رواية الظل الذى يلاحقني الفصل الثالث 3 بقلم محمد عادل

رواية الظل الذى يلاحقني الفصل الثالث بقلم محمد عادل

 كابوس اليقظة

"نحن عالقون في أسر الماضي، نرتدي ذكرياته كثقل لا يراه أحد سوانا، نعيش في الحاضر ولكن بأعين مسممة بمرارة ما مضى
حتى أصبحنا نبحث عن وجودنا في وهم لم يعد له أثر."

كانت الليلة أشد ظلمة مما توقع "آدم" حتى الأضواء الخافتة القادمة من الشوارع بدت وكأنها تتلاشى على عتبات المنزل، كان جالسآ على طرف سريره، الدفتر القديم بين يديه، وعيناه مثبتتان على الجملة الأخيرة التي قرأها:
"آدم، أنت لست وحدك، نحن معآ منذ البداية."

أعاد عقله مرارآ إلى تفاصيل الليلة السابقة تلك الغرفة الغامضة الرسومات، والمرأة التي بدت وكأنها "ليلى" لكنها لم تكن تمامآ هي شيء في تعبير وجهها، في الظلال المحيطة بها، جعلها تبدو وكأنها تعود من عالم آخر.

في الصباح جلس "آدم" مع والدته على الإفطار كان الجو مشحونآ بالصمت، لكن "آدم" قرر أن يكسره.

"آدم" واكنه يحمل بداخله كثير: "أمي، هل تتذكرين ليلى؟"

الأم تنظر إليه بحذر: "بالطبع أتذكرها، كانت فتاة لطيفة."

"آدم" بإستعاجب: 
"لكن هناك شيء لم أفهمه، لماذا لم تتحدثي عنها بعد اختفاها؟"

تجمدت ملامح والدته للحظة، ووضعت الكوب الذي كانت تمسكه على الطاولة ببطء، وقالت بصوت منخفض:
"لأنني كنت أعلم أن الحديث عنها لن يغير شيئًا ليلى كانت تعاني يا آدم ولم أكن أريد أن أثقل عليك أكثر مما كنت تتحمل.

"آدم" بإندهاش : "تعاني من ماذا؟ لم تخبريني أبدآ"

"الأم" وهي تنظر للمائده :
"كان لديها مخاوف، هواجس، كما لو أن شيئآ ما يطاردها كنت أظن أنها مجرد أفكار عابرة، لكن بعد اختفائها بدأت أرى الأمور بشكل مختلف."

في تلك الليلة، لم يستطع "آدم" مقاومة العودة إلى الغرفة الغامضة كان يشعر أن الإجابات التي يبحث عنها مخبأة هناك، في الزوايا المظلمة التي لم يجرؤ على استكشافها بالكامل.

عندما فتح الباب هذه المرة، وجد أن الغرفة بدت مختلفة الأثاث الذي كان مغبرآ في الليلة الماضية كان نظيفآ ومُرتب الجدران التي كانت باهتة أصبحت مغطاة برسومات جديدة، وكأن أحدهم كان يرسم أثناء غيابه.

كانت هناك رسمة جديدة على الحائط وجه "ليلى" لكن هذه المرة كانت عيناها مفتوحتين بشكل مريب، وكأنهما تحدقان مباشرة
في "آدم " .

( فلاش باك )

تذكر الليلة الأخيرة التي رأى فيها "ليلى" كانت ترتدي فستانآ أبيض بسيط، وملامحها شاحبة .

"ليلى" :
"آدم، أريد أن أخبرك بشيء، لكني خائفة"
"آدم" :
"خائفة من ماذا؟ يمكنك أن تخبريني بأي شيء"
"ليلى" :
"هناك شيء يتبعني، شيء لا أستطيع الهروب منه، إذا حدث لي أي شيء، لا تحاول البحث عني، أرجوك."

لكن "آدم" لم يستطع تنفيذ طلبها.

في الغرفة، لاحظ "آدم" دفتر جديد موضوعآ على الطاولة فتحه ببطء، ووجد صفحة مكتوبة بخط يد "ليلى" .

"آدم، إذا كنت تقرأ هذا، فهذا يعني أنك قريب من الحقيقة، لا تدعهم يخدعونك كل ما تراه ليس كما يبدو"

حينها، سمع صوتآ خلفه، صوت خطوات بطيئة تقترب التفت بسرعة لكنه لم يجد أحدآ ومع ذلك، شعر بأنفاس باردة تمر بجانبه، وكأن شخصآ غير مرئي كان يقف على بعد بضع خطوات فقط.

عاد إلى غرفته في حالة من التوتر جلس على طرف السرير، وأخذ يتأمل الدفترين اللذين وجدهما، أحدهما مليء برسومات غامضة والآخر برسائل يبدو أنها من "ليلى" .

بينما كان يحاول تجميع أفكاره، سمع صوت والدته تناديه من الممر

"الأم" : "آدم، تعال إلى غرفة المعيشة أريد التحدث معك "

عندما وصل وجد والدته جالسة، لكن ملامحها بدت مختلفة كانت عيناها شاردتين، وكأنها في عالم آخر.

"الأم": "أريد أن أخبرك بشيء لم أستطع قوله منذ زمن طويل "
"آدم" : "ما الأمر؟"
"الأم": "ليلى لم تختفي، لكنها حاولت حمايتك منها."

تجمد "آدم" في مكانه، وكأن كلماته قد سُحبت منه.

