رواية شط بحر الهوى الفصل الخمسون 50 بقلم سوما العربي


 رواية شط بحر الهوى الفصل الخمسون 

دلف للبيت بخطى ثقيلة و متعبه ، كل شيء مظلم من حوله ، يدفعه للدخول فى حالة من الإكتئاب و المرض.

لا يعلم إلى أين يتجه ، قدماه هي من تسوقه لعندها يفتح الباب دون إستئذان كعادته و يزيح الغطاء قليلا ليندس فى أحضانها رغما عنها و دون أن يطلب و توافق.

فزت منتفضة من نومتها فبعدما كانت تستعد للغرق في نوم عميق و قد تدثرت بغطائها و طفت الاضواء شعرت بذراع غليظه تسحبها و تلفها حتى أستلقت على ظهرها و دفن رأسه و صدره بأحضانها .

لم تكن بحاجة للتعرف عليه ، تعرف فقط من ملمس جسده على جسدها .

لكنها سألت في تخبط : في ايه يا ماجد .

زاد من دفن رأسه فى صدرها و حاول لف ذراعيه حول صدره و هو يردد: أحضنيني قوي يا فيروز ، أحضنيني .

كانت نبرة صوته أشبه بالتوسل ، توسل لم يتردد في أظهاره أمامها فقط مما جعلها تسأله بقلق شديد : مالك يا ماجد ، ايه الى حصل ؟

أغمض عيناه مرددا: أنا محتاج لك قوي ، مابقاش عندي أي حاجة حلوة غيرك ، مابقاش ليا غيرك أصلاً.

زمت شفتيها بحزن عليه و أكتفت بالصمت ، تعرف تلك الحالة جيداً ، الكلام فيها غير مجدي .

تفضل ترك له المساحة إن اراد التحدث أو آثر الصمت .

لكنه قال : تعالي نمشي يا فيروز ، و لا أهلك و لا أهلي ، نتجوز و مش مهم مين يعرف و مين ما يعرفش ، أنا زهقت ، أنا مابقتش عايز غيرك.

حاولت التحدث فقال: ما ترفضيش ، أنا عارف انك لسه زعلانه.. عارف ، بس عشان خاطري تعالي نبعد ، أنا مش عندي أستعداد أخسرك إنتي كمان.

أغمض عيناه بحزن و قد فطن جوابها المتمثل في الرفض ، لكنه فتح عيناه بصدمه حين قالت : موافقة ، بس هنعمل كده إزاى ؟

انتفض من على الفراش و نظر لها يردد بذهول: إيه ؟ بجد موافقه ؟

هزت رأسها بثبات و قالت بإبتسامة هادئة : أيوه ، بس هتعمل كده إزاى ؟

أبتسم لها بسعادة و الجنون يشع من عيناه يردد: مش مهم هعمل كده ازاى ، المهم إنك موافقه تتجوزيني يا حبيبتي.

نظر لملامحها القريبه منه و قال بجسد مقشعر : أنا بحبك قوي ، قوي يا فيروز .

لم يستطع تمالك حاله و مال عليها يقبلها بجنون وشغف و كأنه نال الفرحه بعد التعب .

صدمت من فعلته كلياً وبدأت تحاول إبعاده عنها لكنها لم يحرر شفتيها من بين شفتيه و لا جسدها من بين ذراعيه بل بدأ بفقد السيطرة على نفسه و آخر ذرة تعقل تأمره بالتراجع .

ليفتح الباب على مصرعيه و تتقدم فريال التي قالت : حلو اوي ، أثبتوا لي على الوضع ده.

شهقت فيروز بصدمه و إلتف ماجد ينظر لها بغضب مرددا : أنتي بتعملي إيه ؟

ابتسمت فريال بتشفي و قالت : بصورك يا حبيب أمك و أنت مع إلي المفروض أنها أختك في سرير واحد و في الوضع ده ، مشهد يجنن خالص .

صك أسنانه و قال من بينهما: أنتي أتجننتي يا فريال مش كده .

