![]() |
رواية زهرة الجزء الثاني (ملحمة العشق والعذاب) الفصل الثاني والعشرون والاخير
أمي .... كثيرا أمسكت قلمي لأكتب مثلك ، عل حديثي بين أسطر الأحرف يكن درساً أو ذكرى تبقى مني .
ولكن بعد تفكير عميق كيف أبدأ ؟
وجدت نفسي أقول ..... عن ماذا سوف أكتب ؟
هل عن الماضي الأليم ؟؟
أم الحاضر بائس ؟؟
أم عن مستقبل مجهول ؟؟
لو أعلم أين يبيعون النسيان ... لذهبت أبتاع منه بقدر ما يكفيني ، رغم أنه ينتهي وآلامي لا تنتهي ، كنت دائما متوفقة في دراستي ووصلت لأعلى المناصب كما كنتي تحلمين ولكن لا أعرف كيف تعود ملامحي كالسابق ، ولا كيف أرسم إبتسامة تنير بئر أوجاعي .
حل الشتاء على عمري منذ ذلك اليوم تحديداً ولم أعد بقادرة على رؤية الشمس ولن أتجرأ أن أحلم بالربيع .
أحيانا تخدع الأعين ولكن القلوب عليها التريث .
تجمعت العائلة بطلب من وليد الذي أصر على أن يستقبلها الجميع .
فقد هاتفه أدهم وأعلمه أنهم على وشك الوصول .
كان التوتر حليفهم ... وأيضا الفضول .
دلفت للداخل بخطوات قوية مناقضة لأنفاسها .
وقف الجميع في تزامن لتندفع سمية لها تحتضنها بقوة .
لم تحرك ساكنا في البداية ... ولكن بعدما سمعت صوت بكاؤها أشفقت عليها فرفعت يدها تحتضنها هي الأخرى على إستحياء .
_ يا حبيبتي يابنتي نورتي بيتك .
إقتربت من وليد وقبل أن تتحدث وجدته يجذبها لأحضانه رادفا ببكاء :
_ دلوقتي بس لو مت هموت وأنا فرحان ، هقدر أقول لزهرة آسف وحقك عليا ، هقول لنبيل سامحني ، الأول كنت خايف من الموت لأني مش هقدر أواجههم ، حور ...
أبعدها متوسلا:
_ أبوس إيدك يا بنتي بلاش تبعدي تاني .
هم أن يفعل بالفعل ولكنها جذبت يدها سريعا بذعر قائلة :
_ العفو يا عمو المقامات محفوظة ، لكن أعذرني أنا مش هقدر أفضل هنا .
كاد أن يتحدث ليقاطعه أدهم صالح :
_ سيبها على راحتها يا وليد ، وهي أكيد مش هتكسر بخاطرنا على الأقل كل مدة تيجي تقعد هنا يومين .
_ إقعدي يابنتي واقفة ليه ، ده بيتك .
نظرت لمحمود لتقع عيناها على صالح الذي يبدو عليه الحزن والألم .
بالفعل جلست والجميع ينظر لها مما أربكها فمالت برأسها نحو مازن وهمست له :
_ الموضوع إتعقد أكتر .
_ أنا قولت من الأول نقول كل حاجة ونخلص .
كان همسه غاضبا بعض الشيء ، لتقول بتفهم :
_ مينفعش يا مازن ، لازم نفكر كويس لأن.....
_ طيب بدل الوشوشة دي شاركونا ، قوللنا مثلا العلاقة دي بقالها قد ايه ؟
جملة واحدة منها كفيلة أن تصيب الجميع بإضطراب .
_ إنتي بتقولي إيه يا ندى ؟
_ عيب يابنتي الكلام ده ؟
قالتها مريم زوجة أدهم ومنار زوجة محمود بالتزامن لتسترسل ندى بسخرية :
_ ليه هو الجواز عيب ؟ ما هو أصل العيب إني أفكر إنها تطبخله أكل بيحبه وليه أوضة نوم في بيتها من غير جواز .
_ ندي.....
صرخ مازن بها لتردف والدتها بغير رضا :
_ إيه التخاريف دي ؟ إنتي مش هتعقلي بقى ؟
_ تصرفاتك بقت غريبة .
قالها أشرف بحنق
_جاسر وخطب سدرة ، والأستاذ جوزي على علاقة بطليقة أخويا ، ومحدش فيهم بينكر ده ، ومش شايفين كل ده وشايفين بس تصرفاتي وكلامي .
وقفت بغضب أمامه مردفة بقوة :
_ طلقني ، طلقني لأني مبقيتش قادرة أعيش معاك ، أنا تعبت من كل حاجة ، طلقني وإرتاح مني ، أهو تفضى لست الحسن والجمال إل مهمهاش إنك إبن عمة طليقها ، شوف إنت إتجوزتها ماشي إنت حر ، لكن أنا كمان حرة ومن حقي أختار وأنا مش عاوزاك في حياتي تاني .
_ إستهدي بالله بس يا ندى ، إقعدوا إتفهموا سوا .
نظرت لسلمى قائلة بوجع :
_ مافيش داعي للكلام ، كل واحد يروح لحاله وده لا عيب ولا حرام .
_ بس حرام تتهمي أختي بحاجة زي كده ، لو في خلافات بينك وبين جوزك خرجي أختي من بينكم .
_ والله يا دكتور أختك هي إل دخلت بينا أصلا .
_ وأنا هخرج زي ما دخلت يا ندى .
وقفت وألقت جملتها التي جعلتهم يتوجسون مما هو قادم .
لتسترسل :
_ بس عاوزاكي تعرفي إن مافيش علاقة ولا جواز ولا أي كلام من ده ، كل الحكاية إن مازن صديق وأخ عزيز ، لكن لو وجودي هيتعبك أو يعمل مشاكل بينكم يقدر يبقى زيه زي أي حد من العيلة دي.
نظرت لجاسر وأردفت بتعب :
_ ممكن توصلني .
_ حور بلاش تمشي ، لو ليا خاطر عندك بلاش ، على الأقل الليلة ، يابنتي أنا قلبي واجعني متتعبنيش ، ولو كان على ندى متزعليش منها ، غلطت في تقدير الظروف وفهم الحقيقة غصب عنها أصل في مشاكل بينهم الفترة دي ، بالله عليكي تخليكي هنا الليلة .
وقفت فيروز وأمسكت يدها تحثها بحنان :
_ إسمعي كلام خالك يا حور ، وبلاش تمشي تاني وإنتي زعلانة ، أوضتك فوق زي ما هي إطلعي إرتاحي .
كانت قدماها متيبسة ولكن عليها أن تجعل تلك الليلة تمر بأي حال .
_أنا هفضل هنا الليلة دي .
تنفس وليد بقوة بينما هي تقدمت بقدم مترددة نحو الدرج .
_ طب نستأذن إحنا يا جماعة ، والحمد لله على سلامتك يا دكتورة .
أردف بها أشرف ليرحل ومعه أفراد المنزل الأخر إلا من صالح الذي ناداها بصوت بعيد :
_ حور ... ممكن كلمة لو سمحتي .
لو كان أي شخص أخر لم تكن لتستجيب فيكفيها الثلاثون دقيقه التي مرت الآن ، تشعر بأنها أخطأت بأنها قد وافقت وأتت إلى هنا مرة أخرى... ولكن صالح ترى الألم بعينيه وتشعر بضيق تنفسه ، لذا استجابت له وذهبت معه نحو التراس .