"آدم" : "ماذا تعنين؟"
"الأم" : "كانت ترى أشياءً، تسمع أصواتآ، كما تفعل الآن لكنها بدأت تؤذي نفسها، وتؤذي الآخرين كنت خائفة عليك منها."

"آدم" صوته يرتعش بالغضب والألم:
"أمي، لماذا لم تخبريني بهذا من قبل؟ ليلى ماتت وأنا لم أفهم يومآ السبب كنت أبحث عن إجابة، وأنتِ كنتِ تعرفين كل شيء."

"الأم" بوجه شاحب وعينين دامعتين:
"لم أكن أريد أن أعيد لك الألم ما حدث كان صعب بما يكفي كنتُ أظن أن الوقت سيُنسيك، وأن تمضي قدمآ"

"آدم" يضرب الطاولة بقبضة يده:
"كيف أمضي قدمآ وأنتِ دفنتِ كل شيء؟ ليلى كانت تُعاني، وأنا لم أفهم لماذا الآن أكتشف أن هناك أسرار خلف موتها، وأنتِ كنتِ تعرفين!"

"الأم" تنظر إليه برجاء:
"آدم، كنت أريد حمايتك ليلى كانت تعيش في عالَم مليء بالكوابيس كنتُ أظن أن موتها كان خلاصآ لها ولم أستطع أن انقل لك ما كانت تقوله"

"آدم" ينظر إليها بحده:
"وما الذي كانت تقوله؟ أخبريني كل شيء الآن، أمي لا مزيد من الأكاذيب."

"الأم" تتردد قبل أن تهمس:
"قبل وفاتها بفترة قصيرة، بدأت ليلى تتحدث عن أشياء غريبة كانت تقول إنها تسمع أصواتآ، ترى أشياء تتحرك في الظلال قالت إن هناك شيئًا يراقبها، شيئًا لا يمكنها الهروب منه"

"آدم" بنبرة مليئة بالقلق:
"ولماذا لم تخبريني؟ ربما كان بإمكاننا مساعدتها "

"الأم" تُهز رأسها:
"حاولتُ، أخذتها إلى أطباء نفسيين، لكنهم أجمعوا إنها تعاني من اضطراب حاد لم يكن أي علاج ينفع معها كلما مر الوقت، ازدادت حالتها سوءآ. وفي الليلة الأخيرة..."

"آدم" يقاطعها: "ماذا، ماذا حدث في الليلة الأخيرة؟"

"الأم" بصوت مكسور:
"كانت في غرفتها، تبكي وتتحدث مع نفسها حاولت الدخول، لكنها صرخت في وجهي أن أتركها وشأنها قالت إن الأصوات أخبرتها أن الوقت قد حان لم أفهم ما تعنيه الا عندما ماتت"

"آدم" يقف فجأة، عازمآ:
"لن أعيش حياتي في هذا الظلام، أمي سأكتشف الحقيقة، مهما كلفني الأمر إذا كان هناك شيء يريدني فسأواجهه."

"الأم" تحاول الإمساك به:
"آدم، أرجوك، لا تغرق في هذه الدوامة لا أريد أن أفقدك كما فقدت ليلى"

"آدم" يلتفت إليها بعينين مليئتين بالغموض والتحدي:
"ربما لم أفقد ليلى تمامآ، إذا كانت هناك طريقة لفهم ما حدث، فسأجد الحقيقة، أنا لن أترك الأمور هكذا."

"الأم" بصوت مكسور:
"أرجوك كن حذرآ يا بني الحقيقة أحيانآ تكون أكثر ألمآ مما نتصور."

"آدم" بصوت ثابت:
"الحقيقة هي الشيء الوحيد الذي أبحث عنه الآن، و سأجدها، مهما كان الثمن"

"آدم" ذهب إلي مكتبة المنزل، يجلس أمام كومة من الأوراق والكتب القديمة التي كانت تخص والدته يحاول البحث عن أي إشارة قد تربط بين "ليلى" وما حدث لها الغرفة مظلمة إلا من ضوء مصباح صغير بجانبه صوته الداخلي يتحدث بهدوء .

"آدم" يحدث نفسه:
"الأصوات، الكوابيس، ليلى... كل شيء يشير إلى أن هناك شيئآ أكبر من مجرد مرض نفسي لكن ما هو؟ ولماذا تشعر أمي بالخوف الشديد؟"

ثم يجد بين الأوراق صورة قديمة له مع "ليلى" على ظهر الصورة مكتوب بخط يدها :
"آدم، أنا آسفة لم أكن قوية بما يكفي لحمايتك"

"آدم" يحدق في الكلمات:
"لم تكن قوية بما يكفي؟ ماذا كنتِ تحاولين حمايتي منه؟"

يسمع صوتآ خافتآ يأتي من الممر، كأنه صوت همس يقف ويتبع الصوت يصل إلى باب الغرفة المظلمة  .

"آدم" بصوت منخفض، مرتبك: "هذه الغرفة... ماذا تريد مني؟"

يدفع الباب ببطء ويدخل يجد الغرفة مليئة برسومات ولوحات غريبة، غير الذي كانت هنا من قبل كلها لوجه "ليلى" وهي تنظر إليه بتعابير مختلفة الحزن، الغضب، الخوف في وسط الغرفة توجد مرآة كبيرة، وعندما ينظر فيها، يرى "ليلى" تقف خلفه .

