رواية حرية مقيدة الفصل الخاتمة بقلم شهد السيد


 رواية حرية مقيدة الفصل الخاتمة 

أخذت نفسًا عميقًا وهي تحرك قدميها بالمياه البارده براحه وسلام داخلي، شعرت به يجلس بجانبها لتميل برأسها تستند على ذراعه ليحيطها هو يضمها لأحضانه وهو يمرر أصابعه على وجنتها بلطف: 
_لسه مصدعه.؟ 

فتحت أعينها تبتسم بهدوء وهي تجيبه بالنفي: 
_لأ الحمدلله بقيت كويسه والصداع راح. 

همهم وأبتعد عنها يقف ومد لها يده: 
_طب تعالي. 

أمسكت بيده ونهضت تتسأل: 
_هنروح فين.؟ 

دفعها لداخل المنزل بخفه وهو يجيبها: 
_هتعرفي كمان شويه. 

وقفوا بالغرفه الرئيسية ليشير نحو الفراش الموضوع فوقه حقائب ضخمه: 
_البسي وامشي لأخر الجسر هستناكِ هناك. 

وأغلق الباب قبل أن تتحدث بحرف واحد، تقدمت من الفراش تجلس فوقه وهي تفتح أحد الحقائب تتحدث بصوت منخفض: 
_هو بطل السلاح واشتغل ف الخطف.!! 
جينا هنا ومعرفش جايين فين ود...

صمتت وأعينها أتسعت قليلًا بالتدريج عندما أبصرت باقة ورود بيضاء للزفاف.!! 

أخرجتها تقلبها بين يديها بتفحص وكأنها شئ من الفضاء وليس باقة ورود.!! 

تركتها وهي تنهض سريعًا تمسك بأكبر حقيبه لتجد بها قماش أبيض لم تتبين هيئته ف أخرجته سريعًا وألقته على الفراش بصدمه وهي تضع يديها فوق فمها بملامح مزهوله.

نظرت حولها بتراقب وكأنه فخ ستقع به وليس مجرد ثوب زفاف.!! 

أقتربت ببطئ وأبتسامة زهول أرتسمت على وجهها وهي تتلمسه بأصابع مرتجفه من صدمتها، أمسكته ترفعه عن الفراش وهي تتأمل تصميمه الرقيق واللامع بغير تصديق وكأنه صُنع من حبات السكر، مزيج أنثوي رقيق لم تراه من قبل، صدرت منها ضحكه صغيره لتكون أشارة جعلتها تستفيق من صدمتها، قفزت عدة مرات وهي تحتضن الثوب بشده وتاره تصرخ وأخري تضحك. 

شعرت بالإجهاد لتجلس على الفراش وهي تضم الثوب لأحضانها بقوه مشدده عليه، شعرت بدموع تتجمع بأعينها من فرط سعادتها، أبتسمت رغم ألتماع أعينها بالدموع وهي تنظر للثوب، ذكري الزفاف لأ تُنسي من حياة أي فتاه كونها ستتألق بالأبيض شعور جعل قلبها يخفق بشده. 

عاودت أحتضان الثوب بيد واحده وبيدها الأخري تتفحص باقي الحقائب، هي لم تنسي بأنها لم تحظي بزفاف كـ باقي الفتيات لكنها قررت التناسي محاوله أقناع نفسها بأن ليس مجرد حفل وثوب سيجعلوها تشعر بالسعادة معه، لكن الآن أدركت شعور تلك اللحظات السعيده الممزوجه بالتوتر. 

لم يمضي سوي بضع دقائق وكانت تقف أمام المرآه بـ مأزر الأستحمام ترفع خصلات شعرها للأعلي وهي تبدأ بوضع زينه مناسبه لوجهها محاولة السيطره على دموعها التي هاجمتها فور تذكر والدها، أشتاقت له لأ تستطيع أن تتذكر له سوي كل ماهو جميل وفقط. 

أنتهت وهي تنظر لوجهها برضاء، لم تكن بارعه بوضع مساحيق التجميل لكن ما فعلته كان كافي. 

