رواية شفق الممالك الفصل الرابع والاخير
وصلت لورا وإيثان إلى حدود مملكة الهواء، حيث واجهتهما مناظر خلابة ومهيبة. الجبال تحلق عالياً في السماء، والسحب البيضاء تلتف حولها كأنها عباءة. كانت الرياح تعصف بقوة، وكأنها تحاول منع أي دخيل من دخول هذه المملكة السماوية.
وقف حارس الممر عند البوابة العالية، كان ضخم الجثة بأجنحة شفافة تتلألأ كزجاج ملون. نظر إلى لورا بحدة وقال:
-"من تظنين نفسكِ؟ دخول مملكة الهواء ليس متاحًا إلا للمختارين."
تقدمت لورا بخطوات واثقة ورفعت الجوهرة المضيئة في يدها.
-"أنا لورا، وريثة اللهب. جئت لاستعادة جوهرة الهواء من أجل توحيد الممالك."
ضحك الحارس بسخرية:
-"هل تعتقدين أن النبوءة ستمنحكِ القوة؟ القوة الحقيقية تأتي من الداخل، وليس مما تحمله يداكِ. إذا أردتِ الجوهرة، فعليكِ إثبات استحقاقكِ."
فتح الحارس البوابة، وظهرت أمامهم ممرات من السحاب تؤدي إلى قاعة ضخمة في السماء. داخل القاعة، كانت جوهرة الهواء معلقة في الهواء، تحيط بها رياح عاصفة. لكنها لم تكن وحدها. كان هناك مخلوق عملاق بجسد شفاف وأجنحة ضخمة، يتحرك بخفة وكأنه جزء من الرياح.
قال الحارس:
-"هذا هو حارس جوهرة الهواء. إذا استطعتِ هزيمته، فالجوهرة ستكون لكِ. لكن تذكري، القوة ليست ما سيهزم هذا الحارس، بل قلبكِ."
بدأت المعركة، وكان الحارس يتحرك بسرعة مذهلة، لا يمكن تتبعها بالعين. حاولت لورا استخدام اللهب، لكنه كان يتلاشى بمجرد اقترابه من الحارس. أدركت أن هذه القوة ليست كافية.
تذكرت كلمات زيرون عن الإيمان والإرادة. أغمضت عينيها، وركزت على الشعور بالسلام الداخلي. فجأة، شعرت بطاقة جديدة تتدفق في جسدها. رفعت يديها، وأطلقت شعاعًا من الضوء النقي، ليس من النار، بل من أعماق قلبها.
توقف الحارس، ونظر إليها بإعجاب.
-"لقد أثبتتِ أنكِ تستحقين الجوهرة. أنتِ فعلاً وريثة النور."
الجوهرة الرابعة
عندما أمسكت لورا بالجوهرة، شعرت بأن العالم كله تغير. لم تعد ترى نفسها مجرد فتاة عادية. أصبحت الآن حاملة أمل الممالك.
لكن المهمة لم تنتهِ بعد. كان عليها الآن العودة إلى قلب العالم، حيث التقت جميع الممالك، لوضع الجواهر في مكانها الصحيح.
كانت الرحلة إلى قلب العالم محفوفة بالمخاطر. واجهت لورا وإيثان عواصف مظلمة، كائنات شريرة، وأشباح الماضي التي حاولت إضعاف عزيمتهم. لكن بفضل الجواهر الأربع، استطاعت لورا التغلب على كل العقبات.
عندما وصلوا إلى قلب العالم، وجدوا أنفسهم أمام عرش مظلم ضخم. على العرش، كان يجلس قائد الظلال، الشخص الذي أطلق الفوضى في الممالك.
-"أخيرًا، وريثة النار. ظننتُ أنكِ لن تصلي إلى هنا." قال القائد بصوت بارد.
نظرت لورا إليه بعزيمة وقالت:
-"لقد انتهى عهدك. سأعيد التوازن للممالك، سواء أعجبك ذلك أم لا."
اندلعت معركة شرسة بين لورا وقائد الظلال. استخدم كل قوته المظلمة لمحاربتها، لكنها كانت مدعومة بقوة الجواهر. تذكرت كل ما مرت به، كل معركة خاضتها، وكل درس تعلمته.
وفي لحظة حاسمة، دمجت لورا الجواهر الأربع وأطلقت موجة من الضوء النقي، قضت على الظلام تمامًا.
