رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل التاسع 9 بقلم دينا جمال


 رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل التاسع بقلم دينا جمال 


توقفت سيارة الأجرة أمام كورنيش النيل ، نزل منها ليفتح لها الباب الخلفي لتنزل هي الأخرى ، دس يده في جيب سرواله يخرج حافظته دفع النقود للسائق ، التفت لها يردف متضايقا :

- أنا مش عارف أنتِ ليه اصريتي ننزل عند الكورنيش ، ما كنت أوصلك لحد البيت الساعة دلوقتي عشرة ونص 

ابتسمت تهز رأسها نفيا لتتركه وتتجه صوب سور الكورنيش العالي تستند عليه بمرفقيها ،ليقترب منها وقف جوارها ينظر للمياه في العتمة كيف تبدو داكنة حالكة السواد ، حتى ضوء الأعمدة التي تنعكس عليها تبتلعه بلا أثر له ... التفت طرب لرعد وابتسمت تشكره :

- متشكرة يا رعد على اليوم الجميل دا أوي بجد مش عارفة اشكرك إزاي 

ابتسم يشعر بالحرج من الموقف برمته ، التفت لها يغمغم مبتسما:

- قوليلي يا طرب ، أنتِ ناوية على إيه أو هتعملي ايه في حياتك أو بتعملي إيه دلوقتي 

ارتبكت من سؤاله المباغت لتحرك كتفيها لأعلى كأنها تخبره أنها لا تعلم لتردف حائرة:

-مش عارفة ومش عايزة أعرف ، أنا عيشاها بالطول وبالعرض ... أنا ما بحبش اختلط بالناس عشان كدة ما بشتغلش ... خالتي بتاخد معاش عن جوزها وأنا أبويا الله يجحمه كان سايب مبلغ كبير بعد موته مش كبير أوي يعني بس أهو كويس وأنا اصلا مصاريفي مش كتير

ثم نظرت لساعة يدها قبل أن يباغتها بسؤال آخر وهي لا طاقة لها لتخترع أي كذبة أخرى الآن لتغمغم سريعا:

-رعد أنا اتأخرت أوي ولازم أروح ، تعبتك النهاردة أوي معلش آخر حاجة وقفلي تاكسي

اومأ لها سريعا ليوقف لها سيارة أجرة ، اقتربت منه ابتسمت تهمس له:

-بجد والله انت تعبت جداا كفاية عليك دا ، وأنا مشواري قريب مش بعيد ما تعطلش نفسك 

تنهد يومأ لها دس يده في جيب سرواله يخرج النقود ، انحني على نافذة السائق يعيطه النقود يغمغم:

-وصل الآنسة للعنوان اللي هتقولك عليه 

واستقام يلوح لها يودعها إلى أن اختفت من أمامه ولم يبقِ سوى طيف ابتسامتها العذب ، تنهد بعمق يُوقف هو الآخر سيارة أجرة يخبره بعنوان منزله 

استندت برأسها إلى الأريكة تغمض عينيها متعبة ، لاح على ثغرها ابتسامة جميلة حين تذكرت تفاصيل اليوم الذي لن تنساه أبدا ...رعد هو الرجل الذي لم تقابله قبلا ، هو الأيقونة التي ظنت انها اختفت يكفي أنه طيب لم يدع هناك رجلا طيب الآن ... لا تفهم لما يود ذلك الشيطان أن يدمره ، ما ذنبه هو ، المسكين لم يفعل لهم شئ ... اجفلت على صوت رنين هاتفها والمتصل كان مهاب كما توقعت ، فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها لتسمع صوت الموسيقي العالي وصوته وهو يغمغم يتعجلها :

-أنتِ فين يا نجمة دي الصالة كومبليت والجمهور مستني النجمة 

تأففت تبعد الهاتف عن أذنها إلى أن انتهى مما يقول لتضعه على اذنها من جديد تغمغم :

-لاء قولهم النجمة تعبانة ونايمة أنا مش جاية النهاردة يا مهاب ومن غير سلام

أغلقت الخط في وجهه تتنفس بعمق مجرد سماع صوته يشعرها بالاشمئزاز ... أوصلها السائق إلى منزلها لتجده يلتفت إليها يعطيها باقي النقود :

-باقي فلوس الأستاذ يا آنسة

ورقة واحدة بمئة جنية كانت الباقي .. مدت يدها تأخذها منه لتخرج من السيارة صعدت درجات السلم قبل أن تقف فجاءة تقرب الورقة من أنفها لتشتم رائحة عطر رعد العالق بها ، ابتسمت تضع الورق بحذر في محفظتها ... وصلت لباب شقتها وقبل أن تفتحه فُتح من الداخل وظهرت تهاني ووجهها يشتغل غضبا ، قبضت على ذراع طرب تجذبها لداخل الشقة تصفع الباب بعنف قبل أن تلتفت إليه تصرخ فيها بعلو صوتها:

-بقولك ايييه يا بت تتسرمحي تمشي على حل شعرك ، تباتي كل يوم في حضن راجل شكل  ، كل دا ما يفرقش معايا ... أنا اللي يفرق معايا أنك تروحي الصالة والفلوس تجيلي يا أما هحسبك بوصل الأمانة وارمي أختك المشلولة دي في الشارع 


لم تتحمل تلك الإهانة أبدا ، طرب هانم كان تأمر ويجاب لها ، تلك الخادمة كانت تحت إمرتها والآن تقذفها باسوء الكلام رمت الحقيبة من يدها بعنف نفرت عروق جسدها غضبا وصوتها يجلجل :

- أنا مش شمال عشان تقولي عليا بنام كل يوم في حضن راجل ، أنا طرب المهدي ... اللي كنتي بتجري عليها تقوليلها تؤمري بحاجة يا طرب هانم ، لحد ما دخلتي يا حية بينا وفرقتي شمل العيلة ...وموتي أبويا بحسرته وأمي قبله ، وعمي عُدي بيه ما صدق يخلص مننا ووقعت تحت رحمة حية زيك ، بس صدقيني يا تهاني كل حاجة وليها نهاية ، ما شبعتيش فلوس ، 3 سنين بعري جسمي كل ليلة عشان اقفل بوقك اللي ما بيشبعش دا 


شعرت تهاني بالخوف لا تنكر وقفة وتر وصوتها الغاضب ذكرها بأبيها جلال المهدي كان رجلا يُخاف فقط من سماع صوته ، ولكن الصغيرة تظن أنه بإمكانها إهانتها بتلك البساطة ، رفعت يدها تود صفعها لتقبض طرب على ذراعها قبل أن يلامس وجهها ، اقتربت منها تهسهس تحذرها :

-إياكِ يا تهاني ، عمر الخدم اللي زيك ايدهم تترفع علينا ، أنتِ مهما طلعتي ولا نزلتي هتفضلي الخدامة اللي كانت عندنا بتنضف البيت وياريتك كنتِ خدامة شريفة محترمة حافظة كرامتها ، أنتِ حية وصدقيني أنا اللي هقطع رقبتك 

ودفعتها للخلف ودخلت إلى غرفتها ، تغلق الباب عليها ... نظرت أمامها لترى مليكة أمامها تفتح ذراعيها إليها تبكي ... لتهرع طرب إليها تعانقها تبكي قهرا على ما فعله بها الزمن


أما تهاني بالخارج فكانت تشتاط غضبا ، انتزعت هاتفها تطلب رقم عدُي ما أن أجاب بادرت تصرخ فيه :

- عُدي بنت أخوك رجعت ضوافرها تطول تاني ، تيجي تقصهالها ولا هولعلك فيها وأهد خطتك على دماغك .. ماليش فيييه في الغردقة ولا في أي نيلة تجيلي يا عُدي ، ماشي وأنا هستناك