أرتدت ثوب زفافها وتقدمت من مرأة الزينه لتري أنعكاسها، لو كانت هي من أشرفت على تصميمه لم ليكن بهذه الدقه، حررت خصلات شعرها وبدأت بتصفيفها بأهتمام وتركته حُرًا كما تحب وجلست ترتدي ذلك الحذاء الشفاف الذي ذكرها بحذاء سندريلا. 

وقفت ترتدي خاتم زواجهم الماسي المصاحب للدبله التي لم تنزعها أبدًا من أن وضعها بأصبعها، ولكامل الحق كانت فاتنه.!!

وكأنها هاربه من أحد الأساطير، هاربه لمنقذها من بين براثن الأشرار.!!

خرجت من المنزل تنظر يمينًا ويسارًا باحثه عنه وتقدمت تسير لأخر الجسر كما أخبرها وهي تكاد تطير من فرط سعادتها، وجدت أسهم مضيئه على هيئة سهام لتدلها على الأتجهات، أتسعت أبتسامتها وهي تنظر أسفل قدمها تتبع أرشادات السهام حتي وجدتهم انتهوا عند بدايه لبساط أحمر ممتد على جانبيه شموع موضوعه بداخل بلورات زجاجيّة وبأخر البساط خيمة بيضاء مرتفعه  وأضواء بيضاء ساطعه وطاوله فوقها كعكة كبيرة بنهايتها تمثالين صغيرين لعروس وعروسته. 

وعلى أحد الجوانب كُتب بالأضواء. 
"I loved you, until I believed that the past years before you were just waiting for you." 
"أحببتُكِ ، حتّى أمنت بأنّ ما مَضى مِن العُمر قبلكِ كان مجرّد إنتظَاراً لك.لكِ

ثبتت أعينها عليه التي كانت تشارك شفتيها بالأبتسامه لكن عن طريق بريق لامع جعله عاشقًا لهما.

كان يقف بهيئته الجذابه كـعادته يرتدي بذله سوداء أنيقة وقميص أبيض ناصعًا ترك أول أزراره مفتوحه يضع يده اليسري بجيب بنطاله يتأملها بشغف مبتسمًا لأبتسامتها التي تجعله على أستعداد تام بأن يُمت راضيًا مادامت مُبتسمه.
تأمل بشغف وسعادته ملئت قلبه هيئتها كانت ساطعه وسط الظلام كما فعلت عندما دلفت لحياته، هيئه ملكية ملائكية لم يراها من قبل ولا من بعد.! 

تقدم نحوها بخطوات رتيبه حتي أصبح لأ يفصلهم سوا أنشات قليله واعينهما معلقه ببعضهما تشرح ما لأ يمكن شرحه بالحديث، أمسك يدها يرفعها لفمه مقبلها بعمق ومن ثم جبينها هامسًا بصوت عميق تسلسل لثنايا قلبها بسلاسه: 
_تــاجــي. 

عقب كلمته أنتهت الموسيقي الهادئه وأرتفعت أخري تزامنًا لأحاطته لخصرها يقربها منه وهي بدورها عقدت يدها حول عنقه وأعينهما تتبادلان النظرات وكأن كلمات الموسيقى أختارت بعناية تامه لهما. 

أنا تاجك وسلطانك وتحت أمر معاليك

أنا تايه لقى العنوان

آه أنا حارس على باباك

تصحي تلاقيني قدامك

أنا جنبك في كل مكان

أنا كاتم لأسرارك أنا بيتك أنا دارك

آه أنا معجب بأفكارك أنا عمري اللي جاي ليك

أنا تايب على إيديك وعمري ما أبص غير ليك

آه ما أنا بجد بموت فيك وحلمي شايفه في عينيك. 

وجدت قدميها أرتفعتان عن الأرض لتتمسك به جيدًا مشدده من عناقها له وهو يدور بها، وضعها أرضًا من جديد مُبتسمًا: 
_ضحكتك أحلي حاجه بسمعها، اضحكِ دايمًا. 

وبأبتسامه خاطفه للقلوب طبعت قبله عميقه على وجنته تجيبه: 
_طول ما انتَ معايا ضحكتِ مش هتختفي أبدًا. 

