رواية شط بحر الهوى الفصل الثالث والخمسون
حاول قدر المستطاع كبت ضحكاته لكنه لم يستطع و انفجر ضاحكاً حتى معت عيناه .
بينما كاظم ينظر له شذراً ثم قال: بتضحك على عمك يا واطي ، طول عمرك واطي أوي.
هارون : بعض مما عندكم يا عمي ، أنا مش مصدق نفسي بجد ، بقا معقول كاظم الصواف زير النسا و منبع المليطة يحصل فيه كده ؟ تبقى دي نهايته ؟ صحيح يا ولاد ، الحجر الداير لابد من لاطه
وقف كاظم مترنحاً و هو يردد : طب حاسب بقا عشان الدور عليك ، أنا حاسس أنهم هيفضلوا ورانا لحد ما يجيبوا أجلنا .
زم هارون شفتيه مستنكراً و سأل: ده على أساس أنها هي إلي كانت بتجري وراك ، يا عمي ... يا عمي قول كلام غير ده ، ده انا إبن اخوك يعني ستر و غطا عليك .
تأوه كاظم متألما ثم قال : طب لعلمك بقا هي عينها مني ، أيوه أسألني أنا ، يتمنعنن و هن الراغبات ، تحب احلف لك
ضحك هارون و قال بينما إصبعه على كدمات عمه : يا راجل من غير ما تحلف ده حتى باين على وشك .
نظر له كاظم بجانب عينه و قال ساخراً : إلي يشوفك يقول الواد الفيت الي ما فيش منه ، أمال لو ماكنتش مسوياك على الجنبين زي الرنجاية كنت عملت فينا إيه .
أتسعت عينا هارون بصدمه يردد : رنجاية ؟ أنا رنجاية ؟
كاظم : بصراحه أه ، أنا مش عايز اقولك من زمان بس بصراحه بقا هي دي الحقيقة و شكلك بقا وحش أوي ، فين هارون ، الباد بوي إلي لا عنده ذمة و لا مبدأ ، كان يخلص أي حاجة عايزها في مينت ، من ساعة ما قلبك بقا قلب خساية و أنت مش عاجبني خالص .
تحرك كاظم متأوها يصعد الدرج واحده بأخرى حتى وصل لغرفته تاركاً هارون خلفه و قد اخترق الكلام عقله ، بالفعل تلك لم تكن أبدا شخصيته ، لقد تغير كثيراً مع غنوة ، ربما هو مجبر على ذلك ، أجبره عشقه لها .
أنتبه على صوت اشجان و سيل من السباب النابي قادم من اعلى ثم هبوط كاظم الدرج و هو يتأوه بخفوت يردد: الخلوقه المحترمه ، رفضت بكل أدب ، لسانها ده مايعرفش العيبه ، بقولك ايه خلي حد ينضف لي اوضة من الأوض المقفوله .
نظر له هارون بجانب عينه ثم ترك له المكان و دلف لغرفة مكتبه يعيد حساباته من جديد .
____________________
خرجت نور من آخر محاضراتها ، اليوم كان طويل و مرهق إلى حد كبير .
جلست على أول درجة من درجات السلم الرخامي أمام كليتها تنتظر مرور زينب أو يوسف ، أي منهما أولاً ، كان الإجهاد قد تمكن منها علاوة على ألم أسنانها و الذي أصبح شبه يومي فلم تكن بمزاج جيد أو حتى صحه جيده ، لذا التزمت الصمت و جلست بعيداً عن باقى زملائها المجتمعين في حلقة كبيره حول بعضهم .
و اتكئت برأسها على ذراعيها تدفن وجهها بهم من شدة الإرهاق .
ثواني و رفعت رأسها أثر الصوت الصاخب القادم من عندهم كانوا يهللون بسبب شيئ ما .
و الملفت للنظر هو إحتفائهم بشخص واحد ، ضيقت عيناها تركز لتفطن هويته ، و من غيره معذب قلب فتيات جامعة القاهرة عامة و كلية حاسبات ومعلومات خاصة .
تتذكر الصور و الفيديوهات الطريفه التي قضت الليل كله تشاهدها لهم على مجموعة الكلية و كان هو تقريبا بطل كل هذه الفيديوهات بسبب إلتفاف الكل حوله.
