رواية عشق الذئاب الفصل التاسع عشر بقلم اسراء على
بعد أن شيّع جثمان حلم من أحلامه الجميــلة..
أن يمسح دمـــوع قلبه..
ويقبل رأســه في المرآة..
ويقدم لنفسه وردة حمـــراء..
ويردد بينه وبين نفسه: “اللهم أجرنــي في مصيبتـــي واخلفني خيراً منها”؟
لكل غلطة ثمن..ولكل صدمة أحتمال –
ما أن سمع صوتها المذعور حتى هب واقفاً..ثم خرج من المكتب سريعاً..وسط نظرات الجميع المتسائلة…ألتهمت قدماه الطريق إلتهاماً..وهو يضع الهاتف على أذنه ليقول بصوت قد أكله القلق
-حبيبتي ردي عليا في إيه
-را..رائف..تعالى بسرعة..أنا خايفة أوي..
-إسراء ردي عليا..إسرااااء
-إسراء..ردي عليا..إسـ…
تجمدت العبارات..سقط الهاتف من يده..جاء من خلفه رجدي الذي سأله بتوجس
-رائف باشا..خير!!
وكأن صوته كانت الإشارة الخضراء التي جعلت رائف يهرول سريعاً ناحية سيارته……….
*****************
جالسة هى وسط الحطام…وصوت الرصاصات التي تخترق أذنيها..يداها المُشبعة بدماء لزجة..صوتها الذي يخفُت وهى تقول بتأوه
-قاطعتها إسراء بشراسة وقالت: بس..إنتي اللي هتقوليله..خليكي قوية
ثم ضغطت على جرحها الذي ينزف بغزارة..إرتعشت يداها..وقالت بصوت يحمل التوسل
-متسبنيش بالله عليكي..خليكي عشانه…..
***************
بالأسفل
دارت حرب طاحنة بين أولئك المجهولين..وحراس رائف..قتلى..وجرحى..حرائق نشبت..وأخرى تندلع..صوت صرير عجلات السيارة وهى تحتك بالأرض الأسفلتية أحدثت دوي عالي..أخرط سلاحه..ثم خرج من سيارته كالمجنون..لم يعِر أي من المشاهد الدامية أهمية..من يقابله يقتله..بلا رحمة أو شفقة..
ظل يصرخ بـ أسمها كالتائه
-إسراااااء
فتح غرفتها ليجدها تجلس ممدة قدميها وتضع عليها رأس رحمة..التي تنزف من معدتها بغزارة..تسمر مكانه مما شاهده..رأته إسراء يقف هكذا..لتصرخ به هاتفة
-رائف..بسرعة دادة رحمة بتموت
إنتفض رائف ثم تحرك ناحيتهما..وحمل رحمة وركض للخارج..وتبعتهم إسراء..نزل عن الدرج بسرعة رهيبة ليجد أن رجاله قد قتلوا الجميع عدا أثنان منهم..ليقول رائف بنبرة أمرة
-ودوهم المخزن مع الكلب اللي هناك
ثم رحل هو معه إسراء…وضع رحمة بالخلف وجلست إسراء بجانبها ووضعت رأسها على فخذها..ثم أستقل رائف مقعده وسار بسرعة جنونية……
****************
إستيقظ أحمد من ثُباته ليجد رأسه بأحضان سوزي وغافية هى الأخرى..نهض بهدوء وعدل من وضعيتها..ثم دلف إلىالمرحاض..خلع عنه ملابسه ثم إستعد ليأخذ حماماً ساخناً…تدفقت المياه على جسده ليبدأ بتذكر أحداث من الماضي…..
عودة لوقت سابق…
شاب في التاسعة عشر من عمره وأخر في التاسعة والعشرون بالرغم من إختلاف أعمارهم…إلا أنهم كانا صديقان مقربان..قبل أن تأتي فتاه وتُفرق فيما بينهما….
رائف: أيه أبو حميد..مش هتقول مين اللي سرقتك من صاحبك ومش راضي تقولي حاجة ولا نقعد زي الأول…
شاب كأي شاب يقع في شباك العشق أسير
رد عليه أحمد بـ إبتسامة: يابني بكرة تعشق وتحب..وتعيش زيي
رائف بضحك: منا أتكفيت ع وشي..بس محصلش نصيب
ليقول أحمد بتساؤل: إيه اللي حصل
رد رائف بمرارة: سعاد هانم بقى..سكت ثم قال..قفل ع السيرة دي بالله عليك
أماء رأسه بتفهم: تمام….