             «        _____       »        

هبطت من سيارتها الحديثه صباحًا وسط الأجواء الخريفيه والرياح الشديده التي جعلت خصلاتها بالكامل تهبط على وجهها وهي تحاول أبعادها ونظرت نحو ريهام التي تمسك بهاتفها تصورها وتتحدث بمرح: 
_ها قد أتت رئيسة مجلس أدارة شركة البنداري جروب، لمي شعرك ياروبانزل عشان وشك يظهر ف الفيديو ياختي. 

صدرت من تاج ضحكه مرتفعه بعض الشئ تقف عكس التيار الهوائي لتعود خصلاتها جميعًا للخلف، حُره طائره بفضل الرياح: 
_مبحبش ألمه. 

سارت ريهام لجوارها تبتسم لسعادتها وتتأمل هيئتها بدايةً من بنطالها الأسود والتشيرت الأبيض الموضوع بالبنطال تعتليه ستره سوداء وكم بدت لطيفه بهذه الملابس، وتركت خصلات شعرها حُره كما تحب وأكتفت فقط بملمع شفاه بسيط للغايه. 

_متحمسه.؟ 
تسألت ريهام التي تسير أمام تاج بطريقة عكسيه، فتحت تاج ذراعيها تحتضن الرياح تأخذ شهيقًا قويًا وهي تجيبها بحماسه وسعاده كـ طفله سعيده بأول يوم دراسي لها: 
_جدًا. 

همهمت ريهام وهي تعاود التساؤل:
_أبعتي رساله ليزيد من خلال موقعك.

رفعت يدها تطبع عليها قبله رقيقه موجهه له، همت ريهاك بضربها إلا أن تاج أسرعت للداخل وهي تجيبها بحزم مصتنع: 
_بنننت هخصملك تلات أيام.!! 

بحثت ريهام عن أي حجاره بجانبها لتلقيها برأس تلك المعتوهه لتهرب تاج للداخل وهي ترد علي تحيات الموظفين بأبتسامة مشرقه لم يروا مثلها منذ أول اليوم. 

تقابلت مع رئيس مجلس الادارة المؤقت حتي تأتي هي لتدير أعمال والدها التي أصبحت أعمالها، دلفوا لمكتب والدها السابق وأشار كارم لأنحاء الغرفة: 
_مكتب المرحوم زي ماهو محدش دخله من بعده ولا حتي للتنضيف زي ما طلبتي، لو عاوزه تغيري المكتب وديكوراته... 

قاطعته وهي تحرك رأسها بالنفي بحركه بسيطه وهي تتأمل المكتب بنظره مليئه بالأشتياق الذي ظهر بنبرتها: 
_لأ..هسيبه. 

هي بالفعل كانت من أختارت تصميمه بالسابق، تقدمت تجلس على مقعده تتلمس سطح المكتب الذي غلفته طبقه من الغبار، تشعر برائحته تحيط كل شئ، نظرت للأوراق الفارغة الذي كان راشد كعادته عندما يفكر يقوم برسم دوائر عشوائية مخرجًا بيها حيرته وهي أكثر من عالمه بطباعه وأحواله. 

تجمعت الدموع بأعينها وهي تتفقد كل شئ تركه، دلفت ريهام للمكتب الذي وجدت بابه مفتوحًا تنظر لكارم ذلك الرجل الذي بعقده الرابع يقف يشاهد ما تفعله صديقتها بصمت وأشفاق، تقدمت ريهام منها وهي تتحدث بصدمه مصتنعه: 
_أي دا دا منظر مكتب رئيسة مجلس أداره محترمه وعلى قلبها فلوس قد كدا.؟ 
طب حتي بالتلات أيام اللى لسه خصماهم مني هاتيلك علبة منديل مبلله أمسحي بيها. 

رغم دموعها التي كانت توشك بالسقوط ضحكت، أمسكت بها ريهام تجذبها لتنهض وتحدثت ريهام لكارم: 
_الله يكرمك بقي ياعمو شوف حد ينضف المكتب، كدا كدا هي مش جايه تترزع هتشوف الشغل ماشي أزاي الأول، هو أنا هعلمك قدامي يا أخرة صبري. 

