رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) المشهد الرابع والاخير
صعد جاسر الدرج و ظل يضرب كف بـ آخر فـ ركضت خلفه جويرية قائلة بـ إندفاع حانق
-يعني مش هتسألني السبب! بتزعق و بس!...
إستدار إليها جاسر بـ ملامح شرسة فـ إرتعدت جويرية و تراجعت حتى كادت أن تسقط عن الدرج ليُمسك هو بها سريعًا مانعًا سقوطها ثم هدر و هو يتأكد من توازنها
-رقبتك كانت هتتكسر أهي.. إتقِ شري يا بنت الصياد
-ضربت الأرض بـ قدمها وقالت:دا ظُلم والله ما عملت حاجة.. إسمعني…
زفر جاسر ثم جلس فوق الدرج و هي جواره و ظلت صامتة تفرك في كفيها ليقول بـ سُخرية
-بقولك إيه حملة نضافة صوابعك دي تأجليها لحد أما تنضفي لسانك و تسمعيني إيه اللي حصل
-جفلت بـ توتر قائلة:حاضر…
وضع جاسر يده أسفل ذقنه و نظر إليها لتُحمحم جويرية بـ قلق ثم قالت بـ خفوت غاضب بعض الشئ
-الحوار كله بدأ لما كل شوية حمزة يعمل بينا مشكلة أساسها الغيرة اللي مش مُبررة.. إنتهت آخر مرة لما كُنت فـ الكُلية و بتكلم مع دكتور بخصوص حاجة.. فـ دا بدون تفاهم مسكه ضربه و كان الدكتور هيروح فـ شربة ماية.. هي مش شربة ممكن تعتبر تـ آآآآ
-قاطعها جاسر مُتقززًا:متكمليش الله يقرفك.. و بعدين كملي
-أكملت قائلة و قد بدأ الإنفعال يغزوها:قررت إني آآ
-قاطعها مُجددًا مُتسائلًا بـ حاجب مرفوع:لوحدك!...
تجعدت ملامحها بـ حنق لتقول بـ صوتٍ أشبه بـ حدأة صارخة
-يا بابتي بقى.. خليني أكمل…
و دون أن تنتظر أكملت وهي تنظر إلى ملامح والدها الشبه مصدومة
-قولت بلاش قررت علشان بتزعل.. قولت أتفاهم معاه بـ الذوق برضو مصلب دماغه و حالف إني أغير الكُلية مش عارفة إزاي يعني مفكر إن أبويا وزير التعليم العالي يعني.. و كلمة مني على كلمة منه و الموضوع كبر و حلفت إني مش هسيب الكُلية و قولتله إضرب دماغك فـ الحيطة…
صمتت ثم أكملت و هي تُشيح بـ يدها في جميع الإتجاهات
-عنيه إحمرت و إزاي أقوله كدا روحت كملت و قولت إنه برضو بيعتمد يستفزني مع الستات اللي بتكون فـ الشركة.. بقولك إيه يا بابتي.. ما تمشي الموظفات اللي عندك و خلي الـ staff كله رجالة على الأقل أبقى مستريحة…
حدق بها جاسر صامتًا و إن كانت ملامحه تحولت لأُخرى إجرامية و لكن لن يُجدي شيئًا.. لذلك نهض فـ نهضت جويرية و قالت بـ إستدراك ذاهل
-بابتي مقولتش رأيك!
-أجاب بـ نبرةٍ مُشمئزة:أنا لو رديت هتزعلي.. كلمي جوزك صالحيه.. لو مكنش عمل كل دا مكنتش خليتك على ذمته دقيقة واحدة…
ثم تركها مشدوهة و صعد حتى وصل إلى غُرفتهِ مع روجيدا ليجدها واقفة أمام الشُرفة ثم قال بـ حدة و هو يُغلق الباب
-آدي آخرة اللي يتجوز عيال…
إستدارت روجيدا إلى جاسر الذي تظهر على ملامحهِ الغضب لتقترب منه مُتسائلة بـ تعجب
-مالك يا جاسر!...
قص عليها جاسر ما حدث لتقول روجيدا شاهقة وهي تنهض
-إزاي دا يحصل و متناديش عليا!.. أنا هروح أشوفها…
أمسك جاسر يدها ليجذبها فـ سقطت جالسة فوق الأريكة و قال بـ جدية
-سبيها تراجع نفسها.. بنتك غلطانة و أنا متوقع كمية الجحشنة اللي طلعت من بؤها فـ حق حمزة.. سبيها تفكر مش علشان بنتي هقف معاها فـ الغلط.. تراجع نفسها و لو ليها حق هجيبه منه ومن أبوه
-هتفت روجيدا بـ شبة صوتٍ حاد:حق إيه يا جاسر؟ بتقولك بيستفزها مع الموظفات فـ الشركة! مش خايف على بنتك؟
-أجاب جاسر بـ هدوء:بنتك بتأڤور.. حمزة متهور صحيح بس طالما معاه جويرية فـ أكيد مش هيتهور.. و بعدين فكرك يعني مش عارف حمزة!.. و بعدين ما هو قدامي طول الوقت و الراجل فـ السليم
-يعني إيه!
-تنهد جاسر وقال:الحوارات اللي بنتك بتقول عليها قبل الجواز و قبل ما حمزة يعقل.. و بعدين أنتِ مفكرة إني أسلم بنتي لواحد زي حمزة من غير أما يعقل!...
