رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثالث (ولعشقها ضريبة) الفصل السادس
عندما يعشق الرجل يغار وحينما يغار يحترق العالم لغيرته...
رفع حاجبيه بـ إستهجان وبـ نبرة ساخرة أردف
-مسمعتش!
-مطلوب القبض عليك يا جاسر بيه..ايه اللي مسمعتوش!...
جاءه هذا الصوت الساخر من مدخل القاعة..نظر جاسر إليه بـ نظرات ساخرة مُلغفة بـ القتامة..بينما تقدم شريف منه بـ خطوات واثقة وعيناه لا تتزحزح عن فريسته..نظرت روجيدا إلى القادم إليهم وقالت بـ صدمة
-شريف؟!
-إلتفت إليها جاسر بـ غضب ثم قال بـ زمجرة مُخيفة:قولي اسمه تاني عشان أخليها حمام دم...
إتسعت عيناها بـ قوة ثم ما لبثت أن قالت بـ ضيق
-أنت فـ إيه ولا فـ إيه؟!
-إتلهي أنتي التانية...
قالها بـ نفاذ صبر وهو يستدير إلى الذي يقف أمامه بـ كل عنجهية و برود..إبتسم جاسر بـ خبث وهو يُحدق بـ عنقه المُضمد ثم قال بـ نبرة مُبهمة
-والله أنا سايب علاماتي على رقاب الناس...
لم يفهم شريف معنى ما قاله ولكن جاسر شعر بـ روجيدا تقرص ظهره بـ غل..ضحك ليُثير إستفزاز من أمامه..ليقول الأول بـ قليل من الحدة
-ممكن أفهم بتضحك ع إيه!
-نظر له شزرًا وقال:على سذاجتك...
إحتقنت عينا شريف وكاد أن يرد ولكن جاسر مدّ يده وقال بـ نبرة مُتصلبة
-يلا يا سيادة الملازم حط الكلبشات فـ إيدي..مش كنت هتستريح لما تشوفني كدا!..وأنا بقدملك دا على طبق من دهب...
بقى شريف يُحدق به بـ صدمة قبل أن يستوعب نفسه..ليُخرج من جذعه أصفاد و وضعها بـ يد جاسر..إبتسم الأول بـ غرور وقال
-متعرفش أد إيه المنظر دا ريحني
-خرجت من فم جاسر ضحكة ساخرة وقال:عاوزك ترتاح دلوقتي..عشان أنا هريحك خالص بعدين...
ثم دفعه جاسر من منكبه وتحرك أمامه..بقى الجميع ينظر بـ صدمة ألجمت فاههم..وكان على رأسهم روجيدا..إلتفت إلى شريف الذي يُحدق به بـ بلاهة ليضحك بـ صخب ثم قال بـ برود ثلجي مُميت
-هتفضل عندك كتير!..يلا يا راجل ورانا محضر عاوزين نقفله...
وأكمل سيره وسط الجموع الفاغرة فاها بـ صدمة قاتلة...
نظر شريف إلى روجيدا التي بقت على حالها من الصدمة..تقدم منها بـ حذر فـ إنتبهت عليه ونظرت إليه بـ تساؤل ليرد بـ هدوء عصبي
-جاسر إقتحم شقتي وضربني بالرصاص وآآ...
-قاطعته روجيدا بـ سخرية:وهو دا اللي خلاك تقبض عليه
-أكيد لأ...
عقدت حاجبيها ليقترب أكثر وكاد أن يُمسك يدها إلا أنها إبتعدت وهى تنظر إليه بـ غضب..تنهد بـ إستسلام وقال بـ جدية
-البيه عقد صفقة مع رجل أعمال خليجي على إنهم يدخلوا مصر أغذية فاسدة...
فغرت فاها من الصدمة وقد شعرت بـ الشلل المؤقت يُصيب حواسها..لتصرخ بـ عدم تصديق
-أنت أكيد إتجننت...
ثم تركته وركضت إلى الخارج..فـ ناداها بـ قوة
-روجيدا إستني...
ولكنها كانت شقت الصفوف وإنطلقت إلى الخارج..مسح على وجهه بـ عنف ثم تبعها..فـ وجد جاسر يجلس بـ سيارة الشرطة و روجيدا تُحاول الحديث معه..بقت نظراته مُعلقها بها...
لاحظ جاسر تلك العينان الثعلبية التي تُحدق بها فـ إشتعلت عيناه بـ نظرات مُميتة وبـ نبرة ساحقة كـ الرعد هتف
-روجيدا إركبي العربية وروحي
-ردت عليه بـ عناد:مش همشي إلا أما أفهم...
ترجل جاسر من السيارة فـ تراجعت بـ خوف..تحرك خطوتان يلتهم بهم الأرض جاذبًا إياها إليه ثم هتف بـ نبرة كـ الفحيح
-أحسنلك تروحي عشان شياطين الإنس والجن واقفة على راسي...
شعر يدًا ما توضع على معصمه وتُبعده عن يدها..نظر إليه جاسر بـ نظرات مُظلمة حالكة السواد كـ الليل البهيم..لينطق الأخر
-شيل إيدك عنها...
