رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الواحد والاربعون 41 بقلم نورهان ال عشري



 رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الواحد والاربعون بقلم نورهان ال عشري

الفصل الواحد و الاربعون


يُحكى أن إمرأة عٓجوز ، تٓضع السُم للطيور و تستلِذ بقتلِها و عندما سألوها عن السبب 

قالت بأنها تكرههم بسبب خيانه حبيبها قبل ثلاثين عاماً مع بائعه طيور !!

مُرعِب هو كُره بعض النساء ….


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


ما أن دخلت نيفين الي الغرفه و شاهدت مظهر يوسف و هو جالس علي الكرسي يطالعها بنظرات قاتله واضعا سلاحه فوق الطاوله أمامه حتي زاد رعبها أكثر فهيا بحياتها لم تره بمثل هذا الغضب فقد كان ينفث النيران من أنفه و صوته المرعب عندما أمرها قائلا


" اقفلي الباب وراكي .."

اطاعته نيفين دون التفوه بحرف واحد فقد كانت كل خليه بها ترتجف رعبا عندما أشار لها باصبعيه بمعني اقتربي فأخذت تجبر قدماها علي التحرك حتي صارت علي بعض خطوتين من مكانه و قد كان الرعب جليا علي ملامح وجهها الذي ظهرت عليه بعض حبات العرق و توسعت عيناها عندما هب واقفا من مكانه قاطعا الخطوات الفاصله بينهما بغضب يحمل بطياته الكثير من الاحتقار قائلا بنبرة حانقه 


" انا كام مرة حذرتك تقربي منها !!"

زادت ارتجافه جسدها و أخذت العبرات تقطر من عيناها خاصتا مع إقترابه منها بهذا الشكل و قد كانت أنفاسه الغاضبه تحرقها بلهيب الحقد الأعمي الذي يغلف قلبه تجاهها و تجلي في نبرته الصارخه التي جعلتها تنتفض في مكانها 

" ردي عليا ..عملتي فيها كدا ليه ؟؟ "


" عشان بحبك !'

صرخت نيفين بكل ما تمتلك من حب و حقد في قلبها ليطالعها بسخريه قائلا بعدم تصديق


" بتحبيني ؟ ! هو الي زيك بيعرف يحب ؟!"


" اه بحبك و مستعدة اعمل اي حاجه في الدنيا عشان تكون ليا .. الي زيي دي حاربت عشانك الدنيا كلها مش اول ما حد قالها كلمتين هربت و سابتك الكل يشمت فيك و مع ذلك سامحتها !!"


هكذا تحدثت نيفين بلوعه و حقد لينظر إليها يوسف بسخط فقد لامست بحديثها جرح عميق بمنتصف قلبه و لكنها تجاهل ألمه قائلا 

" عندك حق .. من كلمتين هربت و سابتني و الكل كان شمتان فيا .. بس عمر قلبي ماقدر يكرهها و لا يحقد عليها لحظه واحده عارفه ليه ..! عشان لما دورت جوايا ملقتش حاجه واحده وحشه ليها افتكرهالها .. ملقتش غلطه واحده غلطتها معايا تخليني اكرهها افتكرت برائتها و ضحكتها و حبها ليا الي مالوش حدود .. عارفه ان الي قولتيه امبارح ليها دا مخلانيش اكرهها بردو دا خلاني اكره نفسي اني فشلت في حمايتها منكوا و من شركوا.. انا السبب في هروب كاميليا لو كنت قدرت احميها مكنتش هربت مكنتش اصلا عرفتوا تبخوا سمكوا دا ليها عرفتي ليه بقي سامحتها .. "


جن جنون نيفين من حديثه الذي فتت قلبها و حوله الي أشلاء و انفجر بركان الحقد في داخلها لتقول بصراخ 

" و لما انت بتحبها اوي كدا كنت هتتجوزني ليه ..؟؟؟"


يوسف بتخابث 

" كنت هدوس علي قلبي عشان انفذ وصيه عمي و قولت يمكن تقدري تعملي لنفسك مكان في قلبي بس للأسف.. عملتك دي فوقتني في الوقت المناسب .."


لعنت نيفين غبائها و اقتربت منه قائله بلهجه يملؤها التوسل 

" سامحني يا يوسف .. والله غصب عني مقدرتش اتخيل انك كنت بايت في حضنها .. الغيرة عامتني .. فكرت اني لما اكشفلك حقيقتها هتكرهها .. ارجوك سامحني !"


نظر إليها يوسف بإشمئزاز من مدي حقارتها و لكنه قال بهدوء 

" عيزاني اسامحك ؟!" 


نيفين بلهفه 

" طبعا .."

يوسف بغموض

" يبقي توريني انك تستاهلي اني اسامحك .."


نيفي بعدم فهم 

" يعني ايه ؟"

يوسف بإحتقار

" عاقبي نفسك علي غلطك في حقها .. في حق مراتي .. الي المفروض الي يمسها يمسني يعني انتي غلطي فيا قبلها .. "


نيفين بغضب 

" و ان قولتلك اني مش غلطانه و ابدا مش هعاقب نفسي عشان بينت حقيقتها للناس كلها و فضحتها"


يوسف بوعيد 

" يبقي هعاقبك انا ..و اول حاجه هعملها هقطعلك لسانك الي غلط فيها و هكسرلك ايدك الي اتمدت عليها و أخيرا هشيل قلبك من مكانه بايدي عشان شايلها كل الكرة و الحقد دا "


ارتعبت نيفين من مظهره و ذلك التهديد الذي يغلف نبرته فأرتدت خطوة الي الخلف قائله بنبرة مهزوزة 

" و المفروض اعمل ايه عشان أكفر عن غلطي في حق الست هانم .."


يوسف بسخريه 


" بصي من حسن حظك انك واحده ست و يوسف الحسيني مبيمدش أيده علي ستات بس عندي الف طريقه و طريقه ابشع من دول عشان اجيب حقها منك .. لكن انا هعمل معاكي الي معملتوش مع حد مانتي بردو بنت عمي ! انا عايزك تختاري انتي طريقه من دول تعاقبي بيها نفسك .."


توسعت عيناها رعبا و ذهول من حديثه فقالت بتلعثم 

" أااانت . بت . بتقول ايه يا يوسف ؟"!"


صرخه غاضبه خرجت من فمه عندما قال بنفاذ صبر 

" الي سمعتيه !"

أخذت العبرات تتقاذف من مقلتيها و هيا تري ذلك الجحيم المرتسم بعيناه و خاصتا عندما قام بامساك سلاحه بشد أجزاؤه واضعا إياه بكفها الذي انتزعه من جانبها بعنف قائلا بنبرة أشبه بالفحيح 

" اختاري هتعاقبي نفسك ازاي ؟؟"


نيفين متمسكه بآخر أمل لها 

" طب و لو جرالي حاجه هتقول لبابا و جدي ايه ؟؟"

يوسف بسخريه 

" ابوكي الله يرحمه و جدي راح منه الي اغلي منك فمتقلقيش عليه .. فكري في نفسك .."


أدركت نيفين بأنها هالكه لا محاله فقد كان التصميم و الغضب و الكره يغلف نظراته التي لو كانت النظرات تقتل اخرت صريعه في الحال . 

قامت نيفين بامساك السلاح ناظره إليه برعب و صار بكائها نحيب و قامت بتوجيهه الي كف يدها اليسري و صارت ترتجف مغمضه أعينها لثوان قبل أن تضغط علي الزناد لتنطلق رصاصة تستقر في منتصف كفها و كأنها انتزعت قلبها من مكانه من شدة الألم فتناثرت دمائها كصرخاتها التي ملئت المكان فما كان منه سوي أنه امسك سلاحه وضعه في خصره في مكانه المعتاد و قام بمسح بعض قطرات من دمائها فوق وجهه و نظر إلي ألمها و صرخاتها بسخريه قبل أن يقول  


"عارفه الفرق الي بينك و بينها ايه ؟! أنها انسانه بتحس و عندها كرامه لو في يوم قولتلها مش عاوزك عمرها ما كانت هاتجري ورايا و لو خطوة واحده حتي لو هتموت بعدي .. انما انتي للأسف موضوع الكرامه دا معداش عليكي برغم كل الكره الي في قلبي ليكي و الي انتي شيفاه بعينك فضلتي بردو تجري ورايا .. انتي انسانه مقرفه . مقززة و عمري في حياتي مشاعري ما اتحركت ناحيتك سنتي واحد .. طول عمري بتجنبك مابطقش اتنفس الهوا نفسه معاكي .. كنت زمان بستغرب من نفسي بس مع الوقت عرفت ليه . ماهو القلب الي يحب واحده نقيه زي كاميليا لازم ينفر من واحده مقرفه ذيك .. و علي فكرة أنا عمري في حياتي ما فكرت اتجوزك و لا كنت هعملها .. انا كان عندي الموت أهون من اني المس واحده زيك .. "


طالعها بقرف قبل أن يلتفت متوجها إلي باب الغرفه بلامبالاه و كان شيئا لم يحدث و حتي تلك الصرخه التي خرجت من قلبها قبل جوفها فمزقته فقد فاق الم القلب ذلك الجرح النازف من يدها التي بترتها كما بتر هو جميع أحلامها المتمثله به بتلك الكلمات القاسيه المحتقره و التي كانت اصعب بكثير من طلقات الرصاص التي أصابت يدها ..


خرج يوسف فوجد سميرة التي كانت تولول في الخارج و قد تجمع الخدم حولها و هيا تنوح قائله 

" قتلها .. قتل نيفين .الحقوني يا ناس .."


طالعها يوسف بهدوء ثم توجه إليها بخطوات بطيئه بثت الزعر في قلبها و خاصتا عندما تحدث بوعيد 

" متقلقيش لسه ممتتش في حساب لازم يتصفي ..! و انتي كمان حسابك جاي .. وشرف امي لهندمك عاليوم الاسود الي دخلتي فيه القصر دا .. بس انتي اصبري .."


انهي يوسف كلماته المفعمه بالوعيد و التهديد ثم نظر إلي أحد الخدم قائلا بأمر 

" تجبولها دكتور يعالجها هنا .. و الي هيفتح بقه بحرف يبقي فتح علي نفسه ابواب جهنم .."


ما أن انصرف يوسف حتي هرولت سميرة الي نيفين و التي كانت غارقه بالدماء تنظر إلي الفراغ بنظرات ضائعه و كان ذلك الجرح النازف في يدها لا يعنيها بل لم تكن تتألم و كأنها فقدت كل ذرة إحساس داخلها فقط كلماته المحتقرة تتردد في أذنها تعزلها عن كل هذا العالم لا تشعر سوي بطلقات تستقر في قلبها الذي قد مات فعليا في هذه اللحظه فلم تستجب لندائات سميرة التي أخذت تهزها بعنف و هيا تحاول السيطرة علي ذلك الجرح و هيا تقول صارخه


" نيفين .. فوقي .. انتي كدا هتموتي نفسك زي ما هو بيتمني .."

تنبهت نيفين لتلك الكلمات فالتفتت إليها قائله بلهجه تحمل من الكره و الوعيد اطنانا 

" مش هموت غير لما اموتهم كلهم بحسرتهم .."