تنهدت بتعب و عادت لتدفن رأسها بين ذراعيها ، متى يأتي يوسف و يأخذها للبيت هي فعلاً مرهقه جدا، لتشعر بعد أقل من دقيقه بشخص يجلس لجوارها .
رفعت وجهها لتعرف من ، توقعتها زينب لكنها صدمت به ، ترك كل المتجمعين حوله و جاء لعندها .
إنه سامر المصري ، و قد جاءها بقدميه .
تنظر له بتفاجئ و هو فقط يركز بنظره على عيناها البنيه و الصمت هو الشيء المتبادل بينهما إلي أن أبتسم بعذوبة و قال : أعملك إيه ، ماكنش ينفع معاكي غير كده.
هزت رأسها بجنون ، ماذا يقصد عنما يتحدث ، أبتسم مجددا بثقة ثم قال : طول الوقت بنبص لبعض أنا ابص لك و أنتي تبصي لي و ما فيش حد فينا عنده الاستعداد يبادر هو ، فقولت مابدهاش بقا ، أجي أنا و اتعرف عليكي .
جعدت ما بين حاجبيها و لم يعجبها حديثه رغم أنها بينها و بين حالها تعلم أنه صحيح لكنها قالت : بنبص لبعض ؟ فين ده ، أنا دي تاني مره أشوفك بس .
رفع أحدي حاجبيه و قال: أمممم ، معقول أنا كل ده بيتهيئلي ، أكيد أنا مش بالعبط ده ، بس بصراحة أنا كنت مستني تعملي زي كل البنات و تيجي أنتي تكلميني لكن ما عملتيش كده ، يمكن ده الي شدني ليكي أكتر.
انزعجت جدا من غطرسته في الكلام ،تغير انطباعها عنه من الإنجذاب للنفور فوقفت تردد : واضح انك واخد مقلب كبير في نفسك ، مش عارفه أنت جايب الثقه دي منين ، و على فكره أنا أه كنت باخد بالي منك و بشوف ناس كتير حواليك و ده خلاني افتكر انك شخص واو و كده ، بس بعد أول كلمتين منك عرفت أن المظاهر خداعة .
تركت له المكان و غادرت سريعاً بغضب ، لأول مرة يقلل أحدهم من شأنها هكذا كما فعل .
تجلى الضيق على وجهه و هو يراها تغادر غاضبه منه فاقترب منه أحد أصدقائه مرددا: غلط ، الداخله كانت غلط ، طيرت البت ، منك لله .
نظر سامر عليها و هى مازالت تسير في الحرم الجامعي مغادرة بغضب و قال : أعمل ايه بقا ، أول ما بصيت لها فيس تو فيس و عيني جت في عينها اتلغبط ، هموت عليها.
هز صديقه رأسه و قال بيأس : خلاص خلاص ، فكك .
أتسعت عينا سامر و قال بإصرار : لأ ، أنا هحاول تاني ، و أكيد هعرف اصلح إلي حصل.
نظر لصديقه ينتظر تأكيده على ما يقول لكن صديقه قال : ما اظنش ، الإنطباعات الاولى تدوم ، و عاملي فيها فتك و مدوب البنات ، أتحرك قدامي أتحرك .
__________________
وقف بسيارته في مكان على الطريق الصحراوي ،خالي تمام ، ظل لدقائق داخل السيارة ينتظر إلى أن تقدمت سياره أخرى و قلبت نور كشافاتها لثلاث مرات متتاليه و فعل هو كذلك .
على ما يبدو أنها علامة تم الإتفاق عليها بينهما لذا اطمئن قلبه و ترجل من سيارته و فعل نظيره بالمقابل .
حتى تواجها في الظلام الذي لا يكسره سوى ضوء كشافات السيارتين .
نظر ماجد للماثل أمامه بغضب ثم قال بلكنة أجنبية: هل ستقدر هذه المره أم أنها مجرد محاولة فاشله أخري.
زم الرجل شفتيه بغيظ و قال : لن يحدث ، فتلك المره نفذت لأجل المال الذي تقاسمته مع صديقي ، صديقي الذي قتله ذلك الوغد في أقل من ثانية ، هذه المره مختلفة ، فهي مسألة ثأر ، يجب أن يقتل كما قتل صديقي .
