رواية لا تترك يدي الفصل الخامس 5 بقلم هند رفاعي


 رواية لا تترك يدي الفصل الخامس 

عائلة ابراهيم بأكملها كانت مجتمعة في المندرة بعد الغذاء يتحدثون ويتمازحون عندما دخلت مريم عليهم تسأل سعاد.
"أنا صبنت المواعين وخلصت المطبخ يا ستي الحاجة. محتاجة مني حاجة تاني؟"
"روحي شوفي المطبخ وبعدين انشري الغسيل."
"تعالي اقعدي شوية معنا يا مريم. ريحي شوية يا بنتي انت من الفجر وانت واقفة على رجلك."
نظرت سعاد لإبراهيم نظرة غضب. فقال لها زوجها:
"أيه يا أم صالح. ارحمي البنت شوية."
"هو أنا بعذبها. مش هي اللي قالت عاوزة تشتغل وتتعلم. الي قدها واصغر منها كمان بيفتحوا بيوت."
"أنا مرتاحة كدة يا سيدي الحاج. ما تقلقش علي. لما اتعب هاقعد اريح شوية."
اتجهت مريم للباب لتكمل أعمالها. سألها خالد:
"مريم. حفظت السور اللي قولت لك عليها الاسبوع اللي فات؟"
"أيوة حفظتهم الحمد لله."
"طيب تعالي اقعدي هنا وسمعي."
"حاضر."
جلست مريم بجوار خالد تسمع له ما حفظته من كتاب الله. استمع لها خالد ثم ابتسم لها بعدما انهت تسميعها وقال لها:
"بسم الله ما شاء الله. بجد الله يفتح عليك."
سعدت مريم بنظرة الفخر في عينيه وسألته:
"بجد يعني انا كدة خلصت جزء تبارك؟"
"أيوة. أنت كدة خلصت تبارك وعم. ربنا يجعلك من أهل القرآن وخاصته."
"بسم الله ما شاء الله. الله اكبر عليك. ربنا يهديك ويزيدك يا بنتي."
"الله يكرمك يا سيدي الحاج. أنا عمري ما أنسى فضلكم علي. لولاكم لا كنت عرفت اصلي ولا أحفظ قرآن. جزاكم الله خير على اللي عملتوه معي."
انهمرت الدموع من عيني مريم لفرط سعادتها بما حصلت عليه من حنان ودفء في هذا المنزل. حماية الحاج إبراهيم لها وأيواءه لها في منزله. توجيهات وتعليمات زوجته سعاد وإن كانت قاسية عليها لكنها علمتها الكثير. ثم طيبة قلب خالد الملاك الذي بعثه الله لها لينجدها من الموت وهلاك الشوارع.
نهض إبراهيم واقترب منهم وجلس بجوار مريم ربت على ظهرها ليهدئها وقال لها:
"بس يا بنتي ما تقوليش كدة. كل شيء بأمر الله. لما ربنا يأذن كل شيء بيتم بأمره. ربنا هو اللي خلاك تقابلي خالد ليلتها. وهو اللي خلى خالد يجيبك هنا عندنا. هي كلها انفاس معدودة في اماكن محدودة. أنت مكتوب لك تيجي هنا وتعيشي عندنا. ومكتوب لك تحفظي كتاب الله هنا وتركعي له وتسجدي له في بيتنا. وده كرم كبير قوي من ربنا علينا وعليك. ربنا يزيدك ويثبتك يا رب."
"الله يكرمك يا سيدي الحاج. لولاك ولولا خالد أنا كان زماني مرمية في الشارع. ربنا يجازيكم خير انتم الاتنين."
"خلاص بقى يا مريم. شدي حيلك بس انت وكملي حفظ. إن شاء الله كل ما تحفظي جزء ليك عندي هدية. ماشي."
"كمان يا خالد. أنا كفاية علي قوي انك تحفظني كتاب الله. ده اكبر هدية عندي."
"برضه إن شاء الله هاجيب لك هدية بعد ما تحفظي كل جزء. وما تناقشيش تاني. أنا شيخك دلوقت. وما ينفعش تردي لي كلمة." قال لها خالد ب حزم. فابتسمت مريم وقالت له:
"حاضر يا شيخ خالد."
"مش هتقومي تشوفي اللي وراك يا مريم. اديك قعدت وريحت وسمعت وهتاخدي هدايا كمان. قومي بقى شوفي اللي وراك الليل قرب يليل."
"حاضر يا ستي الحاجة." تركتهم مريم وذهبت لتقوم بأعمال المنزل.
جلست سعاد بجانب زوجها وهمست له:
"شوفت يا حاج اللي انا شوفته."
"يا حاجة اتقي الله. وشيلي الكلام ده من دماغك."
مصمصت سعاد شفايفها ونظرت للجهة الاخرى وقالت لزوجها:
"على شوقك. بكرة تقول سعاد قالت"
* * *
في المساء
كان إبراهيم وزوجته يتحدثان في غرفتهما. قالت سعاد لزوجها
"أسمع مني انا بس. كلم الواد. عينه مش بتنزل من على البنت. وهي كمان مياله له. بدل ما هو عايش بطوله في مصر. تبقى معه وتاخد بحسه."