***************


دخل على الي القصر و أخذ يبحث عن والدته و أختيه فلم يجد أحد فوقف عند درجات السلم و صار ينادي بصوت جهوري 

" يا ماما .. يا غرام ..! كارما "

لم يتلقي إجابه فنظر في ساعته الوقت يشير الي الثانيه عشر ظهرا فأين ذهبوا في مثل هذا الوقت يفترض أن يكونوا في الصالون مع جده الذي يكون في هذا الوقت جالسا معهم قبل أن يأخذ قيلولته و لكنه بحث عنهم في كل مكان و لم يجد أحد 


" على بيه .. "

التفت على الي مصدر الصوت فوجده ذلك الممرض الخاص بجده يقف خلفه يخاطبه بأدب فأجابه على 

" نعم "

" هاشم بيه مستني حضرتك في اوضه المكتب .."

هز على رأسه ثم توجه إلي حيث أشار له بالتقدم ليتبعه الي غرفه جده الذي تحسنت حالته كثيرا منذ قدومهم الي القصر و قد افرح ذلك على و لكنه لم يفصح عن ذلك ..

اغلق الممرض الباب خلفه فتوجه على ليجلس فوق الكرسي أمام المكتب بعد أن ألقي التحيه علي جده الي تحدث بهدوء و وقار قائلا

" صوتك عالي ليه ؟"

على بلامبالاه 

" أبدا كنت بنادي علي ماما و البنات بس محدش رد هما فين ؟؟"

الجد بنبرة ذات مغذي

" لو كان الخدم هنا كانوا قالولك أنهم خرجوا .. ألا صحيح يا على انت اديت الخدم إجازة ليه ؟؟"

ارتبك على داخليا و لكنه غلف ملامحه باللامبالاه و هو يقول 

" أبدا لقيتهم كتير و أنا بطبعي مابحبش الدوشه .. و بما اني قررت اعيش هنا فاظن من حقي اني يبقي ليا شويه خصوصيه .. و لا ايه يا هاشم بيه ."


هاشم بتأييد

" حقك طبعا دا بيتك و ليك فيه حريه التصرف و تأكد إن أنا واثق فيك .. بس قولي حاسس انك اليومين متغير في حاجه تعباك و لا ايه ؟؟"


على بلامبالاه 

" لا عادي مانا زي الفل قدامك اهوة.."

الجد بتخابث

" زي الفل من بره بس يا تري من جوة زي الفل بردو و لا في حاجه تانيه !"


على قد تذكر معاناته و جرحه النازف من هجر وقع عليه ظلما فظهرت ومضه من الحزن علي ملامحه ولكنه أخفاها ببراعه و قام بتعديل ياقه قميصه تزامنا مع إعتداله في جلسته قائلا بجمود 

" من جوا زي من بره مفيش اي حاجه .."


هاشم بدهاء

" نبرة صوتك الي اتغيرت و عنيك الي لونها بهت و حركه ايدك الي مبتحصلش غير و انت متوتر مع صدمتك من سؤالي الي خلاك تتعدل و انت قاعد بيقولوا غير كدا يا على .."


في البدايه صُدٌم على من دهاء ذلك العجوز و قوة ملاحظته و سرعان ما تحولت صدمته الي غضب عندما قال 

" عايز توصل لأيه من كلامك دا ؟؟"

هاشم بهدوء 

" أبدا عايز اوصل معاك لحل يريح قلبك ."


على بعناد 

" انا قلبي مرتاح متقلقش عليه "

هاشم محاولا إستفزازه

" مش قلقان طبعا عشان عارف انت مين و ابن مين و حفيد مين .."


تصاعد غضب علي من حديثه فقال مستنكرا

" و ايه دخل انا مين و ابن مين بالحب يا هاشم بيه ..!"


هاشم بتخابث

" و مين جاب سيرة الحب دلوقتي !"

على بنفاذ صبر 

" بلاش تلعب معايا اللعبه دي .. انت عاوز توصل لأيه من كلامك دا ؟"


هاشم بهدوء 

" عايز افتح عنيك علي شويه حاجات مهمه أولهم أن في حاجات في الدنيا دي مبتتكررش غير مرة واحده .. و أولهم الحب !"


علي بسخريه

" هاشم بيه الرفاعي بنفسه هو الي بيقول الكلام دا .! و كان فين الكلام دا من اكتر من ٣٠ سنه و لا عشان ماهي مناسبه ليك و لعيلتك بتقول كدا .."


هاشم بهدوء 

" لا عشان مناسبه ليك انت ..قلبك دقلها من غير اي ضغط و لا عند و لا تحدي .. من زمان اووووي من حوالي خمستاشر سنه كنت لسه شاب مراهق جاي تزورني انت و سالم الله يرحمه و يشاء القدر انها تكون موجودة و تخطف قلبك .. فاكر لما سبتنا كلنا في الصالون و طلعت تجري تبص عليها من اوضه المكتب بتاعتي عشان تشوفها و هيا مروحه .. يومها جيت وراك و شفت نظرتك ليها و اتأكدت أنها اخدت قلبك معاها.."


ارتجف قلب على لتلك الذكري البعيدة عندما اتي مع والده يزورا جده و قد رآي تلك الفتاة الجميله صاحبه العيون الناعسه و الخصلات البندقيه و هيا تتدلل و تلعب بجوار جده القاسي الذي كانت تلك المرة الأولي التي يراه فيها حنونا مع أحد و لكن تلك الفتاه برقتها قادرة علي إذابة الحديد فدق قلبه للمرة الأولي معلنا عن إستسلامه لرقتها و جمالها و لكن كالعادة لم تفصح معالمه عن أي شئ مما يختلج بداخل صدره و لكن تلك العينان الماهرة اقتنصت وميض الحب الذي ظهر بداخل عيناه و قد اختلق الحجه لرؤيتها قبل أن تغادر فاعتذر منهم و قام بالتوجه الي غرفه مكتب جده ملبيا نداء قلبه الذي تلهف لرؤيتها قبل أن تغادر سالبه منه روحه التي ردت إليه يوم أن رآها و هيا تهبط من الدرج تتدلل كالاميرات ليدق قلبه بعنف و قد غزت عقله تلك الذكري التي رافقته لسنوات طويله ..


اعطي هاشم لعلى الوقت لاستعادة تلك الذكري بعقله ليتحدث بعد أن تأكد من أن ما يريده قد تحقق قائلا بهدوء

" اتأكدت من كلامي .! "


لم يجبه على و إنما نظر إليه و كان هناك مزيج من مشاعر الغضب من إفتضاح سره الصغير و الصدمه لذكاء ذلك العجوز و أخيرا الاشتياق لها الذي كان يؤلمه كثيرا قاطع تفكيره حديث هاشم 

" في حاجه مهمه لازم تعرفها يا على انا عمري ما كنت ضد الحب أبدا لإني اكتر واحد جربته .. انا علي فكرة اتجوزت جدتك بعد قصه حب طويله .. متستغربش من كلامي .. بس دي الحقيقه انا لما وقفت ضد ابوك في جوازة من امك مش عشان مكنتش مناسبه لينا و لا حاجه ..لا .. رفضت عشان ملقتش في عنيه نظرة الحب الي تخليني اتغاضي عن أي حاجه و اوافق علي جوازه منها .. لقيت نظرة تحدي و عند ممكن يودوا صاحبهم في ستين داهيه .. و كان عندي حق سالم عمره ما حب أمل .. "


ألمت كلمات هاشم قلب على و هو يتخيل أن تكون والدته شعرت بهذا الألم و بأنها كانت وسيله لحرب والده مع جده و لكنه تجاهل ذلك قائلا 

" و موافقتش ليه علي جوازة من ماما فاطمه بالرغم من انك اكيد اتأكدت أنه بيحبها "


زفر هاشم بتعب و قد عادت إليه ذكريات اليمه فقال بحزن 


" عشان كانت هتبعده عني .. ! أمل عمرها ما كانت سبب أن سالم يبعد عني أبدا كان في عز خناقنا و حروبنا مع بعض إلا أنه كان جنبي دايما حتي من غير ما اطلبه.. لكن فاطمه قدرت تبعده عشان حبها من كل قلبه باع الدنيا عشان خاطرها و دا خلاني غصب عني اغير من حبه ليها .. سالم كان اعز اولادي عندي و بالرغم من كل قوتي و جبروتي إلا أن الكلمه الصغيرة منه كانت بتخلي قلبي يطير من الفرح .. بس لما ظهرت فاطمه في حياته و اتجوزها خدته بكل حبه و حنانه دا و فعلا بعد عني .. بعترف اني غلطت بس كان غلطي بدافع الحب و دا ميبررليش أبدا انا عارف .. بس والله حاولت اصلح الغلط دا و الدليل اني سيبتك تعيش معاها بعد موت سالم الله يرحمه و مقدرتش احرمها منك .. و لا احرمك منها بالرغم من اني كنت اقدر و كان ليا كل الحق في دا .. بس جيت علي نفسي و علي قلبي الي كنت بتوحشه انت و اخواتك و سبتك معاها .. يمكن دا يشفعلي عندك او عند سالم .."


ترقرقت دموع الندم و الضعف بعيون هاشم و التي لامست قلب على شفقه عليه و لكن سرعان ما مسح هاشم عيناه و حاول استعادة قوته و كبرياؤه قائلا بجمود 

" سيبنا من الي فات خلينا فيك انت .. هتسمع كلامها و تضيعها من ايدك ؟!"

صُدِم على من تصريحه فقال بذهول 


" و انت عرفت كلامها منين ؟ انت كلمتها ؟؟"

هاشم بهدوء 

" كلمتها !"

انفجرت براكين الغضب بداخل على الذي هب من مقعده قائلا بحده 

" وحكتلك علي الهبل الي في دماغها .. الهانم قال ايه بتقولي مفيش بينا كلام يتقال .. و مكنش في بينا حاجه اصلا … و حاجات غبيه كدا .."


هاشم بمكر 

" حكتلي و أنا اتضايقت منها طبعا .. بس قولي يا على هو كان في ايه بينكوا اصل انا معرفش بصراحه !! انتوا كنتوا مرتبطين مثلا ؟!"

ارتبك على من حديثه و أدرك ما يرمي إليه و من هنا بدأ يري الاشياء بوضوح فقال بارتباك 


" لا مش بالظبط .. يعني كنا مستلطفين بعض .."

هاشم بتعقل 

" لا يا على تبقي البنت مغلطتش .. انت واحد اتخانقت مع جدها و كان هيموت بسببك و انتوا يادوبك مستلطفين بعض .. كنت عايزها تعملك ايه يعني دا اقل واجب الكلام الي قالتهولك دا .."


على و قد غضب من نفسه اولا ثم من حديث جده و لكنه قال بعناد

" بردو مكنش ينفع تقولي الكلام دا .. كان ممكن توصلي الي هيا عيزاه باي طريقه تانيه .. و هيا عارفه اني كنت في موقف زفت و مكنتش هقدر استحمل يهين امي قدامي و اسكت "


هاشم بعتاب 

" روفان مقالتلكش الكلام دا عشان الموقف الي انت عملته و لا عشان هيا كنت مستنيه منك حاجه روفان قالت الكلام دا عشان عارفه رحيم الحسيني كويس و عارفه أن كدا كل الخيوط الي بينكوا انقطعت .. و اتبني بينكوا الف سد و سد .."


ألمه قلبه علي موقفها و خوفها فقال بغضب و تحد 


" ان كان هو رحيم الحسيني فأنا على هاشم الرفاعي و محدش يقدر ياخد مني حاجه انا عايزها .. انا عمري ما حطيت قدامي هدف و موصلتلهوش و لا هو و لا الف غيره هيقدروا يمنعوني عنها .."