رائف بمرح: ها مش هنشوفها بقى
ضحك أحمد وقال: لمل يجي الوقت المناسب………
عودة للوقت الحالي….
أستيقظت سوزي لتجد أنها وحيدة..ظلت تبحث بعينيها عنه ولكنها لم تجده..نهضت عن الأريكة وجابت المنزل..دلفت غرفتهم لتسمع صوت تدفق المياه..فعلمت أنه بالداخل..جلست على طرف الفراش..لتنتظره..
خرج أحمد وهو يجفف
خصلات شعره..ليجدها جالسة أعلى الفراش..نظر لها ثم تحرك في إتجاه المرآة وسألها بنبرة عادية
-في حاجة يا سوزي
نظرت له بتعجب ثم قالت بشرود: كنت عاوزةأطمن عليك
رد هو بلا مبالاه وقال: وأنا كويس أهو
نهضت وقالت: ماشي
نظر لها من طرف عينه ثم أكمل مايفعله
*********************
وصلت سيارة رائف إلى المشفى..نزل سريعا ثم توجه ناحية رحمة وحملها..ثم توجه ناحيةالمشفى..لينادي بصوت عالي
تجمهر عدد من الناس. وكذلك خرج والده ليراه يحمل رحمة..فهوى قلبه وخفق بقلق بيّن أتجه سريعاً ناحية إبنه وهتف بقلق
-إيه اللي حصل
أجابه رائف بصوت هادر: مش وقته
أماء برأسه ونادى على مساعديه..حملوها على فراش صغير ثم دلفت إلى غرفة العمليات لإجراء جراحة عاجلة
ظل رائف وإسراء بالخارج..نظر لها فوجدها ترتجف خوفاً..إتجه ناحيتها وأحتضنها ثم سألها بحنو
-أنتي كويسة
نظرت له بأعين حمراء من كثرة البكاء والخوف..ونظرة أخرى لم يفهمها..ربت على ظهرها بحنو ثم قال بنبرة تحمل الإطمئنان
-بس خلاص أنا جمبك أهو ومش هسيبك…متخافيش
تشبثت في قميصه..وبدأت في البكاء..ليشدد هو من إحتضانه لها..ثم سألها
-طب حصل إيه
-أجابته بصوت متحشرج: مش قادرة أحكي دلوقتي
-طب خلاص..أهدي بقى
خرج والده ليقول بـ إنفعال
-إيه اللي حصل يخلي رحمة توصل للحالة دي
-مسح رائف على وجهه وتساءل: هي كويسة
-ليرد والده بحدة: أنا سألتك يا رأئف باشا..أكيد وساختك هى اللي وصلتها هنا..يمين الله لو جرالها حاجة لاكون أنا اللي مبلغ عنك…
قال كلماته ثم عاد للغرفة مرة ثانية..عاد رائف لمقعده ووضع يده على وجهه وظل صامت..بينما إسراء ظل عقلها يفكر فيما أخبرته رحمة
“رائف أبني..عرفيه يا بنتي..قوليله أمك كانت بتحبك أوي”…
زرفت عيناها الدمع وظلت ساكنة..وتأملته لثوان ثم قالت بصوت خافت
-رائف…
رد عليها وهو لازال على وضعيته: نعم
سكتت ولم تعرف ماذا تقل..رفع وجهه ونظر لها يتأملها ..ليسألها
-كنتي عاوزة حاجة
ردت هى بتردد: لأ..خلاص
-ماشي
لم يكن لديه الطاقة لأي شئ…. ..عادت تتأمله ثم قالت في نفسها
-هيعمل إيه لما يعرف أنها مامته………
*****************
في مخزن مهجور على الطريق الصحراوي
كان مسجي على الأرض الصلبة مضرج بدمائه..ليقول بضعف
-هوديكوا فـ داهيه والله لاوريكوا
رد عليه أحد الرجال بسخرية: بس يا راجل أنت
هدر عبدالله بصوت ضعيف: والله ما هسكت
بعد ثوان سمع من بالمخزن صوت سيارات..تبعها دخول رجال ومعهم أخرين مقيدين تساءل أحد الموجودين
-مين دول
-أجابه أحدهم: رائف باشا أمر أنهم يترموا هنا
ثم دفعوا الرجال أرضاً…ليقول الرجل مرة أخرى
-فتحوا عنيكوا..رائف باشا لسه عاوزهم..متجوش ناحيتهم….
