بعاطفة نحوها .. 

......................................

في مطــــار القاهرة الدولي ،،،

هاتف الطبيب مؤنس مهاب الجندي ليبلغه بما حدث مع إبنه ، فإستقل الأخير أول طائرة عائدة لأرض الوطن ليراه.. 

صـــرخ مهاب بإنفعال في هاتفه المحمول وهو يخرج من بوابة المطار الرئيسية قائلاً :
-يعني أعرف من الغريب عن حالة إبني ! إزاي ؟ كنتوا فين من ده كله ؟ أنا مش هاسكت عن اللي حصل ، الكل هيتحاسب ومش هارحم حد ، هي تكية عشان يجي شوية بلطجية يقتلوا ابني والكل واقف يتفرج ، مش هاعديه الموضوع ده على خير ، ســــامع مش هاعديه !

ثم أغلق الهاتف دون أن ينتظر أي رد من الطرف الأخــــر ...
ركض السائق في إتجاهه حينما رأه يخرج من البوابة ، وتناول عنه حقيبة سفره ، فصــاح فيه مهاب بصوت أمـــر :
-اطلع على المستشفى فورا 
-تمام يا دكتور مهاب 

كـــز مهاب على أسنانه في شراسة وهو ينطق بتوعد :
-قسماً بالله لأربيهم الكلاب اللي عملوا كده في ابني !!!!

......................................

في فيلا عدي ،،،،

توجهت الخـــادمة بحقائب السفر إلى الطابق العلوي بعد أن رحبت بالعروس الجديدة .. 
في حين تأملت ليــــان تلك الفيلا – من الداخل - والتي ستمكث فيها الفترة القادمة من حياتها ..
كانت الردهـــة واسعة ، وبها صــالون مذهب قيّم قد تم وضعه قبل الزفــاف بوقت قليل ، وصالون أخــر أصغر في الحجم .. وهناك غرفة معيشة على مقربة منه مزودة بالأرائك المريحة ذات اللونين الأسود والأحمـــر ، ومعهم شاشة عرض كبيرة .. 

بالإضــــافة إلى المطبخ الواسع ، وغرفة للخدم ، ومرحــاض خــاص بالضيوف ، وغرفة للمكتب ..
أما الطابق العلوي فبه غرفة نوم رئيسية كبيرة ، وأخرتان أقل في الحجم والأثاث .. 
وجميعهم قد تم فرشهم على أحدث طراز ...

لم تنكر ليان أن ذوق عدي في إنتقاء كل شيء كان مميزاً ، وخاصة التحف والأنتيكات واللوحات الفنية المعلقة على معظم جدران الفيلا .. ولكن هناك شيء ما ناقص في هذا المكان ..
إنها الحياة والدفء والألفة .. 
تحلت بالشجاعة وهي تصعد إلى غرفتهما في الطابق العلوي .. فليس عليها أن تتذمر من حياتها معه ..
فيكفيها سبابه اللاذع وإستفزازه الدائم لها إن فكرت أن تعارضه .. 
هي إرتضت به زوجاً ، وعليها أن تصبر ريثما تجد المخرج للخلاص منه ..

ألقت بجسدها المرهق على الفراش ، ثم أمسكت بهاتفها المحمول ، وهاتفت رفيقتها جايدا ، وإنتظرت ردها ..
تنهدت في تعب وهي تقول بخفوت :
-هــاي جودي ، وحشتيني 
-وإنتي كمان ليوو ، ده العريس خدك مني خالص ، ها قوليلي ، إيه أخبار شهر العسل معاكي ؟ ولا إنتي خلاص نسيتني يا بنتي من أخر مكالمة 

لوت فمها في إستنكار ، وأغمضت عينيها بيأس ثم ردت بصوت شبه حزين :
-عادي مافيش جديد

استغربت جايدا من ردها الفاتر ، فسألتها بإهتمام :
-هو .. هو إنتي وعدي مش متفاهمين ولا ايه ؟ أنا بصراحة مش فهمت منك اللي قولتيه أخر مرة !

أخذت ليان نفساً عميقاً وزفرته في إحباط ، ثم تابعت بجمود :
-مش تاخدي على كلامي ، أنا بس كانت وحشاني كايرو

مطت جايدا شفتيها للجانب ، وردت عليها بنبرة عادية :
-مممم.. اوكي .. طيب هاشوفك امتى ؟

أجابتها بصوت جـــاد قائلة :
-قريب جودي ، أنا بس أروح القصر عندنا ، وأرتب معاكي ميعاد نتقال فيه 
-تمام ، وأنا هاستنى منك مكالمة 
-Deal ( متفقين) يالا باي 

ثم أنهت معها المكالمة ، وتمددت على الفراش ، وأمسكت بخصلات شعرها المموجة ، ولفتها حول إصبعيها ، وظلت محدقة بسقفية الغرفة وهي تفكر في طريقة للخلاص من تلك الزيجة بأقل الخسائر ....
.....................................................

