![]() |
اسكريبت مملكة الملعونين كامل بقلم حور حمدان
كنت قاعدة في العربية، مركزة في الطريق، لما فجأة السواق وقف العربية بشكل مفاجئ وقال لي:
“انزلي.”
بصيت له بصدمة وقلت:
“نعم؟ انزل فين؟ مش فاهمة!”
رد ببرود:
“مش هكمل الطريق… انزلي.”
بصيت له بعصبية ورفعت صوتي:
“والناس اللي راكبة معايا موافقة على الكلام ده؟!”
سكت لحظة، وبص لي في المراية، نظراته كانت غريبة جدًا، وبعدها قال بهدوء:
“ناس مين يا آنسة؟ الله يمسيكي بالخير… محدش ركب معايا غيرك لحد دلوقتي! انزلي يلا.”
حسيت بجسمي بيتجمد… إزاي يعني؟! أنا شفت ناس نازلة وناس طالعة من العربية! أنا مش مجنونة!
كنت لسه هتكلم، لكنه قاطعني بنبرة تحذير:
“بقولك انزلي!”
أول ما نزلت، العربية اتحركت بسرعة جنونية، كأنه بيهرب من المكان.
بصيت حواليّا… الطريق كان فاضي تمامًا.
الأراضي مهجورة… شكلها يخوف… والدنيا ضلمة بشكل مرعب.
طلّعت موبايلي، كانت البطارية 5% بس، فتحت بسرعة شات ماما، صورت لها الطريق، وبعت لها:
“ماما، السواق نزلني هنا وقال مش هيكمل الطريق! كان معايا ركاب، اختفوا يا ماما! لما سألته، قالي إنه مفيش غيري كان راكب أصلاً! أنا متأكدة والله إن كان فيه ناس تانية! بس دلوقتي مش عارفة أرجع إزاي، أنا خايفة ومش عارفة المكان ده فين.”
معداش دقيقة…
ماما ردت بسرعة، لكن كلامها كان أغرب من كل اللي حصل:
“إزاي يا سارة يسيبك في مكان زي دا؟! افتحي الموقع بسرعة! إنتِ في مملكة الملعونين! لو شموا خبر إن حد دخل عالمهم، هتموتي! إنجزي بسرعة، وقفتي قلبي عليكِ!”
مملكة الملعونين…؟
إيه دي؟ أنا عمري ما سمعت عنها!
قبل ما أفكر حتى، موبايلي فصل شحن.
كنت واقفة مكاني، قلبي بيدق بسرعة رهيبة، حاسة برعشة في جسمي.
مفيش حد حواليّا…
مفيش أي صوت…
لفيت عيوني في المكان… لقيت صخرة كبيرة، روحت أقعد عليها وأنا مش عارفة هعمل إيه!
لكن قبل ما أفكر… حسيت بحد بيقعد جنبي!
بنت!
بصيت لها برعب… لكن شكلها كان طبيعي جدًا.
أول سؤالين جم في دماغي، خرجوا مني بسرعة:
“إنتِ مين؟ وجيتي هنا إزاي؟”
ابتسمت بهدوء، وقالت:
“مش مهم… بس أنا هحميكي.”
عينيها نزلت على الدبلة اللي في إيدي، وبعدها رفعت راسها وبصت لي بابتسامة غريبة وقالت:
“إنتي مُتَّبَعة.”
حسيت بقشعريرة في جسمي وسألتها بتوتر:
“متَّبَعة؟ متَّبَعة إزاي؟”
ما ردتش… بس فضلت تبص على الدبلة… وبعدها قالت بصوت هادي:
“خطيبك بيحبك؟”
اتوترت من سؤالها المفاجئ، ورديت بسرعة:
“أكيد بيحبني.”
سكتت لحظة… وبعدين بصت لي بابتسامة خبيثة وقالت:
“يعني هو دلوقتي مش سهران مع مراته؟”
جسمي اتجمد.
