رواية جبران العشق الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الفصل الثامن والثلاثون 

- زياد دا ما يعرفش حاجة خالص ... دا كان هيموت ويقتل أخوه عشان ياخد ترقية أنتي متخيلة هو قد ايه مريض !!

ظلت للحظات طويلة تنظر له وكأن علي رأسها الطير عقلها لا يفهم ولو حرف واحد مما قال من شدة خوفه ربما أو لأن كلماته غريبة لا تُعقل ربما تلعثمت تهمس مذعورة :
- أنا مش فاهمة حاجة زياد ليه هيقتل مراد ومراد عايش إزاي 

ابتسم ثغره ليرفع يديه عن الحائط ابتعد عنها ذهب إلي الأريكة يجلس هناك انحني بجذعه إلي الطاولة أمامه يسكب كوب عصير برتقال مد يده لها به ... نفت برأسها لا تعرف اي سم وضعه به ... ليبتسم من جديد قام من مكانه متجها إليها لتشهق وكأن روحها تُزهق مد يده بالكوب يردف مبتسما :
- خدي اشربي دا وتعالي اقعدي وأنا هفهمك اللي عايزة تفهميه 

امسك كف يدها ليجعلها تُمسك بالكوب تركها وتوجه الي الأريكة من جديد سكب كوبا آخر من عصير البرتقال لنفسه اتكأ بجسده إلي الأريكة يضع ساقا فوق أخري يرتشف نصف الكوب تقريبا جرعة واحدة ليغمغم ساخرا :
- ما فيهوش سم يا حياة ما تخافيش 

اشار إلي مقعد قريب منها يردف مبتسما في هدوء !! : 
- اقعدي عندك لو مش عايزة تقربي

اضطربت حدقتيها تنظر له بحذر إلي ما يخطط تحديدا كيف يمكن أن يكن الشخص ونقيضه في آن واحد إلي ما يسعي بتصرفاته تلك ماذا يريد منها توجهت الي المقعد جلست هناك بعيدة عنه ولكنها لا تزال في قبضته داخل بيته غرفته تجلس أمامه ولو يفصل بينهم امتارا مجرد الفكرة جعلت الدموع تترقرق بعنف داخل مقلتيها لتسمعه يردف بهدوء وكأن شيئا لم يكن :
- مش عايزة تعرفي إجابات اسألتك زياد ليه هيقتل مراد وهو مراد عايش ولا ميت 

توجهت مقلتيها تنظر إليه خائفة من أن تجيب بالإيجاب أو الرفض فظلت صامتة واعتبر هو صمتها موافقة ليردف مكملا :
- بصي يا ستي أنا ومراد ابن خالتك كنا أعز أصدقاء من حوالي عشر سنين وأكتر ... من غير تفاصيل كتير مالهاش لازمة مراد كان العقل المدبر لكل عملية تهريب عملناها شخص ذكي دماغه دي الماظات زي ما بيقولوا ... وطبعا زياد اتبري منه من ساعتها وحلف أن نهايته هتكون علي ايده وجو الأفلام العربي القديمة دا ... المهم يا ستي في آخر كام سنة مراد افتكر أنه ممكن ياخد مكاني ويبقي هو ال boss ودا ما ينفعش خالص هو صاحب عمري آه إنما الخيانة في قانونا تساوي الموت .. أنا حقيقي زعلت لما قتلته ... بس بما أننا كنا أصحاب فترة طويلة فهو كان حكالي عنك قبل كدة كتير ... ما انكرش اني أول ما خطفتك كان هدفي في الأول وفي الآخر اني أكسر زياد بس مراد كان اخويا مش صاحبي وكان دايما بيقولي أنه بيعتبرك أخته الصغيرة ... فعشان كدة خطفتك تاني من ناحية احرق قلب زياد ومن ناحية تانية في حاجات كتير ناوي أعملها كنوع من أنواع الاعتذار عن اللي حصل مني قبل كدة

