رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة وثمانيه 108بقلم فاطمه عبد المنعم


 رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة وثمانيه بقلم فاطمه عبد المنعم

من يعلم 

ربما تكون النهاية التي ظننت أنها أوشكت بداية لمأساة أكبر لم تتمن حدوثها أبدا.

★***★***★***★***★

آخر ما تتذكره هو تصريحها له بالقرب، تغلبت على خوفها وكعادته ساعدها هو ببراعة في ذلك، في حضرته يُمحى الخوف، وتزهر الروح، و يدق الفؤاد فرحا بقربه... استيقظ هذه المرة قبلها، في كل مرة تخبره أن يقترب ويجدها بعدها تبكي بصمت في إحدى الزوايا وكأنها ندمت على تصريحها، تُنعش روحه بقولها أريدك وتقتلها حين يلمحها تبكي بعد اللقاء، ولكن هذه المرة استيقظ قبلها، قبل أن تقوم وتنفرد بنفسها مؤنبة لروحها على ذنب لم تفعله.... تململت في نومتها واستدارت لتصبح ناحيته، اعتدل "عيسى" جالسا على الفراش وقد أحس أنها تتصنع النوم فقال وهو يمسح على وجنتها:

وكم أحملُ قلبي في محبتكمْ 

ما لَيسَ يَحمِلُهُ قلبٌ فَيحتَملُ 

تسارعت دقات قلبها، حين استمعت لما قال، ناجح في إرباكها، و ماهر في إجبارها على المواجهة، وتذكيرها بأنه لم يفت الكثير على استسلامها بين يديه وبدد الهرب وهو يكمل:

وكمْ أصبرهُ عنكمْ وأعذلهُ 

وليسَ ينفعُ عندَ العاشقِ العذلُ


وأمام نبرته الآسرة هذه لم تستطع إلا أن تفتح عينيها، وأول ما رأته كان وجهه البهي، عينيه الصافيتين وقد نجحا في إغراقها فيهما وهو يقول بابتسامة لم ينفع أمامها إلا أن تشرد به:

يَزْدادُ شعريَ حُسناً حينَ أذكرُكُم 

وقبل عينيها خاتما بما نطق به فؤاده قبل فمه:

إنّ المليحة َ فيها يحسنُ الغزلُ


فاقت من شرودها به على جملته:

ده من قصيدة لبهاء الدين زهير اسمها "دعوا الوشاة" بحبها أوي. 


شعرت بمراوغة تحدث وتيقنت حين سألت:

أنت كنت بتقولهالي صح؟ 


ورد وهو يرفع كتفيه بلا مبالاة وهو يقول ببراءة أجاد تمثيلها:

لا... جه على بالي الكام بيت دول فقولتهم. 

طالعته بنظرات مشتعلة وهي تسأله بغضب:

يعني مش أنا المليحة؟ 

هز رأسه يؤكد أنه لم يكن يقصدها بهذه الأبيات وعلى الرغم من يقينها من أنها المقصودة ولكن نجح في إثارة غيظها مما جعلها تهتف بعينين غاضبتين:

طب قوم ب... 

بتر عبارتها وهو يشير على عينيها سائلا بابتسامة مشاكسة:

هو في مليحة أحلى من كده؟ 

تحولت للنقيض، من الغضب العارم للابتسام فقال بضحك:

قولي كده بقى... عايزة تتعاكسي، فين الحياء؟ 

وكزته في صدره بغيظ وهي تهتف:

أنت اخر واحد تتكلم عن الحياء أساسا. 


مال عليها سائلا بمزاح:

ليه بس؟... ده أنا مؤدب خالص. 

واستكمل هو يدغدغها:

مؤدب جدا. 

فتعالت ضحكاتها وهي تحاول إيقافه بينما طرب قلبه لضحكاتها، للمرة الأولى لا تستيقظ وتنفرد بنفسها لتعذب روحها، استيقظت ووجدته جوارها وقد نجح ببراعة في قتل شعور الذنب الذي يقتلها، تغلب بحضوره على خوفها ليعلن في النهاية أن الفائز هو ويكفيه أن تكون ضحكاتها جائزته. 