_ إعقلي بقى يابنتي ، هيفضل بالي مشغول عليكي لإمتى؟
نظرت لمازن الذي رحل وأردفت بألم :
_ بجد ..بالك مشغول عليا ، طب ليه مفكرتيش تسأليني مرتاحة ولا لأ ، بلاش تتعبي نفسك يا ماما في كلام لا هيقدم ولا هيأخر .
_ يا حبيبتي إحنا قصدنا ننصحك بلاش تهور في الكلام كل شوية يا ندى ، ميصحش يابنتي .
_ تعالي يا فيروز وسيبيها هي خلاص مبقتش تعمل حساب لكبير .
توترت من حديث عمها ولكنها إصطنعت عدم المبالاه وإنصرفت هي الأخرى ، لينصرف كلا منهم بالتدارج .
بينما في التراس
_هي سدرة وجاسر فعلا متجوزين ؟
نظرت له قائلة بتريث :
_ عرفت إزاي ؟
إبتسم من غير مرح قائلا :
_ حور بلاش الطريقة دي ، أنا والله إستكفيت ، أنا عارف إنها حكتلك كل حاجة وإنها عرفتني بجوازها.
_ عرفت إزاي ؟ المرة دي بجد ، إل أعرفه إنك نزلتها في الشارع ومشيت وسيبتها ترجع لوحدها .
كانت تتحدث بلوم ليقول بألم :
_ تفتكري أنا عندي القدرة أسيبها ترجع لوحدها ، أنا مقدرش أعرضها للخطر ده ، أنا فضلت وراها لغاية ما إطمنت إنها وصلت .
إبتسمت بإستحسان لتسأله بجدية :
_طب ممكن أعرف إيه حصل بينكم بالظبط ، طالما شوفتها وهي بتقولي إنها عرفتك موضوع الجواز يبقى أكيد عرفت إني معرفتش الحوار بالظبط .
_ أيوة شوفتها يا حور ... شوفتها وهي منهارة وهي بتقولك إنها قالتلي وعرفتني بجوازهم ، تعرفي يا حور أنا كنت حاسس بإيه وقتها .
أنا في اللحظة إل أخدت فيها قرار إني مش هقدر أعيش بعيد عنها أكتر من كده ، في الوقت إل كنت بشوف في عيونها الرعب من الذنب وأقول أنا خلاص مبقيتش أقدر أعِف نفسي عنها ومش قادر مفكرش فيها ، في الوقت إل كنت متأكد إنها بتحس إل جوايا ومشاعرنا بتتكلم وإنها عاوزاني وموافقة عليا زي ما أنا بتمناها تصدمني وتقول إنها متجوزة.
_ طيب يا صالح ، إنت شايف إنه صح تفكر فيها بعد الكلام ده ؟
_ لأ.. مش صح وأنا عارف ، وفاهم إنه غلط وغلط كبير كمان ، عارف إنها لما إتجوزت إتجوزت أخ ليا مينفعش أخونه وأفكر في مراته .
بس ده أسكته إزاي ؟
أشار إلى قلبه الذي كان يهدر بعنف وإسترسل :
_ لما كانت بتقولي إنها إتجوزت كان صوتها بيترعش ، لما صرخت فيها إنها مقالتش من قبل ما تتحرك معايا وتقتل أي أمل جوايا ولا إني أحس بإني خاين ، كانت عينيها رافضة كلامي ، لما إترمت في حضنك وهي منهارة إنها خلاص مش هتشوفني تاني ولا أنا هقرب منها تاني ، قولت يبقى حل اللغز ده عندك .... إرحميني وفهميني .
_ بتحبها ؟
نظر لجاسر بتفاجؤ ثم أنزل عينيه بتخاذل .
وقفت حور ورحلت بينما جاسر إسترسل :
_ فاكر قبل ما تسافر لما كنت مش فاهم مشاعرك وخايف لكن كنت متأكد إنها بتشدك وعاوز قربها ، أنا قولتلك إتجوزها من قبل حتى ما تقول هي مين عارف ليه ؟ لأني شوفتها في عينيك وقرأت إسمها من بين همسك .
_ بس ده كان قبل السفر .
_ صح ... لكن إنت جيت ومن بعد ما إستقريت بفترة كلنا لاحظنا التغيير فيك ، كلنا كنا متأكدين إن في واحدة هي سبب التغيير ده ، لكن أنا كنت عارف ومتأكد هي مين .
نظر صالح في الإتجاه الأخر فإقترب منه جاسر ووضع يده فوق كتفه رادفا:
_ سدرة ضحية إغتصاب يا صالح وكان لازم أحميها بأي شكل .
وقف مصدوما ينظر له بفزع وعينان ذرفت الدموع وكأنها كانت منتظرة صفارة الإنطلاق .
................
إنتهت من إرضاع صغيرتها ووضعتها بجانبها فوق الفراش ثم نظرت لزوجها الذي يجلس بشرود منذ بعض الوقت وأردفت بصوت منخفض :
_ مش ناوي تقولي مالك يا أحمد ؟
رفع نظره لها وحاول رسم إبتسامة خرجت مهزوزة ثم قال :
_ ولا حاجة يا حبيبتي ، بفكر في حاجة تبع الشغل .
_ إنت زعلان من كلام حور صح ؟
وقف وتوجه للفراش وألقى بنفسه بجانبها بهدوء قدر الإمكان وهمس :
_ تفتكري أنا بالنسبة ليها مجرد شخص عادي ومش معتبراني أخ ؟؟
داعبت شعره بحنان قائلة بتفهم :
_ حور موجوعة يا أحمد ومتقصدش حاجة بكلامها ، هي بس وجع قلبها مننا كلنا ميقاضيش خيبة ظنها في عبد الرحمن ، طبيعي يا حبيبي هما عاشوا عمرهم سوا ، كانوا عيلة بعض ، كانوا أمل بعض ، أنا بتهيقلي إنها كانت بتخفف من وجعها منك فعبد الرحمن .
_الحبيب بس إل يقدر يخرج حبيبه من عتمة قلبه .
همس بها بعد أن إحتضنها بحب وهو مغمض العينين بينما هي إستمرت في مداعبة رأسه حتى غفا .
.................
كانت تشعر بالأرق بسبب حملها ، نظرت لزوجها فوجدته يغلق حاسوبه بعدما أنهى عمله فإقتربت منه جالسه فوق قدميه محتضنة إياه ليبتسم على فعلتها وتساءل بحنان:
بتعملي إيه ؟ إنتي مش عارفة إن كده إغراء .
ضحكت بدلال مردفة بمشاغبة :
_ أنا معايا حصانة من الطبيبة يا حبيبي.
شدد من إحتضانها متسائلا :
_ قولي يا سلمى عاوزة إيه ؟
أبعدت رأسها عنه مردفة :
_ إزاي بتقدر تفهمني كده ؟ زي برده ما قدرت تعرف إني لما كنت هطلب منك طلب الصبح وإحنا في العربية فهمت هو إيه .
_ دي قدرات يا أم العيال وبعدين أنا كنت ملاحظ إن بقالك فترة مش مرتاحة في التجمع هنا وإن الجو العام مأثر فيكي وكنت فاهم إنك مكسوفة تطلبي مني ننقل في بيت لوحدنا لأنك أصريتي نسكن هنا .
_ هو أنا إزاي كتاب مفتوح كده قدام عيونك .
