رواية لا تترك يدي الفصل الرابع والاربعون 44 والاخير بقلم هند رفاعي


 رواية لا تترك يدي الفصل الرابع والاربعون والاخير

جلس خالد أمام شاشة الحاسوب وهو مترقب. جلست مريم بجواره على السرير وفي حجرها عباءة تطرزها. سألت زوجها دون أن ترفع رأسها عما تفعله.
"أيه الأخبار يا خالد؟ لسة الموقع واقع؟"
زفر خالد بضيق وأجابها.
"لسة يا مريم.انا قاعد القعدة ده من بعد ما صليت العشاء والساعة بقت واحدة ولسة مش راضي يفتح."
"إن شاء الله خير ما تقلقش."
"يا رب يا مريم. نفسي قوي أنجح."
"إن شاء الله. هتنجح وتدخل الكلية كمان اللي نفسك فيها."
لوى خالد فمه وضحك بسخرية وقال.
"كلية أيه يا مريم. أنا نسيت حوار الكلية ده من يوم الحادثة. يا رب بس أنجح. عاوز أخلص من المدرسة ده علشان أقدر أثبت جوازنا. الشهور بتعدي وأنا مش عاوزك تولدي من غير ما يكون في أيدينا قسيمة."
لفت مريم بجسدها تجاهه ووضعت يدها على خده وجذبته إليها ونظرت في عينيه وقالت.
"إن شاء الله هتنجح وتثبت جوازنا وكمان هتدخل الكلية. أنت تعبت يا خالد وربنا عمره ما يضيع تعبك."
رفع خالد يده وأخذ يدها من على وجهه وقبلها وقال.
"أنا لو نجحت السنة ده يبقى الفضل لتعبك بعد ربنا. أنت تعبت معي قوي يا مريم. أنا من غيرك كنت ضعت السنة ده. ربنا يخليك لي يا رب."
"ما تقولش كدة يا خالد. أنا لو أديك عمري كله مش هقدر أوفي لك حقك. اللي أنت عملته معي مفيش حد يعمله."
"أنا ما عملتش حاجة يا حبيبتي."
ربتت مريم على خده وقالت.
"ربنا يخليك لي يا حبيبي ويقدرني على رد جمايلك."
"أنا كل اللي بعمله ده واجبي مفيش جمايل بيني وبينك. أنت مراتي فاهمة يعني أيه مراتي."
"فاهمة يا حبيبي. أنت جوزي وحبيبي وعيلتي وكل حاجة في الدنيا ده كلها."
عدل خالد في ياقته الوهمية ورفع رأسه بكبرياء مصطنع وقال.
"أيوة يا رب بس تعرفوا قيمتنا."
ضحكت مريم وقالت.
"عارفها ومقدراها والله."
لمح خالد شاشة الحاسب وفز مندهشا وصاح.
"الموقع اشتغل يا مسهل."
غرزت مريم الأبرة في بكرة الخيط ووضعت العباءة بجانبها وبرقت في شاشة الحاسب وقالت.
"جرب كدة وإن شاء الله خير."
دقيقة ووقف خالد فوق السرير يقفز من فرحته ووقفت مريم أيضا وسألته.
"أيه يا خالد؟ نجحت؟"
"نجحت يا مريم. نجحت يا حبيبتي. نجحت نجحت نجحت."
أحتضنت مريم زوجها وهنأته.
"ألف مبروك يا حبيبي. ألف ألف مبروك."
مسك خالد كتفيها ودفعها برفق بعيدا عنه قليلاً ونظر في عينيها وقال.
"ألف مبروك لك يا حبيبتي. النجاح ده مش نجاحي أنا وبس. أنت كمان نجحت معي السنة ده."
نظرت مريم للأعلى بعيون دامعة وقالت.
"ألف مبروك نجاحنا أحنا الأتنين."
أخذ خالد بيد مريم وجلس على السرير وأجلسها بجواره وقال.
"إن شاء الله بكرة هتصل بصالح أقول له يقول للشيخ محمد يسجل القسايم خلاص. وبعد كدة أثبت في المجلس الحسبي جوازنا علشان يدوني مرتب لك أنت كمان. إن شاء الله مش هتضطري تشتغلي وتتعبي تاني."
"قولت لك كتير أني مش تعبانة. أنا بحب التطريز ومش بتعب منه خالص."