★***★***★***★***★***★***★***★


في المشفى يقفا معا هي و "حسن" أول من استغاثت به بعد انقطاع صوت "طاهر"، تتذكر " شهد" حين هاتفها أحدهم يخبرها أنه وجد صاحب هذا الهاتف على الطريق وقام بنقله للمشفى، كانت اخر من حادثه "طاهر".... تعالى نحيبها أما " حسن" فشغل رأسه ألف سؤال، لم يخبر والده بما حدث وقرر التصرف هو... كل هذا الضغط لا يتحمله والده أبدا، خرج الطبيب فهرولا نحوه ليقول:

احنا خيطناله الجروح اللي كان في دراعه ورقبته...شوية وهتقدروا تدخلوله يا أستاذ "حسن" 

_ طب هو كويس طيب؟ 

كان سؤال شهد التي لم تتوقف عن البكاء منذ أن أتت إلى هنا، وزاد الانهيار وهي تسمع أن هناك طعن بذراعه ورقبته، وسيضطروا للجراحة ثم المحضر الذي أصرت المشفى عليه والآن تسمع أنهم انتهوا، أرادت من وسط كل هذا أن تسمع فقط أنه بخير وبالفعل تحقق مرادها حين هتف الطبيب:

 اتطمني، احنا بس هنمشي على التعليمات اللي هقولهالكم لحد ما نفك الغرز و بإذن الله يكون خير. 


اطمأن "حسن" أخيرا، وكذلك هي التي أخذت تحمد الله وهي تمسح عبراتها حتى سمعت "حسن" يقول:

اللي عمل كده كان قاصد "طاهر"، ولا خد موبايله ولا خد عربيته، أكيد مضربهوش علشان ياخد الفلوس اللي في المحفظة بس. 


_يمكن شافوا حد جاي فخافوا وجريوا وملحقوش ياخدوا حاجة. 

كان هذا تبريرها ولم تكن حالتها تسمح لها بالتفكير في أي شيء، بقت فقط تنتظر حتى يُسمح لهم بالدخول له، مر الوقت ثقيل حتى أتتها الإشارة فهرولت ناحية الغرفة وطالعته بعينين تسابقت الدموع فيهما، تناولت كفه تقبل باطنه وهي تكرر بخوف:

أنت كويس؟ 

ابتسم على هذا، ومد ذراعه السليم يمسح على خصلاتها ويطمئنها بتعب:

أنا كويس. 

جلست حواره على الفراش وتشبثت به كصغير يخشى فقدان والده من جديد، مازحه " حسن" قائلا:

أنت بتردهالي يعني؟... علشان وقعتك في مشكلة من كام يوم، تلبسني معاك النهاردة. 


ابتسم "طاهر" وبعد أن سمع شقيقه منه ما حدث كليا هتف بضيق:

وبتشد معاهم ليه يا طاهر ما تغورهم بالحاجة. 


_ أنا مشدتش معاهم، هما اللي كانوا كأنهم جايين قاصدين الأذى مش حوار عايزين ياخدوا اللي معايا ويمشوا. 

قالها ثم مسك رأسه إثر الصداع وهتف:

أنا مش قادر أفتح، عايز أنام. 

ردعت هي "حسن" بقولها:

سيبه ينام كفاية كلام... تعالى نخرج. 

ثم عدلت خصلاته المبعثرة قائلة:

نام يا حبيبي وشوية ونخرج إن شاء الله. 

ثم أسرعت تتيقن مرة ثانية منه بلهفة:

بس أنت كويس صح؟ 

_ أقسم بالله كويس. 

قالها وهو يربت على كتفها، و طالبها بالرحيل برفق:

يلا علشان حسن يروحك، وأنا هخرج بإذن الله.... ابقي تعاليلي هناك. 

هزت رأسها رافضة باعتراض ولكن أمام نبرته المصرة اضطرت للاستجابة، قامت ولم تفارقه نظراتها وقبل أن تسأل من جديد هتف ضاحكا:

لو سألتي تاني أنا كويس ولا لا هعملك عاهة تخليكي تقعدي جنبي في المستشفى هنا. 

ضحكت وبالفعل استجابت وغادرت مع "حسن"، وهنا فقط أخذ يتردد في أذنها ما حدث، حادث كهذا يأتي فجأة بعد اتصال " علا" المثير للريبة بها، قول "حسن" أن الهدف ليس سرقة بل شقيقه مقصود وأيضا قول "طاهر":

كأنهم جايين قاصدين الأذى مش حوار ياخدوا اللي معايا ويمشوا. 