"آدم" يلتفت سريعآ، لكن لا يوجد أحد: "ليلى؟ هل هذا أنتِ؟"

ينظر مرة أخرى في المرآة، لكن هذه المرة يرى مشهدآ مختلفآ
"ليلى" تجلس على سريرها وتبكي، تمسك بورقة وتمزقها .

"آدم" يناديها: "ليلى... ماذا تفعلين؟!"

الصورة في المرآة تختفي فجأة، ويشعر بشيء يمسك بكتفه
 يلتفت ويرى والده يقف خلفه.

والده بصوت حازم:
"لماذا تبحث في أشياء لا يجب أن تلمسها؟ هناك أمور يجب أن تتركها في الماضي."

"آدم"ينظر إليه بغضب:
"لماذا لم تخبرني الحقيقة؟ ليلى لم تمت هكذا فقط، هناك شيء أكبر يحدث هنا، وأنت تعرفه"

والده يتنهد ويبتعد عنه:
"بعض الأسرار يجب أن تبقى مدفونة يا آدم الحقيقة لن تجلب لك سوى الألم."

"آدم" بصوت مرتفع:
"لا يهمني الألم أريد أن أفهم ماذا حدث لليلى؟ ولماذا تركتموني أعيش في هذا الجهل؟"

والده ينظر إليه بصمت للحظة، ثم يتركه ويخرج من الغرفة دون 
أن ينطق بكلمة.

ثم يخرج "آدم" ويعود إلى غرفته وهو يشعر بالإرهاق يجلس على السرير ويمسك رأسه بيديه يبدأ في سماع همسات متقطعة مرة أخرى، لكنها تصبح أعلى وأعلى، كأنها تأتي من داخل عقله يغلق عينيه ويحاول تهدئة نفسه، لكنه يشعر بشيء يضغط على صدره ويمنعه من التنفس .

"آدم" يصرخ: "من أنتم؟! ماذا تريدون مني؟!"

يفتح عينيه فجأة، ليجد نفسه مستلقيآ على فراشه، في غرفته يتنفس بصعوبة، ينظر حوله ويرى أن كل شيء في مكانه، ولا أثر لأي من الأحداث التي مرت .

"آدم" بصوت مبحوح: "هل... كان كل هذا حلمآ؟"

ينظر إلى يده ويجد فيها الصورة التي كانت مكتوبة عليها رسالة
 "ليلى" نفس الكلمات :
"آدم، أنا آسفة لم أكن قوية بما يكفي لحمايتك"

ينظر حوله بذهول، غير قادر على التمييز بين الواقع والخيال .

"آدم" بصوت مرتجف:
"إذا كان هذا حلمآ... لماذا أشعر أنني ما زلت عالقآ فيه؟"

"آدم" يحدق في المرآة أمامه، انعكاسه في المرآة لا يتبع حركاته يقترب أكثر، بينما يزداد شعوره بالخوف والتشوش يرفع يده ليلمس سطح المرآة، لكن الانعكاس لا يفعل ذلك، بل يبتسم بابتسامة باردة وغريبة.

"آدم" بصوتً مبحوح: "من أنت؟ ولماذا تبدو مثلي؟"

(ينبعث صوت من انعكاسه، لكن شفتيه لا تتحرك )

الانعكاس:
"أنا أنت، يا آدم، أو بالأحرى، أنا من كنت تحاول دفنه طوال هذه السنوات أنا حقيقتك"

"آدم" يتراجع بخطوات مترددة:
"هذا ليس حقيقيآ، أنا أحلم هذا مجرد حلم"

الانعكاس:
"أليس هذا ما كنت تخبر نفسك دائمآ؟ أن ما حدث مع ليلى كان مجرد كابوس؟ أنك لم تكن مسؤولاً عن موتها؟"

"آدم" يصرخ بغضب: "أنا لم أقتلها.. لقد كان حادثآ"

الانعكاس يضحك بسخرية:
"حقًا؟، أم أنك فقط أغمضت عينيك عن الحقيقة؟"

الغرفة تبدأ في التحول من حوله الجدران تتشقق، وتظهر خلفها صور قديمة تجمعه بـ "ليلى" كلها مشوهة وممزقة أصوات ضحك وبكاء "ليلى" تتداخل في أذنيه، مما يجعله يضغط على رأسه محاولًا كتمها.

"آدم" بصوت مرتعش: "توقف... توقف أرجوك!"

( فلاش باك )

آدم" يرى نفسه جالسآ في حديقة صغيرة مع "ليلى" المشهد يبدو سعيدآ في البداية "ليلى" تبتسم له بينما تقطف زهرة وتضعها في يده.

"ليلى" وهي تمسك يده :
"آدم، أحيانآ أشعر أنك تفكر في أشياء كثيرة جدآ، لماذا لا تدع قلبك يتحدث بدلًا من عقلك؟"

"آدم" يبتسم بخجل:
"لأنني خائف، كل شيء في حياتي يشعرني أنني على وشك فقدانه وأنتِ... أنتِ أهم ما لدي"

الصورة تبدأ بالتلاشي، وتحل محلها صورة أخرى، "ليلى" في غرفة مظلمة تبكي وتصرخ عليه.

"ليلى" بعصبيه حاده:
"لماذا لا تفهمني؟! أردت مساعدتك، لكنك دفعتني بعيدآ كل ما فعلته كان لأجلك"

"آدم" يصرخ في الفلاش باك:
"لم أطلب منكِ التدخل في حياتي، أنا لست بحاجة إلى شفقة أحد"

المشهد يتحول فجأة إلى آخر "ليلى" تقف على شرفة مرتفعة ودموعها تنهمر .

