![]() |
رواية غمرة عشقك الفصل التاسع والعشرون بقلم دهب عطية
ضحكت سمر بعنف وغيظ وهي تنظر لحنين الجالسة بشرفة بيتها على احد المقاعد الخشبيّة
المتهالكة.....
استندت سمر على سور الشرفة المتهالك مائله برشاقة للأمام وهي تنظر امامها بحسرة......
"يعني انتي جوزك طلع بيخونك..... ورجع لطلقته وانتي على ذمته.... وانا على علم ان ابراهيم قراء
فاتحه على بنت حسان والخطوبة اخر الاسبوع
والفرح بعد شهرين بس.... دا اي الهنا دا كله... احنا منحوسين يانونا...... النحس ركبنا.... مفيش واحده
عاشت مرتاحه........"
كتفت حنين ذراعيها امام صدرها وهي تنظر للشرفة
في جلستها تلك بكآبة ثم لاح عليها الحزن وهي تقول.......
"فعلاً النحس ركبني.... قال وانا اللي قولت ان بيحبني وانه فعلاً شايفني جوازة العمر... مش فترة وسلام زي غيري......" اخرجت تنهيدة شاجنة
وعيناها البنية تلمع بدموع.......
"تصوري كان واخدها في حضنه في الحفلة وهي عماله تضحك وتدلع على كتفه.... قلة ادب.... بيحب قلة الادب وبيفرح اوي بلمة الستات حوليه... هنتظر اي يعني من واحد كان متجوز قبلي اربعه ها...
هنتظر إيه..... كل محصل بعده.... جت الحزينة تفرح ملقتلهاش مطرح...... " مسحت دموعها في المنديل
ثم انفها بقوة مصدره صوت مقرف بعدها......
امتعضت سمر وهي تحدثها ساخرة.....
"زعلانه من اي فكاك.....كلب راح عشرة يجوا......."
جففت حنين وجنتيها وهي تقول بعتاب.....
"عز الدين مش كلب ياسمر....متقوليش عليه كده..."
رفعت سمر أحد حاجبيها ساخرة وعقبت.....
"شوف البت.....صحيح يا داخل بين البصلة وقشرتها ما ينوبك......يلا......"
عادت عينا سمر للشرفة بشرود وقالت بنبرة
باهته....
"من سنة ونص تقريباً قعدنا نفس القعدة دي.....وبعدها اتقلبت حياتنا احنا الإتنين....وبرضو القلبان كان بسبب راجلين.......دخلوا حيات كل واحده فين ومكناش نعرف وقتها في الدنيا غير الشغل والفلوس وازاي نخفف الحمل التقيل اللي على ضهرنا......دخلوا عشان يدوقونا الحب وبعدين
مرارة الحب......."
انفطر قلب حنين حزناً وهي تقول......
"لحد دلوقتي مش ندمانه اني حبيته يا سمر... وده اللي وجعني........"
قالت سمر بلوعة وهي تنظر اليها مستندة على
السور بجزعها....
"وجعني اكتر منك......عارفه لو كرهته مش هيفرق معايا.............بس معرفش اعمل حاجة غير اني احبه........افضل بس احبه وتعذب بسبب بعده....."
انتبهت اكثر حنين لأمراً أهم
فسالتها.....
"انتي فعلاً هتزوقي خطبته......معقول هتعمليها... "
ردت سمر بنبرة قوية رغم تألم قلبها.....
"الشغل الشغل ياحنين.....اي عايزاني انكسر قدامه......حتى لو بضغط على نفسي....مش معقول ابينله اني خلاص مش قادرة على بعده......"
قالت حنين بدون مواربة.....
"بس انتي فعلاً مش قادرة على بعده ياسمر....."
قالت سمر بكبرياء وهي تهرب من عينا حنين بحزن........
"مقولهاش.....حتى لو روحي فيه مقولهاش....."
ثم اعتدلت في وقفتها وهي تنظر للمارة بالاسفل
بحنق..........
"مش هو اللي اختار يبعد ويدخل واحده ملهاش ذنب بينا......يبقا خلاص كل واحد يروح لحاله...."
سالتها حنين بفضول......
"تفتكري لو ابراهيم فاق من اللي هو في ياسمر .....
هتسامحي وترجعيله..... "
قالت سمر بحيرة......
"لو جالي..........وفاق قبل ما يتجوزها....ساعتها يمكن
اسامحه......يمكن... "ثم لوت شفتيها وهي تتذكر رفض اهله لها واصراره هو على نسيانها بامرأه أخرى...
"بس معتقدش ان ده اللي هيحصل.....ابراهيم
خلاص رتب حسباته..... وانا مش في الحسابات دي....... "
قالت حنين بتبرم وانزعاج......
"هما ليه الرجالة عندهم حتة النقص دي عاليه...."
قالت سمر بقرف.....
"عنيهم فارغة....وبيحبه يعيشوا دور الضحية...."
نهضت حنين عن مقعدها ووقفت جوار سمر
وهي تقول بتأكيد وعن تجربة......
"صح............ليه فعلاً بيحبه يعيشوا دور الضحية.......والقمصه بتاعتهم حاجة لا تطاق....."
قالت سمر باستنكار......
"عشان احنا الصدر الحنين ياختي....ملايكه بحناحين
لازم ندادي ونطبطب ياما كده يا نبقا كخه ومش عارفين نحافظ على بيتنا ولا جوازنا......"نظرت سمر
للبيوت المغلقة امامها وهي تحدث حنين
باستياء....
"بصي حوليكي ياحنين....كام بيت من دول مفتوح
بس عشان في أم صبره..... وزوجة راضية
بنصيبها....."
قالت حنين بشفقة وحزن وهي تتفقد المباني الصامدة وكانها تعرف خبايا كلاً منهم.......
"دول الابطال اللي المفروض يكتب عنهم...احنا
منهم ياسمر ؟........"
مطت سمر شفتيها حائرة وفضلت الصمت وهي
تطلع حولها بشرود......
اخرجت حنين زفرة ممزوجة بالوجع وهي تسالها
بهدوء......
"هتروحي النيابة بكرة الصبح زي ماقولتيلي......"