في منزل الجــــارة حكمت ،،،،،

وضعت رحمـــة أحمـــر الشفاه الصارخ على شفتيها ، ثم فركتهما معاً ، وإبتسمت لنفسها بغرور ، وعبثت بشعرها المنساب على ظهرها ، وأدارت جسدها للجانبين لتتأكد من تناسق فستانها مع تقاسيم جسدها .. 
ثم وضعت يديها على صدرها ، ورفعته للأعلى قليلاً ، وهزت كتفيها بتغنج ، وحدثت نفسها قائلة بزهو :
-كده مالكيش حل يا ريري ، هاتوقعي الرجالة تحت رجليكي 

أحضرت والدتها حكمت المبخرة ، ووقفت على مقربة منها ، وهتفت بحماس :
-رقيتك واسترقيتك يا بنت بطني من عين ولاد الحارة الـ ***** اللي تندب فيها رصــاصة 

سعلت رحمـــة من كمية الدخـــان المنبعثة من المبخرة ، ونظرت لوالدتها بضيق وقالت بصوت مختنق ومتحشرج :
-كح .. كح .. خلاص يامه ، هاتخنق ، كح ... آآ..

نظرت لها والدتها بإندهاش وهي ترفع حاجبها للأعلى ، وقالت محتدة :
-الله مش بأرقيكي يا بت بدل ما العين تصيبك

تذمرت رحمـــة قائلة وهي تحرك يدها أمام وجهها :
-مش بالشكل ده 

أسندت حكمت المبخرة على التسريحة ، وتسائلت بجدية :
-خلاص .. هــا ، هتتأخري النهاردة ؟

أجابتها رحمـــة بتبرم وهي تعقد رباط حذائها ذي الكعب العالي :
-هو كل يوم السؤال ده ، ما إنتي عارفة وقت ما بأخلص بأرجع على طول 

اقتربت منها والدتها ، ونظرت لها بتفحص وهي ترد عليها بتلهف :
-ما أنا عارفة ، بس الناس ولاد الـ **** اللي هنا آآآ...

قاطعتها بصوت صـــارم وهي تجذب حقيبة يدها الصغيرة وتضعها على كتفها :
-يولعوا كلهم ، محدش فيهم يهمني في حاجة ، وبعدين قريب يامه هانسيب المخروبة دي ونروح نعيش في حتة تانية هاي كيلاس 

رفعت حكمت يديها عالياً في الهواء ، وهتفت متحمسة :
-يا رب ياختي ، خلينا نأب على وش الدنيا 

إلتوى فم رحمـــة بإبتسامة ماكرة وهي تجيبها قائلة :
-اصبري انتي بس ، وأنا هاروق عليكي يامه !

إزدادت نبرة حكمت حماسة وهي تقول :
-ده يوم المنى يا بنت بطني ! 

لوحت لها رحمة بأطراف أصابعها وهي تتجه لباب المنزل قائلة بجدية :
-سلام بقى لأحسن اتأخرت ، وانتي عارفة مستر بهججة مش بيحب التأخير !
-روحي يا بنتي ، وأنا بأدعيلك 

تقوس فمها وهي تجيبها بلكنة أجنبية غير صحيحة قائلة :
-تيشــــاو ( مع السلامة ) 
..............................................

نزلت رحمة على الدرج بخيلاء ، وسلطت أنظارها على حقيبة يدها لتخرج هاتفها المحمول ، فلم تنتبه إلى منسي الذي كان صاعداً في إتجاهها  ، فإصطدمت به دون قصــد .. ورفعت رأسها لتنظر إليه وهي تقول بإيجاز :
-سوري 

نظرت لها بتمعن متفحصاً جسدها ومفاتنه من رأسها حتى أخمص قدميها وهو يقول بسخرية :
-إيش .. إيش إيش ، ايه يا بت الحلاوة دي كلها 

رمقته بنظرات مصدومة لرؤيته إياه أمامها ، وردت بنزق :
-منسي ! خير 

سألها بفضـــول وهو مسلط أنظاره على مفاتنها المثيرة :
-على فين العزم 

أجابته بإقتضاب وهي تنفخ في إنزعـــاج :
-على الشغل طبعاً 

رد عليها بنبرة شبه مهينة وهو يشير بيده ، وممرر عينيه عليها :
-ما أنا عارف انه الشغل ، بس انتي النعمة ماشاء الله بانت عليكي اليومين دول ، مع إنك شغالة آآ...

