رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل الثاني والعشرون

إن الحب في نظري هو التعويض العادل عن كل بشاعات هذا العالم، وحماقاته، وجرائمه.

تجمد الحاج عبد الرحيم مكانه..وظل صامتًا عدة ثوان يستوعب ما أُلقي على مسامعه..ليسأل بعدها بصوت متوجس

-خيتي!!(أختي)..مالها سناء يا واد صياد؟
-رد عليه جاسر بنبرة جامدة:أختك المصون غلطت معايا غلطات كتير وأنا صبري عليها خلص..وجه وقت الحساب
-قال عبد الرحيم بسخرية:وهو أنت مخادتش إبتارك؟..جاتل چابر زينة الشباب..والجصر اللي حرجته وحرجت جلبها وياه!!..كِلاتهم مش حساب!
-أجابه جاسر بجفاء:جابر كان راجل **** موصلكش أنا خلصت عليه ليه؟..ولا الست أختك اللي حاولت تقتل بنتي اللي مكنتش لسه شافت النور ولا لما قتلت واحد من رجالتي!!

نهض جاسر وهو بقذف بملفٍ ما وقال بنبرة تهديدية

-يتعمل اللي هقولك عليه يا إما تودع كرسي المجلس..أهو ياخده حد يستحقه..

هم جاسر بالرحيل إلا أن عبد الرحيم أمسكه سريعًا عقب تهديد الأول..فـ جاسر الصياد يُنفذ بلا تردد..ليقول عبد الرحيم بـ إبتسامة متوترة

-أنت عتمشي ليه؟..الكلام أخد وعطا
-أخفى جاسر إبتسامة ماكرة كادت أن تفلت منه ليقول بجمود:أنا قولت اللي عندي
-وأنا رجبتي سدادة..أجعد بس

عاود الجلوس بعنجهية ولم يمنع ظهور إبتسامة ظافرة ليقول بعدها بهدوء أجاده

-الملف دا في بلاوي أختك وجوزها سليم الله يجحمه..زي الشاطر كدا تروح تسلم الورق دا للنيابة

مد يده وكاد أن يتفحصه إلا أن يد جاسر منعته وقال بخبث

-لأ مش دلوقتي..بعدين
-كيف ما تحب

قالها عبد الرحيم بتنهيدة..لينهض بعدها جاسر..أغلق أزرار سترته ورحل بصمت حتى دون نبث حرف...

*************************************

جلست بسنت بجانب شقيقتها وقالت بهدوء

-روجيدا؟
-نظرت لها روجيدا:نعم
-تنحنحت بسنت وتساءلت بتلعثم:آآ..هو..هو..آآ..أنتي يعني..ليه غيرتي..رأيك!!
-إبتسمت روجيدا ثم حدقت بـ إبنتها وقالت بعذوبة:أول لما جت ومسكتها بين إيديا حسيت بحاجة غريبة..مش عارفة هو إحساس قالي خليكي نقية عشان بنتك
-ذمت شفتيها بحنق وقالت بضيق:يعني أنتي سامحتيني عشان خاطر بنتك
-ضحكت روجيدا وقالت:أولًا أنا مش كنت مخصماكي عشان أسامحك..ثانيًا أنا مش عاوزة أكدب عليكي..وبعدين دي بداية حلوة
-إبتسمت بسنت بحماس وقالت:عندك حق
-إستدارت لها روجيدا وتساءلت بمكر:الأ خدي هنا..إيه حكايتك أنتي وصابر؟

وعند ذكر اسمه..أجفل جسدها وسارت قُشعريرة لذيذة على طول عمودها الفقري..كما تخضبت وجنتيها بـ إحمرار ناتج عن سخونة مُهلكة إجتاحتهم..لتتسع إبتسامة روجيدا وهى تستمع لصوتها المُتلعثم