نفض جاسر يده عنه بـ قوة إنخلع لها كتفه وبغتةً كان جاسر ينطح بـ رأسه أنف الأخر..فـ سقط شريف الأرض..صرخت روجيدا بـ فزع من هذا المنظر وما لبث أن إجتمع الضُباط الأخرون حوله يمنعونه من بدء الإشتباك..بقى جاسر ينظر إلى ذلك المسجي أرضًا بـ نظرات قاتلة تكاد تسحق عظامه من فرط عنفها...
كادت أن تجثو على رُكبتيها لتفحص نزيف أنفه إلا أن صراخه القاتم بـ اسمها جمدها مكانها
-روجيدا!!!...
نظرت إليه مُبتلعة ريقها بـ صعوبة ليُزمجر من وسط الضُباط بـ نبرة صخرية تحذيرية
-شوفي إياكي..ويلا خدي العربية و روحي الوقت إتأخر...
وبلا إرادة كان جسدها ينصاع ويبتعد..تتبعها الإثنان ليُبعد جاسر الضباط من حوله ثم صعد السيارة وتحاشى النظر إلى الأخر...
نهض شريف عن الأرض وهو يمسح الدماء عن أنفه..وأخذ ينظر إلى جاسر بـ حقد وإشتعال..أمر ضباطه بـ التحرك وبـ الفعل ثوان وكان الجميع يتحرك...
**************************************
توجهت روجيدا إلى السيارة بـ خطوات غاضبة وصوت كعب حذائها يطرق الأرض بـ قوة..إنحنى السائق كي يفتح لها الباب ولكنها إبتسمت له وقالت
-روح أنت..أنا اللي هسوق
-رد عليها السائق بـ توتر:بس آآآ...
-قاطعته روجيدا قائلة:مبسش..يلا روح مش تخاف...
إنحنى مرة أخرى وإنصرف بـ هدوء..صعدت السيارة وأدارت مُحركها لتقول في نفسها وهى تقود السيارة
-أما نشوف أخرتها يا سي جاسر...
صفت سيارتها وهى ترى جاسر يترجل من السيارة وكأنها سيارته..تأففت من عنجهيته ولكنها إبتسمت قائلة
-حبيبي شخصية يا ناس...
بعدما دلف الجميع إلى داخل القسم..ترجلت هى ودلفت هى أيضًا..بحثت عن مكتب اللواء يُسري فـ وجدته بعد عناء..نظرت إلى العسكري الذي يقف أمام باب مكتبه وقالت بـ خفوت
-لو سمحت ممكن تقول لـ اللوا يُسري إن روجيدا الصياد برا...
نظر إليها العسكري بـ تفحص قبل أن يقول بـ جفاء
-لحظة واحدة...
أومأت بـ رأسها ليدلف العسكري وبعد ثوان عاد وأشار لها بـ الدلوف..إبتسمت بـ لطف ثم دلفت..وما أن وقفت أمام المكتب الخشبي حتى نهض رجل يكاد يبلغ الخامسة والخمسون من عمره..طويل القامة وشعره الفضي يضفو عليه الهيبة..إبتسم اللواء وقال
-إتفضلي يا روجيدا يا بنتي واقفة ليه!
-مرسيه يا سيادة اللوا...
ثم جلست وعلى وجهها إبتسامة..بادرها بـ سؤاله الروتيني
-تحبي تشربي إيه!
-هزت رأسها بـ نفي وهى تقول بـ إحترام:مرسيه لحضرتك مش عاوزة..بس كنت عاوزة أسال حضرتك عن حاجة
-عقد حاجبه ولكنه قال بـ تفهم:إسألي براحتك...
حمحمت روجيدا وأخذت تفرك كفيها بـ توتر ثم تساءلت بـ خفوت
-هو جاسر ليه مقبوض عليه!
-سألها بعدم فهم:مأبوض عليه إزاي؟
-أوضحت:الملازم شريف جه وأخده بـ تهمة إدخال مصر أغذية فاسدة...
لاحظت تقلص عضلات وجهه إلى الغضب وأخذ يلعن بـ خفوت لم تلتقط من تذمره سوا
-برضو يا شريف عملت اللي فـ دماغك!
-أفندم!...
تنهد يُسري بـ نفاذ صبر ثم قال بـ شئٍ من الغضب
-شريف كان مكلمني فـ الموضوع بس أنا قولتله يقفل عليه ومسمعش الكلام
-عقدت روجيدا حاجبيها وهى تتساءل:مش المفروض الأمر دا يطلع بـ إذن رسمي!
-أكيد طلع بس الأكيد أنه مش مني...
صمتت روجيدا قليلًا تشعر بـ أن هُناك حلقة مفقودة من كل ذلك الحديث..هى تعي نزاهة جاسر وإن كان يستخدم الطرق المُلتوية ولكن مع ذي النفوس الفاسدة..هو لم يقع بـ الخطأ أبدًا..شرس وربما قاسي القلب وربما الأكثر شراسة و قسوة..ولكنه لم يكن من هؤلاء..تحمحمت روجيدا وتشدقت بـ هدوء ظاهري
-حضرة اللوا أنا بعتبرك فـ مقام بابا الله يرحمه فـ ممكن تقولي كل حاجة تعرفها عن جاسر!...
نظر إليها يُسري مُطولًا..كان أحد عناصر الشرطة الصالحين الذي تعامل معه جاسر مُنذ زمن..مُنذ أن علم أن عائلة الهواري لها يد بـ تجارة المخِدرات والصفقات المشبوهه وتجارة الأعضاء..كان اللواء هو من يعاونه في التخلص من تلك الجهات وقد علمت روجيدا بـ تلك العلاقة مُنذ أن أُلقي القبض عليه بـ تهمة قتل جابر الهواري..تفاجئ يُسري من أن جاسر زوجها وقد كان رفيق والدها مُذ أيام الدراسة...