هاشم بارتياح و قد وصل إلي مبتغاه

" عارف انك تقدر تهد الدنيا و تاخدها غصب عن الكل بس مش غصب عنها يا على .. هيا الوحيدة الي ممكن تقفلك و وقتها مش هقدر تعمل حاجه .."


ارتعب قلبه من مغزي حديث جده فقال بتوتر

" تقصد ايه بكلامك دا "

هاشم بقوة 

" راضي قلبها يا على … وصلها كل الي جواك دا . عشان لما تقوم حرب عشانها تكون هيا ذخيرتك .. لكن مش تروح تعلن حرب علي الناس و انت مش ضامن وجودها جمبك وقتها تبقي غبي و بترمي نفسك في النار .."


اعلن هاتف على عن قدوم مكالمه هاتفيه فنظر على الي هاشم الذي تحرك واقفا في مكانه ثم قال بمغزي

" أنا حطتلك الكورة قدام الجون و انت عليك تسدد يا على .. فكر كويس و بص حواليك و اعرف هتلعبها ازاي و اوعي الغرور ياخدك عشان ممكن يعميك عن المكان الصح و يخليك تجبها في العارضه و اعرف ان الفرصه مبتتكررش مرتين .. شوف تليفونك و انا هروح احط النقط عالحروف و اثبت الأرض تحت رجليك من تاني .."


انهي هاشم حديثه و هو يربت علي كتف على الذي لم يكن يعلم ماذا عليه أن يفعل أو يقول في تلك اللحظه فقد كان تائها حائرا يأكله الغضب و الشوق معا في صمت ليأتي آخر من كان يتوقع مساعدته ليضع قدمه علي الطريق الصحيح فجاه وجد نفسه يتحدث يعرفان قائلا 

" شكرا يا جدي .."


نظر إلي هاشم الذي كان قد وصل عند باب الغرفه و قد دق قلبه عند سماع كلمات الشكر البسيطه تلك و التي كانت أول الطريق لقلب حفيده الأغلي علي قلبه فقام بهز رأسه مع إبتسامه صادقه خرجت من قلبه ثم توجه الي الخارج تاركا على الذي قام بإجراء إتصال هاتفي قائلا بلهفه 

" ايه يا ماما فينكوا و ازاي تخرجوا من البيت كلكوا كدا من غير ما اعرف .."


ابتعدت فاطمه بالهاتف عنهم و هيا تقول بصوت خفيض

" معلش يا على كاميليا تعبت شويه و كان لازم اجي اشوفها .. المهم طمني فاقت و لا لسه ؟؟"


على بملل

" معتقدش لو كانت فاقت كانت الممرضه الي فوق دي بلغتني .. طمنيني علي كاميليا مالها ؟"


احتارت فاطمه ماذا تخبره فهيا لا تعلم ما حدث بعد فقالت بأختصار 

" لسه معرفش .. اغمي عليها و جابوها عالمستشفي .."

على بتعب 

" طب انا هريح شويه عشان تعبان اوي منمتش من امبارح لو احتاجتوا حاجه كلموني اجيلكوا .."

فاطمه بنفي

" لا خليك مادام تعبان ارتاح شويه عشان لما اجيلك هنتكلم مش هتهرب مني زي المرة الي فاتت .. و بعدين احنا كلنا هنا .."


تجاوز على تلميح والدته و التي من أن أحضر ناهد الغائبه عن الوعي الي القصر و هو يهرب من أسئله والدته لحين أن تسترد وعيها و يفهم منها ما يحدث و سرعان لمعت عيناه عند جملتها الأخيرة فسأل بإهتمام 

" كلكوا مين يعني ؟؟"

فاطمه بعفويه

" انا وأخواتك و أدهم و ممته و روفان أخته و يوسف كان هنا بس تقريبا راح مشوار ."


هب على من مكانه لدي سماعه إسمها و قال بلهفه 

" ايه يا ماما الكلام الي بتقوليه.دا ازاي كاميليا تبقي في المستشفي و أنا مجيش اشوفها دا حتي يبقي عيب …. خمس دقائق و هنلاقيني عندي .."

لم يدع الفرصه لفاطمه للرد عليه فقد قام بإغلاق الهاتف متوجها حيث يقوده قلبه الي يتلهف لرؤيتها ليروي شوقه و غضبه منها …


************


" عايزة اتكلم معاك ضروري !"

كانت تلك الرساله النصيه التي التي أرسلتها غرام لأدهم بعد أن كتبتها و قامت بحذفها للمرة الألف لا تعلم لما تريد الحديث إليه نعم تعشقه و لكنها كانت قررت بأنها أبدا لن تعود إليه فقد كسرت فعلته كل الجسور بينهم هكذا كانت تقنع قلبها عندما يأكله الشوق كل ليله ليأتي تصريحه الجرئ هذا الذي قلب تفكيرها رأسا علي عقب بل إنه سدد هدف عظيم في شباك قلبها عندما ارضي غرورها كأنثي بكلماته تلك و جعل قلبها ينتفض بداخلها كطفل صغير لا يهدأ الا عند الحصول علي ما يريد و قد ضعفت أمام طوفان اشتياقها له و ارسلت تلك الرساله التي وصلته و هو يجري عدة اتصالات هامة من أجل العمل الكثير الذي وقع فوق عاتقه مع إختفاء رائد الذي هاتفه يعلن سفره المفاجئ نظرا لمرض إحدي أقاربه و منذ ذلك اليوم و هاتفه مغلق فوقعت جميع أعماله فوق عاتق أدهم الذي ما أن شاهد إسمها علي الهاتف مقررونا برساله نصيه حتي رقص قلبه بين ضلوعه فرحا عند قراءة تلك الكلمات البسيطه التي تحويها الرساله غير مصدق بأنها هيا التي تريد التحدث إليه فأخذ ينظر حوله لتقع عيناه عليها و هيا تعبث بهاتفها بتوتر و كأنها نادمه علي تلك الرساله التي جاءتة كشعاع نور في طريقه المظلم الي كسب ودها فسرعان ما ارسل لها الرد قائلا 

" مستنيكي في الباركينج ."


وصلتها رسالته فصار قلبها يدق بعنف و ابتلعت ريقها بصعوبه و أخذت تبحث عن أختها التي كانت تتحدث علي الهاتف فتوجهت إليها قائله بلهجه مهتزه بعض الشيء


" كارما .. انا هطلع خمس دقائق و ارجع لو ماما سألتك قوليلها في الحمام ..!"


طالعتها كارما باستنكار فسارعت غرام بالحديث 

" مش هتاخر هاجي علي طول .."

أنهت غرام كلماتها ثم توجهت الي حيث ينتظرها و قد كانت كل خليه بها ترتجف لهفه لرؤيته و خوف من ضعفها أمامه و ترقب لما هو آت فكانت تقدم خطوة و تؤخر آخري الي أن وصلت فوجدته يجلس بكسل علي مقدمة سيارته واضعا يديه في جيوب بنطاله ينتظرها و علي شفاهه ترتسم ابتسامه عاشقه زادت من توترها خاصتا عندما نصب عوده لدي اقترابها منه فتوترت للحظه و قد نست كل ما أعدته من احاديث فظلت تطالعه و قد آثرته عيناها كما آثرتها عيناه التي كان أكثر من عاشقا لها قظلا يتبادلان النظرات لثوان حتي اخيرا قررت انتشال نفسها من بحر عيناه التي اغرقتها سابقا و عدم الانسياق خلف سحر وسامته لتقول بنبرة حاولت جعلها ثابته 

" حصل ايه لكاميليا ..؟"


خابت آماله للحظات عند سؤالها عن حاله كاميليا لقد كان يمني نفسه بأنها قد قررت إعطاؤه فرصه لتصحيح خطؤه و التحدث معه بشأن علاقتهم خاصتا بعدما حدث داخل المشفي مع ذلك الطبيب و لكنه تدارك الأمر و قرر بأن يجاريها حتي يصل الي ما يريده فقال بمزاح 


" طب قوليلي اذيك عامل ايه .. يعني من باب المجاملة حتي !"

غرام بسخريه 

" عامل ايه ؟"


أدهم بمداعبه 

" قبل ما اشوفك و لا بعد ما شوفتك ؟!"

ذلك اللعين يجعل قلبها يدق الف مرة في الثانيه الواحده من تلك النظرات التي و كأنها تعانقها و تلك الكلمات التي تداعبها و لكنها ظلت علي ثباتها قائلا بسخرية 


" بصراحه مش عايزة اعرف .. انا جايه عشان اطمن علي كاميليا و بس .."


أدهم ممازحا

" دانتي بتستغليني بقي ..!"

غرام بتهكم 

" اعتبرها خدمه إنسانيه.. "


  قام أدهم بالاقتراب منها خطوة لتؤخر هيا آخري قائلا بحب و عينان تشعر و كأنها تطوقها 

" بس كدا دا عنيا ليها .. دانا مستعد افديها بروحي بس هيا ترضي "


كانت غرام ترجع للخلف لدي اقترابه منها و عيناه التي كانت تزيد من توترها فقالت بارتباك


" هيا ايه دي .."

أدهم بتخابث

" الانسانيه طبعا .."


غرام بغضب مفتعل 

" خليك مكانك و الا هسيبك و همشي.."


أنهت كلماتها تزامنا مع تعثرها بحجر من الخلف لتقوم يد أدهم بإمساكها قبل أن تسقط و تطويقها من كل الجهات لتقع بلحظه بين أحضانه فرفعت عيناها لتلتقي بعيناه التي كانت تحويان من العشق أطنانا فجعلت قلبها يدق كالطبول خاصتا و هو يقول 


" تمشي فين .. ؟ هو دخول الحمام زي خروجه و لا ايه ؟؟"

زاد ارتباكها و تسارعت أنفاسها من كلماته و يداه التي كانت تلتف حول خصرها بتملك كبير جعلت الكلمات تخرج من فمها بصعوبه و هيا تقول 


" يعني ايه ..؟"

ادهم بصدق و بلهجه مبحوحه من فرط التأثر بقربها

"وحشتيني !"


كانت غرام علي وشك أن تستسلم لسحر عيناه و عذوبه كلماته و تخبره بأن شوقها إليه أيضا قد فاق الحدود بل و أنها كانت تغفو و تستيقظ كل يوم علي صورته و لكن أتي رنين الهاتف الذي أنقذها فجعلها تنتفض من بين ذراعيه و تقوم بإخراجه من الجيب الخلفي لبنطالها و هيا تجيب بعفويه 


" آلووو .. ايه يا موري .. انت فين ياروحي ؟؟"


غضب أدهم من ذلك الإتصال اللعين الذي جاء في غير وقته و قد كانت علي وشك إعلان راية الاستسلام ليتحول غضبه الي غيرة جنونيه و هو يسمعها تتحدث بتلك النبرة التحببيه الي ذلك الشاب و أيضا تدلله بتلك الطريقه فقام بانتزاع الهاتف من بين يديها و إغلاقه و هو ينفث النيران من أنفه فتجاهلت هيا مظهره الغاضب و الذي أسعدها كثيرا فهيا تحدثت هكذا حتي تثير جنونه و قد حدث ما أرادت و لكنها تظاهرت بالغضب و هيا تقول 

" ايه الي انت عملته دا انت مجنون !"


