رواية معدن فضة حلقة خاصة بقلم لولى سامى
ها ناقصك حاجة تانية من حاجات رمضان ؟؟
كان سؤال محمد لماسة التي ظلت تعدد له مستلزمات الشهر الكريم لتقول بشجاعة واقدام / اه طبعا أنا قولتلك على طلبات البيت في الحالات العادية لكن لسة طلبات العزومات ومتنساش احنا عزوماتنا مختلفة يعني الطلبات هتكون لاكلات مصرية وسورية وجزائرية ....
لوهلة كان عقله يستوعب ما تقوله حتى انتبه فجأة لاخر كلمة فأعاد عليها ما قالته مع تبرير كل كلمة قائلا / استني استني إنتي قولتي اكلات مصرية وده علشانا، وسورية وده معروفة علشان چواد جوز اختك وزمايله لكن ايه اللي جاب الجزائر يا حبيبتي انتي ناوية تعملي مائدة رحمن بمقر جامعة الدول العربية !!!!
أطلقت ضحكة صاخبة كتعبيرا عن إعجابها بمزحة زوجها التي أطلقها للتو لتشير بيدها له معتذرة عندما رأته ينظر لها بتعجب من رد فعلها رافعا إحدى حاجببه ومنتظر انتهاء ضحكاتها والإجابة على سؤاله....
حاولت السيطرة على ضحكتها وهي تعتذر بتهدج قائلة / سوري يا حبيبي ..... بس عجبني التعليق اوي .....
حسيته لايق على شعار عيلتنا ....
قلب عيونه لأعلى متأففا فهو ليس بمزاج حسن لهذا المزاح .....
فغلاء الاسعار يسبب له فوبيا من مجرد ذكر كلمة شراء ...
انتهت من ضحكاتها لملاحظتها عبوس وجه محمد ثم اعتدلت بجلستها لتحاول أن تتحدث بجدية قائلة / معلش مرة تانية يا محمد هقولك يا حبيبي...
الاكل الجزائري علشان جت زميلة معانا في المدرسة هي مدرسة فرنساوي بس ايه البت لبلب فرنساوي ولهجتها فظيعة .....
لما اتعرفت عليها أنا وميار عرفنا أنها جزائرية ...
احنا كنا شاكين أنها مش مصرية علشان لهجتها المصرية غريبة شوية هي بتحاول تتكلم مصري بس اكيد مش زيينا ...
اتقربنا منها وعرفنا منها أنها جزائرية وعايشة مع جوزها جزائري برضه فى مصر علشان شغله هنا ....
قبل أن تكمل مايسة علق محمد قائلا بتهكم / ايه يا ماسة هتحكيلي حياة زميلتك !!!
ثم أطلق سؤاله ليبرر سبب تهكمه/ برضه مش فاهم ايه علاقة كل ده بالعزومة ؟؟
انتي ناوية تعزمي كل اصحابك بالشغل وهي من ضمنهم يعني ولا ايه مش فاهم ؟؟
كادت أن تتحدث ليكمل معلقا / وقبل ما تكملي الموضوع ملوش علاقة بالفلوس إنتي عارفه الشهر ده كريم إزاي وربنا بيجعل في بركة كتيرة....
بالإضافة أن احنا الحمد لله مبسوطين واقدر اجيب اللي عايزاه بس الفكرة أن مش اي حد نتوغل معاه وندخله بيتنا عادي !!!
رفعت أقدامها لتجلس القرفصاء فمن الواضح أن الحديث سيطول لتقول محاولة إقناعة / أيوة طبعا يا حبيبي مانت عارف أن أنا وميار مش اي حد بناخد عليه...
بس ده بنت جميلة جدا وروحها حلوة اوي وعندها ولد واحد زي السكر .....
كادت أن تكمل في سرد تفاصيل حياة زميلتها لولا أن لاحظت تأففه فعادت إدراجها تذكر السبب مباشرة /
الفكرة أنها صعبت عليا لما قعدت تفتكر ذكريات رمضان في بلدهم وازي بتتجمع مع عيلتها وان رمضان ده هيقضوه لوحدهم .....
بدأ ينتبه لحديثها لتكمل مردفة / وانت عارف الشهر ده بيحب اللمة إزاي !!
