رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم منال سالم


 رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الرابع والثلاثون

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،،

ســــار عدي بخطوات سريعة إلى حد ما في الرواق المؤدي إلى غرفة الخدمات الأمنية - و المتواجدة في الجانب الخلفي من الشركة - حيث تجلس فيها زوجته ليـــان .. 

كان الفضول والحيرة يعتصران عقله لمعرفة سبب إشتباكها مع هذا الرجل .. 
وقد حـــاول قدر الإمكان أن يتحكم في غضبه وفي إنفعالاته حتى لا يرتكب حماقة يندم عليها لاحقاً .. 

وصــل إلى باب الغرفة ، وإستمع إلى نحيب وصراخ ليـــان من الداخل وهي تقول :
-افتح الباب خليني أموته ، مش هاسيبه ، ده السبب في كل اللي أنا فيه

أدار هو المقبض ، وفتح الباب ووقف متسمراً في مكانه ، مراقباً إياها بأعين كالصقر .. ثم سألها ببرود :
-مين ده يا .. يا مدام ؟
بادلته هي نظرات حـــادة ، وركضت نحوه ، وأمسكت به من ياقته وهي تهدر بصوت مختنق :
-بتسألني مين ده ؟ عني مش عارفه ؟

رفع حاجبه للأعلى في استغراب واضح ، وسألها بجدية وهو يحاول إبعاد يديها عن ياقته :
-نعم ؟ انتي قصدك ايه ؟

لم تفلته ليـــان بل إستمرت في حالة هياجها العصبي وهي تجيبه قائلة :
-هو ده اللي ضحك عليا واستغلني ، هو ده اللي وهمني إنه بيحبني واتجوزني كدب ، سيبني أموته ، قول للأمن بتوعك يجبوه عندي وأنا هاقتله ، أيوه هاقتله !

إتسعت مقلتي عدي في محجريهما من الصدمة ، وتحول وجهه للجمود ..
كذلك ألجمت المفاجأة لسانه ، فعجز عن الرد عليها .. ورغم هذا حـــاول عقله سريعاً أن يستجمع خيوط الأمــــر معاً .. 

بينما تابعت ليان صراخها الباكي بـ :
-هو ده اللي خلاني أوافق عليك ، واتجوزك ، وأرمي نفسي في النار بإيدي 

تبدلت حـــالته للصدمة الممزوجة بالغضب .. وإتضحت الصورة كاملة في عقله .. إذن فذلك البغيض المحبوس في غرفة الأمن هو من إعتدى عليها بصورة مقنعة .. 
وهي كانت ضحيته المغيبة .. 

راقبهما الحارس الأمني الأخـــر بفضول ، ولكنه لم ينبس بكلمة ، بل أطرق رأسه للأسفل ، وتراجع خطوة للخلف وكأنه صنم لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ....

أجهشت ببكاءٍ أشد وهو تكمل قائلة بصراخ أعنف :
-خليني أروح أقتله بايدي دول ، أنا معدش فارق معايا حاجة ، أنا مش عندي أهل ولا آآ...

قاطعها عدي بصوت راجي بعد أن احتضن وجهها بكفيه ، ونظر لها بنظرات حزينة :
-ششششش .. اسكتي يا ليان ، إهدي 

حـــاولت هي أن تتحدث مجدداً ، ولكن وضـع عدي يده على فمها ، فكممه ، ولف اليد الأخــرى خلف رأسها ، وضمها إلى صدره عنوة ..

ثم استدار برأسه ناحية الحارس ورمقه بنظرات نارية وهو يأمره بصرامة :
-اطلع برا الوقتي 
هز الحارس الأمني رأسه وهو يجيبه بتلعثم قائلاً :
-آآ.. أوامر معاليك يا فندم

تابعه عدي بنظراته الحــــادة إلى أن إنصرف خــارج الغرفة ، فدفع الباب بقدمه لينغلق على كليهما ...
لم تستكنْ  ليــــان على صدره ، بل قاومته بعصبية لتبتعد برأسها عنه ، فأرخى ذراعه عنها ، وأبعد يده عن فمها ، فهتف قائلة بصوت محتد ومختنق :
-اوعــى ايدك ، عاوز تكتم نفسي ليه انت كمان ؟ ما هي دي الحقيقة ، أهلي طلعوا مش أهلي ، وجوزي ضحك عليا ، واللي وقعني في وهم الحب موجود هنا ، وانتوا عارفينه كويس ، سيبني أقتله وأروح في داهية 

أشــــار لها بيديه متوسلاً بعد أن ابتلع تلك الغصة المريرة في حلقه قائلاً ::
-اهدي يا ليان ، اهدي !