همست بها بعيون لامعة ليقترب مسندنا رأسه فوق رأسها هامسا بنبرة مليئة بشجن الحب :
_ غلط يا حبيبتي ، إنتي كتاب مفتوح لقلبي قبل عيني ، وبعدين أنا مش عاوزك تتحرجي مني مرة تانية ، أنا فعلا كنت رافض نعيش هنا لكن مش هكدب عليكي وأقول إن وجودي بينهم كلهم
كان مضايقني بالعكس أنا كنت مرتاح ، أول مرة أحس ياعني إيه عيلة وياعني إيه ناس تخاف عليا وأنا أخاف عليهم ، أول مرة يبقى في لمة على الأكل ، أول مرة أب ينصحني ويرشدني ، أنا مقدرتش أبص في وش حور تحت لأنها قالت الحقيقة ، أنا فعلا كنت فرحان لفكرة إنها قتلته ، أنا كنت حاسس إني ضعيف ، عدوي قدامي ومش قادر أقتله ولا حتى أأذيه ، حور زيها زيي دكتورة لكن هي دخلت المجال ده تحقيق لحلم ماما ، تعرفي إنها كانت بتحلم تبقى مدرسة زي بابا ، لكن فضلت إنها تحقق لماما حلمها ، مع إننا إتربينا سوا إلا الطرق كانت مختلفة ، ماما كانت مقفلة على حور جدا كانت بتخاف عليها بشكل مبالغ فيه أو خلينا نقول ده كان من وجهة نظرنا ، إنتي بنت ممنوع تخرجي ممنوع تلبسي ممنوع تضعفي ممنوع تنكسري ، ممنوع يبقى ليكي أصحاب ، ممنوع تتعرفي على حد ، كانت محددة ليا وقت للخروج لكن مكنش في أي فرصة إن حور تخرج ، أنا قدرت أتكيف معاكم بسهولة عنها لأني متعود إلى حد كبير على التعامل مع الناس ، كان ناقصني حاجة إخترت أكملها على إني أنتقم من شخص زيه دمر لأمي حياتها ،عارفة يا سلمى أنا بعدت عن حور ليه ؟
كنت بستسهل البعد ، كنت خايف أواجه نفسي وأقول عيب لما أختك البنت هي ال تاخد حق أمك لازم إنت الرجل تقف وتنتقم منه على كل حاجة عملها .
ولأن من جوايا كنت رافض المواجهة دي هربت منها .
حور من حقها متسامحنيش طول عمرها ، لكن لو فعلا كرهتني أنا مش هقدر أعيش ، أنا التلت سنين إل فاتوا عشتهم على أمل إنها هترجع في يوم مرتاحة متحررة من كل وجع ،وأنا برده هربت وإستسهلت بدل ما كنت أقف جمبها إخترت المتاح ليا ، لكن أنا من حقي أعيش أنا كمان إتيتمت وعرفت حقايق أكبر من إني أتحملها ، فبمجرد ما لقيت فرصة أعيش بين عيلة وأهل مع إنسانة حبيتها وربنا رزقني منها بأولاد إخترت الحياة إل كنت بتمناها طول عمري ، إخترت أستقر بدل ما عشت أتنقل من هنا لهنا ، زي العطشان لما يلاقي إل يروي عطشه وينعش روحه ، أنا عارف غلطت في حقها لكن أنا إخترت أعيش .
تفتكري هي ممكن تسامحني في يوم ؟
أغمض عينه بألم لتنساب دموعها مشفقة عليه .
............
بعد أن تناول العقارات الطبية أرخى جسده فوق الفراش ، ينظر للبعيد بشرود .
إقتربت منه خليلته ووضعت يدها برفق فوق ذراعه ليشعر بها فإبتسم قائلا :
_ خايفة عليا يا فيروز ؟
ألقت برأسها فوق كتفه متشبسة بذراعه أكثر مردفة بقلب متوجس:
_ أخاف على مين لو مش عليك ، إنت كل حاجة ليا في الدنيا دي ، أنا فتحت عيني لقيتني بحبك وبتمناك نصيبي ، لما بتتعب بتمنى أموت ولا إني أشوف نظرة الألم والإنكسار في عيونك .
إنت مش عارف قيمة نفسك يا وليد ، لكن أنا عارفاها ، كلنا عارفين لولاك محدش في العيلة دي كان عرف التاني ، إنت أب للكل وصاحب للشباب .
تبسم برضا ولكنه تحدث بخيبة :
_ بس للآسف أكتر حد فيهم المفروض أكون لها عون وسند إتخليت عنها ، الولاد دول زي السبحة كنت بجمع فيهم طول عمري علشان يفضلوا واحد جمب بعض ، قوتهم في جمعهم ، لكن هي فٓرطِت مقدرتش أضمها ليهم بأي شكل ، قصرت في حقها وقولت طالما بقت مع أدهم خلاص هي كده معاهم ونسيت إن ممكن يفترقوا زي ما إجتمعوا .
_ سيبك من إل فات وفكر في الجاي ، الحمد لله إل جمع شملنا تاني ، تقدر تقربها منهم وتصلح أي فجوة بينهم ، وبعدين إنت مشوفتش نظرات أدهم ليها ، ده يا حبة عيني عيونه بتنطق بحبها
، إن شاء الله يرجعوا لبعض .
_ حور دلوقتي غير أول ما شوفناها ، الأول كانت محتاجة للحب والحنان والعيلة ، ساعدت الكل وكانت عاوزة تحفر لنفسها مكان بينهم ، لكن هي دلوقتي إستغنت عن كل ده ، ولو كانت ناوية ترجع لأدهم كانت ظهرت من زمان .
_ مين قالك كده حور محتاجة الحب والعيلة دلوقتي أكتر من الأول ، محتاجة خاطرها إل إنكسر يطيب ، أما بقى بالنسبة لأدهم فهي لسه بتحبه ، إنت مسمعتش كانوا بيقولوا إيه كلهم حاولوا معاها ترجع لهنا وهي رفضت وصدتهم وكل المحاولات دي أدهم متدخلش فيها ، لكن لما هو راح يجيبها جت معها بسهولة ، تفتكر ليه إلا إنها لسه بتحبه .
زفر بقوة ومسح على وجهه ناظرا لها مردفا :
_ حتى لو لسه بيحبوا بعض ، صعب يرجعوا ، مستحيل حور هتسامحنا وترجع تعيش معانا بكل بساطة .
_ سيبها عالله بس وربنا قادر على كل شيء.
.............
دلفت لغرفتها ولم تغلق الباب بل تركته مفتوحاً وجلست فوق أقرب مقعد مغلقة عينها قائلة بإرهاق وهي تستنشق رائحته :
_ أخرج يا أدهم ....أنا مش حِمل أي كلام .
شعرت به يتحرك بجانب النافذة متوجها نحو الباب .
سمعت صوت إغلاق الباب لتفتح عينها فوجدته واقفا أمامها .
_ متخلنيش أندم إني جيت معاك ، أنا جيت وأنا واثقة فيك .
كان همسها مترجيا له ومعاتبة لنفسها .
جلس أرضا أمامها ونظر لها بإبتسامة قائلا :
_ واثقة فيا ومش واثقة في نفسك ولا إيه ؟
أبعدت نظرها عنه وأردفت ببعض الحدة :
_ لو سمحت أخرج بره ، أنا مش قادرة أتكلم مع أي حد خصوصا دلوقتي.
_ تعرفي يا حور أنا كنت خايف من اللحظة إل هشوفك فيها تاني .
أعادت نظرها إليه ليسترسل :
_ كنت خايف أشوف في عيونك الكره والغضب ، كان مستحيل عليا أعيش لو شوفت كرهك ليا ، لكن أنا شوفت فيهم الألم والشوق .