اومات لها سمر فقالت حنين برفق.....
"تحبي اجي معاكي عشان متبقيش لوحدك......"
امتنعت سمر برفق......
"ياريت.....بس بلاش شكلك تعبانه.....وانا رجعه
هعدي عليكي........"
اومات حنين بارهاق.....
"انا فعلاً من ساعة ما صحيت وانا تعبانه....وكمان نفسي انام أوي........."
تثاءبت سمر على سيرة النوم وقالت.....
"انا كمان هموت ونام.....تعبانه وقرفانه وعايزة
اهرب من الغم ده بنوم.....هروح استلم السرير"
سحبتها حنين وهي تدخل غرفتها....
"وتستني ليه لما تروحي.....تعالي نامي جمبي وسكتي........"
خلعت سمر السترة وهي تقول بحنق....
"والله ما هكسفك...... انا أصلا مش عايزة ادخل الشارع...... حسى اني اول ما ادخله هلقيه في وشي.... هاتي حاجة بقا طريه عشان الهدوم دي مكتفاني........"
استقلت حنين على الفراش بظهرها وهي تقول
بتعب.....
"ياختي افتحي الدولاب ولي يقابلك البسيه...."
نظرت لها سمر باستغراب فقد اغمضت حنين
عينيها سريعاً بتعب.....
"مالك يابنتي انتي مانمتيش كويس بليل؟...."
فتحت حنين عينيها ونظرت لسقف الغرفة وهي تقول هازئة من نفسها.......
"بالعكس دا انا نمت زي القتيل....والمفروض يعني
واحده جوزها خانها واتجوز عليها امبارح مدوقش
طعم النوم وتقعد تحرق في دمها اكتر ماهو محروق
لكن انا فخورة بنفسي اوي.....حطيت راسي امبارح
على المخدة و روحت......."
قد انهت سمر تبديل ملابسها بعباءة قطنيه بنصف
كم مريحه للنوم........ثم تقدمت منها وهي تشجعها
بفخر.......
"جدعه مفيش احسن من النوم...نحرق دمنا ليه وهما مقضينها مع الهوانم بتعهم........انزحي شويه...."
استلقت جوارها على الفراش نائمة ونظرت للسقف
معها بشرود.....ثم لم تلبث كلتاهما إلا وكلا منهن انفجرت ضاحكة بقوة حتى دمعت أعينهن من شدة الضحك......سالتها حنين وسط ضحكاتها العالية.....
"بتضحكي على إيه......."
قالت سمر وهي تقهقه عالياً......
"كل ما تخيل شبكة ابراهيم وهو وقف جمب
خطبته اللي شبه خلة السنان دي....بفصل... "
اومات لها حنين وهي تبتسم......
"هو طويل فعلاً......حتى وانتي جمبه اطول منك بشوية حلوين......."
قالت سمر بزهو...
"ايوا بس ان ليقه عليه اكتر......."
اومات حنين بسخرية.....
"امال إيه........طبعاً........طبعاً......."
استلقت سمر على جانبها وهي تنظر لحنين
بغيظ.......
"ليقه عليه ياحنين متهزريش......"
قالت حنين بمحبه وهي تنظر اليها....
"ياجلبي انتي تليقي على اي حد.......هو اللي ما بيفهمش........."
لكزته سمر بكتفها وهي تبتسم بزهو......
"ايوا كده صاحبتي بجد مش كلام....كل ماتزيدي من التطبيل تزيد غلاوتك ويدوم الود بينا......"ثم اضافت سمر بتساؤل ...
"وانتي بقا كنتي بتضحكي على إيه....."
لوت حنين شفتيها وهي تقول.....
"على عز الدين....اصل كان بيقول ان الخاينة
مش في طبعه......."
عقبت سمر بازدراء......
"ياغتي جميلة.... على المحترم المؤدب........وانتي طبعاً صدقتي زي الهبلة.......من اول حضن
اندلقتي... "
قالت حنين بفخر أهوج.....
"من اول بوسه وحياتك....كانت عليه بوسه
بتجيب من الآخر..........."ضحكت حنين
بمرح ساخر وكذلك سمر التي قالت
بسخط....
"هما أصلا مش بيفهموا غير في الحاجات دي......فكرتيني باليوم الحزين اللي كنت
بتعارك فيه مع ابراهيم فوق السطح......
يعني كنا بنتخانق ومش طايقين بعض
وفي لحظة القي بيبوسني غصب....انا اخدت
وقت على ما استوعبت اللي بيعمله......"
قالت حنين وهي تغمض عينيها ناعسة......
"فكره مانتي كنتي حكيالي قبل كده......بس
الفرق اللي بيني وبينك ان انا عمري ما تبست منه بالغصب..... عمره ما غصبني على حاجة......كان
هادي كده وراسي وبياخد اللي هو عاوزه
بالحب....... "
"ما الحب ده هو اللي جابنا ورا........"اغمضت سمر عينيها بعد تلك الجملة بتعب.....وقد ذهبا في ثباتٍ
عميق بعد وصلة من الضحك والدردشة التي تخفي
خلفها قلوب مرهقة بأسم الحب.........
......................................................................
وصل بها لأحد المقاهى الراقيه وجلس امامها
على احد المقاعد......ابتسمت هبة بخجل وهي
تنظر اليه بين الحين والاخر باعجاب وسعادة بان هذا الوسيم سيكون زوجها بعد شهرين.......بل وانها ستجلس جواره في حفلة الخطبة....تخشى ان تخرجها سمر قبيحة انتقاماً منها على ارتباطها بخطيبها السابق...
تنهدت هبة هائمة وهي تسترق النظر لابراهيم
من اسفل رموشها....هالة من الرجولة تحيط بهذا الرجل شرقي الملامح........وسيم الطلة.....بجسد
رياضي وطول فارع يربكها احياناً من قصرة
قامتها ويشعرها بكم هي ضئيلة جواره.....
لكنها اكثر النساء سعادة فهي ستتزوج من رجل يتمناه الكثيرات.....رجل بمعنى الكلمة...يكفي حنانه
وشهامته الملموسة مع الجميع......رغم ان شخصيته
قاسية أحياناً بها نوع من الخشونة التي لا تلين....او
يبدوا انها تلين نحو اشخاص معينة....هي لا تنتمي لهم بتأكيد.....لكنها ستحاول بكل الطرق إختراق هذا الحجر واخذ المكانه التي تستحقها منه......