فبصراحة اقترحت عليها انك تتعرف على جوزها وبعدين نبدا بعدها نعزمه في رمضان...
وعلى فكرة ده مخطط أنا لسه مقولتوش ليها بس بقولك علشان تعمل حسابك في الحاجات اللي هتجيبها ....
ها ايه رايك بقى ؟؟
ضيق عيونه لحظات يحدق بها حتى هيأ لها أنه سيرفض ثم تغيرت نظراته من مجرد تحديق للمعة الاعجاب وابتسم بطرف فمه سائلا / هو أنا النهاردة قولتلك بحبك ليه ؟؟
شقت الابتسامة ثغرها وهي تحرك رأسها نافية وسعيدة بنفس الوقت ليكمل ابتسامته قائلا / بحبك وبموت فيكي علشان جبر الخواطر اللي دايما بتعمليه....
قبل رأسها ثم اتبع قائلا/ إنتي عارفه اجر مجرد تفكيرك في جبر خاطر مغتربين زي دول في يوم من ايام رمضان كبير قد ايه ؟؟؟
وقد ايه اجره عند ربنا كبير جدددا...
ده غير اجر افطار صايم ده لوحده اجر لا يضاهيه اجر ......
لمعت عيونه بسعادة طاغية كما لمعت عيونها بحبه الذي دائما ما يؤثرها فهي لم تفكر سوى في محاولة إدخال السعادة على أسرة بسيطة بمناسبة الشهر الكريم ...
لتجد زوجها يرى أن اقل ما تفعله لهو شئ عظيم بل ويضخم من جماله حتى جعلها تراه بشكل اخر ...
فجأة ارتمت بأحضان محمد الذي فوجئ بها في وسط أحضانه تدفن وجهها بصدره وتبكي فرحا ليربت على ظهرها متعجبا ثم يسألها قائلا / مالك يا حبيبتي أنا قولت حاجة زعلتك ؟؟
ظلت تكمل نحيبها وهي بين ضلوعه...
تومأ برأسها رافضة ليسالها مكررا / طب مالك يا حبيبتي هرموناتك طفحت دلوقتي !!!
حاول مداعبتها لعلها تهدأ قليلا ليفاجئ بوكزة آتيه منها على ظهره وهي تمتم بجملة ما ليتأوه قائلا / طب اتكلمي من غير ضرب ...
خرجت من أحضانه تنظر له بعيون عاشقة وهي تزيل دموعها وبعض السوائل المتدفقة من أنفها بمنديلا بيدها وهي تقول له / انت جميل اوي يا محمد ....
انزوى ما بين حاجببه وهو يعلق معرضا / وده اسمه غزل ولا قرف ...
وكزته مرة أخرى بعضده وهي تقول / بطل غلاسة بقى ....
ادعى التأوه ثانية فقبضتها مع حالتها ليست بقوية على الاطلاق ثم ابتسم وهو يقول متهكما / ماهو محدش يقول لحد انت جميل بالشكل ده ؟؟
حرك رأسه بقلة فائدة وهو يردف قائلا/ المهم مقولتليش الطلبات السورية والجزائرية ايه ؟؟....
فور أن استمعت لجملته وقد تغير حالها للنقيض لتمسح وجنتيها وتنظف أنفها وبدأت تحصي له كل ما لذ وطاب من أصناف قد سمع عنها سابقا وغيرها لم يسمع عنها ابدا....
..................................
مع إشراقة اليوم التاني وتأهب ماسة للدلوف من المنزل للانطلاق لعملها نادى عليها محمد مؤكدا / ماسة متنسيش تبلغي زميلتك الجزائرية اني عايز اقابل جوزها علشان لو ارتحتله يبقى هشتري الحاجات ....
اومأت برأسها ثم ارسلت له قبلة بالهواء وهي تتجه إلى باب المنزل حاملة ابنها لتهبط به عند والدة زوجها حتى تتركه لديها مثلما تفعل كل يوم وهي ذاهبة للعمل ......
بعد قليل كانت تقف أمام منزلها تنتظر ميار وچواد الذي وافق على عودتها للعمل بشرط إيصالها يوميا بنفسه ...