قالت أخر جملتها وهي تدفع تاج للخارج بقوه بعض الشئ وكارم يضحك على تلك الفتاه العفويه وغادر المكتب هو الأخر يطلب العمال لتنظيف المكتب. 

                     «        _____       »        

ركض خلف صغيرته وهي يشاركها بالضحك حتي أمسك بها يرفعها بخفه بين يديه وأصوات ضحكاتها تتعالي صانعًا بذاكرتها أفضل اللحظات التي ستذكرها به بعد موته، الجميع سيرحل ولن يتبقي سوي الذكريات كن حريصًا على جعلها ذكري جميله. 

هدأت ضحكات تولين وهي تعقد يدها حول عنق يزيد وهو يحملها على ظهره وتسألت: 
_مامي هتيجي أمتي.؟ 

زفر بتروي يجيبها: 
_جايه ف الطريق. 

هو كـ طفل عاد من مدرسته صباحًا ولم يجد والدته بأنتظاره تستقبله بعناق دافئ متسأله عن أحوال يومه بأبتسامة رائعه تزيل متاعبه مهما بلغت، هو غاضب لهذا لكنه لن يقدر أن يمنعها من تحقيق ذاتها كما تريد وتتمني. 

ضربته تولين على ضهره بخفه تتحدث بجديه: 
_وديني المطبخ وأعملي عصير رمان. 

عقد يزيد حاجبيه بأستفهام: 
_عصير رمان.!! 

أومأت بالإيجاب تتحدث بجديه: 
_أيوه عصير رمان، أنا بحب الرمان وعاوزه أشربه عصير دلوقتي حالًا يلا اعملي. 

زفر بتروي يجيبها: 
_هخلي صفيه... 

قاطعته برفض تام وأصرار: 
_انتَ اللى هتعملي، يلا يا بابا يلا ياحبيبي. 

ظل لثواني يستوعب حديثها وأمسك بها يجذبها من فوق ظهره ووضعها أرضًا وقبض على فكها برفق يتحدث بوعيد: 
_قعدتك مع ريهام طولت لسانك وهقصهولك قريب لو ملمتيش نفسك. 

ظلت هادئه وأجابته: 
_أعملي عصير رمان الأول ونتفاهم 

ضغط على أسنانه بنفاذ صبر وحملها يدلف بها للمطبخ لتستغرب صفيه دخوله واسرعت نحوه تتسأل: 
_حضرتك عاوز حاجه اعملهالك.؟ 
تولين جعانه.؟ 

وضع يزيد تولين فوق رخامة المطبخ ونظر لصفيه وباقي العاملات بهدوء يتحدث: 
_لأ شكرًا أطلعوا أنتوا برا شويه. 

نظروا لبعضهم البعض وكأنه يقول بأن الشمس شرقت من الغرب، أقدم عامله هنا لم تراه يأتي للمطبخ من قبل طالبًا منهم الخروج ليفعل شئ بنفسه. 

بالنهايه غادر الجميع المطبخ وتركوه معها، أخرج صحن من الرمان من المبرد والذي أعدته صفيه سابقًا لتتناوله تولين وأخرج الخلاط الكهربائي يفرغه به وبعدها وضع السكر وبعض المياه وضغط زر التشغيل. 

حركت تولين قدمها للأمام وللخلف وهي تنظر للخلاط بحماس وكأن مُعجزه تعد بداخله وليس كوب عصير: 
_تعرف يا بابي لو معجبنيش هخلي مامي تبات معايا لوحدي النهارده. 

وقبل أن يهم بالرد وجدها تقفز بين يديه التي أستقبلتها بدهشه وتفاجؤ وهبطت أرضًا صارخه بأسم تاج راكضه للخارج. 

ضغط على زر الإيقاف وأمسك الكوب والمِصفي ذات الثقوب الضيقه يفرغ العصير بالكوب واخذه وغادر المطبخ ليجدهما يعانقان بعضهما بردهة المنزل، تقدم يفصلهم ويعطي لتولين الكوب متحدثًا بتحذير:
_يا ويلك لو مخلصتهاش. 