وقفت بحدة وتوجهت إلى الباب قائلة بجدية :
_ يبقى نظرك ضعف ومحتاج تروح لدكتور عيون ، إنفضل بقى من هنا .
كادت أن تفتح الباب لتجد يده تمنعها فإستدارت له بغضب فهو يهدد ثباتها بنظراته وحديثه الصادق ، ولكن لم تستطع أن تتفوه بكلمة واحدة أخرى ، فلقد فاجأها بإقتحام قلوع العِند والكبرياء وقربها إليه في قبلة محمومة بالشوق الذي تنكره والحب الذي ترفض الإعتراف بوجوده .
شعر ببكائها وإرتجاف جسدها فإبتعد عنها جاذبا إياها لأحضانه قائلا بصوت متهدج :
_ كان لازم أثبتلك إن نظري ستة على ستة وإني مش محتاج دكتور عيون لأني شايف حبك بقلبي .
تمسكت به بقوة تناقض حديثها في ضعفه ومعناه :
_ سيبني يا أدهم ، أنا مش هقدر ولا إنت ، إل إنت حاسه دلوقتي لحظة شغف لحاجة قديمة لكن لما تفكر بعقلك هتعرف إن الحقيقة هي الدايمة ، والحقيقة هي إننا مننفعش نكمل مع بعض .
كان مغمض العينين مستمتعا بهذه اللحظة التي تمناها كل ليلة أن يأخذها في أحضانه يستمع لصوتها ولأنفاسها .
حينما وجدته لا يجيبها تأكدت ظنونها وأن تلك اللحظة ما هي سوى إندفاع ثائر ، فأبعدت نفسها عنه بالقوة رغم مقاومته ومقاومة قلبها الخائن .
_ بحبك ... وهفضل أحبك لأخر يوم في حياتي سواء كنا مع بعض أو لأ ، واللحظة إل عدت دي كان ممكن تبقى أكبر من كده وتوصل لمرحلة أعمق من كده وإنتي عارفة زي ما أنا عارف لا أنا ولا إنتي كنا هنبعد أو نرفض ده .
عضت على شفتيها بإرتباك من حديثه وحاولت أن تبعد نظرها عنه ولكن لم تستطع فهمسه التالي أسر كل حواسها :
_ قربنا من بعض دلوقتي يعرفنا حاجة واحدة إننا نقدر نكمل ، رغم إننا هنتعب وجايز نتألم ، لكن هنقدر .
فكري يا حور ، أنا مش عايش ولا إنتي ، ولو قربنا من بعض هيبقى موت زي ما قولتي قبل كده يبقى موت بموت ونموت في حضن بعض .
_هتقدر ...هتقدر تعيش معايا وكأن حاجة محصلتش .
قربتني منك دلوقتي وإنت صح لا أنا ولا إنت كنا هنمنع حاجة تحصل بينا ، بس إنت كنت هتقدر تكمل ، كنت هتقدر تلمسني زي الأول ، كنت هتقدر تشوفني زي الأول ، حتى لو كنت قدرت المرة دي بعد كده هتشوف الحقيقة هتحس بنار الواقع ، هتتوجع كل مرة هتفكر فيها تقرب مني ، هتبكي كل ليلة وانا في حضنك ، هتنكسر كل مرة نقرب فيها من بعض ، أنا مقدرش أحس بالنفور والوجع ده هموت ساعتها .
أنا بعدت علشان مقدرش أتحمل وجعك ولا أشوف كسرتك دي وفضلت أعيش عمري وحيدة ولا إني أشوف نفورك وكرهك ليا .
كانت تتحدث وهي تبكي بإنهيار جعل قلبه يأن وجع ، فإقترب منها قائلا بإبتسامة :
_ طب إيه رأيك نشوف هنقدر ولا لأ ؟
_ أنا مش هقدر على الوجع ده .
إقترب خطوة أخرى وقبل رأسها بحنان وظل يزيل دموعها برقة تجعلها تذرف دموع أكثر ليزيلها إلا أن هدأ فيضان عينها .
_هسيبك تنامي وترتاحي ، بس قبل ما أخرج عاوز أسألك سؤال كنت بسأله لنفسي كل يوم من أخر مرة شوفتك فيها ، وهستنى منك الإجابة بكرة ....
هو أنا عندي إل أعيش علشانه ؟
.................
رغم أن ساعات الصباح الأولى أوشكت إلا أنها كانت ليلة طويلة عليهم جميعاً.
والآن حان وقت تناول وجبة الإفطار ، وأول خطوة أراد بها وليد أن يعلمها بوجود مكان خاص لها بينهم أنه طلب من جميع العائلة التجمع ليأكلوا سويا مرحبين بها .
كانت ندى تطعم طفلها قبل أن يجلس الجميع بينما هناك من يحضر الطعام وهناك المشروبات الساخنة والباردة أيضا.
منذ زمن لم يشعروا بالألفة هكذا ، فبداخلهم أمل تولد عندما وجدوها للمرة الثانية .
الشباب والرجال مجتمعين بالحديقة ما عدا البعض .
لاحظت ندى أن زوجها صعد منذ ما يقرب من النصف ساعة ولم يهبط إلى الآن ، فجن جنونها خاصة عندما نظرت بإتجاه بنات عمومتها ولم تجد حور بينهم فعلمت أنه معها الآن .
رغم كسرة قلبها التي شعرت بها إلا أنها وجدتها الفرصة المناسبة لإثبات صحة ظنونها .
توجهت إلى الأعلى وإقتربت من غرفة حور وحاولت فتحها إلا أنها وجدتها موصدة .
هربت دمعة من عينها ولكنها أزالتها بقوة وتوجهت بإصرار نحو خزانة والدتها التي تحتفظ بنسخة إضافية لغرف المنزل بها .
خرجت لتجد مازن يقف أمام الباب لتندفع إليه صارخة بأعلى صوتها فإجتمع من بالأسفل على صوتها بينما هي هدرت بألم :
_ كنت خليك معاها شوية كمان ، للدرجة دي مش قادر تصبر ، في البيت وقدام عينا كلنا .
_ في إيه يا ندى بتصرخي كده ليه ؟
نظرت لوالدتها مردفة بقهر :
_ طول الليل وإنتي عمالة تلوميني على تصرفاتي معاه ، إسألي الأستاذ بقاله ساعة في أوضة حور بيعملوا إيه والباب مقفول عليهم بالمفتاح .
ضربت منار فوق صدرها فأردفت رضوى بإستنكار :
_ إيه التخاريف دي ؟
نظرت لها ندى بغضب رادفة :
_ أنا مش بخرف ، هي مش المفروض تعتبر أختك ، طب كنتي قوليلها لما تحب تلف على رجل متجوز تبعد عن العيلة ، بس الغلط مش عليها الغلط على جوزي .
ظلت تعبث بمفاتيح الغرف إلى أن وجدت المفتاح المناسب لغرفة حور وقبل أن تفتح الباب وجدت مازن يمنعها قائلا بغضب :
_ إنتي إتجننتي ، هتفتحي عليها الباب بأي حق .
أبعدت يده بقوة قائلة بكره :
_ أنتوا خلاص إتكشفتوا يا محترم ، خايف على البرينسيسة .
صعد عبد الرحمن ووليد بعدما هاتفت سلمى زوجها ليتساءل وليد بقلق :
_ في إيه ؟
_ في إن بنت أختك مفكرتش إني بنت عمها وإنها لما تبقى على علاقة بجوزي تبقى خانت الدم والعيش والملح .