لحظات وظهرت ميار وزوجها الذي توجه الاخير تجاه سيارته وبدأ في تشغيلها بينما شرعا الفتاتين في إلقاء السلام على بعضهم ثم توجهوا لاستقلال المركبة ....
-على فكرة يا ميرو محمد وافق يقابل اكرم جوز ملاك ....
نطقت بها ماسة وهما بطريقهم للمدرسة ليلفت انتباه چواد الحوار بمجرد وجود اسم رجل بالموضوع ولكنه لم يعلق وظل ينتظر إجابة زوجته التي أطلقت اجابتها الغير شافية بل والغريبة بنفس الوقت له فقالت باختصار/ كويس جدا يارب يرتاحله ..
هنا لم يتمهل چواد أكثر من ذلك فقط دعت معشوقته لرجل غيره لتنتفض غيرته من داخله ويعقد حاجبيه ناظرا تجاه زوجته سائلا بصوت يغلفه نبرة الغيرة القاتلة / هو مين ده يا حبيبتي الي عايزه اخوكي يرتاحله؟؟
فور إطلاق چواد سؤاله انتبهت هي وماسة لخطورة جملتها ليضطربا كلاهما وينظران لبعضهم البعض لتبدأ ميار في محاولة توضيح الأمر فقالت بصوت يغلفه القليل من اللجلجة/ ده ...... ده زوج زميلتنا ... وكنا عايزينكم انت ومحمد تصاحبوه علشان زميلتنا يعني....
ظل يوزع النظرات المتعجبه بينها وبين الطريق وعقله يرفض منطق حديثها ليطلق سؤاله / مش فاهم برضه عايزانا نصاحبوا ليه ؟؟؟
كادت أن تجيبه بتلعثم لولا أن الطريق قد انتهى وانقذها قصر المسافة فقالت معتذرة / معلش يا حبيبي احنا وصلنا أن شاء الله اول ما نرجع هنتكلم ...
ترجلت مسرعة من السيارة وهي تنظر له من النافذة وتردف قائلة / بص ابقى كلم محمد وهو هيفهمك كل حاجة...
ثم ألقت عليه قبلتها المعتادة وانطلقت خلف ماسة التي لم تنتظر ثانية بالسيارة بل ترجلت مسرعة فور وقوف السيارة ...
لحقت ميار بماسة وهي تضع يدها على صدرها وتطلق تنهيدة الإنقاذ لتقول لها / كنت هروح في داهية يخرب بيت شيطانك ...
ضحكت ماسة وهي تقول / أنا افتكرتك اتكلمتي معاه امبارح علشان كده اتكلمت براحتي ....
- انشغلت خالص مع واجبات الاولاد ونسيت أقوله ...
ربنا يستر ومحمد يعرف يهديه ويفهمه بدل ما يحاسبني حساب الملكين ....
نطقت بها ميار لتوكزتها ماسة بكتفها وهي تمازحها وتغمز بإحدى عيونها قائلة / بيغير عليكي اوي ...
ابتسمت ميار واطلقت تنهيدة عشق لتعلق وهي مبتسمة / وانا بعشق غيرته ...
حاولت ماسة طمأنة ميار فقالت لها / هكلملك محمد واحكيله علشان يكلم چواد ويفهمه متقلقيش...
اومأت ميار برأسها بينما قامت ماسة بمهاتفة محمد تسرد له ما تم لتتفق معه على مهاتفة چواد واعلامه بكل شيء ليتفاجئوا كليهما بمن يربت على كتفها من الخلف ليستديرا معا وينطقا / ملاك بنت حلال كنا لسه في سيرتك ...
نظرت لهم ملاك متخوفة من جملتهم وهي تتسائل / يارب تكون السيرة خير ....
سحبتها ماسة وهي تقول / خير يا اختي تعالي هنقولك .....
سردت لها ماسة ما حدث مع زوجها وما طلبه منها من ترتيب موعد لمقابلة زوجها لتسعد ملاك كثيرا وتحاول التواصل مع زوجها للاتفاق معه على موعد المقابلة ....
ذهبا كلا منهم لحصههم حتى أتى موعد الاستراحة
جلسا ثلاثتهم يتسامرون عن بعض العادات الرمضانية المتشابهة في الدول العربية المختلفة لتشرع ماسة في الحديث قائلة / بس حقيقي بحس ان رمضان بمصر ممميز عن أي دولة ....