حاول تغطية جسد فيروز و اندفع ناحية فريال يردد: هاتي الزفت ده.

أبتعدت عنه تخبئ الهاتف خلف ظهرها ثم قالت بتحدي : تؤ تؤ تؤ ، وطي صوتك يا حبيب أمك بلاش تخليني أصوت و ألمهم عليك عشان يتفرجوا .

ماجد : بلاش تلعبي معايا يا فريال ، و بلاش تفتحي على نفسك النار.

نظرت له بغضب ثم قالت: أنت إيه الى جرا لك ، طول عمرك كنت عاقل ، و دلوقتي جاي تهد المعبد على دماغي و دماغك و كمان عايزني اتفرج و أسكت ، كل ده ليه ، ما بنات العائلات كتير و كلهم يتمنوا نظره منك عشان أنت ماجد الدهبي ، إسم الدهبي الي عايز تفرط فيه بالسهوله دي هو إلي عملك بني أدم .

تقدم منها ماجد يردد : أنا بني أدم بيهم أو من غيرهم ..

هتفت بصوت مكتوم من بين أسنانها : إشمعنى دي ، شوف واحده تنضفك و ترفعك .

صرخ فيها بصوت مكتوم هو الآخر: بحبها ، و أنا و هي زي بعض ، إحنا الأتنين بني أدمين .. بني أدمين كويسين أوي من غير إسم الدهبي ، و هنبقى أحسن و أحسن من غيره ، و الكل هيعرف إن مش إسم العيله هو الي ممكن يعمل بني أدم صح .

اقتربت منه و قالت بغل : و أنا مش هسيبك تعمل كده ، انت سامع.

شعرت بيد تبعدها عن ماجد مما جعل ماجد ينظر لها بصدمه و كذلك فريال .

فقد ظن ماجد أنها ستبقى فى الفراش تخاول الإختباء من شدة الخجل ليتفاجئ بها تزيح فريال عنه بحده ثم تقول : شيلي إيدك عنه ، و بعد كده كلامك معاه يبقى عن طريقي أنا.

أتسعت عيناه و هو يسمعها مشدوه لا يسعه إبداء أي رد فعل .

كذلك كانت فريال لكنها لم تصمت و قالت : الله الله.. أيوه كده باني على حقيقتك ، واحده غيرك كانت تبقى عايزه الأرض تنشق و تبلعها بعد ما اتمسكت في سريرها مع واحد .

ضحكت فيروز لتثير غيظ نظيرتها ثم قالت: بس يا طنط فريولا الارض مش بتنشق و تبلع حد كتير  فلو هيبقى في فرصه لده يحصل فأنا كرم أخلاق مني هسيبه ليكي أنتي.

كبت ماجد ضحكاته بينما صرخت فيها فريال : أنتي بتقولي ايه يا بتاعه أنتي ؟

تقدمت منها حتى خافت فريال بالفعل و قالت فيروز: أممممم  ، زى ما سمعتي كده ، عشان أنتي إلي عامله مصيبه مش إحنا ، تخيلي لو مصطفى الدهبي عرف بعملتك السوده و إنك بقالك فوق الاربعه و تلاتين سنه مستغفله عيله بحالها .. فكري معايا كده هتبقى نهايتك إيه ؟

بهت وجه فريال بينما أكملت فيروز بإبتسامة سمجه : هسيب لك الفيديو إلي معاكي ده لو مفرحك اوي كده ، أو...

صمتت بتلاعب ثم بدأت تلتف حولها لتزيد من توتر فريال و إدراكها أن تلك الفتاه هي جحيمها على الأرض و جاءت لتخلص منها كل ذنوب أمها.

فأبتلعت رمقها بصعوبه و قد ارتفعت دقات قلبها و هي تستمع لصوت فيروز المتلاعب حين بدأت تكمل : أو في حلول تانيه حلوه بردو ، يعني مثلاً تخدميني و تقدميه لجدو .

سألت فريال بأستنكار مبطن بالخوف : أخدمك .