ابتسمت هبة برقة وهي تسأله بصوتٍ ناعم....
"هو احنا جاين هنا نسكت........"
خلع نظارته السوادء عن عيناه وظلل الجفاء
والملل نظراته وهو يقول
"لا جايين عشان قولتي ان في حاجة ضروري لازم نتكلم فيها......"
فركت هبة بيدها فتلك الخروجة كانت من تدبير
امها التي تحاول بكل الطرق نجاح هذه الخطبة
التي اتت لهم على طبق من ذهب......
"يعني بصراحة....انا قلقانه شويه و...و...ونفسي
يعني اعرف اكتر عنك........"
قال ابراهيم بفتور.....
"عايزة تعرفي إيه......."
فركت بيداها اسفل الطاولة وهي تقول بتلعثم......
"يعني بتحب إيه.........بتكره إيه..كـ.....كلمني عنك شوية....."
اجابها ابراهيم بملامح راخيه.....
"انتي عارفه كل حاجة عني ياهبة.....احنا جيران وتقريباً متربيين سوا........"
قالت هبة سريعاً بنفس الحرج الملحوظ......
"طبعاً.....بس انا نفسي يعني تكلم معايا اكتر وتفتحلي قلبك........"
"مش وقته ياهبة..........خلي كل حاجة تاخد وقتها متستعجليش........"اشار للنادل وهو يسالها
بهدوء.......
"تشربي إيه........"
زحفت الحمرة لوجنتيها امام نظراته الفاترة
عليها !!.......ادعت الدلال والخجل المغري.....
"اختارلي انت حاجة على ذوقك.........."
ابتسم ابراهيم في وجهها بصعوبة...وهو ينفر من اسلوبها المصطنع لنيل رضاه والاستحواذ على تفكيرة.............ألا تعرف انه مقيد بحب امرأة
ذات عيون سوداء لامعة وشعر طويل غجري
متوهج بجمال حول وجهها....... من نظرة واحده غلبت فؤادة وغمر العشق وجدانه.........
........................................................................
بعد يومين......
وضعت عفاف رزم الاموال امام سمر على سطح المكتب وهي تقول بخيبة أمل......
"مرضاش ياخدهم ياسمر..... اتحيلت عليه كتير... وبرضو مرضاش ياخدهم......."
رفعت سمر عينيها اليها بضيق قائلة باستفهام.....
"يعني اي مرضاش ياخدهم..... قعدي وقوليلي قالك إيه........"
جلست عفاف والتقطت انفاسها بتعب....ثم
سردت ما حدث معها......
"روحت عنوان المصنع على وصفك.... وطلع
هوه......طلعت اقابله.....وديته الفلوس وقولتلى
زي ما قولتيلي.... اننا حسبنا حسبتنا....وعرفنا اللي دفعه... وحطيت قدامه الفلوس دي وقولتله
دا نص المبلغ ونص التاني هنبعته كمان شهر كده........"
نظرت لها سمر بجدية وهي تدفعها للمتابعة....
"ها........ وكان رده إيه......."
لوت عفاف شفتيها بتهكم وقالت.....
"كان رده يقهر.... مشوار طويل عريض من الصالون
لمصنعه وفي الآخر يقولي..... رجعي الفلوس دي ليها وخليها هي بنفسها تيجي تحاسبني بالورقة
والقلم...........انا مش برمي فلوسي على الأرض....
التقدير حلو........"
توسعت عينا سمر بغضب وهي تسالها بدهشة
مفعمه بالغيظ........
"قالك كده ياعفاف......."
اومات عفاف وهي تقول بصدق....
"والله العظيم ياختي قالي كده.... انتي عرفاني لا بحب ازود كلمة ولا نقص حرف.... زي ما قالي
جيت قولتلك......."
نهضت سمر عن مقعدها بغيظ قائلة.....
"ماشي يابراهيم....... مش هو عايز يحاسبني بالورقة والقلم.......تمام انا هروحله......." سحبت رزم الاموال ووضعتهم بحقيبتها الانيقه.......
ثم القت نظرة فاتره على عفاف بينما قالت بهدوء...
"ساعة بظبط ورجعه خدي بالك من المكان في غيابي......."
اوقفتها عفاف وهمست بلين......
"بس اسمعي بلاش تشدي معاه... اديلو حقه بعد ما يحسب حسبته.........."
اومات لها سمر باقتضاب وهي تخرج من صالون التجميل الفخم......
بعد مدة قصيرة وصلت للمصنع وبعد الصعود للمبنى الإداري وصلت لمكتبه..... دخلت بهدوء بعد ان طرقت الباب برفق.......
كان جالسا خلف المكتب حينما طلت عليه البهية
بعطرها الأخذ..... المسك والعنبر رائحة البخور
القديمة الممزوجه مع رائحة عطرها...
لماذا تضيف عطر وهي تمتلك عطر طبيعي لم يشتم مثله على أمرأه غيرها ولو حتى من باب الصدف !...
رفع عيناه عليها بنفس الانجذاب الذكوري القوي نحوها ، تأنقها وجمالها المميز الجامع بين الجاذبية الانثوية الانيقة وشراسة قطط الشوارع.........
كم يحب كل مابها رغم ان كل مابها عكس
مايريد.....لكنه احبه....بل اهوس بكل شيءٍ
تمتلكه البهية.... حسناء الملامح فاتنة
القوام.......زهرة تزدهر وتتفتح كل يوم عن
سابقة ولا تمتلك حق الاقتراب منها بل خلقت
امامك كي تتأملها بحرمان !!....
كانت ترتدي بنطال جينز عليه قميصة ازرق فاتح
كانت ازرارة باكملها مغلقة... كان تضع نصف اطرف
القميص بداخل بنطالها الجينز الضيق..... الذي
برز خصرها الرشيق وبطنها المسطحها.... قوام عارضات الازياء وصلت اليه بفضل المحن التي مرت بها... ربما لم تمتلك يوماً جسد أنثوي ممتلئ لكنها كانت تمتلك جسد انثوي بمنحنيات مغرية ممتلئة لينه..... خسرت الكثير من وزنها فباتت تمتلك قوام انحف.... وهذا لم يقلل من جمالها بل ازدادت حلاوة.......