أغلقت معه الخط تنظر صوب غرفة طرب المغلقة تكاد تنفجر غضبا 

_______________

أما عند رعد فطوال الطريق لم تفارق الابتسامة شفتيه يتذكر كل تفاصيل اليوم منذ البداية إلى النهاية ، ابتسامتها صراخها وهي تلعب ... شعرها وهو يتطاير حين تركض أمامه تشير له إلى أحدى الألعاب ، اجفل يحرك رأسه للجانبين يغمغم في سره سريعا :

- استغفر الله العظيم ، أنا معاكِ بعمل أكبر ذنب في حياتي يا طرب 

وصلت سيارة الأجرة ليعطي رعد السائق نقوده ، تحرك يدخل إلى المنزل .. ليجد والديه في انتظاره هرعت رؤى إليه ما أن رأته تغمغم متلهفة قلقة :

-رعد الحمد لله يارب أنك بخير ، كنت فين يا ابني أنا كنت هتجنن من القلق عليك وبتصل بيك موبايلك مقفول 

ابتسم يقبل جبينها يغمغم يطمأنها :

-معلش يا ست الكل قلقتك بس كان عندي مشوار مهم 


- مشوار ايه اللي من سبعة ونص الصبح ل11 ونص بليل ، الحرس قالولي أنك خارج الساعة سبعة ونص ، شركة حمزة النهاردة قافلة 


صدح صوت جاسر غاضبا ، لينظر رعد إليه يبتسم لامباليا يردف بهدوء :

-أنا قولت لحضرتك كنت في مشوار ما قولتش إني كنت في الشركة ومشوار خاص بيا عشان لو حضرتك عايز تعرف ايه هو

وختم كلامه بابتسامة صفراء جعلت الدماء تشتغل في رأس جاسر ، كور قبضته يشد عليها يبتلع غضبه مرغما في حين ابتسم رعد لوالدته يقبل جبينها يغمغم :

-أنا هلكان تصبحي على خير يا ست الكل 

وتحرك يتجاوز والده يكمل طريقه لأعلى ، لينظر جاسر في أثره ومن ثم خرج للحديقة أخرج هاتفه من جيب سترته وضعه على أذنه يغمغم سريعا :

- اسمعني يا مسعد ، من بكرة عايزك تبقى ورا رعد زي ضله ، من غير ما يحس بيك ، من سبعة الصبح تكون قدام باب الفيلا ، وزي ما قولتلك على الله يحس بيك أو يعرف أنك بتراقبه

___________

على صعيد آخر في منزل ياسر ونرمين ، في صالة المنزل ترى العائلة بأكملها مجتمعة سما الابنة الكبرى وزوجها مصطفى ذلك الرجل الذي تجاوز الثلاثين بستة أعوام مديد القامة ، خصلات شعره قصيرة خفيفة ، أسمر البشرة ، لديه شارب ولحية قصيرة لا تتخطى حدود وجهه مصففة بعناية ، وحفرتين في وجنتيه كلما ابتسم ظهرتا ، وأسنان بيضاء يعمل جيدا على نظافتها لتظل تبرق ... والطفلين تميم صاحب السبع أعوام وكيان صاحبة الأربع أعوام تلك الجميلة نسخة مصغرة عن والدتها حين كانت في مثل عمرها ... الصغيران هناك عند جاسر يلعبان معه أما نرمين لم تنفك تسأل سما عن أحوالها تستمع منها إلى تفاصيل ما حدث لها في فترة سفرهم ، وياسر يحادث مصطفى في امورٍ ستى لم يتبقى سوى أريج ماذا كانت تفعل ، في المطبخ تُعد العصير لهم .. تشعر بقلبها يدق بعنف ويديها تتعرق وجسدها يصبح باردا شيئا فشئ ، مصطفي يجلس بالخارج ... مصطفي هنا بعد طول غياب ... الرجل الذي أحبته منذ أن كانت مراهقة في الخامسة عشر ، لم تكن في البداية تراه سوى شقيقتها ولكن اهتمامه بكل تفاصيل حياتها في الوقت الذي أغلقت نرمين والدتها عليها جميع الأبواب خوفا عليها لسبب تجهله ، دخل هو من الباب الوحيد المفتوح الذي لن يشك فيه أحد ، زوج شقيقتها ذلك الشاب المحترم الخلوق صاحب الشهادات العالية والوظيفة المرموقة لن ينظر أبدا لشقيقة زوجته الصغيرة ولكنه فعل ، دس لها السم في العسل فأكلته دون أن تعلم ، انتفضت حين رأته يمر من أمام باب المطبخ متجها إلى المرحاض في نهاية الممر ، غاب لعدة دقائق لتحمل هي صينية المشروبات تخرج إليهم ما أن خطت خطوتين داخل الممر سمعت صوته يأتي من خلفها يهمس لها :

- ما تناميش استنيني 

ومن ثم ضحك يعلو بصوته ليسمعه من بالخارج :

- هاتي يا بنتي الصينية دي تقيلة عليكِ 

ارتجفت حين أن يلامس يدها وهو يأخذ منها صينية المشروبات غمزها بطرف عينيه وتحرك يسبقها ، دخل إلى الصالة ليضع صينية المشروبات على إحدى الطاولات نظر لساعة يده ليعاود النظر إلى زوجته يغمغم :

-مش نقوم نروح بقى يا سما الساعة داخلة على 12 

هبت نرمين تغمغم سريعا ترفض ما يقول :

- ايييه لاء طبعا ، انتوا لسه واصلين يا إبني بعد رحلة طويلة وبعدين شقتكوا بقالها كتير مقفولة وأكيد هتبقى متبهدلة ، باتوا معانا النهاردة والصبح أنا هبعت ست طيبة بتساعدني تنضفها ، وبعدين دا انتوا المفروض تقعدوا أقل حاجة شهر وبعدين ترجعوا شقتكوا ولا ايه يا ياسر 

نظر ياسر إلى زوج ابنته يغمغم يعاتبه :

- دا المفروض يعني ، على الأقل أسبوع ، مصطفي مش غريب دا صاحب بيت عشان لازم نعزمه 

ابتسمت سما لنرمين تلك السيدة لن تلاقي في حنانها ما حيت أبدا ، أما مصطفي فابتسم داخله كان على أتم ثقة أن ذلك سيحدث 

ربتت نرمين على كف سما تغمغم :

-قومي يا حبيبتي أنتِ شكلك تعبان خالص من السفر ، وما تقلقيش على الولاد اوضتهم نضيفة وأنا هغيرلهم هدوم السفر وأنيمهم ، بس يتعشوا الأول 

ليصيح جاسر في تلك اللحظة متحمسا وكأنه طفل صغير :

-مين عايز بيتزاااا 

صرخت الصغيران يصفقان بسعادة لتهب سما تغمغم سريعا :

- لا يا جاسر بالله عليك ، كلوا في الطيارة وماما أكلتهم لما جينا ، أنت عارف ماما بتبقى عايزة تعشيهم عشر مرات ، خلي البيتزا أو أي أكل تاني لبكرة 

اومأ جاسر لها يكمل لعبه مع الصغيرين ، ليتحرك مصطفى صوب سما لف ذراعه حول كتفيها يهمس لها متعبا :

-يلا يا حبيبتي ، أنا كمان تعبان ومش قادر أقف 

ابتسمت لها تودعهم تتحرك مع زوجها إلى غرفتهم تحركت سما إلى فراشها سريعا ما أن بدلت ثيابها تلقي بجسدها عليها تشعر بالانهاك ، نظرت لزوجها لتهمس له ناعسة :

