رواية احيت قلب الجبل الفصل الرابع بقلم ياسمين محمد
نظرت لمكان خروج والدها بزهول ومازال شلال الدموع يتساقط ،انتفضت تركض نحو باب المكتب ليسبقها باسم اليه ، اغلق الباب علي كليهما، لتخر هي ارضا تبكي كالاطفال تنتحب وتصرخ بآه خذلان ,كم تتمني الان وفورا ان تكون باحضان خالها ،والدها الذي لم ترى والدا غيره ،
وقف ينظر لها من اعلي وهي تبكي ارضا قائلا
: لما تخلصي عاوز اوريكي حاجه
رفعت راسها تنظر له والدموع تغرق وجهها تنتحب من شدة البكاء ، تنظر له وهو يعلوها واقفا امامها كذئب اصطاد فريسة ولن يتركها قبل ان ينال منها ،
تركها وعاد الي مكتبه جالسا واضعا قدم فوق الاخرى يداعب ذقنه بإصبعه السبابة منتظر انتهاء بكائها ،أمرها قائلا
:تعالي ...
لم تستجب لامره مسحت عيونها بظهر يديها بعنف ثم استقامت تخفي زعرها وخوفها منه
ابتسم هو لعنادها فهو أحد اسباب انجذابه اليها ، غزالة عنيدة ، يراها هكذا ، أعاد امره قائلا
: تعالي ..مش عاوزة تشوفي خالك ؟...
نظرت اليه في لهفة وقد ظنت انه سيتركها ولا تدرك اانه يلقي باحدى سهامه لمحاصرتها تقدمت بخطوات مرتعشة من المكتب ،امرها بالجلوس واخرج هاتفه يتصل باحد ما امرا اياه قائلا
: افتح الكاميرا ..وماتنفذش غير بأمر مني
ليعاود غلق الهاتف يعبث به لبضع ثواني ثم يعطيها اياه ،
لترى خالها ،من خلال شرفه مكتبه احدهم يصوره من سطح احد المنازل، ويبدو انه يزعق بشخص ما هاتفيا وعلي وجهه علامات الغضب والتوتر ورأت ايضا امها, مسكن روحها وبلسم جراحها تقبض علي موضع قلبها تبكي منهارة والمشهد يجسد بالنسبة اليهم فقدان الحياة ... ,ثم فجأه تدور الكاميرا لترى شخص ما ملثم بيده سلاح ناري يشبه البندقية يصوبه نحو خالها من خلال شرفة مكتبه ، وضعت يديها علي فمها تكتم شهقة بكاء ، بكت وكأنها علي وشك الموت نست بشان انها بمفردها تحت قبضة ذالك المتصابي ، ونست بشأن والدها الذي باعها وقبض ثمنها ، ولا يوجد الان بخاطرها سوى خالها وبقائه علي قيد الحياة ، ترجته تبكي ، تشعر بالقهر ، تشعر وكان احدهم يعتصر قلبها بيده
: الله يخليك ماتموتوش.. ارجوك انا هعمل اللي تقول عليه بس سيبه.. ماتموتوش ،
وغرقت بدوامه بكائها ،اما هو فقد نال اخيرا ما يريد ابتسم بانتصار يرفع الهاتف الي اذنه يهتف لمن بالجانب الاخر من الهاتف
باسم : ماتنفذش ..و تبقى تجيلي تاخد اللي اتفقنا عليه
لتغمض هي عيونها بارتياح فتتساقط الدموع اكثر علي وجهها المنير
غزالة عنيدة ،يراها هكذا ، وعليه اصتيادها لكن باسلوبه الخاص ،حيث محاصرتها من جميع الجوانب فلا تجد سوى انيابه مخرج لها فتأتيه راغبة في افتراسها دون ادني مجهود منه
_____________________________
وقف في غرفة مكتبه يسير يمينا ويسارا غاضبا ، خائفا
فصغيرته مختفية منذ الصباح ، يتحرك كليث غاضب يكاد يفتك بمن خلف اختفائها ،تجلس بالقرب منه زوجته حنان تقرأ القرآن وكتاب الله بين يديها ، تتضرع الي الله ان يردها اليها سالمة ، تدعوه ان يحفظها اين ما كانت ،تساقطت دموعها ، تبكي وذالك الشعور بالفقد لن يفارقها ،فحياة بالنسبة اليها نسمة الهواء الباردة التي اهداها اياها القدر لتثلج بها قلبها المحترق ، اتاه اتصالا فاسرع بالرد يتسائل بلهفة قائلا
:لقيتها ؟...