زم ماجد شفتيه بتوجس و قال : أتمنى ذلك .
تحرك ناحية سيارته و اخرج منها حقيبه سوداء ، ناولها للرجل الآخر ثم قال : بتلك الحقيبه نص المبلغ المتفق عليه و النصف الآخر ما أن أرى رأس فلاديمير ، يجب ألا يخرج حيا خارج مصر ، هو من قدم لمصر بقدميه خلفي لذا سأنشئ له قبر بها ، هل فهمت .
هز الرجل رأسه و الغل في عينه لم يقل كثيرا عن ماجد الذي تحرك سريعاً يغادر ذلك المكان و كذلك فعل الأخر .
عاد للبيت بخطى ثقيله متعبه ، و مثلما يفعل كل مره ذهب لغرفتها أولاً .
فتح الباب لتتسع عيناه و يتوقف عقله عن العمل و هو يراها تقف في منتصف الغرفه متخصره بشال من الحرير تتمايل في كل الاتجاهات على أنغام موسيقي شرقيه .
التهبت كل حواسه و تخشب جسده ، كانت مغوية لدرجة العذاب .
شهقت بخفوت و هي تشعر بأحدهم يقترب منها حتى التقص ظهره بظهرها يوقف حركة خصرها السائل و الذي يتمايل مع أنغام الموسيقى يمينا و شمالا.
أغمضت عيناها مبتسمه و قد تعرفت عليه ، و من غيره قد يفعلها.
ليردد بصوت متعب: بتعملي إيه الله يخربيتك ، هو انا ناقص .
أبتسمت و قالت : برقص ، أنا بحب الرقص أوي، مافيش حاجه بتغيرلي مودي غيره .
ماجد: و تجلطيني أنا ، روحي اقلعي البتاع ده ، أنا دقيقه كمان و هفقد أعصابي .
التفت له تنظر لعيناه ثم قالت بعبث : ليه ماله ؟
ملس بأصابعه الغليظه على شفتيها و ردد بصوت ملتهب النبرات : حلو ، أوي ، أنتي أصلا لوحدك مجنناني ، و كمان تلبسي كده عايزه تعملي فيا إيه ؟ روحي غيري .
رفعت إحدى حاجبيها و قالت بعناد متلذذه : لأ .
اقترب منها يلف خصرها بذراعيه القويه ثم قال : و لما ما اقدرش أمسك نفسي يبقى ساعتها ايه العمل
قال جملته الاخيره بأعين مظلمه من رغبته الجارفه و على ما يبدو أن طاقة تحكمه في نفسه قد استنفذت
و بدأ يمد يده بأنفاس لاهسه غرضه فتح ازرار قميصها الوردي .
فشهقت بهلع تبتعد عنه مردده : أنت بتعمل ايه يا ماجد!
أهمل كلماتها ، بل على ما يبدو انه لم يستمع لها من الأساس و قربها إليه بإصرار يقول بأعين مظلمه : تعالي يا فيروز .
ابتعدت عنه أكثر حتى اصطدمت بالجدار من خلفها و قالت : أنت أنجننت يا ماجد ، مش كفاية الي حصل قبل كده.
و أخيراً استفاق على نفسه يسمح على شعراته بجنون يتنفس بوتيرة سريعة و عاليه يحاول ملاحقة أنفاسه ثم قال : أعمل فيكي ايه بس جننتيني بجمالك و دلعك ، قولت لك غيري لبسك ده عايز أخرج بيكي من هنا من قبل ما حد يحس أو يعرف بحكايتي معاكي .
جعدت ما بين حاجبيها و اعتدلت في وقفتها بأنتباه تسأل : يعنى ايه؟ و تخرج بيا إزاي!و على فين ؟
بلل شفتيه و قد جف حلقه من هيئتها المهلكه لأعصابه و قال: و أنا هعرف أكلمك و أنتي كده ، أنا مش عارف أمسك نفسي قدامك ، عشر دقايق تغيري و تجيلي على اوضتي .
هم ليتحرك لكنه توقف و قال : و لا لأ ، اوضتي لأ ، أنا بردو مش ضامن نفسي ، تعالي لي تحت في الجنينه أوكي.