كانت تضفر شعرها (ضفيرة سنبلة....) كانت تتدلى الضفيرة الجميلة على ظهرها بدلال........كانت تضع أيضاً بعضاً من الزينة الرقيقة على وجهها فزادت اشرق وجهها بهاءاً........
للحظة من التأمل ضاع عقله بها...بينما عيناه مرتا عليها في لحظة واحده بدفء واشتياق يكابر في
الفصح عنه......
ارتجفت سمر من نظراته الطويلة على جسدها
وكانه لمسها....رغم غضبها منه وانفعالها الواضح بعينيها الناريه عليه إلا انها للحظات تجمدت مكانها امام نظراته القوية الجريئة عليها..... وقد اشفقت على غباءه في اختيار أخرى كي تحل محلها بقلبه......ألا يرى نفسه كيف ينظر اليها....ألا يرى
كيف حضورها يأثر به؟!....
احقاً ستتزوج ياحبيب....كيف وعيناك تجزم انها
لن تهوى سواي......قلبك مدله في حبي وانا وانت نعلم ان ليس هناك شفاء من غمرة العشق.........ويلك من العشق كاللعنة اصابت كلانا من اول لقاء......
اخذ نفس طويلاً وهو يستعيد رزانة عقله قائلا
بصوتٍ اجش......
"نورتي المكتب ياسمر......... خير......"
ذاب الجليد والحنين الغبي نحوه واستعادت غضبها قائلة بانفعال وهي تتقدم خطوتين اخرين من المكتب...
ثم اخرجت رزم الاموال ووضعتها بقوة وقلة ذوق
امامه على سطح المكتب قائلة.....
"دي الفلوس اللي عفاف جبتهالك... وانت رفضت تاخدها.... قال اي ليك حسبه تانيه.......انا جيت بنفسي عشان نشوف الحسبه بتاعتك......قولي عايز كام ونتفق اسلمك اللي معايا والباقي كمان شهر
اكون جمعته........"
اشار لها بان تجلس وكانت ملامحه خالية من
التعبير.......
"قعدي الاول مش هنتكلم وانتي وقفه....."
جلست وهي تزفر بضيق وقالت بانزعاج....
"مكنش فيها حاجة يعني لو خدت الفلوس من
عفاف وكنت كلمتني بعدها في التلفون وعرفتني اللي ليك...واللي عليا.....اكيد مش هقولك حاجة دا حقك ودي فلوسك......وانت تشكر انك ساعدتني
ووضبت الركن اللي اتحرق وجبت البضاعه اللي
كلتها النار........"
نظر لها إبراهيم بحنق ثم سالها ببرود...
"من امتى وانا وانتي في بينا فلوس....."
ارتجف جسدها برعشة عاطفية متأثرة بحديثه الذي
يدل عن مشاعر ولى زمن الشعور بها بعد ان اخبرها ببساطة انه سيرتبط بغيرها.......بلعت ريقها وقالت
بنبرة قوية مختصرة.......
"الكلام دا كان زمان دلوقتي كل واحد فينا لازم ياخد حقه عشان انا لا اجي عليك ولا انت تيجي عليا...."
رد هازئاً وهو يلوي شفتيه القاسية.....
"واحنا لسه مجناش على بعض ياسمر......"
اخرجت زفرة متعبة وقالت بحيرة.....
"ابراهيم انا احترت معاك.....ومبقتش عارفه انت عايز اي بظبط....وعشان انا مبقتش فهماك ولا فاهمه نهاية عمايلك دي......مش هرد على سؤال معنديش اجابه ليه.... انا هكلمك عن الفلوس اللي جايه ادهالك حقك......"
قال بفظاظة بعد ردها عليه....
"وانا مش عايز فلوس... خدي فلوسك وتوكلي...."
نظر للملفات امامه باهتمام مصطنع وكانها خرجت
من المكتب بالفعل واصبح بمفرده !!......
بينما هي كانت تستوعب اسلوبه الفظ وبعد برهة قالت بغيظ ممزوج بصدمة.....
"اتوكل......انت بتطردني........ تكونش فاكر اني جايه هنا عشان احب فيك.... لو كنت خدت الفلوس من عفاف ومبعتش معاها الرسالة بتاعتك دي انا مكنتش دخلت المكان ده ابداً......."
بطرف عيناه اخبرها ببرود......
"محدش قالك تعالي........"
قالت بنفاذ صبر.....
"كلامك مع عفاف خلاني اجي....."
رفع حاجبه بتعجب ناظراً لها وقال......
"تيجي عشان تديني الفلوس !!......"
قالت سمر بجفاء.....
"مستغرب ليه......اي اللي هيخليني اجي غير كده....."
قال بامر قاطع للنقاش.....
"حوارات الفلوس دي عمرها ما هتبقا بيني وبينك...انا مش عايز الفلوس متلزمنيش.......خليها معاكي...."
قفزت من مكانها قائلة بانغعال....
"وتبقشش عليا بتاع إيه....خطيبي..... جوزي ..."
اجاب ببرود........
"لا ده ولا ده.....جارك وفي مقام اخوكي...."
برقة عينيها غضباً هائل وهدرت من بين انفاسها
السريعة باستهجان......
"بلاش الكلمه اللي بتخلي العفريت كلها تتنطط في وشي....اسمع احنا مش اخوات والجيران مبيعملوش كده مع بعض.......ماشي....."مدت الفلوس امامه مجدداً باصرار.......
"خد الفلوس....."
اعادها اليها بقوة.....
"متلزمنيش ياسمر خلص الكلام......."
عضت على شفتيها بغيظ وهي تدب بقدميها بعصبية......
"طالما مش هتاخدها من الاول مكنشي لي لازمة الكلام اللي قولته لعفاف ده........."
رد بنبرة دافئة المعاني رغم رده
البسيط......
"لي لازمة.............كفاية اني شوفتك........."