عقلها ربط كل هذا بواحد فقط، بشاكر... كل هذا جعله أول من يأتي إلى ذهنها ولا تتوقف عن التفكير في أنه وراء ما حدث بطريقة ما. 

وصلت مع " حسن" إلى حيث منزلها، بمجرد أن رحل أخرجت هاتفها فوجدت مكالمة فائتة من "علا"، احتدت عيناها وقررت تغيير طريقها إلى جهة تعلمها جيدا وقد تمنت من كل قلبها وجودهم هناك. 


★***★***★***★***★***★***★***★


_ رايحة فين يا "علا"؟ 

سؤال سألته " بيريهان" التي جلست في ردهة منزل زوجها في الاسكندرية، والذي أصرت عليه أن تأتي وقد قرر أن يأتي لتوديع والدته وأخته قبل سفره معها إلى الخارج. 

تنفست "علا" بعمق وهو تتوقف مكانها، ضربت بتنبيه شقيقها عرض الحائط وغادرت غرفتها بل ونزلت حيث "بيريهان" التي نبه عليها ألا تلتقي بها إلا لحظة السلام وفي أضيق الحدود... بدت علامات الاستغراب على وجه "بيريهان" وهي تقول:

إيه ده؟... هو ده شعرك؟، أنا حاسه شكله غريب. 

ابتسمت "علا" بحسرة، هل تخبرها أنها خصلات اصطناعية، هل تصرح بأن شقيقها حرمها من شعرها بلا رحمة... ابتلعت غصة مريرة في حلقها وقبل أن ترد وجدت شقيقها على حين غرة يدخل من البوابة الرئيسية، سمع سؤال زوجته فأسرع يرد بدلا من "علا" التي اقترب يحاوط كتفها:

لا ده مش شعرها... "علا" شالت شعرها خالص. 

شهقت "بيريهان" بصدمة وتابع هو وقد بدا متأسفا لهذا:

كانت تعبانة منه، وروحنا لدكتور جلدية قال إن الحل إنها تشيله خالص الفترة دي، أكيد الدنيا هتظبط ويطلع تاني إن شاء الله. 

تجمعت الدموع في عيني "علا" وتحررت من أسفل يده وقد ظهر الضيق على وجهها بينما "بيريهان" بدر إلى ذهنها أحد الأمراض الجلدية الذي يتطلب بالفعل حلاقة الشعر، بدت الشفقة على تقاسيمها وهي تقول بلطف:

معلش يا "علا"، أكيد هيطلع تاني و الاكستنشن حلو برضو، شكلك لطيف ومختلف فيه. 


هزت " علا" رأسها موافقة وقبل أن تتكلم سمعوا صوت ثائر يأتي من الخارج وكأن أحدهم يتشاجر مع الخادمة، بالفعل دقائق ورأوا أنها تُدفع ومن دفعتها تظهر أمامهم وهي تقول بغلظة:

وسعي يا أم أربعة وأربعين أنتِ.

صاحت "بيريهان" باستنكار لشهد التي لمحتها أمامها:

ايه الأسلوب ده؟... ازاي تكلمي واحدة زي مامتك كده. 


_ أنا أمي مبتشهدش زور يا حبيبتي. 

قصدت بها "شهد" الخادمة بعد شهادتها ضدهم قبل ذلك، تخطت "شهد" الجميع وذهبت لتقف أمام شاكر وشقيقته، طالعته من أعلاه لأسفله باستهتار، كيف يخفي كل هذا الحقد خلف قناع بهاء طلعته، كان حقدها في هذه اللحظة مماثل له بل أضعاف فهتف بملل:

عايزة إيه؟ 


سألته بغضب بان في عينيها التي شنت حرب عليه:

أنت اللي بعتت اللي ضربوا "طاهر".


ابتسم، ثم طالعها ليسأل وقد قطب جبينه:

هو أنتوا يا " شهد" لو نملة قرصتكم بتجروا تقولوا أكيد "شاكر" اللي مأجر النملة دي علشان تقرصنا؟... مبتزهقوش من دور الضحية وتلقيح الجتت ده، أنا معرفش اللي بتتكلمي عنه، ولا أعرف إن الكابتن مضروب، سلامته ألف سلامة. 

