رواية امبراطورية الرجال الفصل التاسع والأربعون 49 بقلم رحاب ابراهيم


  رواية امبراطورية الرجال الفصل التاسع والأربعون بقلم رحاب ابراهيم

 

بغرفة شِبه مظلمة...تشبه غُرف السجون !

نوافذها من الخشب المُجمع من عدة قطع متهالكة...كانت سما جالسة على الأرض مقيدة من يديها وقدميها بجانب تلك اللاصقة اللعينة على فمها...نظرات الهلع لم تهجر حدقتيها وتتناوب نظراتها بين المُلقى مغشياً عليه بجانبها وبين ذلك الذي يجلس على مقعد على بُعد عدة خطوات بسيطة....

عينيه تقطر شرر وتوعد...كأن بينهما ثأر قديم !! منذ أن قيدها واطاح بضربة غادرة على رأس آسر وهو يجلس ناظرا لهم بنظرة منتصرة....لا تخلو من الشماته....حرك المسدس بقبضته وقال بسخرية :-

_ حتى الظروف خدمتني أني اجيبكم لحد هنا بمنتهى السهولة...لا كنت متفق مع السواق...ولا كنت عارف أن العربية هتعطل !!

بس حتى لو كنتوا فضلتوا في الفندق كنت هخطفكم....آسر مش أذكى مني...

رمته سمـا بنظرة عنيفة من الكره والاحتقار وهزت رأسها بقوة....تريد الصراخ بوجهه ولكن تلك اللاصقة تمنعها من الحديث.....نهض "خالد" من مقعده وتوجه إليهـا حتى اقترب واطلق سراح شفتيها للحديث بإزالة اللاصقة ، تجعدت ملامح سما بألم للحظات...القى اللاصقة بعيدًا بإهمال ثم وقف بثبات قائلًا :- عايزة تقولي إيه سمعيني ! بس إياكِ تغلطي وماتنسيش أنك تحت رحمتي أنتِ وحبيب القلب !!

ختم حديثه بنظرة شرسة وصوت حاد....صرخت به سما بغضب :-

_ عمري ما هكون تحت رحمتك واللي أنت عملته مش هيعدي بسهولة....ماتنساش أنك ماضي على شيك يخرب بيتك ويسجنك !! أنا مصدومة !! لما كنت متخدر كان ليك عذرك انما دلوقتي عذرك ايه !! أنت انسان مريض ولازم تتعالج قبل ما تدمر نفسك !!


تطلع بها "خالد" للحظات...أصابت الهدف ومكمن علته.....مضى الى مقعده وجلس وبدا عليه الوجوم والصمت....وتعجبت سما من ذلك فقد ظنت أنه سيثور من حديثها !!

انسحبت نظرة خالد إلى "آسر" المغشي عليه وقال بنظرة ضائعة :-

_ اللي أنتِ ماتعرفيهوش أني أنا وآسر كنا أعز صحاب...كنت بحبه زي أخويا...مكانش ليا صاحب غيره...بس كرهته لأنه كان السبب في شرخ كبير بعد بيني وبين أهلي....

بالنسبالهم كان هو الأفضل والأحسن...حاولت أثبت نفسي بس معرفتش عشان كده كرهته....لأني معرفتش ابقى زيه....

موضوع الشيك مفرقش معايا على اد ما فرق أني احسسه باللي حسيته أنا من سنين....

سما بعصبية :- وآسر ذنبه ايه ؟! بتنتقم منه ليه ؟!

صرّ "خالد" على أسنانه بعنف وقال:-

_ لأنه كان عارف اللي بيحصل وبيتعمد يبين نفسه عليا قدامهم ، يقلل مني في كل شيء....

هزت سما رأسها برفض وقالت بألم :-

_ وليه مفكرتش أنه لجأ ليهم لما اتحرم من ابوه وأمه؟! مكنش عايز يحس أنه يتيم وقربه ليهم كان احتياج ويتم !!

نهض بحركة غاضبة وهتف بعنف :-

_ مش عايز اسمع تبريرات ماتهمنيش !

رمقها بنظرة نارية قبل أن يخرج من باب الغرفة صافقاً الباب خلفه.....ظلت سما لثوان تكلع اتجاه الباب حتى تحركت زاحفة بصعوبة ولكنها قاومت حتى اقتربت لآسر ونظرت له بدموع وخوف.....قيد يديها منعها من لمس وجهه لتحاول ايقاظه حتى يفيق....وتمنت أن الضربة لم تسبب خطرا على رأسه وتكن كدمة سطحية.....قالت واقتربت لوجهه :-

_ آســر....فوق عشان خاطري...آســــر

ظلت تناديه وهي تبكِ وعاجزة تمامًا عن فعل أي شيء ، أغمضت عينيها بدموع منهمرة وقعت على وجهها بقوة ثم ارتمت على صدره ببكاء وهي تتوسل ربها كي ينقذهما من هذا الموقف.....ضربات قلبه تبدو منتظمة !!