أخرج يُسري لُفافة تبغ و قام بـ إشعالها ثم نفث هواءها بـ هدوء..تشدق بعد مدة
-اللي هقوله يكون وبيني وبينك لأني وعدت جاسر
-بـ الرغم من عدم فهمها إلا أنها قالت:أكيد
-أخذ نفسًا عميق ثم بدأ يسرد عليها:طبعًا عارفة جاسر كان بيتعامل معايا من إمتى..تقريبًا من قبل أما يعرفك...
أومأت بـ رأسها فـ عاد يُتابع
-ما علينا أنتي كل دا عرفاه..المهم جاسر من فترة طويلة وهو بتجيله تهديدات..ولما التهديدات مجبتش نتيجة بدء يتورط فـ صفقات مشبوهه..صفقة ورا التانية..كل مرة كان بيخرج نفسه ولما عرف مين اللي ورا التهديدات وموضوع الصفقات دي قرر يخلي كل حاجة تمشي بـ سرية...
إبتلعت غصة بـ حلقها وهى تراخ يسرد تلك الحلقات المفقودة..تجمعت العبرات بـ عيناها وتشدقت بـ تحشرج
-أكيد المافيا اللي لسه ورايا
-أومأ بـ رأسه وقال:أيوة بس هما عارفين أنتي فين..مهما كان قوة جاسر ونفوذه مش هيقدر يحميكي منهم..أنتي أصلًا مش الهدف حاليًا...
نظرت إليه بـ صدمة ورددت بـ شرود
-جاسر؟!
-أومأ مرة أخرى وقال:أيوة..نفوذ جاسر كل مادا بيزيد فـ مصر والوطن العربي..حتى الغرب وبكدا يُعتبر هو ضربة حظ ليهم..يدير الصفقات ويعمل شغلهم فـ الدول اللي ميعرفوش يوصلولها..حاولوا يدخلوه بـ عالهم بس جاسر رفض وبـ شدة..وبعدين بدأوا يددوه بيكي من أول الحادثة اللي حصلتلك لحد أما إتطلقتوا
-هتفت بـ نشيج:مش فاهمة..إيه علاقة طلاقنا!
-وصلو لجاسر شركته وحد منهم كان بيحطلوا مخدرات فـ العصير والقهوة اللي كان بيشربها من غير أما يحس..الجرعات كانت مُضاعفة عشان يعملو منه مدمن فـ وقت قصير..ودا أثر عليه كتير وعلى تصرفاته..هما عارفين يضربوه فين..جاسر شخص عصبي و غير متحكم فـ نفسه ودي كانت حاجة سهلة...
حمحم بـ إحراج وأخفض نظره ثم قال
-كانوا عارفين هيأذيكي إزاي لما يأثروا عليه بـ المخدرات..متستغربيش هما يعرفوا عنه كتير وبالتالي قرروا يعيشوه ليلة تانية ميقدرش ينساها..ليلة حصلتلك قبل أما يقابلك...
ثم أطفأ لُفافة التبغ وهو يتحاشى النظر إليها..كانت جامدة تتطلع إلى الفراغ بـ جمود حاد عكس موجه الألم التي إعتصرت قلبها..عليه وعلى نفسها..كانت تود الصراخ ولكنها حقت فقدت صوتها..تشعر بـ ذوبان أحبالها الصوتية حتى بدت بكماء..شددت قبضتها على ثوبها ونهضت بـ إرتجافة ثم هتفت بـ نبرة مُنكسرة
-شكرًا يا سيادة اللوا..أنا كدا فهمت كل حاجة..بعد إذنك...
حاول الحديث معها ولكنها كانت دلفت إلى الخارج..تنهد هو تنهدة حارة ثم رفع سماعة الهاتف وبـ قوة قال
-أبعتلي يا بني الملازم شريف...
**************************************
كان جاسر يجلس خلف القضبان بـ هيبته الرجولية العميقة..يضع قدمًا على أخرى وذراعه معقودان أمام صدره..وشريف يجلس أمامه يستمتع بـ مشهده هذا...
تحولت نظرات جاسر إليه فـ تزداد قتامة فوق قتامتها..يُريد جاسر الفتك به بـ شتى الطُرق..نظراته إلى روجيدا حبيبته تجعله يشتعل نيرانًا..تجعله يُريد إراقة دماؤه وإقتلاه مُقلتيه من محجريهما..تبعث في نفسه هواجس رجال البادئة..كانت نظراته سهام قاتلة أصابت الأخر بـ بعض التوتر ولكنه أخفاه بـ براعة
دلف عسكري وهمس إلى إليه بـ بضع كلمات فـ أومأ إليه شريف ليرحل العسكري..وقبل أن يخرج هتف جاسر بـ نبرة مُميتة
-خليك فاكر أنت اللي بديت والبادي أظلم...
تحرك شريف إلى مكتب اللواء يُسري..طرق الباب ثم دلف وقبل أن يتفوه بـ أي حرف كان الأول يسبقه بـ حدة وتحذير
-حالًا جاسر الصياد يطلع من هنا
-إتسعت عيناه بـصدمة ثم قال بـ عدم فهم:مش فاهم سعاتك!