لتغيم معالم وجهه حزنا ،يأسا ، غضبا ، حين اتاه رد الطرف الاخر ب "لا"
اغلق الخط ثم توجه الي الاريكة بجوار زوجته ، جلس يضع يده علي وجهه يستند بمرفقه الي ركبته ، ربتت حنان علي كتفه تواسيه قائلة
:باذن الله بنتنا هترجع انا واثقة في ربنا انه مش هيحرق قلبنا ،
نظر اليها يحبس دموعه بعينيه، يتهدج صوته قائلا
: دورت في المستشفيات.. الاقسام ..،مش موجودة ..مش لاقيها
وهنا قررت الدموع الحبيسه الفرار هربا من عينيه ,
____________________________
اقتربت سيارة الاجرة من الشارع الذي يقع به منزلها ومنزل منصور المنياوي ، تذكرت العصفور عندما مرت بجانب البنايه الخاصة بالعيادة البيطرية استأذنت سائق الأجرة بالتوقف وانتظارها بضع دقائق ، نزلت من السيارة متوجهه الي داخل البناية تتقدم بحرج فالليل علي وشك الدلوف، تبرر لنفسها بانها ستاخذ العصفور وترحل على الفور ، وفي هذه المرة استخدمت المصعد، توقف المصعد امام العيادة وجدتها مغلقة مرة اخري ،
شعرت بالحرج الشديد لا يوجد امامها سوى طرق باب منزل ذالك الطبيب ،بخطوات مترددة اتجهت نحو باب شقته تقدم قدما وتأخر الأخري ، ضغطت علي الجرس مرة وانتظرت قليلا ،... علي الجانب الاخر نظر "حمزة" بعين الباب ليقول في نفسه ، حسنا هي لديها ببعض الذوق .
انتظرت سارة بضع دقائق في توتر تام تلوم نفسها علي ما تفعل ، لم يستجب احد لطرق الباب ،فهمت بالرحيل عاقدة النية ان تأتي له صباح غد في موعد العيادة ، استدارت تعود ادراجها ففتح الباب فجأة ، التفتت فإذا بامرأة عجوز يبدو عليها الكبر متكئة على عصا خشبية ، ظنت سارة انها اخطئت في شقة الطبيب لتنظر خلفها مرة اخري تتاكد من مكان العيادة متذكرة مقابلتها الاولي معه ،فهو خرج من تلك الشقة ، نظرت لها السيدة تبتسم بحنو قائلة
:هي ...هي شقة دكتور حمزة
تحمحمت سارة باحراج ثم القت السلام فدعتها السيدة للدخول لكنها رفضت بشكل لائق
سارة : انا اسفة اني جيت في الوقت ده بس في الحقيقة انا ااا ..عاوزة العصفور
السيدة : ولا يهمك يابنتي
اومأت سارة بابتسامة لتلك المرأة التي يبدو عليها الطيبة والوقار في نفس الوقت
اردفت السيدة : حمزة ..قصدي دكتور حمزة مش موجود ،تقدري تجيله في ميعاد العيادة الصبح
شكرتها سارة ثم عادت ادراجها الي السيارة .
اما السيدة فاغلقت الباب ثم استدارت الي حمزة تلكزه بعصاها الخشبية قائلة
: بقي علي اخر الزمن تيجي انت ياابن عفاف وتخليني اكذب في السن ده ..