مطت روجيدا شفتيها بـ عدم فهم ثم تسائلت من بين أسنانها
-برضو مش فاهمة دا علاقته إيه بـ إني أروح أقعد معاها؟
-جذبها جاسر من كتفها وقال:علشان عارف قلبك و جويرية ما هتصدق أصلًا.. فـ سبيها لما تعرف الغلط هي اللي هتيجي و تسألنا تعمل إيه
-نظرت إليه بـ شك وقالت:مش مستريحة…
جذبها جاسر أكثر ثم همس بـ أُذنها بـ عبث و قال
-من إمتى و أنا معرفش حاجات المتجوزين!.. دا أنا ثلاثون عامًا من الخبرة…
دنى منها ثم قَبّل أطراف شفتيها بـ حرارة وقال بـ ذات النبرة العابثة
-و قلة الأدب…
تملصت روجيدا من بين يديه ثم قالت ضاحكة
-طيب يا بتاع الخبرة.. يلا علشان تاخد الدوا و نفطر
-بتعرفي تفصلي الجو كويس
-رفعت حاجبها وقالت بـ نبرةٍ مُتذمرة:فين الدوا.. فين الدوا اللي كل يوم تغير مكانه!
-أجاب وهو يعود بـ ظهرهِ إلى مستند الأريكة:فـ دُرج المكتب.. التالت…
زفرت روجيدا بـ نفاذ صبر ثم توجهت تفتح المكتب كما قال.. و لكن لفت نظرها شئ صغير لم تضح معالمه جيدًا بسبب قدمه و تآكله.. لتنظر إليه بـ تعجب ثم توجهت إلى جاسر ثم سألته وهي ترفعه بـ مستوى نظره
-إيه دا يا جاسر!!...
فتح جاسر عيناه المُغمضة و حدق بما بـ يد روجيدا دون معالم واضحة و إن كانت مرت بها لمدة ثانية واحدة بعضًا من ملامحه الشرسة التي تعرفها جيدًا و إمتزجت معها قسوة و كراهية جعلتها تتراجع
إلا أنه إبتسم و مدّ يده إليها لتأتي روجيدا طواعية ثم جذبها لتجلس فوق ساقيهِ و إلتقط ما بيدها وقال بـ صوتٍ غريب و كأنه يعيش أحداث قديمة أمامه
-من حوالي تلاتين سنة.. شاب وسيم الملامح وسامة خطيرة إتخطف
-ضحكت روجيدا وقالت:الشاب دا أكيد أنت
-قبض على أنفها وقال:إسمعي للنهاية.. الشاب دا وقع فـ مافيا اللي يجحمها بهدلت حياتي و ساقه القدر لواحد أهبل آُعجب بـ كليتيهِ فـ أخدهم…
على الرغم من سُخريتهِ و نبرتهِ المازحة إلا أن حديثه جلب أسوء الذكريات التي مرا بها.. هذا يجعل قلبها ينقبض كما و كأنه يُطعن فـ تأوهت روجيدا قائلة
-جاسر!!
-أكمل جاسر بـ إبتسامة مُهلكة:هششش.. المُهم طلع سادي و حب باقي الأعضاء و كان عايز يفرغني من جوه ابن الهبلة.. فـ علشان يحافظ على الجثة.. حط الشئ الغريب دا…
رفع جاسر ما بـ يدهِ و أكمل قائلًا
-الشئ دا زي جهاز غسيل كلى مُصغر.. الناس المُهمة بس اللي تقدر على تمنه و بتستخدمه.. بديل لعمليات الغسيل الكلوي.. و دا حطه علشان مموتش من تسمم الدم اللي ممكن يموتني فـ ظرف دقايق أو لحظات.. و بس يا ستي.. ظهرت البطلة و أنقذت الشاب و من هنا بدأنا حكايتنا الجديدة…
أدمعت عينا روجيدا و كادت أن تبكي و لكنه جذب رأسها و همس ماسحًا على ظهرها
-بتعيطِ ليه! ما أنا قُدامك زي الجن أهو.. كُل الحكاية إني حبيت أفهمك أنا إزاي عشت مش علشان أنا مفيش مني.. بس علشان الأهبل دا طلع بيفكر صح
-تسائلت بـ تردد:عرفت كل دا منين!
-تنهد وقال:سألت دكتور فـ المُستشفى كان فـ بريطانيا و رجع على حظي يعمل العملية لينا…
إبتعدت روجيدا عنه ثم نظرت إلى ذلك الجهاز الصغير ثم إلى عينيه وقالت بـ حُزن
-ليه لسه مُحتفظ بـ الذكريات دي لحد دلوقتي؟ ليه بتفكر نفسك و بتفكرنا بالوجع!...
أمسك جاسر يدها ثم رفعها إلى شفتيهِ و قَبّلها عدة قُبل و قال بـ صوتٍ عاشق لم تنجح السنوات في قتلهِ
-مُحتفظ بـ كل لحظة ألم عشناها و مش هنساها علشان أقول لنفسي كل يوم إننا نستحق كل لحظة من العشق دا…
إنحنت روجيدا تُقبل جبينه بـ قوة ثم ضمت رأسها إلى صدرهِ فـ أحاط جاسر خصرها و كأنه طفل يتشبث بـ والدتهِ
*****
فتحت جُلنار عينيها بـ تكاسل ثم رفعت رأسها عن صدر صُهيب النائم لتبتسم رافعة جسدها و قَبّلته لتنهض بعدها مُرتدية ثيابها
توجهت ناحية الباب لتجده مُغلق فـ ضيقت عيناها وقالت بـ تذمر
-عملتها يا بابتي!...
زفرت جُلنار و توجهت إلى الشُرفة المدخل و المخرج السري لها و لصُهيب.. كانت بارعة لكثرة ما تسلقت هذة الشجرة تُرى ماذا ستفعل إن قرر والدها إزالتها
دلفت القصر بعدما فتحت إحدى الخادمات والتي نظرت إليها بـ تعجب و لكن جُلنار لم تأبه بل تابعت طريقها حتى غُرفة جاسر الصغير لتجده يلعب ألعاب الفيديو فـ توجهت إليه و ربتت على خُصلاتهِ لينهض الصغير و عانقها قبل أن يقول
-جدو سألني عليكوا
-لثمت وجنته المُمتلئة وقالت:و قولت لجدو إيه!