-ضرب على طاولة المكتب وقال:اللي سمعته..مدخلش مشاكلك الخاصة فـ حاجة زي دي..تفرج عنه حالًا يا شريف يا إما صدقني هعمل حاجة مش هتعجبك
-أردف بـ عصبية:أنا عاوز أفهم ليه حضرتك بدافع عنه!..ماسك عليك ذلة مثلًا؟!
-عاد يضرب بـ قوة أكبر ثم هدر بـ عنف حارق:متنساش نفسك يا حضرة الملازم ومتتجاوزش حدودك معايا..كلامي مش هعيده وإلا قسمًا عظمًا لاكون متصرف معاك بـ أسلوبي...
كور شريف قبضته وبقى يُحدق بـ اللواء بـ غضب..ليردف يُسري بـ لهجة قاسية
-إتفضل إفرج عنه وياريت تبطل شغل العيال دا وتنبش ورا حاجات هتخليك فـ خبر كان..إتفضل...
أشار له بـ الخروج ليؤدي التحية العسكرية وبـ داخله يحترق..يشعر بـ بركان يفور داخل أحشاءه..أغمض عيناه يتحكم في مشاعره ثم وبعد دقائق كان كلٌ شيئًا قد تم عكس ما أراد
*************************************
دلف جاسر خارج القسم وعلى وجهه نظرات مُزدرية ليأتيه صوت يتآكل حقدًا
-متفكرش إن كدا الموضوع خلص...
وضع جاسر يديه في جيبي بنطاله ثم إلتفت إليه وبقى ينظر إليه من قمة رأسه حتى أمخص قدميه بـ نظرات تهكمية..ليردف بعد مدة ما أن رأى الأخر يستعر بـ نيران الغضب
-هو إيه اللي إبتدى عشان يخلص!
-اللي بينا يا صياد..اللي قذارة عملتها هتتحاسب عليها...
قالها شريف وهو يتقدم منه بـ خطوات تحفر الأرض من شدة غضبها..لم يهتز جاسر ولو مقدار إنش بل إرتفع جانب فاه بـ إبتسامة سُخرية ولم يرد..جز على أسنانه وأردف
-صدقني كل اللي بتبنيه ههده
-ربت جاسر على منكبه وقال بَ سخرية لاذعة:إبعد عن طريقي يا شاطر عشان مخلكش حتى تنفع أمين شرطة...
ثم تركه وما كاد أن يتحرك خطوتين حتى توقف وقد إشتعلت عيناه بـ جحيم مُهلك ما أن سمع كلمات الأخر
-هخليها تشوفك على حقيقتك..هخليك تشوفها وهى بتمسك إيدي وبتسيبك
-زمجر جاسر وهو يستدير إليه بـ عنف:أه يا بن الـ***الـ****...
وإنهال عليه بـ الضربات الموجعة ظل يركل ويلكُم بـ وحشية وكأن شياطين الأرض قد تلبسته..ولكن الأخر لم يقف تتوجه إليه اللكمات بل ظل يضرب هو الأخر بـ حجم كرهه لجاسر الصياد..يكرهه وبـ شدة نعم..يكرهه لأنها تعشقه إلى درجة عجز عقله عن وصفها أو تحليلها قصتهما قد تعدت مراجل عشق روميو وچوليت وملمحة كيلوباترا ويوليوس قيصر وبادئة عشق عنتر وعبلة
ظلا يتشاجرا كـ أولاد الشوراع حتى سمعا صوتها وهى تصرخ بـ حدة مُفرقة إياهم
-بس أنت وهو..أنتوا إتجننتوا!...
لم يرد عليها أحدهما بل ظلا ينظران إلى بعضهما والشرر يتطاير من عيناهما وكِلاهما يتوعد إلى الأخر بـ أغلظ العقاب..وقفت بـ المنتصف تنظر إلى هذا تارة وإلى ذاك تارة..وجهيهما عبارة عن لوحة فنية مُلطخة بـ دماءهما الملوثة بـ الأتربة..وضعت يدها على عيناها ثم هتفت بـ غضب
-إيه شغل العيال دا!..إتفضلوا كل واحد يروح...
همت أن تعود إلا أن يد جاسر إعتصرت معصمها وجذبها إلى جسده يُحيطها بـ قوة هشمت عظامها..نظرت إليه بـ صدمة ولكنها إبتلعت حروفها وهى ترى بؤبؤي عيناه يشتعلان نيران وحولهما ظلام دامس..كان هذا المزيج يُذيب العظام خوفًا ورهبة بـ قلب أعتى الرجال..لتُخفض نظراتها وصمتت
لم يتحمل شريف أن تكون بـ أحضانه ليندفع إليها كي ينتزعها منه شر إنتزاع..ولكن قبل أن يصل إليها كان جاسر يُبعدها خلفه يده على خصرها تُقربها من ظهره حتى إلتصقت تمامًا فـ بات يستشعر دقات قلبها المذعورة كـ فأرة هاربة من براثن هرة
أبعد جاسر يده قبل أن تصل إليها وقد تصلبت عضلات جسده ويده تسيبت على معصم الأخر حتى عجز عن نزع يده عنه..بقى يُحدق بـ نظرات أكثر ظُلمة والنيران تشتعل أكثر..عضلات فكه قد إشتدت وعروق نحره و عنقه ظهرت بـ شكل مُخيف..هتف بـ صوتٍ زلزل كيان الأخر بـ طريقة عجز عقله عن تفسيرها
-اللي يفكر يلمس حاجة ملكي..صدقني يبقى عذاب الأخرة هيكون هين قصاد اللي هعمله فيه...