وضعت فيروز يدها على كتف فريال و قالت بنبرة كلها ثقة و تحدي : أممم ، عشان تبقي قصرتي عليا المسافات ، ف أروح اقولهم أنا و ماجد كل حاجه... إن ماجد مش أبنهم بس انا بنتهم و بحبه و ناويه اتجوزوا و هو بردو ماكنش يعرف و هو الي كبر كل شغل الذهبي و له فضل كبير على العيله دي و هما كده كده بيحبوه .. أنا معاكي أنهم هيتصدموا شويه و يزعلوا شويتين بس أكيد هيسامحوه لأنه هيبقى جوز بنتهم الوحيده و الاكتر من كده ...

صمتت تذيب أعصابها ثم مالت على أذنها هامسه تكمل: أنهم هيعرفوا و يتأكدوا إنه كان حتة لحمه حمرا لا جه هنا و لا خطط ، ده انتى إلى جبتيه .

انتفضت فريال كالملسوعه تبتعد عنها فصرخت فيها فيروز أمره: أخر مره أشوفك قريبه منه أصلاً ، كفايه الى عيشتيه فيه طول عمره ، من هنا ورايح أنا موجوده و أنا إلي هقف لك .. و بصراحه أنا بتلكك لك عشان إلي عملتيه في أمي ، فاهمه يا فريال.

صمتت فريال ، فقط كانت تقف متخشبة الجسد مصدومه فصرخت فيها فيروز بكبر: أخفي من قدامى حالاً و أحسن لك حاولي ماتخلنيش أشوفك قدامي اصلاً .

لم تستطع فريال التحرك من صدمتها فصرخت فيها فيروز من جديد تأمرها : برااا .

انتفضت فريال من مكانها و تحركت تغادر سريعاً و فيروز تنظر لأثرها بإنتشاء لتلتف أثر ذراع ماجد القويه بعدما جذبها له يضمها لأحضانه ، رغم كونها هي الأنثى لكنها تدافع عنه ، لأول مرة يجرب ذلك الشعور رغم كونه مدرك و متفهم لكل ما تفوهت به فيروز و أن فريال ماعادت قادره على تهديده لكن ... شعور أن هناك من يحميك ، يدافع عنك و يتصدى لأى أذى قد يواجهك شعور رائع جدا انعش قلبه و دب فيه الروح.

كان يضم نفسه لها و كأنها أمه ،مأمنه و أمانه يغمض عينيه براحه و الكلام لن يشرح صمته مع ضمه لنفسه في أحضانها و صوت تنهيدته الحاره المتعبه كانوا أبلغ من أي كلام.

ثم قال بصوت و كأنه طفل صغير باكي : أنا وصلت لأهلي يا فيروز .

نظرت له متفاجئة و هو بدأ يسرد على مسامعها كل ما أخبره به فلاديمير و توصل هو له .

______________________

انتهت من التنعم بحمام دافئ هادي ثم بدلت ملابسها لأخرى مريحه بعض الشيء و هبطت الدرج حتى وصلت للطابق الأرضي تتجه حيث المطبخ الذى وقف هارون فيه يعد لها بعض الشطائر السريعه كما أخبرها.

توقفت  تضع يدها في خصرها و هي تسمع صوت قهقاته العاليه ، تجلى الغيظ على وجهها و بدأت تهز فى قدميها ثم تقدمت منه تقف خلفه قائله بصوت عالي: جعانه عايزه أكل .

أبتسم له و وضع يده على رأسها يغرز أصابع كفه فى فروة شعرها يداعبها و هو يبتسم لها بحنان لتردد مره اخرى بحده: قولت لك جعانه .

نظر لها بأستنكار و أشار لها بمعنى ( ثانيه واحده) لكنها زادت من هز قدميها و بدأت تدب بهما الأرض و هي تقول : لأ مش هستنى .

أستغرب كثيراً ردت فعلها و حاول إنهاء المكالمه و هو يقول للطرف الآخر : طيب ماعلش هكلِمك وقت تاني و كمان أنتي ظبطي و كمليني . .. أوكي.. باي .

