قصة الغولة والاخوين الفصل الثالث
....... لامت الفتاة أخيها على عدم اطلاعها على أمر خالته وحديثه معها فلو أنه كان قد اخبرها لأخذت حذرها ولا خرجت الأشواك المزروعة قبل هبوط الطير
بقيت الطير تئن وتتوجع طوال الليل وهما يحاولان التخفيف عن آلامها بنزع الشوك والإبر المغروسة في جسمها والتي كانا كلما نزعا شوكة أو إبرة منها تدفق الدم من مكانها بغزارة
حتى تمكنوا من انتزاعها كلها وباتت كعادتها تحرسهما حتى الصباح وهي تغالب آلام جراحها وقبل رحيلها أخذت تودعهما وتقدم لهما نصائحها قائله : اسمعا يا أطفال اسمعاني جيدا
قد لا أجيئكما ثانية وقد لا تشاهداني بعد اليوم فالأشواك قد مزقت جسمي ونزف من جرائها دمي وجراحها تؤلمني ولكن عليكما التطلع نحو الأفق المقابل قبل الغروب
فإذا رأيتما سحابة بيضاء ظهرت منه فانتظرا مجيئي وإذا رأيتما سحابة سوداء ظهرت منه فلا تنتظراني ولا تبقيا في هذا الجرف الموحش عليكما تركه والبحث عن مكان آخر تبيتان فيه ليلكما.
مر النهار عليهما طويلا وثقيلا ومثـقلا بالهموم والأحزان وهما ينتظران غروب الشمس الذي سيحدد حياتهما ويقرر مصيرها فإما واصلا حياتهم في ذلك المكان إذا ما تغلبت الطير على جراحها لحسن التطواني و ستبقى ترعاهما وتزودهما بالطعام
وأما تغلبت الجراح عليها وأقعدتها عن المجيء وسارا في الوادي يبحثان عن مستقبلا يجهلانه وعند الغروب شاهدا في الأفق سحابة قاتمة تظهر من وراء الأفق فيئسا من مجيئها
ولم يجدا بدء من مغادرة الجرف والاتجاه نحو الوادي للسير فيه قبل أن يداهمهما الظلام .
فآخذا يسيران والخوف يملأ نفسيهما حتى وصلا إلى شجرة كبيرة قاما بتسلقها ليحتميان بها من الوحوش وباتا طول الليل عليها وفي الصباح الباكر نزلا من على الشجرة وواصلا السير في الوادي الممتد على غير معرفة بالطريق أو بالمكان الذي سيستقران فيه
وعند منتصف النهار. شاهدا بيتا صغيرا يقع على مقربة من الطريق الذي يسيرون علية ففرحا بذلك وذهبا نحوه ليرتاحا فيه بعض الوقت وليطلبا من صاحبة التكرم عليهما بشيء من الطعام والشراب
وما أن وصلا الية وطرقت الفتاة باب البيت حتى أطلت عليها امرأة عجوز محدوبة الظهر شاحبة الوجه غائرة العينين ترسلان شعاعا متقدا أخذت ترحب بهما بحرارة وهي تمسك كل واحد منهما بإحدى يديها وتجرهما ورائها إلى الداخل .