"ليلى" بهدوء:
"إذا كنت لا تستطيع العيش مع نفسك، كيف تتوقع أن أستطيع العيش معك؟"

(تختفي ليلى في الظلام، و يعود آدم إلى واقعه في الغرفة)

"آدم" يجلس على الأرض في غرفته، يلتقط أنفاسه بصعوبة انعكاسه في المرآة ينظر إليه بازدراء .

"آدم" يهمس:
"لقد كانت تحاول مساعدتي... وأنا دفعتها بعيدآ "

الانعكاس :
"أخيرآ بدأت ترى الحقيقة لكن ما زالت هناك أجزاء ناقصة، إذا أردت الخروج من هذا الحلم أو الواقع، سمّه ما شئت فعليك أن تواجه كل شيء."

"آدم" بتوسل: "كيف أخرج من هنا؟"

الانعكاس:
"توقف عن الهروب عد إلى الليلة التي ماتت فيها ليلى أعد بناء الحقيقة، وكل شيء سيصبح واضحآ"

الغرفة تبدأ بالاهتزاز، ويجد "آدم" نفسه فجأة في مكان مختلف غرفة "ليلى" في الليلة التي ماتت فيها كل شيء يبدو كما كان، لكنه هذه المرة يرى نفسه واقفآ هناك، يشاهد المشهد كمتفرج.

"آدم" يشاهد "ليلى" تتجادل معه في تلك الليلة يرى نفسه غاضبآ ويدفعها بعيدآ عن طريقه وهي تحاول الإمساك به، يسقط على ركبتيه وهو يشاهد الحدث يتكرر أمام عينيه" ليلى" تهرب إلى الشرفة بعد المشاجرة، وتبدأ اللحظة الحاسمة.

"آدم" يصرخ: "توقفي.. لا تفعلي ذلك!"

لكنه لا يستطيع التدخل كل شيء يحدث كما كان يسقط على الأرض في انهيار تام، بينما يسمع أصوات "ليلى" من حوله تهم:
"آدم، لقد حاولت... لكنك كنت أضعف من أن ترى"

ثم ينتهي المشهد وهو ينهض ببطء، عيناه مليئتان بالدموع، وهو يهمس لنفسه:

"آدم" محدثًا نفسه: "هذا ليس حقيقي، هذا حلم أعرف أنه حلم."

يحاول أن يصرخ ليوقظ نفسه، لكن صوته لا يخرج يضغط على يده بقوة ليتأكد من وجوده، لكنه يشعر وكأنه يغوص أعمق في الوهم الصور من الماضي تتداخل أمام عينيه "ليلى" تضحك معه في أحد المقاهي، ثم المشهد يتبدل فجأة إلى ليلة وفاتها.

"ليلى" تظهر أمامه بابتسامة حزينة: "آدم، لماذا لا تدعني أذهب؟"

"آدم" ينظر إليها بذهول: "ليلى؟! لا، أنتِ... أنتِ لستِ هنا، لقد متِّ!"

"ليلى" بصوت هادئ، لكنه مليء باللوم:
"لكنك تجعلني أعود مرارآ وتكرارآ، كل هذا بسببك ."

يحاول لمسها لكنها تختفي كالضباب يسمع صوت خطوات سريعة خلفه، يستدير ليجد والدته، وجهها غارق في الظلال.

والدته: "آدم، ما الذي تفعله هنا؟ لماذا لا تترك الماضي وشأنه؟"

"آدم" في صرخة يائسة:
"أنا لا أتحكم في أي شيء، لا أريد أن أكون هنا، أريد فقط أن أستيقظ"

يحاول "آدم" البحث عن أي مخرج يركض في ممرات لا نهاية لها الجدران تقترب منه كأنها ستسحقه يسمع أصواتآ مألوفة من ماضيه ضحكات طفولته، بكاءه في جنازة "ليلى" وأصوات أخرى غامضة تناديه باسمه.

" آدم" يتحدث بصوت عالٍ:
"إن كنتُ في حلم، فلا بد أن أتحكم فيه... يجب أن أستيقظ الآن"

يبدأ في ضرب الحائط بقبضته، يصرخ حتى يفقد صوته فجأة يشعر بيد تلمس كتفه يستدير ليرى نسخة أخرى منه، نسخة يبدو عليها الغضب والخوف.

"آدم الآخر":
"أنت لن تستيقظ حتى تواجه الحقيقة، الهروب لن ينقذك."

"آدم" يرتجف من الرعب: "ماذا تقصد؟ أي حقيقة؟"

"آدم الآخر":
"أنت تعرف الإجابة، لكنك ترفض النظر إليها، الحلم لن ينتهي حتى تواجه ما دفنته في أعماقك."

فجأة، يجد "آدم" نفسه في غرفة نومه يستيقظ مذعورآ، يلهث وكأن قلبه سيخرج من صدره، ينظر حوله، الغرفة مظلمة لكنه يستطيع رؤية أشيائه المعتادة، يمرر يده على وجهه.

"آدم" بهمس: "لقد كان حلمًا مجددآ !!... أم أنني ما زلت فيه؟"

ينهض من سريره وينظر إلى المرآة يرى انعكاسه الطبيعي، لكنه يشعر أن شيئآ ما لا يزال خاطئآ يقرر أنه لا يمكنه مواجهة هذه الهلاوس بمفرده بعد الآن ويقرر العوده إلي الدكتورة "سلمي" .