ثم رحل جاذبًا إياها من خصرها يُقربها إليه أكثر خوفًا من أن يختطفها هذا القذر..فتح سيارته التي أتى بها سائقه وأشار له بـ الإنصراف..ثم تحرك إلى مقعد القيادة وإنطلق بـ السيارة بـ قوة حتى أصدرت صريرًا عنيف إقشعرت له الأبدان..وبقى ذو القلب المُحطم يُحدق بـ الغُبار الذي خلفته السيارة...
*************************************
كان جاسر يقود السيارة بـ سرعة دبت بـ قلبها الرعب وما زاد وهى تراه يسلك طريق غير طريق منزلها وغير طريق القرية..حاولت بـ شتى الطُرق ولكن لا فائدة..صرخت بـ فزع وهى ترى شاحنة كبيرة تُطلق بوقها حتى يبتعد عن مسارها
-جااااسر!!!...
وإنحرف بـ اللحظات الأخيرة ثم أطفأ المُحرك بـ ذلك الطريق الصحرواي المُظلم
كانت أنفاسها لاهثة يكاد يقف قلبها من فرط الذُعر..عيناها مُتسعة بـ درجة كبيرة حتى شارفت على الإستدارة..وضعت يدها على قلبها المسكين الذي كان يطرق كـ المطرقة بين جنبات صدرها..سمعت صوت الباب يُغلق بـ عنف لتراه يقف أمام السيارة ينحني ثم يرفع رأسه ويُطلق زئير مُفزع أرسل قُشعريرة بـ جسدها..وبلا تفكير كانت ترجلت من السيارة وإتجهت إليه بـ خطوات شرسة
إستدار ليجدها تتقدم إليه وظلت تدفع بـ صدره وهى تصرخ بـ جنون
-أنت أكيد جرى لمخك حاجة!..أنت مالك فيه إيه!
-نظر إليها بـ نظرات دبت الرُعب بـ أوصالها ثم هدر بـ عنف:في إن واحد *** حاطط عينيه على مراتي..عاوز ياخدها من حضني
-دفعته بـ قوة أكبر وهتفت بـ صراخ:أفهم بقى أنا مبقتش ليك..خلاص كل اللي بينا نهيته وبتنيه بـ غرورك وأنانيتك
ضربت صدره بـ كل قوتها ثم هدرت بـ إنفعال وعيناها تلمع بـ عبرات
-كل طوبة بنهدها ما بينا بيتبني قصداها ألف جدار..كنت مفكرة إني جزء لا يتجزأ منك زي ما بتقول..كان نفسي تحكيلي وتقولي ع اللي بتعانيه يمكن كنا نوصل لحل بدل الفراق اللي وصلتنا ليه..ليه كنت بتدبحني بسكينة باردة تحت مسمى بحميكي...
شهقت تأخذ أنفاسها المسلوبة وبقى هو يُحدق بها بـ جمود يُثلج القلوب لتعود وتهتف بـ تألم
-أنا عرفت أحمي نفسي فترة طويلة..مش أنت اللي هتقدر تحميني من قدر ربنا كاتبه لينا..كنت مفكرة اللي بينا عشق محدش يقدر يهدمه
-هدر بـ صوتٍ قد صدى صداه بـ الخلاء:أومال اللي بينا إيه!
-صرخت:وهم إتبنى على كدبة..الحب ثقة يا جاسر بيه..تيجي تشكيلي وتقولي محتاجك..تيجي تترمي فـ حضني وتفضفض..تيجي وتقولي خليكي أماني والحيطة اللي أتسند عليها وقت ضعفي..لكن...
صمتت تبتلع غصتها ثم عادت تُكمل وقد أجهشت بـ البُكاء
-كل اللي بنيته فـ ثانية بتهده أنت..أناني بدرجة تخلي اللي بينا يتهدم مع أي نسمة هوا معدية..أذتي بـ أكتر حاجة عملالي هاجس لحد دلوقتي مرتين وسامحتك..بنسى قسوتك وبنسى جبروتك لما بلمح نظرة العشق بـ عينيك ليا..حاولت كتير صدقني أنسى اللي عرفته من شوية وإن مفكرة اللي عايشة معاه مبيخبيش عني حاجة..طلعت أعرف عنه قشور..كان نفسي تحط إيدك فـ إيدي ونتحدى كل صعب فـ حياتنا..بس أنت بتختار الأسهل والأكتر أنانية...
أمسك ذراعيها وأخذ يهزها بـ شراسة وعنف ثم هدر بـ نبرة قاسية
-أنانية عشان بحميكي!..لو دي الأنانية من وجهه نظرك فـ أنا أكتر بني أدم أناني ممكن تعرفيه..لو دي الأنانية فـ أه مش هنكر..أنا بخسر أي ذرة عقل وحكمة لو حاجة تخصك..بيبقى قلبي سايقني لو معناه هخسرك
-هتفت بـ سخرية:وأديك خسرتني..خسرتني بجد المرة دي..كان ممكن تنفادى الفراق والقهر اللي عشنا فيه لو كنت قولتلي
-هدر من بين أسنانه:وأنتي كنتي هتعملي إيه!..هيكون فـ إيدك إيه أكتر من اللي بعمله
-صرخت بـ إهتياج وهى تضرب صدره:كنت همسك إيدك وهقويك..كنت هخليك تقف لما تقع مش تكون لوحدك..كنا هنخلق المُعجزات فـ سبيل نحمي بعض وبنتنا..كنا هنكون أقوى وأكبر طول ما توكلنا على ربنا..كنا هنعمل كل حاجة عقلك الصغير ميقدرش يستوعبها...