"أكلمه أقول له ايه يا حاجة. مش تعقلي الكلام. الواد يا دوب عنده 16 سنة. والبنت عيلة صغيرة. يا دوب 13 ولا 14 سنة. جواز ايه اللي اتكلم فيه دلوقت."
"ما أنت اتجوزت المرحومة وانت قده في السن. وأنا اتجوزت وأنا عندي 12 سنة. هو حلو علشانا ووحش علشانهم."
"زماننا غير زمانهم. وأنا أتجوزتك علشان تربي ابن اختك اللي سابته لحمة حمراء. وبعدين خالد متعلم وعايش حياته كلها في مصر. مش متعود على عوايدنا. في مصر الشاب فيهم يعدي الخامسة والعشرين من عمره ويكون لسة ما فكرش في جواز ولا هم. أنت عاوزة تشيلي الواد الهم من بدري."
"بقى الجواز هم. يعني يرضيك عيشته لوحده في مصر. وبعدين الشيطان شاطر. وانت ما تعرفش اصحابه ممكن يعملوا ايه في دماغه. مش ممكن يجيب نسوان في الشقة وهو عايش لوحده. ومحدش دريان هو بيعمل ايه هناك."
"أستغفري الله. خالد حافظ كتاب الله. وعمره ما يعمل كدة واصل. واخويا مربيه زين قوي. عمره ما يعمل كدة. قفلي على الموضوع ده وما تتحددتيش فيه تاني."
"أستغفر الله العظيم. خلاص يا حاج. أنا هاسكت خالص. أنا بس خايفة على ابن اخوك. وبكرة تقول أم صالح قالت."
"لأ مش هقول. نامي بقى وما تعيديش تاني الحديت ده."
"خلاص سكت ونمت. تصبح على خير."
"وأنت من اهل الخير."
* * *
الأسبوع التالي
"خلاص هتنزل مصر بكرة يا خالد."
سأل إبراهيم ابن اخيه
"أيوة يا عمي. الدراسة قربت فاضل اسبوعين بس على الدراسة."
"هتوحشنا يا ابن عمي."
"وانتم كلكم هتوحشوني."
"أبقى خد بالك من نفسك يا ابن اخوي. والله على عيني قعدتك هناك لحالك كدة."
"ما تقلقش يا عمي. يعني هيطلع لي عفريت. ابن اخوك رجل."
"طول عمرك رجل يا ولدي. من يوم ما ابوك الله يرحمه رقد وتعب وانت شيلت مسئولية بيتكم كلها. حتى المرحومة أمك انت اللي فضلت معها فترة تعبها ومرضها. جزاك الله خير يا ولدي على تعبك وكملك بعقلك."
"الله يرحمهم يا عمي." صمت خالد دقيقة يحارب دمعه ثم قال لعمه ليغير الموضوع عن والديه ووفاتهم.
"مش هاوصيك على مريم. خد بالك منها. ده غلبانة قوي."
"ما تقلقش عليها. مريم ده زي بنتي. وإن شاء الله هتطلع من داري على عدلها. مش هافوتها لحالها."
"ربنا يجازيك خير ويجعله في ميزان حسناتك يا عمي."
قطع حديثهم صوت تليفون سعاد فردت عليه واستمعوا جميعا لحديثها.
"أيوة يا صالح."
"أهدى يا ابني مش عارفة افهم منك حاجة."
"خلاص هنيجي أنا وأبوك دلوقت."
"ربنا يقومها لك بالسلامة."
أنهت سعاد المكالمة وأجابت التساؤلات التي وجهتها كل عيون الموجودين.
"في ايه يا أم صالح؟"
"أحلام مرات صالح. الماية نزلت عليها وهيولدوها دلوقت."
"لكن هي لسة ميعادها بدري. فاضل لها اسبوعين."
"الدكتورة هتولدها دلوقت فتح بطن."
همت سعاد لتستعد للذهاب للمستشفى.
"يا رب استر. أسترها يا رب."
تبع إبراهيم زوجته ليستعد.
"ربنا يقومها بالسلامة يا عمي."
بعد ربع ساعة استعد الجميع للخروج. سألتهم مريم قبل خروجهم:
"أجي معكم يا ستي الحاجة؟"
"هو احنا رايحين فسحة. احنا رايحين المستشفى. خليك قاعدة هنا."
"وهنهملها هنا لوحدها ازاي؟ تعالي يا بنتي معنا."
"يعني هياكلها الديب لو قعدت لوحدها. خليك هنا خلصي المطبخ وجهزي العشاء هنرجع تعبانين اخر النهار. وكمان بكر بيلعب برا شوية وهيرجع ما ينفعش يلاقي البيت فاضي."
خرجوا جميعا وتركوا مريم بمفردها في المنزل.
بعد ساعتين في المستشفى
"ألف مبروك يا صالح. يتربي في عزك يا ولدي."
"الله يبارك فيك يا ابا."
"مبروك يا صالح. الواد الخالق الناطق انت. شكلك وانت صغير."