يتجه نحو خزانة ملابسه، يفتحها ببطء يرى سترته السوداء التي اعتاد ارتداءها في جلساته مع الدكتورة "سلمى" يتوقف للحظة وكأن ذكرى ما تحاصره يغمض عينيه، ويأخذ نفسآ عميقآ .

( فلاش باك )

"آدم" يجلس في نفس الغرفة، يتحدث مع "ليلى" ضوء النهار يتسلل من النافذة "ليلى" تجلس على السرير، ترتدي فستانآ أبيض فضفاض، شعرها مُبلل وكأنها خرجت للتو من الحمام.

"ليلى" وهي تمسك بيده:
"آدم، لا تدع كل شيء يسيطر عليك أنت أقوى مما تعتقد."

"آدم" ينظر إليها بابتسامة حزينة: "قوتي كانت في وجودك، ليلى"

تنظر إليه بصمت ثم تتلاشى تدريجيآ و يعود "آدم" إلى واقعه .

يمسك "آدم" سترته ويرتديها بسرعة يأخذ حقيبته الصغيرة ويضع بداخلها دفتر ملاحظاته الذي اعتاد تسجيل أفكاره فيه يتجه نحو المطبخ ليصنع كوبآ من القهوة، لكن يديه ترتجفان.

"آدم" بصوت منخفض:
"هل ستصدقني "سلمى" هذه المرة؟ أم ستعتبرني مجنونآ آخر يبحث عن تفسير لما لا يُفسر؟"

يرتشف قليلًا من القهوة، لكنه يتوقف عندما يرى انعكاس وجه "ليلى" في السطح اللامع للكوب يرمش بعينيه عدة مرات، لكنها تختفي.

"آدم"، بصوت عالٍ، وهو يحاول السيطرة على نفسه:
"لا، ليس الآن لن أسمح لهذه الهلاوس بالسيطرة علي عقلي "

يرتدي حذاءه وينظر حوله للمرة الأخيرة قبل أن يغادر البيت يبدو صامتآ بشكل مزعج، لكنه يشعر أن هناك من يراقبه يأخذ نفسآ عميقآ ويغلق الباب خلفه.

في المصعد، يقف وحيدآ، ينظر إلى أزرار الطوابق يضغط على الطابق الأرضي، لكنه يشعر بشيء غير مريح ضوء المصعد يومض للحظة، ثم يعود طبيعيآ.

"آدم" وهو يغمغم: "حتى الأماكن العادية أصبحت تبدو كابوسآ "

يصل إلى الطابق الأرضي، يخرج من المبنى ويتجه نحو سياره والده يفتح الباب، يدخل ويجلس خلف محرك القيادة يضع يديه على المقود ويتوقف للحظة.

"آدم" بتردد: 
"هل هذا هو الحل؟ أم أنني أركض نحو طريق مسدود؟"

يُشغل السيارة، ويتحرك ببطء نحو العيادة، عازمآ على مواجهة ما يحدث بداخله، أو على الأقل، محاولة فهمه .

السيارة تتحرك في الشوارع بهدوء، لكن ذهن "آدم" أبعد ما يكون عن الهدوء الشوارع تبدو ضبابية، كأنها تنتمي لعالم آخر صوت الراديو في الخلفية يعرض أغنية قديمة تذكره بـ "ليلى" يمد يده ليطفئ الراديو، لكن صوت الأغنية يستمر .

"آدم" يتحدث لنفسه وهو يحاول التركيز:
"لا، لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا، فقط أوهام كل هذا بسبب الإرهاق."

يحاول تجاهل الصوت لكن الأغنية تتحول تدريجيآ إلى صوت "ليلى" .

صوت "ليلى" من الراديو:
"آدم، إلى متى ستظل تهرب؟ إلى متى ستظل ترفض مواجهة الحقيقة؟"

يتوقف "آدم" فجأة في منتصف الطريق أنفاسه تتسارع ينظر إلى الراديو بعينين مليئتين بالخوف.

"آدم" بصوت مرتفع: "توقفي.. هذا يكفي"

يطفئ السيارة، والصوت يختفي ينظر حوله، الشارع فارغ تمامآ. يضع رأسه على عجلة القيادة، محاولًا استعادة هدوئه متذكرآ .

(فلاش باك)

"آدم" و"ليلى" يجلسان في مقهى صغير "ليلى" تبدو متحمسة
وهي تحمل دفتر رسم بين يديها .

"ليلى" بصوت هادئ:
"آدم، أنظر، هذه اللوحة ستكون تحفتي القادمة أعتقد أنها ستمثل كل شيء نؤمن به."

"آدم" ينظر إلى الدفتر بفضول:
"لكن... لماذا ترسمين دائمآ وجوهآ غريبة؟ لماذا لا ترسمين شيئآ أكثر وضوحآ؟"

"ليلى" بابتسامة غامضة:
"لأن الغموض هو ما يجعل الفن حيآ إذا فهمت كل شيء، فما الفائدة؟"

يعود "آدم" إلى واقعه في السيارة يأخذ نفسآ عميقآ ويشغل السيارة مرة أخرى هذه المرة، الطريق يبدو أقل ضبابية، لكنه ما زال يشعر بثقل غير مرئي يضغط على صدره كلما أقترب اكثر من العيادة .

