اسكريبت وانت بتعمل كل ده لمين كامل بقلم الست نور


اسكريبت وانت بتعمل كل ده لمين كامل بقلم الست نور 

- وأنت بتعمل كل ده لمين؟

- لولادي هيكون لمين؟

- وأنت ومراتك ملكمش حق على بعض؟


أنا راجل صعيدي بشتغل حُر راس مالي هو أرضي وصاحبي هو دراعي، لا عمر إيدي اتمدت لحد وطلبت عون ولا احتجت من حد مساعدة، لكن ياما اتمدت للغريب قبل القريب ورقبتي سدادة.


- أنتِ مين يا ست أنتِ؟

- أنا عروسة الربيع!

- وهو الربيع ليه عروسة؟

- مش النيل ليه عروسة؟

- لكن دي كلها خُرافات

- اعتبرني اسطورة وخد مني نصيحة العمر.

- اللي هي؟

- احذر قطر العمر يفوتك واللي فوّت علشانهم محطات هيودعوك في آخر محطة وهم شايلينك على كتفهم.

- كلامك غريب وملوش معنى؟

- مفيش حاجة ملهاش معنى! وعمرك ما تآمن بالصدف واعرف إن كل درس جالك هو فرصة تغير من سلوكك.

- وأغير ليه وأنا كويس؟

- اعقلها واعمل بيها.

- هي أي؟

- النصيحة.


من كتر هيماني بالزرع والأرض أوقات بسرح وأتوه وأشرد بخيالي وسبحان من خلق فأبدع فصوّر ... بس اللي عمري ما تخيلته إن خيالي يوسع لدرجة تظهرلي ست بتاج مصنوع من بتلات الزهور وفستان فضفاض يُهيأ إنه شفاف لأن طبقات التُل أوحت بكده لكنه في الحقيقة هو فستان أميرات وحارسات الزرع مش عروسة الربيع زي ماهي بتقول.


- القطار هو حياتي.

- والمحطات؟

- هي محطات العمر هتلاقي محطة الأولاد ومحطة الأقارب ومحطة الأصدقاء وهتعدي بمحطات كتير لحد ما تنسى محطتك أنت.

- بس أنا هاجي في يوم وأعيش لنفسي.

- وتأجلها ليه وأنت عمرك في أجلٍ غير معلوم!

- والمعنى؟

- اللي هتعدي على محطاتهم هيشيلوك على كتفهم بس مش احتفاءً بيك، ده توديعًا ليك بموتك.


الدم هرب من جسمي وعقلي وقف عن الاستيعاب فجأة وكملت هي كلامها:

- مع إن الموت حقيقة مؤكدة، لكنه عدو مُحتم بتهربوا منه.

- وكأننا الإنسان مننا هيُخلد فيها!

- أي نظرتك في الحياة؟


طبيعتي ونشأتي وعملي علموني ثقافة التأمل، فلما حد يسألني عن شيء يخصني فطبيعي أجاوبه لأن السؤال ده أنا طرحته على نفسي قبل كده في قعدة تأمل وصفا.


- أشتغل وأتعب لولادي علشان يلاقوا اللي يسندهم بعد ما يكبروا ويتجوزوا زي ما أبويا عمل معايا وبعد كده نعيش أنا ومراتي متهنيين من غير شغل ولا تعب.

- وليه تستنى عُمر كامل علشان تقدر تعيش لما ممكن تعيش كل يوم!

- يعني أي؟

- تعالى معايا.


عقلي كان مُغيب برغم إن نفحات الهواء كانت بتتصدم بتجاعيد وشي في كل مرة في محاولة تفوقني، لكني كنت مسلوب الإرادة وماشي وراها بدون حول مني ولا قوة.


- شايف البُلبل ده؟

- شايفه.

- بيعمل أي؟

- بيغني.

- اسمعه كده.


مِيلت بضهري لورا على جذع شجرة وبدأت أستمع لصوت البُلبل وأنا ابتسامة عريضة بتترسم على وشي بكل تلقائية وكملت وغمضت عيوني علشان أستجم أكتر.


" البُلبل بيستمتع بحياته كل لحظة، عايش اليوم بيومه واللحظة بلحظتها لا عمره أجل فرح ولا سعادة لأن كل لحظاته فرح، فمتسمحش للعُمر يسرق منك سعادتك بحجة إنك بتبني لولادك ولادك مش هيفتكرولك الطين والأرض، لكن هيفتكرولك اللين والحُب اللي هتقدمهولهم، ابني ولادك قبل ما تبني ليهم، وعيش لنفسك ولمراتك قبل ما يعيشوا على ذكراك"


- يا راجل قوم الفجر هيأذن والسحور هيفوتنا.

- أنا فين؟

- بسم الله الرحمن الرحيم أنت بتحلم ولا أي! أنت في بيتك يا راجل.


هو ده حلم ولا حقيقة! طب وأنا جيت هنا إزاي؟ أما إنه حلم عجيب بحق! بس ست إنما أي! كلامها يوزن دهب ولو ليه مكيال فمكياله أرض وفلوس ويفيض كمان.


- بتعمل أي؟

- بفرش حصيرة لزوم قعدتنا.

- في الشارع؟

- وأي المانع؟

- مش أنت اللي قولت رجلك متعتبش برا البيت و...

- يتغير! كل ده يتغير علشانك يا ست الكل، وبعدين أنا لسة عند كلامي طول ما الشارع ده فيه ناس، بس ساعة الفجرية دي نقعد قعدتنا ونشرب كوبايتين شاي ونتساير سوا!


نتساير ده يمكن أرقّ وصف للمشاركة بين اتنين؛ لأنه بيعني مشاركة الحديث والكلام والأفكار ومفيش مشكلة من ... مشاركة المشاعر بين الطرفين وشاهدهما كوبايتين شاي ساعة فجرية.


- البيت فضي علينا من العيال بس إلا من حِسك.

- وحِسي قليل يا ولية؟

- قليل! ينقطع لساني لو طلعت مني، ده أنا محدش واخد بـ حِسي ومونسني غيرك ويفوت عمر فوق العمر وقعدتنا دي اللي متغيرتش من عشرين سنة هي اللي معيشاني ومش عايزة حاجة تاني من الدنيا غيرها.

- بدأناها سوا لوحدنا والعمر مرّ ولف بينا وبقينا لوحدنا والعيال اللي شقينا عليهم اتجوزوا وكل واحد بقى ليه بيته.

- أنت مقصرتش معاهم ولا معايا والحمدلله إن كل يوم عيشناه مقصرناش مع حد فيهم.

- عشرين سنة عرفت فيهم إن لا الشغل هيخلص ولا الجري ورا المال ليه نهاية إلا بـ موت البني آدم، وإن اللي يأجل سعادته زي اللي مستني شهادة وفاته.

- فال الله ولا فالك تف من بوقك وليه العكننة دي وهو أنا مستغنية عن عمرك!

- الحمدلله إن ربنا قدرني وسترني وقدرت أطلع ولاد زي الورد شبعانين في بيتي ورجالة يسندوا في أي ظرف.

- أنت الخير والبركة ياخويا.


طبطبت على كتفه وناولته رغيف العيش يكمل أكله وبعدين بصيتله:

- تشرب شاي يا حاج؟

- ونتساير؟

- نتساير يخويا وماله.


"قيل في الحب مواويل .. ما تيجي نتساير لغة المُحبين"


#الست_نور

لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا
 

تعليقات



×