رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة والسادس والثلاثون 136بقلم فاطمه عبد المنعم


 رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة والسادس والثلاثون بقلم فاطمه عبد المنعم


أهواك، وأهوى بك إلى الهاوية، على يدك تعلمت أن كل الهوى مر، وبالأخص هواك، ولكنني في كل مرة أهوى فيه بمحض إرادتي، ولا توبة، ولا مفر. 


★***★***★***★***★***★***★***★****★**★


هناك لحظات هي الدواء الأمثل لتعاستنا، نتقتنصها أحيانا، وتفر منا أحيان أخرى، ولكنها تبقى دائما، لا تُنسى أبدا. 


أخر ما وصل إلى أذنيها هو طلبه أن تبقى جواره، نبرته وهو يرجوها:

نامي في حضني النهاردة. 


فقدت كل ذرة تعقل، كان القلب هو المسيطر، نست كل شيء، وأصبحت بجواره، حققت له أمنيته، واستكانت في أحضانه، كان متشبث بها، يحاوطها وكأنها ستفر الآن، نامت بالفعل، بينما هاتفها في الخارج لا يتوقف عن إصدار نغمته المميزة، تحرك بحذر من جوارها، وخرج، فتح حقيبتها يخرجه منها، كان المتصل والدتها، أغلقه تماما، وعاد للداخل مرة ثانية، عاد للنوم جوارها، وهو يهمس بصدق:

وحشتيني أوي. 


لحظات ثمينة، لا تقدر بثمن، يشعر وكأنه ينام للمرة الأولى بعد استيقاظ دام سنة، بينما في الأسفل عند والده، أتاه اتصال من هذه التي لم تعد ابنتها حتى الآن، رد عليها بهدوء قابله لهفتها في السؤال عن ابنتها:

هي ملك كويسة يا حاج نصران؟... مرجعتش ليه لغاية دلوقتي؟ 


_ متقلقيش عليها، ملك عندي، وهجبهالك الصبح. 

جواب مؤقت حتى يكسب بعض الوقت، ولكنه لم ينفع والدتها التي استفسرت:

وهي مرجعتش ليه؟...وتليفونها اتقفل فجأة ليه، البت فيها حاجة؟ 


ونجح هذه المرة في الهرب منها بالفعل حين قال:

تلاقيه فصل يا "هادية"، بنتك كويسة، " رفيدة" بس تعبت شوية، وأنا قولتلها تخليها معاها النهاردة، أنتِ عارفة رفيدة بتحبها ازاي. 


_ ألف سلامة عليها، هي كويسة دلوقتي ؟ 

استفسرت وأتاها رده المختصر:

بخير الحمد لله اطمني، الصبح هجبلك ملك، متقلقيش عليها. 


وافقت على مضض، على الرغم من ريبتها من عدم تواصل ابنتها معها، أما هو فأغلق وهو يحدث نفسه بانزعاج:

لما أشوف أخرتها معاك يا "عيسى"، بتلبسنا مع " هادية"، وهتجيبلنا دوشة للصبح. 


دخلت "تيسير" لمكتبه، وسألها هو بعدما وضعت له القهوة:

عيسى منزلش من ساعة ما طلع؟ 


هزت رأسها نافية، ونطقت:

القهوة دي لو الست سهام عرفت بيها هتقطع خبري. 


تجاهل قولها، واستفسر:

والاتنين اللي كانوا.... 


وقبل أن يكمل، نطقت "تيسير":

قصدك على ضيوف أستاذ عيسى، لا متقلقش، هما مقعدوش، حتى فيهم واحدة أول ما رميت قدامها زي ما أنت قولتلي إنه اتصالح مع الست ملك، قامت خدت بعضها ومشيت والتانية حصلتها. 


هز رأسه برضا، وانصرفت هي حين دخل " طاهر" الذي سأل:

خير يا بابا في إيه؟ 


تنهد "نصران" قبل أن يقص له الأمر بأكمله، ولم يصدق "طاهر"، وأبدى اعتراضه هاتفا:

مينفعش يا بابا، أمها هتعمل مشكلة، كان لازم تعرف حتى الأول، وبعدين أنت عرفت منين إنهم اتصالحوا، أحسن يكون عيسى حابسها فوق، ما أنت عارفه يعملها. 


_ لا لا، من الناحية دي اطمن، هو مش هيعمل كده، لإنه عايز يحل مشاكله معاها مش يبوظ... أنا بس مشكلتي دلوقتي أمها. 


واقترح عليه " طاهر" محاولا إيجاد حل للوضع:

لو فعلا اتصالحوا، اتكلم أنت مع أمها بالراحة، بعيد عنهم، متقولهاش إن عيسى ردها من نفسه، قولها أنه أنت اللي خليته يردها ساعتها، أنت اتصرف معاها بقى. 


استمرا حديثهما لساعات، حتى صعد كل منهما لغرفته لينام، في نفس التوقيت، كانت "شهد" تجاور "مريم" في الفراش، نادتها بهدوء:

مريم؟ 


_ نعم. 

ردت عليها شقيقتها، التي كانت على وشك النعاس لتسمعها تسأل:

نمتي؟ 


أبدت "مريم" ضجرها بقول:

سؤال غبي، مش هرد عليه. 


ضربتها "شهد" بخفة في كتفها، قبل أن تقول بشك:

أنا مش داخل عليا حكاية "رفيدة" التعبانة اللي ملك بايتة معاها دي. 


فاستغربت "مريم" ونطقت:

ليه يا بنتي، ما يمكن كده فعلا. 


هزت "شهد" رأسها رافضة، وبررت شكها بقول:

اسمعي مني بس، أنا بعت أقول لطاهر سلامة رفيدة، خير مالها، عمو بيقول تعبت 


_ وقالك إيه؟

سألتها "مريم" وردت عليها شقيقتها:

علقني، وطاهر مبيعملهاش. 


استدارت لها "مريم" تنطق بغيظ:

شهد يا حبيبتي، بطلي فيلم الأكشن اللي عايشة فيه ده، الوقت اتأخر، تلاقيه نايم، ولا بيعمل حاجة فممسكش الموبايل، وسيبيني أنام بقى ومتندهيش عليا تاني. 


أبدت "شهد" امتعاضها، من جواب شقيقتها، وقذفت عليها الوسادة هاتفة:

نامي يا اختي، أنا غلطانة إني بكلمك، محسساني إن وراكي الديوان الصبح. 


تلقت "مريم" الوسادة ووضعتها فوق رأسها، وبعد قليل سمعت شقيقتها تعود من جديد تطلب: 

طب ناوليني موبايلي من جنبك كده، يمكن ملك فتحت موبايلها. 


_ أنتِ لو منمتيش وسكتي، هقوم أنام جنب ماما وأسيبك هنا لوحدك. 

هكذا توعدتها "مريم" وردت "شهد":

على أساس ماسكة فيكي يعني. 


قررت القيام، ولكن تمسكت بها " شهد" وهي تهتف بنزق خوفا من أن تتركها بالفعل:

خلاص خليكي، هتكتم. 


عادت "مريم" مكانها، وقبل أن تستسلم للنوم من جديد، سمعت شقيقتها تقول:

بس عارفة يا "مريم" والله العظيم حاسة في إن. 


مسكت "مريم" هذه المرة الوسادة، اعتدلت من مكانها وأخذت تضرب المجاورة لها بها وهي تهتف بانزعاج:

هو أنتِ مبتناميش ليه... عايزة أعرف مبتناميش زي الناس ليه؟ 


_ يا غبية بس. 