-حـ..حكاية..إيه؟..مـ..مفيش الكلام..دا
-ردت روجيدا بخبث:وطالما مفيش حكاية..ليه إتكسفتي كدا!
-تنهدت بسنت بقلة حيلة وقالت:مش عارفة..أول مرة أبقى حاسة إني مش عارفة أنا عاوزة إيه
-إبتسمت روجيدا وتساءلت بـ إهتمام:بتحبيه!
-رفعت رأسها لها سريعًا وقالت بـ إندفاع:مش حب لأ..كل الحكاية إن أول مرة حد يقتحمني بالشكل دا..صابر دخل حياتي على غفلة بيتحكم فيا ودي أكتر حاجة بكرها..بس فـ نفس الوقت مستمتعة بـ دا..مش بحبه..بس هو بقى بيشكل جزء كبير من حياتي

قالت جملتها الأخيرة بـ إبتسامة شاردة..لتشرد هى الأخرى في حياتها حتى جاسر إقتحمها بنفس الطريقة..بلا مُقدمات..بلا قيود..وبلا حدود..عدو تحول إلى حبيب..لتقول روجيدا بـ إبتسامة عاشقة

-زي اللي حصل معايا..دخل حياتي بدون سابق إنذار
-إنتبهت بسنت بما قالت..لترد بـ إمتعاض:جاسر!..ودا يتحب إزاي؟..دا شرير وقاسي
-ضحكت روجيدا بقوة وقالت بحزم مصطنع:متقوليش عليه كدا..جاسر قاسي مع الكل ما عدا أنا..بيخاف عليا من الهوا وبيكون أحن حد ممكن تشوفيه

حدقت بها بسنت ببلاهة وذهول عمن تتحدث تلك المعتوهه!..لتُكمل روجيدا حديثها بـ نبرة عذبة

-طب تصدقي..جاسر بيعوضني عن غياب بابا....

***********************************

-صابر خد الورق دا للمحامي

قالها جاسر ثم صعد إلى السيارة فـ تبعه صابر مُتسائلًا

-إيه دا!
-رد جاسر وهو يُدير المُحرك:دا ورق أملاك سناء الهوراي..
-ردد صابر بذهول:أملاك سناء الهوراي!!
-أماء جاسر دون النظر إليه:أه أملاكها اللي كسبتها بالحرام

تفحصها صابر وملامح الدهشة لا تختفي عن ملامحه وهو يرى كم الأموال الهائلة المُدونة أمامه..ليرد بذهول حقيقي

-يا دين النبي..كل دي فلوس!!
-إبتسم جاسر بتهكم وقال:بنت الـ**** هى و جوزها كانوا شغالين مع إبن الـ**** التاني اللي اسمه مصطفى

سقطت الأوراق من يده وعيناه ترمشان عدة مرات من كم الصدمات التي تعرض لها في دقائق..وبالرغم من عدم رؤية جاسر لصديقه ولكنه إستشف صدمته ليُتابع قبل أن يسأل صديقه

-هتروح يا صابر للمحامي يتصرف فـ الفلوس دي ..جزء منها يرجع للدولة والجزء التاني يروح للمستشفيات والجمعيات الخيرية
-أماء صابر عدة مرات ولا زال الذهول يُسيطر عليه:حاضر

صمت جاسر قليلًا يُتابع الطريق..بينما صابر يُلملم الأوراق وهو لا يزال في دهشته إلا أن صوت جاسر جعل حواسه تنتبه لحديثه

-أه وعاوزك تقول للمحامي يحيل شوية نسوان من التخشيبة اللي هتشرف فيها الست المصون عليها..خلوها يسقوها المُر شوية
-رد عليه صابر بعدما أُزيلت الصدمة:تمام..يعني أنت خلاص هدخلها السجن!
-رد جاسر بجمود:أه..خليها تعيش أخر أيامها مذلولة..يكش تتحرق بجاز

لم يرد صابر وخيم الصمت عليهما حتى وصلا إلى المشفى....