عندما انتهت المعركة، عادت الممالك إلى طبيعتها. السحب أصبحت مشرقة، المياه صافية، الأرض خصبة، والنار دافئة.
نظرت لورا إلى إيثان بابتسامة:
-"لقد فعلناها، إيثان. الممالك آمنة."
-"لا، لورا. أنتِ من فعلتها. أنتِ من أنقذت الجميع."
بعد أن انتهت المعركة العظيمة مع قائد الظلال، وقفت لورا وسط قلب العالم، وهي تمسك بالجواهر الأربع المضيئة بين يديها. كانت الجواهر تتألق بألوانها الزاهية: الأحمر للنار، الأزرق للماء، الأخضر للأرض، والفضي للهواء. كل جوهرة تحمل طاقة حياة الممالك التي كانت مهددة بالدمار.
قالت لورا بصوت واثق، لكن مشوبًا بالحزن:
-"الآن وقت الاختيار. إعادة التوازن لن تكون بلا ثمن."
نظر إليها إيثان بقلق:
-"ماذا تعنين؟ لقد انتصرنا، أليس كذلك؟ الظلام انتهى، وكل شيء يعود إلى طبيعته."
هزت لورا رأسها برفق وأجابته:
-"الجواهر الأربع لا يمكن أن تبقى منفصلة. يجب أن تُعاد إلى قلب العالم ليعود التوازن، ولكن هذا يعني... أنني سأفقد هذه القوة. وربما نفسي معها."
صُدم إيثان، وصرخ بغضب:
-"لا! لا يمكنكِ فعل ذلك، لورا. لابد أن هناك طريقة أخرى."
لكن لورا لم تكن تشارك شكوكه. كانت تعلم أن كل ما مرت به، وكل التضحيات التي قدمتها، كانت تقودها إلى هذه اللحظة. نظرت إلى إيثان بحب وابتسمت:
-"إيثان، لقد كنت معي طوال هذه الرحلة. دعني أطلب منك شيئًا أخيرًا... اعتنِ بالممالك. تأكد من أن هذا السلام الذي قاتلنا من أجله لن يضيع أبدًا."
قبل أن يتمكن من الاعتراض، وضعت لورا الجواهر في المركز الحجري الذي كان ينبض بالضوء. بمجرد أن فعلت ذلك، اندلعت موجة هائلة من الطاقة، اجتاحت المكان بأسره.
اندمجت الجواهر مع قلب العالم، وبدأت الأرض تهتز، والسماء تضيء بألوان زاهية. شعرت لورا بقوة تسحبها، وكأنها تُصبح جزءًا من الطاقة التي أطلقتها.
في تلك اللحظة، تذكرت كل شيء: عائلتها، رحلتها، أصدقاءها الذين فقدتهم، والابتسامات التي أنقذتها. كانت تعلم أن هذه التضحية ليست نهاية، بل بداية جديدة لكل شيء.
-"الظلام لا ينتهي بالقتال فقط، بل بالأمل. وأنا سأكون جزءًا من ذلك الأمل."
كانت كلماتها الأخيرة، قبل أن يُغمر المكان بضوء أبيض ساطع.
عندما هدأ كل شيء، وقف إيثان وحيدًا في قلب العالم. كانت الجواهر قد اختفت، لكن قلب العالم أصبح ينبض بالحياة من جديد. العرش المظلم تحول إلى نافورة من الضوء، والجدران الحجرية التي كانت محاطة بالظلال أصبحت الآن مزينة بنقوش تظهر تاريخ الممالك وقصتها.
عاد إيثان إلى الممالك ليحكي القصة. أصبح صوتًا للتغيير، وساعد في توحيد الممالك التي كانت متفرقة بسبب الخلافات القديمة. كانت كلمات لورا دائمًا ترن في أذنه:
-"اعتنِ بالممالك."
تحولت قصة لورا إلى أسطورة تُروى عبر الأجيال. أصبح اسمها رمزًا للأمل والشجاعة والتضحية. وفي قلب العالم، أصبحت الطاقة التي تركتها لورا مصدرًا للحياة لكل الممالك.
أما إيثان، فقد قضى حياته في بناء عالم جديد، يحمل إرث لورا، ويضمن أن الظلام لن يجد طريقه إلى الممالك مرة أخرى.
هكذا انتهت رحلة لورا، لكنها بدأت حياة جديدة في قلوب الممالك وشعوبها. كانت شفق الممالك التي لن ينطفئ أبدًا.
النهاية