"يا مريم هو أنا مش شايف قد أيه بتسهري علشان تخلصي الشغل. كل ده غلط عليك يا حبيبتي. أنت نسيت أنك حامل في الشهر الرابع دلوقت. أنا ما وافقتش على شغلك إلا لظروفي. لكن دلوقت خلاص الحمد لله رجلي بقت كويسة دلوقت وحتى لو أحتاجنا للفلوس أنا اللي هشتغل مش أنت."
"وأنا أيه وأنت أيه يا خالد. مش أحنا واحد."
"لا يا ستي مش واحد. أنا مش حامل ولا في عيل بيكبر جوايا."
ضحكت مريم وتبعها خالد على مزحته.
* * *
"خلصت يا مريم؟ هنتأخر كدة على ميعاد الدكتورة."
خرجت مريم من غرفتها وهي تشبك حجابها بإحكام وقالت.
"خلاص أهه يا خالد. هلبس الجزمة وخلاص."
أرتدت مريم حذاءها وخرجت هي وزوجها من الباب. ركبا المصعد ونزلا للدور الأرضي. توجهت مريم لخارج العمارة ولاحظت خالد يتوجه لباب جراج العمارة. تبعته مريم وسألته.
"أنت رايح فين؟ مش بتقول متأخرين؟ تعالى نوقف تاكسي بسرعة."
ألتفت خالد لها وأبتسم وقال.
"مش محتاجين تاكسي."
رفعت مريم حاجبها وسألته.
"أمال هنروح أزاي؟ لسة هنستنى الأتوبيس؟"
مسك خالد بيدها ودخل الجراج وقال.
"ولا هنروح مواصلات. هنروح بعربيتنا."
أتسعت حدقتي مريم وقالت.
"عربيتنا أزاي؟ هو إحنا عندنا عربية؟"
توقف خالد أمام سيارة وأشار لمريم عليها وقال.
"ده عربيتنا."
نظرت مريم للسيارة وفغرت فاهها من الدهشة وسألته.
"ده عربيتنا؟ طيب أزاي وجيبتها أمتى؟"
لف خالد وفتح السيارة لمريم لتدخلها. دخل خالد السيارة وجلس خلف المقود. ألتفت لمريم أجابها.
"ده يا ستي كانت عربية بابا الله يرحمه. كانت مركونة هنا في الجراج من يوم ما مات. أنا من شهرين بعتها للميكانيكي علشان يظبطها. والحمد لله دلوقت بقت زي الفل."
لفت مريم بجسدها وهي جالسة بجواره وسألته.
"طيب أنت بتعرف تسوق؟"
أبتسم خالد وأجابها.
"لا ما بعرفش. قاعد هنا بس علشان أتصور."
غضبت مريم لسخريته منها وقالت.
"بجد يا خالد. أنت بتعرف تسوق ولا أيه؟"
"يا ستي أنا طول الشهر اللي فات مش كنت بنزل كل يوم. كنت روحت مدرسة للسواقة وأتعلمت السواقة والنهاردة أستلمت الرخصة كمان."
"يعني كنت بتضحك علي لما كنت بتقول خارج تخلص ورق؟"
"لا يا ستي ما كنتش بضحك عليك. كنت فعلا بخلص ورقي في المجلس الحسبي. وكمان تقديم التنسيق. وفي نفس الوقت عملت أجراءات الرخصة. أيه أنت مش فرحانة ولا أيه أننا عندنا عربية."
"لا طبعا يا حبيبي فرحانة. لكن أنا بس خايفة عليك من السواقة."
"ربنا يسترها ما تقلقيش. دلوقت بجد أحنا أتأخرنا على الدكتورة. بلاش كلام خالص دلوقت علشان أركز في السواقة. أنا لسة جديد ومش عاوز أي لخمة."
وضعت مريم كفها على فمها ونظرت للأمام وقالت.
"خلاص أنا هسكت خالص أهه. ربنا يستر ونوصل على خير."
أبتسم خالد وأدار مفتاح السيارة وبدأ التحرك. وصلا لعيادة الطبيبة المتابعة لحالة مريم. بعد فترة الإنتظار دخلا للطبيبة. تمعنت في تقارير التحاليل التي أحضرتها مريم ثم رفعت رأسها ونظرت لهما ووضعت نظارتها على المكتب وقالت.