حمزة متأوها يصتنع الالم
:خلاص ياتيتا هتكسري رجلي .انا اسف ياستي وادي راسك ابوسها
مال يقبل راسها معتذرا ، زفرت تفيدة قائلة
: استغفر الله العظيم من كل ذنب ..انا مش عارفه ايه اللي بيخليني اطاوع عيل زيك
حمزة بصدمه متسع العينين مشاورا الي نفسه قائلا
: انا عيل ..انا عيل ياطوفي
تفيدة بااستنكار : اه عيل وستين عيل كمان وبعدين تعالي هنا انت ماقبلتهاش ليه ، جبتني علي ملى وشي افتح الباب ، ؟
لتجذبه من احدى اذنيه قائلة
:ماادتهاش العصفور بتاعها ليه ؟
حمزة متأوها بجد
: ااااه ياتيتا ودني ودني هتطلع في ايدك
تفيدة : مش سايباك غير لما ترود عليا
حمزة: هقولك والله هقول بس سيبي ودني
تركت تفيده اذنه ، ففركها حمزة سريعا مخففا الالم الناتج من اصابع تفيدة قائلا
:تيتا ..صوابعك دي ولا كماشه ؟
ضربته تفيدة مرة اخرى بعصاها الخشبية قائلة
: رود عليا .. في ايه وايه قصة البنت دي ؟
حمحم في حرج قائلا
: اااا ..دي واحدة جابت العصفور بتاعها الصبح وكان مصاب وسابته ومشيت
نظرت له تفيدة ترفع حاجبها الايسر قائلة ببرود وكانها تخبره ان يأتي بالمفيد
تفيدة: وبعدين؟
نضر لها حمزة يتصنع القهر ثم قص حمزة عليها ماحدث صباح اليوم
حمزة :عرفتي؟..انا بقى عاوز اعرف ايه حكايتها ماهي لاما مجنونة لاما مجنونة
تفيدة وهي تفكر :بس شكلها واسلوبها مابيقولش انها مجنونة
ثم اردفت تبتسم ابتسامة حالمة
:دي زي القمر
اذدرد حمزة ريقه قائلا بارتباك
:وانا مالي انا زي القمر ولا زي الشمس
نظرت له تفيدة بجانب عينيها ترفع حاجبها وكانها تخبره انه يكذب ، نهض حمزة سريعا يخفي توتره قائلا
:انا رايح انام تصبحي علي خير ياطوفي ،
وطوفي هو مايلقبها به دائما توجه الي غرفته عازما علي معرفة قصة تلك الفتاة ذات العصفور الرمادي..
اما جدته فنظرت له تبتسم وهو يدلف الي غرفته، تتمني له السعادة .
_____________________________________
جلست في الغرفة التي خصصها لها منذ اختطافها ،تبكي ، تشعر وكأنها تلفظ انفاسها الاخيرة ، لاحيلة لديها ولامخرج ،سوى باب واحد فقط باب لايغلق قط ، نهضت متوجهة اللي الحمام الخاص بالغرفة توضأت ، ووقفت بين يدي الله تدعوه وتتوسل اليه ببكاء ..عجز ..قهر ،
: يارب يارب نجيني.. يارب ماليش غيرك يساعدني ..ابويا اتخلي عني وبعني ..وحياة خالي في خطر .
اشتدت وتيرة بكائها
:هيموت بسببي ..يارب نجيني منهم يارب
وفجأة مالت علي الارض لم تشعر بالعالم حولها، فقدت وعيها
_________________________________
وصلت سارة الي منزل منصور فتحت لها الخادمة فسألتها عليه فاجابت الخادمة انه بالمكتب توجهت بخطواتها نحو باب المكتب طرقته فاذن لها بالدخول ،دلفت الي المكتب فرأته يستند بمرفقيه علي سطح المكتب واضعا كفي يديه علي وجهه تعجبت فمنصور دائما يجلس في شموخ وهيبة لكنه الان منكسر يبدو عليه الحزن
سارة :السلام عليكم
رفع منصور نظره اليها ابتسم بشحوب
:وعليكم السلام
سارة معتذرة :اسفة ياانكل اني اتصرفت من غير ماارجع لحضرتك
اومأ لها منصور ، يفرك وجهه في تعب قائلا
: مش عاوزك تعملي حاجه من دماغك تاني ...انا بعتلهم شاكر المحامي من يومين ..يتكلم معاهم بالحسنى الاول.