-رفع منكبيه وقال بـ بساطة:الحقيقة…
لم تجد جُلنار بدًا من الضحك فـ ضحكت و تركت الصغير بعد حوار دام دقائق و إتجهت إلى غُرفة أبيها.. طرقت الباب ثم دلفت دون أن تنتظر رده كما فعل معها
كانا جاسر و روجيدا لا يزالا جالسين و يتحدثان بـ عدة أمور قبل أن يُقطع حديثهما بـ زائر غير مرغوب فيه
ليلتفتا على صوت طرقات تبعها دلوف جُلنار لتتسع عيني جاسر بـ دهشة ثم هدر من بين أسنانهِ
-أنتِ طلعتي من الأوضة إزاي؟!...
أجابته جُلنار بـ بساطة قاتلة وهي تتجه ناحية خزانة الثياب تنتقي منها كنزة و بنطال
-نطينا من ع الشجرة زي ما صُهيب طلع...
كتمت روجيدا ضحكة كادت أن تنفلت وهي ترى جاسر على وشك قتلها خنقًا و قررت الخروج إلى الشُرفة
بينما جاسر عيناه أطلقت شرار مُخيف وهو يرى إبنته المصون تتحرك بـ الغُرفة تأخذ عطره و عبوة الصابون السائل الخاص بـ الإستحمام و فُرشاة الشعر ليرفع حاجبه بـ خطورة و نبرةٍ قاتلة كـ حد السيف
-و أنتِ بـ روح أبوكِ اللي هتطلع دلوقتي بتعملي إيه!...
هو يتعجب من جراءتها للخروج والقدوم إلى غُرفتهِ بل وأخذ أشياءه الشخصية و سلاستها في التعامل معه.. فـ آثر الصمت لعلها تُخبره بـ خجل إن كانت تمتلك جزءًا منه
رتبت جُلنار الأشياء التي أخذتها من غُرفة والدها ثم أجابت بـ هدوء
-باخد هدوم وحاجات لصُهيب يا بابتي.. أكيد يعني مش هيقعد بـ الهدوم طول الوقت دا...
لم يجد ما يرد به عليها فـ تساءل بـ سُخرية
-الباشا مش عاوز بالمرة مُفتاح القصر و يطردني منه!!...
توجهت إلى باب الغُرفة ثم قالت مازحة وهي تخرج
-مش لدرجادي يا بابتي…
و أغلقت الباب دون أن تستمع إلى سيل السباب الذي نالته لتُصادف في طريقها جويرية الراكضة فـ أوقفتها مُتسائلة
-أنتِ جيتي أمتى!!
-أجابت جويرية على عجالة:النهاردة الصُبح.. معلش يا جُلنار هكلمك بعدين…
مطت جُلنار شفتيها و هي ترى جويرية تُكمل ركضها تجاه غُرفة جاسر ثم صُراخها وهي تدفع الباب بـ قوة
-بابتي إتصل بـ حمزة علشان أصالحه…
ضحكت جُلنار بـ صوتٍ عال و هي تهز رأسها يأسًا من شقيقتها.. ثم أخذت طريقها إلى الغُرفة و فتحت الباب الذي ترك به جاسر المُفتاح و دلفت
وجدت صُهيب مُستيقظ و جالس فوق الفراش و ما أن رآها حتى إبتسم و مدّ يده إليها فـ قبلتها و أمسكت بها ليسألها
-كُنتِ فين!
-بجيبلك هدوم جديدة.. علشان القديمة إتوسخت من الشجرة
-نظر إلى ما بـ يدها بـ شك و تسائل:و جبتيهم منين!
-أجابت بـ بساطة كاذبة:كُنت بشتري هدوم ليك و بحطها هنا علشان لو إحتجناها…
أومأ صُهيب ليجذبها مُقبلًا إياها ثم إبتعد لتقول لاهثة
-قوم يلا خُد شاور و أنا هدخل بعدك…
إقترب و قَبّلها بـ خفة ثم نهض و هو مُتخم من السعادة.. ليدلف المرحاض و أخذ حمامه وهو يُدندن بـ صوتٍ خفيض
-جُلنار أنا خلصت…
كان صُهيب قد إرتدى بِنطاله و قميصه دون أن يغلق أزراره و من ثم توجه إلى حوض الإستحمام ليُجهزه من أجل جُلنار.. ليسمع بعدها صوت دلوفها وهي ترتدي منشفة فقط فـ حدق بها مصعوقًا قبل أن يُحمحم قائلًا بـ صوتٍ أجش
-آآ أنا.. أحم جهزتلك البانيو و هخرج أهو…
كانت هي تقف أمام المرآة و هو تقدم إليها ليأخذ فُرشاة الشعر و لكنها سقطت من يدهِ عندما نزعت جُلنار المنشفة أمامه ثم توجهت إلى المرحاض بلا خجل
كان صُهيب يُحدق بها مصعوقًا، فارغ الفاه و كأنه يراها لأول مرة.. هو بـ الفعل إعتاد على وقاحتها و عدم حياءها ولكن الآن ذلك تخطى جميع الخطوط الذي أوهم نفسه بـ رسمها
كانت جُلنار قد إستقرت بـ حوض الإستحمام و إستندت بـ ذراعيها إلى جانبيه و رأسها إلى الخلف فـ وجدت صُهيب يُحدق بها بـ أنفاس عالية لتضحك بـ خبثٍ قائلة
-إيه يا حبيبي! مش خلصت ولا إيه!...