انتفض قلبها بخفقات سريعة وهي ترى عيناه تحاورها بالحب عن اشياء كانت بينهما ولم
تمحى بداخلهما يوماً...... حتى بعد الفراق......
رفعت سمر حاجباً شريراً وهي تقول بمكر....
"اظن ان هبة هتزعل اوي لو عرفت ان خطبها
عينه زايغه.........."
ابتسم ابتسامة خالية من المرح ثم نظر لها
ببساطة.......
"معاكي رقمها ولا ادهولك........"
القت عليه نظرة محتقنة......ثم قالت.....
"لا مش عايزة اشبع بيها انت......انا ماشيه....."
ادارت وجهها وكادت ان تذهب لكنه اوقفها وهو يقول بتسلط لعين......
"ياريت توسعي بناطيلك وچيبك شويه....ومعاهم وسعي أخلاقك..........وطلعي القميص من البنطلون
الصبر لي حدود يابنت الناس......."
ادارت راسها اليه وقالت بعناد وتحدي سافر....
"كذا مرة قولتلك ميخصكش......دي حاجة ترجعلي
انا....... وانا حُرة........"
اتكأ على اسنانه وقد ذاب قناع الجمود وحل مكانه
الغضب والعناد معها........
"والله العظيم لو القميص ده ما طلع من البنطلون
دلوقتي يومك هيبقا اسود......."
اولته سمر ظهرها وهي تتجه الى الباب...وتسير
في تهادٍ مُغيظ اشعل مشاعره وحرق فتيل صبره عليها........
قالت وقتها باستهانه بكلامه.......
"والله طب وريني هتعمل اي هخرج.....وقدامك كمان......"
حينما وصلت يدها لمقبض الباب وفتحت جزء بسيط منه وجدت كف قويه سمراء تغلق الباب مجدداً بقوة
جعلتها ترتجف بهلع وتشهق بقوة وهي تستدير اليه
باعين تلوح منها شرارة الغضب......
"افتح الباب اي هتحبسني هنا.......اتجننت...."
مسك ابراهيم يداها الاثنين من عند رسغها وقال بحدة وهو يغوص بعينيها السوداوين الامعة
بالغيظ....
"لسانك ياسمر....اسمعي الكلام لو مرة واحده......"
ردت سمر بعناد امام عيناه الغاضبة وملامحه الحادة وانفاسه الساخنة التي تضرب وجنتيها بقوة و....وعذاب لها.........
"مش هسمعه....بتاع اي انت عشان اخد الاومر منك واسمع كلامك ها......."
ترك يداها بتشنج وهو يحاول التخفيف من حدته
امامها فهو اصبح على حافة التهور معها....ابتعد خطوتين ومسح على وجهه يهدأ من انفعاله
ويكبح رغبة في تقبيلها من شفتيها المتوردة
التي باتت شهيةٍ كلما حركتها بشراسة في
انفعالها.......
"استهدي بالله يابنت الناس وخرجي الزفت ده
من البنطلون مش هتمشي كده....سمعه....."
زفرة سمر بجزع وهي تضرب على يداها امامه بتشنج......ثم لما تفعل اي شيءٍ غير الصمت ومحاربة
عيناه القاتمة الحادة امام عينيها المشتعلة بالقوة والبهاء.......
لم يبرح عينيها وكانه يتحداها بالخضوع اليه... وهو
يعرفها تماماً هي بعيدة عن تلك الصورة جداً....
ظلت يداه بجيبه واقفاً بشموخ وبطول مهلك ومربك
لقلبها وهالة الرجولة تحيط به من كل مكان...حضوره
طاغي يخفق له القلب خفقات تكاد تصل للعنان......
وضعت سمر يدها في خصرها وهي تقول
باحتقان...
"هنفضل نبص لبعض كتير......."
رد ابراهيم بملل وهو يخرج يده من جيبه وينظر لساعة معصمه بتافف........
"بايدك تخلصي نفسك من الوقفه دي....وتسمعي الكلام........ ولا صعب........"
دبت بقدمها بقوة وهو تزفر بعصبية عدت مرات وقد أحمر وجهها من كثرة الانفعال.... ثم تقدمت منه سريعاً وقطعت المسافة بينهما....وقد مدت سبابتها الطويلة الرفيعة امامه تلوح بها هائجة بشراسة......
"انا هطلع الشميز من الزفت....بس مش عشان انفذ كلامك او اديك الحق انك تتحكم فيا وانت ملكش حق تتحكم فيا أصلا وانت عارف كده كويس...بس انا هعمل كده بس عشان اخرج من هنا....واسمع
خليك في حالك وبعد عني......وبطل تركز معايا
وفر غيرتك وتحكماتك لخطبتك مش ليه......."
نظر لسبابتها التي تكاد تخترق عيناه......ثم
حذرها بنبرة مهيبة......
"صبعك هيخرم عيني.....نزلي احسلك....وتعدلي... "
"همجي......"قالتها بقرف وهي تجذب اطراف القميص امام عيناه بجرأة وغضب.....ثم انساب
الجزء المتبقي من القميص الازرق وقد اخفى
خصرها المنحوت وجزء بسيط من فخذيها
المغريه........
القت عليه نظرة باردة ولوحت بيدها كسلام بارد مقتضب......واستدارت كي تغادر امام عيناه القاتمة وملامحه الساكنة التي تخفي خلفها شوق ورغبة
في إختطاف تلك المرأة وسجنها بين اضلعه ربما سكنت روحه وطمئن قلبه بعدها وهي بالقرب
جداً جداً منه.........
يبدو ان الهروب منها قرب.... والقرب منها هروب..... ماتلك المعضلة الصعبة ؟!!......
.....................................................................
بعد ان خطت لفيلا خالها (فؤاد) وجلست بعد السلامات والترحيب الحار من خالها اليها والى الصغير (علي).......
جلست على الاريكة وهي تسأل خالها بخفوت....
"هو لسه نايم؟......."
اوما لها فؤاد بعيون عجوز ماكرة وسالها.....
"اي اللي حصل بينكم.... بقاله كام يوم قفل على نفسه اوضته لا بيخرج ولا بيتكلم وعلطول مصدع
وتعبان.....دا غير عصبيته الزايدة على الشاغلين...