عاود النظر نحو تاج وقبل أن يشبع عيناه المشتاقه لها أو يتحدث أتت والدتها ووالدته يرحبوا بها متسائلين عن أحوال أول يوم لها بالعمل، نظر نحو تولين ليجدها ترتشف من الكوب وتنظر له ونظرت نحو تاج التي لا تراها وتحدثت بهمس: 
_خدها واجري. 

أستحسن حديثها وبالفعل أقترب بهدوء يبعدها عنهم خطوة للخلف وحملها بين يده كالعروس صاعدًا بها للأعلي وسط دهشة وضحك نسرين وجليلة وأعتراض تاج الخجول. 

دلف بها لغرفتهم يضعها أرضًا خلف الباب وهو يحاصرها بذراعيه مقتربًا منها ينظر لها بصمت وعمق أرهبها، أبتلعت لعابها تحاول تفسير نظراته متسائله:
_أي.؟ 

لم يجيبها لتشعر بأنعقاد معدتها برهبه أشدّ وصمتت تبادله النظرات بأخري جاهله لما يحدث، أقترب أكثر طابعًا قبله رقيقه على شفتيها وتحدث بصوت عميق أفتقدته: 
_وحشتيني. 

زفرت بقوه وأحتضنته تضربه بخفه على ظهره: 
_خضتني بهدوئك دا أفتكرت حصل حاجه. 

ضمها لأحضانه يربت على ظهرها برفق يقبل رأسها مشددًا من ضمها له: 
_إني أجي ملقاكيش دي أسوء حاجه. 

رتبت على ظهره برفق ورفعت جسدها قليلًا تطبع قبله عميقه على وجنته مُبتسمه: 
_وعد هحاول أرجع بدري بعد كدا..خلاص بقي متزعلش يا زيزووو. 

قرص وجنتها وقبلها على الأخري مُبتسما: 
_روح قلب زيزو، غيري هدومك يلا بسرعه عشان نتغدا كلنا. 

أومأت بالإيجاب وتركت حقيبتها ودلفت لغرفة تبديل الملابس وهو ينظر بأثرها بأبتسامة لم تزول، قارب زواجهم على أتمام عامًا، يومًا بعد يوم يشعر بأن حبها يتزايد لدرجه يخشي أن تؤذيها، أحبها بجميع الصفات، كـشقيقته التي فقدها، ووالدته التي رحلت عقب شقيقته، كـ طفلته المدللة القادره على جعله يلين بنظره واحده، وزوجته الذي تجعله يشعر بأنه أمتلك العالم لأجل أبتسامه منها، هي معجزه وضعها الله ف طريقه. 

                     «        _____       »        

بعد ثلاثة أعوام. 

_بس كدا الوحش رجع أنسان طيب من تاني واتجوز هو والأميره والقلعه المُظلمه رجعت منوره تاني، توته توته خلصت الحدوته أي رأيكوا.؟ 

أنهت حديثها وهي تنظر لتولين ومن ثم فريد الذي وشك على أتمام عامين من عمره لتجده قد غفي بأحضانها وهو يحتضنها واضعًا رأسه على صدرها كـ كل ليله، تأملت ملامحه الهادئة اللينه أثناء نومه وشعره الأسود الحالك وعدلت من وضعية نومه ونظرت لتولين التي مازالت مستيقظة:
_تولين هانم مش ناويه تنام.؟ 

نظرت لها تولين  البالغه من العمر تسع سنوات ولم تجيب وشددت من أحتضانها بصمت تام، رفعت تاج وجه تولين تنظر لها بتفحص وقلق: 
_مالك ياحبيبتي شكلك زعلانه. 

ألتمعت الدموع بأعين تولين وهي تجيبها بصوت متحشرج: 
_هو انتِ بتحبي فريد أكتر مني وهتخلي بابي يمشيني من البيت وتوديني ملجئ. 

صعقت تاج من حديثها واعتدلت بلهفه تضمها لأحضانها بشده تنفي حديثها: 
_لأ طبعًا مين قالك كدا ازاي تقولي كدا دا أنا بحبك أكتر من فريد بحبك أوي، انتِ اللى أول فرحتي بقي مش فريد تخيلي.؟ 
أول ماما سمعتها كانت منك قبل فريد، سمعتي الكلام دا فين. 