وبدأت بـ البُكاء وهى تُخفض رأسها..جذبها أكثر إليه حتى أجبرها على رفع رأسها ثم همس بـ فحيح
-لو كل اللي قولتيه دا مفكترش فيه مكناش حاليًا كدا..الحادثة اللي حصلتلك وكانت بسببي وأنا بشوف جسمك مفهوش عضمة سليمة..لما أشوفك مش عارفة تمشي ودا برضو بسببي..لما أفكرك بـ ليلة من عذاب ليا مش بس ليكي ودا برضو بسببي..لما أحس أني بقيت خطر عليكي قبل أما أكون خطر على نفسي..يبقى لأ يا روجيدا..طظ فـ قلبي اللي بيتكوي بالبعد وفـ فيا عشان بس أشوفك كويسة..وعارفة كل حاجة خلصت لما بعدت عنك
-إبتسمت بـ سخرية وقالت بـ حزن:يبقى خليك بعيد..لأني خلاص مليت من عذاب حب مش هنقدر نكمله طول ما تفكيرك كدا..أنت خسرتني من اللحظة دي وأنا هحققلك أمنيتك وهبعد..وصدقني هكون حياه جديدة وجايز مع حد جديد...
إشتعلت عيناه بـ نيران وأضحت جمرتين مُشتعلتين بـ أتون الحب المُهلك..شدد من قبضته على ذراعيها حتى سمع صوت فرقعة عظامها..ثم هدر بـ فحيح أفعى
-مش هتكوني لحد غيري..وعمرك ما هتكوني لحد غيري..كل حاجة فيكي ملكي..اللي هشوفه بيقرب منك هنسفه نسف..هحسب ربنا مخلقوهش أصلًا
-بدأت بـ دفعه بـ صدره وهتفت بـ خوف:أنت أكيد جرا لمخك حاجة...
تركها تتراجع خطوتان قبل أن تلتف يده حول عُنقها ليجذبها بـ قوة إلى صدره..ويده الأخرى إلتفت حول خصرها بـ بطء مُخيف ليهمس أمام شفتيها وهو يتفرسها بـ جوع نهش جدران قلبه
-حبكِ لعنة..وأنتي اللعنة...
ثم إنقض على شفتيها يفترسها بـ جوع ونهم وكأنه أسد يتضور جوعًا وها هى غزالته بين يديه..يعلم أن ما يفعله مُحرم ولكن لطُغيان القلب أحكام وخاصةً إذا كانت الشياطين توسوس لك بـ خبث عن لا ضير بـ ذلك..قربها أكثر إليه وكأنه يُريد أن يُدخلها إلى أضلعة..وهى بـ الكاد تستوعب ما يحدث..عمق قُبلته أكثر وأصابع يده تصعد إلى فروة رأسها لتُزيدها قُربًا..كانت لشفتيها سحر يجذبه عكس الجاذبية..يشعر وكأنه كان بـ الجحيم وبين شفتيها أضحى النعيم..شعر وكأن جسده يضربه الثلج وبداخله مراجل مُشتعله ويضربه البرق وهو بين شفتيها بعد فراق طويل
لم يبتعد عنها وظلت شفتاه تعزف مقطوعة خاصة بهم..كانت يده التي على خصرها تتحرك بـ معزوفة خاصة بها هى الأخرى..كان مُغمض العينان وهو يتمتع بـ شهد شفتيها التي أدمنها وأضحت هوسه
فتح عيناه ليرى إتساع عينيها ويشعر بـ إرتخاء جسدها وأنفاسها التي لم تعد موجودة من الأساس..أجبر نفسه على الإبتعاد وظل يُطلق اللعنات وهو يلهث..حدق بها وكأنها جثة سُلبت منها الحياه بـ لحظة واحدة..إستند بـ جبينه على جبينها ويداه تسنداها عن السقوط..ظلت أنفاسه الثائرة تضرب أنفاسها الثقيلة..نزل بـ نظراته إلى شفتيها ليرى جرمه الشنيع..شفتيها مُتورمة حد الإزرقاق وتنزف من الأسفل..أزال تلك الدماء وجذب رأسها يدفنه بـ عنقها ثم همس بـ صوتٍ عميق يتخلله عشق أنهك خلاياه
-وكأني كنت فـ الجنة...
*************************************
إستيقظ صابر على تلك الربتات الخفيفة على وجهه وصوتها الناعم يُداعب أُذنيه بـ رقة
-صابر!..قوم يلا كفاية نوم...
تململ بـ إنزعاج ثم فتح عيناه بـ تثاقل وحدق بها ليجدها تبتسم إليه بـ حنو ولا تزال يدها تُملس على خُصلاته بـ رقة..نهض عن أحضانها ومسح على وجهه ثم تساءل بـ صوته المُتخدر
-هى الساعة كام!