كانت تلك العجوز هي الغولة تأكل البشر وتعيش في ذلك المكان مع طفليها وهما ولد وفتاة يتساويان في عمريهما مع عمري الطفلين اللذين يجهلان حقيقتها
وكانت ما أن فتحت الباب وشاهدتهما حتى منت نفسها وطفليها بوجبة غذائية دسمة فخرجت وجرتهم إلى المنزل وبالغت في إكرامها مما جعل الفتاة ترتاب في أمرها
فقالت الغولة متسائلة : من أين جئتما يا أبنائي وأين هم أهلكما الذين تركوكم تسيران في هذا الطريق الموحش لوحدكما
لم تجد الفتاة رغم حذرها من المبالغة في الحفاوة التي قابلتهما بها الغولة بد من أن تروي لها قصتهما كاملة عساها بذلك تستطيع أن تنتزع العطف من قلب الغولة التي قالت معقبة على كلام الفتـاة : الله لا يرحم أبوكما ولا سامحه سمع كلام خالتكما وطردكما من البيت من اجلها
أجلسوا هنا عندي يا أبنائي فالبيت كبير وخير الله واسع عيشوا مع أبنائي وسأعتبر أن الله رزقني أربعة أطفال بدلا من الاثنين
تظاهرت الفتاة بالفرح لعرض الغولة وبقيت مرتابة منها في أعماقها وآخذت تراقب تصرفها بحذر لترى ماذا هي صانعة بهما خاصة وانهما لم يكونا يعرفان أين سيبيتان ليلتهما إذا ما باتا عندها
كانت الغولة تقدم لهما عرضها السخي بإقامتهما مع طفليها في بيتها وهي تتشوق لهبـوط الظـلام لكي تبدأ في مداعبتهما مع أطفالها ومسامرتهم معا ليناموا مبكرين لتقوم بقتلهم أثناء نومهم وشويهم ثم أكلهم
إلا أن الخوف بقي يساورها من حدوث التباس لديها يجعلها لا تميز بين الطفلين العابرين وبين طفليها المتقاربين في أعمارهم فتقوم بقتل أبنائها بدلا منهما خاصة والأربعة ينامون معا بدأت تحدث نفسهـا: لابد من وضع علامة تميز بينهم قبل أن يناموا لأتعرف على الطفلين في الظلام
حدثت بذلك لنفسها وقامت تبحث عن العلامات التي ستضعها على الطفلين لتميزهما عن طفليها واستقر رأيها على وضع الحناء على أقدام أبنائها ووضع الرماد أقدام الطفلين الغربيين
.......
...... قامت الغولة تبحث عن العلامات التي ستضعها على الطفلين لتميزهما عن طفليها واستقر رأيها على وضع الحناء على أقدام أبنائها ووضع الرماد أقدام الطفلين الغربيين
ثم أحضرت إنائين رابت في أحدهما حنا ورابت في الآخر الرماد وحملتهما إلى مكان الأطفال فقالت الغولة تخاطب الفتاة : كم رق قلبي لكما وتأثرت نفسي لحالتكما
ولا شك أن طول الطريق وكثرة المشي قد آلم بإقدامكما لذا فقد عجنت لكما حنا لأطلي بهما أقدامكما فالحناء سيمتص آلامها وسيجعلكما تنامان مرتاحين
وأردفت تقول: بعد ما عجنت لكما الحناء خفت من أن يبكي أولادي ويقولون أني لم أعد أحبهم مثلما أحبكما فعجنت لهما الحناء في إناء آخر أجابتها الفتاة تقول لها : لا داعي لهذه العناية كلها يا أماه يكفينا أنك أطعمتنا واويتنا وهذا خير كثير منك
فردت عليها الغولة مستنكرة قولهـا: أستغفر الله يا إبنتي ماذا عملت لكما كي تقولي هذا أنا لم أعمل لكما أي شيء أنتما مثل أبنائي وكم سيكون سروري لو رضيتم البقاء بيننا تعيشان مع أبنائي
فردت البنت على عرضها بأدب قائلة: ونحن قد فرحنا برؤيتك يا عمتي وذكرتنا معاملتك الطيبة لنا بالمرحومة أمنا وان قررنا البقاء هنا لنعيش معك في بيتك فلن نحس آلا أننا نعيش بجانب أمنا وفي البيت الذي ولدنا فيه