أدهم و هو يحاول التحكم بغضبه قائلا بحدة 

" لا دانا لحد دلوقتي كدا عاقل .."


غرام بحدة 

" يعني ايه بقي ..؟"

أدهم بنبرة حاول أن تكون هادئه بعض الشئ

" بصي . انا ساكت علي كل عمايلك و صابر عليكي و علي عِندك و عندي استعداد اصبر مليون سنه كمان و استناكي لحد ما تسامحيني .. لكن من هنا لحد عقلك ما يرجع لراسك و تعرفي أنك مش لحد غيري اوعي تفكري انك تستفزيني أو تثيري غيرتي. لانك وقتها هتشوفي جنان عمرك ما كنتي تتخيليه.. و خليكي فاكرة كلامي دا كويس عشان مش هقوله تاني .. انا غيرتي وحشه يا بنت الناس اتجنبيها احسنلك !"


داخليا كانت تود لو تصرخ من فرط السعادة و لكن كبرياء الانثي بداخلها قيد القلب و أشعل روح التحدي مرة ثانيه بجوفها و قد راق لها تعذيبه كثيرا حتي يعلم مع من قام بالعبث فاقتربت منه للحد الذي جعل جميع حواسه تتنبه لإقترابها و قالت بنبرة خفيضه مغريه ..

" دي مشكلتك ! حلها لوحدك .. انا و لا كأني سمعت حاجه ."


أنهت كلماتها و ارتدت للخلف تنوي المغادرة و لكن هيهات أن تذهب هكذا بعد ما أشعلت بجوفه نيران لم و لن تهدأ سوي بها فقام بإمساكها بقوة من رسغها جاذبا إياها لتلتصق بسياج صدره ناظرا الي شفاهها تارة و عيناها تارة آخري لتستقر نظراته أخيرا علي عيناها قائلا بوعيد


" متلعبيش بالنار يا غرام و خصوصا معايا .. انا ناري بتحرق و مبتسميش ..!"


غرام باستنكار بعدما إستردت جزء من ثباتها الذي بعثره إقترابه منها بهذا الشكل 

" بتهددني !"


أدهم بتخابث

" تؤ .. مقدرش. انا بس بعرفك أن ناري محوطاكي و هتحرق اي حد يفكر يقرب منك حتي لو كان مين .. بس بردو ميمنعش أن في نار تانيه كدا دي هنجربها و ندوب فيها سوي !"


قال كلماته الأخيرة بوقاحة أخجلتها كثيرا فنفضت يدها من يده و لكن الأخيرة لم تتركها فقالت بغضب 

" علي فكرة بقي انت قليل الأدب .. و أنا حرة اعمل الي اعمله و اكلم الي أكلمه انت ملكش دعوة بيا ..!"


أدهم بتحد و بنبرة قاطعه 

" محدش في الدنيا له دعوة بيكي غيري .. دا اولا.. ثانيا بقي لو مش خايفه عالأمور بتاعك دا خليني اشوفك واقفه معاه و لا بتدلعي عليه كدا تاني و أنا و شرف امي لهكسرلك عضمه .. و اظن انتي شفتي بعينك فوق انا مستعد اعمل ايه ..و اتفضلي دلوقتي روحيلهم عشان ميقلقوش عليكي و اعرفي أن عيني عليكي و شيفاكي في كل مكان حتي اوضتك .."


اشتعلت نيران الغضب بداخلها من كلماته و أوشكت علي الحديث تخبره بأن يذهب الي الجحيم ليبادرها هو قائلا 

" اي كلمه هتقوليها دلوقتي هعتبرها دعوة صريحه اني اقرب منك و انا بصراحه هموت و اعمل كدا ..!"


قال الأخيرة بوقاحة نابعه من فرط إشتياقه لها و قد تمني لو أنها القت أحدي كلماتها اللاذعه حتي يرتوي من شهدها الذي يشتهيه كثيرا لتفاجأة هيا بإبتلاعها الحديث بصعوبه كبيرة فقد كانت تود تلقينه درسا لا ينساه ليشتعل المكر بعيناها و هيا تقترب منه ببطأ ناظره الي عينيه و رفعت يداها تضم إبهامها مع السبابه تمررها علي شفتيها من البدايه للنهايه بمعني لقد أغلقت فمي .. ثم ارتدت الي الخلف و هيا علي يقين بأنها تركت به نار مشتعله سوف تحرقه مثلما احرقتها كلماته و بالفعل كانت حركتها هذه قد آثارته كثيرا وزادت من شوقه إليها الممزوج بعشق لم يخطر علي عقله أبدا أن يشعر به تجاه أحد فزفر بتعب و قد قرر بأن عليه وضع حد لمعاناته تلك فهو لم يعد يستطيع الابتعاد عنها ابدا ..


***********


كانت هند عائدة من عملها الممل في ذلك المكتب و الذي كانت قبلت به بسبب خوفها من أن يجدها كلا من يوسف أو رائد ذلك الاسم الذي كلما مر علي بالها تزداد ضربات قلبها تلقائيا تارة مشتاقه و تارة خائفه لا تعلم ماذا تفعل مع قلبها الذي يظل طوال الليل يؤنبها علي رحيلها بهذا الشكل عنه فبالرغم من كل أخطاءه إلا أنها تشعر بمدي معاناته و بأن هناك مشاعر صادقه خلف جدار الانتقام و الغضب و الحقد هذا و لكن لم يكن بيدها حيله آخري فلو كان الأمر بيدها لظلت بجانبه الي أن يأخذ ثأره الذي كان يسبب له كل هذا العذاب و لكن خوفها من أن يطال طوفان الانتقام هذا والدتها و أختها الصغيرة جعلها تختار نيران البعد عنه و ترضي بالعذاب لقلبها الذي غفر له جميع أخطاءه بحقها لتمر علي بالها تلك الذكري المؤلمه 


فلاش بااااك 


استيقظت هند من غفوة طويله آخذتها علي حين غرة لتجد نفسها نائمه في غرفه غريبه عنها ظلت ترمش بعيناها لثوان لمعرفه ايه هيا و أخذت تنظر حولها و فجأة تذكرت ما حدث البارحه عندما كانت معه تلبي دعوته للاحتفال بعيد ميلاده و آخر شيء تذكرته هو إصراره عليها لشرب كأس نبيذ واحد لتطاوعه و بعدها لا تتذكر شئ ..

هبت هند مفزوعه مكانها فصعقت من تلك الشراشف التي تخفي جسدها العاري تلك الكلمه التي جعلتها ترتجف رعبا من تلكا الخاطرة التي مرت علي بالها.. لا لا لا يمكن أن يكون فعل بها تلك الجريمه البشعه فهيا كانت تشعر بصدقه في كل كلمه كان يتفوه بها و ايضا نظراته كانت تحكي لها مقدار حبه و لكن ماذا حدث ..؟


أخرجها ذلك الصوت الساخر من شرودها لتصدم مما رأته 


كان رائد عاري الصدر يجلس علي أريكه في آخر الغرفه يطالعها بنظرات غامضه قائلا بسخريه


" صباحيه مباركه يا عروسه ..!"

نزلت كلماته كالصاعقة علي مسامعها فقالت بعدم تصديق 

" انت بتهزر صح .. اكيد متقصدش الي انت بتقوله دا ..!"


ابتسم رائد بسخريه و ألقي نظرة ذات معني علي شئ ما بجانبها فالتفتت إليه حتي تجمدت في مكانها من رؤيه تلك الدماء التي كانت علي شرشف السرير فجحظت عيناها ألما و رعبا و صدمه ليطالعها بنظرات يملؤها الندم و الحزن سرعان ما تحولت للامبالاه تجلت كثيرا في نبرته 


" معنديش وقت استناكي لما تتصدمي و تقعدي تعيطي و تولولي .. انا راجل عملي و عايزك انتي كمان تبقي كدا .. انا هعرض عليكي ديل كويس .. و انتي الي هتطلعي فيه كسبانه.. "


لم تسعفها الكلمات للحديث فقد غلبت صدمتها علي كل شي فقد كانت تراه و كأنه الشيطان بعينه بعدما كان ذلك الملاك الذي كانت تظن بأنه هبط من السماء لأجلها و لكنه كان النقيض تماما سلبها اعز ما تملك و اصبحت بسببه ملوثه حتي تلك الأمطار الغزيرة التي كانت تتساقط من مقلتيها لن تفلح أبدا في تطهيرها ..


كان ينظر إليها بقلب يقطر ألما و لكنه تجاهل ذلك الألم الشديد فقد وضع خطه بداخله و قد عزم علي تنفيذها و اقسم بأنه لن يوقفه شئ في هذه الحياة عن إنتقامه حتي قلبه الذي كان ينزف ألما علي حالتها لم يشفق عليه و لا عليها فيأس من ردها و تابع بمنتهي الهدوء و الثبات


" انا مستعد اتجوزك دلوقتي و استر عليكي .. بس دا هيكونله مقابل.."


كان صوتها مبحوحا من فرط الألم و الحزن و الخيبه 

" عايز مقابل عشان تتجوزيني و تستر عليا .. ؟ للدرجادي انا بقيت رخيصه ."


استقرت خناجر كلماتها في قلبه محدثه آلاما صعب إحتمالها و لكن رجل مثله إعتاد علي الألم فأصبح يستلذ به فنظر إليها ساخرا ثم قال 

" متكبريش الموضوع .. قولتلك هتجوزك و ارحمك من الفضيحه بس عندي شرط واحد .."


تحدثت بصوت لا روح فيه قائله

" شرط ايه ..؟"


رائد بثبات 

" تساعديني اجيب رقبه يوسف الحسيني الأرض !!"

صدمه ثانيه أطاحت بثباتها أرضا فقالت بإستنكار 

" انت اتجننت صح ..؟ انت عايزني اعض الايد الي اتمدتلي .."


رائد بغضب 

" اخرسي و اعرفي انتي بتتكلمي مع مين ؟؟ انتي روحك في ايدي يا حلوة .. كل الي حصل بينا أنا مصوره .. و ممكن اروح اوريه للست والدتك و الي ممكن تطب ساكته . وقتها يوسف بيه هينفعك !!"


علي صوت بكائها و هيا تقول بألم 

" حرام عليك انت اكيد مش بني آدم انت شيطان .. انا عملت فيك ايه عشان تعمل فيا كدا ؟؟"


رائد بمراره 

" مش لازم تكوني عملتي .. كتير اوي الدنيا بتظلمك من غير ما يكون ليكي ذنب في أي حاجه .. و مش لوحدك الي اتاخدتي في الرجلين !! قولتي ايه هتساعديني و لا لا ؟"


كان التيار اقوي منها فهذه هيا والدتها و اغلي ما تملك في تلك الحياة البائسه لن تستطع أن تعرضها لتلك الحقيقه البشعه أبدا لهذا اتخذت قرارها قائله بإذعان 


" عايزني اساعدك ازاي ؟"

تجاهل رائد ذلك الألم و العجز في صوتها قائلا بثبات 

" عايزك تجبيلي كل أخباره خطوة بخطوة و نسخه من كل الملفات السريه و المهمه في الشركه .."

هند بإذعان 

" حاضر !"


رائد بهدوء و قد ود لو يحتضنها مكررا أسفه مرارا و تكرارا لما اقحمها فيه بدون اي ذنب 

" و انا هبعت اجيب المأذون عشان يكتب الكتاب .. 

