رواية أخباءت حبه الفصل الاربعون
تتسع أعين ساره في صدمه
كبيره وهي تنظر داخل حجرة
محمود زوجها...
فقد كانت ما تراه..
مفاجأة ...
مفاجأة لم تتخيلها...
ولا تصدقها ...
فلقد كانت هناك إمرأه ...
إمرأه لم تراها من قبل
داخل الحجرة ..
إمرأة لا تعرفها تجلس معه
على الفراش...
تضحك وتتحدث معه ..
وتوقف كل شيء وساد
الصمت حينما دلفت ساره
إليهم...
تنظر بأعين وملامح يكسوها
الذهول الشديد :
من أنت ...!!
تعتدل المراه واقفه تنظر نحوها ..
لقد كانت سيده في منتصف
العقد الثالث من عمرها ...
سمراء البشرة...
وقصيره ...
وذات قوام ممشوق فاتن...
وأعين واسعه ...
تعود ساره لها من جديد
بالسؤال : من أنت ...؟
وكيف دخلت إلى هنا ...!!
وعادت تشير إليها :
تحدثي...
تكلمى ...
محمود بصوت هادئ :
إنها صافي ....
تتراجع ساره في تعجب وهي
تقول : ومن تكون صافي
تلك التي تقول إسمها بكل
برود ...!!
محمود : إنها صافي التي
تسكن في الطابق الأعلى منا...
ولقد كانت مسافره الى دبي
مع زوجها منذ عام تقريبًا ...
ولقد جاءت بالأمس فقط...
وهي في زياره لي...
لقد كانت صديقه مقربه
مني...
تتسع أعين ساره وهي
تضرب كفيها ببعضهما
إشاره الى الصدمه وهي
تقول : صديقتك...!!
ومعك في حجرتك...!!
في الثالثه صباحًا أو
أكثر ...!!!
أي جنون هذا..!
وعادت تقترب منها وهي
تقول فى سخط :
كيف تجرأت ودخلتي حجرة
زوجي في هذا الوقت
المتأخرة ..!
صافي بكل هدوء وكأن ليس
هناك شيء : أنني صديقة
محمود منذ زمن بعيد ...
وعندما علمت بما حدث له
صممت على زيارته ...
ولقد أخذنا الحديث ونسينا
أنفسنا...
والوقت لم اشعر به...
فالحديث مع محمود ممتع...
ومسلى إلى اقصى حد...
ساره في غضب واستنكار :
انغه يقول أنك كنت مع
زوجك في دبي....
كيف يسمح لك زوجك بما
تفعليه ...!!!
هل هو راضى عن زيارتك
فى الثالثه صباحًا ..!!
مطط صافي شفتيها وهي
تقول : للأسف .
لقد تم الطلاق بيننا منذ
شهرين...
وأنا الآن أعيش وحيده ..
تاخذ ساره نفسًا عميقًا
بصعوبه وهي تقول :
وهل يعني ذلك أن تأتي إلى
شقت رجل في هذا الوقت
دون علم زوجته...؟
أو حتى دون إذنها ...؟
صافي ببرود شديد :
لقد قمت بالإتصال به
وطلبت زيارته ...
ولم يمانع وعندما دخلت
الى هنا أخبرني أنك نائمه
وكنت على شغف للتعرف
عليك ...
هذا كل ما حدث...
أنني هنا منذ منتصف الليل
وقد كنت نائمه ولم أود
أن اوقظك ...
تبتسم ساره إبتسامه ساخره
: يالا طيبة القلب ونفاؤه ...
أنت هنا منذ أكثر فى شقتى
منذ أكثر من ثلاث ساعات
دون علمى...
أو شعورى ...
أومأت صافى برأسها : نعم....
بالفعل...
ولكني أشعر الآن بالتعب...
وبالإرهاق والنعاس ...
ومضطره للصعود إلى شقتي ...
وبالتأكيد لنا لقاء آخر ...
أستاذه ساره ...
وفي وقت مناسب غير ذلك...
ساره فى سخريه :
يمكنك المبيت هنا ...
فلم يعد كثير على شروق
الشمس ...
عادت صافى تضحك :
أنت خفيفة الظل جدًا ...
ثم عادت تشير بيديها فى
وداعها : فرصه سعيده ...
وابتعدت وقد أحمر وجه
ساره وازداد غضبًا وغيظًا وهي
تستمع الى وقع أقدام صافى
تغادر باب شقتها وتغلقه من
خلفها....
لتعود ساره تنظر الى محمود
في قمة الحنقه والسخط والضجر
وتعقد ساعديها أمام صدرها
وهي تقول : ماذا افعل...؟
لقد فاض بي ...