تشنجت أكثر وهي تصرخ ببكاء حــارق لتتابع بصوت متآلم وهي تتراجع للخلف مشيرة بإصبعها :
-أنا كنت مفكرة ان الحيوان ده هايعوضني عن الحب والاهتمام ، فاترميت في حضنه .. اشتكيله  ! ولما شوفت مامي في حضن عشيقها ، هو لعب عليا صح واستغلني ، بالظبط زي ما انت كملت اللعبة وضيعت اللي باقي من عمري !

مط فمه قائلاً برجــــاء :
-ششش

دفنت وجهها بين كفيها ليختنق صوتها وهي تضيف :
-وكله في ذنب أنا مش عملته ، عشان ينتقموا من أوس ضعت أنا ، ضيعوني ! آآآآه ! 

نظر لها بإشفاق واضح .. فهي تعاني حقاً من تبعات ما مرت به ، وهو كغيره استغلها لأغراضه الدنيئة .. 

أزاحت يديها عن وجهها ليرى بوضوح تلك الحمرة الغاضبة تكسوه ، تلاحقت أنفاسها بصورة مقلقة وهي تهدر بصوت مبحوح :
-افتح الباب ده !

اقترب منها عدي وهو يشير بكفيه أمـــام وجهها ، وهتف متوعداً :
-اهدي ، أنا هاجيبلك حقك منه !

استمرت في هـــز رأسها مستنكرة كل شيء ، فحاول عدي أن يحتضنها بذراعيه، ولكنها دفعته بكل قســـوة ، وهدرت فيه بصوتها المبحوح قائلة :
-اوعــى ، كلكم زي بعض كدابين ، منافقين ، وأنا كرهت كلكم وكرهت نفسي والدنيا اللي أنا عايشة فيها !

شعــــر بحزن عميق يسيطر عليه عقب رؤيتها على تلك الحالة البائسة ، ولمعت عينيه أسفاً وندماً .. وأخذ نفساً عميقاً ليسيطر على نفسه ، وجاهد ليبقى هادئاً أمامها رغم حالة الغضب العارمة التي تثور بداخله .. 
 نـــادها هو بصوت شبه خافت قائلاً برجاء :
-ليـــان ، بصي آآ..

أصبحت الرؤية أمامها مشوشة بدرجة كبيرة ، وبدت كما لو كانت تعاني من صعوبة في التنفس وهي تصرخ مقاطعة اياه بآلم :
-ليه أتحمل ده كله لوحدي ليه ؟

أمسك بها من كتفيها ، ونظر في عينيها بتوسل ، وهتف بجدية : 
-اسمعيني يا ليان ، أنا ها..آآ.....

قاطعته مرة أخــرى بصوت مختنق بـ :
-إنت.. انت آآ...آآآه

نظر لها عدي بخوف حقيقي ، فقد شحب لون وجهها ، وبدأت تعلو شهقاتها كمن يختنق ..فهتف بإسمها مذعوراً :
-ليـــــان، ليــــــــــان

ثم تراخى جسدها ، فأسندها بين ذراعيه ، وإنحنى بجذعه ليحملها من أسفل ركبتيها ، بينما مالت هي برأسها على صدره ، ثم وضعها على الفراش الصغير الموجود في زاوية الغرفة ..
جثى عدي على ركبته أمامها ، ومد يده ليمسد على رأسها ، ثم مسح على وجهها برفق ، وهتف لها بإصرار واضح :
-هاجيب حقك يا ليان ، مش هاسيبه !

كانت تتنفس بصعوبة واضحة ، وجسدها يرتعش بصورة مخيفة ، فأمسك بكفها وضغط عليه قليلاً ، ومن ثم رفعه إلى فمه وقبله قبلة عميقة ، وأردف قائلاً بتوعد :
-صدقيني .. هادفن اللي عمل فيكي كده بالحيا !