_ إيه التخاريف إل بتقوليها دي ؟ حور مستحيل تعمل حاجة زي كده ؟ وبعدين حتى لو في حاجة بينها وبين أي حد مش هتخبي .
_ لا هتخبي يا دكتور لأنها عارفة إنها حرامية ، بتاخد حاجة مش من حقها .
_ يابنتي لازم تبقى متأكدة قبل ما تظلميهم ، ميصحش كده .
_ إنتي صح يا طنط مريم ، وأنا وإنتوا كلكم هنتأكد سوا دلوقتي ، الأستاذ المحترم جوزي دخل الأوضة دي من ساعة وخرج دلوقتي ، وإحنا أهو مع بعض هنفتح الباب ونشوف مين ظالم مين .
وبالفعل لم تعطي لأحد الفرصة في الحديث وإستغلت صدمتهم مما تقوله وتوجهت إلى الباب لتفتحه بعنف وقوة .
سقطت دموعها بغزارة بعد أن خطت عدة خطوات للداخل لتدلف والدتها وفيروز ووليد الذي ما إن وقعت عيناه على تلك النائمة بأريحية أبعد نظره وخرج مصدوما.
كانت حور نائمة بعمق لم تشعر بما يحدث في الخارج ، على وجهها إبتسامة .
يقلق نومها بعض الضجيج الخافت ولكنها لا تأبه ، إلى أن أصبح الضجيج أكثر قوة فبدأت تتململ في نومتها .
بدأت تحرك عينيها بقوة وفتحتهم بعد أن شعرت بأحدهم يجذبها من شعرها .
بعد أن خرج وليد ولم يصدق ما رأته عينه ، وقفت فيروز مستندة فوق الباب لا تصدق ما تراه .
إقتربت سمية من ندى الباكية وحاولت أن تحتضنها إلا أنها إبتعدت عنها بعنف متوجهة نحو تلك النائمة منحصر الغطاء عليها فلم يستر إلا القليل من جسدها العاري .
إقتربت ندى منها وجذبت شعرها بقوة لتصرخ حور بألم .
_ عملتلك إيه ؟ ملقتيش غير جوزي ؟
_ بس يابنتي سيبيها .
_ أسيبها ، ده أنا لازم أفضحها في البلد كلها .
كانت حور تنظر لهم بفزع حقيقي ، لا تعلم ماذا يحدث ، لا تملك أي طاقة لصد هجومها العنيف المفاجىء ، كل ما يشغل بالها أن تستر جسدها الذي ظهر لأعينهم .
أما بالخارج /
كانت الصدمة كفيلة بأن تجعلهم يقفون بصمت محدق إلا من صوت صراخه القوي :
_ سيبيها يا ندى بطلي جنان .
ولكنها لم تهتم ولم تعبأ وظلت تجذب شعرها بقوة لدرجة أن حور شعرت بأنها ستقلعه بين أيديها .
_ ندى ..... إبعدي عنها .
صرخة واحدة منه جعلتها تتيبسم بصدمة كبيرة تنظر له بعينين ذاهلة .
بينما سمية وضعت يدها فوق فمها تمنع شهقتها .
إقترب منها وأمسك يدها بقوة وخلص شعر حور من كفها وجذب ذراعها متجها نحو الباب ومن ثم دفعها بقسوة فوقعت أرضا
وقعت أنظارهم عليه ، ليغمض مازن عينه بألم .
إقترب عبد الرحمن منه ليقفه بيده قائلا بحدة وصوت جهوري :
_ مش عاوز أشوف حد فيكم هنا ، وإنتي مش عاوز أشوف وشك باقي عمري .
حاول وليد أن يتحدث ولكن حاله كحال الجميع لم يطاوعه لسانه .
دلف لداخل الغرفة مرة أخرى ليصرخ بسمية وفيروز :
_ قولت إطلعوا بره .
إستجابت كلتاهما بفزع ليغلق الباب بقوة .
نظر إليها ليجد دموع الكسرة عرفت مجراها .
إقترب منها بحذر وجلس بجانبها قائلا بتريث :
_ حقك عليا ، أنا آسف .
نظرت له نظرة ود لو كان مات ولم يرها .
كان جسدها يرتعد .... أنفاسها ترتجف بقوة فإسترسل :
_ أنا مستحيل أسيبك ولا أفرط فيكي وفي حبك ، إجهزي علشان تسيبي المكان ده لكن المرة دي للأبد .... وأنا معاكي .
أنهى حديثه ووقف متجها نحو الباب ثم نظر لهيئته فوجد أنه لم يرتدي سوى البنطال فقط فعاد مرة أخرى لدورة المياة .
بينما هي أسندت رأسها فوق الوسادة بتعب وأخذ عقلها يسترجع تلك الساعات التي قضوها معا وهي تتساءل هل أخطأت في قرارها ..؟
......
كان سيذهب بعد أن ألقى عليها سؤاله ولكن صوتها منعه :
_ لو قولتلك لأ.
_ هعيش على ذكرى حبك ليا ، وكل يوم حبي ليكي هيكبر .
_ ليه عاوز تعذب نفسك ؟
إستدار إليها قائلا :
_ العذاب الحقيقي لما كل يوم أتخيلك وأتخيل ريحتك علشان أقدر أنام ، العذاب هو إني مقدرش أعيش حياتي بشكل طبيعي لأن حاسس بالنقص والقِلة من غيرك .
_ أدهم .
همست بإسمه بألم فإقترب منها ومن ثم قبل عينيها بالتزامن هامسا أمام شفتيها :
_ إنتي محتجاني في حياتك زي ما أنا محتاجلك بالظبط ، إنتي بتعشقيني زي ما بعشقك ، بتتمني قربي زي ما بتمنى قربك ، ليه منحاولش .
_ المرة إل فاتت قربت منك وأنا لسه مضطربة مشاعري مش متحددة ، مش عارفه هعيش إزاي ، إنتقامي كان مالي فكري ، المرة دي لو قربت بعدي عنك هيبقى الموت ....أنا دلوقتي واعية لمشاعري وعارفة إنت إيه بالنسبة ليا ، إنتقامي خلص ، مشاعري واقفة على أرض صلبة ، لو بعدت عني أو وجعتني يبقى الموت أسهل بالنسبة ليا .
مد ذراعيه يجذبها من خصرها يقربها إليه أكثر هامسا بعشق :
_ اللحظة إل وافقتي تيجي فيها معايا هنا كانت موافقة منك للمحاولة ، وأنا بفهم في إشارات قلبك ، ومستحيل أضيع فرصة قربك دي ، أنا عارف إنه هيبقى صعب ، عارف إنك هتفتكري كل حاجة حصلت ، عارف إنك إتوجعتي ، لكن عارف كمان إنك بتحبيني وإني بحبك ، فاهم خوفك وتعبك فإسمحيلي أنا أخاف بالنيابة عنك المرة دي .
نظرت له بعيون تقص الكثير والكثير من عبارات العشق الخاص وقالت بصعوبة:
_ فرصة .... لما أحس بالأمان تبقى حياة .
كانت جملة واحدة تكفيه ليقربها له لتختلط أنفاسهم في جملة سينفونية ملحمية .
ساعات إقتطفوها بقوة من الزمن عازفين على أوتار قلوبهم أنغام تشدو بعشقهم الفريد .
ساعات ولم يكتفوا من بعضهم ولم يرتوا من شغفهم ولهفتهم .