*************************************

ظلت في أحضانه فترة طويلة لا تعلم مُدتها ولكنها حقًا تُعاني الصدمة والخوف..عقب رؤيتها لتلك الجثة المُلقاه أمام باب المنزل وهى تشعر بأنها في كابوس مُخيف..أبعدها سامح عن أحضانه وقال بحنو

-خلاص يا حبيبتي إهدي مفيش حاجة..إحنا إتصرفنا وكل حاجة عدت

لم ترد عليه ولكن عيناها مُذبذبة تشي بما داخلها من خوف فـ ضمها مرة أخرى إلى صدره وهو يُمسد على ظهرها بحركات دائرية مُنتظمة لتجعلها تسترخي..فـ أكمل حديثه بجدية

-متفكريش بعد اللي حصل دا إني هسيبك هنا يوم
-إبتعدت عنه وقالت أخيرًا بعد صمت صادم:يعني إيه؟
-إبتسم وقال:يعني في حد دلوقتي بيلم هدومكو هينقلها عندنا القصر..ما هو مينفعش نسيبكوا كدا بعد اللي حصل
-نظرت بعينيه بقوة وقالت بنبرة مهزوزة:أنا خايفة يا سامح
-مسد على وجنتها اليسرى بحنو وقال:تخافي وأنا معاكي!..طب أنا لازمتي إيه؟..أنا هنا عشان أحميكي حتى من روحي

إبتسمت وهى ترى عيناه تفيضان بصدق لتعود وتحتضن خصره مُشددة عليه

-ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك
-قبل أعلى رأسها وقال بحب:ولا منك..إعملي حسابك فرحنا فـ معاده مش هيتأجل
-سألته وهى لا تزال بداخل أحضانه:يعني مفيش تأجيل!
-عاتبها وهو يضرب مُقدمة رأسها:حرام عليكي تأجيل!..لسه عوزانا نأجل؟..أنا خللت يا نادين

إبتعدت عن أحضانه سريعًا وقالت بـ تبرير

-لا والله مش قصدي
-أومال قصدك إيه؟
-هتفت بـ نبرة هادئة:يعني أكيد كلنا أعصابنا تعبانة من اللي حصل فـ أكيد يعني هنعوز وقت نفوق

أمسكها سامح من منكبيها بقوة وهتف بجدية أخافتها

-طب لعلمك بقى لو الفرح إتأجل تاني..أنا هخطفك ونروح ع بيتنا..بلا فرح بلا بتاع..الجواز إشهار وكله عارف إننا متجوزين

كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها بحدة مُصطنعة

-بس أسكتي..وتعالي فـ حضني تاني

جذبها مرة أخرى إلى أحضانه..فعلت إبتسامة على وجهها إنتقلت إليه بالتدريج..ليتنفس براحة وهو يشعر بـ وجودها بجانبه..فحينما حدثته ظن أن مكروه ما قد أصابها ليهرع إليها كـ المجنون...

*************************************

وصلت سيارة جاسر إلى المشفى ليترجل منها هو و صديقه ثم صعدا إلى غُرفة روجيدا..ليجدا كِلتاهما نائمتان بـ أحضان بعضهما..نظرا إلى بعضهما وإبتسامة تشق وجهيهما الوسيمان..دلفا بخُطى بطيئة حتى لا يوقظهما..ليحدثه جاسر بصوت هامس

-خد بسنت روحها عشان تلحق توصلها قبل ما الوقت يتأخر
-أماء بخفوت وقالت بهمس مُماثل:طيب

تحرك صابر ناحية بسنت وجاسر ناحية إبنته كي يطمأن عليها..حرك صابر جسد بسنت برفق وهمس بجانب أذنها بعذوبة
-بوسي!..حبيبتي؟..قومي يلا عشان أروحك

فتحت بسنت جفنيها بنعاس إثر تلك الهزات الرقيقة التي أصابتها..لتعاود غلقهم مرة أخرى دون الحديث..ضحك صابر بصوت خفيض ثم قال