......................................

في قصـــــر عائلة الجندي ،،،،

ظل مهـــاب واقفاً في مكانه خـــارج القصر محاولاً الإتصـــال بعدي هاتفياً ، ولكن الأخير لم يجبْ عن إتصالاته المتكررة ، فقال بصوت محتقن :
-وده مش بيرد ليه هو التاني ! طب هاوصل لليان ازاي ؟

ثم نظر ناحية القصر ، وأردف قائلاً بسخط :
-إنتي السبب يا ناريمان ، كانت كل حاجة ماشية كويس لكن إنتي خربتيها بغباءك !

نفخ من الضيق وهو ينظر في شاشة هاتفه المحمول محدثاً نفسه بـ :
-طب أجرب أتصل بأوس أسئله يمكن تكون جت عنده ، أو يعرف حاجة عنها ! 

.......................................

بداخل سيــــارة أوس ،،،،

بـــدل أوس شريحة هاتفه المحمول ، وبدأ في تفقد قائمة الأسمـــاء لديه ، ولكنه تفاجيء بإتصـــال يَرَد إليه من والده ، فضيق عينيه في إستغراب ، ولــوى فمه منزعجاً .. ولم يجبْ على إتصـــاله ..
ولكن تكرر اتصاله به مجدداً ، فنفخ في ضيق ، وضغط على زر الإيجاب قائلاً بفتور :
-ألو !

سمع صوت والده يصدح عالياً وهو يقول :
-انت مش بترد ليه ؟

تنهد بعمق ثم اجابه ببرود مستفز :
-عادي

سأله مهاب بصوت محتد :
-اختك مكالمتكش ؟

رد عليه بإيجاز متسائلاً بنبرة غير مبالية :
-لأ .. وهاتكلمني ليه ؟

أضـــاف قائلاً بقلق واضــح في نبرة صوته :
-حصلت كارثة عندنا من شوية ، ليان اختك شدت مع ناريمان وأنا كنت عاوزك آآآ..

قاطعه أوس بصوت جــــاد بـ :
-مايفرقش معايا اللي حصل معاكو !

استشاط مهاب غضباً عقب رده الأخير ، فهتف قائلاً بحنق شديد :
-هاتفضل لحد امتى بارد كده ؟

أجابه أوس بصوت قاتم وهو ينظر مباشرة أمـــامه :
-وليه مستغرب ده ، ما أنا بأعمل زي ما كان بيتعمل فيا زمـــان ، كنت بأتحرق من جوايا ، وإنت كنت بـــارد معايا ، فمستغرب اسلوبي ليه ؟ ما انت ربيتني على كده !!

لــوى مهاب فمه وهو يتابع متهكماً :
-أنا أصلاً مربتكش يا أوس 

تقوس فم أوس بإبتسامة ساخرة وهو يجيبه بنبرة غير عابئة :
-ما هي دي الحقيقة يا دكتور مهاب 

صـــاح فيه مهاب بصوت صــارم قائلاً :
-اقفل ، أنا هاتصرف بمعرفتي 

لم يجبْ عليه أوس ، بل ضغط على زر إنهـــاء الإتصـــال ، وظل محدقاً أمامه في الفراغ محدثاً نفسه بصوت محتج :
-بتستغربوا تصرفاتي ليه وإنتو من البداية عاملتوني كده ، وعلمتوني أتعامل كده !!
............................................

في قصر عائلة الجندي ،،،،

جلست ناريمان على المقعد الوثير المتواجد بغرفة نومها ، وظلت تهز ساقيها بعصبية مفرطة ، في حين راقبتها المدبرة عفاف بنظرات أسفة على حـــال تلك العائلة البائسة .. 
فهم جميعاً يعيشون في شقــــاء مستمر رغم ثرائهم الفاحش .. لا يعرفون معنى الترابط الأســري ، ولا للحب العفوي للأبوين ..
دائماً كانت تظن أن ربة هذا القصر سيدة بـــاردة المشاعر في التعامل مع ابنتها ، ولم تجدْ بها يوماً حِمية الأم على صغيرتها .. واليوم عرفت السبب الحقيقي لتلك التصرفـــات ..
فهي لم تكنْ يوماً أمـــاً حقيقية .. بل نسخة زائفة لصورتها أمــام الجميع .. 