مراته؟!!
ضحكت بسخرية وقالت:
“هو مش قالك إنه لسه بيحبك؟”
حسيت برجلي بتتسمر في الأرض، عيوني فتحت على آخرها، وأنا بنطق بصدمة:
“مراته مين يا بنتي؟!!”
لكن قبل ما ترد، سمعت صوت ضحكة مرعبة…
مش ضحكة بنت… لا…
ضحكة راجل… وصوت أنفاسه كان قريب جدًا مني
كانت غريبة… مش طبيعية… كأنها خارجة من بطن الأرض نفسها!
حسيت بأنفاس حارة بتلفح رقبتي من ورا، كأن حد واقف ورايا بالضبط وبيتنفس
اتسمرت مكاني، عيوني وسعت، وكنت هصرخ…
لكن البنت اللي جنبي مسكت إيدي فجأة!
إيدي كانت باردة… بس إيدها كانت أسوأ!
كأنها قطعة تلج!
شدتني بسرعة وقالتلي
“اوعي تبصي وراكي! مهما حصل، اوعي تبصي.”
القشعريرة غطت جسمي بالكامل.
كان فيه حد ورايا… قريب جدًا… لكني مش قادرة أبص.
حاولت أتكلم، لكن صوتي كأنه كان محبوس
البنت سحبتني من مكاني، مشينا بسرعة بين الأشجار اللي كانت منتشرة على أطراف الطريق، حسيت إن رجلي تقيلة، كأن الأرض مش عاوزة تسيبني أتحرك.
الخطوات اللي ورانا بدأت تختفي… وضحكته كمان بدأ صوتها يختفي… بس لسه موجودة!
وصلنا عند كوخ خشب قديم، دخلتني بسرعة وقبل ما أتكلم، قفلت الباب بإحكام.
وقفت أخد نفسي، قلبي هينفجر ولما رفعت عيني ليها، لقيتها واقفة قدامي، بتراقبني بنظرة باردة.
أخيرًا، قدرت أتكلم.
“إنتي مين؟ وده كان إيه؟!!”
قالت بهدوء وهي بتراقبني:
“كانوا هيشمّوا ريحتك… بس لحقتك.”
اتوترت أكتر وسألتها:
“مين هما؟! وأنا أصلاً ليه هنا؟! المكان ده إيه؟!”
بصتلي علطول وقالت بعد لحظة صمت قاتلة
“المكان ده مملكة الملعونين.”
حسيت بكلمتها بتدوي في دماغي، افتكرت رسالة ماما اللي قرأتها قبل ما موبايلي يفصل.
بلعت ريقي بصعوبة وقلت:
“طب أنا… أنا إزاي أخرج من هنا؟”
اتسعت ابتسامتها بسخرية، قبل ما تقول
“وهل اللي بيدخل هنا… بيخرج؟”
جسمي اتجمد!
كانت هتتكلم، لكن فجأة… سمعت دقات قوية على باب الكوخ!
الدقات كانت عنيفة… كأن حد عاوز يكسر الباب!
بس البنت بصت للباب وبعدها بصتلي بدون اهتمام وقربت مني وقالت..
البنت قربت مني واتكلمت بصوت واطي جدًا:
"مهما حصل… متفتحيش الباب!"
الدقات على الباب زادت، كانت عنيفة لدرجة إن الخشب بيهتز، وكأن حد هيكسره في أي لحظة!
قلبي كان بيدق بسرعة رهيبة، وكنت واقفة مكاني، مش عارفة حتى أتنفس كويس. بصيت للبنت اللي قدامي، كانت واقفة عادي، وشها هادي جدًا، كأنها مش سامعة الدقات اللي بترج المكان!
صرخت فيها وأنا مرعوبة:
"مين اللي على الباب؟!"