"الحمد لله كل التحاليل كويسة. أخبار معدتك أيه دلوقت؟"
"الحمد لله يا دكتورة ما بقتش تتعبني زي الأول."
"طيب كويس. تعالي علشان أعمل لك السونار."
"حاضر."
توجهت مريم خلف الستار ونامت على السرير ودثرها خالد بالملاءة ثم نادى على الطبيبة. أقتربت الطبيبة منهما وتنحى خالد ليعطيها المجال لتفحص زوجته. أقترب من رأس مريم ومسك بيدها.
وضعت الطبيبة مادة هلامية على بطن مريم ثم مررت ذراع الجهاز عليها. ظهرت صور غامضة على الشاشة الصغيرة. أشارت الطبيبة على جسم مبهم وأخبرتهما أنه جنينهما. سمعا نبض قلبه ورقصت الفرحة في أعينهما.
ضغط خالد على يد مريم ونظرت له وجدت عينيه يتلألأ فيهما الدمع من فرط السعادة. أتسعت إبتسامتها لرؤية الفخر والحب جليان على وجه زوجها. قطع حديثهما الصامت صوت الطبيبة وهي تخبرهما أن الجنين ذكر. في هذه اللحظة لم يقوى خالد على إحتواء فرحته فإنفرجت أسارير وجهه وسأل الطبيبة.
"نعم؟ حضرتك قولت أيه؟"
"قولت أنها حامل في ولد."
نظر خالد لمريم ورأى الدموع تنهمر من عينيها فمسح بيده على خدها وهمس لها.
"مبروك."
أنهت الطبيبة الفحص وذهبت لمكتبها. عاون خالد زوجته في إرتداء ملابسها وإحكامها. جلسا الأثنان أمام الطبيبة وسألها خالد.
"خير يا دكتورة؟ أيه الأخبار؟"
"الحمد لله كله تمام. وزن الجنين وحجمه كويس. تحاليلها كمان كويسة. أنا هكتب لها على شوية أدوية وفيتامينات تاخدها. وتجي لي إن شاء الله بعد شهرين أطمن عليها وعلى الجنين."
"إن شاء الله. متشكرة قوي يا دكتورة."
ناولت الطبيبة خالد التقارير والوصفة الطبية. وقف خالد ومريم وشكراها وخرجا من العيادة.
* * *
مسحت مريم دموع فريدة بيدها الصغيرة وقالت.
"خلاص بقى يا ماما. كفاية عياط."
أنتشقت فريدة ونظرت لمريم وقالت.
"مش عارفة هعمل أيه من غيركم. هرجع أعيش لوحدي تاني."
خرج خالد من غرفته حاملا حقيبتي سفر ووضعهما بجانب باب الشقة وجلس بجوار فريدة ومريم على الكنبة. حاوط فريدة بذراعه ومسح بيده الأخرى على خدها وقال.
"يا طنط أسيوط مش بعيدة. إن شاء الله في الأجازة هجيب مريم علشان تولد هنا. ويا ريت لو تيجي أنت برضه تزورينا كل شوية."
ألتفتت فريدة لخالد وقالت.
"بس يا خالد برضه هقعد لوحدي."
رفعت مريم رأسها من على كتف فريدة وقالت.
"ما أنت مش راضية تيجي معنا. مش كنت تيجي تعيشي معنا أحسن."
"صعب يا مريم. أسيب بيتي ودنيتي هنا وأروح أعيش في بلد غريبة أزاي؟"
"عادي زي الناس. ما احنا رايحين نعيش في مكان برضه غريب عننا. هنعمل أيه مش كلية خالد اللي جت هناك في المنيا. يرضيك يعني أني أسيبه يعيش هناك في مدينة جامعية لوحده."
"لا طبعا يا حبيبتي ما يرضينيش. ربنا ما يحرمكم من بعض ابدا ولا يفرقكم عن بعض أبدا."
سند خالد ومريم رأسهما على كتفي فريدة وقالا معا.
"ربنا ما يحرمنا منك أبدا."
حاوطتهما فريدة بذراعيها وقالت.
"ولا يحرمني منكم يا حبايبي."
وقف خالد وقال.
"قومي يا مريم. يا دوب نلحق القطر."
أنسحبت مريم من حضن فريدة ووقفت هي وفريدة. ودعتهما فريدة ودعت ربها لسلامتهما. حمل خالد حقائبهما وخرج هو وزوجته ليواجها مرحلة جديدة في حياتهما مليئة بالتحديات والصعوبات.