حاولت "شهد" إيقافها ولكنها لم تفلح، وردت "مريم" على قولها بضجر:

أنا اللي غبية، ده أنتِ اللي مستفزة، ربنا يتوب على الواحد من النوم جنبك. 


دفعتها "شهد" هذه المرة وهي ترد:

يبقى أحسن برضو. 


تجاهلتها "مريم" وعادت تتدثر من جديد، وبعد صمت لم يدم طويلا، نادتها "شهد":

نمتي يا " مريم"؟ 


وقبل أن ترد أكملت "شهد" تطلب منها:

ممكن تخليكي صاحية لحد ما أنام؟ 


_ عارفة يا "شهد"؟ 

سمعتها " شهد" فاطمئنت أنها مازالت مستيقظة، وسألتها:

إيه؟ 


فأخبرتها "مريم" وقد طفح كيلها:

ربنا يعين جوزك عليكي. 


ظل الشد والجذب بينهما مستمر، حتى غلبهما النوم، بينما في التوقيت نفسه، كان السائق قد سأم من "قسمت" التي لا تريد العودة إلى منزلها، ولا تحدد وجهة، أتاها اتصال فردت لتسمع من الجهة الأخرى صوت "باسم" -ابن خالها- يقول:

إيه يا "كيمي" عاملة إيه؟ 


كانت تريد وبشدة الحديث مع أي أحد، فلم تتردد في سؤاله:

هو أنت في القاهرة ولا مسافر؟ 


_ أنا في اسكندرية دلوقتي كنت بخلص حاجة، بس راجع القاهرة الصبح، محتاجة حاجة؟ 


فرصتها ذهبية، وسريعا ما قالت:

أنا كمان في اسكندرية، قابلني دلوقتي. 


استغرب طلبها، خاصة وأن علاقتهما ليست بالقوية، هو فقط يودها من أجل والدها الذي لا يكف عن توصيته عليها، لذلك لم يستطع الرفض، وافقها، وأرسلت هي له الموقع، ذهب ليجدها في منطقة شبه ساكنة، تجلس على مقعد خشبي أمام المياه، وسائقها ينتظرها بالسيارة، ذهب إليها، وجلس جوارها سائلا باستغراب:

قلقتيتي، في إيه؟ 


كانت ساكنة كالمكان تماما، تطالع بحزن كل شيء، وكذبت قائلة:

مفيش حاجة، بس كنت عايزة أشوفك. 


شعر بوجود خطب ما، وحاول الكشف عنه بسؤال:

في إيه يا "قسمت"، أكيد مش جايباني علشان عايزة تشوفيني. 


لمعت الدموع في عينيها، وصرحت بحزن وهي لا تطالعه:

كنت عايزة أتكلم مع حد. 


_ طب اتكلمي. 

حثها على الحديث، وهنا فقط طالعته تخبره بضعف:

أنا بحبه أوي، أنا طول الوقت كنت بحبه وهو مش شايفني. 


ابتلعت غصة مريرة، وهي تكمل بنفس نبرتها التي جعلته يشفق عليها:

زمان لما بعد شوية، مشيت في أكتر سكة غلط علشان أنساه، خسرت نفسي، ولما رجعتلي، وافتكرت إنه هينفع نقرب تاني لقيته بيقولي لا. 


سألته بضياع وهي تنظر لعينيه:

هو أنا وحشة يا " باسم"؟ 


سريعا هز رأسه نافيًا، هو يرد:

لا يا "قسمت"، أنتِ مش وحشة، ممكن تكوني... 


وقبل أن يكمل، نطقت هي:

أنا مش قادرة أشوفه معاها، ياريتني فضلت زي ما أنا، ياريت معملتش العملية ورجعت أمشي تاني، على الأقل قبل العملية، مكانش عندي أمل في أي حد ولا أي حاجة، كنت شايفاه أكبر مجرم في حقي، وكنت بصبر نفسي، بإنه مش ناسي، حتى لما عرفت إنه اتجوز، وسألتك، وقولتلي إنها كانت حبيبة أخوه، وإنه متجوزها تخليص حق، كنت بصبر نفسي بإنه أكيد مبيحبهاش، أكيد كل حاجة هتنتهي، لما عملت العملية بقى عندي أمل أكبر، لما شوفت فرحته في عينه وهو شايفني بمشي، اتعشمت، بس هو بيحبها يا " باسم".


قالت جملتها الأخيرة، وانخرطت في البكاء، وفهم هو الأمر الآن، يدرك عذابها جيدا، وكيف لا يدركه وهو ذاقه من قبل مع من أحبها، ربت على كتفها حتى تهدأ، ولكنها أكملت بضياع:

بيحبها أوي، هو قالي إنه بيحبها، أنت مشوفتش وهو بعيد عنها كان عامل ازاي، كان معايا في شرم بس روحه متعلقة هنا، كإن الإنسان اللي أعرفه اتبدل، كان واحد تاني، كئيب وعلطول ساكت، وسرحان، وحتى لما ابتدى ياخد على الجو شوية ويهتم بالشغل معايا علشان مزعلش، كان أول مجموعة عملناها باسمها، هو لما قالي إنه بيحبها لما صارحته بمشاعري، أنا مكنتش مصدقاه يا باسم، أو كنت مفكرة إنه بيقول كده علشان اتعود على وجودها، وأكيد بعد ما سابوا بعض، هيتخطى. 


زادت دموعها وكأنه ماراثون وهي تلقي على مسامع الجالس جوارها:

لكن بعد ما وافق يشتغل معايا، وهو كل حاجة بيعملها بتثبت إنه حب مش متعود، كل حاجة كان بيعملها كانت بتبين إنه مش شايف حد غيرها، وإني عنده عمري ما هكون مكانها، وكإنه وافق يساعدني في شغلي علشان يعذبني، علشان يخليني اتأكد إنه بيحبها هي، وإني بالنسبة ليه مش فارقة، وحتى لو فرقت مش، هبقى مكانها. 


لم يعلم كيف يتعامل معها، احتضنها وهمست هي بألم:

أنا موجوعة أوي، أنا عرفت النهارده إنهم اتصالحوا يا "باسم"... اعمل إيه؟... ساعدني قولي إيه اللي ممكن أعمله؟ 


ولأول مرة منذ بداية الجلسة سيتكلم بحرية، لم يبخل عليها بالنصح، نطق مراعيًا جرحها الغائر:

عارف إنه مش زرار هندوس عليه، كل حاجة هتتصلح، بس مفيش حل غير إنك تنسيه، طالما عنده مشاعر لواحدة غيرك، لو كانت المشاعر دي مش موجودة كنت هقولك حاولي، لكن في وجودها هيبقى الموضوع صعب أوي، وأنتِ أكتر حد هيتعذب، أنا على فكرة عيشت حاجة شبه كده، ومدتش نفسي فرصة أنسى، فضلت أفكر فيها وهي مش معايا، فضلت عايزها وأنا عارف إن مشاعرها لغيري، محاولتش أدخل تجربة جديدة، والنتيجة إن أنا اللي اتعذبت، وإن حتى لما جه وقت، وبقيت متأكد إن معندهاش مشاعر لغيري، وإنها بتفكر فيا أنا، مبقتش عارف أخد قرار، مبقتش عارف أصدقها، فمتعمليش في نفسك كده يا " قسمت".