-مبدهاش بقى

وضع يده أسفل رُكبتيها والأخرى أسفل ظهرها وحملها برفق كي لا يُوقظها..على إثر حمله لها إلتفت يدها عفويًا حول رقبته..ليتهز بدنه كله بسبب تلك الفعلة..وما زاد وجعل الدماء تسري كالعسل الدافئ بجسده أنفاسها التي دفنتها بجانب نحره..ورأسها التي تتحرك بنعومة كما تتحرك القطة بصاحبها..ليقول في نفسه بيأس

-يارب أربعة وعشرين قيراط صبر ع اللي هتقصف عمري بدري دي

تحرك بها خطوات قليلة ثم همس لجاسر

-أنا ماشي ولو إحتجت حاجة كلمني
-إعتدل جاسر بجذعه وإلتفت إلى صديقه قائلًا:طيب..بس روح أنت عشان متتأخرش

ثم إتجه ناحية الباب وفتحه له لكي يدلف إلى الخارج..ليعود ويغلقه ثم تحرك بخطى مُتعجلة ناحية الفراش القابعة فوقه تلك الملاك..تمدد بجانبها ثم وضع رأسها على صدره وإلتفت يده حول خصرها..والأخرى تُداعب خُصلاتها الكستنائية..ليشعر بها تضع قُبلة على ذقنه هامسة بنعومة

-وحشتني

أبعد رأسه قليلًا حتى يستطيع رؤيتها ورد هو الأخر بنبرة عاشقة

-وأنتي أكتر..بس أنا صحيتك!
-همست بـ:لأ

طوقت خصره بيد والأخرى..تعبث بـ لحيته التي إستطالت قليلًا فـ أعطته وسامة وجاذبية مُهلكة..ثم أكملت حديثها

-بسنت نامت ومش رضيت أقوم عشان متصحاش..حرام هى من الصبح هنا وكمان السفر مُتعب
-قبض على ذقنها وقال بمزاح:لك دخيل قلبي شو حنونة

ضحكت روجيدا على تلك اللهجة التي يتحدث بها وطريقة نطقه لها..لتقول من بين ضحكاتها

-لأ حلوة
-همس بعبث:لأ عشان أنا اللي قايلها
-إرتفعت بجسدها وقالت بنبرة تحمل الدلال:طبعًا يا روحي أنا قولت غير كدا

ثم طبعت قُبلة رقيقة بجانب شفاه..كادت أن تعود إلى وضعها إلا أنه أمسكها وقال بخبث

-رايحة فين!!..هو دخول الحمام زي خروجه..عقابًا على جرأتك دي لازم تدفعي ضريبة
-تضرجت وجنتيها بحمرة خجلة وهي تقول:ضريبة إيه؟
-همس أمام شفتيها بشغف:دي

ثم مال يلتهم نكهة الفراولة الخاصة بطعم شفتيها المُهلك..وكأنه يستطعمه لأول مرة..تلك الجاذبية التي تجذبه لشفاها ليست بجاذبية نيوتن..بل جاذبية خاصة بها..حطمت مفاهيم و قوانين الجاذبية المعروفة

قبّل كِلتا وجنتيها بـ خفة..ثم عاد يُلثم جبينها..يقتله الشوق ليعود إليها ويجذبها إلى صدره ليرتوي من قُربها..فنهرها لا يجف ومنبعها لا ينضب..وهو لا يرتوي..أبعدته عنها وضربات قلبها كادت تصُم أُذنيها ومن ثم هتفت بـتلعثم

-خـ..خلا..ص..كـ..كفاية
-إستند بجبينه على خاصتها وقال بصوت أجش:ميتشبعش منك أبدًا

وأخذ يتحسس وجنتيها بـرقة تُخالف خشونة أنامله..ثم همس مرة أخرى بصوت عذب

-بعشقك يا فراولتي
-وضعت يدها على وجنته قائلة بحب:وأنا بموت فيك..