رفعت عينيها ليا وقالت بهدوء:
"مش مهم… المهم إنك متفتحش، وإلا… هيشمّوا ريحتك."
الجملة دي رجعت ترن في وداني… نفس الكلام اللي قالته قبل كده!
بلعت ريقي بصعوبة، وعقلي كان بيلف… مين هما اللي هيشموا ريحتي؟! وإيه اللي بيحصل هنا أصلاً؟!
لكن قبل ما أسألها، سمعت صوت من ورا الباب… صوت راجل، خشن وقوي، بس كان غريب… كأنه صوتين بيتكلموا مع بعض!
"افتحي الباب… إحنا عارفين إنك جوه، وعارفين إنها معاكِ!"
حسيت بجسمي بيتجمد، وبصيت للبنت برعب، لكن هي كانت لسه هادية جدًا، وكأنها متعودة على اللي بيحصل ده!
"إنتِ سامعة؟! في حد بره، وبيقول إنه عارف إني هنا!"
ابتسمت بسخرية وقالت:
"عارفين… لأنك مختلفة عنهم… ريحتك مش زيهم!"
"زيهم؟! إنتِ بتتكلمي عن مين؟!"
"اللي عايشين هنا… الملعونين."
اتسعت عيني بصدمة، قبل ما أقدر أرد، الصوت من بره زاد بغضب، وصوت الدقات على الباب اتحول لخربشة قوية، كأن حد بيحاول يخلع الخشب بأظافره!
"لو مافتحتيش الباب دلوقتي… هنجيبك بطريقتنا!"
صوتهم كان مرعب… حقيقي مرعب!
رجلي كانت بتترعش، حسيت إني هقع في أي لحظة… لكن البنت مدت إيدها ومسكت إيدي بقوة، عيونها كانت مليانة تحذير وهي بتقول:
"دلوقتي… لازم تختاري. يا إما تفضلي هنا معايا، وأنا هحاول أحميكي… يا إما تفتحي الباب، وتواجهي اللي مستنيكي بره!"
اتجمدت مكاني، وعيوني كانت معلقة على الباب اللي الخشب بتاعه بدأ يتشقق تحت قوة الضرب!
حسيت بأنفاسي بتتسارع…
إيه اللي مستنيني بره؟! وإزاي أهرب من المكان ده؟!
والأهم… مين البنت دي فعلًا؟!
وقفت مكاني، عقلي بيصرخ إنه لازم أهرب، لكن رجلي مش بتتحرك… زي ما يكون الأرض سحبتني معاها. نظرتي كانت متعلقة بالباب، اللي كان خلاص على وشك ينهار تحت الضربات المرعبة دي!
البنت قربت مني أكتر، صوتها بقى شبه الهمس:
"اسمعي كلامي متتهوريش اللي بره مش زيك!"
اتنفست بصعوبة، وحاولت أفهم كلامها، لكن صوت كسر الباب قاطع تفكيري!
ظهر أول شخص… أو مش عارفة لو كان شخص أصلاً! كان طويل، جسمه شبه البشر، لكنه مش بني آدم… كانت عيونه مضيئة بلون أحمر، ووشه مشوش كأنه بيتغير كل لحظة!
"لقيناها… اخدوها!"
الصوت جه من وراه، وكان فيه أكتر من حد بيتحرك في الضباب، كأنهم جيش بيستعد للهجوم.
مسكت البنت إيدي بشدة، وصرخت:
"إنتِ معايا ولا لأ؟!"
قلبي كان بيدق بجنون، لكني قررت هفضل مع البنت! شدّتني من إيدي بسرعة، وفتحنا باب صغير في الحيطة، كأن مكنش موجود أصلاً! دخلت وراها، وقفلناه بسرعة قبل ما الكائنات دي تلحقنا.
وقفنا جوه اوضة ضيقة جدًا، ضلمة تمامًا، ومليانة ريحة تراب قديم. سمعتها بتتنفس بعمق، قبل ما تقول:
"لسه في أمل… بس لازم نمشي بسرعة، لأنهم مش هيسيبونا بسهولة!"