أغلق الهاتف و قال مستغرباً: ايه يا حبيبتي خلصتي دش ؟
نظرت له بحقد و قالت : أيوه.. كنت بتكلم مين .

هارون: دي الأسيستانت بتاعتي ، ما أنتي عارفاها .

ضيقت غنوة عيناها تصك شفتيها و هي تتذكر مساعدته مايا ذات التنانير القصيره و قالت من بين أسنانها : أيوه عارفاها ... ايه بقا كانت بتقولوا بيضحك كده و يشغلك عني.

أبتسم بتلاعب و بدأ يقترب منها يردد : دي غيره دي ؟

لكزته في صدره بغيظ و قالت : لأ طبعاً.

إلتفت توليه ظهرها و بدأت تغرس السكين فى الخبز الفرنسي كأنها تغرسها في قلب أحدهم و هي تردد : أنا مؤمنه جدا بحرية الشريك ، و لازم كل واحد ياخد حريته و مساحته الشخصيه .

دقت الفرحه قلبه و أبتسم بسعاده بينما يقترب منها و يحاول أخذ السكين و هو يردد : واضح يا حبيبتي ، سيبي السكينه بوظتي العيش .

نهرته بحده : أبعد عني 

فهمس لها: ما أقدرش .

طوق خصرها بيديه يردد بهمس في أذنها : ما أنتي عارفه إنك روحي و النفس إلي بتنفسه .

ضربته بكوع ساعدها في معدته ثم قالت : قولت لك أبعد عني بدل ما اخلي السكينه دي تعلم على رقبتك.

تأوه متألماً ثم حاول تمالك نفسه و قال متأوهاً : ايدك تقلت أوي يا حبيبتي.

نظرت له بطرف عيناها و مازال الغضب و الغيره مسيطران عليها فتابع مبتسماً : و بعدين عايزه تقتليني ؟ أهون عليكي يا غنوتي .

ضحكت رغماً عنها و قالت : إنت هتمثل ، يعني هي أول مره.

ضحك هو الآخر على تلك الكوميديا السوداء التي تحيط حياتهم  

ثم قال : في دي بصراحه عندك حق ، طلعتي قتالة قتلا ، الواحد خايف على الولاد لا يطلعوا شبهك .

نظرت له مستغربة و سألت : ولاد مين ؟

هارون : ولادنا يا روحي و لا لا تكوني مش ناوية تخلفي مني .

تنهدت بتعب قائله : هو انا عارفه اتجوزك حتى عشان ابقى أجيب عيال ، ده انا هطلع دلوقتي أنام عشان عندي شغل الصبح أد كده .

أسبل جفناه بتعب يتنهد و فتحهم من جديد ثم قال بعدم رضا: هو هيبقى كل يوم و لا إيه ، أنا جبت أخرى.

قضمت قطعه من الخياره التي بيدها و قالت بتشفي : عشان تبقى تتفق عليا أوي ، شوفت ، من حفر لأخيه حفرة وقع فيها.. تستاهل.

ضيق عيناه بغيظ و بدأ يقترب منها قائلا: ده على أساس إنك ملاك ، سبيني ساكت، أنتي المفروض دلوقتي تكوني على طبلية عشماوي .

حمحمت تجلي صوتها و هي تضع يدها على رقبتها و كأنها اختنقت من السيره فقط ليكمل هو متلاعباً بينما يداه امتدت متلاعبه تحاول إختراق منامتها يردد : حفرة إيه و أخيه إيه.. إنتي بالذات مااااينفعش تبقي أخيه خالص .. خالص يعني .

شعرت بيداه قد نجحت فى أختراق منامتها و بدأت تصل لأماكن خطره فابتعدت سريعاً تردد : أنت قليل الأدب.

قهقه عالياً و هو يراها تفر من أمامه تصعد الدرج فقال: استني عندك رايحه فين.

جاوبت بحسم و قد وصلت لنهاية السلم : مستحيل أستنى  في نفس المكان مع واحد قليل الأدب زيك .