اردفت ميار مكملة / فعلا بحس الروحانيات هنا عالية جدا برغم أن ماما اخلاص بتقولي أن تقريبا نفس العادت موجودة بسوريا بس برضه بتقول في مصر رمضان مختلف ....
هنا تحدثت ملاك التي كانت تستمع أكثر ما تتحدث قائلة / ايه عنا بالجزائر في روحانيات وتقريبا نفس عاداتكن من تضييط وتنضيف المنزل وشراء اواني جديدة بس نحنا كمان بنشوف أن بمصر رمضان اله طعم مختلف ....
نظرت للأعلى والإبتسامة على ثغرها وهي تكمل / بنحب اوي الزينة تبعكن وصوتها بالشوارع وفرحة الصبية وهما بيعلقوها ، وبنحب كمان الفانوس ....
أنا هشتري لابني ضياء فانوس هيفرح بيه جدا ...
وسمعت عن الحسين والخيم الرمضانية أن شاء الله هنغتنم الفرصة ونزور كل الاماكن تبعكن برمضان ...
التفتت لها ماسة تسألها بفضول / انتوا عندكم موائد رحمن ؟؟
احنا هنا برغم أن الكل بيحاول يجري قبل الفطار علشان يلحق يفطر مع أهله لكن في نفس الوقت بيكون مطمن وهو بالشارع أن حتى لو المغرب إذن عليه هيلاقي مائة مين يفطره ...
عندنا هنا بيتسارعوا على الخير وبيوقفوا العربيات علشان يوزعوا عليهم عصير او حتى تمر عندكم بالجزائر كدة برضه ؟؟....
ابتسمت ملاك وهي تشعر بروائح رمضان تتذكر أحوال موطنها وتحكي عنه ببعض من الحنين / عنا كدة أيضا ....
عنا مطاعم الرحمة تنتشر اوي فرمضان فكل مكان ويوفرو فيهم اكل زي البيت بالضبط شهر خيىر بالفعل...
وتلاقي الناس يالي ساكنة عالطرق الكبيرة بطلع اكل وتوزعو عالمسافرين...
بجد بتكون ايام خير وبركة ...
تحمست كلا من ميار وماسة عن الأحاديث حول ايام الشهر الكريم لتسأل ميار بفضول عارم حول احداث اليوم في الشهر الكريم لدى النساء الجزائرية فقالت/ قوليلي يا ملاك انتوا عندكم حاجات مميزة بتعملوها في سفرة رمضان ؟؟
انتبهت ماسة لسؤالها فقد بحثت بنفسها عبر محرك البحث عن اشهر الاكلات الجزائرية حتى تستطيع اعداد قائمة مستلزمات العزومة ولكن عندما يخرج الحديث من فم جزائرية هنا يختلف الأمر ....
استمعت ملاك لسؤال ماسة لتستفيض في سردها قائلة / الجزائريات فرمضان كلهن دي شاف (طباخين) يالي ولا مرة دخلت المطبخ بالسنة تدخلو فرمضان هههههههههههه
صمتت برهه تتذكر بعض الأصناف ثم اردفت قائلة /
الشوربة فريك سيدة المائدة 30 يوم رمضان كل يوم شوربة فريك ولا بنمل منها ....
بس الغرب الجزائري بيعملو الحريرة بدل الشوربة...
استرسلت تحكي عن الموائد الجزائرية وكلا من ميار وماسة مستمعين ومستمتعين لما تسرده فاكملت قائلة / عندك ثاني البوراك والزلابية دول على كل طاولات الفطار الجزائرية..
تسائلت ميار باستفسار/ ايه البوراك ده ؟؟
تحدثت ملاك بشهية وكأنها ترى المائدة أمامها / البوراك من المملحات (مقبلة) طيب جدا ومش بنستغنى عليه...
ثم اخرجت هاتفها تبحث عن صورته حتى تريهم إياها واكملت وهي تشير لإحدى الصور بهاتفها قائلة / وده الزلابية دي حلو وقلب اللوز دول من الحلو يالي لايستغنى عليه فرمضان....