ما يحدث فوق طاقتي
واحتمالى...
ما الذي تفعله ...!
أى بجاحه تلك التى تثيرها ...!
محمود بكل هدوء :
ماذا هناك...!!
ساره فى تعجب تردد :
ماذا هناك..!
وكأن شيئًا لم يكن...!!
فقط إمرأه مطلقه كانت هنا
عندك في حجرتك...
هذا الوقت المتأخر من الليل
وتجلس على فراشك هنا ...
اي عقل هذا الذي يصدق
ويعقل ما تفعله...!!
محمود بنفس نبره الصوت
البارده : هذا لا يعنى شيء...
كل ما هنالك هو حديث فقط
كان يدور بيننا...
إنها صديقتي منذ سنوات
طويله ...
ولقد مات أبوها وأمها منذ
زمن بعيد...
وعاشت وحدها لفتره ..
قبل أن تتزوج من ابن عمها
وتغادر خارج البلاد ...
وحدثت لها ظروف قاسيه
جاءت لى لتقصها علي...
وتراني بعد ما علمت ما
أصابنى...
ساره تنفي برأسها :
شيء غير منطقي...
ولا يستوعبه عقل..
إنها سيدة مريبه مثل التي
تعشقها (منى)...
كل الأفاعي بدأت تحوم
حولك منذ أن علمت بشأن
الثروة والميراث...
كلهم يقتربون منك طمعًا
فيها ...
ولكن أين أنا من كل هذا...!!
أنك تحطم كل يوم كرامتي...
وتهين أنوثتي بما تفعله...
لن يصدق أحد لو أخبرته
بما تفعله...
يعتدل محمود من فراشه
واقفًا وهو يمسك عصاه في
يديه ويقترب منها يهمس
بصوت خافت : اطمئني...
لن تنظر صافي إلى رجل
مثلي مشوه وكفيف..
ولا يرى شيء...
فأنا لا أحب ولا أعشق سوى
امرأه واحده ...
واحده فقط داخل قلبي...
الذى لا يتسع الى إثنين ...
لقد تحدثت معك بمنتهى
الصدق والصراحه ...
كل ما بيني وبين صافى
صداقه فقط ...
تنفعل ساره وهي تهب في
وجهه قائله : أي صداقه
تلك التي بين رجل وامرأة
في هذا الثالثه صباحًا داخل
حجرته ...!
أنت لا تعي ما تقوله...
كلامك وحروفك كلها حمقاء
وغبيه وتثير غضبي
واشمئزازي...
يقترب محمود اكثر منها
وهو يقول : آسف لو سببت
لك أي إزعاج ...
تتراجع ساره في تعجب من
جملته وهي تقول في
دهشه حاده : آسف ...!!
أنت تقول آسف...!!
إنها المره الأولى منذ أن
عرفتك وأنا أسمع تلك
الكلمه من بين شفتيك ...
أليس غريب ذلك...؟
يغمغم محمود : بل شعرت
بأن يجب قولها لك...
تحاول ساره السيطره على
أعصابها وهي تقول :
لست مقتنعه بأي كلمه
اسمعها منك...
أو حتى أصدقها ...
ينفي محمود برأسه :
ولكنها بالفعل صادقه
من قلبى...
أقسم لك...
أنا بالفعل آسف لك ...
ولكن صدقيني ما حدث
كان بغير إرادتي ...
على كل حال اذهبي الى
نومك الآن ...
ولنا غدًا حديث جديد ...
فأنا أريدك في أمر هام...
هام للغاية ..
تعقد ساره حاجبيها في
دهشه اكثر :
شيء هام...!!
وتريد الحديث معى فيه ...!
تكلم ...
ينفي محمود برأسه : لا...
ليس الآن ...
خذى وقتك من الراحه والنوم
وصفاء الذهن...
لنا غدًا حديث جديد ...
ولم تشعر ساره بالراحه من
كلامه...
لقد شعرت بالخوف...
وباغن هناك شيء جديد
لا يطمئن قلبها...
لا يطمئنه أبدًا...
******
(لقد فاض بي الكيل
ولم أعد الإحتمال)
نطقت ساره جملتها وهي
تتحدث عبر الهاتف الى
صديقتها المقربه رحاب..
التي استمعت لها وهي تقول
: بالفعل ما فعله زوجك جعلني
اشعر بعدم رغبتي في
الزواج مطلقًا ...
كيف له أن يحضر امرأه
في هذا الوقت المتأخر
من الليل داخل حجرته...!!
آسفه جملتى إن زوجك مشوه
وكفيف ..
ماذا لو كان سليم ووسيم ...