التفت هند بالشرشف حولها و تقدمت منه ناظره إليه بكرة و إحتقار ثم قالت بإشمئزاز

" انا عمري ما هكون مراتك أبدا .. بعد ما توصل لالي انت عايزة مش عايزة اشوف وشك تاني ..!"


بااااااااك 


تلك الدموع التي احرقتها ذلك اليوم احرقتها الآن كما لو أن ما حدث قد حدث البارحه و ما زاد من ألمها هو ذلك القلب الذي غفر له. و سامحه علي كل أخطاءه ضاربا بعرض الحائط كرامتها و كبريائها الذان تجردت منهما تلك الليله مثلما تجردت من عفتها و طهارتها ..


وصلت إلي باب الشقه و قامت بوضع المفتاح في قفل الباب و أدارته ثم دخلت و هيا تكفكف دموعها حتي لا ترها ايا من والدتها أو أختها و قامت بإشعال الضوء لتتفاجيء من ذلك الذي يجلس علي الكرسي ناظرا إليها بسخريه و هو يقول 


"حمد لله عالسلامه !!"

الفصل الواحد و الاربعون ج٢


كانت سميرة تنظر إلي نيفين التي كانت و كأنها في عالم آخر غير عالمهم و قد كانت كلماته المحتقرة تتردد بأذنها و كأنها سوط يجلدها بعنف حتي تلك الابر التي كان الطبيب يفرزها بكفها الذي تضرر كثيرا بفعل تلك الرصاصه التي كانت تود لو وجهتها لقلبها لكان أرحم عليها من هذا العذاب الان .. 

نظر إليها الطبيب ليجدها في عالم آخر فانهي دوره بمهارة فائقه و استقام ناظرا الي سميرة قائلا بعمليه 


" انا خيطت الجرح و أن شاء الله مش هيسيب آثر كبير و ممكن نعملها تجميل بعد كدا .. من حسن حظها أن الرصاصه جت في المكان الي بين السبابه و الإبهام و المكان دا مفهوش أعصاب و الا كان الضرر هيكون كبير خصوصا أن الرصاصه جايه من قريب اوي "

سميرة بملل 

" ميرسي يا دكتور تعبناك معانا .."


الطبيب بأدب

" لا يا فندم و لا تعب و لا حاجه .. انا كتبتلها هنا علي الادويه المطلوبه و فيها كمان مسكن قوي عشان الألم و أن شاء الله هتتحسن في اقرب وقت .. ألف سلامه عليها .."


تناولت سميرة الورقه و هيا تقول بنفاذ صبر 

" الله يسلمك يا دكتور. اتفضل .."

أشارت للخادمه بأن توصل الطبيب ثم نظرت إلي نيفين التي كانت حالتها لا تبشر بالخير و قالت بترقب 


" هتفضلي ساكته كدا كتير ..؟"

لم تجبها نيفين بل بدا لها و كأنها لم تسمعها من الأساس فنظرت إليها سميرة بامتعاض و قالت بغضب 

" براحتك متروديش .. انا كلمت الخدم هيجبولك الأكل و هبعت حد من الجارد الي بره يجبولك الدوا و نامي و لما تصحي نبقي نتكلم .."


لم تجب نيفين أيضا و هنا رن هاتف سميرة التي نظرت إليه بتوتر و اتجهت الي الباب مهروله لتدخل الي غرفتها ليتثني لها التحدث بحريه فما أن ضغطت علي ذر الإجابة حتي وصلتها قهقهات شريرة يتبعها صوت الشيطان قائلا 


" عايزك تجهزي اجمل طقم اسود عندك عشان عندك عزا يا مدام المرحوم .."

صُدٌمت سميرة من حديث راغب و قالت بعدم تصديق 


" راغب انت بتتكلم بجد.؟؟"

راغب بتأكيد

" و دي حاجه ينفع اهزر فيها بردو .. مراد الله يرحمه و زمان الدكتور بيقولهم الخبر دلوقتي .. يالا روحي جهزي الي هتلبسيه بقي عايزك قمر النهاردة.."

اتبع حديثه بقهقهات مقززة و اغلق الهاتف لتجلس هيا علي أقرب أريكه ناظرة الي الفراغ و قد شعرت بألم يغزو قلبها مع نزول دمعه صادقه من عيناها و ألقت نظرة الي صورة له معلقه في غرفتها قائله بألم 


" انتي الي اخترت النهايه يا مراد .."


**************


في المشفي كان الجميع متوتر مما حدث خاصتا عند سؤال فاطمه المتكرر و الذي وجهته تلك المرة لصفيه قائله بنفاذ صبر 

" مش هتقولي حصل ايه لبنت اختي بردو يا صفيه ؟؟"


صفيه بارتباك 

" قولتلك محصلش حاجه يا فاطمه . كاميليا تعبت شويه و جبناها عالمستشفي علي طول."

فاطمه بغضب 

" و ايه الي تعبها .. كاميليا مش هتتعب كدا من مفيش .. "


صفيه بتوتر

" والله يا فاطمه معرفش .. احنا لقيناها فجأة اغمي عليها .."


فاطمه بحدة 

" لما انتي عايشه معاها في نفس البيت و مش عارفه امال مين الي يعرف يا صفيه ..؟'


تدخل أدهم لإنقاذ والدته من عبأ الإجابة قائلا بنبرة قاطعه 

" طنط فاطمه محدش فينا له ذنب في تعب كاميليا خليكي متأكدة من دا .."


توترت فاطمه من لهجه أدهم و أدركت بأنها تمادت في أسلوبها قليلا و هي تعرف كل المعرفه بأن صفيه أكثر من كان يحنو علي ابنه أختها فقالت برفق

" انا عارفه الكلام دا يا أدهم و متأكدة منه .. بس انا قلبي واكلني علي كاميليا .. دي مش اول مرة تقع و تتعب كدا .."


اجابتها صفيه بحزن و شفقه 

" والله قلبنا كلنا واكلنا عليها .. دي كاميليا دي بنتي ربنا عالم .."

فاطمه باعتذار 

" عارفه والله يا صفيه و حقك عليا لو كلامي كان في حدة شويه .. بس غصب عني دي الحاجه الوحيدة الي بقيالي من ريحه المرحومه ."


صفيه برفق

" الله يرحمها .. عذراكي يا فاطمه .. أن شاء الله هتقوم بالسلامه و هتبقي زي الفل .."

قاطع حديثهم قدوم أحدي الممرضات و التي وجهت حديثها لأدهم قائله بنبرة مهتزة بعض الشئ 

" أدهم بيه الدكتور فؤاد عايز حضرتك ضروري .."

انتفض الجميع و منهم فاطمه التي قالت بذعر

" كاميليا جرالها حاجه ؟؟"


 أدهم بهدوء

" اهدي يا طنط فاطمه دا الدكتور بتاع عمي مراد .."


نظر أدهم الي الممرضه التي كان وجهها لا يفسر و قال باستفهام 

" في حاجه ؟؟"


الممرضه 

" الدكتور عايز حضرتك أو يوسف بيه ضروري "


صفيه بقلق 

" انا هاجي معاك يا أدهم .."


نظر أدهم الي والدته قائلا بلهجه قاطعه 

" استني هنا يا ماما و أنا لو في حاجه هبلغك .."


تدخلت روفان قائله 

" و أنا هروح معاك اطمن علي جدو زمانه صحي .."

وافقها أدهم و أعتذر منهم جميعا ثم قام بالانصراف و القلق يأكله من الداخل 


****************


بعد اسبوع 


دخل يوسف إلي تلك الغرفه التي تحوي بداخلها العالم أجمع بالنسبه اليه و قد كانت صدمته عندما وجدها جالسه علي السرير ناظرة الي اتجاه النافذة التي كان يدخل منها شعاع من الشمس ينعكس بريقه علي خصلات شعرها الذهبيه التي كانت تلمع كثيرا علي عكس إنطفاء صاحبتها و التي شعرت بانفتاح باب الغرفه و قد جاءت اللحظه التي كانت تؤجلها كثيرا طوال هذا الأسبوع فقد كانت تشعر به في كل مرة يأتي ليراها فتتظاهر بالنوم عندما يضع هو تلك القبله الرقيقه فوق جبينها و يجلس معها بصمت و لا تدري متي يذهب فقد كانت تذهب بعدها في ثبات عميق فتجده بطل لأحلامها التي كانت تارة تزعجها و تارة تسعدها و لكنها قد سئمت من النوم و قررت و لاول مرة بحياتها المواجهه فعندما جاء في الموعد المعتاد ككل يوم وجدها جالسه علي سريرها و قد أخذت وقتا طويلا حتي استطاعت النظر تجاهه و قد كانت نظراتها كقطرات ماء سكبت علي أرض قد تشققت بفعل الجفاف لتحييها هكذا هو حال قلبه الذي كان يموت شوقا لعيناها التي حرمته منها لأسبوع كامل قد حمل الكثير و الكثير من الأحداث المؤلمه و التي لا أحد يعلم كيف تجاوزها …


اقترب يوسف من سريرها ناظرا الي عيناها التي كانت الألم و الانكسار يغيم عليها و قد كان هذا أكثر الأشياء ألما لقلبه و لكنه حاول إضفاء الهدوء علي صوته و هو يقول 


" عامله ايه النهارده .؟"

أجابته بصوت خفيض و قد كانت تنظر أمامها غير قادرة علي مواجهته 

" الحمد لله احسن.."


يوسف بعتاب 

" اخيرا قررتي تفوقي ..!"

اخفضت كاميليا عيناها و هيا تشعر بالخزي من إفتضاح أمرها أمامه فقد كان قلبها يخبرها بأنه علي علم بتظاهرها و لكنها كانت تكذبه و الان علمت بأنه كان طوال هذا الوقت يعلم بهروبها و هو الأمر المخزي بالنسبه لها فلم تستطع الاجابه سوي بدمعه يتيمه نزلت من طرف عيناها هبطت علي قلبه كجمرة من النيران المشتعله ليتحرك من مكانه جالسا علي السرير أمامها و قام برفع رأسها بيد و باليد الأخري مسح دمعتها قائلا بلهجه حانيه


" لما اكلمك تبصيلي .. اوعي توطي راسك أبدا .."


و كان كلماته كانت الاذن بإنفجار عيناها بانهار من دموع القهر و الألم و الخزي لتمتد ذراعيه تحتضنها بقوة و رفق فصارت تنتفض بين ذراعيه تبكي عار اُلصِق بها عنوة و لم يكن لها اي يد به .. تبكي حلما لم تتمني سواه و لكنه انتهي لحظه بدايته.. تبكي مصير اسوء من الموت بدونه و هيا عاجزة لا تملك من أمرها شيئا سوي البكاء و النحيب الذي كان يفتت قلبه من الداخل و صوت شهقاتها يعلو و يعلو و كأنها كانت تحتفظ بتلك الدموع لسنوات حتي اتي الوقت للإفصاح عنها ..


ظلت علي تلك الحاله لوقت ليس بقصير تبكي و تشهق و تنتفض و يداه الحانيه تحتويها و تهدهدها كالطفل الصغير حتي هدأت تماما فقام بتقبيل اعلي رأسها ثم قال بحنان 

" هخلي الدكتور ييجي يديكي حاجه مهدئه عشان تعرفي تنامي .."


قاطعته كاميليا بنفي  

" لا .. معنتش عايزة انام .. انا نمت كتير و هربت كتير كفايه اوي لحد كدا .."