رفعت رأسها حتى عنقه واجهشت مجددًا بالبكاء وهي تردد اسمه كثيرًا....

كان صوتها يبدو بعيدا بعيدا عن سمعه.....

حتى بعد دقائق بدأ يحرك جفنيه بصعوبة شديدة وتمتم باسمها !!

ظلت دقيقة صامته بجمود حتى رفعت رأسها بقوة تتأكد مما سمعته لتجده بدأ يفيق بالفعل....ابتسم بين دموعها ورددت اسمه :-

_ آسر....حبيبي عشان خاطري فـــوق

حرك رأسه ببطء ثم انفرج جفنيه بنظرة تائهة لوجهها الباكي وقال بحروف متقطعة :- سمــا

هزت رأسها بقوة وهي تبتسم وعينيها تضاد بسمتها :- ايوة أنا سما...أنت كويس ؟!

قاوم ثقل جفنيه وقال بالكاد :- آه

وطأن ثقل سقط من على كاهلها فارتمت رأسها على عنقه قائلة بدموع :-

_ كنت هموت من الرعب عليك....أنا مقدرش أعيش من غيرك أنت عمري كله....آسر أنا بحبـك

وكأن قلبه لم يثمل ولم يتيه بل انتفض بداخله من أعترافها....طافت ابتسامة بطيئة ومتعبة على شفتيه ثم بدأ يستعيد وعيه وما حدث يمر بعقله.....اتسعت عينيه بالتدريج ونظر حوله ليقل بأنفاس متسارعة :-

_ حصل ايه !! احنا فين ؟!

شعر بقيد جسده فتملكه الغضب والجنون حتى رفعت سما رأسها وقالت :- خالد اللي عمل كده....ضربك على راسك وكتفنا احنا الاتنين وجابنا هنا ، بس مش عارفة احنا فين !

انتفض جسد آسر من مكانه وجلس بنظرة نارية شرسة وهو يحرك يديه المكبلة خلف ظهرة بغضب....حركته المنفعلة جعلت رأسه يدور ولكنه كافح حتى لا يتيه مجددا.....قال لها بنبرة آمرة :-

_ حاولي تفكي ايديا بأي طريقة....بســـــرعة

ارتعش جسدها وهي تتحرك خلف ظهره حتى خفضت رأسها وبدأت تحرك الأخبال المعقدة على معصمه بأسنانها....كان الأمر مؤلم ويحتاج لكثير من المجهود والمصابرة....استطاعت فك عقدة واحدة فقط بينما تملك آسر ثورة جنون الغضب وبدأ يحرك معصمه بقوة حتى وسعت العقدة واستطاع سحب أحد يديه وهكذا نجح بالخطوة الأولى وأهم خطوة أيضا....بعد لحظات كانت تحرر تماما من القيد وحرر سما أيضاً وكاد أن يقف حتى

انتبه لصوت أقدام آتيه فتظاهر بالقيد ووضع يده خلف ظهره حتى دلف "خالد" للغرفة.....فعلت سما مثل ما فعل آثر ولكن تبدو عقدة قدميه واضحة أنها تحررت من وثاقها!!


نظر "خالد" لهما بدقة....لم يغفل عن الأمر حتى أقترب لآسر وأشهر سلاحه قائلا :- ما تحاولش تتحرك يا آسر....أي خطوة هتعملها أقرأ الفاتحة على روحك الأول....

صرخت سما بزعر حتى تظاهرت بالأغماء بينما وقف آسر بشعور قوي بالدوار ولكنه لم يظهر ذلك بكل قوته.....أجاب :-

_ مكنتش فاكر أنك هتوصل للدرجة دي من الحقارة ! بس مش هسيب حقي يا خالد....طول عمرك حقود وأناني وباصص للي مش ليك !!

هز خالد رأسه بعصبية وقال :-

_ يا أخي أنت ايه !! ده انا كنت حسيت بشوية ندم من كلام مراتك وكنت هسيبكم وأمشي.....بس أنت ما تستاهلش...ولا كنت تستاهلها !!


فتحت سما عينيها بخفاء واستغلت انشغال خالد بالحديث وبحث عن أي شيء حولها تستطيع استخدامه حتى لمحت قدم مقعد خشبي مكسور....على بُعد خطوة واحدة من يديها....لابد أن تفعل شيء فآسر بخطر حقيقي.....