"مين هما؟!"
"إيه المكان ده؟!"
"وإزاي هنخرج من هنا؟!"
أسئلة كتير بتلف في دماغي… لكن دلوقتي، مفيش وقت للإجابات. كل اللي أعرفه… إني دخلت عالم مكنتش أتخيل وجوده!
فاجأة البنت شدتني من ايدي وقالت :
"ممنوع نتكلم… اسمعي بس!"
سكت، وحاولت أسمع أي حاجة… لكن مفيش غير صوت أنفاسي المتسارعة وصوت خفيف… كأنه حاجة بتزحف على الحيطان
"في حد معانا؟!"
سألتها بصوت واطي جدًا، لكنها ما ردتش، بس شدت إيدي أكتر وبدأت تتحرك بسرعة. حاولت أجري وراها وسط الضلمة، لكن الأرض كانت مش مستوية، كأنها قديمة..
فجأة… سمعت صوت همسة قريبة جدًا من ودني، بس ما كانتش صوتها!
"عارفين إنك هنا… متحاوليش تهربي!"
صرخت وأنا بتلفت حواليا، لكن ما كانش فيه حد! مجرد ضلمة ، والبنت اللي بتسحبني بسرعة.
"مش تسمعي كلامهم! ما يبقوش موجودين غير لو صدقتي إنهم موجودين!"
حاولت أستوعب كلامها، لكن صوت الضحكات البعيدة بدأ يقرب… كان صوت كذا حد بيتحرك حوالينا، بس مش باينين!
"إحنا لازم نخرج من هنا!"
صرخت بصوت واطي، لكنها سابت إيدي فاجأة ووقفت.
"في طريقين واحد فيهم هيوصلنا للخروج، والتاني مش هنرجع منه تاني."
اتجمدت في مكاني، وعيني بدأت تتعود على الظلمة شويه… كان فيه ممرين قدامنا، واحد منهم كان فيه نور ضعيف في نهايته، والتاني كان مجرد ظلام حالك!
"هنروح فين؟!"
"اختاري بسرعة… وإلا هما اللي هيختاروا لنا!"
صوت الهمسات المرعبة قرب أكتر، وحسيت بحاجة بتلمس رجلي قلبي كان هينفجر من الرعب!
لازم أقرر… دلوقتيي
عقلي مشلول بين طريقين… واحد في نهايته نور ضعيف، كأنه بيحاول يهمس لي: "تعالي، هنا الأمان". أما الطريق الثاني، فكان مظلم تمامًا.
وقفت مكاني مترددة، رجليا ثابتة كأنها متسمرة في الأرض، وعقلي بيصرخ بسيل من الأسئلة: لو خدت الطريق المنور، هل ده معناه النجاة؟ ولو مشيت في العتمة، هل ده معناه الهلاك؟
صوت البنت قطع حيرتي، كانت واقفة قريب، عيونها مليانة قلق بس فيها ثقة غريبة… كأنها عارفة أكتر منها بكتير.
"خدي الطريق المظلم… متخافيش، أنا معاكِ!"
حسيت برجفة في جسمي، بصيت لها بعدم تصديق:
"إزاي يعني؟! أنتِ قولتي إنه واحد منهم بيوصل للخروج!"
"وأنا عارفة أي طريق هو!"
ما كانش عندي وقت أفكر، صوت الهمسات اللي كنت باسمعها من بعيد بدأ يتحول لصراخ عالي، كأنهم عارفين إني مترددة! وفجأة… حسيت بحاجة بتسحبني من رجلي
صرخت، لكن قبل ما ألحق أتصرف، لقيتها ماسكة إيدي بشدة، وجرت بيّا ناحية الظلام!