طالعها يوسف بقلق فهو خائف من تدهور حالتها أكثر فقال بحنان 

" انتي تعبانه خلينا نأجل الكلام لما تبقي كويسه .."


كاميليا بألم 

" مش هتفرق انا هفضل تعبانه و كدا كدا لازم نتكلم .. و دلوقتي احسن من بعدين .."


يوسف بمسايسه 

" طب اتكلمي خرجي كل الي جواكي .."


نظرت إليه كاميليا بألم و داهمتها بعض الذكريات السابقه فحولت نظراتها الي البعيد و هيا تسرد ما حدث منذ ثمانيه أشهر 


فلاش باااك 


كانت كاميليا تنام بعمق الي أن شعرت بيد قويه تجذبها من فوق مخدعها بعنف فهبت مذعورة من نومها علي صوت نيفين البغيض و هيا تقول بغضب 


" طبعا نايمه في العسل بعد ما عملتي عملتك السودا ..'


كاميليا برعب 

" ابعدي عني عايزة مني ايه .؟"

نيفين بحقد 

" انا كان عليا نفسي آخد روحك بايدي .. بس للاسف مش هضيع نفسي عشان واخده ذيك .. بس وديني لهطردك زي الكلبه من البيت دا .."


ارتعبت كاميليا من مدي الحقد الذي يقطر من كلماتها و لكنها ارتدت ثوب القوة التي استمدتها من كونها ننتمي إليه و نفضت يدها الممسكه برسغها قائله بحدة

" ابعدي ايدك دي عني .. متقدريش تعمليلي اي حاجه .. انا مرات يوسف الحسيني الي ممكن يهد الدنيا فوق دماغك لو فكرتي بس تقربيلي فاهمه ..!"


" اخس عليكي يا نيفين احنا بنبارك للعروسه كدا بردو ..؟"

كان هذا الصوت الملئ بالشر لسميرة التي دخلت من باب الغرفه و سمعت حديث كاميليا فتقدمت تنظر إليها بكرة و غضب ثم وجهت انتظارها لابنتها قائله 

" روحي انتي يا نيفو انا ليا كلمتين مع ست

الحسن و الجمال .."


نظرت نيفين بغضب لوالدتها و قاله بحدة 

" ماما .."

سميرة بغضب 

" مفيش ماما قولتلك اخرجي و اقفلي الباب وراكي .."


طاوعتها نيفين مرغمه بعد أن ألقت نظره محتقرة متوعدة علي كاميليا و خرجت صافقه الباب خلفها لتقترب سميرة من كاميليا قائله بوعيد 

" قولتيلي بقي انتي مرات مين ..؟"


كاميليا محاوله التحلي بالشجاعه 

" مرات يوسف الحسيني و الي مش هيسمح ليكي تمسي شعرة واحده مني .."

قهقهت سميرة بشر ثم قالت بمكر

" و ياتري هيبقي دا موقف يوسف بيه لما يعرف أنه الست هانم مراته تبقي بنت حرام !"


اخترقت الكلمه قلبها كخنجر مسموم شطر قلبها لنصفين فتراجعت علي إثرها خطوة للخلف و هيا تقول بنبرة مستنكرة 

" انتي مجنونه صح .. وصلت بيكي الوقاحه انك تقولي عني الكلام المؤرف دا ؟؟"


 سميرة بشماته من مظهر كاميليا المرتجف 

" انا بقول كلام مؤرف .. امال انتي و امك تبقوا ايه دانتوا القرف نفسه .. و عموما لو مش مصدقاني تعالي اسمعك بودانك .."


كاميليا بإستنكار 

" انا مش هاجي معاكي في حته انتي ست مجنونه .. ابعدي عني .."


امتدت يد الشر و صفعتها علي وجنتيها صفعه قاسيه كقسوة كلماتها المسمومة و قامت بامساكها من رسغها قائله بغضب 

" لسانك دا هقطعهولك بس بعد ما اعرفك حقيقتك القذرة الي هتسمعيها و تتأكدي منها من بق رحيم الحسيني بنفسه و اظن دا مش هيكذب .."


سارت كاميليا خلفها كالمنومه مغناطيسيا و هيا تتضرع الي الله أن يكون هذا الحديث كله كذب و إفتراء فهيا لن تقدر علي تحمل حقيقه مخزيه مثل هذه لتضاف الي حياتها البائسه ..

توقفت أمام باب الغرفه كما أمرتها سميرة التي دخلت الي الغرفه و هيا تقول 

" عمي .. انا قولت لكاميليا علي كل حاجه .."

هب رحيم من مجلسه و توجه إليها قائلا باستنكار 


" ايه ؟؟ كل حاجه ايه الي قولتي عليها ؟؟"


تراجعت سميرة خطوتان الي الخلف فقد هالها مظهره المرعب و قالت متلعثمه 

* أاانا قولتلها ععلي حقيقه نسبها و أنها مش بنت أحمد .."

رحيم بغضب جحيمي 

" انتي اتجننتي .. ازاي تعملي كدا من غير اذني .."


سميرة برعب 

" مقدرتش اسكت بعد الي حصل النهاردة دا هنستني ايه لما يتمم جوازة منها و تحمل بحفيدك أو حفيدتك !"


رحيم بحدة 

" لا طبعا علي جثتي يحصل الكلام دا .. بنت زهرة دي آخر واحدة في الدنيا هسمح أنها تبقي أم احفادي .. و لازم تكون عارفه الكلام دا كويس " 


-" ماهي خلاص عرفت .."


هكذا تحدثت كاميليا التي فتحت باب الغرفه بعد أن وصل إلي مسامعها كل حرف تفوها به و قد شعرت بأن العالم كله بملئ إتساعه غير قادر علي إحتوائها بتلك اللحظه فقد كان ألمها لا يوصف لو ظلت تحكيه لمئه عام و قد تجلي ذلك في نبرة صوتها المختنقه و ملامحها المتألمه التي شحبت حتي يظن من رآها بأنها فقدت كل معالم الحياة و لكن ذلك لم يجعل رحيم يشفق عليها و الذي تفاجئ من وجودها في البدايه و لكنه سرعان ما تغلب علي صدمته و قال بجمود 


" تبقي وفرتي علي نفسك و عليا كلام كتير مالوش لازمه .."


كاميليا بقهر 

" عشان كدا مكنتش بتحبني .. و لا مرة خدتني في حضنك و طبطبت عليا .. انت عمرك ما بصيت في وشي .. يمكن حتي متبقاش حافظ ملامحي .. انا كنت بقعد أسأل نفسي كتير ليه بتعاملني كدا بس دلوقتي عرفت .. "


لاول مرة تحرك ذلك الحجر الذي يقبع علي يساره الما لحديثها و حزنها الكبير و لكنه تجاهل كل ذلك قائلا بفظاظه

" و ياتري بعد ما عرفتي ناويه تعملي ايه ؟؟"


لم تجب عليه لسببين أولهما أنها صدقا لم تكن تعلم الاجابه و السبب الثاني و الاهم هيا صدمتها في جبروت ذلك الرجل الذي لم يشفق و لا مرة واحده علي يُتمها و عذابها فأخذت تطالعه بانكسار و ألم و لم تُسعفها الكلمات لتجيبه فتابع هو بفظاظه

" ناويه تبقي انانيه و تفضلي مكمله معاه و تأذيه زي ما امك آذت ابني زمان ؟؟"


شعرت بألم طحن عظامها لحظه نطقه بهذا السؤال الذي كانت خيراته موتان موت بدونه و موت عند معرفته حقيقه نسبها و لكنها أخيرا اختارت الموت بعيدة عنه فهو لا يستحق أن يُعاب بشئ لم يكن له ذنب به فقالت بقهر 


" انا عمري ما هقدر أأذيه أبدا .!"


بااااااااك 


انتهت كاميليا من سردها لتلك اللحظات المؤلمه التي عاشت بها كل مشاعر الحزن بهذا العالم و اختتمت حديثها ناظرة إلي عيناه التي كادت أن تخرج من مكانها من هول ما سمع و خاصتا جملتها الأخيرة التي كانت كالسهم الذي صوب الي منتصف قلبه 


" طول عمرك بتقولي متخليش حد يكسرني بيكي و عشان كدا هربت ! اختارت اني ابقي في نظرك واحده جبانه و غير جديرة بيك و لا انك تشوفني كدا .. كنت عارفه أن محدش هيزعل علي فراقي و كنت عارفه أن كرامتك هتقف بينك و بين قلبك لما تقرا جوابي و عمرك ما هتدور عليا.. انا هربت عشان محدش يكسرك بيا والله .. كنت عارفه انهم مش هيترددوا ثانيه أنها يفضحوا سري و يقولولك اني بنت.."


قاطعها يوسف واضعا إصبعه فوق شفتيها يمنعها من نطق تلك الكلمه المؤلمه و قام بتطويقها بأصفاد ذراعيه بقوة كادت أن تكسر عظامها و هو يقول بألم 

" اوعي تقولي الكلمه دي علي نفسك ابدا .."


عانقته بكل ما تمتلك من قوة متجاهله الم جسدها فقد كان ألم القلب يفوقه بمراحل و تحدثت من بين دموعها

" غصب عني مشيت .. و مخدتش معايا حاجه غير ريحتك و صورتك بس .. مكنتش عايزة اكتر منهم يصبروني عالحياه في بعدك …"


افرج أخيرا عن دموعه التي حبسها كثيرا فقد تخطي ألمه لأجلها حدود العقل فكيف لقلب مثلها و في مثل هذا السن قادر علي إحتمال كل هذا الألم ؟؟ كيف لحبيبته الصغيرة و البريئه أن تحتمل كل هذا العذاب وحدها ؟؟ كيف احتملت قسوته و تعذيبه لها بعد ان أعادها قسرا الي جُحر الأفاعي بيديه .؟؟ كانت كل هذه التساؤلات تنهش بقلبه قبل عقله و قد اختلطت دموعه بدموعها و لاول مرة يفقد قدرته علي السيطرة علي نفسه فقط كل ما يراه و يشعر به هو ألمها الهائل وانتفاضة جسدها بين ذراعيه ..


ظلا علي هذه الحاله لوقت غير معلوم حتي هداطأ هو ثم بعد فترة هدأ نجيبها و عاد انتظام تنفسها فقام بفك حصاره حولها و وضع إصبعه تحت ذقنها لينظر الي عيناها و هو يقول بأسف صادق

" حقك عليا !! انا اسف اني مكنتش جمبك و حميتك منهم و من شرهم. .. حقك عليا اني سبتك اليوم دا و مفضلتش معاكي .. بس مكنتش أتخيل أن حقدهم يوصل للدرجادي ..حقك عليا علي كل حاجه وحشه عشتيها بعيد عني .. لو فضلت اعتذرلك عمري كله مش هيكفي ."


امتدت يداها تحتوي خديه بين كفيها و هيا تناظره بحب قائله بلهجة مبحوحه من فرط البكاء

" انا الي أسفه اني حطيتك في الموقف دا .. أسفه اني مكنتش جديرة بيك و بحبك و باسمك بس دا غصب عني والله .."


قاطعها يوسف قائلا باستنكار 

" كاميليا ايه الي انتي بتقوليه دا ؟؟"


كاميليا و قد اتخذت قرارها 

" بقول الحقيقه يا يوسف و الي لازم تحطها قدام عنيك .. انا منفعكش .. منفعش اكون ام لولادك .. متفكرش فينا بس .. فكر فيهم هتقبل حد يعاير ولادك بنسب امهم زي مانا طول عمري بتعاير . !"