نزع صُهيب قميصه و تبعه بِنطاله و قرر مُشاركتها حوض الإستحمام قائلًا بـ صوتٍ ثقيل، أجش
-لأ إفتكرت إني مغسلتش ضهري…
ضحكت جُلنار بـ قوة ثم قالت وهي تمد يدها المُمتلئة بـ الرغوة إليه
-طب تعالَ و أنا أساعدك…
و كان أكثر من سعيد وهو يُلبي نداءها بـ المُساعدة و كان عليه أن يستحم مرةً أُخرى فـ السابق لم يكن بـ تلك الحلاوة أو هذا الشغف
*****
فتحت عيناها لتكشف عن تباين ألوانهما بعد تلك الغفوة القصيرة لتجد نفسها نائمة بين أحضانه التي كانت ذائبة داخلها لتبتسم بـ خجل ثم دفنت رأسها بـ ذراعهِ أسفلها و إستدارت إليه فـ وجدته يُحدق بها مُبتسمًا بـ سعادة طاغية تكاد تغرق بها
ليزداد تورد وجنتيها و حاولت الإبتعاد عنه إلا أن يزن لم يسمح لها فـ أمسك و جذبها إليه قائلًا بـ شقاوة
-مينفعش تتكسفي و أنتِ اللي جرجرتيني
-أنت چيلان بـ خجل:يززن…
وضع يده أسفل ذقنها ثم رفع رأسها و بين كُل كلمة كان يُقبل شفتيها قُبلة أعمق من سابقيها
-عيون يزن.. و قلب يزن.. و روح قلبه…
إبتسمت چيلان بـ سعادة يبدو أنها كانت مُعدية فـ إلتقطتها منه لتدس نفسها أكثر بـ صدرهِ ثم قالت بـ نبرةٍ مبحوحة
-مبسوط!
-رد بـ دهشة حقيقية:أنتِ بتسألي!
-هتفت مُصححة:مش قصدي.. أنا قصدي إننا مببقاش مع بعض كدا إلا كل فترة بعيدة و أنا حاسة إني مقصرة ناحيتك و خايفة حُبك ينتهي
-هتف يزن بـ قوة على الرغم من خفوت نبرته:عارفة يا چيلان أنا عمري ما عملت حساب لبكرة.. بس بعد أما بقيتِ ليا.. بقيت كُل يوم أفكر إنك ممكن تسبيني لأنك إكتشفتِ إني وسيلة أمان هتلاقيها مع حمايا.. بخاف…
رفع رأسها ليجعلها تنظر إليه فـ هالها تلك المشاعر التي تطفق من عينيه الزرقاء ثم أكمل وهو يُشدد على كُل حرف
-سعادتي لما برجع كُل يوم البيت ألاقيكي مستنياني متتوصفش.. سعادتي الصُبح لما أفتح عيني و أشوفك متكفيش.. سعادتي و أنتِ بين إيديا دلوقتي و فـ أي وقت عُمرها ما هتوزاي أي سعادة.. فـ متسأليش سؤال عُمري ما هقدر أعبر عنه بـ إجابة أبدًا…
تكونت غلالة من العبرات بـ عينيها إلا أنها لم تسمح لها بـ الهبوط و إحتفظت بها داخلها و إقتربت تُعانقه بـ قوة فـ تأوه يزن بـ عشق ثم قال بـ مُزاح
-جاسر باشا الصياد لو شافنا كدا هيعمل مني جميع أنواع الشُربة اللي تقدري تتخيليها
-ضحكت چيلان بـ قوة وقالت:أومال راحت فين ثقتك و أنت بتقولي حمايا هيطلعني.. أنت مفكر بابا إيه يعني!
-رفع حاجبه وقال:أنتِ مستقلة بـ أبوكِ!.. دا مفيش حد فـ مصر ميعرفوش دا يا بنتي شوية و هو اللي هيمسك البلد و البلاد المجاورة.. أبوكِ له دور البلد محدش يقدر ينكره
-قصدك إيه!
-تسائل بـ دهشة:أنتِ عم جاسر محكاش ليكِ عن بطولاته من تلاتين سنة!...
نفت چيلان بـ رأسها لتتسع عيناه بـ ذهول فـ قالت بـ أعين مُتسعة، مُبهرة كـ عيني هرة لطيفة
-تؤ بابتي مش بيحكِ غير عن حبه لمامتي.. ها قولي بقى إيه اللي حصل!...
لم يستطع يزن أن يُقاوم هذا الكم من اللطافة و الأعين الساحرة ليعتليها فـ شهقت چيلان بـ فزع ثم أكمل عابثًا
-لا الموضوع دا محتاج شرح طويل و أنا حاليًا مشغول فـ حاجة أهم…
و ما أن همّ يُقبلها سمعا صوت طرقات رمزي ثم صوته يهتف
-يا عم روميو.. وصلنا المرسى يلا علشان الإجراءات اللي بتتعمل…
زفر يزن بـ حدة ثم نهض بعيدًا عن چيلان الضاحكة ليقول بـ تذمر ضائق وهو يرتدي سرواله
-روح الله يسد نفسك يا شيخ…
ثم إستدار إلى چيلان وهو يضع القميص عليه هاتفًا مُتجهًا إلى باب الحُجرة الصغيرة
-إلبسي و تعالي علشان نروح مع بعض…
أومأت چيلان و هي تنهض تُحيط جسدها بـ الملاءة فـ وقف يزن مُتسمرًا أمامها لترفع رأسها فجأة فـ وجدته يقف مُحدقًا بها ثم تسائلت وهي تنحني تلتقط ثيابها
-مطلعتش ليه!