قال جملته الأخيرة ساخرا فارتفعت نبرة "شهد" وهي تهتف:

تلقيح الجتت ده تعرفه أنت وأختك وأمك، ولا هي فين الحرباية أمك صحيح؟ 


أخبرها بابتسامة:

لا معندناش حرباية هنا غير واحدة بس واقفة قدامي، وبالنسبة للحاجة كوثر فهي نايمة، وصوتك بقى علشان متزعجيهاش وإلا هضطر أتخلى عن ذوقي وأطردك بطريقة متصحش. 


علت ضحكات "شهد" الساخرة وأخرجت هاتفها ثم توجهت ناحية "بيريهان" قائلة:

بصي كده يا هانم... مش ده رقم "علا" برضو؟، شوفي كده هي رانة عليا كام مرة واسأليها هي بتحاول تكلمني ليه؟ 


نظرة مشتعلة توجهت من "شاكر" إلى "علا" التي دب الذعر في أوصالها، ثم وجهت الهاتف إلى شاكر الذي هتف ببرود بعد أن وقعت عيناه على توقيت المكالمات:

علا أصلا تليفونها كان مسروق من امبارح في كليتها، ولسه بنت معاها هناك جايباه من شوية وقالتلى إنهم لاقوه وأنا اديتهولها... مش غريبة يا "شهد" إنه يتسرق منها في الكلية اللي أنتِ معاها فيها لا وسبحان الله الحرامي يختار يرن عليكي وبعد كده يرجعلنا... إيه؟ هو الحرامي سرقه علشان يكلمك ولا إيه؟ 

اللعين هذا ما هتفت به "شهد" داخل رأسها، لديه مبرر دائما لكل ما يحدث، حتى ولو مبرر مؤقت ولكنه سيساعده على الإفلات لذلك هتفت "شهد" ضاحكة:

لا استني كده... استنى صدقتك، أنت المنتجين والمخرجين تايهين عنك فين؟، ده أنت لقطة... بس معلش ما اصلك لاقي اللي بياكل على قفاه ويصدقك. 

هذا جعل "بيريهان" تهتف باعتراض:

والمفروض أصدقك أنتِ بأسلوبك الرخيص ده وأكدب جوزي. 


_ متتحمقيش أوي كده يا عيوني و أنتِ بتقولي جوزي، جوزك ده التلاتة منه في السوق بقرش. 

وبالجملة هذه أعطته تصريح للعنف، فأتى ليجذبها من مرفقها بغلظة مما جعلها تصيح:

اوعى يابن "كوثر".

لم يفلتها بل كان يعرف طريقه جيدا، اتجه بها ناحية إحدى الغرف فسارعت " بيريهان" تهتف:

أنت بتعمل إيه يا "شاكر" سيبها تمشي. 


_ لما كبيرها يجي ياخدها. 

هكذا صرح ببساطة وهو يلقيها في إحدى الغرف، واستغل هرولة "بيريهان" وشقيقته ناحية الغرفة التي وضعها بها، وقام بفصل الكهرباء عن المنزل كليا خلسة. 

صدحت صرختها، وضعها في أكثر الغرف التي يمتنع عنها أي ضوء خارجي ومع صرختها استدارت "بيريهان" تبحث عنه وما إن لمحته حتى هتفت:

خرجها يا "شاكر".


نطق بتحدي:

قولت لما كبيرها يجي ياخدها. 

وأمام صرخات " شهد" المتواصلة وهي تسبه وتنعته بأبشع الألفاظ صاحت "بيريهان":

وأنا بقولك خرجها... مجرمين احنا هنحبس الناس؟ 

لاحظ التغير الكلي الذي أصاب زوجته، فاضطر مجبرا لفتح الباب لشهد، كانت لحظات كافية لدب الذعر في أوصالها، وما إن خرجت ولمحت التشفي في عينيه حتى دفعته بكل قوتها وهي تبصق في وجهه:

اتفو عليك يا حقير... أنت إيه معجون بماية الكدب؟ 


_شوفتي اللي خلتيني أخرجها؟ 

صاح بها لبيريهان التي دفعتها قائلة:

يلا لو سمحتي امشي من هنا كفاية مشاكل لحد كده، علشان لو حد كذاب فعلا هو أنتم. 


وللمرة الأولى لا تنصفه، للمرة الأولى تهتف بحقيقته في العلن، حيث صدح صوت " علا" وهي تقول أثناء وقوفها جوار الباب المفتوح الذي اتجهت ناحيته:

شهد مش كدابة يا "بيري" 


تجمدت "بيريهان" مكانها ولم تصدق "شهد" ما التقطته أذنها، أما هو فاستدار مسرعا لشقيقته بنظرات غاضبة لم تردعها عن أن تقول بدموع وهي تطالعه:

شاكر عمره ما حب واحدة غير "ملك".