هزت رأسها إيجاباً و تحركت سريعاً كي تلحق به .
بعد القليل الدقائق خرجت إليه في الحديقه الكبيره و الفارغه تماماً من أي شيء فقط نجيله طبيعيه خضراء تكسو رقعه كبيره من الأرض تسبق بحيره صناعيه خاصه بقصر عائلة الذهبي .
إلتف إليها و قد سبقها لعنده عطرها يراها و هي تتقدم في ثوب كريمي فضفاض ، تباً لها حتى لو أرتدت شوال من الخيش تظل جميلة و مغريه .
صورتها و هي بذلك الرداء الوردي مع حزام الخصر لا يبارح مخيلته مطلقاً.
حاول هز رأسه لينفض تلك الأفكار على الأقل مؤقتاً حتى ينفذ مع سعى له و خطط .
توقفت أمامه تقول بابتسامة عابثه و كأنها قد أقسمت على إرهاق أعصابه : كده كويس ؟
مد يده يجلسها لجواره ثم سألها مباشرة: فيروز أنتي بتحبيني ؟
تلعثمت في الرد ، لقد باغتها بسؤاله ، بللت شفتيها و هي تبحث عن الإجابة و قد تجلت الحيره على ملامحها فقال: قولي إلي حساه حتى لو مش مفهوم ، أنا اكتر حد هيفهمك لأني أكتر حد عاش الشعور و عكسه .
ابتلعت رمقها و حاولت البدء في الحديث للتعبير عن نفسها : أنا بحس انك بتوحشني ، و لما بتخرج ببقى عايزه اتطمن عليك و إنت بتحبني أوي.
ماجد : يعني وافقتي تبقي معايا عشان بحبك ؟ أنتي لأ ؟
رفعت عيناها الرصاصيه له و قالت : ماجد أنت تخوف ، أنا أخاف أحبك ، أنا حتى أخاف اتجوزك .
احتدت عيناه و قبض على معصميها يهزها بغضب مردداً : يعني إيه أخاف اتجوزك ،انتي مش من يومين بالظبط وافقتي ،و قربنا من بعض ، كل ده كان إيه ؟
حاولت الإبتعاد عنه و قد دب الرعب داخلها تردد : شوفت ، هو ده اللي أنا بتكلم فيه ، مجرد كلامي معاك عن إن ممكن أرجع في كلامي خلاك أتحولت لشخص تاني ، شخص بيخوفني ، و أنت هو هو نفس الشخص الي مم ثواني قالي أتكلمي بالي جواكي و أنا هفهمك ، من كلمة كل ده اتبخر .
رد عليها بقلب ملتاع : عايزاني أعمل ايه و أنتي بتقولي انك رجعتي في كلامك ، جوازك مني حاجه مافيها كلام يا فيروز ، أنتي بتاعتي و هتفضلي بتاعتي .
فيروز: أهو شوفت ، هو ده بالظبط ، كلامك بيخوفني بيحسسني إني أسيره ليك ، ده غير غيرتك إلي مش عاديه و شكك فيا ، أنا لسه فاكره إلي أنت عملته كويس اوي و ما نستش .
هتف فيها بحده : ما هو من غيرتي عليكي ، أعمل ايه ، بحبك و مجنون بيكي أنتي كمان لازم تقدري قلبي و إحساسي إلي بعيشه لو شوفت حد مقرب منك ، و تعرفي إنه إحساس وحش أوي ، لا يحتمل فتتجني إنك تعرضيني ليه ، هو أنا لو شخص غيور و ربنا خالقني كده هيبقى الحل معايا إيه ؟ انك تسبيني عشان أموت في بعدك و لا تحترمي مشاعري
صمتت بحيره لا تعلم هل معه الصواب أم عليه ، تنهد بتعب يمسح شعره الكثيف ثم قال : يا فيروز أنا بعشقك ، كل حاجة ممكن يكون ليها حل ، بس و إحنا مع بعض .
صمت لثواني ثم أكمل : و أنتي هتيجي معايا.
قال تلك الجمله بتأكيد و إقرار ، لا يتناقش بل قد قرر و هو الآن يخبرها فقط .
نظرت له بغضب ثم قالت: قررت يعني زغ بتعرفني .