الجري في العتمة كان مستحيل تقريبًا، رجلي بتتعثر، والبرد بدأ يتسلل لعظمي… لكن كان في حاجة غريبة بتحصل! الأرض تحت رجلي كانت بتتغير… كأننا بنجري في نفق بيضيق علينا مع كل خطوة!
"لسه شوية! متوقفيش!"
صوتها كان بعيد رغم إنها قدامي، كأن المسافة بيننا بتزيد! حاولت أركز وأجري أسرع، لكن فاجأة… نور قوي ضرب عينيّ، وجسمي وقع على الأرض
حاولت أتنفس بعمق، عيني بترمش بسرعة علشان تتأقلم مع النور إحنا خرجنا؟!
الهوا كان مختلف… مفيش أصوات همسات أو صراخ… بس إحنا فين؟
رفعت عيني للسما كانت ليل، لكن القمر منور بشدة.
اتنفست بعمق، جسمي لسه بيرتعش من التوتر، لكن البنت اللي أنقذتني كانت واقفة ساكتة، عيونها مثبتة في الأرض، ووشها بارد جدًا.
"إحنا خرجنا… بس أنا مش هقدر أكمل معاكي."
رفعت عيني لها بصدمة:
"ليه؟! هربنا خلاص، خلينا نروح من هنا!"
اتنهدت، وبصت لي بنظرة حزينة:
"أنا… مش زيكِ. أنا واحدة منهم."
حسيت ببرودة بتجري في عروقي، خطيت خطوة لورا بدون وعي:
"إيه؟! بتقولي إيه؟!"
"أنا كنت واحدة منهم… بس حبيت أساعدكِ. بس دلوقتي، مفيش مكان أروحه."
كلامها كان تقيل على ودني، عقلي مش قادر يصدق اللي بسمعه.
"ليه أنقذتيني؟!"
"لأنكِ تستاهلي تعرفي الحقيقة… الحقيقة عن الشخص اللي كنتِ بتثقّي فيه!"
حاجبي اتعقد، وحالة من التوتر سيطرت عليّ… هي بتتكلم عن مين؟!
"خطيبكِ… عمر! كان سبب وجودك هنا من البداية!"
حسيت بكلمة "عمر" بتخبط في ودني زي صاعقة، عيوني اتسعت بذهول:
"عمر؟! إزاي؟!"
ابتسمت بسخرية، لكن الابتسامة كان وراها حزن
"عمر خطيبك اصلا متجوز، وبيلعب بيكِ زي ما لعب بغيرك ولكن الفرق ان خلاكي تثقي فية انتِ ووالدتك وخليتية يدير كل شغلك ولما عرفتِ حاجة ما كانش المفروض تعرفيها والي هيا انه بياخد فلوس من شغلك زيادة ، خلاهم ياخدوكِ لمكان محدش بيرجع منه هوا الي خلى السواق ينزلك هنا عشان بس تبقي من الملعونين
حسيت إن الدنيا بتلف بيا، نفسي تقطع، وعقلي مش قادر يستوعب الصدمة.
"أنتِ بتكذبي!"
"أنا مبحبش البشر، بس صدقيني… دي الحقيقة!"
عقلي كان بيرفض يصدق، لكن كل حاجة حصلت لي كانت بسبب حاجة مش طبيعية
البنت رجعت خطوتين، جسمها بدأ يتحول لرماد أسود ببطء، كأنها بتتلاشى.
"روحي… وخدي حقكِ… بس متدخليش العالم ده تاني، لأن المرة الجاية… محدش هينقذك!"
وفجأة… اختفت.
فضلت واقفة مكاني، لسّه مصدومة، ولسّه مش مستوعبة… لكن حاجة واحدة كانت واضحة قدامي
مسحت دموعي بسرعة، ومشيت في الضلمة اللي قدامي، مش مهم أنا فين ولا هاروح فين، المهم إني هلاقيه، وهواجهه، ومش هسيبه يهرب بعملتة
مشيت وقت طويل، أو يمكن دقيقة، الزمن كان تايه في دماغي… لحد ما حسيت برجلي بتلمس أرض إسفلت، والضباب اللي كان حواليا بدأ يختفي.