طالعها وهو يعدد لها مزاياها بابتسامة:

أنتِ جميلة، وتستاهلي تعيشي حياة مفيهاش التعب ده، حاولي تنسيه، وتشوفي حياتك، ومتقفليش الباب قدام أي حد تاني، حطيه في المكان اللي هو حطك فيه، عيسى على فكرة كان خايف عليكي فعلا وقت تعبك، وكان بيسأل دايما، حتى أنتِ قولتي بنفسك أهو إنه وافق يساعدك في الشغل، أنتِ بالنسباله زي أخته، مش هقولك خليه عندك في نفس المكانة علشان عارف إنك مش هتقدري دلوقتي، بس عارفة مع أول تجربة جديدة، هتلاقيه اتحط في المكان ده، ادي نفسك فرصة تنسي، وساعديها. 


كانت تسمعه بحزن شديد، حديثه صحيح، تعلم هذا، ولكن من يستطيع أن ينفذه، من يشعر بعذاب فؤادها الآن، تناول كفها يربت عليه، ويعدها:

أنا مش هسيبك، وهساعدك تعدي، احنا عمرنا ما كنا قريبين أنا عارف، لكن اعتبرينا من النهاردة يا ستي بقينا، وأي وقت تحبي تتكلمي فيه، هاتيني وصدعيني ٢٤ ساعة. 


ابتسمت وهي تكفكف عبراتها على قوله الأخير، وتحدث هو:

أنا مكلتش من الصبح، هتعزميني، ولا هلبس وأعزمك أنا؟ 


_ أنا كمان مكلتش. 

وأمام قولها هذا هتف ضاحكا:

اه يعني أعزمك أنا، طب خلاص تمام، يلا قدامي. 


بالفعل تحركت معه، كانت ممتنة له، استمع لها وهذا يكفي، لذلك نطقت بابتسامة وهي تسير جواره:

شكرا يا "باسم".


فطالبها بود:

متقوليش كده، مفيش شكر بيننا. 


يكفي راحتها الآن، حتى وإن كان إفراغ ما في صدرها مسكن لألمها، هي راضية، إن كان هذا سيجعل الضجيج داخلها يسكن ولو قليلا. 


★***★***★***★***★***★***★***★***★***★


تململت في نومها، شعرت وكأن شقيقتها تضايقها في نعاسها لذلك نطقت " ملك":

اتاخري شوية يا "شهد".


لم يحدث شيء، ففتحت عينيها بتعب تحاول النظر، لتدرك فجأة أين هي، إنها معه، من يحاوطها هو، كان في سبات عميق، وهي تطالعه ولا تصدق أنها جواره، وفجأة تذكرت ما نسته، تذكرت والدتها، انتفضت وهي تهتف:

ماما. 


هرولت إلى الخارج، تبحث عن هاتفها، أفرغت محتويات الحقيبة، وأخيرا وجدته، ولكنه مغلق، لم يكن هكذا، حاولت فتحه، ففتح لتجد أنه وصلها قبل أن يُغلق العديد من الاتصالات من والدتها. 


هوى فؤادها أرضا، بماذا ستبرر الآن، أسرعت إلى الغرفة تبحث عن حجابها، وفاق هو على حركتها العشوائية، مسح على عنقه بتعب وهو يقول بنبرة بان أثر نعاسه فيها:

صباح الخير. 


لم ترد، وظلت تجوب الغرفة بحثًا فاستفسر:

بتدوري على إيه، ورايحة فين بدري كده. 


هي تعلم ألاعيبه هذه، استدارت له تسأله بحدة:

الطرحة فين يا عيسى؟


رفع كتفيه، في إشارة لعدم معرفته، واقتربت هي منه تسأله باتهام:

وتليفوني برضو قفل لوحده؟


_ مش عارف، لو فيه مشكلة، نجيب غيره عادي. 

ارتدى ثوب البراءة الآن، وهي على بعد لحظات من فقد عقلها إثر أفعاله. 


ضربت بقدميها على الأرضية وهي تصب عليه كامل غضبها:

برضو بتعمل اللي في دماغك، بتقفل الموبايل ليه، ممكن تقولي هقول لماما إيه دلوقتي؟ 


حاول ألا ينفعل، ونجح في هذا وهو يخبرها بهدوء:

أنا مغصبتكيش علشان تقولي بعمل اللي في دماغي، أنا طلبت منك وأنتِ وافقتي يا "ملك"، متحاوليش تعملي خناقة علشان تمشي، تقدري تعملي ده من غير خناق، احنا متفقين إني هسيبك لحد ما تاخدي قرار، وبالنسبة لوالدتك فمتقلقيش الحاج هيتصرف. 


هي بالفعل قررت الشجار، حتى ترحل، حتى لا يستطيع إيقافها، يكفي أنها حققت له مراده، ولكنها أبت الاعتراف، فنطقت:

أنا مبعملش خناقة علشان أمشي، احنا متفقين من امبارح إني همشي الصبح، فمش محتاجة أعمل ده. 


ترك مكانه، ونزل ليقف أمامها، أربكها بقوله:

عيني في عينك كده. 


لم تطالعه، وابتسم هو قائلا:

براحتك، ومرة تانية مهما كان اللي أنتِ عايزاه أنا هعمله. 


ابتعدت عنه تعاود البحث عن حجابها بتوتر، وجذبه هو من أسفل الفراش، قائلا:

طرحتك.


قرر الخروج والتوجه إلى المرحاض ولكن قبل خروجه ألقى على مسامعها:

اتهميني في الدبابيس كمان بقى، أنا جاهز. 


لم تستطع منع ابتسامتها، واستدار هو يباغتها:

بتضحكي يا نصابة. 


تلاشت سريعا، وهي تقول بإصرار:

لا مبضحكش، ومفيش حاجة تضحك. 


ضحك هو على طريقتها، وترك لها الغرفة وخرج، بينما هي نجت من التفكير فيه بأعجوبة، وهوت في التفكير في والدتها، التي بالتأكيد لن تمرر الأمر بسهولة، ارتدت على عجالة، وقررت النزول لوالده، حتى يساعدها في حل الأمر مؤقتًا، سحبت حقيبتها، وقبل أن تتوجه إلى الباب وجدته أمامها، يقطع الطريق عليها، فنطقت بانزعاج:

وبعدين بقى. 


وقبل أن تتفوه بشيء آخر، عبر هو بامتنان:

شكرا. 


ممتن لها على تحقيق أمله ليلة أمس، ويرغب لو حققته له كل ليلة، لو ضغط عليها أكثر ستنسى كل شيء هذا حدثت عقلها بهذا، وهي تحاول أن تتخطاه قائلة:

عايزة الحق عمو. 


ويقبض على مرفقها برفق، يطالب متشحًا بوشاح البراءة:

طب نفطر سوا الأول


وقررت اللحاق بنفسها هذه المرة، وهي توضح له أنها كاشفة لهذه الألاعيب:

وبعد ما نفطر هيبقى نتغدى، وبعد ما نتغدى، هيبقى نخرج نتكلم برا شوية، وبعد ما تخلص سهرتك هتقولي روحي معايا، أنا شوفت من ده كتير، حفظت خلاص، وأسلوب الواحدة واحدة ده مش هيجيب معايا تاني خلاص. 