قال إيه محدش عارف يعمل فنجان قهوة عدل.............انتوا زعلانين... "
اخفضت جفنيها بأسى وهي تومأ براسها كتلميذة مذنبه........
قال فؤاد بعد تلك الحركة بشك....
"يعني انتي اللي مزعلاه المرادي......"
ردت بخفوت وهي تترك الصغير على الارض...وقد انطلق بعدها بحماس جميل.......
"حاجة بسيطه ياخالو...... وهو كبرها......"
راقب فؤاد لعب حفيدة فاقترب منه وهو يلاعبه
بحنان ثم ضيق عيناه بخبث وقال لها.....
"انا من رايي تطلعي تبصي عليه...وبالمرة تعمليلوا فنجان قهوة من ايدك يمكن الصداع يروح....."
ابتسمت آية بامتنان له....ثم نهضت واتجهت للمطبخ
احضرت له فنجان قهوة لذيذ من صنع يداها تفوح منه رائحه ذكية............
صعدت على سلالم الفيلا الممتدة الفخمة...وكانت ترتدي فستان صيفي انيق قصير ملتصق
بجسدها باكمله......بارز تفاصيلها الانثويه شديدة الاغراء....كشف كذلك عن ساقيها الرشيقتين الجذابتين....وكان شعرها الاشقر القصير الذي استطال قليلاً بعدما تجاهلت قصه الاشهر الماضية......فبات اكثر حرية وجمال وهو يتأرجح حول عنقها باغواء..........كانت عينيها العسلية
الواسعتين مكحلتين بجمالاً مع زينة رقيقه على وجهها وحمرة وردية على شفتيها فازدادت جمالاً يحبس الانفاس ويهز الحجر الرخامي عن
موضعه......
اطرقت على الباب برفق وبيدها صنية القهوة....
صرخ خالد بصوت حانق عابس وكانه يتنفس
غضباً.......
"اااااادخل........"
عقدت حاجبيها وترددت بدخول للحظة لكنها سحبت اكبر قدر من الهواء كي تهدأ من روعها وتدلف اليه...
دخلت اليه واغلقت الباب ثم رفعت عينيها اليه فوجدته جالس على الفراش ممدد ساقه الطويلة
ينظر امامه بملامح غاضبه عاقد حاجبيه فوق
عينين قاسيتين........مخاصمتين........
قالت آية بابتسامة صافية تقطر عسلاً...
"صباح الخير......."
رد خالد مقتضباً....ناظراً اليها....
"صباح النور.........."
بلعت ريقها وكانها تلميذة بليدة تنتظر توبيخ استاذها.......اشارت على القهوة بهدوء.....
"القهوة......"
أخيراً رفع عيناه الخضراء المتوهجة بالغضب عليها
وغاص بعينيه بحسن بهاها......وطلتها المغرية.....
بلع ريقه تاثراً وهو يلاحظ بروز منحنياتها الانثوية الممتلئة امامه بتلاعب تختبر صبره في الخصام والبعد عنها.......قال بنبرة جامدة وهو يبعد عيناه بصعوبة عنها.....
"لا شكراً........مش عايز......."
قالت متعجبه بنعومة......
"من امتى يعني وانت بترفض فنجان القهوة من ايدي......."وضعت الصنية جواره على المنضدة
وجلست على حافة الفراش وهي تتحداه بعينيها
العسلية ان ينظر اليها.....
"مالك.....بقالك يومين لا بترن ولا بتطمن......"
ضحك بسخرية مريرة قائلاً باستهجان...
"وبتسالي كمان......."
احتدت نظراتها نحوه وقد لاح عليها الغضب فقالت......
"محصلش حاجة لده كله......"
قال خالد بعينين غاضبتين....... مخاصمتين......
"وطالما محصلش حاجة جايه ليه....."نهض من
مكانه بتشنج واولاها ظهره المتشنج بانفعال....
نهضت خلفه وهي تقول بنفاذ صبر.....
"خالد ارجوك متبوظش كل حاجة بينا بكلامك ده...."
أدار وجهه اليها وهدر من بين انفاسه اللهثه غضباً وغيرة عليها......
"مين اللي بيبوظ يا آية......مين اللي بيضحك على مين دلوقتي.........واحد بعتلك رسالة بيحب فيكي وطلبك للجواز......واحنا خلاص فرحنا بعد كام يوم......كان المفروض تردي وترفضي عرض
البقف ده.......لكن لا انتي مردتيش عشان كده
النطع اتشجع وكلمك على التلفون........"صرخ اكثر وهو يقترب منها خطوة وقد انتفضت بفزع منه.....
"اسمع واحد بيحب فيكي وبيطلبك للجواز وقعد ساكت ها....وفي اخر اليوم بعد ما اسيبك القيكي بترني عشان تطمني عليه....وانا من دقيقة كنت
بكسر عضمه وبهدده انه لو فكر بس يكلمك هيشوف النجوم في عز الضهر.........تقوم المدام بعدها بكل بساطه تكلمه وهي بتعيط وهتموت من القلق عليه....."
دافعت عنه نفسها بحرج.....
"انا مكنتش هموت من القلق عليه انا كنت خايفه عليك انت لا تعمل حاجة تندم عليها....."
صرخ امام وجهها بجنون.....
"ليه شيفاني سفاح............."مسكها من ذراعها بقوة وقربها منه وهو يقول بوجه أحمر من شدة الانفعال
بينما الغضب الهائل يعصف بخضرة عيناه المتوهجة....
"لما طلبك للجواز........مرفضتيش ليه......"
قالت بتردد صادق.....
"خوفت اجرح مشاعره......."
صاح بجنون وهو ينظر لها شزراً.....
"ومشاعري انا ايه؟؟...... بنت حرام يعني......ملهاش تلاتين لازمه عندك......."
مدت آية يدها الصغيرة الناعمة محاولة اصلاح ما افسدته بالسانها....تحسست لحيته بحنان وهي
تحدثه بهمساً وكانها تراوض فرس جامح.....