مجنون نقطة في نهاية السطر علي الرغم من أنها تعرف وتثق في ذلك ولكن ما قاله الآن يفوق حد استيعابها مراد كان يعمل معهم وقُتل وزياد كان يريد أن يقتل أخاه وكل ما حدث لها انتقاما من زياد الذي لم تره في حياتها سوي مرة او اثنين ... شعورها بالألم الآن لا يوازي شظية واحدة من شعورها بالغضب لهيب الانتقام يشتغل بين أوردتها لم يعد لديها ما تخسره ستقتل ذلك المختل عاجلا وليس آجلا 
رفعت كوب العصير إلي فمها ترتشف منه القليل لترفع وجهها إليه بالكاد ارتفعت دفتي شفتيها ترسم شبح ابتسامة مرتعشة علي ثغرها لن تكون الدمية التي يحركونها بعد الآن 
______________
تحبه !! بتلك السرعة وقعت في حبه .. لا وتر اذكي من أن تبادر هي وتعترف بحبها ظل صامتا ينظر لعينيها الناعسة ابتسامتها الرقيقة العذبة يديها التي تلتف حول عنقه برفق تداعب خصلات شعره ... رأي كيف توترت حدقتيها حين لم يعلق علي اعترافها المفاجئ بحبها له لتردف من جديد بنبرة اشد نعومة :
- مش كان بينا اتفاق مش كدة لو حبيتك واعترفت بدا تبعد عن كل القرف دا وتبدأ صفحة جديدة معايا أنت وعدتني بكدا ولا ناسي 

الآن فقط فهم وتر تحاول بالحيلة أن تبعده عن ما هو فيه وتر لم تحبه بعد ... ظلت ملامحه هادئة جامدة لترتجف حدقتيها قلقا من صمته كادت أن تسأله لما هو صامت لتلك الدرجة حين ارتفع رنين هاتفها زفرت حانقة تبتعد عنه تلتقط هاتفها لتجد رقم صديقتها فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها :
- ايوة يا سو في اي

سمعت صوت صديقتها تغمغم سريعا :
- وتر دكتور فؤاد هيدي النهاردة درجات أعمال السنة وباعت علي جروب الدفعة اللي مش هيحضر المحاضرة دي هيشيل المادة بليز يا وتر حاولي تيجي بسرعة

أغمضت عينيها تشد علي كفها ليس الآن لما في ذلك الوقت تحديدا تنفست بعمق تردف سريعا :
- حاضر يا سو أنا جاية

اغلقت معها الخط تنظر لجبران بضع لحظات في صمت عله يقول شيئا ولكنه لم يفعل لتزفر غاضبة تردف ببعض الحدة :
- أنا عندي محاضرة مهمة في الجامعة ولازم اروحها 

توقعت أن يرفض لسبب مجهول توقعت الا يوافق ... الا أنه فقط ابتسم اومأ برأسه يغمغم ببساطة :
- غيري هدومك بسرعة طالما المحاضرة مهمة هستناكي برة 

خرج من الغرفة يجذب الباب يغلقه خلفه لتشد علي أسنانها غاضبة تغرز أظافرها في كف يدها ليتها لم تخبره بما قالت لم تتوقع أن يكن رد فعله هو الصمت !! ابدلت ثيابها سريعا تحركت للخارج لتجده يقف هناك لمعت عينيه بنظرة إعجاب ما أن رآها وتر تعرف جيدا متي تكن وتر ابنه رجل الأعمال سفيان الدالي كل ما فيها ينضح رقيا الثياب النظارة الحقيبة الحذاء حتي وهي تقف تبدو كعارضة ازياء ماهرة لا منافس لها اقترب منها مبتسما امسك بكف يدها يغمغم مبتسما:
- تعالي هوصلك وامشي من قدام الجامعة لو مش عيزاني ادخل 

وكم أرادت أن ترفض ولكنها ببساطة وافقت اومأت له بالإيجاب لتتحرك بصحبته إلي سيارة أجرة جلست جواره تخبر السائق بعنوان الجامعة ... تجلس هي وهو والصمت منذ متي والصمت طرف ثالث في علاقتها المشاغبة مع جبران ما الذي حدث هل اعترافها جاء في وقت خاطئ ربما !! وربما هو لم يحبها من الأساس تنهدت تشرد في تفكير عميق إلي أن وصلوا إلي الجامعة التفتت برأسها إليه تحركت مقلتيها علي وجهه للحظات قبل أن تهمس تطلب منه بخفوت مُحبَط :
- تعالا معايا واستناني في الكافتريا ... بابا شريك في الجامعة وبنسبة كبيرة كمان يعني ما يقدروش يرفضوا دخولك