اومأت له سارة في ابتسام وهي تمسح ماعلق بعينيها من دموع تشكره
:متشكره اوي يا انكل
لاحظت حزنة البادي علي وجهه
سارة :مالك ياانكل حضرتك تعبان
نفي منصور برأسه قائلا بانكسار
: حياة
خفق قلبها بشدة خوفا علي صديقتها فوجه منصور لا يبشر بخير
سارة وهي تبلع غصتها قائلة
:مالها ..حصلها حاجه
منصور وهو ينهض واقفا
: حياة مختفيه من الصبح .. تقريبا من ساعة ما سيبتيها
وضعت سارة يدها علي فمها تكتم شهقة صدمة، اتسعت عينيها قائلة
:ازاي ..انا سبتها قدام الكليه بعد الامتحان علي طول وقالتلي انها هتستنى حضرتك
زفر منصور في تعب وحيرة
سارة بدموع : طب مابلغتوش البوليس ليه ياانكل
منصور : ماينفعش لازم علي الاقل يعدي 24 ساعه من الاختفاء عشان نعمل بلاغ ..، كلمت معارفي وبيدورو لحد دلوقتي مالهاش اثر لا في مستشفي ولا قسم ولا حتي ...
وصمت ،لم يستطيع لسانه علي نطقها ،و لا عقله علي تصورها ، ...فقدها هو تماما بمثابة فقد حياته .
جلست سارة علي الاريكة تبكي ، دلفت حنان الي المكتب راتها تبكي فاسرعت اليها ودموعها تسبقها اخذتها بين احضانها تربت علي راسها قائلة ببكاء
:هترجع ..باذن الله هترجع
_____________________________________
دلف الي داخل القصر متجها نحو مكتب والده طرق الباب ثم دخل فنظر له والده يدعوه للجلوس قائلا
:تعالى يا قصي كويس انك جيت
قصي وهو يجلس علي الكرسي امام المكتب
قصي:خير يا بابا
عبد السلام : اعمل حسابك ان انت اللي هتسافر مصر
اعتدل قصي في جلسته يسأله
: ليه؟..حضرتك تعبان ؟
ابتسم عبد السلام بحزن قائلا
: شوية ..لكن مش هقدر علي السفرية دي
قصي :طيب نأجل لحد ما حضرتك تبقي مستعد
عبد السلام بجد : مش هينفع ..التزمنا معاهم خلاص وماينفعش نرجع ممكن نخسر ثقة العميل ، عشان كده انت اللي هتسافر
اومأ قصي بعينيه قائلا
:اللي تشوفه حضرتك ..بلغني بمعاد السفر قبلها عشان اجهز.
ضيق قصي مابين حاجبيه في اندهاش عندما اتاه رد والده قائلا
عبد السلام : بكره
قصي :بكره ؟.. ازاي ؟ في شغل كتير في الشركة لازم يخلص قبل السفر
عبد السلام وهو ينهض يدور حول المكتب ليجلس علي الكرسي المقابل لقصي .
عبد السلام: انا هتولي مسؤليه الشغل اللي هنا وهاخد عمر معايا يساعدني
انتبه عدي عندما ذكر والده اسم اخيه والتمعت في راسه فكرة
قصي : اللي تشوفه حضرتك ..بعد اذنك الحق اجهز
اومأ له عبد السلام ونظر في اثره بشرود
-------------------------------
خرج قصي من باب المكتب متجها الي جناحه الخاص ..عزلته ..محراب آلامه ، ذكرياته المظلمة
دلف الي جناحه ، اخذ حماما ، وارتدى ملابسه ، تيشرت اسود بدون اكمام وبنطال رمادي سمع طرق الباب فاذن للطارق بالدخول التفت فتفاجأ بوالدته امامه تنظر له في جمود نظر لها ثم ولاها ظهره يعبث بهاتفه غير مباليا بوجودها ،فهي من صنعت ذالك الفتور بينها وبين ولدها ، اقتربت بخطوات بطيئه تجلس على الفراش ، الصمت يعم المكان لم يقطعه سوى صوت قصي يتسائل قائلا
: خير.. يا تري ايه سبب الزيارة المرة دي؟.. في تعليمات جديدة؟
نظرت له والدته بثبات قائلة
:لا مافيش هو انا مش امك ولا نسيت ؟..،من حقي اجيلك في اي وقت
ابتسم قصي بسخريه قاتمه ..سخرية مريره . سخرية تحمل فوق عمره عمرا آخر قائلا
:لا ما نسيتش.. مانستش انك امي ..بس ياريت حضرتك ماتنسيش اني ما بقتش العيل الصغير.. اللي لما كان يجيلك جري وهو خايف يترمي في حضنك.. تاخديه تحبسيه في اوضه ضلمه لوحده ..العيل الصغير اللي حكمتي عليه ما يقربش من اخواته ..لا يلعب معاهم.. ولا ياكل معاهم ، ولا حتي يتكلم معاهم
لا يعلم لماذا رأي في عينيها نظرة انتصار ،
اقترب منها واضعا يديه في جيوب بنطاله ، يقف امامها وهي جالسه علي الفراش امامه
قصي وهو ينظر لها بتحدي قائلا
: و برغم من محاولاتك تفرقينا .. لكن ماقدرتيش
اشتعل الغضب بعيني زهيرة ،نهضت كالبركان خارجه من الجناح صافعة الباب خلفها بقوة .