-حك يزن خُصلاهِ وقال:مش محتاجة مُساعدة؟…
قبل أن ترد جاء صوت رمزي الهادر لتخرج سبة من بين شفتي يزن ثم إبتعد مُجبرًا على عدم مُشاهدة هذا المشهد المُبهر
بعد خمسة عشر دقيقة
خرجت چيلان من الغُرفة لتجد المركب فارغ و يزن يجلس فوق أحد العوارض يرتدي حذاءه الرياضي ثم رفع رأسه ليجدها أمامه فـ إبتسم وهو يجد وجهها الصبوح يزداد جمالًا بعد لقاءهم العنيف قبل قليل
نهض و توجه إليها و أمسك كفها الأيسر يُقبل موضع خاتم زواجهما ثم جذبها خلفه دون حديث فـ عيناهما قصت ما عجز اللسان عن قولهِ
قفز يزن الأول ثم وقف أمام الدرج العال و إنتظر تقدم چيلان.. والتي وضعت يديها على كتفيهِ فـ رفعها من خصرها و وضعها بـ خفة فوق الأرض
سارا عدة خطوات قبل أن تتأوه چيلان فـ سألها يزن بـ إهتمام
-في إيه يا حبيبي؟
-رجلي بتوجعني و الشوز اللي لابساه مش مساعد خالص…
كانت تتحدث بـ خجل فـ فهم السبب ليبتسم هو الآخر دون أن يتحدث.. ثم نظر إلى قدميها فـ وجدها ترتدي حذاء صيفي لكن ذو كعب عال.. تنهد يزن وقال
-مش قولتلك بلاش هييلز يا غزال.. الغزال مش محتاج حاجة تبرز جماله
-يزززن!...
ضحك يزن بـ قوة ثم إنحنى أرضًا و نزع حذائها لتشهق چيلان قائلة
-بتعمل إيه!
-يا ستي خليكِ ورايا لنهاية…
نزعت حذاءها و ظلت حافية القدمين للحظات قبل أن ينزع يزن حذاءه الرياضي ثم إلبسها إياه و أحكم غلقه حول قدميها.. و نهض عن الأرض حاملًا حذاءها الصيفي و ظل هو حافِ القدمين
نظرت إليه چيلان مُطولًا قبل أن ترمي بـ نفسها إليه تُعانقه بـ قوة دون أن تقول كلمة و هو كذلك عانقها حتى إرتفعت قدميها عن الأرض
بعد لحظات أنزلها يزن و أمسك كفها و سارا حتى خرجا من المرسى و إتجها إلى المنزل بعد أخذهما لسيارة أُجرة
وعلى هذا اليوم أن ينتهي بـ كل لحظة جميلة مر بها الكثير حتى و إن كانت مؤلمة في بعض الأحيان إلا أنها تكون أسعد في اللحظات الأُخرى
*****
طرق حمزة باب مكتب جاسر ثم دلف بعدما سمع صوته ليجد جويرية تجلس أمامه كـ مُذنبة فـ أبعد ناظريه عنها رُغمًا عنه و لكنه غاضب و بـ شدة
فـ جويرية قد خاضت أحاديث لا أساس لها بل و تأكد أنها تفتعل مُشكلة فقط دون داع.. ليتوجه إلى جاسر و صافحه بـ صمتٍ ليبدأ الحديث
-ممكن أعرف إيه اللي مغضبك عند أهلك!
-غمغم حمزة بـ قنوط:مفيش يا عمي
-زقر جاسر وقال:مفيش دي عند صابر.. هنا قولي إيه اللي حصل!
-أشار حمزة إلى زوجتهِ وقال:و هي جويرية محكتش…
تراجع جاسر بـ ظهرهِ إلى المقعد و قال بـ بساطة
-حابب أسمع منك…
نظر حمزة إلى جويرية ثم عاد بـ نظرةِ إلى جاسر و قال بـ هدوء
-مفيش حاجة يا عمي.. هو مجرد سوء فهم و كبر من ناحيتي فـ حبيت أمشي علشان ميكبرش أكتر و مُشكلة تحصل…
رفعت جويرية نظراتها إلى حمزة مُشدوهة وهي تراه قد تحمل العبء وحده فـ إصطدمت نظراتها بـ نظرات جاسر ليجعلها تُخفض رأسها ثم قال بـ نبرةٍ غريبة
-يعني جويرية مغلطتش!
-أجاب حمزة نافيًا بـ تأكيد:لأ جويرية مغلطتش…
أخذ جاسر نفسًا عميق و صمت قليلًا قبل أن ينهض ثم قال وهو يخرج من الغُرفة
-على العموم حلوا سوء الفهم.. متطلعوش من الأوضة إلا و أنتوا متصالحين.. و لو ليك حق خده من عنيها.. أنا عارف يا حمزة إنك مش غلطان و أنا اللي معرفتش أربي كويس…
ثم خرج و أغلق الباب ليسود الصمت المكان.. لا حمزة نهض و تحدث و لا جويرية تجرؤ على التفوه بـ حرف و كِلاهما فضلا الصمت عن الحديث و قد يؤول إلى مُشكلة بعد ذلك
بعد دقائق مرت من الصمت رفع حمزة رأسه مُتفاجئًا على صوت شهقات و نشيج خافت ليجد جويرية تبكي و يديها تضمهما فوق رُكبتيها بـ قوة تُوشك على تكسير أصابعها الجميلة
حك حمزة مُنحدر أنفه و زفر بـ ثقل ثم نهض و إتجه ناحيتها فـ تفاجئت جويرية و كادت أن تنهض ليُمسكها مُجلسًا إياها على ساقيهِ جاذبًا رأسها إلى كتفهِ و أكملت بُكاء
كان لا يزال غاضبًا و لكن قلبه لا يقوى على بُكاء صغيرته.. و ظل يربت على ظهرها حتى سمع صوتها و كأنها قطة تموء
-أنا آسفة.. مكنش قصدي والله بس معرفش إيه اللي حصل…
تركها قليلًا ثم أبعد رأسها عنه و أزال عبراتها بـ إبهاميهِ ليردف بعدها بـ صوو مُتحفظ
-غلطي يا جويرية و أنا مش عاوزك تغلطي نفس الغلط دا تاني…
حاوطت عنقه بـ قوة ثم دفنت رأسها به وقالت عدة مرات دون أن تتوقف
-آنا آسفة.. آنا آسفة آنا آسفة.. متزعلش مني
-رد بـ خفوت:أنا مش زعلان منك.. زعلان على عقلك اللي لسه منضجش دا
-إبتعدت وقالت بـ توحش:منضجش علشان غيرتي عليك عمرها ما هتتغير.. و أنت بتستغل النُقطة دي و حذرتك كذا مرة…
رفع حمزة حاجبه بـ دهشة قبل أن يقرص خصرها فـ تأوهت ليقول بـ حدة مُصطنعة
-يعني بقيت دلوقتي أنا الغلطان صح!