قاطعته قائلة بنبرة حـــادة بعد أن عبس وجهها من طريقته الفظة في الحوار معها :
-إنت هتأر عليا ولا إيه ؟

أجابها ببرود وهو يحك طرف ذقنه :
-لا يا حلوة ، بس مستغربك 

عقدت ساعديها أمام صدرها ، وردت بفتور :
-عــادي ، مافيش حاجة غريبة في الزمن ده !

أجابها منسي ببرود :
-على رأيك 

سألته هي بإهتمام وهي ترفع حاجبها للأعلى :
-على كده انت طالع هنا لمين ؟ مش معقول ليا !!

رد عليها بجدية وهو محدق بعينيها :
-لأ .. للبت تقى 

نفخت في ضيق ، وأرخت ساعديها فور سماعها لإسم تلك الفتاة ، ثم أشاحت بوجهها للجانب وهي تقول بغيظ :
-أهــا ، قولتلي بقى !

لاحظ هو التغيير البادي على وجهها ، فإبتسم لنفسه بتباهي ، وقال بغرور :
-البت بعافية وأنا بشأر عليها من وقت للتاني ، ما إنتي عارفة امها وظروف بيتهم !

ربتت على صدره بكفها ، وهي تردف بتهكم :
-وماله يا حنين 

اقترب هو منها حتى إلتصق صدره بجسدها ، وقال بهمس وهو يغمز لها :
-عاوز أشوفك يا قطة 

أبعدت جسده عنها بيدها ، ونظرت له من زاوية عينها بكبرياء ، ومن ثم ردت عليه بعدم إكتراث :
-أما أشوف 

ثم دفعته قليلاً من كتفه ، ونزلت هبوطاً على الدرج ..
فتابعها منسي بنظراته الوقحة ، وتحسس صدره ، واخرج تنهيدة حــــارة ، وحدث نفسه قائلاً :
-هانروح من بعض فين ، ما إنتي الحتة الطرية يا .. يا مـــزة ..!!!

.................................................

في مشفى الجندي الخـــــاص ،،،،،

إنقلب المشفى رأســـاً على عقب فـــور إعلان خبر عودة مهاب الجندي من الخــــارج ، وأصبح الجميع في حالة إستنفار تام ...

ترجل هو من سيارته الخاصة ، وســــار بخطواته السريعة في إتجاه المدخل الرئيسي .. 
كان وجهه قاتماً ، ومتشنجاً للغاية .. 
أفسح الأمن له المجــال ليمر بعد أن أدوا له التحية ، وأســرع كبير الأطباء نحوه وهو يهتف بصوت عالي :
-دكتور مهاب ، حمدلله على سلا..آآآ....

قاطعه مهاب بلهجة صـــارمة وحادة وهو يشير بيده :
-ابني أوس فين ؟

أشــــار بعينيه للأعلى وهو يجيبه بتلهف :
-فوق يا دكتور ، في العناية المركزة 

صــــاح مهاب بصوت هـــادر وهو يتجه صوب المصعد قائلاً :
-أنا مش هاسيب اللي حصل ده يعدي من غير ما أدفعكم التمن ، مش إبن مهاب الجندي اللي يتعمل معاه كده ، لأ وفي المستشفى بتاعي ، الكل هيتحاسب !!!

رد عليه كبير الأطباء بصوت شبه مرتبك بـ :
-يا دكتور إحنا اتفاجئنا بالبلطجية دول 

سأله بإستنكار صريح وهو يرمقه بنظراته الساخطة :
-كان فين الأمن ؟ وفين الممرضين والدكاترة ، ولا هي المستشفى هنا سايبة لكل من هب ودب يدخل يعمل اللي عاوزه فيها ؟

رد عليه بتلعثم وهو يحـــاول أن يبدو هادئاً أمامه :
-هو بس آآآ...

قاطعه بنبرة محتدة وهو يدلف إلى داخـــل المصعد :
-ومين سمحلهم أصلاً يدخلوا ؟ عاوز أعرف الكلب اللي ساب ابني معاهم !

ابتلع كبير الأطباء ريقه بتوتر ، وأجابه بصوت متقطع :
-آآآ.. دي.. دي موظفة الاستقبال 

هتف مهاب بصوت صــــارخ وهو يشير بإصبعه مهدداً :
-تترفد فوراً ، بس بعد ما يتعملها قضية

أومــأ برأسه موافقاً وهو يتابعه بنظراته القلقة بعد أن لحق به ، ثم أجابه بـ :
-حــ... حاضر ، أنا هاتصرف 

ضغط مهاب الجندي على زر غلق المصعد ، وكـــور قبضته في حنق ، وظل يتمتم بتوعد قائلاً :
-مش هاسيب اللي عمل فيك كده يا أوس يفلت ، قسماً بالله لأدفنهم بالحيا .............................!!!!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1