ولكنهم أرادوا الإستسلام لدفيء النوم بأحضان بعضهم عل كلا منهم ينعم بنومه أخيرا بعد سنوات العجاف .
إستيقظ على رنين هاتفه وكان أحمد فأغلق الهاتف ونظر بجانبه ليرى حوريته الفريدة البراقة نائمة بأريحية تلك البسمة أغرته أن يتناول شفتيها في قبلة صباحية إشتاق لها كثيرا .
ويقولون أن العٓطِش عندما يجد الماء الحلال يرتوي حتى يشبع أو ينتهي عطٓشه .
ولكنه تناول مرة والثانية حتى السادسة ولم يرتوي ولم يشبع .
_ عاوزة أنام .
همست بها بصعوبة من بين شفتيه ليضحك هامسا:
_ أعمل إيه ..مش قادر أبعد .
قربت نفسها منه وإحتضنته بقوة رادفة :
_ بحبك أوي .
تبسم برضا وسعادة وشدد على إحتضانها فشعر بها تغط في النوم مرة أخرى ، قبل رأسها بحنان وأبعدها عنه برفق واضعا الغطاء بشكل جيد فوق جسدها ولكن كعادتها تحركت بعشوائية مبعدة الغطاء عنها ليكشف جسدها ليبتسم على فعلتها ويقف متجها لدورة المياة بعد أن أخذ ملابسه .
غمر جسده تحت الماء بإنتعاش لأول مرة منذ سنوات ، كان جسده وأعصابه وأنفاسه في حالة إسترخاء .
مر بعض الوقت وهو مازال يستحم إلى أن سمع صوت صراخها الذي إخترق قلبه قبل أذنيه .
أغلق الماء سريعا ليسمع بصدمة ما يدور.
حاول إرتداء ملابسه ولكن لم يسعفه سوى إرتداء بنطاله فقط حتى يخرج فصراخها يجعل روحه تأن .
...............
بالأسفل /
_ إنتي طالق ... طالق سامعة .
أردف بها بغضب لتقترب منه تضربه بيديها بإنهيار قائلة :
_ أول مرة تقولها كان بسببها ودلوقتي برده بسببها ، بس دلوقتي مافيش حمل يخليك ترجعني ليك .
أمسك ذراعيها بقوة قائلا من بين أسنانه :
_ ومين قالك إني عاوز أرجعلك ، أنا كرهتك .
تركها فوقعت أرضا من هول الصدمة لتقترب منها سلمى وأسيل يساعدناها على الوقوف فقالت والدتها بعتاب :
_ كده يا مازن ، خيبت ظني فيكي .
_ هي غلطت يابني لكن إنت كمان غلطت .
_ لا يا عمو أنا مغلطتش ، إنتوا برده مش شايفين غيري ، طب بالنسبة لحور إل الكل دلوقتي فهم إل حصل بينها وبين أدهم وهو رجل غريب عنها مش شايفين ده ؟
_ إخرسي يا ندى مش عاوز أسمع صوتك .
توجهت الأنظار إليه عندما هبط ليصل لهم قائلا بحدة :
_ لو جيبتي سيرتها تاني على لسانك هنسى إنك أختي .
ضحكت بصخب وعيناها تذرف الدموع قائلة بألم :
_ هو أنت كنت فاكر أصلا ، وبعدين مش دي الحقيقه ، فات على طلاقكم كام سنة ، ومع أول ليلة شوفتها فيها ضعفت وهي قبلت على نفسها قربك ليها مع إنه حرام .
_ أدهم .
صرخة من والدته بإسمه بعدما هبط بكف يده على وجه ندى بصفعة ألقت بها أرضا جاعلة أنفها ينزف .
لم يهتم لوالدته ولا لأي شخص وقف ينهره بل إقترب من تلك الملقاه أرضا وجذبها من ذراعها أوقفها صارخا بها :
_ أنا مطلقتش حور يا بنت أبوكي ، حور لسه مراتي .
أنهى جملته وتركها بعنف .
كانت جاحطة فهو لأول مرة يصفعها بل لأول مرة يتعامل بقسوة معها .
ينعتها بإبنة أبيها بكره ....لما..؟
_ إيه الكلام ده ؟
_ دي الحقيقه يا عبد الرحمن حور مراتي ، أنا فعلا كنت رميت عليها اليمين لكن لما فوقت بعد العملية رديتها تاني لعصمتي .
_ وليه مقولتلناش ولا خلاص محدش فيكم ليه كبير ؟
_ دي حاجه خاصة بينا يا عمو ، بس الفضل بقى للأستاذة المحترمة إل خلت حياتنا الشخصية مذاع للكل .
_ يا بني عمك عنده حق ، وندى كمان عندها حق .
نظر لفيروز قائلا ببعض الحدة :
_ حق .... تعالوا نفترض إن كان كلامها صح تبقى فضحت جوزها بإيدها ، طب دلوقتي هي عملت إيه عاملت مراتي بنت عمها كأنها واحدة من الشارع ، عرضتها قدامكم... عرضت جس....
توقف عن الحديث بألم لتقول ندى ببكاء :
_ إنتوا ظلمة ، مش شايفين غير نفسكم وبس ، بس أنا معدتش هنتظر منكم حاجة .
وجهت نظرها لمازن قائلة بحسرة :
_أنا بس عاوزة أسألك سؤال أنا هونت عليك ماشي ، لكن إبنك هان علشان إبني ، أنا مش قادرة أتخيل قسوتك دي ، ده أنا بنت خالك .
كانت تتحدث بقهر يفيض من عينها فإندفع صارخا بما يجوش صدره:
_ ما هو ده السبب ، علشان إنتي بنته ، شبهه ، كل ما أبصلك أشوف السبب في إن أمي تعيش الباقي من حياتها مشلولة وتموت مقهورة ، أبوكي كان السبب في كل حاجة .
_ إنت بتقول أيه يا مازن ؟
نظر لشقيقته وأردف بحزن :
_ بقول الحقيقة...ثم نظر لتلك التي تتمزق روحها ولا يدري بها أحدهم وإسترسل :
_ أبوكي قتل عمك نبيل .
صرخة سمية ، وشهقات من باقي النساء بفزع فماذا يقول بينما وليد إقترب منه وأمسك ذراعه بضعف ألّم به ونظر بعينين متوسلتين أن ينفي ما قاله ليردف مازن بألم :
_ دى الحقيقة يا خالو ، إسمعوا كلكم دي الحقيقة ، وإل إعترف بيها لأمي لما وجهته بكلام حور وهو بكل جبروت إعترف ليها إنه قتله ومرحموش ،أبوكي يا ندى هانم راح المستشفى وبدل ما يقف جمب أخوه ويشوف أي حاجة تساعده يقلل وجعه شال عنه التنفس ووقف يشوفه وهو بيموت قدامه .
_ إنت بتقول إيه يا مازن ؟ الكلام ده لا يمكن يبقى حقيقي ؟
نظر لأشرف بسخرية من عدم تصديقهم ، ليتساءل وليد بضعف :
_ ياعني حور كانت عارفة الكلام ده ؟
_ أيوة يا خالو كانت عارفة وكانت ناوية تحبسه ، طلبت من ماما تساعدها تثبت جريمته ، وفعلا ماما قدرت تسجل إعترافه لكن مقدرتش تتحمل كل الكلام ده وجالها جلطة ، وقتها حور مقدرتش تفدم التسجيل ده للنيابة ، لأنها حست بالذنب ، وكمان خافت عليكم من الصدمة .