اومأ موافقا دون أن يعقب لتعطيه شبح ابتسامة رقيقة مدت يدها تفتح باب السيارة ليفتح الباب المجاور له أعطي للسائق نقوده لتتوجه إليه تشبك كف يدها في يده يتوجهان إلي البوابة ليُفسح لهم الأمن الطريق دون أن تنطق بكلمة حرفيا لم يجرؤ اي منهم علي اعتراض طريقها اختطف لها نظرة سريعة بجانب عينيه يبتسم في نفسه ساخرا وتر لا تشبهه لا تشبه حياته التي تحاول أن تضع نفسها فيها ... تحرك بصحبتها إلي أحد المقاهي الفاخرة في الجامعة تركت يده لتنظر لساعة يدها تغمغم سريعا :
- جبران أنا لازم امشي عشان ألحق المحاضرة مش هتأخر عليك باي

وهرولت تُسرع الخطي إلي أحد المباني الضخمة وهو فقط يراقبها إلي أن اختفت من أمام عينيه تماما قام من مكانه يسأل أحد العمال عن مكان المرحاض نظر له العامل بريبة ليشير إلي أحد المباني القريبة تحرك جبران إلي هناك فتح باب المرحاض ليدخل إلي ممر طويل به احواض بيضاء فاخرة تتراص جوار بعضها صنبور المياة هنا يفوق الخيال جمالا والكثير من المرايا المرحاض فاخر مميز ولكن لم يكن ذلك ما جذب انتباهه حقا .... ولكن جمع الشباب الذي يتراوح أعمارهم ما بين التاسعة عشر والثالثة والعشرون علي اكثر تقدير هو من جذب انتباهه لمجموعة تجلس أرضا علي أرض المرحاض الباردة أحدهم يمسك ملف أوراق أحدي المحاضرات ينثر فوق سطحه خط طويل مستطيل من مادة بيضاء مخدرة اخرج من جيب سرواله ورقة نقديه بفئة المئاتين جنية يلفها في يده يستخدمها كمعبر لنقل المادة السامة إلي داخل عقله لن ينسي مشهد الفتي وهو يضطجع بظهره إلي الحائط خلفه يبتسم في انتشاء عينيه ضائعة تائهة ، أما الشاب الجالس جواره فيزيح أحد أكمام قميصه للخلف ينظر لصديقه الجالس جواره من الاتجاه الآخر يهمس له محتدا:
- اخلص يلا اديني الزفتة دي عشان اديهالك أنا كمان

حين ازاح الشاب قميصه رأي جبران عروقه الزرقاء الداكنة التي اقتربت من أن تصبح سوداء بفعل ذلك السم لم يتحرك جسده شُل بالكامل يراقب بجذع ذلك السن المدبب وهو يخترق ذراع المادة والسم الأبيض يندفع إلي أوردته مشهد قاسي مؤلم خاصة مع ابتسامة الفتي الواسعة التي علت شفتيه ما أن تحرك السم في دمه والثالثة يضع علي ساقيه طبق من الزجاج به تبغ السجائر ومعه قطعة سوداء يعرفها ، يعرفها جيدا مادة الحشيش الذي يتاجر فيها بكل اعتزاز وفخر ، الشاب يعمل باحترافية علي جمع تلك المواد معا في لفافة تبغ واحدة أخرج قداحته يشغل التبغ في يده ليخرج من بين شفتيه دخان رمادي قاتم ... ها هو السم الذي يببعه بين يدي أحد الشباب الفتي علي أكثر تقدير لا يصل لسن الواحد والعشرون لم يستطع أن يضل واقفا هنا تحرك ليغادر ليصل إليه صوت أحد هؤلاء الشباب يتفاخر ضاحكا :
- انتوا عارفين امبارح الصنف كان سوبر أوي حقيقي سجارتين وبدأت أطير وفجاءة جوعت 
نزلت من اوضتي اخلي حد من الخدامين يحضرلي آكل شوفت بنت الشغالة اللي بتشتغل عندنا شديتها جري علي الأوضة من غير ما حد يشوفنا وكلت يا سيدي