- مصطفى معلش افتح حتة صغيرة من البلكونة الأوضة حر أوي

اومأ لها ليتوجه صوب الشرفة فتح بابها حتى الربع تقريبا ليعود إليها ليراها غطت في النوم ، سمع من الخارج صوت نرمين وهي تخبر الصغيرين إن الوقت قد حان ، الأصوات بالخارج بدأت تختفي شيئا فشئ ، إلى أن عم السكون تماما بعد ساعة تقريبا ، نظر جواره حذرا ليتأكد أن زوجته غطت في النوم ، بالطبع ستفعل بعد رحلتهم الطويلة المتعبة، قام من فراشه على أطراف أصابعه يخرج من غرفتها نظر حوله هنا وهناك الجميع نيام ، لن يراه أحد تسلل بخفة يتلفت حوله إلى أن وصل لغرفة أريج ، أدار مقبض الباب وفتحه يدخل سريعا يغلق الباب خلفه ، رآها أمامه مستيقظة تنتظره كما طلب منها ، أقترب منها يجذبها لأحضانه يهمس لها مشتاقا !:

_ وحشتيني يا أريج ، وحشتيني اوي اوي

أرادت أن تخبره أنها أيضا اشتاقت إليه ولكنها شعرت بأن عقدة ما قبضت على لسانها تمنعها من فعل ذلك ، تشعر بمرارة العلقم في حلقها تخنقها ، لاحظ مصطفى صمتها ليبعدها عنه يهمس متعجبا:

_مالك يا أريچ أنتِ مش مبسوطة أنك شوفتيني ولا ايه

حركت رأسها بالنفي سريعا ليردف هو :

_ اومال مالك ساكتة ليه كدة ، دا أنتِ وحشاني أوي أوي 

أعطته ابتسامة مرتعشة قلقة ، خائفة من أن يراهم أو يسمعهم أحد ... ليقترب منها أكثر يهمس :

_أنتِ خايفة حد يسمعنا ما تقلقيش الكل نايم 

لم تطمأن ، تشعر بداخلها أن هناك شيء سئ سيحدث ، تنهدت قلقة تهمس له :

_ مصطفى لو سمحت ارجع اوضتك أنا قلقانة وحاسة أن في حاجة هتحصل 

فكرة خروجه من هنا قبل أن ينال من أتى إليه مستحيلة ، كاد أن يطمأنها من جديد حين سمعا صوت دقات على باب الغرفة وصوت جاسر شقيقها يتحدث غاضبا من الخارج :

_ أريچ افتحي الباب دا ، مين معاكِ يا أريچ

توترت تنظر لمصطفى مذعورة ليشير لها أن تهدأ تماما ، في تلك اللحظة شكر سما داخله لأن جعلته يفتح الشرفة أشار للشرفة خلفها اقترب برأسه منها يهمس جوار أذنها :

-أنا هخرح من البلكونة اقفليها بعد ما أخرج

اومأت له سريعا تكاد تبكي من الخوف تحرك هو على أطراف أصابعه يخرج من باب الشرفة المفتوح ... لم تكن المسافة بين الشرفتين بعيدة إطلاقا فوصل للشرفة الأخرى بسهولة

أما أريج فتوجهت تفتح باب الغرفة بعد أن فتحت هاتفها على مقاطع الفيديو على فيس بوك ... فتحت الباب تغمغم غاضبة :

- في أي يا جاسر بترزع الباب كدة ليه وبعدين يعني ايه مين معاكِ في الأوضة إنت اتجننت 

لم يعيرها جاسر انتباها، بل دخل إلى الغرفة مباشرة فتح باب المرحاض يبحث فيه هنا وهناك ، فتح دولاب ثيابها وبحث أسفل الفراش ومن توجه إلى الشرفة ينظر هنا وهناك وإلى الأسفل فلم يجد أحد ، عاد للغرفة ليقبض على مرفق يدها شد أسنانه يغمغم غاضبا:

-مين كان معاكِ في الأوضة يا أريج أنا سمعت صوتك وحد بيرد عليكِ

توسعت حدقتيها لتنزع يدها من كفه ارتدت للخلف تصرخ فيه :

-لا دا أنت قعدتك مع المجانين ، جننتك رسمي أنت بتشك فيا ، أنت إزاي أصلا تفكر في كدا ، هكون جايبة راجل غريب البيت وكلكوا موجودين مثلا ؟!!

- في ايه أنت وهي بتزعقوا ليه ، اختكوا وجوزها لسه جايين من السفر ونايمين عيب كدة

غمغم بها ياسر محتدا ، لتقترب أريج منه طرفت عينيها الدموع تغمغم بحرقة :

- تعالا يا بابا شوف جاسر بيقول عني ايه ، جاسر بيقول ....

وقبل أن تكمل قاطعهم صوت مصطفى وهو يغمغم قلقا :

-في اي يا جماعة بتزعقوا ليه دي سما قامت مفزوعة من النوم 

نظر ياسر لهما حانقا ، ليتجه صوب مصطفي يغمغم ضاحكا يحاول تمرير الموقف :

-معلش يا ابني ازعجناكم وأنتوا جاين من سفر أريج وجاسر كالعادة بيناقروا بعض ... ادخل نام وأنا هدخل أشوف العيال ليكونوا صحيوا هما كان على الصوت ويتخضوا 

وتحرك ياسر إلى غرفة الطفلين ، نظر جاسر لشقيقته يتوعدها ليتحرك إلى غرفته ، وقبل أن يدلف إليها نظر لمحة سريعة صوب أريج ، ليراها تنظر إلى مصطفي قلقة ليبادلها الأخير بنظرة تطمأنها قبل أن يتحرك لغرفته ... حرك رأسه ينفض تلك الفكرة عن رأسه ، وعقله يخبره أن شرفة كانت مفتوحة أريج وشرفة أريج تلاصق شرفة شقيقتهم وزوجها وهي أيضا كانت مفتوحة ، نفض رأسه بعنف مستحيل طبعا أن يدع تلك الفكرة السامة تسيطر عليه ولكن .... لا لكن !!

______________

في صباح اليوم التالي قرابة الثامنة صباحا كانت مرام تتح ك بسيارتها إلى جامعتها وخلفها تتحرك سيارة شريف يعزم في نفسه على نيل سماحها ... ظل يسير خلفها بالسيارة إلى أن وصلت للجامعة في المرآب المخصص للسيارات صفت سيارتها ، منعه الأمن من الدخول حتى أراهم بطاقة تعريفه الرسمية فسمحوا له ، أوقف السيارة جانبا لينزل منها يخرج باقة ورود حمراء كبيرة وعلبة حلوى ، يتنفس بعمق .. يكره ما سيفعل ولكنه سبيله الوحيد لنيل سماحها 

رآها تقترب من باب خروج المرآب ليهرع إليها سريعا وقف أمامها يمنعها من التقدم ، توسعت حدقتيها حين رأته قبل أن تلف رأسها بعيدا عنها تحادثه حانقة :

-لو سمحت عديني بدل ما أنادي الأمن

حرك رأسه للجانبين بعنف يغمغم بابتسامة واسعة تحمل قدر كبير من الثقة :

- وأنتِ فاكرة أن الأمن هيقدروا يخرجوني دا أنا الرائد شريف علي 

هنا لاحظت مرام أنه يرتدي حلته العسكرية التي لا يكره شئ في حياته قدر ارتدائها خارج عمله ، ابتلعت لعابها تتحاشي النظر إليه ليمد يده يمسك يديها يعطيها الورد يطبق ذراعها عليه ، تنهد بعمق يحادثها بنبرة خافتة نادمة :

-مرام أنك عارف أنك زعلانة وحقك أنا نفسي ما أعرفش أنا عملت كدة إزاي ، إحنا نعرف بعض بقالنا قد ايه يا مرام عمري عملت كدة ... صدقيني كانت لحظة شيطان واقسملك مش هتتكرر تاني ، سامحيني بقى أنا لابس ميري مخصوص عشانك ... 