اما هو تمدد علي فراشه نصف جالسا ..منكسرا . بداخله حزن دفين ،لا يدري لماذا تفعل والدته تلك الافعال ، يتذكر حنانها ودفئ احضانها ولعبها معه واستيقاظه بين يديها كل صباح يتذكر جيدا
Flash back
استيقظ لم يجد امه بجواره نزل من فراشه الصغير متجها نحو غرفة والدته خائفا فهو معتاد دائما علي النوم بين احضانها الدافئة فتح الصغير الباب ودلف يبكي ، يوقظ امه قائلا
:مامي ..مامي ..مامي اثحي
استيقظت والدته من نومها وقبل ان تفتح عينيها ضمت الصغير الي احضانها تطمئنه قائلة
: مالك ياحبيبي بسم الله الرحمن الرحيم ،اهدي
توقف الصغير عن البكاء قائلا
:ماتسبينيس تاني انام لوحدي.. نامي جمبي
ضمته اكثر الي احضانها تقبله قائله بلهفة
:حاضر.. حاضر ياحبيبي انا اسفه ..انا اسفة
قبلته ،و ظلت تمسح علي شعره حتي غط في نوم عميق مطمئن بين يدي والدته
Back
اغمض قصي عينيه بتعب لا يعلم لماذا تغيرت والدته للنقيض تماما ،خاصة معه ،ذالك الدفء تلك الطمأنينة كم اشتاق اليهم .. اشتاق الي احضانها وهي تربت علي شعره ..اشتاق كثيرا .. يفتقد ذالك الاحساس بالامان ..بالانتماء . يفتقده كثيرا ، رغم وجوده بينهم .
التقط هاتفه يجري اتصالا ما
قصي : جو ..حبيبي
يوسف بفرحه : قصي الزيني ؟..مش معقول
قصي وهو يعتدل جالسا : واحشني والله ..اخبارك ايه ؟
يوسف علي الجانب الاخر من الهاتف :انا تمام ، انت اخبارك ايه؟ ..
قصي وهو ينهض متوجها الي الشرفة : جايلك بكرة
يوسف متفاجئا : بتتكلم جد
قصي ضاحكا : وانا من امته بهزر معاك ..
ليضحك يوسف بدوره علي الجانب الاخر قائلا
: عارف ..واحشني والله ياصحبي ..
قصي بابتسامه: وانت كمان
يوسف متسائلا : اقامه ولا شغل ؟
ليجيبه قصي : لا شغل
يوسف: توصل بالسلامه ..هتلاقيني مستنيك ابعتلي معاد طيارتك
ثم انهي قصي المكالمه بعد ماارسل له وقت وصول طائرته الي مصر ، ثم توجه الي مكتبه ينهي بعض الاعمال ..