"خالد......حبيبي انت عارف اني بحبك...واني مكنش عندي اي نيه ارتبط بحد بعدك........"
اتكأ على خصرها وهو يقول بتسلط.....
"لا بعدي ولا قبلي يا آية......ولا اي حد هيقدر
ياخدك مني........ انتي فاهمه.... "
نظرت لعيناه المتوهجة بالغضب وقالت
بصوتها الإذاعيّ الناعم.......
"ممكن تهدى شويه عشان خاطري......."
ترك ذراعها بحنق وهو يقول بقنوط......
"سبيني لوحدي وانا هبقا كويس......"
لوت آية شفتيها قائلة بعدم
رضا.....
"يسلام بعد كل دا زعلان........."
لوح بيده وهو يقول بصوتٍ معاتب......
"وهفضل زعلان......هتعرفي تراضيني......وطفي النار اللي جوايا......اللي ولعت بسببك......"
اقتربت منه بدلال وتلك المرة هي من احاطت عنقه بيدها واقتربت وهي تقول بنبرة وقاحة وكانها
عادت معه لعهدها السابق....
"انا ممكن اطفي اي نار الا نار غيرتك......هفضل اشعللها اكتر..... واكتر... "
قال خالد بجفاء حذر.....
"لو استهونتي بيها ممكن تحرقك......."
رفعت راسها لوجهه محاولة جذب راسه اليها اكثر لفرق الطول الشاسع بينهما الذي يغيظها أحياناً كثيرة....داعبت انفها بانفه وهي تقول
بمراوغة انثويه.....
"مين عالم ياحبيبي.....هتحرق مين فينا......."
تأثر بقربها ومبادرتها بالمسه ومعانقتها له كم
اشتاق لمشاعرها التي حجزتها منذ الفراق وفي قوقعه جليدية اخفتها.... ولم تذوب حتى بعد
عودتهم بل اليوم يشعر ان جمودها يمحى بتأني وتوجس وكانها تخشى ترك قلبها والوثوق به مجدداً.......
سيعمل الفترة القادمة على محو تذبذبها هذا....
فقط بعدما تعود زوجته مجدداً......سيحاول نيل
رضاها ومصالحة قلبها ومحو الماضي والوجع
من قلبها.......
وجدها ترتفع على اطراف اصابع قدميها وتقبل كل ذرة بوجهه بدلال واغراء....محاولة استخدم كل اسلحتها الفتاكة نحوه.....
بلع ريقه تاثراً وتلك المرة سلم الرايا..واغمض
عيناه بعذاب وضعف.....شاعراً بشفتيها الناعمة اللينة تطوف على وجهه بتأني .....لوجنتيه....لذقنه الخشنة القاسية........زاويتي شفتيه.....وتطبع بعدها بقوة شفتيها أعلى شفتيه المخاصمة تدمغ عليها بقوة
وقد امتزجت انفاسها بانفاسه بحلاوة تروي
قلوبهما.......
مد يده وتحسس خصرها الغض المائل عليه بشدة اهلكه اكثر من هلاك شفتيها على وجهه.....اوقفها عن ما تفعله وهو ينظر لعيناها العسلية الواسعة ثم مد
يده ومشط شعرها الاشقر باصابعه بحب وهو
يقول بصوتٍ هادئ يتناقض من الصراخ الذي كان
يصدر منه منذ دقيقتين فقط !!........ولانه يمتلك قلب طفل يثور ويهدئ بكلمة واحده !!.... ورغم
عيوبه وبلايا ماضيها معه إلا انها تعشق تلك
الميزة وتستغلها بسادية.........
"انتي عارفه اني بحبك يا اية.....وبغير عليكي اوي......انتي متعرفيش احساسي وقتها وانا سمعه
بيطلب ايدك وبيحب فيكي في التلفون......"
قالت بقلب عاشقة تعشق لابعد حدود....
"الموضوع خلص ياخالد..... اتفقل والله ومفيش حاجة لا من ناحيتي ولا من ناحيته......"ثم همست امام شفتيه الشهوانية الجائعة.....
"انا بحبك ياخالد.....ومفيش راجل يقدر ياخد مكانك في قلبي وانت عارف كده كويس........"
لم تجد رد إلا شفتيه الدافئة تنهال من ثغرها متذوقه
عسل كلمات الحب التي القتها عليه شاعراً بعدها بانه عاد لمنزله لاحضان أحب واحن مخلوقه على قلبه
زوجته وام ابنه...... احاطت آية عنقه بقوة وهي تشعر بان ساقاها رخوتين امام هجومة الشديد عليها......... ويداه القوية تحيط خصرها تدعمها حامله إياها كريشة في مهاب الريح.... كي تستقبل القدر الاكبر
من جنونه على شفتيها...........
دبدبات خافته بقبضتين صغيرتين على باب
الغرفة المغلقة عليهما.... وصوت الصغير المشاكس
الذي ينادي عليها باسمها مجرداً كما علمه والده
بل انه يدلل اسمها أيضاً بمنتهى اللطف الشهي
الذي يحولك لذئب بشري تود عض وجنتيه
البيضاء الممتلئة.......نادى علي عليهما خلف
الباب المغلق باصرار الأطفال......
(يو......يو......يو........يو.....بابا..... بابا.... يو...يو...)
تركها خالد ولامست بقدميها الأرض الصلبة
ثم ابتعدت عنه بهيئة مشعثة اثار يداه التي كانت تعمل في كل اتجاه بوقاحة.........عضت على شفتيها الحمراء المنتفخة اثار هجومة الذكوري عليها.... ثم قالت بخجل وهي تنظر إليه.......
"دا علي صح........"
اوما لها بابتسامة في غاية السعادة والبال الرائق وكانه امتلك كنزاً ثميناً للتو......ثم اتجه للباب
وفتحه فكاد ان يقع الصغير أرضا...فكان يسند
يداه الصغيرة على الباب قبل فتحه..... يبدو انه
قد يأس من ان يفتحا له الباب........
تمتم الصغير وهو ينظر لوالده ببراءة ينافسه في
لون عيناه الخضراء الامعة........
(بابا.....)
"عيون بابا........"حمله خالد وهو يقبله بقوة مشتهي
تلك الوجنتين وكانهم افضل طعام بالعالم........