ويرى ..
ماذا كان سيفعل ...!!
الموضوع بالفعل مريب...
ويثير الحيره والتساؤل ..
صافى تلك هي الاخرى
ليست بالسهله...
إنها تشبه إلى حدًا كبير
(منى) ..
تتنهد ساره :
أشعر أنني محاطه بحفنه
من الشياطين ...
والاوغاد ....
والخونه...
ولم أعد أحتمل ...
أحيانا يراودني إحساس
ورغبه في الموت...
والراحه من كل ذلك ...
رحاب في حزن تحاول
دفع طاقه إيجابيه إليها : لا..
انت أقوى من ذلك ...
عليك الصمود ...
وبعد حديث قصير تنهي
ساره المكالمه ...
وهي تستمع الى وقع أقدام
محمود الذي أخذ ينادي لها :
ساره...
ساره...
تعود ساره وتقترب منه وهي
تقول : إذن فقد استيقظت ...
محمود بصوت مرح وبلهجه
مريبه : بالفعل يا عزيزتي...
تزداد حيره ساره إلى أقصى
حد وهي تقول بدهشه عارمه
غير مصدقه : عزيزتك..!
ما تلك اللهجه الساخره..!
ينفي برأسه : إنها ليست
سخريه ...
إنها حقيقه...
تردد ساره في تعجب :
حقيقه..!!
أي حقيقه...!
محمود : هل يمكن أن نجلس
سويًا ونتحدث...؟
تقترب منه وهي تجلس إلى
جواره في مقعد خشبي
قريب ثم تقول : إذن فحان
الوقت لنتحدث في الأمر
الهام الذي أخبرتني به ...
هز محمود رأسه :
بالفعل..
إنها صفقه ...
صفقه رابحه بيننا ...
تزداد الحيره أكثر وتشتعل
في نفسها إلى أقصى حد
وهي تقول : هل يمكن
الدخول في الموضوع
بسرعه ..
اشرح لي ما يدور في
خاطرك ...
وما نوع تلك الصفقه التي
تريد أن تتم بيننا ...
محمود مبتسمًا :
أنني عاجز عن الشرح ...
ولا أرى بأى بداية أقول...
على كل حال لقد
تزوجتيني من أجل الحب..
أليس كذلك ...؟
تتنهد ساره من جديد
وهي تقول : بالفعل...
فأنا حمقاء وغبيه...
ومريضه بحبك...
يضحك محمود وهو يقول
بنبره غريبه لم تعدها ساره
من قبل : أنا عاجز عن
الشكر لك لما فعلتيه ...
وقدمتيه من تضحيات من
أجلى ...
تضحيات ربما لا أستحقها ...
ورغم كل هذا تبقى أمنية
أخيره ....منك ...
أتمنى منك تلبيتها ...
خدمه أخيره ...
تعقد ساره حاجبيه في
دهشه : خدمه أخيره ...!!
لقد أخبرتك ..
تحدث بسرعه بلا تردد ...
ماذا تريد ...؟
يتنهد محمود : لقد تحدثت
مع طبيب صديق لي
عبر الهاتف...
تعيد ساره تردد كلامه :
تحدثت عبر الهاتف...!!
وكيف تحدثت له ...!
كيف أمكنك ذلك ...!!
برقم هاتف جديد...!!
ينفى محمود : ليس جديد...
لقد كان اسمه مسجل
عندي منذ زمن...
ولقد عرضت عليه فكره
ربما تكون مجنونه ...
ولكن لو نجحت ستكون
مفاجأة ...
مفاجأة رهيبه ..
ساره وقد إشتعا قلبها
فضول ..
تعيد من جديد سؤاله بصوت
حاد : أي فكره تلك...!
أخبرني ..؟
محمود : أن تضحي من
أجلي ....
تضحي من أجل زوجك...
وحبيبك...
وأبو أولادك ...
ربما تكون التضحيه الأخيره
منك ...
ساره في شغف ولهفه
وترقب تقول :
واي التضحيه التي تريدها
مني ...؟
محمود : لقد حدثني الطبيب
بأنه من الممكن أن أحصل
على عين أخرى من أجل
الرؤيه....
تتراجع ساره في ذهول
شديد وهي تقول : عين أخرى..!!
ماذا تعني...!!
محمود : يعني أن تتبرعي
لي بعين واحده فقط منك ...
عين واحده من أجل أن
أرى من جديد...
وسقط قلب ساره بين
قدميها...
ولم تجد أي إجابه...
أو قول ...
فما كانت تسمعه شيء
لا يمكن تصديقه ...
وتستطيع أن تستوعبه...