ماجد : فيروز أنتي بتاعتي و كده و لا كده أنا كنت هاخدك و أنا ماشي.
هتفت بقوه : مالك بتتكلم عني كده كأني شنطة هدومك .
أبتسم لها يردد : لأ ، أنتي حياتي ، مش هينفع أمشي من غيرك .
نظرت له بتيه لا تعلم ماذا تقول لكنها عادت تسأل : أنت عمال تقول ماشي ماشي و هاخدك و أنا ماشي ، أنا مش فاهمه حاجه ، ماشي فين و قصدك إيه ؟
ماجد : عيلة الدهبي مش هيعدوا الموضوع ده بالساهل ،إنسي كل الكلام اللي قولتيه لفريال ،انا سبتيك تقوليه عشان تخوفيها بس لكن هو مش حقيقي و مش هيتقبوا الموضوع و أن حصل و اتقبلوه فمستحيل يسيبوني أتجوزك يا فيروز ، عشان كده لازم نهرب من هنا .
شهقت بصدمه فأكمل : نمشي عادي كأني واخد أختي الصغيرة أفسحها و نسافر بعيد و نتجوز و نخلص من كل الهم ده.
كانت تستمع له و هى متخبطه مصدومة ، و الأفكار تتوافد على عقلها ، بداخلها الكثير من الأسئلة و أولها : طب و العيلة هنا .
ماجد: أنتي مستنيه منهم حاجه.
فيروز : ايوه أنا....
قاطعها قائلا: أنا عندي إلي يعيشنا ملوك إحنا و ولاد ولادنا و خلاص سايلت كل الأصول و بعت كل حاجه و حولت الفلوس النهاردة على بره و إحنا هنحصلهم بكره .
شهقت بقلق تضع يدها على فمها مردده : بكره ؟
ماجد : أيوه مافيش وقت ، فلاديمير عايز يتجوزك أخر الأسبوع.
زاد الرعب داخلها و الأفكار تتزاحم و تتداخل لحد التعاقد و التشابك فتسأل : طب ،طب و الراجل ده صحيح هو و عصابته هتعمل معاه إيه ؟
ماجد : لازم نخرج برا مصر الأول بطياره خاصه هتجيلنا هنا على سطح البيت الساعه أربعة العصر ، هيكون مافيش حد هنا و لا حتى الخدم ، مش هينفع ناخد الطياره من أى مكان تاني لأنه مراقبنا.
ابتلعت رمقها بخوف و سألت: و افرض حصل زي المره الى فاتت ؟
ماجد : الغلطة دي عندي كان لازم قطع الراس الكبيرة من الأول ، قبل ما تتحرك بينا الطياره هيكون فلاديمير سافر للي خلقه و ساعتها بقا يبقى يعرف أن كان ابن الطبيعه و لا لأ.
أتسعت عيناها برعب و قد صدمت فيه تسأل: هتقتله ؟
نظر لها بغضب بسبب غبائها ثم قال ساخراً : لأ إزاي ، أسيبه هو يقتلني ، أصحي يا فيروز ده واحد القتل عنده زي صباح الخير عندنا .. يعني قتله شويه عليه
رفرفت بأهدابها متلعثمه و متخبطه لكنه لم يعطيها فرصتها و قال: تطلعي دلوقتي على اوضتك و ما تخرجيش منها ،ما تخافيش أنا مأمن البيت هنا كويس جداً ، معادنا بكره أربعه إلا عشره ،فاهمه يا فيروز.
كانت تستمع له بصمت و تيه فقال مجددا : فاهمه ؟
هزت رأسها إيجاباً و تحركت سريعاً لغرفتها تشعر بالخوف و الهلع قلبها غير مطمئن إطلاقاً.
_________________
ظل بمكانه لفترة طويلة ينتظرها إلي أن ضاق صدره ، فهاتفها و قد تمكن الضيق منه.
لتجاوبه بعد عدة مرات من الاتصال : حبيبي ، وحشتني.
لكنه كان في أعلى درجات غضبه فسألها بجمود : أنتي فين يا غنوة ؟
غنوة: مالك يا حبيبي ؟
هارون: بسألك سؤال أنتي فين كل ده ؟ أنا بقالي فوق التلات ساعات مستنيكي .
غنوة: أنا خلاص في التاكسي و قربت على البيت .