"آدم" يقف أمام باب العيادة يرفع يده ليطرق الباب، لكنه يتردد ينظر إلى اللوحة المعدنية الصغيرة التي تحمل اسمها :
"الدكتورة سلمى عبدالله – استشارية الطب النفسي"

"آدم" يهمس لنفسه مجددآ:
"هل ستصدقني؟ أم ستعتبرني حالة ميؤوس منها؟"

ثم يطرق الباب بهدوء يفتح الباب بعد لحظات، وتظهر الدكتورة "سلمى" بابتسامة هادئة:
"آدم، سعيده برؤيتك، تفضل بالدخول."

يدخل "آدم" إلى المكتب، يجلس على الكرسي المقابل للطاولة، الغرفة دافئة ومريحة، لكنها لا تخفف من توتره .

"سلمى": "أخبرني، كيف تسير الأمور؟ لم أرك منذ فترة طويلة."

يتردد "آدم" للحظة، ثم يبدأ بالتحدث، صوته مليء بالارتباك والخوف.

"آدم" بصوتً مُرتبك:
"دكتورة، الأمور ليست على ما يرام لا أعرف كيف أشرح لك لكني أسمع أشياء، أرى أشياء أشعر أنني عالق في مكان لا أستطيع الهروب منه."

"سلمى" وهي تكتب ملاحظات بهدوء:
"هل يمكن أن تخبرني أكثر؟ ما الذي تراه أو تسمعه؟"

"آدم" يتنهد بعمق:
"ليلى... أسمع صوتها في كل مكان، أراها في كل شيء، لكنني أعلم أنها... أعلم أنها ماتت كيف يمكنني أن أراها أو أسمعها؟"

"سلمى" بنبرة هادئة:
"أحيانآ، عندما نفقد شخصآ عزيزآ، يظل عقلك الباطن متمسكآ بذكراه لكنه ليس دائمآ أمرآ سيئآ، أريدك أن تحاول التمييز بين الواقع وما تشعر به."

"آدم" ينظر إليها بعيون مليئة بالارتباك:
"لكن، ماذا لو كانت الحقيقة هي الحلم؟ وماذا لو كان ما أعيشه الآن... مجرد وهم؟"

"سلمى" تتوقف عن الكتابة وتنظر إليه مباشرة:
"آدم، هذا سؤال مهم جدآ ربما علينا أن نعمل معآ لاكتشاف الإجابة، لكن أولًا، أحتاج منك أن تثق بي، هل يمكنك ذلك؟"

يومئ "آدم" برأسه ببطء، لكنه يشعر أن رحلة اكتشاف الحقيقة قد بدأت للتو، وأنها ستكون أصعب مما توقع.

تغلق "سلمى" دفتر ملاحظاتها وتضعه جانبآ صمت ثقيل يسيطر على الغرفة، لكنها تستمر في مراقبة "آدم" الذي يبدو وكأنه يزن كلماته بعناية.

"سلمى" وهي تنظر إليه :
" أريدك أن تخبرني شيئآ بصدق متى كانت آخر مرة شعرت فيها أنك متأكد من أن ما يحدث حولك... حقيقي؟"

"آدم" ينظر إلى يديه أصابعه ترتعش بخفة يتردد، ثم يجيب بصوت خافت.

"لا أعرف أحيانآ أعتقد أنني أعيش حياتي بشكل طبيعي، لكن التفاصيل الصغيرة تجعلني أشك كأنني أشاهد فيلم قديم يتكرر بلا نهاية"

"سلمى": "أعطني مثالًا، شيء جعلك تشعر بهذا الشك."

"آدم" يتنهد بعمق:
"كان هناك كوب قهوة على الطاولة في المنزل هذا الصباح أتذكر أنني شربته... لكن بعد دقائق، وجدته ممتلئً كما كان لم يكن هناك أي أحد في المنزل غيري."

"سلمى" تكتب ببطء:
"وأين كنت عندما رأيت الكوب ممتلئآ مرة أخرى؟"

"آدم" : "كنت واقفآ أمام المرآة، كنت أراقب انعكاسي."

"سلمى" تنظر إليه بتركيز: "وماذا رأيت؟"

(آدم يرفع عينيه ببطء، وكأن الإجابة تثقل كاهله.)

"آدم" : "لم يكن انعكاسي... كان وجه ليلى."

صمت يلف الغرفة "سلمى" تتوقف عن الكتابة، وكأنها تحاول تحليل كلماته "آدم" يمرر يده على جبينه، يحاول تهدئة نفسه.

"سلمى" : "آدم، عندما ترى ليلى... هل تتحدث معك؟"

"آدم":
"نعم... لكنها لا تقول أشياء منطقية، كلماتها دائماً مشوشة أحياناً تخبرني أنني أحتاج للعودة... لكنني لا أعرف إلى أين."

"سلمى":
"العودة؟ هل تعتقد أن هذا الحلم أو الهلاوس تحاول إيصال رسالة لك؟"

"آدم" بصوت مرتفع فجأة:
" لكن لماذا يجب أن يكون الأمر بهذا التعقيد؟ لماذا لا تقول لي ما الذي تريده؟"

فجأة، يهتز الهاتف الموجود على مكتب الدكتورة "سلمى" تنظر إليه ثم إلى "آدم" الذي يبدو كأنه تجمد في مكانه، يهتز الهاتف مجددآ، لكن الشاشة لا تظهر أي مكالمة واردة.