"بجد يا اما. أنا كنت صغير قوي كدة."
"طبعا أمال انت نزلت رجل بشنبات كدة."
ضحك الجميع
"مبروك يا صالح. ربنا يجعله ذرية صالحة يسندك في الدنيا وياخد بيدك للجنة في الآخرة."
"الله يبارك فيك يا خالد. عقبالك كدة لما تشيل خلفك. مش تتجدعن كدة وتتجوز علشان نشوف ولدك."
"جواز ايه يا ابن عمي دلوقت. مش لما اخلص من الثانوي واتخرج واشتغل. قدامي مش اقل من عشر سنين قبل ما افكر في الجواز."
"يا ابني مفيش احسن من انك تربي عيالك وانت لسة بصحتك وعافيتك. أنا اكبر منك بخمس سنين اهه ومعي بنت وولد اهه."
"اللي فيه الخير يعمله ربنا. أنا مش بفكر في الكلام ده دلوقت خالص. وبعدين انت ناسي اني عايش في مصر مش هنا. يعني لو اتجوزت وانا في السن ده هناك اصحابي هيزفوني."
"سيبه براحته يا صالح. ربنا يكملك بعقلك يا خالد. ركز انت بس في مذاكرتك واشوفك واقف مكان ابوك. وبعدين ابقى فكر في الجواز والخلفة بعدين."
"ربنا ييسر الحال يا عمي. مش هتروحوا يا جماعة. بدل البنت اللي قاعدة لوحدها طول النهار كدة."
"مش لما نطمن على مرات ابن عمك الاول. لما تفوق من البنج وتروح على بيتها. وبعدين انت قلقان عليها قوي كدة ليه؟"
"عادي يا مرات عمي. أكيد زمانها زهقت من القعاد لوحدها."
"ما تقلقش. مفيش حاجة هتحصل لها."
"أبا هو هشام راح فين؟ مش كان معكم؟ ما شافش الولد لسة."
"مش عارف كان واقف معنا من نص ساعة. الله اعلم راح فين ده."
"تلاقيه نزل الكافيتريا يشرب شاي ولا حاجة."
مكث الجميع يضحكون ويتكلمون إلا خالد الذي ظل صامتا سارح في أمر ما. بعد عدة دقائق وقف خالد وتوجه للباب. سأله عمه.
"على فين يا خالد؟"
"هانزل اشوف هشام فين."
تركهم خالد وبحث على هشام في المستشفى بأكملها فلم يجده. أتصل بعمه.
"أيوة يا عمي هشام جه عندك ولا لأ برضه؟"
"لا يا ولدي. ما جاش. هو مش في الكافيتريا؟"
"لا يا عمي. أنا دورت عليه في المستشفى كلها ومش لاقيه."
"تلاقيه راح يتصرمح مع اصحابه الفاقدين اللي زيه."
"يمكن يا عمي. أنا هارجع البيت علشان اجهز حالي للسفر بكرة."
"ماشي يا ابن اخوي. لكن انت هتمشي ازاي هشام خد العربية معه."
"أه العربية مش مركونة مكان ما نزلنا. أنا هاروح مواصلات."
"في حفظ الله يا ابني. خد بالك من نفسك."
أنهى خالد المكالمة مع عمه وجري على موقف سيارات الاجرة والقلق يعتلي ملامحه.
بعدما أنهى إبراهيم المكالمة مع خالد. وسألته زوجته.
"في ايه؟ هشام مشي؟"
"أه مش موجود في المستشفى."
"وخالد راح فين؟"
"هيروح البيت علشان يجهز حاله للسفر بكرة."
"قولت لي بقى. يعني رايح البيت علشان يجهز حاله وبس."
"أمال ايه يا سعاد."
"ماليش صالح انا بيكم. أنت وابن اخوك اتصافوا لحالكم."
"طيب اكتمي دلوقت خلينا نطمن على مرات ابنك ونروح احنا كمان."
بعد ربع ساعة
كان إبراهيم متجهما صامتا وسعاد تداعب حفيدها الصغير هي وصالح. فجأة وقف إبراهيم وقال لإبنه:
"أيه يا صالح مش مرتك فاقت شوف هتخرج امتى بقى؟"
"الحمد لله يا ابا هي فاقت هاروح اسال الدكتورة هنقدر نخرج امتى."
ذهب صالح ليسأل الطبيبة. وسألت سعاد زوجها.
"مالك مستعجل ليه كدة؟"
"عاوز امشي زهقت من القعدة. والشيطان شغال في دماغي من كلامك السم."
"كلام ايه؟ أنا قولت حاجة؟"
"لا ما قولتيش. خلصي بسرعة قومي علشان نمشي."
دخل صالح الغرفة وسأله والده
"هه يا صالح الدكتورة قالت ايه؟"
"قالت أحلام هتبات هنا الليلة. هنروح احنا وأمها هتقعد هنا معها."
"ماشي يا ولدي. تعالى بسرعة قبل الليل ما يليل علينا في الطريق."
خرج الجميع من المستشفى وعقل إبراهيم مزدحم بالافكار والظنون.
...................
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1