نظرت إليه حانقة لتملئ الدموع عينيها تحادثه غاضبة:

-بسببك بابا خد مني الموبايل واللاب وقالي أنه هيقفل كل حساب ليا على أي موقع ، ما كنتش صورة لست نور هانم تعمل كل دا 

صورة ! تراها فقط صورة ، صورة اهانت بها فتاة ، صورة زيفت واقعا لم يحدث ، صورة خدعت المئات ... تنهد لا يرغب في العتاب ليغمغم سريعا :

- أوعدك هخلي خالي يرجعهملك ومش هيحذف اي حساب ليكِ ... اقسملك هخليه يرجعهملك 

رفع يدها تمسح دموعها تهمس تسأله حَذِرة :

-بجد هتخليه يعمل كدة 

حرك رأسه بالإيجاب سريعا يمد يده لها بعلبة الحلوى يبتسم:

-بجد يا حبيبتي ، حقك عليا بقى أنا مش عارف أعيش وأنا عارف أنك زعلانة منى ... اقولك تعالي نفطر برة في اي مكان أنتِ عيزاه ، أنا معاكِ النهاردة كله ليكِ

ابتسمت سعيدة أخيرا سيعود هاتفها لها لتومأ له تأخذ علبة الحلوى منه ، أمسك شريف بيدها يصطحبها إلى سيارته يتنهد بارتياح حمد لله بأن المرآب كان فارغا ولم يرى أحد ذلك المشهد المبتذل الذي فعله ليراضيها ، ما أن جلست جواره في السيارة أخرج خاتمها من جيب سترته ، يضعها في إصبعها ... أمسك كفها يقربه من فمه يطبع صغيرة على كفها يهمس بنبرة شغوفة عميقة :

- أنا بحبك يا مرام ، بحبك يا حبة السكر اللي محلية حياتي 

ابتسمت خجلة تتوهج وجنتيها ، تخفض عينيها للحظتين فقط قبل أن ترفع رأسها إليه تغمغم متلهفة :

- شريف أنت وعدتني هتخلي بابا يرجعلي الموبايل

زفر متضايقا هو يحاول أن يعتذر منها يخبرها بمدى حبه لها وهي لا تفكر سوى في هاتفها 

اومأ لها يرسم ابتسامة باردة على شفتيه ، ترك يدها يدير محرك السيارة  ، يخرج بها من الجامعة التفت مرام له تسأله حانقة :

- والست نور هانم أخوها هيرجع من السفر وياخدها أمتى 

تغاضى عن طريقتها وهي تسأل يبرر أنها فقط تشعر بالغيرة ... أوقف السيارة عند إشارة المرور ليلتفت إليها ابتسم يغمغم بهدوء :

- قريب يا حبيبتي ، وبعدين نور دي عيلة صغيرة عندها 17 سنة ، وبعدين يعني حد يبقى معاه القمر ويبص لنجمة صغيرة ، دي أخت صاحبي وأمانة عندي لا أكتر ولا أقل 


زفرت حانقة تحرك رأسها على مضض قبل أن تلتفت لشريف تغمغم غاضبة :

- بس مجرد ما أخوها يرجع يجي ياخدها وما نشوفش وشها تاني 

للمرة الثانية أمسك زمام غضبه من طريقتها وهي تتحدث يومأ لها ، ليتبدل غضبها في لحظة إلى ابتسامة كبيرة تغمغم متحمسة :

- يلا اطلع على مطعم ..... في الزمالك الفطار بتاعهم هايل 

ضحك يوافقها تلك المجنونة لا يتخيل حياته القادمة دون أن تلطخها بألوان شقواتها التي يعشقها .

____________

أوقف جواد سيارته في حديقة منزله بعد غياب عدة أيام عن المنزل سيستمع إلى وصلة طويلة من غضب والده ولكنه لم يعد يهتم .. نزل من سيارته متجها إلى الداخل من الغريب هدوء المكان ، سأل إحدى الخادمات عن والديه لتخبره :

-مرام هانم وعمرو بيه نزلوا من بدري ، والدة حضرتك قاعدة مع الآنسة ليان في الصالون 

قطب جبينه ترى ماذا يحدث ، تحرك صوب الصالون كاد أن يفتح بابه حين وصل إليه صوت والدته وهي تحادث ليان :

-اسمعي كلامي بس يا ليان ، إحنا لازم نبعدا اللي اسمها اماندا ولا ميرندا دي عن طريقه ، لو طبقتي اللي قولتلك عليه والله جواد بيحبك هو اصلا بيحبك بس عامل مش واخد باله ، الزفتة دي ساحرة عينيه باللي بتعمله ...ليان أنتِ عارفة إني بحبك زي مرام بالظبط وعارفة أنتِ بتحبي جواد قد ايه ، وأنا نفسي يسامحنى واخد منى موقف على حاجة ماليش ذنب فيها ، جواد لو المصيبة دي بعدت عنه هيبقى واحد تاني خالص والله


لاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة خبيثة ، الحمقى يظنون أنه من السهل خداعه ولكنه أحب اللعبة حقا أحبها ويريد أيضا أن يشارك بها وسيفعل ذلك دون أن يعلم أحد ... رفع يده يدق الباب ومن ثم دخل ليبتسم ساخرا يردف :

- اومال بابا فين 

زفرت روان حانقة تردف :

- ما فيش صباح الخير حتى ، عمرو راح الشركة من ساعة ، أنا هروح أجيب لليان عصير 


وتحركت تخرج من الغرفة ليلتفت جواد إلى ليان يبتسم ، اقترب منها حتى بات أمامها جلس على الطاولة أمامها يغمغم متعجبا :

-تصدقي أنك وحشتيني ، آه والله ما كنتش متخيل إني لو ما شوفتكيش كام يوم هتوحشيني دا أنا كان نفسي اخلص منك


توسعت حدقتيها لا تعرف أيجب أن تشعر بالسعادة أم بالإهانة والغضب مما يقول ، رأته ينظر لساعة يده ليعاود النظر إليها يغمغم سريعا :

- بقولك ايه ما تسيبك من العصير تعالي نلحق فطار ماك ونطلع على المكتب 


رمشت بعينيها لا تصدق ما تسمع منه ليرتعش جسدها بعنف حين أمسك بكف يدها يجذبها معه يغمغم سريعا :

- أنتِ لسه هتنحي يلا يا بنتي بقولك عايزين نلحق الفطار 

فتح لها باب سيارته لتصعد إليها في حين التف هو يجلس خلف المقود ، نظر إليها يردف ضاحكا :

- شكلك فظيع وأنتِ متنحة كدة ، لاء حقيقي وحشني هبلك أوي

للمرة الثانية تشعر بالإهانة وهو من المفترض أنه يخبرها بكلمات لطيفة ، عقدت جبينها متضايقة كيف يخبرها أنه اشتاق لها ويهينها في الآن ذاته ؟!!!