_ عبد الرحمن...رد عليا الله يخليك .
نظروا في إتجاه سلمى التي تبكي بينما تحاول أن تجعل زوجها يفق من حالة الجمود التي أصابته .
إقترب منه أحمد وإحتضنه بصمت .
_ إنت كداب ... كداب سامع ، هو أه ممكن يكون كان قاسي ، كان بيتخانق مع الكل وخصوصا ماما كتير ، كان بعيد عننا لكن متوصلش للقتل وخصوصا أخوه إنت واعي بتقول إيه ؟
كانت تصرخ بفزع تنفي ما يقوله ليصرخ بها ولكن تلك المرة شقيقها :
_ لا وصلت للدرجة دي ، وصلت إنه يقتل .
_إنت كمان كنت عارف يا أدهم ؟
سألت چورية بألم فهي تقف بصعوبة وأيضا قلبها ينزف وجعا مما تسمعه ليجيبها بحسرة :
_ أيوة كنت أعرف ، وسمعته بنفسي وهو بيعترف بده .
وقع وليد أرضا ينظر حوله بضياع .
جلس كل من كان موجودا أرضا ، علهم يفيقون مما يسمعون .
عداه كان يقف بثبات مصطنع .
سمع خطوات قوية ليجدها تهبط الدرج ويظهر على وجهها الغضب .
وقف أمامها يتوسلها بعينه لتبعد نظرها عنه مقتربة من شقيقته :
_ لتاني مرة هشكرك ، أنتي المرة دي فوقتيني ، عرفتيني إن مستحيل يبقالي مكان هنا ، واجهتيني بقراراتي الغلط ، كان غلط إني أجي هنا .
كادت أن ترحل لتسمع همس شقيقها :
_ ليه مقولتليش إنه قتل بابا ؟
توقفت تنظر له بألم قائلة :
_ لأنك كنت هتضيع نفسك وتضيع كل حاجة وصلتلها ، لو كنت عرفت كنت هتتهور في تصرفك ، كان لازم أحميك منه ومن ألم غدره .
_هتسيبيني تاني ؟
كان تساؤل مؤلم وإجابته أكثر إيلاما :
_ وجودنا مع بعض أكبر غلط ممكن يحصل ، أنا سمعت كلامك وقولت فرصة لكن كل الموجودين هنا قتلوا الفرصة دي ، لما دخلوا عليا أوضتي وعاملوني زي بنات الليل .
_ بس يا حور متقوليش على نفسك كده .
نظرت لأحمد قائلة :
_ أنتوا بشككوا فيا ، إنتوا لما سمحتوا لندى تمسكني من شعري تهين فيا ، إنتوا إل إعتبرتوني كده .
كادت ترحل ليجذبها من ذراعها قائلا :
_ مش هسيبك يا حور ، أنا مش هعيد الغلط تاني ، إنتي مراتي سامعة .
_ إرحمني .... متبقاش زيهم ، محدش حبني قدك متأكدة حتى لو إخواتي ، كمل مودتك وإرحمني ، أنا بقيت أضعف من إني أتحمل أي حاجة تانية .
_ إنتي مش ضعيفة يا حور ، إنتي أقوى حد ممكن نشوفه في حياتنا .
توجهت الأنظار نحو الباب ، لتهتف سهر بتعجب :
_ ريم !!
إقتربت ريم من ندى ووقف أمامها قائلة بحزن :
_ متستغربيش يا ندى لما تسمعيهم بيقولوا عن أبوكي قاتل لأن دي الحقيقه ، وعمك نبيل مش الضحية الوحيدة .
_ إنتي جاية هنا لإيه ؟ وبعدين متدخليش في حاجة مليكش فيها، دي أمور عائلية .
كانت منار تتحدث بغضب وكره لتبتسم لها ريم مردفة :
_أنا مخنتش صالح معاه زي ما أنتي فاهمة .
_ إخرسي وإطلعي بره .
صرخت منار بفزع فهي لا تريد لأحد أن يعلم السبب وراء كرهها هذا .
تحركت ريم عدة خطوات ووقفت أمام صالح مردفة بصدق :
_ أنا مش جاية أخرب حياتكم يا صالح ، أنا عارفة إنك خطبت وأنا كمان إنكتب كتابي ، أنا كنت جاية أشوف حور وأشكرها على كل حاجة عملتها معايا ، وبالصدفة سمعت منكم كل الحوار إل حصل ، كلكم ظلمتوها .
إسمع يا صالح أنا مسافرة مع جوزي وكنت ناوية أحافظ على وعدي لحور لأخر نفس ، بس لازم تعرف الحقيقة أنا مخنتكش ، الرجل إل والدتك سمعتني بكلمه أكتر من مرة ده كان حمدي ، كنت بحاول ألعب عليه وأوقعه في شر أعماله علشان أنتقم منه ، لكن هو طلع ذكي وكان فاهمني من أول لحظة .
إقتربت حور منها وأمسكت ذراعها مردفة :
_ بلاش يا منار .
هبطت دموعها قائلة :
_ دي أقل حاجة أعملهالك يا حور ، إنتي أنقذتي حياتي لازم كلهم يعرفوا .
تنفست بقوة ثم قالت بصوت ضائع :
_ حمدي كان السبب في موت أختي ، ضحك عليها وفهمها إن لما يكتبوا عقد عرفي أبويا هيخاف من الفضيحة ويرضى يجوزه بنت قد بناته .
ضربت منار فوق صدرها بصدمة قائلة بفزع :
_ تقصدي إيه ؟ عمل فيها حاجة عفشة ؟
نظرت لها بألم وأهدرت بوجع :
_ بعدها هددها إنه يفضحها لو مسلمتلوش نفسها ونور كانت بتخاف وصدقته إنها مرة واحدة وبعد كده هييجي يتقدم لها على أساس أبويا يصدق إنهم متجوزين ، وفعلا حصل إل حصل ، وفضل يتهرب منها مرة بعد مرة وكل ما تكلمه يتهرب ويقول حجج لغاية ما تعبت وإكتشفت إنها من المرة دي بقت حامل .
ظلت سمية تصرخ عدة مرات فأخذتها فيروز في أحضانها لتهدأ صرخاتها ولكن ظلت تبكي بألم بينما ريم إسترسلت :
_ راحت تقابله وقالتله ، وهو طبعا مصدقش إن الطفل منه ، وحتى لو صدق مكنش عمل حاجة ، طلب منها إنها تنزله ، خافت وفضلت تهدد فيه إنها هتيجي هنا وتقول كل حاجة لعيلته وللناس ، إتهجم عليها وحاول يقتلها وهي من خوفها قدرت تهرب من تحت إيده وفضلت تجري وهي خايفة ومرعوبة ومأخدتش بالها من الطريق وساعتها صالح ظهر على الطريق بسرعة ومقدرش يبعد العربية عنها ، كل حاجة حصلت زي ما كان عاوز ، نور ماتت وهو هدد أهلي ميقدموش بلاغ علشان حقيقة بنتهم متظهرش .
إقتربت من صالح قائلة بصدق:
_ أنا حبيتك فعلا ، يمكن مش الحب إل نعيش بيه ونواجه الحقيقة دي ، لكن كان مستحيل أخونك أو أشوف رجل غيرك ، تعرف أنا كنت هنتقم منه وهقتله لما قالي إنه عارفني وسهل الموضوع ليا أقرب منه علشان أقع في فخه ، لكن حور أنقذتني في أخر وقت ، حور مش بس أنقذتني من إني أكون مجرمة حور أنقذت شرفك يا صالح .