انتظرت حتى استدار خالد ليأتي ببعض الأحبال ليقيد آسر مجددا حتى التقطت قدم المقعد وبسرعة عالية نهض وهبطت بها على كتفه بكل قوتها.......وقع المسدس من يد خالد وصرخ بألم وهو يمسك كتفه....

تطلع آسر بها بتعجب حتى أخذ المسدس الملقى أرضا وأشهره باتجاه "خالد" بنظرة شرسة ولكن اسرعت سما اليه لتمنعه فقالت :-

_ لأ...ما توديش نفسك في داهية عشان واحد زي ده

تطلع بها آسر بعصبية بينما نهض خالد وهو يترنح من ألم كتفيه ليأخذ آسر قدم المقعد الخشبية ويهوي بها مرة أخرى على ذراع خالد اليسرى فصرخ بأعلى صوته بألم شديد....

تطلع به آسر بكره واحتقار ثم قبض على يد سما وخرج من هذا المكان المعبأ بالقمامة..


                             ****************

كان يضغط على أسنانه من شدة الم رأسه وهو يخطو بالطريق وهي بقبضته....نظرت له بابتسامة وحمدت ربها أنه بخير....قال بعصبية :-

_ أوصل القاهرة وهسجنه

سما بضيق :- انساه يا آسر ، ده مسكين !

وقف آسر إثر كلمتها ونظر لها بذهول مردد هذه الكلمة فقال :-

_ مسكين !! بعد اللي عمله مسكين !! ولا يكون صعبان عليكي !!

سما بضيق :- مسكين لأنه كان ضحية أهل بيقارنوه بيك طول الوقت...هو قالي كده ، عشان كده كان بيكرهك وبيغير منك بس هما السبب بدليل أنكم كنتوا صحاب من صغركم !!

آسر بغضب :- ده أنتوا قعدتوا بقى وحكيتوا وأنا مش داري !! 

ضيقت عينيها بغيظ وقالت :-

_ أنا مش هرد عليك ، وخليك فاكر اللي عملته من شوية ، اظن واحد غيرك كان زمانه بيشكرني !

زم شفتيه بعصبية تم نظر للطريق وقال بضيق :- حتى معرفش احنا فين !

لمح سيارة خالد بعيدة بمسافة ليست قليلة....جر سما خلفه بعصبية وهي تتلوى بقبضة يده حتى اقترب للسيارة بعد دقائق....

نظر لها لبرهة وقال وقرر العودة لخالد :- مش معايا المفاتيح بتاعت العربية ، خليكي هنا ثواني..

قالت بتصميم :- لأ هاجي معاك

نظر لها بقوة وأشار بتحذير :- قلت خليكِ هنا ثواني وراجعلك !

هزت رأسها برفض وقالت بضيق :-

_ لأ ....مش هسيبك لوحدك

نظر بعينيها للحظات بصمت تام ثم هرب بنظرته منها وتوجه حتى الغرفة البعيدة .....

ركضت سما خلفه حتى دلف للغرفة وانتظرته بالخارج.....ظنت انه سيحتاج لبعض الوقت ولكنه خرج بعد دقائق ومعه المفاتيح ولكن يبدو عليه أنه كان يتلفظ الشتائم لخالد.....

قبض على معصم يدها بقوة وتوجه للسيارة مرة أخرى.....

وقف وترك معصم سما حتى فتح باب السيارة وجلس بمقعد القيادة وجلست سما بجانبه.....قالت متساءلة ببراءة :- 

_ هو خالد هيفضل هنا مرمي !

التفت لها بنظرة نارية فنظرت للأمام سريعا وحرك السيارة بعصبية وعينيه الغاضبة مسلطة على وجهها بنظرة جانبية حادة.......

                              *************


بالطريق......

اختلست النظر اليه فوجدت عينيه ثابته على الطريق ويداه قابضة على المقود بحركات مدروسة....كان أغرب شيء مر عليها هي تلك الابتسامة التي فرت على شفتيها بمرح...شعور هائل بالمرح غزى قلبها الآن ريثما بعدما شهدت غيرته منذ لحظات.....

كتمت ضحكتها بالكاد ثم قالت لتخرجه من صمته :- هو كاسيت العربية ده شغال ؟!

رفع أحد حاجبيه بعصبية ونفاذ صبر وأجاب:- ليه !!

كتمت ضحكتها مرة أخرى ثم قالت بثبات :-

_ شغلنا حاجة نسمعها....نتسلى كده لحد ما نوصل...ياريت يكون كاظم 

أطرق على النقود بعصبية وهتف :- احنا في ايه ولا في ايه !