_____________

أما هناك حيث توجد طرب وملاك وتهاني 

انزعجت طرب في نومها تتململ متعبة تشعر بالصداع الشديد ، فتحت عينيها شيئا فشئ لتتسع حدقتيها ذعرا حين رأت عُدي من المفترض أنه عمها وشقيق والدها يقف أمام فراشها ، واللحظة التالية أدركت أنها ليست في غرفتها ... إنما في غرفة أخرى .. جسدها ثقيل للغاية وكأنه مُخدر ... اتسعت حدقتيها هلعا حين أدركت أنها ترتدي حلة رقص ويقف جوار الفراش رجل ضخم الجثة وتهاني تقف جوار عمها يلف ذراعه حول خاصرتها ، تركها عُدي ليقترب منها مال برأسه إليها يغمغم يعاتبها ساخرا :

-مش أنا قولتلك آخر مرة يا حبيبة عمو لما كسرت عضمك ، أنك ما تطوليش لسانك اللي عايز قطعه دا على تهاني تاني وأن المرة الجاية هزعل أوي ، وأنتِ عارفة أن عمو زعله وحش ، المرة اللي فاتت ضربتك واللي قبلها ضربتك ، واللي قبلها واللي قبلها بس شكله كدة الضرب مش نافع معاكِ ، أنا بقى هخليك ِ تبكي بدل الدموع دم على قلة أدبك ، يارب بس ما تحمليش بعد اللي هيحصل فيكِ

توسعت حدقتيها هلعا تزرف عينيها الدموع .. ليتحرك عُدي صوب ذلك الرجل الضخم يربت على كتفه يغمغم ساخرا:

- أنا هسيبك بقى تشوف شغلك وعندك كاميرا هناك اهي بتصور عشان نسجلها اللحظة الحلوة 


التفت لطرب يلوح لها بأطراف أصابعه يغمغم ساخرا :

- أشوف وشك بخير يا حبيبتي ، يلا يا تونة 

ضحكت تهاني عاليا تنظر لطرب شامتة قبل ان تلحق بعُدي يغلقان الباب عليها من الخارج ، لتجد ذلك الضخم يقترب منها حاولت حتى الصراخ ولكن لسانها رفض فقط سكبت عينيها الدموع ولا حيلة لها فيما سيحدث

التفت لطرب يلوح لها بأطراف أصابعه يغمغم ساخرا :

- أشوف وشك بخير يا حبيبتي ، يلا يا تونة 

ضحكت تهاني عاليا تنظر لطرب شامتة قبل ان تلحق بعُدي يغلقان الباب عليها من الخارج ، لتجد ذلك الضخم يقترب منها حاولت حتى الصراخ ولكن لسانها رفض فقط سكبت عينيها الدموع ولا حيلة لها فيما سيحدث ... ذلك الرجل المخيف الضخم يقترب منها ...شيئا فشئ بدأ جسدها يستجيب خوفا ودفاعا ، حفرت أظافرها في عنق ذلك الدنئ حين حاول تقبيلها ليصرخ من الألم ، دفع يديها بعيدا يحاول الاقتراب منها لتطبق أسنانها على وجنته حتى كادت تمزق لحمه صرخ من جديد  يصفعها بعنف يحاول تمزيق حلتها التي لا تكاد تستر منها شئ وهي تصرخ تحاول بإستماتة دفعه بعيدا عنها ولكنه لم يتزحزح خطوة واحدة فقط صفعها مرة بعد أخرى لتشعر بالدوار من الألم الدماء تنهمر من فمها وأنفها ... استغل هو حالة الدوار التي انتباتها لينزع عنه قميصه سريعا ، عاد إليها يقبض على كفيه داخل إحدى قبضتيه والاخرى تسافر على جسدها تلوثه ، صرخت تتلوى بقوة ، خاصة حين مزق جزء من حلتها 

لم تستلم ، الاستسلام لم يكن خيارا متاحا من الأساس ، ثنت ركبتها تدفعه في بطنه بعنف مرة تليها أخرى ليبتعد مرغما سقط على ركبتيه  يتأوه من الألم ، صرخ غاضبا ليقترب منها قبض على خصلات شعرها يصدم رأسها في عارضة الفراش ... في اللحظة التالية فُتح الباب وسمعت صوت تصفيق ورأت عمها يدخل إلى الغرفة أقترب منها يبتسم ساخرا يصفق بيديه يغمغم :

-برافو يا طرب حقيقي ابهرتيني ، أنا عرفت ليه الكلب اللي اسمه مهاب بيخاف منك 

أشار بيده إلى ذلك الحارس الضخم :

-اطلع برة يا مسعد خلاص

حدجها ذلك المدعو مسعد بنظرة حادة يتمني لو يطبق على عنقها ، أما عُدي فاقترب منها جذب مقعد يجلس جوار الفراش وضع ساقا فوق أخرى يغمغم ساخرا:

-ما كنتيش هخليه يغتصبك يا حبيبتي ، دا أنتِ بنت أخويا بردوا الله يرحمه ، يعني شرفي ... دي بس قرصة ودن 

اختفت ابتسامته من فوق شفتيه في لحظة ليقبض على شعرها يقرب وجهها منه طحن أسنانه يهسهس يتوعدها :

- أنتِ مش شغالة في شركة بابي عشان تصحي مكسلة ولا تقولي أنا out of mood فمش هروح الشغل النهاردة يا روح ماما ، فاهمة يا حبيبة عمك 

قبض على ذراعها يجذبها عن الفراش بعنف يخرج بها من الغرفة وهي جل ما فعلته أمسكت بما تبقى من ثيابها تحاول أن تغطي به جسدها ، خرج بها إلى الصالة حيث تجلس تهاني على أحد المقاعد تضع ساقا فوق أخرى دفعها بعنف أسفل قدمي تهاني يصيح فيها محتدا :

- اعتذري لستك تهاني 

رفعت وجهها تنظر لتهاني لترى الأخيرة ترميها بنظرة متشفية شامتة وابتسامة كبيرة تعلو شفتيها ، احتدت عينيها كورت قبضتها تشد على كفها بعنف تغمغم بحدة :

-على جُثتي !

وصرخت من الألم حين دفعها عُدي بساقه لتسقط على وجهها أرضا ، جل ما كانت تراه في تلك وتسمعه في تلك اللحظة هي نظرات تهاني وضحكاتها العالية ... جسدها يؤلمها وبشدة كل عظمة تصرخ من الألم ، لم يكتف عُدي بما فعل جذبها من الأرض بعنف يصرخ فيها :

- بقولك اعتذرليلها وتوطي على رجلها تبوسيها كمان 

تلك المرة هي من ضحكت ، رغم أنهت تشعر بأن فكها قد تهشم ولكنها ضحكت نظرت لتهاني لتعاود النظر لعُدي وجههت مقلتيها لعينيه الخبيثة ترفع رأسها لأعلى :

-طرب جلال المهدي ما تعتذرش لخدامة يا عمي 

ثارت أنفاس عُدي غضبا تلك الفتاة نسخة عن أخيه ، منذ أعوام وهو يحاول إخضاعها هشم عظامها عدة مرات ولا فائدة لا يعلم

من أين تأتي بكل تلك الشجاعة والقوة ، عينيها لم يرِ بها نظرة خوف واحدة رغم كل ما فعله بها ، شعر بالدماء تنفجر غضبا في رأسه والشياطين تتراقص أمام عينيه تسخر منه ، إن ظلت أمامه لحظة أخرى سيقتلها ، نظر صوب تهاني حين تشدقت ساخرة :

- خلاص يا حبيبي كفاية أنها اترمت تحت رجلي زي الكلبة ... ما توسخش أيدك بدمها 

ارميها في أوضة أختها ، هتلاقيها قربت تصحى من المخدر 

وفعل ذلك حتى لا يقتلها ، فتح باب غرفة ملاك يدفعها أرضا ، لتقف طرب سريعا تهرع إلى سرير شقيقتها لتطمأن عليها ... كانت نائمة كالملاك ، الشئ الجيد الوحيد فيما فعلوه أنهم خدروها حتى لا تستمع إلى صرخاتها ، احتضنت شقيقتها تبكي تنهمر دموعها تمتزج بدمها ، طبعت قبلة على جبين شقيقتها تغمض عينيها تجهش في البكاء 

أما في الخارج ، اضطجع عُدي إلى الأريكة يسند رأسه للخلف يغمض عينيه ، ليشعر بتهاني تحط برأسها على صدره ، رفع يده يحركها على شعرها يبتسم ، تلك الحية لولاها لما كان وصل إلى كل ما هو فيه الآن ، فتح عينيه ينظر لتهاني حين سمعها تهسهس حانقة:

-عملت ايه مع رعد ابن جاسر ، أدمن ولا لسه ... إحنا لازم ندمر عياله كلهم ونسيبه يموت بحسرته عليهم هو وست رؤى وعاصم وحلم دول أنا اللي هخلص عليهم 

ضحك عُدي عاليا ليرفع يده يلفها حول كتفيها يردف ساخرا:

-براحة يا توتة شوية عشان أفورتي أوي ، خلينا بس نخلص من جاسر مهران الأول واللي هيخلصنا منه طرب حبيبة عمها ، اللي ما تعرفش إن الراجل اللي خطفها دا واحد من رجالتي ، بس أنتِ لو ملاك ما كنتش موجودة ما كناش هنلاقي نقطة ضعف لطرب وما كنتش هترضى تحط لرعد البودرة ... حبيبة عمها راسها حجر زيه 

قلبت تهاني عينيها ساخرة ، تلك الفتاة لا تتمنى شئ في حياتها بقدر قتلها ولكن عُدي يرفض 

____________

صباحا في منزل عاصم 

خرجت حلم من المطبخ على صوت عاصم وهو يصرخ غاضبا ، تحركت تبحث عنه سريعا لتراه يقف في صالة المنزل يقبض كفه على هاتفه ، مع من يتحدث عاصم ليغضب هكذا وآخر ما قاله قبل أن يغلق الخط :

-دا آخر ما عندي يا فاطمة هانم لما يوصلي صورة زي دي للهانم أختي تبقى ضاعت تربية أبويا وأمي ، بكرة يا فاطمة تكوني قدامي يا هاجي أجيبك بالعافية 

وأغلق الخط يقبض على الهاتف يتنفس بعنف ، اقتربت منهم وقفت جواره لتمد يدها تربت على ذراعه بخفة تسأله قلقة :

-مالك يا عاصم وفاطمة مالها ، بتزعلقها ليه كدة

فتح هاتفه يرفعه أمام وجهها لتشخص مقلتيها رفعت يدها تضعها على فمها تنظر للصورة مصعوقة أتلك هي فاطمة الصغيرة ، ما الذي حدث لها ... لما ترتدي ذلك السروال الضيق وشعرها ، فاطمة كانت محجبة أما الآن فخلعت الحجاب وقصت شعرها وصبغته أيضا بلون أشقر داكن .... نظرت لعاصم مذهولة ليردف حانقا :

-أنا بعتها الغردقة عشان حالتها النفسية تتحسن بعد اللي حصلها زي ما جاسر ابن ياسر قالي ، تتحول للمنظر وأعرف أنها بتخرج تسهر في ديسكوهات وقرف لما أشوفك يا فاطمة 

لم تفهم حلم لما فعلت فاطمة ذلك ، صحيح أن ما مرت به كان حقا مؤلم وصعب للغاية ولكن ليس لتلك الدرجة؟! حاولت أن تخمد ثورة زوجها قليلا :

-اهدا بس يا عاصم أكيد في حاجة غلط وممكن تكون الصورة دي مش حقيقية أساسا ، ممكن تكون متركبة 

لا الصورة حقيقية للأسف من التقطتها له المرافقة لها ... بعثتها له ومعها رسالة تخبره فيها أن حال شقيقته تغير بين يومٍ وليلة باتت وكأنها أخرى والكثير من التفاصيل التي جعلت الدماء تشتغل في رأسه غضبا ، نظر إلى زوجته يومأ برأسه يغمغم :

-يمكن مين عارف ، على العموم بكرة هيبان كل شئ .... أنا رايح الشركة ، مراد لو ما نزلش درس النهاردة يقعد يذاكر ، حلم اوعي تديله الموبايل لو هيقف على دماغه عشان أنا عارف أنه بيقعد يتحايل عليكِ وأنتِ بيصعب عليكِ وبتصدقي مسكنته

حركت رأسها توافق ما يقول هي حقا تفعل ذلك لن تنكر ، مراد حقا يجيد خداعها كل مرة وهي تصدقه !!

____________

أمام الشركة الخاصة بعاصم ، أوقف حسين سيارته يتذكر كلمات شقيقه يعيدها في رأسه مرة بعد أخرى يحفظها جيدا ، أخذ نفسا عميقا ليفتح باب السيارة نزل منها يتوجه إلى داخل الشركة صوب المكتب الخاص بالمهندسين ، تنحنح يلقي التحية عليهم توجه إلى مكتب چوري ليجد ذلك اللذج المدعو زين يتقدمه وضع على مكتبها كوب من القهوة يحادثها بابتسامته السخيفة :

-أنا جبتلك معايا قهوة ، اتفضلي 

تمالك زمام أعصابه بمعجزة قبل أن يطبق على رقبة ذلك الفتى ... أقترب من مكتب چوري ليتجاوزه يكمل طريقه إلى مكتب زين ، ارتبك زين ما أن رآه في حين ارغم حسين نفسه على رسم ابتسامة على شفتيه يغمغم :

- ازيك يا زين ، أنا كنت جاي اعتذرلك عن ، عن كل حاجة بصراحة أنا عارف إن أسلوبي كان سخيف جداا معاك من ساعة ما بدأت شغل ، فأنا بجد بعتذرلك عن اللي فات ، واتمنى ما تكونش زعلان 

توسعت حدقتي زين ارتباكا ، لما يعتذر منه حسين الآن ، لما لم يظل الطرف السئ فقط ، هل يعقل أنه فعل ذلك ليراضى چوري ، ابتسم له هو الآخر يغمغم مرتبكا :

-ما حصلش حاجة يا باشمهندس حسين ، حضرتك زي أخويا الكبير 

ضحك حسين يكتف ذراعيه أمامه يغمغم مرغما :

-لا يا عم ، الملف بتاعك بيقول أن أكبر مني بحوالي ست شهور كدة ، يعني أنت الكبير يا عم زين ، على العموم هسيبك تكمل شغلك ، عن إذنك 

تركه وغادر متوجها صوب مكتب چوري ألتقط كوب القهوة من على سطحه قبل أن ترتشف منه رشفة واحدة رفعه إلى فمه يرتشف ما فيه لتتسع حدقتي زين أمسك زمام نفسه قبل أن يصرخ فيه ، في حين ابتسم حسين لچوري يردف :

- تعالي نشرب القهوة سوا ونكمل التصميم ، القهوة دي مرة أوي مش ذوقك 

اومأت له في هدوء ، قام تتحرك جواره إلى مكتبه ليطلب لهما القهوة ، على المكتب وضع التصميم يفتحه على مصراعيه ، لتبدأ چوري في إخباره عن بعض الملاحظات التي لم تنتبه لها في المرة الأولى قاطع ما تفعل حين غمغم فجاءة :

-چوري هو أنا ممكن اقولك حاجة 

رفعت رأسها عن ما أمامها تنظر له تحثه أن يكمل حمحم يتنهد بقوة قبل أن يعطيها ابتسامة صغيرة يردف بهدوء يحاول إقناعها :

- بصي يا چوري ، الفترة اللي فاتت بينا كانت سخيفة بجد ، أنا واضح إني اتسرعت في الإعتراف بمشاعري واتسرعت أكتر في الحكم عليها أنها مشاعر حب ، چوري أنا مش عارف أقولك إيه بس أنا فعلا اتسرعت وحكمت على الصداقة والتعود والأخوة اللي بينا أنها حب ، فممكن تنسي تماما اللي أنا قولته وتجرع المايه لمجاريها زي ما بيقولوا  

قطبت جبينها مستنكرة تشبيه الغريب ، ألم يجد غير ذلك التشبيه ولكنها حقا تشعر بالراحة ، فكرة شعورها فقط بالذنب لأنها تعرف انه يحبها وهي لا تبادله نفس الشعور كان يضع على كاهلها ذنب كبير ، ابتسمت تغمغم متحمسة :