تعالت ضحكات الشباب الماجنة من حوله ليكمل ذلك الشاب يتفاخر من جديد :
- أمها فضلت تصرخ وتطلم وتعيط وتعمل حركات الأفلام دي ...راحت ماما طرداهم ورميالهم فلوس وهددتهم أنها مش عايزة تشوف وشهم تاني 

وقف مكانه جسده يرتعش بعنف يشد علي قبضته تتسارع أنفاسه في الخروج من رئتيه يتذكر ما قاله لوتر 
«لو ما خدتش مني هياخد من غيري انتي فاكرة لو أنا ما ادتلوش هيكتشف أنه شخص ضايع ويروح يتعالج ويغير حياته للأحسن ويغير العالم فوقي يا حبيبتي دا لو ما خدش السم دا 
 هيروح يقتل ولا يعمل اي جناية بالعكس دا أنا كدة منعته من أنه يعمل مصيبة »

نعم منعه وغيره من ارتكاب مصائب وساعدهم في ارتكاب كوارث جرائم لا تُغتفر خرج يهرول الخطي خارج ذلك المستنقع الذي شارك هو ومن معه في صنعه بأيديهم ، خرج من المرحاض يعود إلي حيث كان عينيه شاردة تتخبط بين شعوره بالندم وما يجب عليه أن يفعل ...اجفل علي حركة جواره أحدهم يجذب المقعد المجاور له نظر للفاعل ليجد طارق !! الأحمق هنا لولا أنه فقط لا يريد افتعال فضيحة لكان هشم عظام وجهه الذي يضحك غير مباليا بشئ شد علي كف يده نظر له باحتقار يهمس حانقا :
- أنت عايز ايه دلوقتي ،قوم من قدامي احسنلك بدل ما اخليهم يدورولك علي قطع غيار للي باقي منك

ضحك طارق بخفة يضجع بجسده إلي ظهر إلي ظهر المقعد خلفه يضع ساقا فوق أخري يغمغم ساخرا :
- ما تبقاش قفوش كدة يا جبران يعني أنت سرقت خطيبتي واتجوزتها وأنا ما عمتلكش حاجة مع اني اقدر ما اخرجكش من هنا علي رجليك بس أنا مش هعمل كدة عارف ليه عشان أنت صعبان عليا 

احتدت عيني ينظر له حانقا يستدعي كل ذؤة ثبات به قبل أن ينقض علي عنق ذلك الاحمق يبرحه ضربا في حين عاد طارق يردف ساخرا :
- آه والله صعبان عليا بس حقيقي وتر دي طلعت شيطانة وكسبت في التحدي اللي بينا ... مش هقعد ارغي وأنت في الأغلب مش هتصدقني فخد دي أحسن

أخرج من جيب سرواله شريحة صغيرة وضعها علي الطاولة أمامه ليردف ساخرا :
- صدقني هتنبسط أوي لما تشوف اللي هنا ... سلام يا جبران هنتقابل تاني قريب

قام من مكانه ليغادر نظر لجبران يبتسم باستفزاز يلوح له وهو يرحل انتظر الأخير إلي أن اختفي من أمام عينيه ليرفع تلك الشريحة أمام عينيه ينظر لها عن كثب تري أي خدعة وضعها طارق في تلك القطعة الصغيرة ليدمر علاقته بوتر 
أخرج هاتفه من جيب سرواله وضع به الشريحة ولم يجد الوقت ليري شيئا حين شعر بيدها تحط برفق علي كتفه وصوتها الرقيق تعتذر منه :
- معلش اتأخرت عليك الدكتور خلص أخيرا 

نظر لساعة يده المحاضرة لم تتجاوز النصف ساعة اي محاضرة تلك !! ابتسم لها قام من مكانه ليرحلا لتهمس تخبره :
- هو ينفع نروح نشوف ماما بقالي كتير ما روحتلهاش 