-ردت بـ هدوء:تسعة ونص
-تشدق بـ صدمة ودهشة:يااااه نمت كل دا!...
أومأت بـ رأسها بـ صمت..حرك هو رأسه وبحث عن شقيقته ليسمع صوتها يقول بـ خفوت
-هى لسه مصحتش..أنا قومت أشوفها لاقيتها نامية...
أومأ بـ رأسه بـ صمت ثم وضها بين كفيه ولم يتحدث..إقتربت منه وربتت على ظهره ثم قالت بـ نبرة جادة
-مش ناوي تفهمني في إيه!...
زفر أنفاسًا مُثقلة وأعاد رأسه إلى الخلف وبدأ بـ سرد ما حدث معه سابقًا وما حدث الآن ليقول بعدها بـ إنفعال وهو يلكز صدره بـ قهر
-أنا اللي ربيتها..أنا اللي أبوها وأمها..هما سابونا ومشيوا عشان خاطر عذر تافه..فقر!..يعني إيه كنا فقرا يا بسنت!..وفيها إيه!..ربنا مبينساش حد...
أبتلعت بسنت غصة في حلقها حزنًا عليه فـ أكمل بـ نبرة مُثقلة
-أنا اللي مسكت إيديها وهى رايحة أول يوم مدرسة..عرفتها كل حاجة عن البنات والحب..أنا اللي نصحتها وبنيت شخصيتها..تعبت فـ تربيتها وإتمرمط عشان خاطرها..تحديت الفقر وقولت ربنا مبينساش عبده ومحدش بيموت من الجوع..أنا اللي علمتها وكبرتها وخليتها كدا..أنا اللي كنت باخد سنة فـ سنتين عشان خاطرها..عشان مخلهاش تحتاج حاجة أو تحس إنها أقل من حد..أنا فضلت أعافر وأعافر لحد أما وصلت لـ اللي أحنا فيه..هى حقي أنا..أنا أبوها وأخوها وأمها وكل حاجة..ميجوش بعد كل دا ويقولوا عيالنا..كانوا فين لما كنت ببات جعان وسقعان...
قاطعته بسنت وهى تضع يدها على فاه ثم إرتمت بـ أحضانه وعلت شهقاتها..إحتضنها صابر هو الأخر بـ قوة يستمد منها الدفء الذي فقده..سمع صوتها وهى تقول بـ نشيج وحب
-أنا جنبك وجنبها..هكون أمها وأمك فـ نفس الوقت يا صابر..متزعلش نفسك وأقف جنب أختك..إحترم قرارها وشوفها هتقول إيه..أكيد هى محتاجة حنان الأم والأب...
إبتعد عنها على حين غُرة وقبل أن يتشدق وضعت يدها على فاه وأكملت بـ جدية
-عشان بتحبها شوف هى محتاجة إيه حتى لو مش أنت..ولو إختارتك كون ليها كل اللي عملته فـ غيابهم..إسمحلها تحس بـ اللي إتحرمت منه متخلكش أناني..لو يهمك مصلحتها...
لم يبدُ عليه التأثر وملامحه كان خالية تمامًا إلا أنه نهض ثم قال بـ جمود
-يلا أوصلك..الوقت إتأخر
-تنهدت بـ ضيق ثم قالت بـ يأس:مفيش فايدة...
نهضت ثم قالت وهى تُقبل وجنته
-خليك مع نور وأنا هروح مع عمو فوزي..زمانه وصل..أنا كلمته وأنت نايم...
تحركت خطوتين ثم عادت تُقبل وجنته الأخرى ثم قالت بـ مرح وهى تبتعد
-عشان خدك دا ميزعلش..تصبح على خير...
إبتسم ثم إقترب منها ومال يُلثم جبينها بـ عمق وتشدق بعدها
-وأنتي من أهلي قريب يا مجنونتي..كلميني لما توصلي...
أومأت له بـ موافقة ثم رحلت..تنهد صابر بـ قهر وهو يشعر بـ أن قلبه مُثقل بـ الهموم بل و زاد عمره أعوامًا..توجه إلى غُرفة شقيقته وتمدد بـ جانبها ثم جذب رأسها و وضعها على صدره فـ قبلها وقال
-مش هتخلى عنك يا نور..حتى لو هحبسك هنا...
***************************************
بعدما إستعادت روجيدا أنفاسها دفعته بـ حدة عنها وبقت تنظر إليه بـ غضب..وبلا مُقدمات هبطت على وجنته صفعة قاسية منها وردفت بـ عدم تصديق
-إزاي تفكر تلمسني كدا!...
مسح جاسر على وجنته التي صفعتها وهبط إلى ذقنه وبقى يحكها..حدق بها بـ نظرات غريبة ولكنها عميقة..قرأت بهما الغضب الذي يُكافح في حبسه بـ داخله وكان هذا واضح من إنقباض عضلة فكه وتكور يده بـ شدة أبرزت عروقه..ليبتسم من زاوية فمه ثم قال بـ هدوء
-كنت عطشان وأبقى غبي لو شفتك ومشربتش..ومعنديش مانع أشرب تاني...
رفعت يدها تنوي صفعه مرة أخرى ولكنه أمسك معصمها وأداره خلف ظهرها ثم جذبها بـ شراسة و وحشية إليه حتى إصطدمت بـ صدره القوي وقال بـ تحذير
-أنا فوّتها المرة الأولانية عشان عندك حق..لكن متستحليهاش يا روجيدا عشان شكلك نسيتي زعلي...
