رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل التاسع والاربعون 49 بقلم منال سالم


 رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل التاسع والاربعون

جلست تهاني على عتبة باب المنزل وهي تنتحب بصوت مكتوم ، وفركت ركبتيها المتآلمتين من أثر سقوطها بعد أن عادت خائبة الرجــــاء وفشلت في مقابلة ابنها ..
ظلت تصدر أنيناً خافتاً ، وتلوم بنفسها بشدة عن تفريطها في حقها في الظفر بإبنها قائلة بندم :
-يا ريتني ما سبته يمشي من هنا ! آآآه .. !

إستمعت إلى صوت تأوهاتها الجـــارة إجلال ، وفتحت باب منزلها لتقف إلى جوارها وتردف قائلة بقلق :
-خشي بيتك ياختي ، مالهاش لازمة الأعدة كده 

تنهدت بحســــرة ، وهزت رأسها للجانبين في إستنكار ، وردت عليه بنشيج :
-أخش إزاي وأنا قلبي واكلني على كل اللي بأحبهم ؟!

مطت شفتيها ، واجابتها بهدوء قائلة :
-ده نصيب ، ومقدر ومكتوب !

لطمت على فخذيها وهي تندب قائلة بصوت مختنق :
-آآآآه .. يا مين يعترني فيهم 

ربتت إجلال على كتفها في حنو ، وأردفت قائلة بنبرة مواسية :
-إن شــاء الله تلاقيهم ، خشي بس جوا ، واقعدي جمب أختك ، كفاية اللي هي فيه ، هتلاحق على بنتها ولا جوزها 

أطرقت رأسها في خزي ، وأضافت بصوت منكسر :
-آآآه ، ده أنا عيني منها في الأرض ، ابني السبب في اللي جرى لبنتها 

تابعت إجلال حديثها بهدوء بـ :
-هو إنتي كنتي عارفة إن ده هايحصل ، ربنا رايد

رفعت تهاني عينيها الدامعتين للسمـــــاء ، وهتفت قائلة بصوت باكي :
-يا رب مـــد في عمري لحد ما أصلح اللي فات كله ، يا رب !

إبتسمت لها إجلال إبتسامة باهتة ، وهتفت قائلة بنبرة متفائلة 
-إن شــاء الله ، ارمي همومك على ربنا ، وعليه التدبير وجبر الخواطر ، قومي يالا 
 
نهضت تهاني بتثاقل من على الدرج ، وإستندت بيدها على الدرابزون لتعتدل في وقفتها ، ثم قرعت لها إجلال الجرس ، لتفتح لها فردوس الباب بعد لحظات ..
لم تنطق الأخيرة بكلمة ، ولكنها رمقت أختها بنظرات ساخطة وتحمل العتاب.. ثم أولتها ظهرها ، وولجت للداخل 
ربتت إجلال على ظهر تهاني ، وهمست لها :
-معلش اعذريها ، وربنا يهدي سركم 

وبالفعل دلفت تهاني للداخل ، وأغلقت الباب خلفها بعد أن شكرت جارتهاعلى مواقفها الطيبة معها ...
......................................

في قصر عائلة الجندي ،،،،،

عـــــاد مهاب إلى القصر بعد أن إرتكب جريمته النكـــراء وهو بـــارد الملامح ، جامد المشاعر ، لا يبدو عليه أنه تأثر بما فعله .. 
ورغم هذا لم ينكر أنه خشي لوهلة أن يكون قد رأه شخص ما ، أو سقط منه سهواً ما قد يدينه لاحقاً ...

في حين وقفت نــاريمان وهي تعض على أناملها من الخوف الشديد في شرفة غرفتها ، وترقبت وصـــوله على أحـــر من الجمر ..
وما إن لمحته يلج للقصـــر حتى تنفست الصعداء ، ودلفت إلى غرفتها .. وظلت تجوبها ذهاباً وإياباً وهي تحدث نفسها بقلق بـ :
-هايكون عمل ايه ؟ أووف، أعصابي مش مستحملة أي قلق خالص !