هارون : تمام مستنيكي ، أنا في المكتب .
ثم أغلق الهاتف منزعجاً و عاد برأسه للخلف بضع دقائق ينتظرها إلى أن فتح الباب و دلفت لعنده تقف متسائله بأستنكار : مالك يا هارون ؟
نظر لها نظره شمولية من قدميها حتى رأسها ثم قال : تعالي عندي .
نظرت له بريبة ، بالفعل نظراته و طريقة كلامه كانت مريبة فسألت : فيك إيه يا هارون ، مالك ؟
فقال بأمر : قربي .
ظلت صامته لا تتحرك او تتكلم فقال بشبه إستنكار و سخريه : تعالي أحضنيني ، إيه ؟! مش عايزه تسمعي دقات قلب أبوكي ؟
ألقى جملته عليها و هو يراقب عن كثب كل الانفعالات المتداخله و التي مرت على عيناها و ملامحها ، تألم قلبه قليلاً ثم قال : تعالي .
أخذت تقترب بخطوات متردده و مشاعر غير مفسرة حتى ما عاد هناك مسافة تفصل بين جسديهما تنظر لعيناه و هو ينظر بعيناها التي يلاحظ إنحدارها من النظر لعيناه و تستقر على أيسره النابض بالحياة .
لم يطلب منها مجدداً و كأنه لن يطلب مجدداً أي شيء بل سينفذ.
فقد جذبها من ذراعها و ضمها له حتي أعتصر عظامها داخل أحضانه و هي تتأوه بخفوت ، أغمض عيناه مستلذ ثم قال و شفتاه قريبه من أذنها : إحنا كتب كتابنا بكره ، مبروك يا حبيبتي .
ابتعدت عنه متفاجئة لكنه لم يفلتها و حافظ عليها بين ذراعيه يسأل : إيه ؟ مش موافقة ؟
كانت متوترة لدرجة كبيره و واضحه فقالت : لأ طبعاً موافقه ، بس ...
قاطعها بصرامة : بس إيه ؟ هتقولي شغلك ، شغلك مع لمى بيخلص الساعه خمسه ، نخلي كتب الكتاب سته و أنا تاني يوم من كتب الكتاب هكون مخلص معاها موضوع الشرط الجزائي ده و هي مش هتقدر تنتطق .
غنوة : طب و شغلي الخاص ، ما انت عارف إني شغاله على إيڤنت مهم و هو أول إيڤنت لشركتي .
رفع أحدي حاجبيه و قال : كتب الكتاب مش هياخد ساعه او ساعه و نص بالكتير عشان نحتفل مع صحابنا ، تقدري بعدها تعملي الي أنتي عايزاه ، نكتب الكتاب و بعد الإيڤنت بتاعك نعمل فرح كبير.
نظرت له بتشوش و هو يدقق النظر لها ، يقرأ بتفحص كل ردود أفعالها فقال : أعزمي إلي حابه تعزميه ، ما عدا ماجد و فيروز عشان هيسافروا بكره .
غنوة: ليه ؟
هارون : دي قصه طويله .
صمت لثواني ثم ضحك ساخراً و قال : فاكره يوم ما أجرتي حد يضربني بالنار قدام المطعم إلي جيت أقابلك فيه ؟
تنهدت بتعب ثم قالت : إيه اللي فكرك ؟
هارون: لولا ضرب النار ده كان زماني أنا مكان ماجد في الورطه إلي هو فيها ، دخولي للمستشفى عطل كل حاجه.
هزت رأسها بتشوش و قالت: أنا مش فاهمه حاجه .
سحب نفس عميق ثم قال : بكره هحكي لك كل حاجه ، بكره نبدأ عهد جديد مع بس المره دي و إحنا متجوزين عند مأذون مش بورقه زي ما كنتي بتقولي.
نظرت له بأعين لامعه و حاولت الإعتراض : بس انا كنت مخططه إن يوم كتب كتابي يبقى بترتيبات معينه و ما حصلتش أنا اشطر ويدنج بلانر في مصر مش معقول كتب كتابي يعدي عادي كده ، لازم يبقى ترند .
نظر لها و قد بدأ الضيق و الشك يتمكنا من قلبه ناحيتها ثم قال : ماعلش ، تتعوض في الفرح إن شاء الله.