وقبل أن يهتف أحدهم بأي شيء اهتز هاتفها في يدها وقد أتاها اتصال من كابتن السيارة التي استأجرتها على أحد التطبيقات، استغلت أنها مجاورة للباب تماما وقد كان ما زال مفتوح وعلى حين غرة هرولت نحو الخارج، لم يلحق بها شقيقها حيث هرولت بكل سرعتها اتفقت مع السائق أن ينتظرها على مقربة من منزلها وما إن وصلت للنقطة التي اتفقا عليها حتى صعدت للسيارة مسرعة وطالبته برجاء:

اطلع بسرعة. 


ثم أغلقت هاتفها تماما وهي تطالب السائق أن يسرع وقد خشت أن يستطيع شقيقها اللحاق بها بسيارته فهتفت:

متدخلش من الرئيسي ادخل من الشارع الجانبي ده وأنا هقولك تمشي ازاي. 


قنبلة موقوتة هو من أشعلها بنفسه، لم يهتم بأمر علا التي كان على يقين من أنه قادر على إرجاعها بقدر ما اهتم بأمر زوجته التي سألت بوجه قد بهت:

علا قالت كده ليه؟ 

مما جعل " شهد" تقول بابتسامة متشفية وهي تتطالعه وتتجه للمغادرة:

بالشفا.

وبمجرد خروجها تماما، صاحت "بيريهان" بانهيار:

رد عليا يا "شاكر" ساكت ليه؟ 

الدموع في مقلتيها أجبرته على الخضوع لنظراتها وهي تسأله بضياع:

علا بتكذب صح؟ 

وأمام السؤال لم منه إلا الاحتواء، احتضنها ولكن هيهات لن تقبل بأي شيء إلا تفسير واضح وصريح لأقوال شقيقته قبل لحظات، هذه الأقوال التي نجحت وببراعة في إفساد كل شيء. 


★***★***★***★***★***★***★***★


طلب منها انتظاره في المعرض حتى يعود لها من أجل أن يرحلا إلى الاسكندرية، أخذت تراجع الأوراق التي طلب منها مراجعتها حتى قطع انشغالها صوت "بشير":

تحبي اساعدك يا " ملك" ؟ 

هزت رأسها نافية وهي ترد:

علشان صاحبك يجي يقولي مفيش استهتار في الشغل ويقطم فيا مية سنة. 

ضحك "بشير" ثم اتجه ناحية البراد وسأل بعد تردد كبير:

هي علا كويسة؟ 

ارتفعت ملك تطالعه باستغراب فتدارك هو ذلك هاتفا:

قصدي يعني علا بنت عمك كانت كويسة ولا هي زي شاكر؟ 


_ ساعات بقول لو كانت كويسة كانت هتقف لشاكر، وساعات بعذرها علشان انا عارفاه كويس... 

جملتها هذه شجعته ليسأل وقد أراد المزيد:

طب قبل الحادثة لما كنتوا عايشين مع بعض، هي كشخصية كانت وحشة؟ 


لم تعرف ماذا تقول فقط صارحته بالحقيقة:

علاقتي بيها كانت على الحياد، لكن كانت بتعمل مشاكل كتير مع اختي، هما الاتنين كانوا دايما ناقر ونقير. 

تنهد بسأم فالاجابة بدت مبهمة بالنسبة له ولم ترد هي السؤال عن أي شيء قبل أن تستفسر من عيسى أولا، أما عنه فاستأذن قائلا:

أنا هنزل اشوف الراجل اللي تحت ده عن إذنك. 

هزت رأسها بموافقة وعادت هي تطالع الأوراق، شعرت بالملل فجذبت هاتفها تعبث به وتتنقل بين التطبيقات بعشوائية حتى لفت نظرها أنه نشط بل ونشر صورة له من إحدى المقاهي الشبابية على حسابه قبل قليل فأردفت بغيظ:

بقى تقولي هروح أعمل مشوار، ومذنبني أنا هنا وأنت خارج وبتتصور، طب ما كنت خدتني معاك... ماشي يا عيسى. 

قالتها بتوعد، ثم استغرقت عدة دقائق تصنع بهم حساب اخر جديد، تأكدت من إخفاء كل شيء، وسمته باسم إحداهن ثم اتجهت إلى حسابه وأرسلت له: عيسى وحشتني أوي. 