ضحك، وكيف له ألا يضحك وهي تصارحه بأفاعيله هكذا، ولكنه اعترض على القول الأخير، مردفًا:

لسه جايب معاكي امبارح. 


_ اعتبر إن أخره كان امبارح. 

قالتها بضجر، ولم تتوقع أن يرد:

خلاص نشوف أسلوب غيره، أنتِ تحبي إيه؟ 


كانت الابتسامة تزين وجهه، يستمتع هكذا بمشاغبتها، وكأنه طفل أقسم أن يشاكسها حتى توافق على طلبه، ورغم هذا أتى ردها حازمًا:

أحب توسع يا "عيسى" لو سمحت. 


تنحى لها بهدوء لتمر، وحين مرت جواره كاد أن ينحني ليقبل وجنتها، ولكنها لاحظت فضربته بكوعها، وأسرعت في الخروج من هنا، وهي تسمع تأوهه الذي امتزج بضحكاته، لم تعلم كيف مرت عليها هذه الساعة، لتصبح على مقربة من منزل والدتها برفقة "نصران" الذي كرر عليها سؤاله:

يعني عايزة إيه يا "ملك"؟... تعبت يا بنتي

هو لما كان عايز يرجعك وكلمني، قولتله لا وتتصافوا الأول، فعمل كده من ورايا، أنا لسه عارف زيي زيك، وقولتلك اللي عايزاه هعملهولك، بس أنا مش عارف أنتِ عايزه ايه، ولما متصالحتوش، قعدتي في بيتك امبارح ازاي، أنا فكرت خلاص بتتفاهموا. 


_ بص يا عمو، احنا فعلا اتفقنا على حاجة، إنه هيسيبني أفكر واخد قرار، طلبي بس إن مهما كان قراري تقف جنبي فيه، ممكن؟ 


ربت على كتفها وهو يعدها بأنه سيقف جوارها، وصلا حيث الدكان، خرجت والدتها سريعًا، وقبل أن تحدثها بأي شيء، أمر هو:

اطلعي يا " ملك" وسيبيني شوية مع الست هادية. 


أتاها الفرار على طبق من ذهب، هربت من هنا، إلى الأعلى، ولم تكن تعلم أنها ستجد "شهد" في استقبالها، بل و"مريم" أيضًا التي قالت:

تحكي كل حاجة حالا، أنا مكنتش مصدقة شهد امبارح، بس بعد ما بعتت لرفيدة اسألها هي كويسة ولا لا، ولقيتها بتقولي في إيه، عرفت إن "شهد" كانت صح. 


قررت تجاهلهما على الأقل الآن، ولكنها لم تفلح، حيث حاوطاها، وبدأت "شهد" الاستجواب بقول:

كنتي فين؟ 


و"مريم" من الجهة الاخرى تكمل:

وعمو كذب على ماما ليه؟ 


وزاد اقتراب "شهد" فبدت وكأنها ستلتصق بها وهي تسأل:

ريحة مين دي؟ 


فعلت "مريم" المثل، وأكدت:

فعلا في ريحة، بس حلوه، مي... 


قاطعتهما صارخة بضجر:

بس أنتِ وهي، بطلوا اللي بتعملوه ده. 


_ يبقى تقولي. 

هكذا واجهتها "شهد"، وضغطت عليها " مريم"، ولكنها أبعدتهما وهي تقول بابتسامة صفراء:

مفيش حاجة. 

كان التوتر يلتهمها، تخشى الصدام مع والدتها وتنتظر على أحر من الجمر صعودها. 


دخلت إلى غرفتها، وقالت "شهد" بتفكير:

تصدقي، أنا حاسة بحاجة كده، بس لو صح، أمك مش هتسكت.


_ عيسى.. صح؟ 

هكذا قالت "مريم" وهزت شقيقتها رأسها بتأكيد، وهي تقول بإصرار :

أنا هخليها تقول اللي عندها. 


توجهت هي و"مريم" إلى الغرفة التي دخلتها "ملك"، لم تنتبه لهما، حتى عندما قالت " شهد" لشقيقتها:

هاتي الموبايل كده. 


ثم تراجعت:

ولا موبايل ليه، هغني أنا، حاساني صوتي حلو دلوقتي. 


ثم بدأت في الدندنة وهي تنبه "مريم" لتراقب ردة فعل "ملك":

وقابلني وقالي إنه مش مرتاح في بعدي عنه، 

قال إنه أسف لأنه مقدرش النعمة اللي معاه 


وتحقق الغرض، انتبهت لشقيقتها، التي تتغنى بكلمات تصف حالتها الآن، فوجدتها تهز كتفيها وتكمل بابتسامة ماكرة:

وكان حنين جدا، كان باين تعذيبه فعلا 

كنت اتمنى أرفض طبعًا، بس لقيتني مسامحاه. 


ثم تصنعت وكأنها لا تقصد وهي تقول:

إيه رأيك في صوتي يا " مريم"؟ 


ضحكت شقيقتها وهي تخبرها بصراحة:

ميتسمعش يا حبيبتي، بس شكل الكلام جاي على هوى ناس. 


قالت هذا وطالعت "ملك" بنظرة ماكرة، ولم تتحمل أكثر، فصاحت بغيظ وقد طفح كيلها:

أيوه، أنا كنت معاه، يارب تسكتوا وترتاحوا بقى. 


كيف كانت معه، قول بالنسبة لهما يحتاج إلى المزيد من الأقوال لتفسيره، ولكن منع هذا، صعود والدتها، دخلت الغرفة، ونطقت:

خدي مريم واخرجي يا "شهد".


فاعترضت " مريم":

ما تتكلموا قدامنا عادي يا جماعة، هو حد كان قالكم إن احنا بنطلع أسرار البيوت ولا إيه! 


سحبتها "هادية" من مرفقها، وأخرجتها، وقبل أن تفعل المثل مع "شهد"، خرجت من تلقاء نفسها وهي تقول:

متتعبيش نفسك أنا خارجة لوحدي. 


وبمجرد خروجهما، انفردت " هادية" بها، حاوطتها بنظراتها وهي تسألها:

ها يا "ملك" عايزة اسمع منك. 


ابتلعت ريقها بتوتر، وهي تكرر ما حفظته من "نصران":

هو زي ما عمو قالك يا ماما، أنا روحت اتكلم معاه امبارح، واتفاجأت إن عيسى ردني قبل العدة ما تخلص، وتعبت، وعمو قالي أفضل وهو هيجييني الصبح. 


_ أنا مش مصدقة يا " ملك".

هكذا صارحتها والدتها، وطالبتها برفق:

قوليلي الحقيقة. 


لمعت عيناها بالدموع، بأي حقيقة تتفوه، طالعت والدتها ونطقت بألم:

هو قالي امبارح إنه ردني، معرفتش حتى اعاتبه، وهو ببيوريني شقتنا، معرفتش اتكلم، وهو بيقولي كل حته هنا عارفاكي، مقدرتش وأنا شايفاه عامل كل حاجة علشان نكون سوا، وأنا شايفه كلامه وإنه قد إيه كان متعذب وهو بعيد، وإنه أسف، حتى لما حاولت امشي


شهقت بحزن شديد قبل أن تصرح:

لما حاولت امشي، وطلب مني أفضل جنبه، مقدرتش يا ماما، أقول لا، كنت هقولها ازاي وأنا شايفاه فعلا محتاجني، أنا بصيت في عينه، هو مش كذاب، ومش بيعمل كده علشان نرجع، وأنا.... 