أنا واقفة في الشارع… قدام بيتة
شهقت، إزاي رجعت هنا؟! بصيت حواليا، كل حاجة طبيعية، البيوت، النور، الناس… كل شيء كان واقعي.
لكن أنا عارفة الحقيقة… الحقيقة اللي محدش غيري يعرفها.
الغضب كان مالي قلبي، والانتقام بيجري في دمي زي النار اللي مش هتنطفي غير لما أشوفه بين إيديا، بيتوسل علشان حياته… زي ما كنت أنا بتوسل علشان حياتي هناك.
دقيت الجرس، وكنت عارفة إن الليلة دي هتكون الأخيرة في حياته.
فتح الباب، وابتسامته كانت مرسومة على وشه، كأنه مش عامل حاجة، كأنه مش كان راميني في الجحيم اللي حاولت أهرب منه.
"حبيبتي! كنت فين؟ أنا كنت هاموت من القلق عليكِ!"
ضحكت ضحكة خفيفة، وعيوني مغلفة بالهدوء… الهدوء اللي يسبق العاصفة.
"عارف، كنت في مكان صعب جدًا… بس عرفت حاجات أكتر عنك."
اتسعت عيونه للحظة، لكنه خفى خوفه بسرعة، وعمل نفسه طبيعي.
"مكان إيه؟ إنتِ بتقولي إيه؟"
دخلت، وهو تنحّى عن طريقي، كان واثق إن كذبه مازال محكم، لكنه مايعرفش إن اللي واقفة قدامه مش البنت اللي كان بيلعب بيها… دي واحدة راجعة علشان تنتقم.
قعدت على الكنبة، وهو واقف قدامي متوتر، مسحت على رجلي بهدوء، وبصيت له:
"حياتك كانت هادية النهاردة، صح؟ ولا كنت خايف إني أرجع؟"
بلع ريقه، وظهر عليه التوتر أخيرًا:
"إنتِ بتتكلمي كده ليه؟! أكيد فرحان برجوعك!"
ضحكت، وميلت جسمي لقدام:
"وأنا فرحانة أكتر… فرحانة إني هشوفك وأنت بتموت."
قبل ما يستوعب اللي بقوله، طلّعت السكينة اللي كنت مخبياها
اتراجع خطوة، صدمته كانت واضحة في عيونه، لكني كنت أسرع.
غرزت الس'كينة في بطنه، صرخ بصوت مخنوق، وقع على الأرض، إيده بتضغط على الجرح، لكني ما كنتش خلصت.
"بتتوجع؟ طب متقلقش… الوجع الحقيقي لسه مجاش!"
قعدت جنبه، ومسكت وشه بإيدي المليانة دم:
"حسّيت بيا وأنا بصرخ هناك؟
دموعه نزلت، كان بيترعش، وأنا ضحكت… الضحكة اللي كنت بستناها طول الوقت.
"مش هخليك تموت بسرعة… هخليك تحس بكل لحظة ألم كنت أنا فيها."
رفعت السكينة، وطعنته تاني، وتالت، ورابع كل طعنة كانت قصاص على ليلة الرعب اللي عشتها بسببه.
وأخيرًا… سكتت أنفاسه.
دخلت المطبخ وفتحت امبوبة الغاز وخدت الولاعة وخرجت ولعت في سلك التلاجة وجريت بسرعة برا الشقة
وقفت برا البيت ونا بتفرج على النار وهيا بتزيد كل شوية وقلبي كان بيدق بهدوء… مفيش ندم، مفيش خوف.
في الآخر، كل واحد بياخد اللي يستحقه.
وهو خد نهايته العادلة.