-أكيد موافقة ، وأنا حقيقي مبسوطة بقرارك دا ، أنا وأنت من زمان أخوات وصدقني انت تستاهل أحلى واحدة في الدنيا 

هي أجمل فتيات العالم ولكنها لا تعلم هو لا يتمنى غيرها ولكنه لن يخبرها ، ضحك يغمغم:

- بس أنتِ اللي هتختارهالي أنا عايز اشوف ذوقك بقى 

ضحكت چوري لتنظر للتصميم تردف :

-يلا يا عم خلينا نخلص البتاع دا قبل ما أبوك يولع فينا 

حين تحرك ليقترب منها شعر بالدوار ، بلا سبب شعر فجاءة بالدوار، وألم يوازي ألم خنجر حاد يمزق أمعائه ، تقلصت قسمات وجهها يجز على أسنانه يمنع نفسه بصعوبة من أن يصرخ من الألم ، هرعت چوري إليه تصيح فيه قلقة :

-مالك يا حسين فيك ايه 

فتح فمه يود أن يخبرها أن تساعده ليتقئ بعنف ، تخرج من امعائه تلك القهوة التي تجرعها قبل قليل !!

_______________

في مكتب التصميمات الخاص بجواد ، في غرفة الموظفين استندت چوري بمرفقها إلى سطح المكتب تبسط كفها تستند بذقنها إلى كفها ، يعلو ثغرها ابتسامة بلهاء ، عينيها تلمع تهيم بعيدا على وشك أن تتحول إلى قلبين ، كلما تذكرت ما حدث صباحا مع جواد ، أجفلت على أحدهم يطرقع إصبعيه أمام وجهها نظرت للفاعل لترى شهاب يغمغم متعجبا :

-مالك يا بنتي سرحانة من ساعة ما جيتي ليه كدة ، باشمهندس جواد عايزك عشان بيوزع على كل واحد فينا الشغل الجديد 

انتفضت من مكانها لتتحرك صوب المرحاض أولا لتتأكد من أناقة مظهرها في طريقها للمرحاض صادفت اماندا التي ضحكت ساخرة ما أن رأتها تنظر لها من أعلى لأسفل ومن ثم تركتها وذهبت ، لم تهتم بها ليان تأكدت أن كل شئ على ما يرام لتتوجه إلى مكتب جواد ، دقت الباب لتسمعه يأذن بالدخول ، دخلت لتراه كالعادة ينكب على الأوراق أمامه ، مضت عدة دقائق قبل أن يرفع وجهه إليها ما أن رآها ابتسم يشير لها للمقعد أمام المكتب :

-تعالي يا ليان اقعدي واقفة ليه 

تحركت تجر ساقيها جرا ، ما به جواد تغير ، جلست هناك ليبحث هو بين مجموعة الأوراق أمامه أخرج لها ملف أزرق اللون يمد يده له بها يغمغم مبتسما:

- دا شغلك الجديد وميعاد تسليم كل تصميم ، عايز أشوف إبداعات يا ليان مفهوم

حركت رأسها بالإيجاب سريعا لتقف عن مقعدها تسأله مرتبكة :

-تمام حاضر ، أي حاجة تانية ؟

ابتسم في خبث ليعد بمقعده للخلف قليلا يربت بكفه على فخذه ، لتتوسع حدقتي ليان ذهولا ، هل جُن جواد ليطلب منها أن تجلس على قدميه ، عادت خطوة للخلف تعقد جبينها تغمغم غاضبة :

- ايه اللي أنت بتطلبه دا لاء طبعا 

نظر جواد لها متعجبا وكأنه حقا لا يفهم لما هي غاضبة ، رفع وجهه إليها يغمغم مدهوشا :

- هو ايه اللي أنا بطلبه ، أنا بنفض البنطلون ، بتوع النضافة ما نضفوش المكتب كويس واتبهدل تراب ، هو في حاجة 

توسعت حدقتيها ذهولا تحرك رأسها للجانبين بعنف ، لا تفهم ما حدث توا ... تحركت لتغادر قبل أن تقبض على مقبض الباب سمعته ينادي باسمها التفتت له لتراه يبتسم يشجعها بنبرة شغوفة:

- أنا واثق أنك هتعملي تصميمات هايلة

قفز قلبها يرقص داخل القفص الصدري ، جواد تبدل حاله بالكاد استطاعت أن تحرك رأسها ... فتحت مقبض الباب وخرجت من مكتبه عينيها جاحظة تضع يدها على قلبها تشعر به سيقف من فرط سعادته ... رآها شهاب وهي في تلك الحالة ليتنهد يائسا على حالها ، تلك المسكينة غارقة حتى أذنيها في حب جواد الأمر لا يحتاج لأي ذكاء لتعرف ذلك ، ولكن المسكينة لا تعرف أن جواد لا يحب سوى نفسه فقط !!

____________

أما في منزل جاسر مهران ، اليوم السبت ومن تقاليد حمزة المقدسة التي لا يغيرها أبدا أن شركته عطلة يومي الجمعة والسبت حتى لو ستنهار صفقات كبرى فهو قانون لن يغيره أبدا ، 

بعد اليوم الطويل الحافل الذي خاضه رعد بالأمس لم يستيقظ سوى قرب العصر ، أسرع يصلي الظهر ليلحق به العصر ، انتهى من صلاته لينزل لأسفل ... المكان هادئ بشكل كبير 

نزل يجلس على الأريكة في منتصف غرفة الصالون ... ما إن جلس رأى والدته تقف عند باب الغرفة ابتسمت تردف :

- صح النوم ، كل دا نوم يا أستاذ رعد ... هجبلك حاجة خفيفة عشان الغدا قرب يخلص وناكل كلنا مع بعض 


حرك رأسه يرفض ذلك يردف :

-لا يا ماما مش جعان هبقى اتغدى على طول ، هي الدنيا هادية ليه كدا فين سليم وياسين ومريم وعمر ، طب چوري في الشغل أنا عارف ، الباقي بقى فين 


لاحظت رؤى أن رعد لم يسأل عن والده وذلك حقا غص قلبها ، ابتسمت تخفي ذلك :

- يوسف راح هو ومراد النادي وياسين وسليم شبطوا يروحوا معاهم ، مريم فوق في اوضتها بتذاكر ، وچوري زي ما قولت في الشركة ، وأبوك فوق في أوضته 

اومأ لوالدته يبتسم يشكرها ، لتتنهد رؤى حزينة تخرج من الغرفة صوب المطبخ ... لمحت جاسر ينزل السلم لتقترب منه سريعا تهمس له :

- رعد قاعد في الصالون خش اتكلم معاه يا جاسر عشان خاطري 

ابتسم لها يربت على كتفها برفق يومأ برأسه موافقا لما تقول تحرك متجها للغرفة رأى رعد يمسك هاتفه يحاول الاتصال بأحد ما يغمغم حانقا :

-ما تردي بقى معقول كل دا مش سامعة الموبايل 

لمح والده يدخل إلى الغرفة ليغلق الخط ، قام من مكانه يود الخروج مر جوار أبيه ليمسك جاسر بذراعه يرفض خروجه يغمغم سريعا :

- استنى يا رعد عاوز اتكلم معاك في حاجة ارجع اقعد لو سمحت 

تنهد يزفر أنفاسه حانقا رجع للغرفة يكتف ذراعيه أمامه يغمغم بنبرة جافة :

- افندم يا جاسر باشا ، خير 

تغاضى جاسر عن طريقة رعد وهو يتحدث ليشير له للأريكة حيث كان يجلس يغمغم بهدوء :