___________________________________
تقف علي حافة جبل اسفلها بحر هائج تتلاطم امواجه ببعضها بعضا مقيدة باصفاد من حديد ،خلفها والدها ينظر اليها يبتسم بشر ، رفع قدمه ليدفعها بها ، سقطت من الحافة الي البحر ، صرخت صرخة استغاثة تردد صداها في الارجاء ، ارتطم جسدها بامواج البحر الهادرة تعلو وتهبط لا تسطيع رف يديها فهي مقيدة تكاد تخنقها مياه البحر رات صورة خاطفة لوالدها يقف اعلي الجبل ينظر إليها لا يبالي بغرقها ..بسقوطها ..بموتها ، اختلطت ملوحه دموعها بملوحة ماء البحر شعرت بروحها تفارق جسدها تلفظ نفسها الاخير استسلمت لمياه البحر تتلقفها باحضانها تجذبها نحو القاع .. استيقظت فجأة تتنفس بصعوبة وكانها كانت تغرق بالفعل وجدت نفسها مازالت علي الارض مكان سجودها استغفرت ربها ونهضت تعدل من حجابها متوجهه الي الفراش نظرت الي السماء من النافذة المفتوحه تدعو الله في صمت ودموعها ترسم مسارها الخاص علي وجهها
________________________________
دلفت جارتها مسرعة اليها في فرح شديد
ام ورد : ام مصطفى ياام مصطفى
نظرت لها عليا وهي ممددة علي فراشها دعتها للدخول ، اقتربت ام رود منها متلهفة لاخبارها بما علمت
ام ورد في فرح ؛ اسكتي مش لاقيت الناس اللي بتدوري عليها
انكمشت تعابير وجه عليا بتأثر ،بكت تشكر الله قائلة
:الحمد لله يارب انك نولتني اليوم ده الحمد لله
ام ورد وهي تربت علي كتفها قائلة
:وحدي الله يااختي ..خليني احكيلك عرفت ازاي مكانهم
اصتنطت اليها عاليا لتكمل ام ورد حديثها
: ما تأخذنيش يااختي انا بصراحة حكيت للبت ورد بنتي علي موضوعك بس ماتخافيش انتي عارفة ورد ،ده انتي اللي مربيها ، لايمكن تطلع حرف بره .. المهم
جلست ام ورد بجوار عليا علي حافه الفراش ثم اردفت
:بعد ما قولتلها قالتلي انها تقدر تساعدني وتجيب اسمه من ابصر ايه ده الفيس توك والله منا عارفة اسمه ايه ، المهم اديتها الورقة اللي اديتهالي وخدت الاسم حطته علي تليفونها قام طلعلها كل المعلومات عنه ..طلعو ناس عليوي اوي يااختي من اللي بنشوفهم في التلفزيون
عليا وهي لم تتوقف عن البكاء ،ربتت علي قدم جارتها قائلة
:ربنا يخليكي ليا يا ام ورد ..مايحرمنيش منك يااختي
ام ورد :علي ايه بس ده انتي جمايلك مغرقانة ،المهم ..انا قولت للبت ورد تكتب المعلومات دي في ورقة عشان نعرف نوصله
شكرتها عليا مرة اخرى ، ثم استاذنت ام ورد ووعدت عليا انها ستذهب بنفسها لتوصل الامانه
بكت عليا ،تحمد الله انها مازالت علي قيد الحياة بكت و الدموع تغرق وسادتها ، دموع الندم دموع التوبة ، دموع الرجاء ..الرجاء من الله تعالى ان يغفر لها ذنبا يؤرق مضجعها ٢٥ عام ،ذنبا تعتقد انها كفرت عنه في حياتها و حياة ولدها وتتمني ان يغفره الله لها...
__________________________
مر الليل عليهم كانه دهر لم تغفو عيونهم للحظة واحدة بكاء و دعاء وتضرع اللي الله ان يحفظها ويردها اليهم سالمة .
وعلي البعض الآخر مر كالخلاص كالأمل كالانتصار ,كالظفر .
اما هي فلا تراه يمر مطلقا، جلست علي الفراش تلف ذراعيها حول قدمها تستند برأسها علي ركبتها غارقة في دوامة دموع لاتنتهي، استمعت الي طرق الباب فانتفضت مزعورة ناهضة عن الفراش واقفة علي قدميها سار الخوف بجميع اوصالها ، قبضت بكلتا يديها علي ملابسها اعلي صدرها في حركة تبعث لها حماية مزيفة .. تحرك مقبض الباب ببطء ..اتسعت عينيها علي آخرهما ، تشد قبضة يدها أكثر علي ملابسها ..سوط ..خفقات عبارة عن سوط ضرباته تدمي قلبها ..تزلزله.. .
ترتعش خوفا .. تتنفس بصعوبة ، تشعر وكأن الهواء نفذ من الغرفة .. سكنت سكون الموتي ..عندما فتح الباب ودلف....