ثم تحرك الرجال تاركين المخزن ورحلوا ليقول الرجل بضيق
-قال كنا ناقصين بلاوي
-أجابه صديقه: خلينا نشوف شغلنا……….
*************
خرج محي وعلى وجهه علامات الإجهاد فبعد ساعتان خرج..هرول رائف إليه ثم سأله
-رحمة عاملة إيه
نظر له والده شزراً ولم يرد..بينما نهضت إسراء وسألته بتوسل
-لو سمحت عاوزة أعرف دادة رحمة بقت عاملة إيه
نظر لها محي وقال بهدوء: قدرنا نلحق الحالة بس هى فقدت دم كتير..مش عارفين لسه…لو عدى 48 ساعة ومفاقتش إحتمال تدخل فـ غيبوبة…
شهقت فزعة وتمتمت بأسى
-ربنا يقومك بالسلامة
-نظر محي لإبنه ثم قال: إيه اللي حصل..مش هسيبك إلا لما أعرف
زفر بضيق ووجد أنه لا يوجد بد من إخباره الحقيقة…كاد أن يرد ولكن أنقذته الزهرة وقالت
-حرامي دخل..ولما ظهرت الدادة ضربها بالرصاص…وجري
نظر لها بتشكك..ولكنه لم يعقب..ثم حول بصره لإبنه وقال
-تعالى معايا المكتب عاوزك……
نظر رائف لوالده الذي يبدو الإصرار واضح على وجهه..ليقول بـ إجهاد
-حاضر جاي وراك أهو
نظر له والده بـ إحتقار ثم رحل..مسح رائف على وخصلاته ثم نظر لها وقال بـ إمتنان
-شكراً
-نظرت له وقالت بهدوء: العفو…المهم دلوقتي نتطمن على الدادة
أقترب منها ثم قبل رأسها بحنان وحب..وتمتم مع نفسه
-مش عارف أنا عملت إيه حلو عشان تبقي فـ حياتي
إبتعد عنها وقال بهدوء
-هروح أشوف بابا وجاي..مش هتأخر متتحركيش من هنا
أماءت برأسها ولم تتحدث…فتحرك هو ناحية مكتب والده…..
دق الباب بخفة..ثم دلف ليجد والده يجلس خلف مكتبه..ويستند بساعديه عليه..أغلق الباب بهدوء وتقدم من والد وقال
-نعم
-اشار له بالجلوس وقال: أقعد الأول..
زفر رائف بنفاذ صبر..ثم جلس..سأله والده بجدية
-مين دي يا رائف
-أجابه رائف بلا مبالاه: قولت قبل كدا مراتي
رد أحمد بهدوء: مقصدش..مين أهلها
نظر له رائف بسخرية وقال: ودي تفرق معاك فـ إيه
أجابه أحمد بحدة: لأ تفرق…لما أهلها يعرفوا حقيقة جوز بنتهم الـ*** هتفرق
رد رائف ببرود قاتل: عارفين
لُجم لسان محي إثر الصدمة ولكنه تفادى ذلك ليصل لنقطة معينة..هدأ نفسه ثم قال
-مش موضوعي..البنت هيبقى مصيرها إيه لو فضلت معاك
عقد رائف مابين حاجبيه وقال: مش فاهم
أجابه محي بضيق قليل: مصيرها هيبقى زي رحمة
إنتفض رائف من مجلسه عقب جملة والده الأخيرة هو لا يتحمل أن يُصيبها مكروه فكيف يفكر والده هكذا..ليرد عليه بعصبية مفرطة
-مش هسمح بكدا…هحميها
ليهب واقفاً محي هو الأخر وأجاب بنفس العصبية والإنفعال
-ولما هو كدا محمتش أمك ليه
صُدم رائف كثيراً من جملة محي ليقول بدهشة
-أمي!!!….قصدك إيه
-رد محي وهز ينظر لعينا ولده بقوة وقال بثبات: أيوة..رحمة هى أمك…………….