انهى حديثه بابتسامة مجامله ثم قال: كتب كتابنا بكره الساعه سته و مافيش كلام تاني غير ده يا غنوة .
هزت رأسها بتفهم ثم أقتربت منه تحتضنه ، مرمغت رأسها في صدره تستمع لدقات قلب والدها لتبتسم باتساع ثم قالت: موافقة يا قلب غنوة .
ضمها له أكثر و هو يتنهد بتعب لا يعلم هل يغمض عيناه براحه أخيراً أم ماذا ؟
________________________
جلست تراقبه من بعيد تبتسم بين الحين والآخر و هي تراه يجلس عينه لا تفارقها و لا حتى يمثل الإنشغال هو يجلس في مكانه يرجو نظره منها فقط .
جلست نادين لجوارها تردد: في فوج كبير هياخد مركب بكره و يرجع على القاهره ، أنا بفكر أرجع معاهم .
نظرت لها تقى بتفاجئ ثم قالت : إيه ده ؟ ايه الى حصل ، مش لسه الرحلة قدامها أسبوعين كمان.
نادين : غصب عني ، بابا تعب .
نظرت تقى ناحية ضياء الذي ما زال ينظر لها ثم قالت مبتسمه : خلاص روحي أنتي ، أنا هكمل الرحلة.
أتسعت عينا نادين بصدمه و قالت : وات ؟ مين إلي بتقول كده ؟ تقى ؟! مش معقول!
تقى : أمال لو قولت لك إلي بفكر فيه
نادين بتوجس : ربنا يستر .. قولي.
صمتت و هي ترى تجعد ملامح ضياء بإنزاعاج شديد ثم انتبهت على جلوس رائف لجوراها يردد : مساء الخير.
تقى: مساء النور.
رائف : أنا جاي أكد عليكم عشان عاملين بارتي صغير في المركب من تحت الساعه سبعه .
نادين: لأ انا مش هحضر لأني هرجع مصر
نظر رائف تجاه تقى باهتمام و سأل : و إنتي يا جيجي ، ضروري تيجي .
استغربت تقى كثيراً من إصراره و قالت : هحاول .
رائف : چيچي ، مافيش هحاول ، عشان خاطري .
نظرت له نادين بحاجب مرفوع و سألت : ليه الإصرار الشديد ده يا رائف .
رائف : ابداً ، بس حسيت أنها حزينه اليومين دول و دايماً قاعده لوحدها .
ضحكت نادين ساخره ثم قالت: و أنت بقا عارف كل حاجه عنها يعني عشان تحس أنها متغيره و بعدين لو كده يبقى من باب اولى تحس بصاحبك ما هو نفس الحال وحيد و لوحده و حزين .
قهقه رائف عاليا ثم قال: مين ده اللي حزين ، ضياء ، دي عمرها ما تحصل ، ضياء مش بيسيب حاجه تحزنه ابداً ، و لو عايز حاجة بيطولها ، هو يجرح بس مش ممكن حد يجرحه ، طب أنتو عارفين أنه بيتكلم أنجلش لبلب بس أي واحدة عايزه تبقى معاه لازم تتكلم بلغته هو مش هو إلي يتكلم بلغتها ، ضياء عاشق للسيطره و عشان كده تلاقي كلارا بتتكلم عربي ، و كلارا دي حكايتها مع ضياء حكاية تانيه خالص ،لو سمعتيها هتصعب عليكي مش هتقولي ضياء قاعد حزين .
رفرفت تقى أهدابها بذهول و قالت : يااااه كل ده جواك ليه ، إلي يشوفكوا يقول صحاب .
رائف: مش موضوعنا دلوقتي ، أنا مستنيكي بكره يا چيچي لأن..
قطع حديثهم صوت ضياء الغاضب الذي وقف يقبض على ذراع تقى يجذبها ناحيته مردداً : لأن إيه يا رائف ؟
وقف رائف مبتسماً يردد : لأن وجود چيچي في الحفلة مهم أوي بالنسبة لي فيها حاجه دي.
لم يدري ضياء بنفسه إلا و هو يلكم رائف لكمه قويه في فمه مردداً: لو شوفتك قريب منها تاني هنسى إننا كنا في يوم صحاب أصلاً ، فاهم.