فرحت الغولة بكلام الفتاة وارتاحت واطمأنت لها وتوهمت أنها قد تمكنت من خداع الفتاة وأخيها فقالت تجيبها: البيت بيتكما يا أبنائي وأنا أمكما وأبنائي هم إخوانكما قالت ذلك وطلبت من الفتاة أن تمد رجلها لها مع رجلي أخيها فمدا لها الطفلان أرجلهم
وأخذت الغولة تطليهما بالرماد ثم قامت بحملهما وأرقدتهما في زاوية البيت وعادت إلى طفليها وقامت بطلاء أقدامهما بالحناء وحملتهما ليناما بجانب الطفلين ثم ودعتهم منصرفة إلى حجره نومها الملاصقة لحجره نومهم
تظاهرت الفتاة بالنوم وطلبت من أخيها أن يتظاهر بالنوم مثلها وما أن ذهبت الغولة إلى حجرة نومها وأطفأت السراج الذي يضوي المنزل حتى قامت الفتاة وآخذت تنزع الرماد اعن قدميها وقدمي أخيها وقامت بعدها بنزع الحناء من أقدام أبناء الغولة ووضعت لهما الرماد على أقدامهم
ثم قامت بوضع الحناد بدلا عن الرماد على قدميها وقدمي أخيها وبسرعة قامت بحمل أبناء الغولة واستبدال مكان نومهما بمكان نومها هي وأخيها ونامت مع أخيها في مكان
أبناء الغولة وبقيت الفتاة مستيقظة تراقب تصرفات الغولة بحذر شديد
عندما أيقنت الغولة متوهمة بان الأطفال قد استغرقوا في النوم قامت من مكانها خلسة وآخذت تتحسس طريقها إلى حجرة نوم الأطفال بحذر وآخذت تشم رائحة أقدامهم في الظلام للتعرف على فريستها
وراحت تميز بين الرماد والحناء وبعد آن تأكدت راحت تضغط بيدها على عنق الطفلين لتزهق أرواحهم واحد بعد الآخر معتقدة بأنهما الطفلين الغريبين وقامت بحملهم إلى الموقـد لحسن التطواني والذي كانت قد أعدته مسبقا وقذفت بهما داخلة لتشويهمـا لتتعشى منهما وتترك الباقي إلى صباح اليوم التالي
عندما يستيقظان من نومهما ليتناول منه طفليها بقي الطفلان يرقبان في الظلام تصرفات الغولة وقيامها بخنقها لطفليها وخوف شديد يتملكهما وبقيا متسمرين في مكانهما حتى اطمأنا إلى انشغالها في المطبخ
فقاما من مكانهما وتسللوا هاربين خارج البيت قبل أن تكتشف أمرهم وتعرف بأنها قتلت طفليها وأكلت من لحمهما وتقوم بالانتقام منهما وقتلهما أخذ الطفلين يستحثان خطاهما في الوادي الفسيح وكان الخوف يمدهما بطاقة من النشاط
كلما تصورا الغولة تصنع بهما ما صنعت بطفليها وكانا اثناء سيرهما يتلفتان ورائهما بين الحين والاخر خوفا من ان تكون في إثرهما وما كادت الشمس ترسل أشعتها إلى الوادي حتى شاهدا شبح الغولة تجري وراءهما
فراحا يعدوان بأقصى سرعتهما وهي تجري خلفهما محاولة اللحاق بهما حتى وصلا إلى نهاية الوادي الذي كان يسده صخرة كبيرة وقفا أمامها حائرين
فحاولا تسلق الصخرة مرات عديدة ولكن دون جدوى فخشيا من أن تلحق بهما الغولة وبينما هم على هذه الحالة نظرت الفتاة إلى أعلا الصخرة فرات راعيا شابا يراقبهما من مكانه بصمت
فقالت لـه الفتاه متوسلة : أرجوك ساعدنا على الطلوع لان الغولة تجري وراءنا وتريد قتلنا و أكلنا آنا وأخي ثم قصت عليه ما جرى لهما مع الغولة
ألا أن الراعي الذي كان قد أعجب بجمالها ووقع في حبها اشترط عليها قبول الزواج منه مقابل مساعدتهما فردت علية الفتاه : نعم إذا ساعدتنا وخلصتنا منها سأتزوجك