بنحطهم فالسهرة مع القهوة والشاي....
وفيه أطباق كتيرة ومتنوعة بتتعمل بس انا عطيتك اكثر حاجة مميزة وبتلاقيها فكل بيت برمضان...
تحدثت ماسة بحماس قائلة / أنا مينفعنيش الكلام ده لازم أدق بنفسي واحكم ...
لتجيبها ملاك بسعادة وكرم / والله نتمنى تقبلوا عزومتي برمضان ونحنا نعمل افضل واطيب طعام ....
انتبها جميعهم على جرس انتهاء الاستراحة لتتوجه كلا منهن على فصلها على وعد بالاتفاق على يوم يجتمعون به برمضان ....
انتهى اليوم الدراسي لتعود كلا منهن لمنزلها بعد أن تم الاتفاق بين الرجال محمد وچواد واكرم على مقابلة تعارف فيما بينهم ...
مرت الايام سريعا ليهل هلال الخير وتستعد الدنيا باستقال افضل ضيوف العام للتجمع الأسر أمام التلفاز تنتظر اعلان الرؤية لتعلن دار الإفتاء المصرية عن رؤية هلال شهر رمضان بالغد فتنطلق التهنيئات والمباركات بين أفراد الأسرة الواحدة ولم يتوقف الأمر على هذا بل تتعالى رنين الهواتف وكأن رنينها يعلن عن انطلاق ماراثون العبادة ليهاتف كل قريب قريبه وكل صديق صديقه يهنئه باستقبال الشهر الكريم .....
بينما كانت ملاك واكرم يجلسان أمام التلفاز ورأوا واستمعوا لإعلان دار الإفتاء بأن اليوم هو المتمم لشهر شعبان وغدا غرة رمضان الكريم ليهنئ اكرم زوجته ويقبل رأسها قائلا / كل سنة وانتي طيبة يا حبيبتي ،
كل سنة وانتي معايا ومنورة دنيتي ...
بعتذر منك اذا حرمتك من الأهل والاحباب بس بهدي الايام ...
بس أن شاء الله راح نحتفل معهم بالعيد ...
لتنظر ملاك لزوجها بعيون دامعة تحاول جاهدة اخفاء روح الحنين بداخلها حتى لا تثقل عليه من الهموم مصطنعة الابتسامة وهي تقول / الله يخليك إلنا وما يحرمنا من جمعنا .....
اقترب من رأسها مقبلا إياها ثم أتى بفانوس رمضان وأعطاه لضياء ابنهم الذي سعد به كثيرا وظل يلهو به ...
بينما ظل كلا من اكرم وملاك يراسلون الأهل والاحباب عبر الإنترنت لتنهئتهم بقدوم الشهر الكريم فإذا بهاتف اكرم يصدح معلنا عن اتصال من محمد ليجيب على مكالمته قائلا / يا هلا بزينة الرچال ...
صمت قليلا ليستمع للطرف الآخر فيجيبه اكرم قائلا / وانت بالف خير وسعادة وكل اسرتك الكريمة بالف خير.....
ثم صمت ثانية لتتسع الابتسامة على ثغره ونظر تجاه زوجته التي تعجبت من نظراته بينما هو يجيب والسعادة قد طغت على ملامحه / تكرم والله ويجعله بيت كرم دايما .... اي هنيحي ان شالله ...
الله يجبر بخاطركم ... الله يجبر بخاطركم...
انتهت المكالمة لتسأله ملاك / خير اكرم ايه في ؟؟
نظر لها اكرم بسعادة طاغية وهو يقول / في كل خير ... في ناس طيبة كتير وبتحب الخير ...
في اني كنت عاتل الهم من غدا وأحنا باول يوم رمضان ونفكر بحالنا وكل الأسر بالعالم عم تتجمع ...
لكن ربنا اهدانا بناس كتير طيبين ...
محمد زوج زميلتك وچواد عزموا علينا غدا في الفطور معهم وانا وافقت كرمالك لجل ما تحسي بغربة ابدا ...
الله يوفقهم ويجبر بخاطرهم ....