"آدم" : بصوت مرتعش: "أهذا... هاتفك؟"

"سلمى" بنبرة هادئة لكنها متوترة قليلاً: "نعم، ربما إشعار فقط"

تمسك الهاتف وتنظر إليه الشاشة خالية تمامآ، تقرر تجاهل الأمر وتضع الهاتف جانبآ، لكن "آدم" يبدو أنه لاحظ شيئآ.

"آدم" :
"سلمى، عندما أمسكتِ الهاتف... كان هناك شيء آخر على الشاشة."

"سلمى": "ماذا تعني؟"

"آدم" ينظر إليها بعيون واسعة: "كان هناك اسم... ليلى."

"سلمى" تشعر بتيار بارد يسري في جسدها تلتقط الهاتف مرة أخرى، لكنها لا تجد أي أثر للاسم تنظر إلى "آدم" الذي يبدو متيقنآ مما رآه .

"سلمى":
" أعتقد أن هذا جزء من ما تمر به قد تكون عيناك خُدعت بسبب التوتر."

"آدم" يقاطعها:
"لا، لم يكن وهمآ، لقد رأيت اسمها ماذا لو أن هذه الرسائل ليست هلاوس؟ ماذا لو أن هناك شيئ حقيقي وراء هذا؟"

"سلمى" تحاول الحفاظ على هدوئها:
"آدم، علينا أن نتحقق من كل شيء خطوة بخطوة، لكن يجب أن تبقى هادئآ، الذعر لن يساعدك."

(آدم يميل إلى الأمام، وجهه يعبر عن مزيج من الخوف والغضب.)

"آدم" :
"أنتِ لا تفهمين كل شيء من حولي، المنزل، المرايا، الأصوات، حتى كوب القهوة، كلها تشير إلى شيء لا أستطيع رؤيته بوضوح كأنني داخل شبكة لا أستطيع الخروج منها."

تحاول "سلمى" تهدئته بنبرة هادئة، لكنها لاحظت شيئآ غريبآ
عينا تتحركان وكأنه يطارد شيئًا غير مرئي في الغرفة.

"سلمى" : "آدم، هل ترى شيئًا الآن؟"

"آدم" بصوت منخفض: "أجل... إنها هنا."

تجمدت "سلمى" في مكانها قلبها ينبض لكنها تظل هادئة ظاهريآ

"سلمى" : "آدم، من هنا؟"

"آدم" : يهمس: "ليلى، إنها خلفك."

"سلمى" تلتفت ببطء، لكن الغرفة تبدو خالية تمامآ عندما تعود بنظرها إلى "آدم" تجد أنه يحدق في مكان خلفها بعينين واسعتين مليئتين بالرعب .

"آدم" بصوت مرتجف: "هي هنا الآن، تبتسم لي."

"سلمى" بهدوء:
"آدم، لا أحد هنا سواك وسواي، هل أنت متأكد مما ترى؟"

"آدم" ينفجر بغضب:
"أنتِ لا تسمعينها؟ لا ترينها؟ كيف يكون هذا؟ أقسم أنها هنا "

"سلمى" تظل صامتة، تراقب حالة "آدم" المتصاعدة لكنه فجأة ينهض من مكانه ويتراجع نحو الحائط، كأنه يحاول الهروب من شيء يقترب منه.

"آدم" يُشير لها بالابتعاد :
"لا تقتربي مني، أريد أن أفهم لماذا أنا الوحيد الذي يراها ويسمعها؟"

تحاول "سلمى" التحدث، لكن قبل أن تتمكن من قول أي شيء، يسمع "آدم" صوتآ آخر، أكثر حدة ووضوحآ، يقول:
 "آدم، توقف عن الهروب."

(يضع يديه على أذنيه، ينحني قليلاً، ثم يصرخ)

"توقفوا، توقفوا عن الحديث في رأسي!"

الغرفة تغرق في صمت "سلمى" تنظر إلى "آدم" بعينين مليئتين بالدهشة والقلق لكنها تدرك الآن أن ما يعاني منه ليس مجرد ذكريات حزينة أو ضغوط نفسية هناك شيء أعمق، وربما أكثر خطورة .

"سلمى" بهدوء:
"آدم، أحتاج منك أن تثق بي سنعمل معآ لفهم ما يحدث لكن عليك أن تخبرني بكل شيء، مهما بدا غريبآ"

"آدم" يجلس على الأريكة مجددآ، يدفن وجهه في يديه عندما يرفع رأسه عينيه تلمعان بالدموع، لكن هناك شيء مختلف مزيج من الخوف والإصرار.

"آدم":
"حسنًا... سأخبرك كل شيء، لكن عليك أن تصدقي، حتى لو بدا الأمر جنونيآ."

الغرفة تغرق في صمت ثقيل يبدأ "آدم" بسرد تفاصيل رؤاه وأصواته، بينما تواصل "سلمى" تدوين ملاحظاتها، لكن داخل عقلها بدأت تتساءل هل كل هذا وهم... أم أن هناك حقيقة خفية لم تصل إليها بعد؟.

"آدم" يتنفس بعمق، وعينيه تتابع يد الدكتورة "سلمى" وهي تسجل كل كلمة يهمس بها، الغرفة تبدو أكثر ضيقآ وكأن جدرانها تضيق شيئآ فشيئآ، مع كل ثانية تمر الصمت الذي يسيطر على المكان يجعل الجو خانقآ ولكن في ذهن "آدم" لا يزال الصوت يتردد.