تركت تقى لهم المكان و غادرت تمثل الغضب فأسرع خلفها يناديها : چيچي .
لكنها لم تسجيب فتقدم ليوقفها بغضب مردداً : لو شوفتك واقفه معاه تاني أو مع أي راجل مش هيحصل كويس ، أنتي سامعه.
هتفت فيه بحده : و أنت مالك، أنت دلوقتي راجل متجوز ، المفروض توفر مجهوداتك دي ليها .
ضياء : چيچي ، حاولي تفهمي أنا...
قاطعته بحده و إصرار : ضياء مالكش كلام معايا غير لما أشوف ورقة طلاقك غير كده تبقى مش عايزني ، قدامك فرصه أخيره تختار .
هز رأسه مجدداً بأسى : مش هقدر أطلق تقى .
رقص قلبها فرحاً لكنها ارتدت قناع الجمود بصعوبه و إلتفت مغادره تقول: تبقى أنت إلي إختارت ، سلام يا ضياء.
غادرت مهروله يظنها حزينه غاضبه لا يعلم أنها تركض و هي تصرخ من السعادة متجهه لغرفتها .
دلفت بعدها نادين تراها و هي تقلب في خزانتها بأهتمام فسألت : بتعملي إيه ؟
إلتفت لها تقى بأعين سعيده تقول : بحضر مفاجأة.
_______________________
توقف يوسف بسيارته أمام الجامعة فتقدمت نور و جلست لجواره فسأل: مالك ؟
ظنت أنها يمكنها التحدث بأريحيه مع أخيها فقالت : في واحد ضايقني و...
بترت عبارتها و هي تراه قد تحول لشخص اخر و قال بتأهب : واحد مين ده و عملك إيه... تعالي شاوريلي عليه.
ارتعبت نور و قالت كاذبه ربما تهدئه : لأ ده ورقنا اتبدل مع بعض مش حكاية.
تنهد أخيراً بهدوء ثم قال : ماشي ، لو عمل لك حاجه تانيه عرفيني ، أنا حجزت لك عند هاشم و هوصلك دلوقتي و ابقى أرجع أخد زينب .
نور : أنت لسه مصمم على الراجل ده .
يوسف : ايوه ، يالا .
بعد ساعه تقريبا كانت تستقل المصعد الذي توقف بها أمام العياده الخاصه بالدكتور هاشم ، دلفت للداخل تخبر الممرضه عن أسمها فأخبرتها أنه ينتظرها .
دلفت لعنده و هي تشتم رائحته القويه المميزه جدا جدا تملئ الغرفه و هو يقف بنتظرها ، ينظر لها نفس النظره التى رأتها في عيناه ببيتهم .
أتسعت إبتسامته و هو يقول : أخيراً جيتي يا نور ، أنا قولت رجعتي في كلامك ، كنت هيجيلك البيت أنا.
نور : لأ أنا خلاص جيت ، شكراً.
نظر للمساعده الخاصه به و قال : أطلعي أنتي برا .
نظرت كل من نور و الممرضه له بأستغراب و سألت : مش هساعدك زي ما بعمل دايما.
هاشم: نور حالة خاصه و أنا إلي هعمل لها كل حاجه لوحدي .
استنكرت الممرضة ما يقوله كثيراً لكنها غادرت بهدوء و أغلقت الباب و بقت نور مع هاشم وحدهما و هو يسلط نظره عليها بنفس الإبتسامه .
______________________
خرجت نغم من بيتها و هي تتوعد له ، لثالت يوم على التولي و تلك الفتاه تأتي له متحججه بإشتراء الورود .
أي ورد ها ؟ أي ورود و هل هي بلهاء ؟
ذلك المستفز لابد من التصدي له و لجمع الفتيات آلتي على ما يبدو لأول مره يرون رجل أسمر عريض المنكبين لا ينقصه سوى تاج موحد للشمال و الجنوب .
أما ببيت يحيى فقد دق جرس الباب فذهبت الخادمخ لتفتح متسائله من؟
ليجيب عليها ذلك الرجل ببشاشه : شكلك لسه جديده مش عارفاني ، ناديلي بس يحيى ،أنا عبد العزيز والد زينب