هبطت دموع الفرح من مقلتي ملاك لترتمي بنفسها بأحضان زوجها تبكي مرارة الغربة وسعادة الصحبة ليربت على ظهرها بعد قليل وأخرجها من أحضانه غامزا قائلا / لا تنسي نحنا برمضان هنزل الحق التراويح واچي نحتفل بالشهر الكريم لحالنا (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) صدق الله العظيم لا تنامي وانطريني ...
......................
بالطرف الآخر بعد أن أغلق محمد الهاتف نظر تجاه ماسة بفرحة ثم قبل رأسها قائلا / ربنا يخليكي ليا بسببك سمعت احلى دعوة دلوقتي ....
ابتسمت ماسة وهي تدعو له قائلة / ويخليك ليا يا حبيبي ...
هم بالنهوض قائلا / يالا هنزل أنا بقى علشان التراويح وهقابل چواد تحت مش عايزة حاجة ؟؟
ابتسمت وهي تجيب / متنساش الزبادي ...
بعد ذهاب محمد للصلاة هاتفت ماسة ملاك لتؤكد عليها الحضور باكرا حتى تختار ما تريده من طعام على مائدة رمضان لتجد الأخيرة تصمم على إعداد المأكولات الجزائرية بنفسها لتذيقهم أصناف جزائرية من ايديها ...
بالمنزل الآخر عند ميار بعد أن أنهى چواد وميار مكالمات التهنئة ومكالمة الاتفاق على عزومة الغد استعد چواد للانطلاق لصلاة التراويح مؤكدا على والدته بمائدة عامرة من الأصناف السورىة لتجيبه اخلاص / متقلقش انت المهم متنساش تعزم يزيد ويزن ونضال زي ما متعودين كل سنة وكل سنه وانت بخير يا حبيبي ...
توجه چواد للصلاة لتجلس ميار بجوار اخلاص سائلة / قوليلي يا ماما ايه الفرق بين رمضان بسوريا ومصر ؟؟
ابتسمت اخلاص بحنين واسترجعت عشرات السنين وهي تقول / مصر وسوريا زي الاخوات التؤام بينهم حاجات كتير متشابهه بالعادات والتقاليد حتى بطريقة الاحتفال برمضان والعيد ...
اه كل بلد ليها طقوسها بس متحسبش أنها اختلفت كتير ....
زمان اندمجنا مع بعض وكان في وحدة بينا واخدنا من مصر كتير....
زي الزينة والفوانيس وبقينا زينا زيكوا ...
علشان كدة لما ابو چواد جبنا مصر محسناش بالغربة بالعكس حسينا أننا وسط اهلنا حبينا المصريين اوي وهما كمان حبونا ...
علقت ميار بعشق خفي لچواد ولهجته التي تؤثرها قائلة / ولهجة السورين برضه جميلة اوي أنا عن نفسي بعشقها...
نظرت اخلاص بخبث ثم علقت قائلة بلهجتها السورية / اي اللهجة السورية سلسة ومريحة للاستماع والأهم أن معظم كلماتها مفهومة...
بتعرفي انا صرت افهم لهجتكم بشكل كامل حتى الصعيدية....
نحنا السوريين متابعين للافلام والدراما المصرية وخصوصاً الافلام القديمه والمسرحيات كانت بتاخد العقل...
كل عيد اضحى او الفطر لازم نسهر على مسرحية مصرية مدرسه المشاغبين ، شاهد ماشفش حاجة، والافلام يلي كان فيها غوار وحسني بورظان ايام الفن الجميل والراقي ولا رشدي اباظه محبوب الجماهير فنحنا تقريبا حافظين لهجتكم بسبب الدراما...
وبرمضان كمان كنا ننطر الدراما المصرية ونتابعها معاكم حتى الاعلانات بتاعتكم وصرت اتحدت المصرية مليح قبل ما انزل مصر...
ثم اعتدلت بلهجتها وهي تطلق تنهيدة حنين واكملت قائلة /وطبعا العادة الدينة متلكم مواعيد الصلاة صلاة التراويح والسهر كمان...
عندك الأقارب بالمطاعم والشوارع بتضل للسحور فيها حركة واكيد بدنا معجزة للاستيقاظ بالصباح...
ضحكا كليهما لتكمل اخلاص حديثها / ممكن الاختلاف يكون في الاكل بالرغم أن اكلنا قريب من المصريين برضه بس في اختلاف بسيط ...