نظر لها بتوجس فسأل والده برهبة :
_ ياعني ايه ؟ إنتي تقصدي إيه بالكلام ده ؟
هبطت دموعها مردفة بألم :
_ إل فهمتوه .
_ خلاص كفاية .
صرخت بها حور ونظرت إلى جاسر قائلة بصعوبة :
_ وصلني يا جاسر ، أنا مبقيتش مستحملة .
_ إنتي ليه مش عاوزة تفهمي أنا مش هسيبك ، لو كان على المكان ده أنا هكون معاكي مكان ما تكوني .
كان إعتراف بالحب بطريقة أخرى ومميزة جعلت الجميع يكن على إيقان بأن ما بينهم أعمق من الظاهر .
_ إنتوا عاوزين تاخدوا الحاجة الوحيدة إل كنت بصبر نفسي بيها ، كنت بقول هو قاسي علينا ، بيتخانق مع ماما كتير ، لكن مبيأذيش حد غيرنا .
أردفت بها ندى بصوت خاوي ودموع منكسرة .
ثم نهضت من مكانها وأردفت بقوة :
_ أنا مستحيل أصدق إنه قتل وكمان إل إنتي بتقولي عليه ده يا ريم ، قولي إنك متفقة مع حور تشوهوا صورته حتى بعد ما مات ، إتقوا ربنا ، إنتي عاوزة إيه يا حور عاوزة إيه مننا ، أنا تعبت مبقيتش قادرة أتحمل كرهك ده .
ضحكت حور بمرارة مردفة :
_ كرهي ..!! أنا عمري ما كرهت حد فيكم غيره ، عمري ما كرهت أصلا غيره ، إنتي متعرفيش أي حاجة ، لكن أنا عذراكي ، محدش يقبل أبوه يبقى بالدناوة دي .
نظرت ندى لأخيها وأردفت بعنف :
_ هي دي إل عاوز تسيبنا كلنا علشانها ، واقفة تغلط وتعيب في أبوك الميت وإنت واقف ، عملها إيه علشان تكرهوا كده ، أنا أصلا مش مصدقة موضوع القتل ده.
_ عاوزة تعرفي يا ندى ، أبوكي إل واقفة تدافعي عن أطلاله ده حاول أكتر من مرة يغتصب أمها.
نطق بها جاسر بعنف وإشمئزاز لتصرخ رضوى برفض ، بينما أردف أدهم صالح بحدة :
_ بس يا جاسر ، إسكت .
_ دي الحقيقة ، حمدي من يوم ما شاف زهرة وهو عينه منها ، حاول أكتر من مرة معاها وهي كانت بتصده .
_ إنتي كمان يا ماما .
هتفت بها چورية بصدمة لتسترسل سمية :
_ معدش في داعي نخبي الحقيقة أكتر من كده ، حمدي كان بيكره نبيل وكان بيتمنى موته ، مش أنا بس إل أعرف محاولاته علشان يطول زهرة ، عمي الحاج مات بحسرته لما شافه بيتهجم عليها ومقدرش يمنعه أو يدافع عنها .
_ إنتي بتقولي إيه ؟ ياعني هو ده كان السبب في سكوتكم وإنهيار زهرة أيامها ؟
نظرت له بألم وتحدثت بإنكسار :
_ أختك كانت حاسة بالذنب ، كانت خايفة ، لولا نبيل وصل في أخر لحظة كان حمدي طالها ، وقتها فضل يضرب فيه لغاية ما أغمى عليه وقبل ما نستوعب الصدمة الحاج مات بقهرته .
_ ليه كده بس حرام عليكم ، إل بتتكلموا عنهم كلهم ماتوا ، بتعذبوهم في قبورهم ليه ؟ لا حول ولا قوه إلا بالله .
نظر محمود لشقيقه وتساءل بعدم تصديق :
_ هو أنت كنت تعرف الكلام ده يا أدهم .
أماء له بالإيجاب في صمت .
توجهت حور لباب المنزل راغبة في الهروب والإبتعاد عن كل شيء وكل شخص .
وقبل أن تصل جذبها من ذراعها بقوة قائلا بصوت جاد :
_ مش هسيبك ، هروبك دلوقتي مش حل .
_ أرجوك سيبني ، أنا بتألم يا أدهم ، روحي وجعاني ، قلبي مخنوق ، لو فضلت هنا هموت .
كانت تتحدث ببكاء مزقها ومزقهم معها ، ليقول بنبرة غُلب عليها الحب :
_ قبل كده سيبتك بعدتي عني بسببه ، عاوزاني أسيبك تاني دلوقتي بسبب بنته .
_ بنته !!!! إنت مش هاين عليك تقول أختي ؟!
وكأن قلبها طُعن للعدد الذي لا تعلمه وجاء هو ليكمل عليها حينما صرخ بها :
_ أختي تخاف عليا وعلى مشاعري وتحافظ على سمعتي وسمعة مراتي ، أختي متبقاش السبب إن مراتي تبعد عني بعد ما تهينها وتعاملها أسوء معاملة .
أنا أهو بقولك كلكم أبعدوا عننا ، إعتقونا لوجه الله .
_إهدى يا أدهم وخد حور وإمشوا دلوقتي من هنا ، حور هتنهار في أي وقت .
أردف بها مازن وهو ينظر لزوجته أو لنقل لطليقته بتحذير فهمته لتثور ثورتها بسببه وتهتف في شقيقها بقوة :
_ بسهولة كده تتخلى عن الكل علشانها ، طيب أنا وإتعودت أطلع غلطانة والكل يبعدني عنه فعادي لو كرهتني إنت كمان ورفضت قربي منك ، بس باقي العيلة تبيعهم علشان تجري وراها ، إنت ناسي هي عملت إيه ؟ دي قتلت إبنك علشان تقطع أي وصل بينكم .
أمسكها من ذراعيها بقوة وهدر فيها بعنف وغضب وعيناه تفيضان بالدمع :
_ مش هي إل قتلته ...سامعة مش هي ، عارفة مين إل قتل إبني ... ردي عارفة مين ... أبوكي ...أبويا إل حاول يغتصب مراتي وبسبب جريمته دي إبني مات .
كانت الحقيقة التي صرخ بها أقوى من أن يتحملها أحدهم .
سقطت چورية أرضا فاقدة للوعي بينما والدتها ظلت تصرخ وتصفع وجهها بقوة وهستيرية ، أما وليد فقد توقف نبض قلبه من شدة الفزع وإرتمى برأسه فوق كتف زوجته التي كانت تنظر بصدمة لمن حولها غير مدركة لزوجها ، أما أدهم ومحمود فلم يتحملا تلك الصدمة وشرعا في البكاء بقهر وعجز وزوجاتهما ظلتا تلطمان وجهيهما بحسرة ، أما صالح فقد كان ينظر بضياع لريم وأيضا حور التي صرخت بقهر وألم بين أحضان شقيقيها اللذان إندفعا لها يحتضناها بحماية وهي لا تزال تصرخ بقوة وتتحرك من بين أيدهم في إنهيار .
إقترب جاسر من صالح وكان كالذبيحة، دموعه تغرق وجهه وزوجته تتمسك بذراعه تدعمه وتستمد منه الدعم .
قبل أن يردف بكلمة واحدة حرك صالح رأسه برفض يمينا ويسار قائلة بصوت بُح من شدة الجزع :
_ متقولهاش .
انتهي الجزء الثاني