صمتت أمام نظرات والدتها المشفقة، ولم تعلم من أين أتتها القدرة لتنطق:

أنا بحبه أوي يا ماما، بحبه أوي. 


قالتها وانهارت في حضن والدتها، من جديد هائمة على وجهها، ولا تعلم ما الذي عليها أن تفعله، كانت "هادية" تظن أن ابنتها غادرت التشتت للأبد، واتخذت قرارها منذ زمن، ولكنها لم تكن موفقة في هذا الاستنتاج، أخذت تربت على خصلاتها تطمئنها أنها جوارها، وما إن غفت حتى خرجت من الغرفة، لتجد "شهد" تخبرها:

"عيسى" تحت... وبيقول عايزك. 


لم تنتظر أسرعت في النزول له، وما إن رأته في وجهها حتى هتفت:

جاي لحد هنا كمان


_ اه علشان متضغطيش عليها، سيبيها تاخد قرارها بنفسها. 


لم تصدق أنه ينطق هكذا بجرأة، فعنفته:

أنا مضغطش، بس أنت تضغط، وترجعلك تاني، ونعيده من أول، هو أنا كان بالساهل عليا إن بنتي تبقى مطلقة، وأنت عارف إن الناس هنا لسانها مبيسكتش. 


وأكملت غير سامحة له بأن ينطق:

وسكتت واستحملت، وقولت طالما هي اللي طلبت مفيش حاجة اعملها، حتى لما جت تقولك نرجع وقولت لا، قولت معلش كرامته وجعته، ويمكن ده الصالح، ونفضها طالما تاعبين بعض، جاي تعيده تاني ليه يا بن الناس. 


حاول أن يقتنص فرصة واحدة وطالبها برجاء:

اسمعيني. 


ولكنها قاطعته بصرامة:

اسمع أنت، أنا بنتي مش هتتبهدل تاني، عايزة ترجعلك هعتبرها عيلة ومش عارفة مصلحتها، وهقفلها، ولو مش عايزة هقفلك أنت. 


لاحظت قبضته التي يكورها كدلالة على عدم رضاه عن هذا الحديث، حاول باستماتة ألا يفلت أعصابه، تذكر كل شيء وصاه به "طارق"، أخذ نفس عميق، وهو يطالع الواقفة أمامه بثبات، وما إن انتهت حتى سألها:

خلصتي؟ 


_اه خلصت. 

وأمام جوابها هذا سأل:

هتسمعي اللي هقوله ولا هترجعي تتكلمي تاني؟ 


وردت عليه بحدة:

والله لو كلامك معحبنيش هتكلم. 


هز رأسه بهدوء، ثم قال:

طب اطلعي بقى ملهوش لزمة الوقفة هنا، أنا سمعت اللي عايزة تقوليه خلاص 


وتحرك ليغادر وهو يلقي على مسامعها بأسلوب لا يعرف التهذيب قط:

وهعتبر نفسي مسمعتش. 


أمسكت به " هادية" من مرفقه، تدفعه بحركاتها لأن يفقد كل ذرة تعقل لديه، رأت الغضب في نظراته وهي تقول:

اتكلم عدل، أنا مش صغيرة علشان تتكلم كده معايا. 


قاوم غضبه وانفعاله بشراسة، فقط سحب يده وهو يقول:

اللي ملك عايزاه هيتعمل، ولو اختارت ترجع، مش هسمحلك تقفي ليها، وتعتبريها عيلة صغيرة مش عارفة مصلحتها، ولو هي مش عايزة ترجع أنتِ مش هتحتاجي تعملي أي حاجة لإني هحترم رغبتها. 


_ بتحترم رغبتها، بس خلتها معاك امبارح. 

قالت هذا متهكمة، كان يظن أن والده أخفى الأمر ولم تعرف، ولكنه تيقن الآن من علمها، لم يأبه بل نطق بابتسامة:

كان بمزاجها، مغصبتهاش، ولا قفلت عليها الباب وقولتلها مش هتخرجي.


يعلم كيف يثير استفزازها، قررت ألا تنجرف أكثر وقالت:

أنا مش فضيالك، اللي عندي قولته ومعنديش غيره، أنا مش هضمنك تاني، ضمنتك مرة وأخرتها بنتي كانت هتضيع. 


_ بلاش تخلينا نوصل لنقطة إن "ملك" تبقى في وضع إنها تختار بيننا، علشان مصلحتك على فكرة مش علشاني


طالعته بغير تصديق لوقاحته هذه وأكمل هو:

أصلها لو اختارتك هعذرها، ما أنتِ أمها، لكن لو اختارتني أنتِ موقفك هيبقى وحش أوي، وأنا أساسا مش عايزها تتحط في وضع زي ده. 


فواجهته قائلة بإصرار:

وهي مش هتتحط فيه أصلا، وحتى لو حصل مش هتختار غير أمها، اللي محدش هيحبها وهيعرف مصلحتها قدها. 


في هذه اللحظة تحديدًا، رأت الصدق في عينيه، رأته وهو يصرح:

وأنا بحبها، وعايز أكمل معاها، ومش هكون مبسوط أبدا، وأنا بيني وبين أمها حيطة سد، لو هي مش عايزاني هبعد، بس بلاش تبقي أنتِ سبب في الضغط عليها. 


لمعت عيناه حين تذكر أسوء لحظاته في غيابها، وهتف:

أنا محتاج "ملك"، وحاولت وبحاول علشانها، أنا اتعلمت علشانها أحاول علشان نفسي، بدل ما تقفي في وشي، ساعدي إن كل حاجة تتصلح، علشان زي ما أنا متأكد إني بحبها، متأكد أكتر إنها بتحبني، ومحتاجاني، زي ما محتاج ليها بالظبط. 


أنهى حديثه، وغادر من أمامها، أثر بها حقًا، وصلها شعوره، تركها تطالع أثره، وقد أفضى بكل ما لديه، ولكن على عكس توصيات والده لم يكن نقاش هادىء بل كانت مواجهة شرسة. 


★***★***★***★***★***★***★***★***★**★


كان " نصران" يجلس في الحديقة، حين أتى "حسن"، جلس على أحد المقاعد يستريح قبل أن يستمع لسؤال والده:

روحت لعز؟ 


هز رأسه بالإيجاب، وهو يسرد:

روحت اه، ومرضيش يقابلني، أمه قابلتني، وقالتلي إنه تعبان شوية، وصدرتلي حتة وش، كان ناقص تدلق عليا جردل ماية بس وانا خارج. 


_ليها حق، أمه وزعلانة من كلام أمك ليه، ما أكيد قالها. 


وحينها هتف " حسن" بتذمر:

يا حاج طب طالما أنت عارف بتبعتني هناك ليه بس؟ 


طالعه "نصران" بهدوء ولم يرد، فاسترسل "حسن":

أنت زعلان مني ليه دلوقتي، أنا أخر فترة مش بقيت كويس، أنا سامعك بتقول لطاهر إن ربنا هاديني الفترة دي. 


ورغم صحة حديثه إلا أن " نصران" يعلم أن وراءه شيء لذلك قال:

عايز إيه يا "حسن".


_ تكلم الست " هادية" في موضوع.... 

وقبل أن يكمل قاطعه والده يهتف بحدة:

متكملش، ومحدش يقولي أكلم هادية في أي حاجة، أنا دابب معاها النهارده خناقة لسه عندي صداع بسببها، فرح "طاهر" قرب وأنا مش عايز غم. 