مسحت نـــاريمان على وجهها الذي بدى شاحباً بدرجة كبيرة ، ونظرت إلى عفاف بنظرات زائغة وهي تصرخ قائلة :
-بتبصيلي كده ليه ؟

أبعدت عفـــاف نظراتها عنها ، وأجفلت عينيها وهي تجيبها بهدوء حذر :
-مافيش حاجة يا هانم 

هتفت ناريمان بصوت متوتر للغاية بـ :
-أنا .. أنا معملتش حاجة !

ثم أشــاحت بوجهها للجانب ، وتابعت بصوت محتد :
-أنا تعبت من القصر ده ، ومن اللي فيه!

صمتت عفــــاف ولم تجبها .. في حين إستأنفت ناريمان حديثها المضطرب قائلة بإرتباك :
-أنا.. أنا زهقت من كل حاجة هنا ، نفسي أرتاح 

لم تقتنع عفاف بما قالته الأخيرة ، وتحاشت النظر إليها حتى لا ترى نظراتها الساخطة .. واكتفت بالإيماء برأسها إيماءة خفيفة .. 

تلمست ناريمان خصلات شعرها ، وقالت بتوتر :
-أنا .. أنا عاوزة سجاير ، شوفيلي يا عفاف سجاير بسرعة !
-بس يا هانم آآ...

قاطعتها ناريمان بصوت صادح وهي تشير بإصبعها :
-يوووه ، اعملي اللي بأقولك عليه !

نظرت لها عفاف من طرف عينها قبل أن تتركها وتتجه إلى خــــارج الغرفة .. 
................................

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،،

اعتدل عدي في وقفته ، ونظـــر إلى ليان بحزن واضح في عينيه المشتعلتين من الغضب .. 
ثم اتجه ناحية باب الغرفة ، وفتحه ، ووقف على عتبتها ، وتلفت حوله ليجد حــارس الأمن يقف على بعد ، فأشـــار له بعينيه وهو يصيح بصوت غليظ :
-تقف على الباب هنا ، وتمنع أي حــد يدخل جوا على المدام لحد ما أرجع ، فاهم 

ركض حــارس الأمن نحوه ، وهو يجيبه بنبرة رسمية :
-أوامر سيادتك 

أضـــاف عدي قائلاً بصرامة وهو يرمقه بنظرات قوية :
-ولو كلمة واحدة بس خرجت من اللي حصل جوا برا ، هأقطع رقبتك ، مفهــــوم !

هز الأخير رأسه موافقاً وهو يرد قائلاً بخفوت :
-اطمن يا باشا 

تركه عــدي وإنصـــرف مسرعاً في اتجـــاه غرفة الأمن حيث يتواجد فـــارس بداخلها ....

..................................

في قصر عائلة الجندي ،،، 

رن هاتف ناريمـــــان ، فنفضت دخـــان سيجارتها ، وتركت الشرفة ، وتوجهت نحو الطاولة لتلتقط هاتفها بأنامل مرتعشة ، ثم نظرت إلى شاشته فوجدت اسم " هياتم " يُضيئها.. 

زفرت بضيق واضح قائلة :
-أووف ، مش نقصاكي الوقتي 

ثم ألقت الهاتف على الفراش ، وولجت إلى الشرفة مجدداً ، ودخنت ما تبقى من سيجارتها بشراهـــة ..

ظل الهاتف يرن بصورة متواصلة مما جعل ناريمان تصرخ غاضبة وهي تتجه نحوه بـ :
-يوووه ، مش عاوزة أكلم حد الوقتي ! أوووف ، لسه محدش بيريحني خالص !

تفحصت هي أرقــــام المتصلين ، فوجدت عدداً من أعضاء جمعيتها الخيرية ، فنفخت في إنزعـــاج ، ثم حدثت نفسها قائلة بحيرة :
-في ايه عشان كل دول يتصول بيا السعادي ! 