غضب يوسف بشدة من حديثها و قال بحدة 

" كاميليا في حاجات كتير لازم تعرفيها و أولها اني عمري ما هبعد عنك مهما حصل .."


قاطعته كاميليا بوضع يدها فوق شفتيه قائلا برجاء

" ارجوك يا يوسف متكملش و تصعبها عليا اكتر من كدا.."


نظر إليها يوسف بصدمه سرعان ماتداركها قائلا باستفهام 

" تقصدي ايه ؟؟"


كانت الكلمات تخرج من بين شفتيها كخروج شجرة شوك من بين لفائف الصوف تمزق كل ما تمر به هكذا كان حالها و هيا تنطق تلك الكلمات 

" احنا لازم نطلق .."


نظر إليها يوسف لوهله غير مصدق بما تفوهت به ثم سرعان ما غلي الدم بعروقه و انتفض من مكانه صارخا بها 


" نطلق انتي اكيد اتجننتي .."


كاميليا بحزن 

" أبدا انا متجننتش انا لأول مرة يواجه قدري بدل ما اهرب منه .."

يوسف بإستنكار 


" و هيا دي المواجهه من وجهه نظرك و قال أنا طول عمري بقولك واجهي واجهي.. 

 دلوقتي بس ندمت علي كلامي دا و بقولك ياريتك ما واجهتي و خليتك نايمه مخمودة احسن ما تصحي عشان تقوليلي الكلمتين دول .."


كاميليا بنبرة أشبه بالتوسل

" ارجوك تهدي يا يوسف .. القرار دا مش سهل عليا أخده دا اصعب حتي من الموقف الي مريت بيه .. بس صدقني مش هقدر .. احنا خلاص وصلنا للنهايه الي انا كنت مرعوبه منها .. و مفيش اي حل غير اننا ننفصل.."


قالت كلماتها الأخيرة بألم امتزج بدموع عيناها التي كانت تتوسل إليه بألا يعذبها أكثر و لكنها فجأة توسعت عيناها عندما وجدته يقوم بفك ازرار قميصه من الاعلي و يقوم بثني اكمامه و هو يقول بوعيد 


" اممممم .. ننفصل.. قولتيلي.."


كاميليا بخوف مما يفعله و تلك اللهجه المتوعدة و النظرات الغامضه 

" ايه يا يوسف انت هتعمل ايه ؟؟"


يوسف بهدوء و هو يقترب منها 

" أبدا هعرفك بس انك متقدريش تبعدي عني لحظه واحده .. و بعدها هربيكي عالكلمه الي كل شويه تقوليها دي .."


انهي كلماته تزامنا مع امتداد يداه لضمها إليه بعنف حتي أنها شهقت شهقه قويه ابتلعها بجوفه عندما انقضت شفتاه تلتهم شفتاها في قبله قويه عنيفه أخذ يعمقها أكثر فأكثر و كانت يداه تمارس فنون العشق و العبث باحترافية فوق جسدها الخائن الذي أعلن إستسلامه إليه بكل ما أوتي من عشق فكيف يمكن أن تقاوم رجل يحتل كل خليه من خلاياها يملكها قلبا و روحا و جسدا تجاوب جسدها مع عنفه بجنون راق له كثيرا فصار يزيل كل ما يعوقه عنها حتي محي جميع الحواجز بينهم و أشعل براكين العشق بجسدها ثم نظر إلي عيناها قائلا من بين قبلاته 

" تقدري تبعدي عني ؟؟"


كاميليا بصوت مبحوح من فرط الإثارة 

" مقدرش اعيش لحظه واحدة من غيرك .."


" لسه عيزاني اطلقك !"

" اوعي تفكر تعملها .."


يوسف بهدوء 

" بس انا هعملها يا كاميليا !"


شعرت كاميليا بدلو من الماء المثلج سقط فوق رأسها لدي سماعها كلماته التي تزامنت من إنشقاقه عنها فشعرت بالبرد القارص يغزو جسدها الذي تجمد من فعلته فصارت تتابعه و هو يرتدي ملابسه بهدوء تمام ينافي جنونه معها منذ قليل و بعد إنتهائه نظر إليها قائلا بفظاظه


" جهزي نفسك عشان هنخرج دلوقتي عندنا مشوار مهم.. و بعد المشوار دا هطلقك .. انتي عندك حق احنا معدش ينفع نكون مع بعض .." 


خيم الذهول علي ملامحها من هول الصاعقه التي تفوه بها حتي أنها لم تشعر بوصوله عند باب الغرفه فكانت مصدومه و كأنها فقدت القدرة علي الحديث و لكن حدته اخرجتها من شرودها عندما قال 

" كاميليا فوقي .. في فستان اسود في الدولاب عندك قومي البسيه عشان هنمشي نروح البيت دلوقتي .."


خرج بعد أن صفق الباب تاركها خلفه تعاني الأمرين فقد رفضها منذ دقائق بعد أن ألقي بوجهها ضعفها أمامه و عشقها الصريح له .. رفضها ! تلك الكلمه التي مزقتها من الداخل فكل ما حدث لها و مرت به لم يكن ثقيلا عليها مثل تلك الكلمه فلأجلها هربت و هربت و هربت و بالنهاية رأتها بعينها منذ دقائق و لم يجعله هذا يشفق عليها بل و الأدهي من ذلك سوف يأخذها الي هذا المنزل مرة ثانيه دون مراعاة لشعورها و ما حدث آخر مرة ..


متي تحجر قلبه بتلك الطريقه فقد كان منذ دقائق يبكي و يعتذر لها عن كل ما حدث و كان يبثها عشقه و حنانه ماذا حدث ليتحول الي ذلك الكائن المتحجر القلب ؟؟ 

لاول مرة بحياته لا يبالي بحزنها بل قتلها بكلماته الباردة دون أن ينظر خلفه ..

أخرجها من شرودها ذلك الطرق علي الباب فوجدته ينظر إليها قائلا بغضب 

" انتي لسه ملبستيش .؟"


ارتبكت كاميليا و نظرت إليه بتيه فقد كانت تحاول استيعاب ما يحدث ثم تحركت بغير هدي في الغرفه تنظر حولها و هيا تقول بشرود و تلعثم 


" حااا.. حاضر ..ث ثانيه واحده "

اخيرا وجدت طريقها للمرحاض و قامت بتغيير ثوبها ثم خرجت لتجده يطالعها بإهتمام قائلا بلهجة مستفهمه 


" انتي كويسه .؟؟"


كانت كاميليا علي حالها من الشرود و التوهان و كان عقلها لم يستوعب ما يحدث فبدت كأنها كالمنومه مغناطيسيا فأجابته بشرود 

" اه .."


لعن يوسف بداخله فهو قد قسي عليها كثيرا و لكن هيا من أجبرته علي ذلك و لكن مظهرها الان لا يبشر بالخير . اجلسها يوسف بالكرسي المجاور له ثم توجه الي كرسي السائق و قام بقيادة السيارة بسرعه كبيرة و لاول مرة لا ترهبها سرعته في القيادة فقد كانت تنظر إلي النافذة بشرود اقلقه فعندما اقتربوا من القصر أوقف السيارة و نظر إليها قائلا بلهجه حانيه

" كاميليا انا عارف ان الموضوع هيكون صعب عليكي … بس متقلقيش .. انا موجود …"


قاطعته كاميليا بهدوء

" انت هتطلقني صح ؟؟"


اغضبه سؤالها كثيرا فهاهي للمرة الثانيه في غضون ساعات تتحدث عن ذلك الموضوع فانتفض كبرياؤه الجريح و قال بتصميم


" هطلقك يا كاميليا.."


التفتت إلي الجهه الأخري و قالت بصوت لا حياه به


" مش مهم عندي اي حاجه تانيه !"

و قد كانت تلك هيا الحقيقه المؤلمه التي تراها امام عيناها هو طلاقها منه فاي شئ بعد هذا ليس بالمهم و في تلك اللحظه تمنت بأن يتوقف قلبها عن العمل و تنتهي حياتها البائسه تلك 


أوقف يوسف السيارة أمام باب القصر و نظر إليها قائلا بجمود

" يالا .."


لم يتلقي اجابه من شفتيها و إنما إيماءة بسيطه من رأسها جعلته يترجل من السيارة و قام بمد يده لينزلها فنظرت إليه بعتب قاس و صريح ثم تجاهلت يده الممدودة إليها و نزلت بهدوء ناظرة الي هذا القصر الذي لاطالما كانت تكرهه و تمنت بأن لا تعود إليه يوما و عند هذه الخاطرة استعادت جزءا من وعيها جعلها ترمش عدة مرات و تبلل حلقها الذي جف و بدأت شفتيها بالإرتعاش و كان هذا يحدث تحت أنظاره المتألمه فامتدت يداه طوقت كتفيها في محاوله صامته منه لبثها بعض الأمان و لكنها فاجأته كالعادة و قامت بانزال يده قائله بلهجة هادئه منخفضه 

" انا كويسه .. يالا ندخل .."


هز رأسه بموافقته و قد تصاعد الغضب بداخله من رفضها بأن يلمسها و أشار لها لتتقدمه فسارت أمامه بخطوات بطيئه و قد شعرت بأنها علي وشك الاغماء و لكنها قاومت ذلك بصعوبه بالغه و لاول مرة بحياتها لا تستجيب لعقلها الذي يأمرها بالانسحاب في تلك الدوامه التي تبتلعها دوما ولكنها قررت بأنها ستواجه حتي النهايه معلنه لهم جميعا عما تحمله بداخلها من ألم و عذاب ..


سارا الي الداخل فوصل إليهم اصوات الجميع المنبعثه من غرفه الصالون فتوقفت كاميليا لدقيقه تأخذ نفسا طويلا قبل أن تشعر بصوته خلفها قائلا بلهجة حانيه يتخللها الصرامه

" ارفعي راسك و اوعي توطيها أبدا .. و متخافيش انا في ضهرك .. يالا بينا .."


بالرغم من ألمها منه و لكن كلماته أعادت إليها شيئا من الطمأنينة و القوة التي جعلتها تتقدم الي الداخل فما أن خطت خطوة الي الغرفه حتي التفتت إليها جميع عيون الحاضرين منها فرحه و منها شامته و آخري غامضه ..

كان أول المرحبين بها هيا صفيه التي اندفعت تجاهها تأخذها بين أحضانها في عناق صادق محب كانت بحاجه اليه و خاصتا عندما قالت صفيه بحب 


" حمد لله علي سلامتك يا حبيبتي.. نورتي بيتك .."

ابتسامه شاحبه ارتسمت علي ملامحها تلاها هزة بسيطه من رأسها فاندفعت روفان تعانقها بفرح و هيا تقول بسعادة 


" حبيبتي يا كامي الف سلامه عليكي أخيرا جيتي .."

كاميليا بهدوء 

" الله يسلمك.."


نظر يوسف إلي صفيه و روفان نظرة ذات معني فرجعت كلا منهما الي مكانها و تحدث بلهجه صارمه 

" نيفين !"


ارتعبت كاميليا من لهجته و أيضا عندما نطق اسم تلك الحيه التي تحركت من مكانها ناظرة إليها بنظرات غامضه لم تستطع كاميليا تفسيرها ثم و أخيرا نطقت قائله بجمود 

" انا أسفه .."