قطع حديثهما ذلك الذي أبلغ رب عمله بتواجد سيدة في الخارج، طلب منه إدخالها، وما إن لمحها "نصران" حتى قال بحدة:

أنتِ جاية هنا ليه؟... هو أنا مش قايلك متجيش خالص. 


كان "حسن" يطالعها بانزعاج، وأبدت هي عذرها:

اعمل إيه يا حاج، جابر عامل عليا كماشة، مش عارفة أكلمك، وأنا جاية علشان تلحقه علشان ميوديش نفسه في داهية. 


ورد "حسن" بدلا عن والده:

ليه وهو كان أبوه؟ 


صرحت بما لديها، وبما تخشاه وبشدة:

يا حاج "جابر" حابس أم "شاكر" ومش راضي يمشيها، أنا خايفة الست تموت، ومش راضي يقولي في دماغه إيه، ده جاب مناخير منصور الأرض، الراجل خرف خلاص. 


وقبل أن يرد عليها كان زوجها يقتحم جلستهم هذه، رغم اعتراض هذا الذي أتى من الخارج محاولا منعه، جذبها "جابر" من مرفقها وهو يسبها أمامهم:

هو أنتِ يا بنت ال**** مفكرة إني مختوم على قفايا، ومش هعرف. 


حاولت مسرعة التبرير، وعلا صوت "حسن" يقول:

طب خدها وامشي من هنا، وابقى اشتمها في بيتكم. 


وكأنه يوم المفاجأة، دخلت "شهد" من البوابة، برفقة "يزيد" الذي مكث معها طوال النهار، وأتت الآن لتحضره لوالده، بمجرد أن رأت "جابر" طالعته بامتعاض، في حين ثبتت نظراته عليها وهي تقول:

"يزيد" أهو يا عمو، طاهر ب.... 


لم تكد تكمل جملتها حتى سمعت "رزان" تحاول الفكاك من زوجها وهي تقول بطريقة سوقية:

مالك يا "جابر" اتلوحت على السنيورة كده ليه؟ 


أسكتها "نصران" حين نهرها:

بت أنتِ، هنا بيت الحاج نصران، يعني تتأدبي وأنتِ بتتكلمي.


ثم أشار لجابر قائلا:

وأنت مش لقيت مراتك، خدها وامشي يلا. 


_ لما اعرف كانت هنا ليه الأول. 


هرول "يزيد" للداخل ينادي والده، بينما قالت "شهد":

أنا هروح يا عمو، وياريت تبلغ " طاهر" إني جيت. 


في حين أعادت "رزان" الكرة وهي ترى نظرات زوجها المثبتة على المتحدثة:

تحب أطلبلك إيدها ولا حاجة؟ 


ولم تتوقع أن يرد عليها قائلا:

لو تعرفي أنا موافق... بس مكتوب كتابها. 


فسريعا تخطى "حسن" زوجة شقيقه وهو يقول بانفعال ناويا الاشتباك معه:

لا ده أنت عايز تتربى تاني بقى، وشكلك مكتفتش بالفضيحة الأولى. 


خرج "طاهر" ليرى شقيقه هكذا، فهرول يفصل بينهما، وهو يتساءل بحدة:

في إيه؟ 


يعلم "حسن" بأن علم "طاهر" بما قيل قبل ثوان، سيجعله يفقد عقله، وربما يرتكب جريمة، لذلك تراجع عن القول، وهتف:

مفيش حاجة يا "طاهر".


طالعهما " طاهر" قبل أن يشير لشهد بعينيه حتى تدخل وتبتعد عن هنا، استجابت له، واستدار هو لجابر سائلا:

جاي ليه؟ 


ورد عليه "جابر"، ونظراته تتابع رحيل " شهد":

كلامي مع كبيرك مش معاك. 


فأدار "طاهر" وجه الواقف أمامه وهو يقول:

طب خلي عينك هنا، ولا أنت عايز يتروق عليك تاني؟ 


_ أنا هعمل حساب لأبوك بس، ومش هرد عليك. 


ضحك "طاهر" وسأله:

ده على أساس هتقدر ترد يعني، طب رد يلا وفرجني. 


منعه "نصران" من الذهاب إلى هذه النقطة بقوله الحازم:

فضيناها يا "طاهر" خلاص. 


ثم أشار على "جابر" ناطقا:

وأنت رجلك اتقطعت من هنا خلاص، خد مراتك وامشي، ولو حاولت تدخل هنا تاني، مش هتخرج سليم. 


ورد "جابر" بغضب:

هو أنت هتاكلني ولا إيه؟... أنا اللي ليا حق عندك، أنت مخليها تنقلك أخباري؟ 


قال هذا وهو يشير على زوجته، كان من السهل عليه كشف هذا، ولم يتحمل "طاهر" حديثه بهذه الطريقة مع والده، فضربه ضربة موجعة مردفًا:

اتكلم عدل يالا. 


ولم يتحمل "جابر" فرد له الضربة بأن لكمه في وجهه، وهنا صرخت "رزان" بعد أن اشتبكا الاثنان، هرولت "شهد" إلى الخارج، ذهب "حسن" هو الاخر، يساند أخيه، فتوسلت "رزان" لزوجها أن يتوقف، ولم يستجب، بل زاد غضبه حين تلقى لكمة "طاهر"، فردها بشراسة، قبل أن يتلقى الضربة من " حسن"، أتى "عيسى" للتو، رأى ما يحدث، وسمع والده الذي أمر ابنيه:

محدش فيكم يقربله تاني. 


لم يرض الاثنان، كيف يبتعدا وهو بالفعل مشتبك معهما، وبمجرد أن رأى "جابر" عيسى توقف، كان يطالعه ببغض، وسمعه يسأل:

في إيه؟ 


أشار عليه "طاهر" وهو يسبه:

ال*** ده جاي بيتنا يطول لسانه، وعايز يتربى. 


لاحظ "طاهر" وقوف "شهد" فنالت هي غضبه هذه المرة، وهو يجذبها بعنف هادرًا:

هو أنا مش قولت زفت جوا. 


أدخلها وأغلق الباب، وعاد لهم، عرف "عيسى" باختصار سبب تواجده فسأله باستهزاء:

حتى لو يعني مراتك جاية تنقل أخبارك، دي مشكلتك على فكرة، ما أنت لو حاكمها هي مكانتش هتعمل كده. 


ثم طالع "رزان" التي أسرعت تحاول الدفاع عن نفسها حتى لو بالكذب:

أنا مبنقلش حاجة، هو فاهم غلط و.... 


وقبل أن تكمل نطق "عيسى":

الغلط والصح ده ابقوا افهموه في بيوتكم، إنما هنا أنا معرفش الكلام ده. 


ولم يستطع " جابر" في هذه اللحظة التفوه بشيء، يعلم أن الواقف أمامه يستطيع فعل الكثير، تذكر تهديده في الهاتف، فقرر الرحيل و الصمت مؤقتا، جذب "رزان" من ذراعها، وقبل أن يخرج تحدث "عيسى":

يا تعتذر، يا تتأدب، وأنا اللي هأدبك، ومش بالضرب على فكرة. 


استدار له " جابر" وأكمل "عيسى" باسمًا:

عندي طرق أحن كتير... أصل أنا مبكرهش في حياتي قد العنف. 