-أومأت قائلة:أه و المفروض تصالحني
-ضحك مندهشًا و قال:كمان!
-هتفت بـ تذمر:أه كمان.. يلا صالحني…
ثم ضمت شفتيها مُغمضة عيناها ليضحك حمزة بـ قوة و وضع يده خلف عُنقها أسفل خُصلاتهِا ثم. قربها إليه و إلتصقت شفتيه بـ شفتيها في قُبلة دامية ما بين إعتذار و عشق و غيرة، و غضب و عشق و إستسلام
إبتعد حمزة عنها ليسود الصمت صوت أنفاسها العالية لتقول جويرية و هي تُقبل عُنق زوجها
-أنا عاوزة أروح دلوقتي
-ربت على ظهرها وقال:مينفعش أنا متفق مع عمي إننا هنقضي يوم هنا و هنروح
-لتقول بـ صوتٍ مُتذمر:بس أنا عاوزة أروح حالًا.. وحشتني…
إبتسم حمزة بـ خُبثٍ ثم دنى و قَبّل طرف شفتيها ليقول بعدها بـ نبرةٍ مرحة
-فكرك وجودنا فـ بيت أبوكِ هيمنعنا!
-إبتسمت بـ خُبث هي الأُخرى وقالت:لأ طبعًا…
أنزلها حمزة عن ساقيهِ ثم قال وهو يتجه بها إلى الخارج
-يبقى نطلع بـ أدب أحسن دلوقتي.. علشان نقل أدبنا بعدين…
أومأت جويرية و هي تضحك ثم خرجا ليجدا جاسر يجلس بـ القُرب من الغُرفة ليقول وهما يضحكان
-إتصالحت بسرعة أوي!.. إيه دا يا راجل! أنا قولت هتاخد مجهود أكتر من كدا...
جذبها حمزة يُعانقها ثم قال وهو يُلثم جبينها
-ليها تأثير مبقدرش أقاومه…
إسودت عينا جاسر بـ غضب ليقترب منهما في لحظة ليسحب جويرية من بين أحضانه و هدر بـ صوتٍ عنيف
-مش إتصالحت يلا روح…
فغر حمزة فاهه وهو يجد يداه فارغة و زوجته بين يدي جاسر فـ هتف بـ حنق و تذمر
-أروح فين يا عمي! أنت اللي دعتني
-مط شفتيه وقال بـ بساطة:رجعت فـ كلامي.. يلا روح…
تحرك جاسر بـ جويرية المصدومة و التي لم تعِ ما حدث إلا و والدها يأخذها بعيدًا عن زوجها الذي صالحته للتو.. ليست المرة الأولى التي يُفسد عليها خططها
*****
في مُنتصف النهار و بعدما مرة غداء كارثي كـ العادة حينما يجتمع جاسر بـ أصهارهِ.. صعد جاسر مع روجيدا إلى غُرفتهما و قد أصابه الملل و الغضب فـ قرر الهدوء مع زوجته
كانت روجيدا تأخذ حمامًا و حينما خرجت وجدت جاسر يقف أمام الشُرفة و يُحدق بها بـ شرود.. لتتوجه إليه صامته فـ علمت أنه ينظر إلى بُقعة بـ عينها
وضعت يدها على كتفهِ ليلتفت إليها مُتفاجئًا فـ سألته وهي تنظر مكان نظره
-بتبص على إيه!...
كانت جُلنار و صُهيب يلعبان مع جاسر الصغير قبل أن تخرج روجيدا و يدلفوا.. هذا المشهد بـ تلك البُقعة أعادته إلى ذكرى أول لقاء له مع زوجته
جذبها جاسر و عانقها من الخلف ثم همس وهو يشرد بـ ذاكرتهِ
-هنا أول مرة شوفتك.. و أول مرة لمستك.. و أول مرة كلمتك…
إبتسمت روجيدا بـ حنين فـ شدد جاسر من عناقهِ لها وقال بـ نبرةٍ بها شجن
-و أول واحدة فهمتني.. و أول واحدة أحس إني مش هقدر أقف قُدامها.. لما شُوفتك حسيت إن أنتِ اللي محتاجها.. الروح اللي هتتردلي بيها…
أدارها جاسر إليه و هو لا يزال يُحيط بها ثم قربها منه و هي كذلك حاوطت عُنقه مُغمضة عيناها و إستمعت إلى حديثهِ
-كُل يوم يُمر عليا بحس إني بشوفك لأول مرة.. و بقع فـ عشقك كل يوم من جديد.. مفيش عشق يقدر يجسد عشقي ليكِ…
قَبّل جاسر مُنحدر أنفها كما إعتاد ثم همس وهو يدنو منها أكثر حتى باتت شفتيه تتلامس مع خاصتها
-و بعد كُل السنين دي إكتشفت إني بقع فـ عشقك أكتر.. بقع فيه من جديد و كأني لسه عارفك إمبارح…
كانت تستمع بـ عينين مُغمضتين و لكن ملامحها تكفي شرحًا لسعادتها.. و حينها أكملت ما توقف جاسر عنه و قَبّلته هي
قُبلة شغوفة كـ أول قُبلة
مُرصعة بـ العشق كـ أول لقاء
لاهبة كـ مشاعرهما التي لم تهدأ حتى الآن
طويلة كـ طول رحلتهما معًا
فصل جاسر القُبلة ثم قال بـ عبث
-ما تيجي نجيب الخامس.. نخاوي قوم قُريش دول
-ضحكت روجيدا ثم قالت وهي تتلاعب بـ قميصهِ:اللي أنت بتطلبه دا مُنافي لـ قوانين الطبيعة
-بلا طبيعة بلا نيلة.. القوانين دي للعيال أما هنا فـ بيت جاسر الصياد بتمشي بـ المُعجزات من عند ربنا…