* * *
وصل خالد ومريم لشقته في محافظة أسيوط. فقد تركها صالح وزوجته بعدما أكتمل بناء منزلهما على أرض خالد. دخلا الشقة وجدا أحلام زوجة صالح قامت بتنظيف الشقة وإعداد طعام لهما. تناولا الطعام وناما إستعدادا لليوم التالي أول أيام الدراسة لخالد في الجامعة.
ذهب خالد لفندق اللوتس بعدما عاد من الكلية وباشر عمله في الفندق. فقد ساعده المحامي على جمع أدلة تثبت إختلاس وإهمال المدير السابق للفندق. أشترط خالد والمحامي على المدير الجديد تواجد خالد الدائم في الفندق وإطلاعه على كل أمور الفندق.
ذهب خالد ومريم للبلد ومكثا في المنزل الذي بناه صالح لهما. فرحا جدا بالمنزل وبدأ خالد ومريم بإختيار الأثاث لمنزلهما الجديد. زارا معا صالح وأمه سعاد بعد وفاة إبنها هشام الذي تبع ابنه بعدة أيام قليلة. آلت كل الأموال والممتلكات التي حرصت عليها سعاد طوال حياتها ليد لصالح وأخيه بكر مرة ثانية بعد وفاة هشام. حتى إرث سعاد من إبنها لم تشعر به بعدما ذهب عقلها تماما حزنا على إبنها.
أستقرت حياة مريم وخالد في أسيوط. خالد يومه مقسم بين الفندق والكلية ومريم وقتها كله للمنزل وأعماله وإعداد ملابس لطفلها القادم ومذاكرة مواد خالد لتلخيصها وشرحها له لعدم قدرته على حضور أغلب المحاضرات وإنشغاله بالفندق.
أعتادت السيدة فريدة على زيارتهما مرة كل شهر. وأتفقا على أن الشهر التالي سيسافر خالد ومريم لها لدخول مريم الشهر التاسع من حملها وإنتهاء خالد من إمتحانات نصف العام الأول. جلست مريم وخالد يراجعان معا أخر مادة له ليلة إمتحانه. رأت مريم خالد يبتسم فسألته.
"بتضحك على أيه؟ ما تركز شوية."
نظر خالد للورق المنثور أمامهم على المكتب وقال.
"ما أنا مركز أهه."
"أمال بتضحك ليه؟"
رفع خالد رأسه ونظر للأمام لبرهة ثم ألتفت لمريم وقال.
"الدنيا ده غريبة قوي يا مريم."
"أشمعنى؟"
"شوفي سبحان الله. حسام دبر الحادثة قبل إمتحاناتي علشان يضيع مستقبلي. وانا فعلا أول لما فوقت بعد الحرق تخيلت السنة خلاص ضاعت علي. لكن الحمد لله وبفضل الله وبعده فضلك نجحت ومش بس كدة. لا أنا أنجح بدرجات يا دوب تدخلني كلية هنا في المنيا. وما أدخلش جامعة حلوان في مصر. علشان نيجي هنا نعيش هنا وأشتغل في الفندق هنا وأعرف في الإدارة اللي عمري ما كنت هعرفه من مجرد الدراسة. لولا الحادثة كان زماني هضيع أربع سنين من عمري من غير أي خبرة في إدارة الفنادق."
"سبحان الله يا خالد. وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ. مش ربنا اللي قال كدة. أنت على طول بتقول أن ربنا دايما يختار لنا الخير. أديك شوفت بنفسك أهه."
"فعلا سبحان الله."
فجأة مسكت مريم بطنها وظهرت علامات الألم على وجهها سألها زوجها بلهفة.
"مريم أنت تعبانة؟"
نظرت له مريم وأبتسمت وقالت.
"لا يا حبيبي مفيش حاجة."
أقترب منها خالد وحاوطها بذراعه وقال.
"لو تعبانة أدخلي ريحي أنت وأنا هكمل مذاكرة لوحدي."
"لا أبدا مش تعبانة خالص. ولا أنت عاوزني أقوم أنام علشان أنت تطنش وتدخل تنام من غير ما تخلص."
"يا سلام. بجد أدخلي أنت ريحي وأنا هكمل. أنت تعبانة من الصبح في تجهيز الشنط."
"بطل تضيع وقت وكمل مذاكرة. أنا مش تعبانة."