طالعتهت كاميليا بشك و لم تجب اكتفت بإيماءة بسيطه لتهز نيفين رأسها و ترجع الي مكانها بلامبالاه غريبه عنها كثيرا ..

فاجأتها يد يوسف التي أمسكت بذراعها قائلا بلهجة ماكرة 


" روحي اقعدي هناك و حطي رجل علي رجل اتفرجي علي حقك و هو بييجي .."


طالعته كاميليا بعدم فهم و لكنه أشار لها بنظراته الي حيث مكانها فذهبت إليه لتجلس علي الكرسي تنظر إليه بعدم فهم ليطالعها بنظرات مطمئنه سرعان ما تحولت إلي جامدة و هو يطالع البقيه قائلا بفظاظه

" طبعا كلكوا مستغربين انا جامعكوا هنا ليه .. بس متقلقوش مش هتستنوا كتير هقولكوا علي كل حاجه لما جدي ينزل .."


" انا هنا يا يوسف ..!"


كانت تلك الكلمات الهادئه لرحيم الذي كان يستند علي عصاه و من يراه يشعر بأنه قد كبر مائه عام فوجهه كان يحمل هموما كالجبال و قد انطفأت عينيه و وهن جسده كثيرا .

ظلت كاميليا تطالعه باندهاش لم تفصح عنه ملامحها و لكن توسعت عيناها من نظرته الحانيه التي ألقاها عليها حتي ظنت أنها كانت تتوهم ..


" كلنا هنا متجمعين عشان نحط النقط علي الحروف .. و عشان كل واحد يعرف ايه مكانه في البيت دا .. "


القي يوسف كلماته ناظرا الي نيفين و سميرة التي ارتبكت من مغزي حديثه فطالعها بسخريه قائلا 

" طبعا سميرة هانم مرات عمي الي مش عاحبها دي هيا اول واحده كانت المفروض اترمت من البيت دا من زمان .."


توترت الأجواء من حديث يوسف الفظ و نظراته المحتقرة لسميرة التي هبت من مكانه قائله بحدة


" انا مسمحلكش يا يوسف .. ولا عشان عمك مات خلاص هتبهدل فيا بالشكل دا .."


ابتسم يوسف ساخرا و قال باستنكار

" علي أساس أن عمي لو كان موجود كان هيدافع عنك اصلا .. عمي لو كان هنا كان زمانه دفنك حيه علي خيانتك ليه ؟؟"


جحظت أعين جميع الموجودين من حديث يوسف و اتهامه الصريح لسميرة التي ارتبكت لثوان و سرعان ما تداركت الموقف و قالت بغضب مفتعل 

" يوسف .. لحد هنا و كفايه انا مسمحلكش تتهمني إتهام زي دا .."


كان يوسف يتوقع رد فعلها هذا فلم يبد عليه الاندهاش بل ظل ثابتا يطالعها بنظرات محتقرة و قام بالقاء قنبلته الثانيه بنفس الهدوء الذي فجر به الأولي و نظر إلي أدهم الذي كانت تعبيراته لا تختلف كثيرا عن تعبيرات يوسف الذي قال بهدوء


" ما تشغلنا فيلم حلو كدا يا أدهم نتفرج عليه كلنا .."


استجاب أدهم الي حديث يوسف و قام بوضع فلاشه في التلفاز و ضغط عدة ازرار و انتظر ثوان لتظهر فجأة صورة نيفين و سميرة تقتحم غرفتها بعنف 


( مشهد من الفصل التاسع و الثلاثون )


قائله

واطيه و خسيسه .."

لم تفق نيفين من أمر صفعتها حتي امسكتها سميرة من خصلات شعرها و هيا تقول بغل 

" بقي انا يا كلبه بتبعيني و تروحي تقولي ليوسف اني السبب في هروب كاميليا .. بتكسبيه علي قفايا يا سافله .."

نفضت نيفين شعرها من يد سميرة و هيا تقول بغضب 

" ابعدي عني أنا مقولتش حاجه لحد .. انتي اتجننتي .."

سميرة بحقد و غضب 

" اتجننت عشان حاويت حيه زيك في ببيتي .. بس لا انا مش هقع لوحدي دانا هخسف بيكي الارض قبل ما تفكري توقعيني .."

نيفين بغضب 

" انتي بتهدديني !"


سميرة بسخريه 

" لا يا عنيا انا مش بهدد انت بنفذ علي طول .. و مادام انتي فاردة جناحاتك اوي كدا انا بقي هقصقصهملك .."


قهقهت نيفين ساخرة و قالت بتخابث 

و لا هتقدري تعمليلي اي حاجه ..كلمه واحده مني لرحيم الحسيني هخليه يطيرك علي طول .. و يا سلام بقي لو عرف انك انتي الي عملتلي في ابنه الوحيد كدا انتي و عشيقك طبعا .."

جحظت عين سميرة من حديث نيفين و للحظه استرجعت كل الأحداث السابقه لتشهق قائلا بزهول 


" انتي الي قولتي لمراد علي مكاني ..!"


نيفين بشماته 

" مش بالظبط يعني أنا رميت الطعم و هو بلعه يعني تقدري تقولي كدا اديته طرف الخيط ! "


استعادت سميرة وعيها و أوشكت بالهجوم مرة ثانيه علي نيفين و هيا تصرخ بغضب 

" اه يا كلبه يا واطيه ..والله لهقتلك و اشرب من دمك ."

أمسكت نيفين بيدها و هيا تقول بسخريه 

" اهدي اهدي .. الانفعال وحش عشانك .. انتي دلوقتي المفروض تقعدي تفكري هتقولي ايه لمراد الحسيني لما يفوق و يقرر يقتلك علي خيانتك له .. ماهو مش معقول يعني هيسيب واحدة خاينه زيك كدا علي ذمته "


سميرة بشماته و قد استعادت بعضا من هدوئها

" لا دانا هفكر في حاجه احسن و احسن .. تفتكري ايه رد فعله لما يعرف انك اصلا مش بنته !"


لم تتغير ملامح نيفين و كأنها كانت تتوقع حديثها بل زادت ابتسامتها حتي وصلت لقهقهات متتاليه مما أدى الي زهول سميرة و خاصة عندما تحدثت نيفين قائله 


" ايه اتفاجأتي أن انا عارفه ! لا دانتي اتعودي بقي عشان انا عارفه حاجات كتير اوي ! و أولهم سر كاميليا الي خلاها تهرب و تسيب البيت و تمشي !" 


كان الزهول يخيم علي ملامح سميرة التي قالت بعدم تصديق 


" أيه ؟!"

نيفين بملل 

" انتي سمعتيني كويس .. و مش دا موضوعنا .. انا هعرض عليكي ديل حلو انتي اسكتي عن حقيقه اني مش بنت مراد الحسيني و أنا هسكت عن موضوع خيانتك له و انك السبب في الي حصله .."


أخذت سميرة وقت للتفكير و إستيعاب ما تفوهت به نيفين ثم قالت بقلق 

" طب و افرضي مراد فاق ماهو هيقول علي كل حاجه ؟"


نيفين بسخريه

" لا من الناحيادي اطمني مراد خلاص في عداد الاموات .. مجرد ما تتفصل عنه الأجهزة هيبقي بح و معتقدش دي حاجه صعبه يعني .."


قالت نيفين جملتها الأخيرة بمكر فاجابتها سميرة مستفهمه

" و انت عرفتي الكلام دا منين ؟"


نيفين بخبث 

" يوسف إلي قالي .."

قطبت سميرة جبينها قائله 

" و من امتا يوسف بيحكيلك أو بيتكلم معاكي ؟؟"

نيفين بسخريه


" اه مانتي معرفتيش مش جدي العزيز وصاه و هو في العنايه المركزه أنه يتجوزني و يوسف وعده بكدا فمن دلوقتي تقدري تعتبريني مادام يوسف الحسيني .."


سميؤة بانبهار 

" انتي بتتكلمي بجد ..؟ طب و كاميليا ؟"

نيفين بملل 


" متجبليش سيرة الزفته و عموما الحوار دا ميخصنيش و يوسف هيتصرف فيه .. المهم دلوقتي روحي شوفي انتي رايحه فين عشان متأخرش علي مشواري و خليكي فاكرة إن مصلحتك معايا انا و اني ممكن ارفعك سابع سما و اقدر بردو اخسف بيكي سابع ارض .."

طالعتها سميرة بمكر و هيا تقول 

" طبعا يا نيفو هو انا ليا غير بنتي حبيبتي .!" 


انتهي المشهد و قام أدهم بإطفاء التلفاز عن طريق جهاز التحكم وسط شهقات الإستنكار و الذهول التي خرجت من الجميع و أولهم كانت كاميليا و التي كانت و كأنها تشاهد فيلم سينمائي غير قادرة علي تصديق ما حدث و كذلك صفيه و روفان التان خيم الصمت علي كليهما للحظات قبل أن تقول روفان بعدم تصديق 


" معقول نيفين مش بنت عمو مراد … طب ازاي حصل الكلام دا ؟؟"


تحدث يوسف قائلا بشماته 

" ها يا سميرة تحكي انتي و لا احكي انا ؟"


نظرت سميرة إليه بعدم تصديق و قد شعرت بأن كل أحلامها تحطمت دفعه واحده فوق رأسها و بأنه لا مجال لقول الحقيقه فسقطت علي الكرسي خلفها قائلا بانكسار

" لما جيتلك هنا و قولت لرحيم بيه اني حامل من مراد كنت فعلا حامل .. بس بنتي ماتت يوم الولادة و لما الدكتور قالي اتجننت و اترعبت لا مراد يرميني في الشارع لما يعرف … فقعدت اترجي الدكتور أنه يساعدني و قولتله بيتي هيتخرب و مستعده ادفعله كل الي هو عايزة بس ميقولش أن بنتي ماتت و يجبلي اي طفله تانيه تبقي مكانها و فعلا كان في واحده جايه تولد بنتها في نفس معاد ولادتي و الدكتور ولد البنتين و أداها البنت الميته علي أنها بنتها و هيا مكنش عندها مانع عشان كانت عايزة تتخلص من الحمل اصلا بس ربنا ما أردش .. وخدت انا البنت الي كانت عايشه الي هيا نيفين .."


تقدم يوسف من نيفين يطالعها باحتقار و هو يقول بحنق 


" وقفتي هنا و مسكتي كاميليا و رمتيها عالأرض و انتي بتقولي انها بنت حرام بس الي متعرفهوش بقي ان انتي الي طلعتي بنت حرام و أن اهلك ما صدقوا الدكتور عرض عليهم العرض دا عشان يرموكي و يخلصوا من عارك …"


صعقت نيفين من هول ما يحدث أمامها فهي لم تتخيل باحلامها أن ينفضح أمرها بهذا الشكل و تدور الدائرة لتسقي من نفس الكأس الذي كانت تسقي منه كاميليا طوال هذا الوقت فظلت تنظر حولها لتطالعها نظرات الاحتقار و الشماته من كل جانب و التقت عيناها بعين كاميليا التي للحظه اشفقت عليها فهيا تعلم ما تعانيه و لكن سرعان ما تحولت شفقتها الي صدمه و ذهول من حديث يوسف الذي تابع قائلا بانتصار  

" ايه اتصدمتي طب خدي القنبله دي بقي .. الي قولتي عليها بنت حرام دي تبقي هيا البنت الحقيقيه لمراد الحسيني .."

الفصل الثاني والاربعون من هنا


تعليقات



×