علا صوت ضحكات روجيدا ليقترب جاسر منها مُقبلًا إياها من جديد حتى كادت أن تُزهق أنفاسها ثم توجه بها إلى الفراش ليضعها وهو يعتليها قائلًا بـ مكر عائلة الصياد
-أنا عاوزك تسيبي نفسك ليا خالص…
عاود تقبليها و لكنه فصلها حينما سمع صوت صرخات ذكورية من الأسفل و كأنهم ثيران تتناطح ليهدر جاسر بـ صوتٍ جهوري غاضب
-مين البقر اللي بتنعر تحت دي! …
قالها جاسر بـ غضب ثم إبتعد عن روجيدا و هبط الدرج بـ سُرعةٍ بالغة مُتجاهلًا صوت زوجته من خلفه وهي تهتف بـ ترجي
-جاسر عيب كدا.. دول إجواز بناتك
-هتف جاسر وهو يهبط آخر درجة:والله لو كانوا أمن دولة…
توجه جاسر و روجيدا تجاه الصوت حتى وصل إليه.. كان الجميع يجلس أمام شاشة التلفاز و الجميع يلعب ألعاب الفيديو و أصواتهم تكاد تخرق حوائط القصر
هدر جاسر بـ صوتٍ قوي أجفل الجميع حتى من يلعب طارت أذرع التحكم من بين أيديهم
-دا ولا كأنكوا قاعدين فـ قهوة.. إيه الأصوات دي!...
كان صُهيب أول من تدارك الصدمة ليُجيب بـ مُزاح
-بنلعب يا عمي
-عمى الدبب و القرود إن شاء الله.. بتلعبوا إيه يا خويا منك ليه!...
وهذه المرة يتولى جاسر الصغير الحديث لينهض و يواجه جده بـ جزعًا عار تمامًا وقبل أن يتحدث تحدث جاسر الصياد بـ إستنكار
-يا بني هو أنت هتفضل قالع!.. نفسي أشوفك لابس
-لم يهتم الصغير وقال:أقولك يا جدو بيلعبوا إيه!
-قول يا مقصوف الرقبة زي أُمك…
فتح جاسر فمه لكي يتحدث و لكن يد جُلنار سبقته و كممت فمه لتقول بـ توتر
-بيلعبوا كورة يا بابتي.. كورة…
رفع جاسر حاجبه مُستنكرًا و لم يرد ليزفر جواد بـ قوة وقال بـ شجاعة لا يعلم من أين أتت
-إيه يا جماعة أنتوا خايفين ليه ما كدا كدا هيعرف و هتعجبوا صدقوني…
نظر جواد إلى أبيه وقال بـ إبتسامة فخر وهو يُشير إلى الجالسين ينظرون إليه بتحذير
-يا بوس إحنا بنلعب ع اللي يقضي يوم كامل مع مراته بدون إزعاج…
و ساد الصمت وكأن الطيور تأكل من رأسهم.. ثوانٍ معدودة حتى إستوعب جاسر الصدمة و بـ دون حديث أخرج هاتفه لتسأله روجيدا بـ توجس
-بتتصل بـ مين يا جاسر!
-أجاب جاسر وهو يُشير إليهم:بتصل بـ بوليس الآداب يجي يلمهم…
أمسكت روجيدا يد جاسر ثم قالت بـ تعجب
-إيه اللي بتقوله دا يا جاسر!.. إكبر
-الله!! أنتِ مش شايفة قالبين البيت إيه!...
توجه جواد إلى والدهِ الذي زجره بـ نظرةٍ قاتلة و لكنها إبتلعها ثم همس و هو يضع يده على كتفهِ
-يا بوس أنت كمان هتستفيد.. تعالَ إلعب معانا ولو كسبت خُد فراولتك و أنت مش هتشوف خلقتنا خالص
-صفع جاسر يد جواد و هدر:إمشي يالا من قُدامي
-غمزه جواد وقال:شوف هي ثانيتين و الفكرة هتلعب فـ دماغك…
و من يكن أعلم بـ الأب سوى الإبن الذي هو نسخة مُصغرة من أبيه و بـ الفعل ثانيتين و قد جلس جاسر بـ وجهٍ مُتجهم على الرغم من عدم تقبله للفكرة إلا أن الجائزة روجيدا فـ كيف يستطيع الرفض
صفر الجميع بـ حماس و قد بدأ النزال بينهم و كان الفوز من نصيب جاسر قسرًا ليأخذ روجيدا الذاهلة ثم قال بـ حدة وهو يصعد بها
-عشر دقايق و القصر يفضى.. لو لمحت حد فيكوا هيزعل مني…
و الصدمة كانت تحل على الجميع و لكن ليس عليها أن تستمر فـ جاسر الطاغية فاز بـ الإجبار و كأنه ينتقم منهم لتعطيل عمله أعلى.. ولكن الجائزة تستحق أن يكون مع روجيدا في بعض الهدوء
*****
و حينما كان الفوز من نصيب جاسر و أمره أن يخلو القصر.. كان جواد قد أخذ زوجته و معهما حمزة و جويرية في جولة حول القرية كـ المُشردين ينتظرون العفو و حق اللجوء إلى المنزل
أما صُهيب قد أخذ جُلنار و تجولا خارج القرية حتى وصلا إلى حدود قرية الهواري فـ هتفت جُلنار بـ حماس
-نفسي أشوف أنت كبرت فين.. القصر اللي إتولد فيه…
إبتسم صُهيب إبتسامة لم تصل إلى عينيه و خيم بهما الحُزن لتلتقط جُلنار ما يُفكر به لتقول وهي تُحيط خصرة و تستند بـ جانب رأسها إلى كتفهِ
-بالنسبالي صُهيب الهواري مُجرد اسم..مُتقبلة ماضيك و هقبل بـ حاضرك و هبني مُستقبلك.. أي حاجة هشوفها دلوقتي هتعرفني طفولتك أنت مش الهواري…