شعرت ميار بالسعادة والفخر بوطنها التي لطالما كانت ولا تزال موطن مريح ودافئ لكل العرب وهي تستمع لحديث اخلاص لتعلق قائلة / المصريين حبوكوا علشان انتوا شعب جميل وروحكم حلوة واكلكم كمان حلو ...
انطلقت الضحكات من كليهما لتردف ميار سائلة / ها بقى ناوية تعملي اكل ايه بكرة؟؟
أو ايه اكتر حاجة مميزة عندكم برمضان؟ ...
استقامت اخلاص تتجه للمطبخ وخلفها ميار وهي تقول / بصي انتي اكلتي معانا سوري كتير يعني واضح أن الاختلاف مش كبير زي الملوخية مثلا عنكم مفرومة وعنا بورقها ...
والغلاش منعملة نحنا كمان حادق وحلو ولو سادة ومنسقية شربات .
ونحنا كمان منعمل الحلويات فيها متلكم بس الأساسية عندنا منحشيها فستق حلبي ومنسقيها شربات متلكم .....
وعنا كمان اكلة الحلو الاروع اسمها حلاوة بجبن وهي عجينتها سميد وجبنة هي أكلة بتاخد العقل وبدها شربات كتير ومنزينها بفستق حلبي والحشوة جبنه...
نسيت اقولك اهم ما يميز رمضان بالاكل معروك رمضان وهاد خاص بالشهر الكريم وبيكون محشو بالتمر....
ظلت اخلاص تسرد بعض الوصفات لميار التي كانت تقف مبهورة ومستمتعة من مجرد الحوار الدافئ هذا وهي تجد اخلاص تبدل بين اللهجات وكأنها تقاوم حنينها لموطنها الاصلي ولهجتها التي لطالما اشتاقت إليها حتى انتبهت على اخلاص وهي تشمر عن ساعديها قائلة / بينا نبلش بالسحور واللي هيكون اليوم لبنة جبنة، وزيتون مكدوس ،بيض مرتديلا ، فول مدمس ، وبطاطا حسب وابريق شاي على كيفك ....
.................................
اشرقت الشمس بنور ربها لتنثر على العالم أشعتها الممزوجة ببركة رمضان لتدب الحياة بكل بيت وكأنها حياة جديدة لنفوس نقية .....
توجهت كلا من ميار وماسة إلى عملهم بعد أن أكدت كلا منهم على والدتها بعدم البدء في اي شئ خوفا عليهم من المجهود وخاصة انهم باول يوم صيام واكتفوا أن يتركوا لهم ابنائهم لحين عودتهم من عملهم .....
ولكن كان لاخلاص وعزة رأي آخر فهم كأمهات رأوا أن أبناءهم يشقون بالعمل ويجب التخفيف عنهم لذلك شرعوا في تجهيز كل ما لذ وطاب من أنواع الطعام المصرية والسورية المختلفة كلا على شاكلته ...
واعداد العصائر والمقبلات المتنوعة.....
بينما بالعمل انتهى اول يوم بين التهنئة والمباركات بالشهر الكريم وكانت تتلبس الجميع روح ملائكية ....
حتى نهاية اليوم اصطحبا ميار وماسة زميلتهم ملاك لحين قدوم زوجها مع الرجال ....
وصلا ثلاثتهم الي المنزل ليدلفا وهم يقدمان ملاك لاخلاص وعزة حتى اتت ماجدة والتي حاولت بروحها المرحة أن تخرجها من قوقعة الخجل التي كانت تحيطها لتنطلق ملاك طالبة أن تدلف للمطبخ لتعد بعض المأكولات الجزائرية وقد كان ....
بدا المطبخ كخلية النحل الذي لا يخلو من الآتي والذاهب...
يتناولون المكونات ويتبادلون المعدات حتى حضرا كلا من غزل وغرام ليبدأ إعادة توزيع المهام وتحديد الفرق ....
فقد شرعت اخلاص في تكوين فريقها والذي يتكون من غزل وغرام وميار لكونهم زوجات لرجال سورييين فيستوجب عليهم اتقان الوجبات السورية...