جلس على الكرسي من خلفه و هو يردد بحسره: هي فين قلة الأدب دي هو انا عارف أقرب منك .

صعد الدرج يفكر في حل سريع للتخلص من ذلك الشرط الجزائي ، تباً له و لليوم الذي فكر فيه بذلك التفكير.

فكر فى المرور على غرفة غنوته لم يشبع منها بعد ، لا بأس من قبلة خفيفه منها.

لكنه توقف و هو يرى عمه كاظم صاحب الصولات و الجولات يخرج من غرفة نومه مرتدي لشورت قطني قصير جدا من اللون الأحمر و تي شيرت قطن بلا أكمام بعدما دفعه شخص ما بقدمه خارج الغرفه بقوه. 

و من ستكن سوى تلك المتجبره أشجان التى صرخت فيه : يالا يا راجل يا ناقص .

كاظم : أنا عملت ايه بس يا شيجو ... ده أنا كظ كظ حبيبك .

فتحت الباب مره اخرى و ألقت له بواقي ثيابه التي خلعها في الغرفه تردد : مفكر نفسك ممكن تلمس أشجان ده بعدك .

أغلقت الباب فى وجهه بحده و عنف و وقف كاظم لا حول له و لا قوه ، أقترب منه هارون يكبت ضحكاته بصعوبه و سأل : خير يا عمي ، في مشاكل مع الجماعة و لا إيه ؟

حاول كاظم الرد عليه لكن جاء الرد سريعاً من تلك التى تقف خلف الباب في غرفتها حيث نهرته بحده : جماعة مين يالي يتقصف عمرك ، لم نفسك بدل ما أجي لك و أنا بتلكك لك أصلاً .

ضحك هارون جدا و نظر لعمه الذي يقف بلا حول و لا قوة يقول متوسلاً : ما تفتحي بقا يا حبيبتي هو انا كنت لحقت أعمل حاجه.

سأله هارون ضاحكاً: خالص ؟

كاظم: هي بس شافتني قلعت القميص و قلبت الدنيا فوق مني .... أنا خوفت  يا هارون .

لم يستطع هارون كبت ضحكته هذه المره و أنفجر ضاحكاً يحاول تخطيه كي يذهب في طريقه و كاظم يناديه : طب سايبني ورايح فين ، هبات فين أنا دلوقتي.

هارون: هههههه مش قادر بجد.. ممكن تقضي الليله على الكنبه تحت أو تفرش فى المطبخ.

حانت منخ نظره على شورت عمه القصير فقال : الشورت الأحمر هياكل منك حته ، ههههه مش قادر بجد .

كاظم: اما أنك واطي بصحيح ، تستاهل إلي بيتعمل فيك 

هارون : عارف ، سلام يا ... يا عريس.. هههههه أقصد يا كظ كظ .

تقدم و مازالت ضحكاته تصدح عالياً تملئ البيت حتى توقف عند الغرفه التي تستوطنها غنوة ، وضع يده على مقبض الباب فقفز لذاكرته على الفور مشهد عمه و أشجان تلقيه خارج الغرفه ليحمحم بقلق و يتراجع سريعاً و هو يردد : الطيب أحسن .

ثم ذهب لغرفته و أغلق الباب على أمل الخلود سريعاً للنوم .

______________________

وقفت أمامه و هي ترتجف من الخوف ، تنظر له بترقب ، ابتلعت رمقها تحاول تهدئة نفسها كي تتحدث بتروي خصوصاً و هي تراه واقف أمامها بغرفتها و وجهه لا ببشر بالخير مطلقاً .

أجلت صوتها و سألت بأدب شديد : في حاجه يا دكتور يوسف.

أقترب منها يقبض على ذراعها يهزها يميناً و يساراً ثم قال: أنتي مفكره نفسك إيه هااا، ازاى أبقى بكلمك و تسبيني و تمشي .

حاولت إفلات نفسها من بين ذراعيه و قالت: أبعد إيدك عني ، أنت بأي حق تعمل فيا كده .