وبصعوبة نطق، وهو على خطوة من الفتك بهذا الذي يتحدث:

حقك عليا يا حاج "نصران".


وقبل أن يرحل، أوقفه " عيسى":

سلامة الشوف، و"طاهر" و"حسن" دول إيه؟ 


_ أخوك اللي بدأ. 

هكذا قال "جابر"، واعترض " حسن":

أنت اللي قليت أدبك، ومن قبل ما طاهر يخرج كمان لما بصيت لمرا.... 


قاطعه والده وهو يطالعه بغضب:

بس اسكت. 


أدرك "طاهر" ما كان شقيقه سيقوله، علم أن أمر يخص "شهد" حدث وهو بالداخل، فبصق على الواقف، ولم ينتظر اعتذار، بل انطلق عائدا إلى حيث أدخلها، فطالعه والده بتخوف، ورمق "عيسى"، " حسن" بانزعاج، قبل أن يصر على "جابر":

هتخلص وتتأسف ولا اتصرف أنا. 


وبالإجبار نطق:

معلش يا " حسن".


ألقى عليهما "عيسى" نظرة متهكمة قبل أن يقول:

يلا من هنا، وابقي عقليه يا "رزان" علشان أنتِ عارفاني. 


بالفعل غادرا، وقبل أن ينطق بأي كلمة، وجدوا "شهد" تخرج، على وجهها إمارات الغضب، ناداها "نصران" فلم تستجب، كانت تمنع البكاء بصعوبة، وحث "نصران" ابنه:

الحقها يا "حسن"... لما أشوف أخرتها الليلة دي. 


كان قد طفح كيله من أحداث الليلة بأكملها، والتي انتهت الآن بشجار توقع نشوبه، بين " طاهر" وهذه التي خرجت ووجهها يصف ما حدث. 


★***★***★***★***★***★***★***★***★**★


بعض الفرص ننتظرها كثيرًا، ولكن حين تأتي لا نعلم كيف نتصرف بها، في اليوم التالي كان هناك لقاء، انتقل بالحرف لها، وقفت "تيسير" في الدكان التابع لهادية قرب الغروب، تبتاع متطلباتها، وبعد ما ابتاعت ما أرادت طلبت:

معلش يا أبلة مريم تندهيلي "ملك" بس عايزة أقولها حاجة. 


استغربت "مريم" ولكنها نادت أختها، وقفت "ملك" مع "تيسير" في إحدى الزوايا سائلة:

خير يا تيسير. 


سنحت الفرصة لها لتقول ما لديها فنطقت:

الحاج نصران كان قال إن ربنا صلح الأحوال بينك وبين أستاذ عيسى يا ست ملك وإنكوا اتصافيتوا، والله ما تعرفي فرحتي، أصل أنتِ غالية عليا، ولولا إنك غالية مكنتش قولت. 


_في إيه يا "تيسير"

سألتها "ملك" باستغراب، وردت "تيسير":

أنا مبحبش خراب البيوت وبصراحة كده، الست اللي اسمها قسمت دي، حساها عايزة تخرب عليكم، جت البيت تشوف أستاذ عيسى، بس الشهادة لله، هو كان جد معاها أوي، وقالها إنه مش فاضي دلوقتي، بس أنتِ عارفة بقى المسكنة، سمعتها وهي بتقوله إنه لازم يقابلها النهاردة الساعة ١٠ وإنه لو مقابلهاش، هتاخد على خاطرها أوي، على أساس إنه حد مهتم أصلا 


اشتعلت النيران في صدرها، وبدت كأنها مسلوبة الإرادة وكأنها تقول:

قالتله إيه بالظبط يا " تيسير"؟ 


وقصت كما قيل بالضبط:

قالتله لازم نتكلم، قافل تليفونك مش عارفة أوصلك من ساعة ما سيبت شرم الشيخ، أجيلك لحد هنا تمشي وتسيبني، أنا محتاجة أتكلم يا عيسى

كانت تقلدها بالضبط، وتكمل ولا تدري بالنيران التي تحرق الواقفة:

وقعدت تعيط بقى، وبعدين قالتله لو مناسبه الساعة ١٠ قالها مناسب، لما عيطت، فرجعت تقوله إنه لو مقابلهاش، أو اتحجج، هتعرف إنه مش شايلها أي حاجة حتى ولو زي رفيدة، زي ما كان بيقول. 


تسارعت أنفاسها تنذر بأن القادم أسوء، تنبهت لتيسير، فقالت قبل أن تتركها وتتحرك:

محدش يعرف إنك قولتيلي حاجة يا "تيسير".


_ عينيا يا ست " ملك"


هكذا قالت قبل أن ترحل، بينما "ملك" كانت تطالع الساعة، لترى المتبقي، ترغب لو صرخت الآن لتفرغ شحنة غيظها، هذه، ظلت على هذه الحالة حتى أصبحت التاسعة، ولا تعلم كيف فعلتها، ولكنها مسكت هاتفها، وطلبته، وكادت أن تتراجع وتغلق، ولكن حدثت نفسها:

لا ما هو أنا مش هسيبه ليها الليلة دي. 


لم يرد في المرة الأولى ولا الثانية، فألحت بالثالثة، حتى رد، سألها بقلق:

في حاجة يا "ملك"؟ 


_ أنت في البيت؟ 


استغرب السؤال، واستغرب الهدوء الذي أصابها، وبان في رده:

اه بس خارج كمان خمس دقايق، عندي مشوار،

حصل حاجة؟ 


أخذت نفس عميق قبل أن تصرح:

عايزة أشوفك. 


لم يتحدث قبل أن تكمل هي:

بس مش هينفع دلوقتي، على ١٠ كده هتكون مريم طلعت وهنزلك المحل. 


العاشرة أيضا، خشت أن يعتذر منها حتى العاشرة، لا تريده أن يقدم أي اعتذار لها، ولا تعلم كيف تفعلها، واستغرب هو طريقتها التي يراها للمرة الأولى، بل وزادت بقول:

أنت مشوارك ممكن تروحه في أي وقت ولا لازم كمان شوية، بص تعالى دلوقتي ومش هأخرك، هما كلمتين وامشي روح مشوارك. 


هكذا اطمأنت أنه لن يعتذر لقسمت، أما هو فكان متعجبًا من العبارات الغير مرتبة، وطريقتها هذه، قرر الذهاب إليها أولا، وبالفعل نزلت هي إلى المحل وصرفت شقيقتها، طالبة:

متخليش ماما تنزل، خمس دقايق وانتي انزلي، علشان خاطري وأنا هبقى احكيلك. 


وافقت " مريم"، وانتظرت هي حتى لمحت دراجته البخارية تتوقف في الخارج، وقبل أن ينزل من عليها، ذهبت إليه، أحاطها بعينيه، كانت في كامل حسنها، نسى أمامها تلك التي تنتظره، واستخدمت طريقة ملتوية قائلة:

معلش يا "عيسى"، خلاص روح مشوارك، مش هنعرف نتكلم، ماما هتنزل دلوقتي، أنا كنت مفكراها هتنام طلعت هتنزل تاني، وأنا كنت حابة الكلام اللي هقولهولك يبقى بيننا. 


كانت تنتظر على أحر من الجمر ردة فعله، هل سيقتنص الفرصة، ويفر هاربًا إلى من تنتظره، أم يفعل العكس، ورقص فؤادها طربًا وهو يقول:

طب تعالي اركبي، وأنا هتصرف. 