ومن جديد ابتسم يومأ برأسه لتزفر أنفاسها حانقة لما يتقمص دور الأخرس الآن !
_________________
علي صعيد آخر في الحارة تحديدا في شقة أمل حيث تجلس والدتها جوارها تلح عليها أن تعرف سبب انفصالها المفاجئ هي وحسن وسر اختفائهما وأين كانا وأمل صامتة لا ترد فقط تنظر بعيدا عينيها شاردة اجفلت حين صرخت بها والدتها :
- انتي هتفضلي ساكتة كدة كتير لا راضية تقوليلي اتطلقتوا ليه ولا كنتوا فين 

وهنا فاض بها الكيل لما لا تقدر والدتها أنها حقا في حالة نفسية لا تسمح لها بالحديث لما ذلك الإلحاح المؤذي هب واقفة تصرخ بجزع :
- كفاية أسئلة يا ماما ارحميني ... عايزة تعرفي كنت فين أبو حسن خطفنا عشان يرجع حسن تحت رحمته تاني ولما رفض الحراس بتوعه كانوا هيعتدوا عليا لولا حسن ... بعد اللي حصل حسن قرر يبعد عن حياتي عشان ما اتأذيش تاني ولأني ما اقدرتش أحبه كدة مبسوطة سيبني في حالي بقي 

تركها تُسرع الخطي لداخل غرفة نومها تلقي بجسدها إلي الفراش تبكي بحرقة ، تجمعت الدموع في عيني سيدة لتلحق ابنتها سريعا تقدمت تجلس علي الفراش جوارها مدت يدها تمسح علي خصلات شعر ابنتها برفق اختنقت نبرتها بغصة باكية تهمس لها بحرقة :
- مبسوطة في أم هتبقي مبسوطة لما تعرف أن بنتها حصلها اللي حصلك لما بنتها العروسة تتطلق في أول جوازها ... أنا قولتلك من الاول بلاش منها الجوازة دي وانتي اللي حكمتي رأيك الله أعلم هو كان مهددك بإيه قولتلك هقف جنبك بس أنتي ارفضي وانتي بردوا عاندتي ووافقتي ... قومي يا أمل

مدت سيدة يديها تمسك بذراعي أمل برفق تجذبها لتجلس مدت كف يدها المرتجف إلي وجه ابنتها تزيل عنه الدموع تردف تحادثها :
- أنا لما خلفتك اصريت إني اسميكي أمل عشان تكوني الأمل اللي ينور حياتي بعد اللي عمله ابوكي وهرب وسابنا كنت كل ما بحس إن الدنيا بتتهد من حواليا ببص ليكي ... أنتي مش خلصتي امتحانات المعادلة آخر مادة امتحنتيها من كام يوم انزلي افتحي العربية علي ما النتيجة تطلع وأنا واثقة أن ربنا هيجبر بخاطرنا وتدخلي الكلية قومي يا بنتي ما تستسلميش للحزن أبدا 

الكلام سهل بسيط للغاية ولكن الفعل أصعب بكثير ستراه بين لحظة وآخرة أن نزلت للشارع من جديد وستجن من التفكير والحزن أن بقيت هكذا في قوقعة سجنها السوداء يبدو أن والدتها محقة عليها أن تأخذ الخطوة الأولي لالهاء عقلها إلي أن يتم الإعلان عن نتيجتها ارتسمت شبح ابتسامة مترددة علي ثغرها تومأ لها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة سيدة تحتضن 
ابنتها تدعو في قلبها بحرقة :
- يارب اجبر بخاطرها يارب اجعل حظها أحسن من حظي 
ابعدتها عنها بخفة تحتضن وجهها بين كفيها تشجعها مبتسمة :
- يلا يا حبيبتي عايز أمل بنتي حبيبتي اللي نا كنش يقدر اجدعها تخين يقولها تلت التلاتة كام قومي يلا !!