زاد غضبه منها و بدأ يتحدث من بين أسنانه: أنتي كمان مش عاجبك و بتعلي صوتك عليا !

صرخت في وجهه : أيوه مش عاجبني و تحترم نفسك و أنت بتتكلم معايا ، مين سمح لك تدخل عندي و لا مفكر عشان عايشه في بيتكم هتستعبدني ، أنا مش هسكت ابدا على إلي بيحصل ده.. أنا بنت ناس.

رد عليها بفظاظه : ايوه ، و أعمل فيكي إلي يعجبني و وريني بقا هتعملي إيه و ما تفكريش إن إلي عملتيه هيعدي على خير. 

زينب : إلي أنت عملته هو إلي مش هيعدي على خير و اتفضل إطلع برا .

صدم يوسف و سأل مستنكراً: نعم ؟

زينب : قولت لك إطلع براااا .. و أحترم نفسك معايا و إلا هنادي عمو يحيى دلوقتي هو يشوف صرفه معاك.

تقدم منها عدة خطوات و قال بغضب : أنا مش بتهدد و أنتي عارفه بلاش تخليني أقلب على الوش التاني معاكي .. خليني حلو أحسن لك .

صمت و قد رأى الدمع يترقرق في عيناها ، فتوقف عن طريقته تلك و قال بصوت هادئ بعض الشيء  : أنا كنت جاي لك عشان اقولك أن جايلي ضيوف و عايز أعرفك عليهم مش أكتر و كمان أعرف ليه مشيتي و ما خلتنيش اوصلك.. بس كده.

أغمضت عيناها بألم و صبر ثم قالت : لو خلصت كلامك ممكن تتفضل دلوقتي.
حاول التحدث مره اخرى ، لما تزيد عصبيته و لا تقدر طريقته اللينه في التعامل ، أنه يسأل عن حالها 

يوسف: زينب أنا...

ذهبت لعند الباب و قالت : هتطلع أنت و لا أطلع أنا دلوقتي.
تقدم منها بغضب و قال : أنتي ليه مصممه تضايقني.

أغمضت عيناها تخفي دموع ذلها التي أذاقها لها ثم إبتسمت بحزن و قالت : ماعلش ، من بكره لا هضايقك و لا تضايقني.

نظر لها بتوجس و سأل : يعني إيه ؟

قالت بتعب و نفاذ صبر : كلامي واضح يا دكتور يوسف أنا لا هضايقك و لا أنت هتضايقني و اتفضل لو سمحت عايزه أغير هدومي .

نظر لها بعض لحظات ثم قال : تمام .. مش عايز غلطة بكره و لا مشاكل .. سامعه.

صمت و لم تجيب عليه ، اكتفت بهز رأسها فخرج من غرفتها و هو أكثر غضباً بسبب هدوئها و لا مبالاتها مع.

و قد مر عليه الليل طويل جدا بعدما جفاه النوم

و في ظهر اليوم الثاني.

هبط الدرج و هو يتلفت حوله ، يبحث عنها منذ الصباح لم يراها ، حتى لم تحضر الفطور.

دق مراراً على هاتفها لكنها لم تجيب و في النهاية وجد الهاتف مغلق .

حاول التظاهر بعدم الإهتمام 

دلف للمطبخ يتحدث مع الطباخ .

يوسف : أنا عندي عزومه كبيره النهاردة و عايز حاجه تشرف .

الطباخ : أوامرك يا فندم ، عازم كام شخص 

يوسف : اتنين و أنا و بابا و أخواتي البنات و البنت دي إلي إسمها زينب .. أحممم .. هي فين صحيح مش شايفها من الصبح .

سأل متظاهراً بالكبر و عدم الاهتمام فيما رد الطباخ : مش عارف و الله .

تشنج فك يوسف من الغيظ لكن حاول الحفاظ على ثباته الإنفعالي و خرج من المطبخ يقول لنفسه أنها بالتأكيد قد ذهبت للجامعه و بعد ساعات ستعود ككل يوم .