قبل وجنتها بقُبلة عميقة..ثم جذب رأسها مرة أخرى على صدره..وأخذ يُعيد ترتيب خصلاتها التي بعثرها أثناء هجومه..فسألته هى سريعًا

-هو أنت رحت فين؟

كان حريص ألا ترفع رأسها وتنظر إلى وجهه وهو يُجيب حتى لا تكتشف كذبه بسهولة..فهو امام عيناها لا يستطيع إلا قول الحقيقة..تنهد لكي يُحافظ على هدوءه..ثم قال

-حصلت مُشكلة فـ الشغل..المشكلة كانت هتكلفني ملايين..عشان كدا مشيت بسرعة وكنت متعصب عشان مشغل أغبية

صمت ينتظر قولها بـ أنه كاذب إلا أنها قالت

-وعرفت تحلها؟
-زفر براحة وقال بهدوء:أه الحمد لله عدت..
-ردت وهى تُغلق عيناها:الحمد لله

ولكن بداخلها تُردد تلك العبارة"أنا عديتها بمزاجي يا بن الصياد..أما أشوف عملت مصيبة إيه؟؟"

-بنت الـ**** بتلعب بيا كورة

قالها بغضب جم ذلك الرجل الأربعيني ذو ملامح غليظة وشعر أسود تآكله الشيب الخفيف في بعض الأماكن وجسد عريض رياضي لا يتناسب مع عمره و طول فاره..

أمسكه صديقه يُحدثه لكي يُهدئ من نوبة الغضب التي أصابته

-أقعد بس يا جلال و فهمني عملت إيه بس !!
-ظل يهز قدمه بعصبية مُفرطة:مفكرة لما تنزل مصر هتهرب مني؟..بس وديني وما أعبد مش هرحمها
-خرجت حروف صديقه مُتهكمة رُغمًا عنه:طب مش لما تخف الأول؟

نظر له جلال بنارية كادت أن تحرقه فـ صمت الأخير ليعود ويتحدث من جديد

-وبعدين إزاي وصلك وأخد منك الورقة؟
-مسح جلال على وجهه بعنف وقال:معرفش..معرفش..أنا واثق إنها مفتحتش بوقها هى أجبن من إنها تقوله..لكن الـ*** دا شكل معارفه كتير وجابني بسهولة
-حك صديقه طرف أنفه وسأله بتحير:طب هو عمل كدا ليه؟
-نظر له بتهكم وقال:ودي محتاجة فقاقة!..أكيد بيحبها المحروس

ثم عاد يضع وجهه بين كفيه وصديقه يرمُقه بنظرات متفحصة حتى رفع رأسه من جديد وقال بتصميم وعزم مُخيف

-بس ورحمة أمي ما هسيبها ولا هسيبه..بسنت ملكي وبتاعي ومش هتكون لحد غيري

توجس صديقه من ذلك العزم والتصميم التي غلفت حروفه التي تقطرت من بين شفاه ليسأله بقلق

-ناوي ع إيه يا جلال!
-ربت على كتفه بقوة وقال:أحجزلي أقرب طيارة نازلة مصر

ثم نهض للإستعداد تحت نظرات صديقه المشدوهه..بينما أكمل هو طريقه ناحية غُرفته وهو يُردد بصوت هامس ولكنه يحمل التصميم

-هترجعي يا بسنت..هترجعيلي و رجلك فوق رقبتك...