اضطرت في النهاية أن تعاود الإتصـــال بـ هياتم ، ثم وضعت الهاتف على أذنها ، وأردفت قائلة بضيق :
-هاي هياتم 

هتفت هياتم قائلة بنبرة مستفهمة :
-اهلا يا مدام ناريمان ،حضرتك مش بترد عليا ليه ؟

ردت عليها ناريمان بعدم إكتراث وهي تنفث دخــان سيجارتها :
-سوري ، كنت مشغولة شوية !

تابعت هياتم بصوت جاد قائلة :
-طب يا مدام ناريمان أنا بأكد على حضرتك إن الحفلة بالليل 

ضيقت ناريمان عينيها بحيرة بائنة ، ورددت بإستغراب :
-حفلة !

أجابتها هي بصوت جاد :
-أيوه ، الحفلة السنوية الخاصة بالجمعية ، هو حضرتك نسيتي ولا ايه ؟

عبست ناريمــــان بوجهها ، وقطبت جبينها في ضيق ، ثم زفرت بصوت مكتوم ..
وحدثت نفسها قائلة بتذمر :
-وده وقــته !

طـــال صمت ناريمان ، فشعرت هياتم بالقلق ، وسألتها متوجسة بـ :
-هـــا يا مدام ناريمان ، حضرتك معايا ؟

تنحنحت بخفوت ، ثم ردت عليها بإقتضاب :
-احم .. ايوه

أردفت هياتم قائلة بحمـــاس :
-احنا هانكون في إنتظار حضرتك النهاردة 
-أوكي .. 

تابعت هي بنفس الصوت المتحمس هاتفة :
-تمام .. مش هاعطلك أكتر من كده ، وهابلغ الجميع بإني وصلت لحضرتك ، وإنك شـــور ( أكيد ) هتشرفينا 

ردت عليها ناريمان بإيجاز بـ :
-اوكي.. باي !

ثم ألقت بالهاتف على الفراش ، ورفعت يديها على رأسها ، وغرزت أصابعها في خصلات شعرها ، وأطرقت رأسها للأسفل ، ثم زفرت في توتر وهي تقول :
-أووف ، أنا نسيت خـــالص الموضوع ، حفلة ايه اللي هاحضرها وأنا بالشكل ده ! 

أنزلت يديها ، وإلتفت برأسها ناحية المرآة لتنظر إلى هيئتها ، ثم قالت بذعـــر :
-أوبس .. ده شكلي بشع خالص ، ايه المنظر ده ، مش ممكن أروح الحفلة بالشكل ده ، لازم أروح اظبط كل حاجة في البيوتي سنتر! 

خطت بخطوات سريعة ناحية المرحاض ، ولكنها توقفت في مكانها ، وسألت نفسها بحيرة وعلامات الضجر جلية على وجهها :
-طب وليان ،هاعمل ايه في موضوعها ؟!

نفخت في ضيق ، وتابعت قائلة بسخط :
-يوووه .. كل حاجة في المكان ده بقت صعب اوي ومقرفة !

أخذت نفساً عميقاً ، وزفرته على مهل ، ثم أضافت بهدوء مصطنع :
-اهدي يا ناريمان ، مافيش حاجة تستاهل ، أنا هانسى كل حاجة الوقتي ، وهاركز بس في البارتي .. ايوه أهم حاجة صورتي قصـــاد الناس ومظهري ، ومش لازم حد يعرف باللي بيحصل هنا !
.................................

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،

وقف عدي أمـــام مكتب الأمن ، وأشـــار بإصبعه للحرس المرابط أمامه قائلاً بصرامة :
-مش عــاوز حد يقرب من هنا لحد ما أخلص مع الكلب اللي جوا 
-تمام يا باشا 

ثم أمسك بالمقبض وأداره ، ودلف إلى الداخـــل ووجهه يوحي بشر مطلق .. 

ابتلع فــــارس ريقه بخوف واضح في عينيه وهو يرى تبدل وجه عدي للأســـوأ ..
حاول أن يبدو مسيطراً على نفسه أمــامه ، واستجمع شجاعته قائلاً بتلعثم :
-انتو .. انتو حاسبني هنا ليه ؟ أنا .. أنا معملتش حاجة ! 