قالت بهدوء :- هو مش انا عروسة ! ايه النكد ده !

رمقها بسخرية ثم عاد بنظرته على الطريق....شعرت بالغيظ منه وتمتمت :- يارب العربية تعطل تاني

انتبه لما قالته ولم يعير اهتمام للأمر حتى مرت دقائق وانتبه لصوت يشبه "الفرقعة " كانت سما تعرف هذا الصوت حيدًا نظرا لقربها من عائلة الأسطعة سمعه الميكانيكي.....وتأكد ظنها عندما وقفت السيارة بعد قليل....وضعت يدها على فمها وكادت أن تفلت منها ضحكة عالية.....تعجب آسر من الأمر وخرج من السيارة حتى اكتشف أن احد الايطارات ثقب !!

خرجت سما من السبارة ووقفت بنظرة متشفية ضاحكة ولكنها تصنعت عدم المعرفة وقالت :- ايه ده في ايه ؟!

ضيق عينيه عليها بعصبية وقال :- مش عارفة في ايه !!

نظرت له وبدأت الابتسامة تدرج على شفتيها لتصبح ضحكة عالية وقالت بين ضحكاتها :-

_ اللي يجي على سمكة يغرق !

لم يستطع أن يتمالك نفسه من الغيظ فأقترب منها ولكنها أسرعت ضاحكة تركض حول السيارة وهو خلفها.....وقف فجأة وتظاهر بالدوار حتى اسرعت اليه بقلق وقالت.:-

_ أنت كويس !!

جذبها اليه وجعل يديها خلف ظهرها بقبضته وقال بحدة :-

_ عاجبك اللي احنا فيه ده وعمالة تضحكي ياهبلة !!

ورغم عصبيته ولكنها ابتسمت قائلة وهي تنظر لعيناه :-

_ آه عاجبني

تعمق بعينيها بشعور قلبه الملتهف اليها بجنون....ولأبتسامتها الطفولية التي ورغم ضيقه كان يبتسم لها سرا.....

ارتخت قبضته على يديها وابتعد عنها بالتدريج.....نظر للسيارة في حيرة من أمره وبحث بها عند احتياطي للإيطار ولم يجد....


                                ***********

بمطار القاهرة.....

جلست رضوى بجانب زوجها على متن الطائرة بينما لاحظ رعد رجفت يديها مما يظهر خوفها من الطيران.....ضم يدها إليه ثم قبّل أنامل يدها ببطء شديد....رجفتها هذه المرة كانت من لمسته...سيبدو الأمر سخيف أن وبخته على ذلك !

وضع يده على كتفيها جاذبا جسدها الى صدره بهالة تحكم ورفق....قال :- احكيلك عن آخر رحلة لليونان قبل المرادي....بصي ياستي....

كانت تلتقط عدة كلمات مما يقوله فتفهم مجرى الحديث ثم تتيه بخجل شديد من هذا القرب وغفلت عن كل شيء عداه هو....أغمضت عينيها وتاهت رغما عنها بغفوة سريعة....لاحظ رعد سكونها فنظر لوجهها بابتسامة ونظرة حنونة ثم قبّل رأسها برقة....

مرت دقائق كثيرة حتى فتحت عينيها بكسل ونظرت لما حولها قائلة :- _ هي الطيارة لسه ما طلعتش !

نظر لها رعد بابتسامة واسعة ولم يجيب...تعجب منه وقالت بغيظ :- بتضحك ليه !!

أجاب بتسلية :- احنا عدينا نص الطريق تقريبًا !! صباح الخير

ختم قوله بضحكة فشعرت بالحرج ونظرت أمامها بصمت....جذبها لصدره مرة أخرى وقال بابتسامة :- خليكِ كده عشان عايز أنام وهعتبر راسك مخدة...

استند رأسها على صدره ببطء وابتسامة أخفتها....فأستند بخده على رأسها وأغمض عينيه ولكن ليس لأحل النوم بل بدعوة أن يؤلف الله بين قلبيهما....

                               ***********

**بغرفة الفندق**

انتهى يوسف من أداء صلاة الضحى....مع ركعتين شكر لله على ما هداه من سعادة.....راقبته حميدة بابتسامة حنونة حتى أنتهى ونهض من موضعه....طوى سجادة الصلاة ووضعها على ظهر المقعد أمام المرآة وهو يردد التسبيح......

اقتربت منه وقالت بابتسامة وهي تضع يدها على صدره بدلال :-

_الفطار وصل...على فكرة ما اتعشناش امبارح واكل ستي حمض !