*************************************

-يلا يا روجيدا يا حبيبتي..بقالك ساعة جوه
-طيب يا جاسر..خرجت أهو

قالتها روجيدا وهى تخرج من المرحاض تُهندم ثيابها المُكونة من بنطال قماشي أسود يعلوه كنزة بيضاء يتداخل معها الأسود..ينتهي طرف الكنزة بـ أربطة عقدتها على هيئة أنشوطة..تطلع على هيئتها بـ إعجاب ثم تقدم منها بضع خطوات وإبتسامة مُحبة تُزين ثغره..وقف أمامها ثم مد يده يُحيط كتفيها وإقترب من أُذنيها يهمس 

-فـ الصمت في حُرم الجمال...جمال

سار بشفتيه على وجنتها بنعومة أسرت بـ قُشعريرة لذيذة في كامل جسدها ليجدها تقبض على منكباه العريضان..ليُحيط خصرها بيده يُقربها منه بشدة حتى ألصقها به..أفلت يده وحرر خُصلاتها من قيدها وتركها سائرة تسير في نفسه الجنون..همس بـ إسمها في عذوبة

-روجيدا!!
-ردت عليه بشرود:هممم
-إقترب من شفاها وهمس:فتحي عنيكي

وفعلت ما قال لتلمح نظراته القاتمة الموجهه ناحية شفاها..تضرجت وجنتيها بحمرة خجل..وهمست بتلعثم

-جـ..جاسر
-قبض على خصرها بقوة وقال بنبرة حادة:قولتلك متحطيش روج..ليه مصممة تعصبيني

حاولت الحديث لكنها لم تستطع إذ قبض بقوة أكبر على خصرها فـ أطلقت تأوهًا بدلًا من الحديث..لتجده يتحدث بتهديد أفزعها

-أخر مرة أشوفك حاطة الزفت دا..ماذا وإلا مش هيعجبك عقابي يا روجيدا..سامعة!!!

قال الأخيرة بصراخ..لتنتفض هى..ثم أماءت عدة مرات وعيناها تلمعان بدموع هددتها بالنزول رغم مُحاولاتها في كبحها..حاولت الفكاك من براثنه..إلا أنه قال بجمود ماكر

-رايحة فين قبل ما تمسحي القرف دا؟
-رفعت حاجبيها بذهول وهى تُردد بتحشرج:رايحة أمسحه
-لأ أمسحيه هنا

أمالت رأسها بذهول..ليميحه هو بشفتاه.. الأخرين...إبتعد بعدما تأكد من إزالته ليقول بصوت أجش

-خلاص
-إستندت بجبينها على خاصته وقالت بصوت خافت:أنت عملت كل دا عشان تمسحه؟

ضحك بخبث لم تلمحه..ليقول بصوت أصبغ عليه الجدية بشكل مُذهل

-لأ طبعًا..أنا محذرك قبل كدا يا روجيدا..مبحبش مراتي تحط روچ..فهماني!

أماءت برأسها..ليُبعدها عنه ثم قال

-طب يلا عشان نمشي
-طيب

قالتها ثم توجهت ناحية الفراش لترتدي حذائها..فحدثته وهى تنحني لتُنهي ما تفعله

-طب خد جُلنار وإسبقني
-ليصطنع عدم السمع:إيه؟
-إعتدلت في جلستها وقالت بجدية:بقولك خد جُلنار وإسبقني عما أخلص
-ليرد عليها بتوتر:آآ..إيه؟..أه..في حد بينادي هطلع أشوف مين!
-نهضت روجيدا تلحقه وهى تقول بتعجب:جاسر؟..أنت يا بني!

ولكنه لم يستمع لتقف على أعتاب الباب وهى ترى ظله يختفي..لتردد هى بذهول بين طيات نفسها

-معقول يا جاسر؟؟

***************************************

مُرابقًا لخطواتها حتى وصلت أمام ذاك الشارع الجانبي الذي يختبأ به..ليجذبها من ذراعها ويُكمم فاها عن صرخة كادت أن تُطلقها ليقول بهمس مُطمأنًا

-بس أنا أمجد متخافيش

نظرت بعنياها المذعورة له..لتتأكد من ملامحه فكان فعلًا هو..لتتحول من الذعر إلى الغضب والحدة..وأخذت تتلوى حتى تبتعد عنه فـ صاحت مُزمجرة

-بعد عني..جولتلك بعد 
-فرد عليها بـ إصرار:لأ مش هبعد..لأمتى هفضل أفهمك إن اللي حصل مليش ذنب فيه..لأمتى!
-أجابته وهى لا تزال تتلوى:وأني مش عاوزة أفهم يا أمجد..هملني لحالي..