رفعت تولين يدها تمسح دموعها قبل سقوطها تجيبها بصوت مرتعش: 
_لما كنت مع تيتا جليله عند تيتا سيده وهي تعبانه لما تيتا جليله راحت تصلي قالتلي كدا. 

ضغطت على يدها بشده تتمني بتلك اللحظه صفع سيده،  عاودت الأستلقاء وهي تحتضن تولين تهدئها وتطمئنها تاره وتشاغبها تارة أخري حتي غفت بين أحضانها لتتركهم بعد إن أطمئنت من نومهم كـ عادة فريد وتولين يحبوا النوم سويًا. 

دثرتهم جيدًا وغادرت الغرفه ولكن ليس لغرفتها، لغرفة جليله عالمه بأنها الآن أنهت قيام الليل وجلست تقرأ قرآن حتي الفجر. 

طرقت الباب ودلفت تقبل رأسها وجلست جوارها بأبتسامة هادئه: 
_حرمًا يا أمي. 

رتبت جليله على ذراعها بحنو: 
_جمعًا يا بنتي أن شاء الله، خير فى أي.؟ 

أخذت تاج نفسًا عميقًا وسردت عليها ماحدث منذ قليل وجليله صامته واكملت تاج حديثها: 
_ربنا وحده يعلم أنا بحب تولين قد أي وانها بنتي اللى مخلفتهاش من يوم ما دخلت البيت دا وتولين بنتي مش بنت يزيد.! 
وحضرتك عارفه تولين حساسه قد أي وبتتأثر بالكلام، فى بعد أذن حضرتك بلاش توديها عندها تاني الله وأعلم المره الجايه هتزرع ف دماغها أي تخليها ترجع تنطوي تاني وتخاف ودا أحنا ف غني عنه. 

زفرت جليله طويلًا تجيبها بيأس: 
_والله يابنتي ما عارفه أقولك أي المفروض بعد اللى حصلها دا ربنا يهديها وهي بتصارع ف المرض بدل ما تحاول تصلح اللى بوظته زمان بتعقده أكتر، روحي يابنتي لجوزك وأنا ليا كلام معاها. 

أومأت تاج وودعتها ونهضت مغادره الغرفة لتجد يزيد يخرج من غرفة الصغار واضحًا بأنه كان يبحث عنها وأستغرب وجودها عند والدته لتقترب هي منه بإبتسامة: 
_كنت جيالك. 

ضمها لأحضانه يدلفوا لغرفتهم سويًا يتسأل بعدما أغلق الباب: 
_كنتِ عند أمي ليه.؟ 

توجهت للمرحاض وهي تجيبه: 
_عادي كنت بطمن عليها أشوفها نامت ولا لأ. 

همهم بأقتناع وتوجه للشرفه وهو يشعل أحد سجائره يدخنها بشراهه كـ عادته، وجد هاتفه يصدح وأستغرب من المتصل بتلك الساعه المتأخره، أخرجه من جيب بنطاله ليجد شهاب العابدين، قائد القوات المسلحة الذي تعاون معه بالسابق ليسلمه شعلان والتجار، أستغرب أتصاله وأجاب بهدوء وبعد التحيه دخل شهاب بصلب الموضوع: 
_طبعًا السوق هدي شويه بعد الضجه اللى حصلت والقبض على كل التجار وبعدها بدأ يلم من تاني والكبير بتاعهم حاليًا أسمه..غريب سليمان ودا كمان أخر أسم مستعار ظهر بيه وقالنا عليه واحد من رجالته لما قررناه. 

شعر بيديها الصغيرين تحتضنه من الخلف ومن مرت من أسفل يده الممسكه بسور الشرفه لتصبح محاصره بين يديه والشرفه من خلفها، أمسكت منه السيجاره رغم رفضه ومحاولة أسكاتها إلا أنها رفضت السكوت حتي حصلت على السيجاره تتابع حديثه بأهتمام وهي تحاول الأرتفاع قليلًا لتستمع للصوت الصادر من هاتفه، أجابه يزيد بهدوء شديد: 
_أنا من يوم ما خرجت من الدايره دي ولا أعرف مين دخل ولا مين خرج ومعرفش حاجه عن غريب سليمان ولا سمعت الأسم دا قبل كدا كل اللى كنت اعرفهم أنتَ بنفسك كنت حاضر محاكمتهم. 