وتمنعت بقول:

لا بس ماما، وكمان مريم طلعت المحل لوحده، خلاص روح مشوارك، وقت تاني. 


_ يلا يا " ملك" علشان مش همشي من غيرك. 

قاومت وبشدة ابتسامتها، ترى الآن تأثيرها عليه، وقبل أن تبدي ترددها طمأنها:

متقلقيش هتصرف. 


ذهبت بالفعل لتجلس خلفه على دراجته البخارية، تمسكت به بشدة، كان فؤادها يدق بعنف، مشاعر متخبطة، يكفي فقط أنه لن يذهب لها، وزادت غبطتها حين سألته:

أنت كنت رايح فين؟ 


وجاوبها:

كنت هخلص حاجة، بس عادي الحوار يتأجل يعني. 


_ طب ما كنا أجلنا كلامنا أحسن. 

قالت هذا وانتظرت على أحر من الجمر رده، وسعدت حين سمعت:

عيب والله اللي بتقوليه ده، هو أنا طايل منك كلمة علشان تقوليلي نأجل. 


فسألته:

يعني لو طولت هتأجلني ولا إيه؟ 


_ طب خليني أطول كده، واتفرجي. 

جاوبها، وأصبح على أحر من الجمر، لمعرفة ما تريد قوله. 


لم يرد الصمت أبدا، قطعه وهو يسألها:

عايزة تروحي مكان معين، ولا اختار أنا؟ 


لم يأت على بالها مكان معين، فقالت:

مش هتفرق أي مكان. 


اختار هو مقهى شبابي، تم افتتاحه حديثا، أوقف دراجته وهو يخبرها:

المكان هنا حلو، وهادي، هيعجبك. 


بالفعل دخلا، اختار الطاولة، وما إن جلسا، حتى حثها:

اتكلمي. 


هنا المأزق، أين الحديث، لا تملك شيء، لجأت لحديث تعلم أنه ربما لن يقتنع به:

ماما قالتلي إنكم اتكلمتوا، أنا بس كنت عايزة أوضحلك حاجة، ماما فعلا محاولتش تأثر على أي قرار أنا.... 


فقاطعها ناطقًا بخيبة:

لا ما هو متقوليليش إنك عايزاني علشان نتكلم عن ماما، ده أنا توقعت كل حاجة، وأي توقع كان هيكون مناسب حتى لو كنتي هتتكلمي عن أحوال الجو، إلا حوار ماما ده. 


_ يا سلام، يعني لو كنت قولتلك إن الكلام هيكون عن ماما مكنتش هتيجي؟ 

هكذا سألته بحدة زالت في ثانية حين سمعته يرد بابتسامة أسرتها:

لو قولتيلي إني أجي ومش هتتكلمي خالص، كنت هاجي برضو، هتفرج عليكي وأنتِ ساكتة. 


ابتسمت هذه المرة، وصرح هو:

بس أنتِ النهاردة فيكي حاجة متغيرة؟ 


استفسرت بعينيها، ورد هو:

حاسس إنك أحلى. 


اتسعت ابتسامتها، وسألها هو ضاحكًا:

هو احنا كده رجعنا خلاص؟ 


هزت رأسها نافية وهي ترد عليه بابتسامة صفراء:

لا، أنا جيباك علشان نتكلم بخصوص ماما. 


رأت تنهيدته المنزعجة، فسألته تساومه:

في حاجة، عايز تروح ولا حاجة؟ 


فرد بنفس الابتسامة الصفراء خاصتها:

لا، عايز أتكلم عن ماما. 


وقطع حوارهما هذا قدوم النادل، ليأخذ الطلبات، وعلى الرغم من كل شيء أصبح لديه أمل الآن، أما هي فكانت في قمة سعادتها، اختياره لها الآن لن تنساه أبدًا.


★***★***★***★***★***★***★***★***★**★


من جديد نعود إلى حيث النقطة التي سبقتها كل هذه الأحداث، إلى حيث يتم احتجازه مع "شاكر"، كانت المفاجأة صادمة، حين فتحت " رزان" الباب، كان "شاكر" منفعلا وبشدة وهو يسأل:

أنتِ جيبانا هنا ليه؟ 


كانت تضع يدها على خصرها وهي تقول:

والله مش أنا اللي جايباكم، جوزي اللي جايبكم.


طالع "شاكر" عيسى الذي تحدث:

لا عندها حق صدقها، هي متعرفش تعمل الحوار ده، هي قليلة الأصل زيك كده بالظبط، بس مش لدرجة تخطف يعني. 


طالعته بانزعاج، فقال ضاحكًا:

لا متزعليش، النقد مفيهوش زعل، هو مش حق الرأي مكفول للجميع ولا إيه؟ 


_ هو أنت بالك رايق أوي كده ليه، ده أنت جابر ناويلك على نية. 

حذرته بهذا، وسمعت "شاكر" يسأل:

وهو فين؟ 


ردت تخبره:

جايب أمك وجاي. 


لم يصدق "شاكر" قولها، هل والدته التي انقطعت أنفاسه في البحث عنها عند "جابر"، ولماذا؟ 

لم يفق من صدمته إلا حين سمع " عيسى" يقول:

عيب والله الست الكبيرة دي تبهدلوها كده، طب احنا شباب نستحمل، لكن الكبار يعملوا إيه؟ 


وحاول "شاكر" استجماع ثباته وهو يتوعده:

عارف لو طلعتوا متفقين؟... أقسم بالله ما هسمي على حد. 


_ هو أنت مش شايفني متربط جنبك ولا إيه؟... وأنا لو متفق، هتلقح جنبك ليه، مرتبطين؟ 

قال كلمته الأخيرة بسخرية لاذعة، ثم طالع "رزان" طالبًا:

ما تفكينا كده، ناخد وندي مع بعض أنا وهو شوية، لحد ما جوزك يجي. 


ورد "شاكر" غير مباليًا:

وماله، أهو على الأقل راجل لراجل مرة، أحسن أنت كل مرة بتتحامى في إخواتك.


ضحك "عيسى" عاليا، وأخيرًا أتى "جابر"، استعلم عن سبب ضحكه، وحين عرف، قال:

لا ملوش لزوم، كده كده أنتوا الاتنين مش هتخرجوا من هنا. 


ثم وضح تحت نظراتهم المستخفة:

واحد بس اللي هيخرج، اللي هيخلص على التاني هيخرج من هنا. 


اتسعت ضحكت " عيسى"، وهتف بما رأوه سعادة عارمة:

الله على الفرص الذهبية. 


_ بس قبلها هنتكلم شوية الأول. 

قال هذا ثم أعطى أمره:

اخرجي هاتي "كوثر" من برا يا "رزان" لحد ما افكهم. 


بدأ بشاكر، وسمع "عيسى" يقول:

بالراحة عليه شوية، متبقاش عنيف كده. 


فرد عليه "جابر" يتوعده:

لا أنا مخليلك أنت العنف. 


ورد بعكس قوله في اللقاء السابق تماما، اتسعت ضحكته قبل أن يلقي على مسامع "جابر":

بموت فيه.


وكأنه صدام بالأقوال، ولكن هذا الصدام لم يكن يهم " جابر" بقدر ما يهمه، الجولة القادمة، هذه الجولة التي ستحسم كل شيء ولن يقبل الخروج منها، إلا وهو الفائز الوحيد. 

الفصل المائة والسابع والثلاثون من هنا


 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1