أمسكها من كِلا منكبيها بقوة وحدق فيها بنفس القوة وقال

-مش كفاية بعاد يا عنيات!..مزهقتيش؟؟..أنا زهقت ورجعتلك وأنتي مش عاوزة تفهمي إن كل دا غصب عني
-ومين جال إكده!..أني مصدجاك
-فعاجلها بلهفة مُتعجبة:طب ليه القسوة!!
-قالت بيأس وهى تضع يدها على يده لكي تُزيحها:مش جسوة يا أمجد..مش جسوة..لكن الجلب تاب..تفتكر هجدر أحب بعد اللي حوصُل!مجدرشي يا أمجد 
-قرب وجهه منها وقال بـ عناد:كدابة..كدابة..عنيكي بتقول حاجة وأنتي بتقولي حاجة..وأنا بقى مصدق عينيك

أخفضت عيناها عن تأثير عيناه التي لم تفقد سحرها مهما تقدم عمره..لتسمع نبرته الجدية تقول

-هنتجوز يا عنيات..هتنجوز وهنعوض اللي فات

قال تلك العبارات ثم تركها ورحل في ثقة تعجبت لها فهو يثق تمامًا بحبها له وأنها ستصبح زوجته قريبًا...

************************************

-صابر أنا لو مش واثقة فيك مكنتش سبت بسنت داخلة خارجة من غير رابط رسمي

وضع هو قدح القهوة من يده على الطاولة ..ثم نظر لها وقال بثقة

-من غير رابط إزاي!!..طب قراية الفاتحة دي كانت إيه!
-هزت رأسها بموافقة وقالت:مقولتش حاجة..بس الناس متعرفش..وكون إنك تاخدها من سبعة الصبح ترجعهالي نص الليل وشياهالي..لأ كدا ميصحش..وبعدين كنتوا فين؟
-رد بصراحة:كنا فـ المنيا
-ردد ما قاله بدهشة حقيقية:المنيا!!!..بتعملوا إيه هناك؟

إرتشف من قدح القهوة بضع رشفات..ثم وضعه وعاد ينظر لها وهو يضم بيده ويضعها فوق قدمه وقال بهدوء

-كنت واخدها تشوف روجيدا أختها

تجمدت أطرافها التي إمتدت لتأخذ قدح القهوة خاصتها..لتنظر لها وعيناها مُتسعتان بشدة..ليبتسم هو ويُكمل حديثه

-متستغربيش يا مدام هاجر..راحت وشافتها وبقوا زي السمن ع العسل
-بـ..بـ..بتتكلم..جد!!
-أماء بقوة وقال:أيوة يا مدام هاجر..وهى قضت اليوم كله معاها مرتضش أحرمها من حاجة نفسها فيها

إغرورقت عيناها بدموع..دموع السعادة إتسع على إثرها شفتيها بـ إبتسامة لتُردد هى بصوت خافت ولكنه مسموع لصابر

-الحمد لله..الحمد لله يارب وأخيرًا حققتلك اللي كنت هتموت وتحققه يا جمال
-وصلها صوت صابر يتسائل:لدرجادي بتحبيه؟
-نظرت له وقد غيمت عيناها بمشاعر صادقة:جمال أنقذني وأنقذ حياتي..أه محبنيش بس كفاية أنه إداني بسنت..ومحسسنيش لحظة إني غلطة..ولا قالي إني إستغيلته وجبت بسنت..بالعكس هو حبها زي روجيدا بالظبط لا إحتقرني ولا إحتقرها..طب تصدق إنه كان بيقولي "لو معرفتش أجمعهم..جمعيهم أنتي يا هاجر"