أرسلت الآخرى قائلة:

أنا شيرين كنت معاك في الكلية... فاكرني؟ 


انتظرت حتى ملت من كونه سيرد ولكن بعد مللها وراحة قلبها بأنه لن يرد أتاها رده يقول:

وهي دي أيام حد يفتكرها يا شيخة...

دي أيام تسد النفس. 


كتمت ملك صحكاتها وهي تكتب:

يعني ناسيني؟... لا زعلت منك.


_ تعالي نتقابل و افتكرك. 

رده هذا أشعل النيران داخل قلبها فاحتدت نظراتها وكتبت:

بجد أنت فاضي؟ 


أتى رده يزيد من الاشتعال أكثر:

أفضالك يا بيبي.

 

صاحت "ملك" بضجر:

ده أنا هطربقها عليك النهاردة. 

مسكت الهاتف وكتبت:

قولي صحيح اتجوزت ولا لسه؟ 


_ اتجوزت بس مش مرتاح معاها. 

تسارعت أنفاسها وهي ترد عليه:

ليه؟ 

فأتاها قوله:

مثيرة للريبة.


همست بغيظ ونبرة باكية:

وكمان بتاخد كلامي. 

أسرعت ترد عليه سائلة:

هي مين دي؟ 

_ مراتي... و حمقاء كمان. 

فكتبت له:

حمقاء؟ 

ليأتيها رده:

أيوه ورجاء حين أعاملك لا تكن أحمق فشخص مثلي يخبرك:

دماغي مش ناقصة حمقى ولا ناقصاك أنت كمان.

هذا جعل صبرها ينفذ وتكتب له:

ولما أنا حمقاء ومثيرة للريبة متجوزني ليه؟ 


_ متجوزك مين يا ستي أنا أعرفك... استهدي بالله. 


فكشفت أوراقها مرسلة:

أنا مراتك اللي مش مرتاح معاها يا حبيبي... المثيرة للريبة الحمقاء. 


مما جعله يرد عليها:

ما هو حمقاء فعلا، علشان جاية تشتغليني ببروفايل ال picture بتاعته صورة من مسلسلك المفضل، يا شيخة كنتي حطي صورة ورد مكتوب عليه زوجي قرة عيني كنت هتخدع أكتر. 


شهقت بصدمة وقد علمت أنه كشف أمرها وتابع هو الكتابة:

مش كرييتڤ أنتِ يا "ملك"... اعتذري يلا. 

_ أنا اعتذرلك؟... وبأمارة إيه أنا اللي اعتذر وأنت كنت في طريقك للخيانة. 


فأتى رده قاتلا:

أراك تتحدث وكأن الكواكب تدور من حولك في حين أريد سؤالك:

أنت حد مهم يعني على الليلة دي كلها؟ 


ضحكت ملك وزادت ضحكاتها حين أرسل:

بتضحكي ها؟..


في نفس التوقيت وصل " نصران" إلى حيث وجهته بعدما علم بما حدث مع "طاهر" من "حسن"، طمأنه

 " حسن" وأخبره أنهم في الطريق ولكنه لم ينتظر حتى عودتهم، قرر أن يذهب إلى وجهته بعد أن اطمئن واستمع إلى صوت "طاهر" الذي أخبره أنه بخير. 

وصل أخيرا، يجلس الآن في الحديقة الخارجية لمنزل "منصور" الذي رحب قائلا:

أهلا أهلا يا حاج نصران. 


ابتسم "نصران" وهو يرد:

أهلا يا منصور. 


شعر "منصور" بالريبة فسأله:

هو في حاجة ولا إيه؟... جايلي في شغل؟ 


_ دم... جايلك في دم. 

قالها "نصران" بعينين ثاقبتين والثبات فيهما هز "منصور" الذي رد:

دم ايه يا حاج نصران؟ 


لم يكن يعتقد أبدا أن يتلقى تصريح كهذا علانية بلا أي حروب باردة، يسمع "نصران" وهو يعصف به بقوله:

دم مراتي اللي على إيدك يا أشر الخلق. 

يشن الحرب صراحة، كان حاسما، صارما ويكاد يُقسم من يراه أن نظراته في هذه اللحظة بالأخص لا تُنسى أبدا.

الفصل المائة وتسعه من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1