"ماشي يا ستي."
أستكملا مذاكرة وبعد ساعتين دخلا غرفتهما ليناما. نام خالد ولكن مريم لم تسطع النوم من شدة الألم. أنسحبت بهدوء من جانب خالد حتى لا توقظه وخرجت للصالة. ظلت مريم مستيقظة طوال الليل بسبب طلق الولادة. بعد الفجر أيقظت زوجها لينزل يصلي الفجر كعادته في الجامع وأعدت له الإفطار. حاولت بكل ما تستطيع إخفاء ألمها عنه حتى لا تشغله عن إمتحانه. جلس خالد بجوارها على مائدة الطعام ولاحظ عدم أكلها فسألها بإهتمام.
"مريم مش بتاكلي ليه؟"
"مش جعانة يا خالد."
"حبيبتي أنت مش عجباني من إمبارح. أنت تعبانة؟"
"يا خالد عادي ما أنت عارف من أول الشهر التاسع وأنا تعبانة."
"بس يا مريم تعبك الليلة ده زيادة. تيجي نروح المستشفى."
"لا مستشفى أيه. مفيش حاجة. أنت بس روح إمتحانك وما تقلقش علي."
"طيب بلاش نسافر النهاردة. ولما أرجع من الإمتحان إن شاء الله نروح المستشفى."
"ما تقلقش علي خالص. بعد ما تمشي أنت أنا هرتاح شوية. وربنا ييسر ما تقلقش."
"ماشي لكن لو بعد الإمتحان لاقيتك لسة تعبانة مش هسمع كلامك وهنروح المستشفى. أحنا ما ينفعش نسافر خالص النهاردة."
أبتسمت مريم إبتسامة ضعيفة وقالت.
"إن شاء الله. ما تقلقش."
أنتهى خالد من فطاره وأرتدى ملابسه وغادر المنزل. دخلت مريم غرفتها ولبست عبايتها وحجابها. أخذت حقيبتها وفتحت باب الشقة وقبل أن تنزل السلم توقفت من شدة الألم وصرخت تستنجد بالجيران.
"ألحقوني. يا ناس أنا بولد ولوحدي. ألحقوني يا ناس."
سمعت جارتها صراخها وخرجت مسرعة. وجدت مريم جالسة على درجات السلم ومياه تسري تحتها. دخلت جارتها وأحضرت زوجها وأصطحبا مريم للمستشفى. أتصلت مريم بأحلام وأخبرتها وطلبت منها عدم الإتصال بخالد حتى ينتهى من إمتحانه.
أنتهى خالد من إمتحانه وفتح محموله ليتصل ويطمئن على زوجته. فقد شغله القلق عليها وعلى صحتها طوال فترة إمتحانه. قبل أن يضغط على زر الإتصال رن هاتفه بإتصال من صالح إبن عمه. عقد خالد حاجبيه وتلقى الإتصال.
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أنت فين يا خالد؟"
رف قلب خالد لنبرة القلق في صوت إبن عمه وأجابه.
"أنا في الكلية يا دوب مخلص إمتحان. في أيه يا صالح؟"
"مفيش حاجة خالص. مرتك ولدت وهي في المستشفى دلوقت."
أخرج خالد مفاتيح سيارته وجرى لموقف السيارات وقال.
"أيه؟ مريم ولدت. أنا جي حالا."
أنهى خالد الإتصال ودخل سيارته وقاد بسرعة للمستشفى. بعد ساعة ونصف وصل للمستشى وجري على غرفة مريم التي أخبره عنها صالح. دخل الغرفة وتوقفت قدماه عندما رأى زوجته وهي نائمة. تلفت حوله ووجد أحلام جالسة على كرسي وعلى حجرها طفل رضيع. أقترب منها وقدماه ترتعشان وقال بصوت مهزوز.
"هو ده إبني؟"
رفعت أحلام رأسها له وأبتسمت وأجابته.
"أيوة يا خالد إبنك."
رفعت أحلام الطفل لخالد فعاد خطوتين للوراء وهز رأسه نافيا وقال.
"لا أنا هوقعه. مش هعرف أشيله."
ضحكت أحلام ووقفت وقالت.
"أقعد وأنا هحطه على رجلك."
جلس خالد على حرف السرير وأقتربت أحلام ووضعت الرضيع على ذراعي خالد. أبتسم خالد لوليده وقبل رأسه. رفع خالد رأسه وسأل أحلام.