سلط عدي أنظاره على الحارس الأخــر الواقف بجوار سجينه ، وأشـــار برأسه وهو يقول بصوت قاتم :
-اطلع برا مع زمايلك

رد عليه بصوت خافت ورسمي بـ :
-حاضر يا عدي باشا 

إزداد توتر فـــــارس بدرجة كبيرة بعد تلك العبارات الأخيرة ، وإرتعدت فرائصه .. وتلفت حوله بريبة وهو يتسائل بذعر :
-هو .. هوفي ايه ؟ 
تابع عدي الحارس بنظراته المحتقنة إلى أن انصـــرف من الغرفة ، وأغلق الباب خلفه ، فسلط أنظـــاره على عدي ، وأردف قائلاً بحنق :
-دلوقتي نقدر نتحاسب على القديم كله 

ارتجف أكثر وهو يردد بخوف :
-أنا .. أنا مش فاهم حاجة !

نزع عدي سترته ، وألقاها على الأرضية ، ثم شمر عن ساعديه ، وأجابه بصوت قاتم وهو يحدجه بتلك النظرات الشرسة المتوعدة :
-وأنا هافهمك كويس 

اتسعت عيني فـــــارس في هـــلع ، وسأله برعب :
-فــ.. في ايه يا بيه ؟ إنت .. انت هاتعمل ايه ؟

ســـدد عدي أول لكمة عنيفة في وجـــه فــارس ، مما جعلت الأخير يترنح بجسده المقيد على المقعد للخلف ، ومن ثم يفقد توازنه ، ويسقط على الأرضية ..
صرخ فـــارس متآلماً وهو يهتف برعب :
-أنا معملتش حاجة يا بيه ؟

جثى عليه عدي ، وظل يكــــيل له لكمات مؤلمة واحدة تلو الأخــرى دون توقف ، فصرخ فارس متوسلاً :
-آآآه .. حرام يا بيه ، آآآآه 

سبه عدي بصوت محتد قائلاً :
-مش هارحم مـ**** أهلك ! 

ثم لكمه في صدره ووجهه مرة أخــرى ولكن بقسوة ، فتأوه فـــارس بآلم شديد ، وذرف الدماء من أنفه وفمه ...
صـــاح فيه عدي قائلاً بغضب :
-عملت فيها كده ليه يا بن الـ *** ؟!

كــز فارس على أسنانه متآلما وهو يسأله بصوت متحشرج :
-آآآآه .. مين دي .. ؟!

هتف عدي غاضباً وهو يصفعه بعنف :
-ليان الجندي يا *****

أصدر فارس أنيناً واضحاً وهو يحاول أن ينطق قائلاً :
-آآآه .. آآ.. أنا .. آآآآ...

تابع عدي ضربه الوحشي عليه وهو يهتف بـ :
-ايه مفكر إنها مش هاتقول عنك ، ده أنت وقعت مع ناس مابتحرمش حد ! 

تكور فـــارس على نفسه متألماً، وقال بصوت مختنق وهو مغمض العينين :
-مش.. مش أنا ، آآآآه !

صــــاح عدي بجنون وهو يركله أسفل معدته بعد أن نهض عنه :
-ده أنت هاتشوف عذاب الدنيا والأخرة معايا يا ****

عصر فـــارس عينيه من شدة الآلم ، وصرخ متوسلاً :
-آآآآآآه ... آآآآآه .. لألأ... أنا .. أنا عبد المأمور يا عدي بيه ، ماليش دعوة بحاجة ؟

سأله عدي بشراسة واضحة وهو يعيد ركله :
-مين اللي خلاك تعمل كده يا بن الـ ******

رد عليه الأخير بتلهف قائلاً :
-آآآه .. دي .. دي البت لـ.. لوزة 

توقف عدي عما يفعل ، وسأله بإهتمام كبير وهو يحدجه بنظراته الحادة :
-مين؟

نظر له فــارس بنصف عين وهو يتابع قائلاً بخوف :
-لــوزة يا بيه ، لوزة بتاعة الباشا أوس 

جحظ عدي بعينيه في ذهــــــول كبير ، وردد قائلاً بصدمة :
-ايييييييه ................................. ؟!!!!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1