بينما انحازت ماجدة لملاك فقد اعجبتها الأصناف الجزائرية وآثرت أن تتقنها من اجل التغيير لنضال
ام عزة لم تجد أمامها إلا ماسة لتنضم لحزب المائدة المصرية ولم يخلو الأمر من الوصفات والإقتراحات لتتعالى الضحكات والصيحات .....
بينما تجمع الرجال بمنزل محمد بالطابق العلوي حتى يتركوا للسيدات حرية العمل والذي كان جمعهم لا يتصف إلا بالنوم العميق ...
فكل من يحضر يستقيم محمد لفتح الباب وبدون اي حوار يعود لنومه ليدلف من أتى ويتوجه لاي مكان ينام هو الآخر ....
حتى اكرم برغم أنه ضيف جديد لكن اتفق معهم على النوم بدون اتفاق وكأنه اتفاق عالمي بين الرجال وقت الصيام ....
بدأت التواشيح تصدح بالارجاء لتعلن اقتراب موعد اذان المغرب فبدأت الرجال تقرأ ما تيسر من القرآن الكريم لحين صدور الاذان ...
بينما السيدات تجهزن وارتدن ما يناسب استقبال الرجال وشرعن في ترتيب وتنظيم المكان لتتسع لمائدة طويلة تتسع لجميع الأفراد وتسع جميع الاصناف ...
ثم بدأن في وضع الطعام حتى استمعا لجرس المنزل لتستقيم عزة تفتح الباب باعتبار أنها صاحبة المكان وهي من تستقبل الضيوف ....
ليدلف الرجال ويلقوا السلام ويجلس كل رجل بجوار زوجته ...
فكانت ميار بجوار چواد وبجواره نضال بجوار ماجدة التي كانت تجاور محمد اخيها الذي يجلس بجوار ماسة لتجلس بجوارها غرام وبجوارها يزيد ويجاوره أخيه يزن وبجواره زوجته غزل لتجاورها ملاك وزوجها اكرم الذي كان يجلس بجوار والد ميار وزوجته عزة ...
ليصدح الاذان وتعلو التكبيرات وينطق كلا منهم بينه وبين نفسه بدعاء لا يرد يليه دعاء الافطار...
ثم يتعجلوا بالافطار تفعيلا لحديث رسولنا الكريم وسنته بتناول التمر في بادئ الأمر يليه احتساء العصير ثم يليه الحساء الساخن...
لحظات وبدأت الهمهمات وانطلاق الآراء حول مذاق الأطعمة وسافرت الاطباق بين الدول على نفس المائدة بين مصر وسوريا والجزائر ليتبادلوا اطباق الدول المختلفة ويشيدون جميعهم بجميع الأصناف مع التأكيد على تكرار هذا الجمع عدة مرات خلال الشهر الكريم ليصبح عادة يكرروها حتى ولو يوم كل اسبوع
ينتبهوا جميعهم على صوت اغنية بالتلفاز تعبر عن كل ما يعيشونه ليبدأ منهم من يغني معها ومنهم من يدندن بصوت خفيف ومنهم من كان ينظر للجمع بنظرة سعادة لا تعوض بأي ثمن ...
رمضان في مصر حاجة ثانية والسر في التفاصيل
رمضان في مصر غير الدنيا طعمه بطعم النيل
***********
في كل حتة بنتمشى فوانيس وزينة في الشارع
صوت الأذان يدخل قلبك ونصلي تراويح في الجامع
بالليل بتحلو القعدة طاولة ودومانا وكوتشينة
والله زمان داحنا بقى لنا مدة بعيد عن بعضينا
**************
رمضان في مصر حاجة تانية والسر في التفاصيل
رمضان في مصر غير الدنيا طعمه بطعم النيل
في كل وش تلاقي ضحكة والناس بسيطة وفرحانة
كل القلوب الخير فيها كل البيوت هنا عمرانه
وده كان مسافر في الغربة وخذ إجازته هنا معانا
رمضان تملي مقربنا اللمة دي كانت واحشانا
رمضان في مصر حاجة ثانية والسر في التفاصيل
رمضان في مصر غير الدنيا طعمه بطعم النيل
انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار أراؤكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
للمزيد من الروايات الحصريه زورو قناتنا على التلجرام من هنا