لكن مضى نصف اليوم و أقترب المغرب و لم تأتي ، ضيوفه على وصول ، يتوجب عليه الذهاب للإستحمام و تبديل ملابسه لكنه لم يفعل و بقي مشغول بها و بغيابها عنه .. حتى عادت شقيقته نور من الجامعه و اقتربت منه مبتسمه : مساء الخير يا أبيه ، ها ضيوفك إلي قالب البيت عشانهم وصلوا ؟

يوسف : لسه ، هي زينب فين مش متعوده ترجع معاكي .

زمت نور شفتيها و قالت : مش كل ، يوم بس أنا بصراحة مستغربه طول اليوم لا كلمتني و لا جت لي الصبح زي عوايدها حتى على الفطار ماكنتش موجوده.

يوسف : يعني إيه ؟ مالها ؟

نظرت له نور بخبث ثم قالت ببرود: و حضرتك مهتم ليه يا أبيه ما تسيبها براحتها.

إرتبك يوسف قليلاً ثم قال : مش بني أدمة و عايشه معانا .

نور: هممم ... ايوه صح .. بس يعني لو كده كنت أولى تهتم بأختك إلي درسها واجعها بقاله قرن و مش منيمها الليل .

زفر يوسف بحنق ثم قال : دكتور هاشم إلي جاي النهاردة هو و مراته يبقى من أكبر دكاترة السنان في مصر هحجز لك عنده... هو صاحبي جدا .
.زمت نور شفتيها بصيق ثم قالت : ده بدل ما توديني عند شاب حليوه و مقطقط كده تاخدني عند صاحبك إلي هو من سنك ... 

يوسف: قصدك ايه ؟ أنا عجزت مثلاً.

نور : ااا.. أحمم .. مش قصدي .. أنا هطلع أشوف زينب أحسن.

تركته و هرولت متجهه لعند زينب تبحث عنها و هو جلس يفكر : معقول ، لما اختي شيفاني عجزت امال الناس برا إيه ، أوووف ... و الهانم دي راحت فين هي كمان .. بس عادي ، و لا يهمني .

هب من مكانه متفاجئ بعدما إستمع لصوت شقيقته تناديه ، اتجه سريعاً حيث مصدر الصوت .

فوجد نفسه في غرفة زينب الخاليه تماما من كل متعلقاتها الخاصه و التي كانت تضعها هنا ، حتى الثياب لم تعد موجودة.

زاد خفقان قلبه و تشكلت غصه مريره في حلقه يسأل : يعني إيه ؟

جاوبته نور : زينب شكلها مشيت خالص و من غير ما نعرف.

ابتلع رمقه بصعوبه و سأل : و هي ما كلمتكيش ، ما تعرفيش هي فين ؟

نور : و أنا لو أعرف هقف معاك هنا كده .. ما أعرفش.. أنت كنت بتسأل عنها إمبارح و عن رقمها ، هو حصل منك حاجه ضايقتها .

صرخ فيها بعصبيه مفرطه : و أنا مالي و بعدين هي مفكره إيه ، خلاص الدنيا هتقف في بعدها ، و لا يهمني أو يشغلني أساساً ، و لا في دماغي .

أنتبه على صوت الخادم قد جاء من خلفه و قال : الضيوف وصلوا يا بيه .

رد عليه يوسف بحده : روح قدم لهم حاجه و أنا جاي وراك .

هم لكي يغادر فأستوقفته نور : إنت رايح فين يا أبيه ، مش هتدور على زينب .

رد عليها بكبر : مش قصتي ، براحتها.

تحرك ناحية الباب كي يغادر لكن توقف قائلاً : أنتي بقا فكري مع نفسك و شوفي هي ممكن تكون راحت فين و أبقي عرفيني مش عارف هيبقى عندي وقت أروح و لا لأ ، هشوف ساعتها ، أنتي بس أفتكري بسرعه .

_____________________

وقف ضياء أمامها مصدوم و قد شحب وجهه يسألها : يعني إيه ترجعي مصر ، أنا عمري ما هسمح لك بكده .