"هي مريم طلعت من العمليات أمتى؟"
"من ساعتين. تعبت قوي في الولادة. يا دوب نايمة من ساعة."
"أنا كنت حاسس بها من إمبارح تعبانة. وكل ما أسألها هي تقاوح وتقول مفيش حاجة."
"كانت رافضة تقول لك علشان إمتحانك."
"بتهرج. إمتحان إيه اللي تولد في صمت علشانه."
ضحكت أحلام وسألته.
"تولد في صمت؟"
"ما هي بتهرج بجد. بقول لك هو صالح فين؟"
"خرج يشرب شاي من شوية."
ألتفتا الإثنين للباب عند سماع طرق عليه قال خالد.
"أدخل."
دخل صالح وهنأ إبن عمه على وليده.
"مبارك يا ولد عمي. ربنا يبارك لك فيه."
"الله يبارك فيك يا صالح. أنا مش عارف لو ما كنتوش مع مريم كان حصل أيه. شكرا خالص يا صالح."
"ما تقولش كدة يا ولد عمي......"
قطع كلامهما صوت تأوهات مريم. نظر خالد لأحلام وسلم لها رضيعه. وقف وأقترب من مريم وسألها.
"حمد الله على سلامتك يا حبيبتي."
فتحت مريم عيونها ونظرت لزوجها وقالت بصوت خافت.
"أنت هنا يا خالد. شوفت ابننا."
أبتسم خالد لها وقال.
"أيوة شوفته. زي القمر زيك."
توردت وجنتي مريم ونظرت لصالح وأحلام. همست أحلام في أذن زوجها فأستأذن وخرجا من الغرفة وتركا مريم وخالد بمفردهما. جلس خالد على حرف السرير بجوار زوجته وملس على خدها وسألها.
"لسة تعبانة؟"
"شوية. الحمد لله دلوقت أحسن بكتير من الصبح."
رفع خالد حاجبه ونظر لها بجانب عينيه وقال.
"بقى يا هانم تبقي موجوعة من إمبارح وما تقوليش. وكل ما أسألك تقولي مفيش حاجة. وبعدين تطلعي بتولدي؟"
"ما يا خالد أنت عليك إمتحان وما حبتش أقلقك."
نظر لها بغضب وقال.
"ما يغور الإمتحان. يعني لو كان جرى لك حاجة ولا للولد."
جفلت مريم لنبرة صوته وقالت.
"أنا أسفة يا حبيبي. أنا خوفت على إمتحانك."
رق خالد لرؤية دموعها ومسح دمعها من على خدها وقال.
"أنا مش هتكلم ولا أخانق دلوقت علشان أنت تعبانة. لكن أنت غلطانة يا مريم. لو كان جرى لك حاجة أو للولد أنا كنت هاعمل أيه؟ أنا من غيرك ولا حاجة."
"ربنا ما يحرمني منك أبدا."
"ولا يحرمني منك."
سمعا الإثنان صوت بكاء إبنهما. سند خالد زوجته لتجلس. مدت مريم يدها وقالت.
"ناوله لي يا خالد."
"أنا خايف أشيله."
أبتسمت مريم وقالت.
"سمي بالله يا خالد وهات الولد. ما تقلقش مش هتوقعه."
سمى خالد بالله وحمل إبنه. قرب أذن وليده اليمنى من فمه وأذن فيها وأقام الصلاة في أذنه اليسرى. ثم ناوله لزوجته. أخذته منه مريم وبدأت ترضعه.
"هتسميه أيه؟"
"إن شاء الله هسميه محمد." نظر لرضيعه وقال.
"محمد خالد محمود قناوي."
أبتسمت مريم وقالت.
"أسمه جميل. كان نفسي أسميه عمر على اسم أخويا الله يرحمه."
"خلاص نخليه عمر. عمر خالد محمود. حلو برضه."
"لا مدام أنت قولت محمد الأول يبقى خلاص محمد. حتى ده أسم الرسول صلى الله عليه وسلم."
"ماشي يا ستي. ده محمد وإن شاء الله أخوه بعد كدة يبقى عمر."
"بعد العلقة اللي أخدتها النهاردة أعتقد مش هخلف تاني أبدا."
أبتسم خالد وقال.
"لما نشوف." 
انتظرونا في الجزء الثاني

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1