تضخم قلبه عشقًا لحديثها ليضُمها صُهيب إليه أكثر ثم دلف بها إلى القرية و كما توقع النظرات علقت بهما.. و لهم كُل الحق عائلتان بينهما ماضٍ من الثأر و الكُره يجتمعان معًا في هيئة أُسرة نتاجها الصغير الذي يُحدق بـ الجميع بـ ذهول و إنبهار
توقف صُهيب أمام قصرهِ الذي قضى به طفولة غير سعيدة أبدًا و ذكرى يوم إحتراقه ينعكس في عينيهِ و لكن بلا مشاعر.. لا يشعر بما حدث حقًا.. كأنها أحداث فيلم سينمائي يُعرض بٓ ملل أمامه
بقايا القصر الأسود و الأنقاض التي لم يقترب منها أحد إنعكست بـ عيني جُلنار بـ مشاعر مُختلطة و لكن أكثرها كان شفقة على صُهيب.. لم يحظَ بما حظت به هي و لكنها تقوم ما بوسعها لأجلهِ
سمعت صوته يقول و كأنه يقص أحداث قصة بلا تأثر أو غضب
-هنا قضيت طفولتي لو سميناها طفولة.. إتربيت على الغل و الحقد و إزاي أمسك سلاح علشان أنتقم و أقتل جاسر الصياد.. الاسم اللي إرتبط بيا طول حياتي و مشهد غيرلي فكري…
حدق صُهيب بـ القصر بـ أعين سوداء ثم أكمل
-حياتي كانت مُتوقفة على قتله.. لحد أما جه يوم و فهمت إن جاسر الصياد مبيبدأش عداء.. و إن عُمره ما علم جواد يمسك سلاح علشان يقتل بالعكس كان بيحاول على أد ما يقدر يبعدكوا عن الطريق دا
-سألته جُلنار بـ خفوت و تأثر:و إيه اللي غيرلك فكرك!
-أجاب بـ صوتٍ هادئ:فاكرة لما قولتلك إن جملته اللي حصل دا ذنب أبوك و جدتك!.. جُملة خلتني لما أنضج أفرق بين الصح و الغلط و إن أمي كان ليها الفضل الأكبر إني مبقاش هواري رغم اللي نالته من جدتي…
جذبها صُهيب يُريد أن يُبدل ذكرياته التعيسة بـ أُخرى سعيدة و توجها إلى قطعة أرض خالية كانت في يوم من الأيام حقل أخضر ينضج كل يوم بـ الفاكهة و الخيرات.. أراد أن يقتل تلك الأجواء الخانقة و قد بدأ الحُزن يغزو خلايا جُلنار
-دي أرض كُنت متعود أجي أذاكر أنا و أخواتي فيها.. يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي أقدر أقول عليها جنة بعد نار فـ الأرض…
تجولت جُلنار بـ الأرض الفارغة و هي تتخيل صُهيب في صغرهِ كيف كان.. و إلى ماذا أصبح.. تلك الأرض تبدو حقًا و كأنها أرضه.. إنها جنته كما يقول
إستدارت إليه جُلنار بعدما تأكدت أن جاسر يلهو بـ القُرب منهم ثم إقتربت و ضمته دون أن تضع وجهها بـ صدرهِ
-بس دي أول مرة أشوف فيها أرضك…
ضمها صُهيب إليه أكثر ثم رد نافيًا
-المكان دا عمره ما كان أرضي…
صمت ثم وضع جبينه فوق جبينها و يديه تُحاوط وجنتيها بـ تملك مجنون ليردف بـ إبتسامة رائعة وهو يُحدق بـ فيروزها الجرئ
-أنتِ أرضي…
إبتسمت جُلنار بـ نعومة فـ أكمل صُهيب وهو يُقبل جبينها مُطولًا
-الأرض اللي مهما ضاقت الدنيا عليا.. هلاقيها أوسع مكان ممكن ألجأ ليه…
عليها أن تُقبله في هكذا موقف يجب أن تُقبله ولكنهما بـ العراء العديد من القرويين يُلاحظونهم بل لم يتركوا مُراقبتهم من الأساس فـ علاقتهم محط أنظار القريتين.. الثأر يجلب زهور أحيانًا
و لكنها لم تفعل إكتفت بـ إبتسامة ثم قالت وهي تتجه إلى جاسر لتُمسك كفه الصغير واقفة أمامه في مشهد يُنافس دفء الشمس
-و الأرض دي بتنبت زهور لأن صاحبها بيرويها حُب مش مايه…
المشهد دا فيه تعديل من الرواية الجزء التاني.. لما تم إستئصال كلية جاسر.. أنا فهمت المعلومة غلط اللي كُنت أعرفها فـ حبيت أصححها و الجهاز دا موجود من سنين طويلة تقدروا تبحثه عنه و قيمة الجهاز دا ملايين الدولارات
هو عبارة عن جهاز غسيل كلوي مُصغر بيقوم بـ وظيفة الكلى و بيغسل الدم بـ إستمرار و أنت بتقوم بٓ حياتك الطبيعية بدون الحاجة لجلسات الغسيل.. لكن حقيقي معرفش البلد المُنشأ أو تفاصيل عنه كتيرة لانه تقريبا مش مُنتشر بسبب إنه غالي جدًا
حبيت أصحح المعلومة علشان بس أبقى أخليت ذمتي 😂
تمت بحمد الله
انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار ارائكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
للمزيد من الروايات الحصرية زورو قناتنا علي التليجرام من هنا