أغمضت عيناها و تصنعت الحزن و قلة الحيله ثم قالت : لازم أرجع لأن أهلي عايزين يتمموا جوازي و نعمل فرح و دخله .

جن جنونها من كلماتها التي تقولها بكل تلك البساطه و هو ما أن تخيل فقط زفافها على آخر غيره قد جن جنونه بدأ يتحرك بصعبيه و غضب يركل قدمه بحافة المركب ثم صرخ فيها : إنتي إزاي بتقولي كده قدامي إزاي .

تحدثت بحزن و قالت : هعمل ايه ، مافيش قي أيدي حاجه أعملها.

توقف أمامها يقبض على يدها مردداً: أنا إلي هعمل ، إنتي لازم تطلقي .

أتسعت عيناها و رددت بصدمه: أتطلق ؟!

هز رأسه بجنون يردد : أيوه ، إنتي بتاعتي و هتفضلي دايما بتاعتي ، ماحدش ابدا هياخدك مني .. سامعه يا جيجي .

كانت تعيش الوهم معه تتخيله و هو يقولها لها و هي تقى زوجته لكن ما تأكيده لإسم جيجي يتبخر كل شيء من جديد كالعاده.

أسبلت جفناها بحزن ثم تفاجئت به يضمها له بجنون يطبق جسدها داخل أحضانه و هو يردد : مافيش حد ابدا هيبعدك عني ، مستحيل ده يحصل ، أنا أموت من غيرك ، عمري ما كنت كده و لا عمري خوفت من بعد حد عني... قولي لي انك معايا و هتفضلي معايا ، قولي.

قال كلمته الاخيره تلك برجاء و هو يصرخ فيها فأنصاعت لطلبه تردد : هفضل معاك ، مش هسيبك.

و أخيراً هدء و ابتسم ، ثم أخرجها من حضنه يكوب وجهها بين يديه قائلا : تعالي معايا.

سألته بقلق : على فين ؟

أبتسم لها يقول: عايز اعرف الكل إنك حبيبتى الي عمري ما حبيت غيرها .

بتهور و جنون ساقها معه سريعاً حيث يجلس الرفاق غالباً و قد جلست كلارا وسطهم تنتظره إن يعود كعادته كانت معتاده على غيابه و تمرده و في نهاية المطاف يعود لعندها ، لكن هذه المره أحواله متغيره كثيرا و مع ذلك صبرت .

إلى أن ورأته يتقدم لعندها و أمام الجميع يشبك يده في يد تلك الفتاه الممتلئة و التي تدعي چيجي ، لم ترتاح لها يوماً و كلما غاب ضياء كانت هي الأخرى غائبه بالتأكيد ليست كل مره صدفه.

لطالما كذبت ظنونها لكن منظر ضياء و هو يتقدم منها الآن لا تفسير ثاني له سوى أنه عاشق ولهان بل و مهووس أيضاً.

و قد صدق كل حدثها ما أن توقف أمام الجميع يهتف فيهم : يا جماعه ، عايز اقول لكم حاجه.

انتبه الكل له فقال : أنا عايز اقول قدامكم كلكم ، إني بحب چيچي و قررنا نتجوز. 

صفق الجميع و هللوا بينما صدحت ضحكت كلارا وسطهم ثم قالت : هههههه و يا ترى بقا هي تعرف إنك متجوز ؟

هنا صمت الجميع و إلتفت تقى إلى ضياء تسأل و تتصنع الصدمه بإحتراف و تسأل : أنت متجوز ؟

صمت يوسف و لم يجيب فصرخت فيه : لأ.. رد عليا... أنت متجوز ؟

هز رأسه بأسى ثم قال : على الورق بس و الله يا حبيبتي.

بدأت هي الأخرى بهز رأسها تردد : مش مصدقه ، بجد مش مصدقه ، أنا مصدومه فيك .. مصدومه.. مصدومه.. مصدومه .

ثم هرولت تبتعد من امامه و نادين من خلفها تهتف بأسمها تحاول مدارت ضحكتها ...
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1