"آدم" بصوت مكسور:
"ليلى... كانت معي في كل لحظة هي من كانت تدفعني لاستمرار حتى بعد كل شيء ولكن في الأيام الأخيرة شعرت أنها ابتعدت عني، وكأنها ليست هي، وكأنها تتغير لكنني لم أستطع فهم السبب."

الدكتورة "سلمى" تراقب بعناية، وعيناها لا تفارق وجهه كانت تسجل التفاصيل، لكن في قلبها، بدأ يساورها شكوكٌ عميقة حول ما قد يكون وراء هذه الرؤى.

"سلمى":
"هل أنت متأكد أنك لا تخلط بين الذكريات وبين ما تشعر به الآن؟ هل تعتقد أن هناك شيئآ في الماضي يؤثر على تصوراتك الحالية؟"

"آدم" يلتقط أنفاسه بصعوبة، وينظر إلى الأرض للحظة، ثم يرفع رأسه فجأة، وكأن شيء ما قد حلّ على عقله.

"آدم" بحماس:
"قبل موتها... قبل كل شيء، كنت أراها في كل مكان في الشوارع، في الأماكن المظلمة، في الزوايا التي كنت أهرب منها كنت أراها، لكن لم يكن لديها شكل واضح كان مجرد ظل، وكأنها كانت تراقبني."

"سلمى" تقرأ بتمعن في كلمات "آدم" ثم تتوقف لحظة قبل أن تواصل الحديث، وكأن شيئآ في عقله بدأ يثير فضولها.

"سلمى":
"آدم، إذا كانت هذه الأصوات والمشاهد ليست حقيقية، فماذا لو كانت تعبيرآ عن شيء أكبر من مجرد الذكريات؟ ماذا لو كانت إشارات عقلك لشيء يجب أن تراه؟"

"آدم" يرفع يديه بشكل مفاجئ، وكأن الصوت الذي كان يطارده بدأ يعود من جديد.

"آدم" بصوت غير ثابت:
"لا... لا أستطيع التحمل أصوات تتسارع في رأسي، وأنتِ لا تسمعين شيئآ كلما اقتربت من الحقيقة، كلما شعرت أن هناك شيئآ يهرب مني، شيئآ أحتاج لفتح الباب لأراه."

فجأة، تسمع "سلمى" صوتآ غير مفسر قادمآ من الجهة الخلفية للغرفة صوت خافت جدًا لكنه واضح تمامًا أذن "آدم" تلتقط الصوت على الفور.

"آدم" وهو يصرخ:
"هل سمعتِ؟ هل سمعتِ؟ إنها هناك الصوت قادم من وراء تلك الجدران"

"سلمى" تقف بسرعة، ولكنها تظل هادئة، تحاول إخفاء صدمتها بينما "آدم" يقترب من الجدار، يضع يده عليه وكأن هنالك شيء مختبئ في داخله ثم فجأة، ينهار على الأرض في نوبة من الهلع.

"آدم" بصوت متقطع:
"أريد أن أرى... أريد أن أعرف ماذا يحدث ماذا أحتاج أن أفتح؟"

"سلمى" تتجه نحوه وتساعده على الوقوف، لكنها كانت تشعر بشيء غريب في الجو هذا المكان، هذا الوقت، كل شيء حولها بدأ يبدو غير حقيقي ومع كل كلمة قالها، كانت تشعر بزيادة في التوتر في قلبها، كما لو كانت هي أيضآ تتداخل في عالمه.

"سلمى":
"آدم... يجب أن تركز، أنت هنا الآن نحن بحاجة لإجراء التحليل المناسب."

ولكن قبل أن يتمكن أي منهما من إتمام الحديث، تهتز الغرفة فجأة كما لو أن هناك ضربة قوية مرت بها فجأة، ينطفئ النور، ويعم الظلام، بينما صوت خطوات غير مرئية تبدأ في الاقتراب منهم.

"آدم" يقف في مكانه، عيونه متسعة، يحدق في الفراغ أمامه صوت الأقدام يقترب منهما أكثر قلبه ينبض بسرعة، بينما يهمس في نفسه.

"آدم": "ليلى... هل أنتي هنا؟ هل أنتي موجودة الآن؟"

ثم في لحظة من الصمت المطبق، يعود النور فجأة، لكن الصورة التي كانت أمامه قد تغيرت الطاولة التي كانت أمامهما لم تكن موجودة، كما اختفت "سلمى"من مكانها المكان أصبح خاليآ، إلا من الباب الذي كان مغلقآ تمامآ.

"آدم" مذهولًا: "أين هي؟ أين اختفت؟"

وفي لحظة، يشعر بشيء غريب يمر عبر جسده، كما لو أن المكان أصبح يتغير حوله بشكل غامض وكل شيء، حتى هو نفسه، يبدو مشوهآ وفي اللحظة التالية، يسمع الصوت مجددآ ولكن هذه المرة كان الصوت قادمآ من الجهة الأخرى، من الباب المغلق.

"الصوت" بهدوء، ولكنه غريب جدًا: "آدم... انتظر."

"آدم" يتحرك ببطء نحو الباب، وعينيه لا تفارق المكان يضع يده على المقبض، لكن قبل أن يفتح الباب، يشعر بشيء يثقل قلبه شيء غامض يتسرب إلى عقله، وكأن الحقيقة على وشك أن تنكشف له.

ثم في لحظة، يفتح الباب، ليجد نفسه في مكان آخر عالم آخر مكان مظلم مليء بذكريات الماضي الذي كان يحاول الهروب منه.
تعليقات



×