همهم شهاب بتفهم وشكره وأغلق  أبعد الهاتف عن أذنه لتهدأ حركتها وعقدت يدها تزم شفتيها بعبوس قليلًا، تأمل هيئتها الفاتنه بذلك الثوب الحريري القصير الذي يصل لقبل ركبتيها بقليل باللون الفضي زينه من الأعلي طبقه سوداء من الدانتيل، أبعد خصلات شعرها خلف أذنها يتسأل بلين: 
_زعلانه ليه طيب. 

أشاحت بوجهها للجهه الأخري تجيبه بحده: 
_دي السجاره الكام النهارده.؟ 

إذا السجائر هي سبب عبوسها وكانت بالآوان الأخيره سبب شجارهم، وضع كف يده على عنقه من الخلف يردد بصوت منخفض يتذكر:
_السجاره الكام..السجاره الكام..مش فاكر. 

أنهي حديثه ببساطه جعلتها تنفجر ف وجهه: 
_كل يوم خناقه شكل سبب السجاير عارفه إنك مش هتقدر تقطعها مره واحده بس ع الأقل أتفقنا كان سجارتين كـ حد أقصي وبعد أسبوعين هتبقي سجاره وبعدين مفيش خالص وانتَ بتاخد كلامي من الودن دي تطلعه من الودن التانيه وأنا بعد كدا مش هسمع كلامك ف اي حاجه تاني خالص. 

أنهت ثورتها وهي تتنفس ببعض العنف وهمت بأبعاده لكنه أمتنع عن رفضها وعاود حصارها بين يديه وسور الشرفه مقتربًا منها بخطوره: 
_انتِ بتقوليلي أنا كدا وبتزعقي.؟ 

عقدت يدها بعناد وتحدي: 
_آه بقولك انتَ هتكون مين يعني رئيس مراجيح مولد النبي.؟ 

همهم قبل أن يمسك بوجنتها يضغط عليها بأصابعه لتتأوه بألم وهي تحاول إبعاد يده بتزمر: 
_اوووف وسع سيب خدي. 

زاد ضغطه على وجنتها يجيبها بهدوء تام: 
_واضح إن فيه ناس لسانها طول. 

نظرت له بحقن وقد تجمعت الدموع بأعينها ألمًا من ضغطه: 
_لساني طول عشان خايفه عليك مش هبقي فرحانه لما يجيلك سرطان ف الرئه ولا تتعب وتبقي بتاخد نفسك بالعافيه، اوعي كدا متتكلمش معايا تاني أبدًا. 

ترك وجنتها يمرر أبهامه عليها بلطف وأحتواها بين أحضانها رغم أعتراضها يهدئها: 
_خلاص أنا آسف هبطلها خالص. 

رفعت أعينها له بتشكك تردد: 
_وعد.؟ 
-وعد. 

رددها بصدق لتتنهد براحه وهي تشدد من أحتضانه ورفعت رأسها تتسأل: 
_مين اللى كان بيكلمك ف الوقت دا.؟ 

رتب خصلات شعرها للخلف متأملًا تفاصيل وجهها مجيبًا: 
_دا ياستي شهاب العابدين اللى قولتلك إني كنت متفق معاه عشان يقبض ع التجار. 

عقدت حاجبيها قليلًا بريبه: 
_واي فكره بيك بعد السنين دي كلها وعاوز اي.؟ 

طبع قبله رقيقه على وجنتها وحملها بين يديه بخفه يدلف بها للداخل: 
_كان بيسألني عن واحد وقولتله إني معرفهوش، متشغليش دماغك انتِ بالحوارات دي وتعالي أحكيلك حدوته. 

ضحكت بيأس عليه قبل أن تغلق ستائر العرض مُعلنه عن أنتهاء القصة بحياة سعيدة يملؤها الحب وفقط. 

تمت بحمد الله


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1