حدق بها وهو يرى تلك اللمعة في عيناها ثم أكملت

-بس مقدرتش أنت اللي قدرت
-ربت على يدها وهو يبتسم بحنو:أنا عملت كدا عشان بسنت..بحبها لدرجة إنها لو طلبت نجمة من السما..هجبلها القمر..ولما حسيت إنها هتموت وتشوف روجيدا مقدرتش أقولها لأ..نفذت اللي هى تطلبه
-سعدت هاجر بشدة لذلك الحديث فقالت:ربنا يخليكوا لبعض
-يارب

نزلت بسنت ثم إتجهت إلى الحديقة على إثر صوت الضحكات التي قدمت منها وهى تعلم علم اليقين من هو سبب ذلك الضحك..لتتحرك في خطوات بطيئة حتى وصلت إلى والدتها وإنحنت تُقبلها برقة 

-صباح الخير
-قبلتها هاجر هى الأخرى وقالت:صباح النور يا حبيبتي
-ليهتف صابر بمرح:ومفيش ليا صباح الخير وآآآ
-لتُزمجر بسنت بحدة:يا قليل الأدب..وبعدين إيه اللي جايبك ع الصبح كدا؟..مش عندك شغل يلا روحه وهوينا!
-ليقول صابر بحزن مُصطنع وهو ينظر إلى هاجر:يخلصك كدا يا حماتي؟..بتطردني

ضحكت هاجر وهى تنهض ثم قالت

-لا ميرضنيش..وأنتي أقعدي صالحي خطيبك
-دبت الأرض بقدميها وهى تقول:متقوليش خطيبي

ولكن لم ترد عليها هاجر وتركتها ورحلت..فـ نهض صابر يجذبها له وهو يقول بحب

-وحشتيني
-فردت هى بتهكم:يا راااجل؟..دا أنا لسه سيباك من كام ساعة
-ما أنتي وحشتيني الكام ساعة دول

جلست وهى تنفخ شدقها بضيق..فـ أمسك يدها وقال بحزن مصطنع

-بقى دي مُقابلة تقابليني بيه بعد اللي عملتهولك إمبارح!..مكنش العشم

ثم أشاح بوجهه بعيدًا عنها..لتعض على شفتيها بخجل فحقًا هو أسعدها أمس وكيف هى تُقابله اليوم؟..تلعثمت وهى تقول بخجل

-آآ..أنا..أسفة

إستدار لها بذهول..لتعض على شفتيها بقوة أكبر..ثم أخفضت رأسها وأكملت

-شـ..شكرًا يا صابر

وضع يده أسفل ذقنها ثم رفعه وحدق بقوة في عينيها وقال بصدق

-أنا معملتش كدا عشان أسمع شكرًا يا بسنت..أنا عملت كدا عشان بحبك ومستعد أعمل أي عشان خاطر أشوف عنيكي مبسوطة

وضحكت الصبية بنعومة..ضحكة أطاحت بالبقية الباقية من عقل ذاك المجنون..ليرد هو بمزاح

-زمان كان فيه مجنون ليلى..دلوقتي بقى فيه مجنون بسنت
-ضحكت وهى ترد عليه بمزاح:قصدك ممحون بسنت

وضحك كِلاهما..غافلان عن تلك الأعين الحادة التي تُراقب..فـ أسرع ذاك الشخص يتصل بسيده

-أيوة يا جلال بيه
-ليرد جلال بـ إمتعاض:ها إيه الأخبار!
-فرد الرجل:هما دلوقتي مع بعض..والعملية مليطة خالص
-زمجر فيه جلال بحدة وهو يصرخ:أخبارك شبه وشك..أقفل يا بومة

ثم أغلق في وجهه الهاتف وهو يكاد يعتصره بين يده..ثم هتف من بين أسنانه وعيناه تلمعان بوميض مُخيف

-ماشي يا بسنت كلها يومين وأرجعلك..وهقلب الترابيزة عليكي و عليه...

تعليقات



×