إبتلعت ريقها بـ صعوبة وأخذت تُحدق بـ عيناه التي تحولت إلى الشراسة ولكنها تمتزج بـ نظرته الخالصة لها..مهما أظهر من القسوة أمام العالم تبقى هى نقطة ضعفه الوحيدة..يبقى مُعرى من جميع الأكاذيب ويلتبس الحقيقة أمامها..فـ هو ليس إلا عاشق على شفا خُسارة حبيبته ولن يسعه حرق الكون في سبيل إستعادتها
ضيقت عيناها بـ حدة وأخذت تتلوى من بين يديه ثم قالت بـ غضب
-سيب إيدي عاوزة أروح
-نطق بـ تسلية:بس أنا مش عاوزك تروحي
-تأففت بـ ضيق وقالت:جُلنار مقدرش أسيبها أكتر من كدا..يلا سبني
-مال إليها ثم قال وهو يتلاعب بـ حاجبيه:عشان خاطر بنوتي بس...
ثم ترك يدها وكادت أن ترحل إلا أنه أمسكها مرة أخرى وتساءل بـ حدة
-رايحة فين!
-عقدت حاجبيها وقالت:هروح
-اللي هو إزاي!
-قلبت عيناها إلى أعلى وقالت بـ نفاذ صبر:هوقف تاكسي و أروح...
جذبها من يدها ثم وضعها بـ السيارة وسط إعتراضها وتلويها بين يديه ليقول بـ تهكم
-لما أكون قرني أبقي إعمليها...
ثم صعد إلى سيارته وأعاد تشغيل المُحرك وإنطلق بها لتسأله روجيدا
-يعني إيه قرني دي!
-ضيق عيناه وقال بـ جفاء:ملكيش دعوة...
تلوى شدقها بـ ضيق ونظرت إلى النافذة..أما هو بقى يُحدق بها من وقت لأخر وإبتسامة تعلو شفتيه كلما تذكر تلك الملحمة الدموية التي إفتعلها مُنذ قليل..إستغفر بـ سره عما فعله ولكن ذلك الشيطان الذي يتلبسه كلما رآه يحوم حولها حتى يُجبره على إفتعال الجرائم وإحراق المدن..إستغفر مرة أخرى ثم قال بلا وعي
-فتنة!!
-نظرت إليه روجيدا بتساؤل:أفندم!...
نظر إليها جاسر بـ تعجب ثم إستوعب ما قاله ليقول بـ مكر
-بقول الفراولة فتنة...
تخضبت وجنتيها بـ حُمرة الخجل المُحببة والتي تجعلها ثمرة فراولة ناضجة قابلة للإلتهام بـ أي وقت..عضت على شفتيها فـ تألمت بـ خفوت..بـ التأكيد شفتيها تؤلمها من هجومه الهمجي عليها..إنتفخت أوداجها غضبًا وحنق فـ تزداد حُمرتها فتنة..ويبقى هو عاشق لنخاع ويبقى جسده مدموغ بـ عشق لن يستطيع القدر إنتزاعه إلا بـ لفظ أنفاسه الأخيرة
بعد مدة ليست بـ قصيرة وصلا إلى بنايتها وقبل أن تترجل تشدق بـ مكر
-متنسيش تحطي مُكروكروم على آآآ...
وأشار بـ عنياه إلى شفتيها..لتصرخ بـ حنق..ليُمسك يدها..فـ إلتفتت إليه ونظرت إليه بـ تعجب وقد ذهب عبثه أدراج الرياح وحلّ مكانه شراسة و ظلمة تكاد تبتلعها..ليهدر بـ صوتٍ كـ فحيح الأفعى مُحذرًا
-إياكِ أشوف الـ*** قريب منك ولا أنتي شوفتيه صدفة فـ الشارع..عشان صدقيني مش هيقدروا يتعرفوا على لحمه من عضمه...
إتسعت عيناها بـ ذعر وعدم تصديق لذلك الكائن التي لم ولن تجد له وصف..ولكن إبتسامة ماكرة ظهرت للحظة قصيرة لم يلمحها هو..وقد ثم قالت بـ فتور
-تصبح على خير يا جاسر
-هدر بـ عنف وقال:مبهزرش على فكرة
-أغمضت عيناها ثم قالت:تمام..ممكن بقى أنزل...
ترك يدها وبقى يُحدق بها حتى دلفت داخل بنايتها..أمسك هاتفه ثم إتصل على أحدهم ليأتيه الرد بـ ثوانٍ..ليردف جاسر بـ جمود
-عاوز معلومات عن واحد اسمه شريف الألفي..أي حاجة عنه..وإبعتلي طقم حراسة يقف قدام بيتي اللي أنت عارفه..كل دا يحصل ويوصلي الصبح...
ثم أغلق الهاتف وأدار المُحرك لتنطلق السيارة..فـ ظهرت روجيدا وبقت تُحدق بـ إبتعاده..عقدت يدها أمام صدرها وبـ عينيها عزيمة إمرأة أقسمت على إعادة محبوبها مهما كلفها الأمر..علت تلك الإبتسامة الماكرة وجهها مرة أخرى فـ لا بأس من اللعب مع جاسر الصياد قليلًا لترى مدى قدرة تحمله...