في الأسفل توجه حسن إلي الورشة بدلا عن جبران  نزع قميصه يلقيه بعيدا يمسك تلك الأداة التي يطلق عليها ( الفارة ) يعمل علي مسح وتسوية وتشذيب وإزالة زوائد الخشب من لوح الخشب الكبير الجاثم أمامه حتي يبدأ جبران في نحت الشكل الخارجي لدولاب ثياب
يده تتحرك بعنف أنفاسه تلهث تتسارع العرق يغطي جبينه الدماء تركض داخل أوردته بعنف قلبه يلكم صدره غاضبا رفع وجهه ليمسح جبينه براحة يده تصمنت يديه وعينيه وهدأ القلب الغاضب حين رآها تتحرك قادمة صوبه راقبتها عينيه وهي تقترب أكثر ليعاود قلبه لكم صدره شوقا تحركت تتجاوز الورشة تتوجه إلي عربة الطعام الخاصة بها الذي يباشرها علي مقعده المتحرك صابر زوج والدتها توجهت إليه تقبل كف يده وجبينه ربتت علي كتفه برفق تتمتم بما يشبه ابتسامة :
- ارتاح يا بابا أنا هقف علي العربية من هنا وجاي ... خلي بالك منه يا ماما 

ابتسمت سيدة لابنتها تومأ لها لتدفع المقعد المتحرك بزوجها تتوجه به إلي أعلي تحركت هي تقف خلف زجاج العربة تمسك بالسكين لتباشر العمل دون مقدمات أما هو فوقف يراقبها ازدرد لعابه مرتبكا يحاول الا ينظر ناحيتها ولكن عينيه الخائنة لم تطع عقله العاصي وخانته تتحالف مع قلبه المشتاق لها ... تنهد حانقا يلج لداخل الورشة حتي لا يراها ارتمي علي أريكة قديمة داخل باحة الورشة الداخلية يخفي وجهه بين كفيه يتنفس بعنف يبتسم رغما عنه سعيد لرؤيتها لأنها لم تجعل الحزن ينهش قلبها التقط أنفاسه وقف يشجع نفسه سيخرج ويكمل عمله فقط ...تحرك للخارج يباشر عمله من جديد لم يمنع عينيه من اختلاس النظرات إليها بين لحظة واخري يري ابتسامتها يشعر بالغيرة لأنها لغيره يزفر أنفاسه حانقا لكثرة عدد الزبائن أمام العربة ولكن ما يمطئنه حقا أن لا رجل في تلك المنطقة يجرؤ علي مغازلتها ببساطة أمل غرزت سكينها في كف يد رجل حاول التحرش بها مرة فلم يجرؤ أحد علي أن يعيدها من جديد نفض رأسه بعنف حين اطال النظر إليها دون أن يدري أنه حتي يفعل يسب ثباته الواهي في تلك اللحظات خرجت صفا من عمارتهم السكنية ترتدي جلباب أسود اللون وحجاب يماثله سودا توجهت صوب حسن مباشرة وقفت بالقرب منه اضطربت حدقتيها ارتعش كفها تهمس له بنبرة خافتة كسيرة :
- أنا موافقة ... موافقة اتجوزك 

ارتسمت ابتسامة حزينة متألمة علي ثغره رفع رأسه ينظر لأمل يخترز قسمات وجهها يطيل النظر إلي عينيها وكأنه يودعها !
____________
تلك المرة سمح لها الطبيب بالدخول لغرفة والدتها فدخلت سريعا وقفت جوار فراشهت امسكت بكف يدها تحضتنه بين كفيها تقبله انسابت دموعها تهمس لها بصوت خفيض حزين :
- أنا آسفة يا ماما ... آسفة علي كل كلمة وحشة قولتها ليكي ما كنتش اعرف والله أنك مريضة يارتني كنت أعرف سامحيني يا ماما وقومي أنتي وحشتيني أوي

دخلت أحدي الممرضات توجهت إليها تحادثها :
- معلش يا آنسة بس لازم تخرجي الدكتور قال خمس دقايق بس

وضعت كف والدتها برفق جوارها علي الفراش تمسح علي رأسها مالت تقبل جبينها تهمس لها :
- هجيلك تاني يا ماما 
تحركت لتخرج من الغرفة حيث ينتظرها جبران علي مقاعد الإستراحة أمام الغرفة ما أن خطت قدميها خارج الغرفة شعرت فجاءة وكأن رأسها يلتف جسدها يصبح أكثر برودة تشعر فجاءة بالغثيان !!
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1