اتسعت ابتسامته وهو يجذبها اليه أكثر وقال :-

_ مش مشكلة...أنا حاسس أني نسيت الأكل !

ارتفعت ضحكتها بمرح وقالت :- طب يلا عشان نفطر...

اقترب وهمس بأذنها بنظرة عاشقة....اطربها بكلماتٍ جميلة تمس القلب وتخصه فقط....

                           *************


**بشفة جاسر**

غابت جميلة بعدما تناولت طعام الفطار معه...خرجت من الغرفة وهي ترتدي روب ثقيل وطويل لا يظهر شيء من مفاتنها وبهذا الأمر قد صوبت عصفورين بحجراً واحد......


اقترب منه وهو يجلس أمام شاشة التلفاز فنظر لها بدهشة وبغيظ خفي....جلست بجانبه بثبات حتى قال بنظرة حادة :-

_ ده أخرك في الإغراء ! جميلة يا حبيبتي

نظرت له جميلة وقالت بهدوء :- ايوة يا جاسر ؟!

جاسر بغيظ :- هو الطوفان رجع تاني ؟!

جميلة بتساءل :- طوفان ! ليــه ؟!

جاسر وقد أزداد غيظه منها :- أصلك جمعتي كل البطاطين ولبستيها !!

وضعت جميلة ساق عل. ساق بثقة وأجابت :- ده إنذار لا تقترب !

جاسر بسخرية :-

_ والله لو لبستي عليهم لحافين فايبر هقترب يعني هقترب...يابنتي أنا صايع قديم !

نهضت بعصبية وهتفت :- لازم تفكرني يعني بماضيك الأسود !!

نهض بابتسامة واسعة وجذبها اليه قائلًا بتسلية :-

_ اهو اعترفتي بنفسك أنه كان ماضي ، خلينا بقى في الحاضر والمستقبل والمضارع اللذيذ

اقترب اليها بنظرة ماكرة حتى ابتعدت قائلة :-

_ مافيش حاضر من غير ماضي !!

جاسر بغيظ :- مش وقت حصة تالته تالت دي خالص !!

جميلة بعصبية :- وأنت ما بتتعلمش !

جاسر بنظرة ماكرة :- علميني 

هزت جميلة رأسها بيأس وقالت :- مافيش فايدة فيك للأسف !!

مرر جاسر يده على ذقنه وحاول أن لا يغضب ويتحكم بأعصابه ثم قال بتحذير :-

_ طالما بقى هو ده اللي عندك يبقى ما تلوميش غير نفسك...انا خارج

ضيقت عينيها بدهشة وقالت :- خارج !! احنا فرحنا كان امبارح !! أنت عايز الناس تقول عليا ايه ؟!

جاسر بعصبية :-

_ كل حاجة الناس الناس الناس ، اتخطبتيلي بسبب كلام الناس ووافقتي على الجواز لنفس السبب ودلوقتي بتتججي بالناس....كل دي حجج ومبررات بتداري وراها السبب الحقيقي....

جميلة بارتباك :- سبب ايه ؟!

جاسر بسخرية لاذعة :- السبب أنك حبتيني من البداية ، لو حد غيري مكنتيش هتوافقي كل ده ، حتى كلمة بحبك حرماني منها !!

بس تمام أنا مش عايز حتى اسمعها....وكده كل واحد اختار حياته

تركها تقف ويظهر على ملامحها التوتر والشحوب ودلف لغرفته الخاصة...ظلت للحظات عاجزة عن الحركة حتى قررت التحدث معه بهدوء........

دلفت للغرفة ووقف بالقرب منه وهو يفتح خزانة الملابس وينتقي منها ما يريده فقالت بصوت متهدج :- اللي حصل هو اللي خلاني ابقى تايهة ومتلغبطة بس أنا فعلًا....بحبك

نظر اليها وترك ما بيده حتى كررتها جميلة بدموع:-

_ أيوة بحبك وده اللي خلاني اخد الموقف ده عشــان.......

لم تتابع.....كان يكفي هذه الكلمة ليجن جنون قلبه...وتثور ثورته...كانت كلمة تكفي حتى تربكه ، وتعود به لنقط العشق.....فقرر أخذ حقه كاملًا هذه المرة......ورغم أنها قاومت حتى تثبت على قرارها ولكنها بالنهاية تعشقه...تعشقه وهو زوجها....ضعف صوت المقاومة بداخلها حتى أصبح صامتاً تماماً...وطل العشق والمحبة بدلًا عن أي شيء....

                                 الفصل الخمسون من هنا 

شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم

تعليقات



×