حـــاولت أن تتنفس بعمق لتسيطر على إضطرابها البادي بوضوح علىكل تصرفاتها ، ولم تنجح في هذا .. 
فالفضول يقتلها لمعرفة ما حدث ..
بعد أقل من دقائق معدودة ، ولج مهـــاب إلى داخـــل الغرفة ووجهه متجهم للغاية ، ورمقها بنظرات ساخطة ، ولم ينبس بكلمة ، وإتجه نحو التسريحة ليضع متعلقاته عليها ..

ســـارت نحوه ، ونظرت إليه بتفحص ، وسألته بتلهف :
-ها ، عملت ايه ؟

أجابها بنبرة جـــافة وهو ينزع رابطة عنقه :
-يهمك تعرفي أوي ؟!

ردت عليه دون تردد بـ :
-أكيد 
ثم تنحنحت بحرج ، وهتفت قائلة بتلعثم :
-أقصد يعني عاوزة أطمن عليك !

إلتفت برأســـه نحوها ليرمقها بنظراته المهينة قبل أن ينطق بنزق :
-واضح فعلاً إنك هاتموتي وتعرفي عشيقك جراله ايه !

إتسعت حدقتيها في خـــوف ، وسألته بإرتباك جلي :
-هو .. آآ... إنت قتلته ؟

أجابها ببرود مستفز وهو عابس الوجــه :
-بكرة هاتعرفي من الجرايد 

وضعت يدها على كتفه ، ورمشت بعينيها وهي تســـأله بتلهف قلق :
-مهاب ، بليز قولي ، أنا مش هافضل كده لحد بكرة !

لــــوى فمه في تأفف ، ونظر لها بإحتقــــار ، ثم أزاح يدها ، وإتجه نحو المرحـــاض ..
ابتلعت هي ريقها، وهتفت قائلة بذعــــر :
-أنا بقيت بأخــاف منك ، ومن سكوتك ده 

إستدار بجسده فجـــأة ، وسلط أنظاره الحادة عليها قائلاً بشراسة :
-لازم تخافي يا ناريمان ، لأن حسابك جاي قريب 

فغرت فمها مصدومة وهي تنظر له بهلع :
-ايييه ؟

أجابها بقســــاوة أشـــد وهو يحدجها بنظرات أكثر إهانة :
-زي ما سمعتي ، وأنا معنتش في صفك زي زمـــان ، وابقي خلي حبيب القلب ينفعك !

وقفت في مكانها مشدوهـــــة ، عاجزة عن التفكير فيما سيحدث لها على يد زوجها بعد أن تأكدت من معرفته بخيانتها .. 
.....................................

في منزل الجـــــارة حكمت ،،،،

تثاءبت حكمت بصوت شبه مسموع وهي تتمطع بذراعيها في إرهـــاق بعد أن جلست لفترة في الشرفة في إنتظــــار عودة ابنتها رحمـــة .. 
مطت فمها للجانب ، وأردفت قائلة بضيق - وهي تشرأب بعنقها محاولة التدقيق في أوجـــه المارة ، ورؤية مدخل الحـــارة :
-برضوه البت بتمشي اللي في دماغها ، وبترجع متأخر ، مش قـــادرة تصبر لحد ما نسيب المخروبة دي ونإب على وش الدنيا وتعمل اللي هي عاوزاه ..! 

ثم تنهدت في تعب ، وأضافت قائلة بصوت ناعس :
-بوريه منك بِت ! آآآخ ياني !

تثاءبت لأكثر من مـــرة ، وبدأ رأسها يتثاقل ، وتغفو في مكانها ، فهتفت قائلة بإنهـــاك :
-أنا أقوم أفرد جتتي شوية لحد ما تجي بدل ما جسمي قفش في بعضه !

ثم توجهت عــــائدة إلى الداخل وهي غير مدركة لما حدث مع فلذة كبدتها الوحيدة ..

....................................

في منزل ممدوح الجديد ،،،،

حضر رجــــال الشرطة والمباحث الجنائية ومعهم وكيل النيابة إلى منزل ممدوح ، وتم إبعـــاد جميع السكان عن مسرح الجريمة لكي يقوم المتخصصون بإتمام عملهم ..

تبـــادل الجيران أحاديث حــادة وجارحة عن سلوكيات ممدوح المشينة ، وتناثرت الأقاويل حول تردد بعض العاهرات والمشبوهات إلى منزله من آن لأخـــر .. 
وبدأ الضباط في تسجيل أقوالهم بعد الإستماع لشهادتهم .. 

كذلك ســــرد حارس البناية لوكيل النيابة مــــا رأه خلال نوبة عمله ، وكيف أن صاحب المنزل مشهور بالعلاقات النسائية المتعددة ..

وعلى الجانب الأخـــر ، جلس ممدوح القرفصـــاء في إحدى زوايا غرفة الإستقبال وهو يحـــاول إستيعاب ما حدث .. 
وقف قبالته ضابط الشرطة ، ورمقه بنظرات مهينة ، وهتف قائلاً بصوت جـــاد :
-البس هدومك عشان تيجي معانا 

رفـــع ممدوح رأســــه للأعلى ، ونظر له بإندهاش وهو يجيبه بصوت محتشرج :
-أنا .. أنا معملتش كده ، أنا خرجت من الحمام لاقيتها مقتولة 

لم يحدْ الضابط بنظراته المحتقرة عنه ، وتابع قائلاً بجمود :
-الكلام ده هيتقال في القسم ، في محضر رسمي ، دي جريمة قتل يا .. يا دكتور ، لأ ومع واحدة شمـــال ! يعني فيها آداب كمان ! 

ابتلع ممدوح ريقه بتوتر شديد ، وتشدق قائلاً بصوت متقطع :
-بس آآ...

قاطعه الضابط بصرامة بـ :
-يالا ، ولا تحب ناخدك كده !!!!!

أطــــرق ممدوح رأســـه في خزي ، فقد كان لا يزال خصره ملتفاً بالمنشفة القطنية ، فنهض بحذر من على الأرضية .. وســار بصحبة الضابط في إتجاه غرفه نومه ليحضر ما يستر به سوءته ! 

.....................................

في صباح اليوم التالي ،،،،

في منزل تقى عوض الله ،،،،

نهضت فردوس من على الأريكة وعضلاتها تأن من تيبسها بسبب نومتها لساعات على نفس الوضعية .. 
فركت وجهها بكفيها ، ونظرت إلى زوجها المريض بحزن ، وحدثت نفسها بضيق بـ :
-إتكتب علينا الغلب من يومنا يا عوض ، مابنلحقش نفرح ! آآآه ياني ! 

ثم سمعت صوت صافرة سيارة الشرطة يصدح في الخـــارج ، فإنقبض قلبها ، وركضت مسرعة في إتجــــاه الشرفة لترى ما الذي يحدث وهي تحدث نفسها بخوف :
-استر يا رب ، البوليس جاي ليه ؟!

تأملت بنظرات متفحصة - من شرفتها القديمة - حفنة العساكر وهو يترجلون من السيارة ويدلفون إلى مدخل البناية ، فإزداد خفقان قلبها ، وعبوس وجهها ، وحدثت نفسها بتوجس وهي تلطم على صدرها :
-لاحسن يكونوا جايبنلي خبر البت ! يادي النصيبة ! 

ثم ســــارت بخطوات راكضة في إتجاه باب منزلها ، وفتحته ، ووقفت على عتبته ، وإنتظرت صعودهم بتوتر رهيب ...

وبالفعل مـــر العساكر عند طابقها ، فهتفت قائلة بخــوف :
-في ايه يا شاويش ؟

نظر لها أحدهم بنظرات جادة ، وهتف بصوت صـــارم :
-خشي بيتك يا ست ! 

فغرت فمها في تعجب بـ :
-هـــاه ، أخش !

ثم تنفست بإرتياح حينما وجدتهم يصعدون للطابق العلوي ، وهتفت قائلة بخفوت :
-الحمدلله ، مافيش نصيبة تانية !

ثم ضيقت عينيها بإستغراب ، وقطبت جبينها وهي تتسائل بفضول :
-بس .. بس هما جايين هنا ليه ؟
.............................

في منزل الجــــارة حكمت ،،،

أفاقت حكمت من نومها العميق على صـــوت دقـــات قوية على باب منزلها ، فإنتفضت مذعورة في فراشها .. 
ودعكت عينيها بإنهاك ، وحدثت نفسها قائلة بضجر :
-إيه الرقع ( الخبط ) اللي على الصبح ده ! يا باي ، هاتهدوا الباب !!

ثم نهضت بتثاقل من عليه ، وســـارت بخطوات بطيئة في إتجاه باب منزلها وهي تهتف بصوت مسموع ومنزعج :
-بالراحة يا اللي على الباب ، ايه  هي الدنيا اتهدت  ؟!

ثم قـــامت بفتحه لتتفاجيء ببعض العساكر يقفون أمـــام منزلها ، ففغرت فمها مدهوشة وهي تسألهم بقلق :
-في ايه ؟

هتف أحدهم قائلاً بصوت جـــاد :
-ده بيت المدعوة رحمـــة ! 

قطبت جبينها ، ونظرت له بتمعن وهي تجيبه بصوت شبه منفعل ك
-أيوه ، أنا أمها 

أضــــاف قائلاً بجمود وهو يشير بيده :
-طيب اتفضلي على القسم ، البيه وكيل النيابة عاوزك 

ابتلعت ريقها بتوتر ، وسألته متوجسة :
-خير يا شاويش ؟ هو .. هو حصل ايه بالظبط ؟

أجابها بإقتضاب وهو بـــارد الملامح :
-معرفش !

هزت رأسها في إمتثال لأوامـــره ، وقالت بهدوء :
-طيب ، هاغير وأحصلك 

تابع هو قائلاً بصوت قاتم :
-أوام يا ست ، إحنا مستنينك تحت !

أغلقت هي الباب ، ثم إتجهت نحو غرفتها ، وهي تســأل نفسها بفضول :
-يا ترى عاوزني ليه في القسم ؟! 

...................................

في مخفر الشــــرطة ،،،

قضى ممدوح ليلته خلف قضبان الحجز البــــاردة وهو جالس بمفرده في إحدى الزوايا المظلمة يعتصر عقله بشـــدة محاولاً الوصـــول إلى تفاصيل حدوث تلك الجريمة النكراء في منزله دون أن ينتبه له ..
فكـــر كثيراً في كيفية حدوثها ، ودار في رأسه عشرات من الأسئلة ، أهمها هو كيف تسلل القاتل إلى منزله ومغافلته إياه لينقض على رحمة ويقتلها ببرود دون أن يدرك هو هذا ..
عجز عن الوصـــول إلى إجابة مقنعة أو حتى مرضية ، فهناك حلقة مفقودة في تلك المســألة ..
وإزدادت شكوكه حول كونها مكيدة مدبرة للإيقــــاع به ، والتخلص منه نهائياً ..
قطع تفكيره المشحون صوت قاتم يأتي من بعيد بـ :
-انت يا متهم ! تعالى ، وكيل النيابة عاوزك

نهض من مكانه ، ووجهه جامد التعبيرات ، وســار بهدوء مريب في إتجاهه .....
.....................

وفي مكتب أخـــر بالمخفر ،،،

تعالت صراخـــــات حكمت عالياً بعد أن علمت بخبر مقتل إبنتها الوحيدة ،فلم يخطر ببالها أن تصحو على تلك الفاجعة ، وأن تخسرها ببساطة ..
 إعتصر قلبها بشدة لفقدانها ، وزاد عويلها وهياجها ، فنهض الضابط من مقعده وصــاح بها :
-اهدي يا ست ، امسكي نفسك شوية 

هزت رأسها بعصبية مفرطة ، وتشنجت في مكانها وهي تضيف بصراخ أشــــد :
-بنتي ، قتلوها لييييييه ، هاعيش لمين بعدك ، آآآآآآآآآآآآآه ، عملتي ايه يا بنتي عشان يغدروا بيكي ، بنتي ! آآآآآآآآآآه .. هاتولي بنتي ، يا لهوووووووي !!!!

أشــــار الضابط للعسكري الواقف بالخـــارج قائلاً بصرامة :
-روح يا عسكري هاتلها مياه ، الست ماستحملتش الخبر 

تابعت هي عويلها ولطمت على صدغيها بعنف وهي تبكي بحرقة :
-آآآآآآه ، قتلوكي يا بنت بطني في عز شبابك ، روحتي هـــدر يا كبدي ، آآآآآآآآآآه ....!!!
 
أشــــار لها الضابط بكفه وهو يقول بحذر :
-اهدي يا ست شوية ، واسمعي !

هزت رأسها في إتراض ، وصرخت بعويل :
-أنا عاوزة بنتي، هاتولي بنتي ، آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ، بنتي !!!!

ظلت تبكي بحرقة ومـــرارة ، ففقدانها لم يكن بالأمـــر الهين عليها .. 
وما زاد من فجيعتها ، هو معرفتها بأنها قتلت وهي في وضـــع مخل ومسيء إليها .. 
شهقت بصدمــــة ، ولطمت على رأسها وهي تتحسر عليها قائلة :
-موتي خاطية يا بنت بطني ، موتي وإنتي كده ، آآآآآه ، لا طولتي دنيا ، ولا أخـــرة ، آآآآآآآآآآآه 

إحتقن وجهها بشدة وهي تلوم نفسها بقسوة على دفع إبنتها نحو طريق الخطيئة من أجـــل الربح المادي ، فخسرتها للأبد :
تأوهت بأنين مختنق وهي تتابع بـ :
-كنتي فين قبل ما اليوم ده يحصل ، الموت خدك في لحظة يا غالية ، آآآآآآآآآآه !!!!

......................................

في المقر الرئيسي لشركـــــات الجندي للصلب ،،،،

فاجيء أوس الجميع وحضــر إلى مقر شركته في وقت مبكر للغاية قبل أن يحضر حتى موظفيه .. 
ثم بتركيز شديد طالع بعض الأوراق الهامة ، ثم إنتهى من توقيعها  ، فجمعتهم السكرتيرة الخاصة به على الفور ، وأضافت قائلة بهدوء :
-تمام كده يا فندم 

أرجع ظهره للخلف ، وألقى بقلمه الحبر الذهبي على سطح مكتبه ، ثم أشـــار له بطرف إصبعه وهو يرمقها بنظراته الجامدة قائلاً بجدية :
-اوكي ، اتفضلي انتي !

إبتسمت له إبتسامة خفيفة وهي تهز رأسها بهدوء ، ثم أولته ظهرها ، وســارت بخطوات سريعة وثابتة خـــارج مكتبه ...

أغمـــض أوس عينيه ليتذكر تلك اللحظة السعيدة العابرة التي حدثت له قبل أن يتوجه لعمله ..
........................

◘◘◘ أغلق أوس صنبور الإستحمام بعد أن إغتسل بمياه ساخنة للغاية لكي يرخي عضلاته المتشنجة قليلاً .. 
لف خصره بالمنشفة ، وجفف شعره بمنشفة صغيرة ، ثم خـــرج من المرحـــاض لينظر إلى تقى الغافلة نظرات مطـــولة متأملاً سكونها الإجباري .. 
تنهد في إرتيـــاح لأنها أصبحت معه الآن ، وفي عهدته .. 
عقد ساعديه أمـــام صدره ، وإستند بظهره على باب المرحــاض 
وتقوس فمه بإبتسامة صغيرة .. ثم همس قائلاً بحرارة وهو يدقق النظر في تعابير وجهها  :
-تقــى !

وكــأنها إستجابت لهمسه ، فإبتسمت له قليلاُ ، وإنفرجت بعدها شفتيها للأسفل ..
رمش بعينيه غير مصدقاً ما حدث للتو ، وأرخى ساعديه في عدم تصديق ، واقترب منها ، وجثى على ركبتيه أمـــام الفراش ، ثم مــد يده ومسح بنعومة على وجنتها ، وأردف قائلاً بتلهف :
-تقى .. سمعاني ، تقى ! إنتي .. إنتي ضحكيتلي صح ؟! 

لم تجبه ، بل ظلت على وضعيتها الهادئة .. فتنهد بعمق ، ثم رفع رأسه ليقبل جبينها ، وتابع قائلاً بخفوت :
-المهم إنك معايا الوقتي 

مســد على رأسها ، ثم إعتدل في وقفته ، وإتجه نحو خزانة الملابس لينتقي ما سيرتديه قبل أن يتوجه لعمله .... ◘◘◘ 

..............................

عقد عدي ما بين حاجبيه بإندهــــاش وهو يرى رفيقه أوس شـــارداً ، ومرسوم على ثغره إبتسامة غريبة لم يعهدها فيه من قبل ، ففغر فمه مشدوهاً ، وهتف قائلاً بصوت مرتفع :
-لا بجد أنا مش مصدق ، أوس الجندي بجلالة قدره بيضحك ! 

إنتبه الأخير له ، وإنتصب في جلسته ، وتلاشت إبتسامته ، وسأله بصوت جـــاد وهو يضيق عينيه بحدة :
-عدي ! إنت هنا من إمتى ؟! 

إبتسم له عدي إبتسامة عريضة ، وهتف قائلاً بمزاح : 
-من سنة يمكن ! 

قطب أوس جبينه ، وتنحنح بصوت خشن ، ثم قـــال بصوت جامد :
-مش وقت هزار ، قولي إيه أخبار ليان معاك ؟

أخــذ عدي نفساً مطولاً ، وزفره على عجالة ، وأجابه بصوت شبه حزين :
-وديتها المستشفى ، ده أحسن حل ليها الفترة الجاية 

مط أوس فمه وهو يضيف قائلاً بهدوء :
-تمام ، هما هيتعاملوا معاها كويس

هـــز عدي رأسه موافقاً ، وتابع بصوت هاديء :
-أهــا ، عامة أهي فرصة برضوه أظبط حاجات في الشركة هنا بدل ما أحنا سايبن الدنيا على الأخــر !

نهض أوس عن مكتبه ، ودفع مقعده للخلف ، ثم وضع يديه في جيبي بنطــاله ، وأردف قائلاً بصوت رخيم :
-عندك حق ، أنا كمان قدامي كام ملف عن صفقات جاية مع وكلاء اجانب 

أومـــا عدي برأسه موافقاً إياه ، تشدق بـ :
-أيوه ، دول بقالهم فترة ، أنا كنت ناوي حتى أخدهم في جولة سياحية قبل ما أظبط معاهم الإتفاقيات الرسمية ، حاجة كده فوق البيعة زي ما بيقولوا !

أخــرج أوس يده من جيب بنطاله ، ووضعها على كتف عدي ، وربت عليه بقوة قائلاً بنبرة حاسمة :
-سيب الجولة دي عليا 

عقد عدي حاجبيه في إستغراب واضح ، فعادةَ أوس الجندي لا يقوم بمثل تلك الأمــــور بنفسه ، وإنمـــا يوكل بها خبراء متخصصين لضمـــان إرضــاء العملاء ، وخاصة ذوي الشــأن منهم ، واليوم هو يقرر الذهـــاب بنفسه ، فزاد هذا من غرابة الموقف  ، وتسائل بفضـــول :
-إيه ده ؟ إنت نـــاوي تسافر بنفسك ؟ غريبة !

تنهد أوس بعمق ، وأولاه ظهره ، وســــار في إتجاه الحائط الزجاجي ، ووقف قبالته .. ثم أردف قائلاً بصوت جـــاد :
-أنا محتاج السفرية دي أوي

ســـأله عدي بإستفهام أكبر وهو يرمقه بنظرات متفحصة :
-ليه ؟

أجابه هو دون تردد بـ :
-عشان تقى 

فغر عدي فمه في تعجب قائلاً :
-نعم ! تقى ! 

إستدار أوس برأسه قليلاً للجانب ، ورد عليه بصوت هاديء :
-أيوه ، هي محتاجة تغير جو

سأله عدي بمكر وهو يقترب منه متفرساً في تعبيرات وجه رفيقه :
-هي ولا إنت ؟

وضـــع أوس يده على كتف رفيقه ، ونظر له مباشرة بنظرات لامعة ، وأجابه بصوت شبه منزعج :
-إحنا الاتنين يا عدي مكدبش عليك ، عـــاوز أبعد عن كل القرف اللي هنا ، و... آآآآ

لم يكمل أوس عبارته الأخيرة حيث تفاجيء بوالده مهـــاب يقتحم عليه مكتبه في سابقة لم تحدث منذ سنوات و............................................... !!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1