- طب تعالا أقعد أنا عاوزك في موضوع مهم

أراد أن يتأفف حانقا ولكنه لم يفعلها قط ولم يفعلها الآن، حرك رأسه يوافق على مضض ... تحرك يعود للاريكة يجلس عليها ، طال الصمت بينهما لعدة دقائق فقط قبل أن يقرر جاسر البدء في الكلام :

- رعد أنا عارف إن أنا اذيتك كتير معاملتي ليك كانت فعلا قاسية وفيها ظلم كبير ليك بدون وجه حق 

- ليه 

قطب جاسر جبينه حين سمع تلك الكلمة من رعد ، ليرفع الأخير وجهه صوب أبيه يهمس له بحرقة :

-ليه ؟ السؤال اللي هيجنني طول عمري من وأنا عيل صغير ليه ؟ أنا عملت ايه غلط عشان تعاملني كدة ، أنا فيا وحش يخليك بتكرهني أوي كدة 

حرك جاسر رأسه للجانبين بعنف ينفي ما يقول ولده ، ابتلع لعابه يغمغم سريعا:

-لا يا رعد المشكلة مش عندك ، المشكلة عندي أنا ، أنا يا بنتي زمان وأنا في سنك وأصغر من كدة كمان كنت شاب زيي زي أي شاب في كلية طب كلها كام سنة وابقى دكتور ، كنت عايش في أسرة هادية وسعيدة كنت مدلع من الكل لأني الصغير ، بس بين يوم وليلة اتغير كل حاجة ، ربنا امتحنا إمتحان صعب أوي يا رعد ... وانا رغم أني كنت ملتزم جداا إلا أن إيماني أنهار ومشيت في طريق الشيطان وعملت حاجات كتير أووووي وحشة لحد اللحظة دي وأنا بستغفر عنها ونفسي ربنا يسامحني عليها 

صمت لبضع لحظات يلتقط أنفاسه ، ينظر لرد فعل رعد على ما قال ليرى على وجه ولده علامات الدهشة ، تنهد يكمل بنبرة أشد ألما :

- أنا اذيت ناس كتير أوي يا رعد ، منهم والدتك نفسها ، اللي دخولها في حياتي كان النجدة اللي اتبعتتلي بعد سنين ... وعرفت قد ايه كنت إنسان سئ ومؤذي وربنا كرمني وبعدت عن كل اللي كنت بعمله ، بس فضل جوايا هاجس ما بيفارقنيش لحظة ، أنك هتبقى عقابي ، أنك هتكون ذنبي ... إن ربنا هيعاقبني فيك ونسيت أن ربنا ما بيشيلك حد ذنب مالوش دعوة بيه ، خوفت لتطلع زيي ... كنت بحاول  هتصدقني لو قولتلك أنا بجد مش عارف أنا كنت بعمل ايه ، أنا بس كنت خايف ، خايف أوي لأشوف جبروت جاسر مهران بيتجسد فيك من تاني ، أنت عارف أنا ليه مسميني الشيطان ونفسي اخلص من اللقب دا ،  

بسبب اللي أنا كنت بعمله ، رعد أنا كنت خايف يا ابني وخوفي خلاني آذيك ، أنا آسف يا ابني سامحني 

انتفض رعد ينظر لأبيه مصعوقا عينيه تكاد تخرج من مكانها ، يحاول عقله أن يعي أن والده يحمله ذنب لم يكن يعرف عنه من الأساس ضحك من شدة الألم يغمغم مذهولا :

-يعني ايه ، أنا مش فاهم ، يعني اللي أنا شوفته من طفولتي دا عشان إنت خايف اطلع زيك ، ربنا يعاقبك وابقى نسخة من جاسر مهران الشيطان ، طب أنا ذنبي اييييه .. أنا عمري ما فهمت ليه بتطبطب على چوري وتاخدها في حضنك وأنا لاء ، ليه بتعامل أخواتي كلهم بحنية 

وأنا لاء ، ليه على طول حاطنني في قالب المتهم اللي بتدورله على أي غلطة ، بسبب خوفك يا جاسر باشا أنا كنت بحس إني يتيم 

كنت بفضل أدعي ربنا دايما وأنا صغير وأقول يارب بابا يحبني أنا بحبه أوي ، خليه يارب يحبني 

أغرقت الدموع عيني رعد لتهبط على وجهه يصرخ مكملا بحرقة :

- عمري ما هنسى القلم اللي ضربتهولي ظلم وأنا عيل لما جيتلك بجواب رفد من المدرسة ، ما حاولتش حتى تسألني ايه اللي حصل 

Flash back

وقف رعد في صالة منزله  ملابسه مبعثرة وجهه مكدوم ... التراب يغطي جسده بالكامل يحمل في يده ورقة يقبض عليها بعنف .. جلست رؤى سريعا علي ركبتيها أمامه تسأله فزعة.:

- رعد يا حبيبي مالك ايه اللي حصل ... حصل ايه يا جوري 

اخفضت جوري رأسها ارضا دون أن تنطق بحرف ... ليخرج جاسر في تلك اللحظة من غرفة مكتبه احتدت عينيه غضبا حين رأي مشهد ابنه ليقترب منه يصيح فيه غاضبا :

- أنت عاامل كدة ليه يا بيه ... اوعي تكون ضربت حد 

بلع الصغير لعابه مذعورا ... ينظر لوالده يحاول أن يخبره بما حدث ... لم يجد ما يقول ليمد يده بذلك الظرف ناحية والده اخذه جاسر منه بحدة يفتحه يقرأ ما فيه لتشخص عينيه في غضب احتقنت الدماء في مقلتيه كور الورقة في يده ينظر لابنه للحظات غاضبا الدماء تفور في رأسه ليسقط رعد أرضا دون سابق إنذار أثر صفعة عنيفة قوية من يد والده. ... لن تنسي ابدا ردة فعل طفلها لم يبكي لم ينطق بحرف فقط وضع يده علي وجهه ينظر لوالده بحقد ... بينما صاح جاسر غاضبا :

- البيه ابنك بلطجي ضرب زميله وفتحله دماغه واترفد من المدرسة .... 

هنا تحديدا تدخلت جوري وقفت أمام والدها تنظر له تبكي تعاتبه بنظراتها ....لتهمس بصوت باكي من بين شهقاتها :

- بابا إنت ضربت رعد ظلم ... اخت شهاب واحنا بنلعب في الفسحي زقنتي جامد ووقعني علي ضهري روحت أنا زقتها ووقعتها وكنت هضربها ... جه رعد وبعدني عنها ...  راح شهاب جايب أصحابه وضربوا رعد ..رعد كان بيزقهم بعيد عنهم فشهاب وقع اتعور ... 


صحيح أن جاسر اغلق المدرسة بأكملها لأنه عرف أن ذلك الفتي هو ابن مدير المدرسة لذلك رفد ابنه هو فأغلق جاسر له المدرسة ومن يعترض ... ولكن رعد لن ولم ينسي ابدا صفعة والده ... التي هوت علي قلبه ظلما 

Back

- عمري ما هنسهالك يا جاسر باشا ... أنت عارف أنا كان نفسي تبقى المشكلة عندي أنا ، أنت اتفننت تكسر كرامتي في البيت وفي الشركة ، تعرف أنا كدة ارتحت عشان عرفت إني عمري ما كنت السبب ويا رتني ما عرفت ، والله يا رتني ما عرفت ... 

وقف جاسر يحاول الاقتراب منه ليحرك الأخير رأسه بعنف يبتعد عنه خرج من المنزل مسرعا يركض كمن يهرب من الموت وصوت والده خلفه يصرخ فيه وكشافات سيارة ضربت أمامه فجاءة والصمت غزا المكان بعد صوت الفرامل العنيفة !!

الفصل العاشر من هنا 

تعليقات



×