اشار الصغير على امه وقال
(يو.....)
قال خالد بمزاح وهو متعلق بعينيها......
"يويو !......يويو دي طلعت شقيه....تصور كانت بتتحرش بيا.......بتفسد اخلاق أبوك.... "
ضحكت اية ناظره له بصدمة..ثم وجدت الصغير يكركر ببراءة وهو لا يفقه شيءٍ مما قيل له....
غمز لها خالد وهو يتجه اليها حامل الصغير على يده ثم طبع سريعاً قلبه سطحية على شفتيها....زمجر علي بعد ان رآه ثم القى نفسه بعدها في احضان
امه سريعاً مخاصماً والده.... ثم مسك بيداه
الصغيرة وجه امه والصق وجهه بها بحزن ودلال
الصغار.......ابتسمت آية بتفهم وهي تقبله عدت
مرات وتدغدغه باصابعها بمرح.... ضحك الصغير
ورضى بعد لحظات متناسي قبلة والده لها......
لوى خالد شفتيه ناظراً لعينا آية بقنوط......
"واضح ان احنا هنتعب من الاستاذ......"اشار على ابنه بغيرة حمقاء......وهو يتجه لفنجان القهوة
ثم احتسى منه بتأني وتلذذ بمذاقة المميز
كصاحبته...........
بينما اومات له آية بمراوغة حلوة كحلاوة شفتيها
في ملمسها وقالت.........
"جداً............غيور زي باباه..... "
..........................................................
خرجت حنين من غرفتها بتعب وهي تقول باعياء
تسأل امها.....
"عندك برشام مسكن ياماا....بطني بتتقطع......."
تقدمت منها ماجدة بقلق.....
"مالك ياحنين اي اللي وجعك......"
ردت على امها وهي تجلس على الاريكة بتعب....
"شوية مغص عادي تعب كل شهر.........شكلها قربت....."ثم تفقدت امها التي كانت ترتدي
عباءة سوادء ووشاح يماثلها وكانت على وشك الخروج بوجهها المتعب وعيناها المرهقه....بسبب مرضها الملازم لها وجلسات غسيل الكلى
الأسبوعية.........
قالت والدتها وهي تثبت الوشاح على راسها....
"هعدي على الصيدليه وانا رجعه وهجبلك
البرشام معايا......."
عقدت حنين حاجبيها وسالتها....
"وانتي خارجهراحه فين ..."
قالت والدتها بشفقة وهي تتنهد باسى....
"هروح اعزي واحده جارتنا هنا....جوزها توفى امبارح.........هروح اخد بخاطرها....وعزيها.....غلبانه
مات وسبلها كوم لحم......يلا اهي امانه وراحت للي
خلقها.....ربنا يرحمه ويرحمنا......."
قالت حنين بآرق واضح....رغم نومها المتواصل خلال اليومين التي قضت اياهم هنا........
"تحبي اجي معاكي...لحسان تقعي في السكه انتي تعبانه وبتجهدي نفسك على الفاضي....."
قالت ماجدة بعاطفة الأم......
"سبيها على ربنا انا كويسة....وبعدين تيجي معايا
فين دا عزا وصويت وحزن.... انتي نقصه كفاية اللي انتي فيه........ ربنا يصلح حالك يابنتي....ويهديكي
على جوزك ويهدي ليكي......"
نظرت حنين للناحية الاخرى وهي تقول بتبرم....
"ملوش لازمه الكلام ده ياما.....خلاص كل واحد
راح لحالة...وقريب اوي هنطلق.......والحمدلله على
قد كده......."
قالت ماجدة بجدية امام عينا ابنتها....
"شوري نفسك تاني ياحنين وحكيلي عملك إيه
عشان تطلبي الطلاق مرة واحده كده منه......"
حاولت حنين الهروب من السؤال
فقالت........
"مش وقته ياما روحي مشوارك ولما ترجعي...."
قالت ماجدة تلك المرة بشدة لا تناسب ملامحها الذابلة من شدة المرض......
"انا لو معرفتش منك... هتصل بسمر وسالها انا عارفه
ان سرك كله معاها...... فقوليلي انتي عشان مسألش
صاحبتك وحرجها وحرجك معاها....."
"لما ترجعي ياما......." قالتها حنين وهي تتمدد
على الاريكة شاعره بتقلص امعائها يزيد بداخل.... وكان هناك مكوى ساخنة تسير عليها ذاهباً وإياباً بدون رأفة بوجعها.........
والوجع ياتي كثيراً ويختفي قليلاً لبرهة ثم يعود يفترسها و هذا عذابٍ بالبطيء لها........
زفرت ماجدة بقلق وهي تقول.....
"نص ساعة وهجيل وجبلك البرشام معايا....بس استني اعملك حاجة دافيه قبل ما نزل......"كانت
ستدلف امها للمطبخ لكنها اوقفتها وقالت
بامتناع....
"مش عايزة ياما انتي عارفه وانا تعبانه نفسي
بتقفل من اي حاجة.......انا مش عايزة غير برشام يسكن الوجع ده........."اتكأت على جانبها بيدها
وهي تتلوى بوجع مرة واحده.....قالت ماجدة
بتردد من الخروج وتركها وحدها......
"لا اله إلا الله......... حاضر هنزل اجبلك اللي انتي عيزاه.........ولو الوجع زاد عليكي..... املي ازازة مية دافيه وحطيها مكان الوجع هترتاحي.... شويه وجايه ياحنين....... "
خرجت امها وظلت هي تتلوى بوجع... يسكن قليلاً
ويزيد عليها اكثر.........
بعد ما يقارب العشر دقائق وجدت من يطرق على الباب...سارت باعياء نحو الباب ثم فتحت اياه
بدون تردد ظناً منها ان امها قد عادت سريعاً
من العزاء........
لكن حينما فتحت الباب تفاجئت به يقف امامها بضخامته المذبذبة لثباتها... وحضوره الرجولي
الطاغي على المكان من حوله......
القى عز الدين نظرة متوعدة جامعه مابين الغضب والتوعد لها عن غباءها في خلال اليومين
الماضيين.........
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم