رواية النمر الجامح ( كاملة جميع الفصول ) بقلم أميرة انور


 رواية النمر الجامح الفصل الاول والثاني 

الاول والثاني 

 الفصل الأول..

     (النمر الجامح) 



_ مش عاوز أشوف وشك هنا مرة تانية فهمتي!! 

حملقت به بصدمة فمازالت على فراشه عارية، ابتسمت حيث كانت تفكر بأنه يمزح معها فمن يرفض أمراة شديدة الجمال مثلها،  اقتربت منه حتى تطبع قبلة صغيرة على خده ولكنه قال بحدة بعد أن قام من جانبها: 

_ بقولك امشي وعلاقتي معاكِ خلصت 

استغربت حديثه فقالت بسخرية: 

_ علاقتك بيا خلصت دا إحنا لسة عارفين بعض إمبارح إنت بتتكلم بجد والله!!

جلس على الأريكة ووضع رجل على الأخرى ومن ثم أمسك علبة سجائره والتي كانت ذات ماركة عالية،  وأخرج منها واحدة وأشعلها بعد أن وضعها بفمه، نظر لها بغضب مكتوم قائلاً بقسوةً: 

_مفيش حد أبداً من جنسك بيبقى له علاقة بيا غير يوم واحد بس ومتنسيش نفسك وإني جايبك من ملهى ليلي فروحي في شيك في مبلغ كويس عشان الليلة الزبالة دي وأصلا خسارة كبيرة في واحدة زيك يالا مع ألف سلامة عندي شغل.


شعرت بأن كبريائها أصبح لا شيء أمام جبروته،  تسهر وتفعل كل ما يغضب ربها لا أحد يقول لها شيء ولكنه كان أول من ذلها،  الجميع يسيروا ورائها من شدة جمالها ،  أي أحمق هذا ليجعلها تغادر قصره... 

مازالت تقف أمامه لا تفعل شيءٍ،  حيثُ أن الصدمة انتابتها بقوة،  عاد يتحدث من جديد بانفعال: 

_ هو مش أنا قولت تمشي ولا لازم أخلي الأمن يرموكي برا.. 

زدات وقاحته فقالت بعنف: 



_ احترم نفسك إنت متعرفش أنا مين وبنت مين وبابي ممكن يعمل فيك إيه..!!! 

_بابي...!!! 

قالها بسخرية،  لاحت على ثغره بسمة واثقة من نفسه،  بدأ يتمم حديثه بـ: 

_ طب يا بنت "حمدي المغربي"  باباكي الحنون الكويس اللي ميعرفش عن بنته اللي بتسهر في الكباريه وبتروح مع الرجالة بس اللي على مزاجها للآسف ميعرفش عنك حاجة كل اللي يعرفه هو إنه بيشحنلك الفيزا بتاعتك كل أول شهر بس للآسف واديني يا حلوة كتبتلك شيك مقابل الليلة دي عشان أبوكي دخل صفقة غير مربحة ودخلها عشان يلعب مع الوحش فدا كان عقابه خسر نص فلوسه يا حرام





تركته وغادرت من أمامه بعد أن أخذت ذاك الخبر،  شعرت بأنها تريد قتله ولكنه قوي،  يمكن أن يوقفها بأقل مجهود. 

تاكد بأنها غادرت،  ليقوم بعد ذلك من مكانه، ويحضر نفسه حتى يغادر لعمله، أخرج من دولابه بدلة شديدة السواد،  وضعها على الأريكة ومن ثم دلف إلى المرحاض ليأخذ حماما ساخنا.. 

...............

.......................... 

في تلك المنطقة الراقية،  في منزل بسيط للغاية كل شيءٍ فيه بذوقٍ عالٍ،  تحديداً في غرفة النوم الخاصة بتلك الشقة،  كانت هناك فتاة غافلة بارهاق على الفراش،  تستمتع بنومها ولكن لحظة شروق الشمس بالنسبة لها عذاب حيثُ تفتح الستائر المغلقة،  تبغض اسمها الذي يخرج من فم المربية الخاصة بها حين تقوله بلهجة أمر: 

_ "ملاك"  قومي بلاش كسل يا بنتي شغلك مستنيكي. 

بتلقائية تضع الوسادة على رأسها حتى تهرب من ضوء الشمس ونداء المربية لها، اعتادت أن تفعل هكذا كل يوم.. 

اقتربت منها المربية الخاصة بها بعد أن تأففت بقوة قائلةٍ بصراخ بعد أن أخذت الوسادة منها: 

_ "ملاك"  قومي يالا..!! 

جزت "ملاك" على نواجذها بغضب طفولي،  فتحت عيناها الجميلتان والتي تتميز بلونها الرمادي، تنهدت بقوة قبل أن تقوم بعنف قائلةٍ لها بحزن: 

_"ملاك" "ملاك" مفيش غيري طبعاً فجاية تصحيني يا "سامية"  والله حرام نفسي أنام أنا يعني ولا في الشغل حد راحمني ولا البيت.. 





أومأت لها المربية "سامية"  برأسها وقالت بحنو: 

_ عشان إنتي أحلى صحفية في الدنيا فلازم تتعبي في شغلك ولازم تصحي وتفوقي عشانه... 

رفعت سبابتها في وجهها قائلةٍ بوعي: 

_إنتي صح.. 

ثم نظرت لها بقوة وسألتها ببسمة صغيرة عنـ: 

_ هي الساعة كام؟ 

ردت عليها بفتور فهي تعلم مالذي ستفعله بعد أن تعلم إلى أي حد وصلت الساعة:





_ الساعة ٧.٣٠ بالظبط

انتفضت "ملاك" من فراشها بفزعٍ جم، تثاءبت بنعاس فهي لم تأخذ الجرعة الكافية لأي إنسان في نومه، أمسكت رابطة الشعر من على الكومود ومن ثم عقدت شعرها الطويل في شكل ذيل حصان، دلفت الى المرحاض بعد أن قالت بصراخ:

_ حرام والله يا "سامية" اللي بيحصل دا الواحد ميعرفش يروح الشغل في معاده قولتلك صحيني على ٦ عقبال مالبس وجهز نفسي وأفطر أوف ياربي...

لم ترد عليها "سامية"  قط حيثُ بدأت في ترتيب غرفتها الصغيرة والتي تملأها العرائس البلاستكية،  والألعاب وكأن تلك التي تسكن بها طفلة وليست فتاة في سن الثالث والعشرون... 





توقفت "سامية"  عن فعل أي شيء حين سمعت صوت "ملاك"  التي صرخت بـ: 

_"سامية" الحقيني المية باينها قطعت... سناني فيها معجون ووشي فيه صابون هعمل إيه أنا دلوقتي!!!!... 

قهقهت "سامية"  بقوة من تصرفاتها،  ضربت كفيها ببعضهما قبل أن تقول بعتاب يومي: 

_"ملاك" الأستاذة اللي دائماً ناسية نفسها المطور بتاع حمامك متفتحش يا ناصحة هانم.. 

ردت عليها "ملاك"  بتذكر لما تقوله: 

_ أوبس طب معلش يا "سوسو"  افتحيه لو سمحت..!!! 

نفذت "سامية"  ما قالته لها،  وبعد ذلك خرجت حتى تعد لها وجبة الإفطار... 

...................................................

في مكان آخر تحديداً في فيلا "ال عزمي"  

استيقظ الجميع على الخبر المشؤوم،  موت الأب الروحي للعائلة،  لم يتمكن "مالك" حفيده الوحيد أن يتحمل الخبر،  والذي يبلغ من العمر خمس وعشرون عاما لم يستطيع جسده العريض ان يسنده بهذا الوقت،  فهو لا يستطيع أن يبقى بدون جده الحبيب،  اتجهت نحوه زوجة عمه حتى تكن بجانبه حيثُ قالت: 

_ بس يا بني متعملش في نفسك كدا قوم وكون صلب إنت الوريث الأول والراجل اللي في وسط البنات جدك "عزمي"  مات بس إنت يا "مالك"  موجود معانا.. 

حبس "مالك"  دموعه التي تعلقت في مقلتيه،  عاد ليقف مرة أخرى،  رافعًا رأسه،  شامخً كما كان يفعل جده،  انتظر حتى يخرج الطبيب الشرعي من غرفة جده،  فالطبيب الذي أخبره بالوفاه قال أن الموت حادث مدبر.. 

تقدمت نحوه إبنة عمه الصغيرة والتي لم تكمل عامها التاسع، كانت تبكي بشدة،  قائلةٍ له بهلعٍ: 

_ أبيه "مالك"  أنا خايفة وبعدين هو كدا مش هشوف جدو تاني.. 





ملس "مالك" على شعرها وقال بحنو لها بعد أن إنحنى على أقدامه حتى يكون في مستواها: 

_ حبيبة قلبي كل حاجة هتبقى تمام خليكي واثقة فيا مش إنتي بتحبيني؟ 

أومأت الصغيرة برأسها فعاد ليتمم ما بدأ في قوله: 

_ يبقى يا بنوتي الحلوة روحي على اوضتك ومتخرجيش منها غير أما أجيلك،  روحي إفطري يا قمري الصغنن...!! 

ثم وبعد إنهاء الحديث معها،  نظر إلى زوجة عمه وقال بأمر: 

_ طلعى "ريناد"  فوق لو سمحت..!! 

وافقته على قراره وجاءت بالفعل حتى تصعد ولكنه عاد يواصل حديثه بـ: 





_ إطمني على "دنيا"  من ساعة ما عرفت الخبر وهي ما بتقولش حاجة.. 

_ ماشي يا "مالك"..

صعدت إلى غرفة بناتها، تاركة"مالك" واقفا بصلابة بعد أن أفاق من إنهياره من أجل عائلته التي تحتوي كل من زوجة عمه وبناتها "دنيا" و "ريناد" 

خرج الطبيب بتلك اللحظة ليقول ما كان يتوقعه قط:

_ "مالك" بيه...!!!!

.............................................

خرج من المرحاض الخاص به، وارتدى بذلته ظبط شعره، ثم خرج من منزله، تجمع الأمن خلفه، فهناك من سيفتح له السيارة، ومن يحرسه، أوقفه أقرب شخص له من الأمن من يكن السند له في أعماله، قائلاً له بلهفة:

_ "جبل" بيه وصلنا خبر بإن السيد "عزمي" جد صديق حضرتك تعيش إنت...







جحظ "جبل" به، وقام بإزالة نظارته الشمسية، لتظهر عيناه الحادتان المرعبتان برغم من أن لونهما أخضر، كالأزهار والنباتات، ولكن الجمال لا يكتمل، كور يده الكبيرة حتى يضرب بها حائط المبنى وكأنه يستعرض قوته حيثُ أنه عريض المنكبين، متوسط الطول، "جبل" المنشاوي أكبر رجل أعمال برغم.من  صغر سنه، الذي لم يصل للثلاثين؛

لا يطلب المساعدة من أبيه برغم من كونه ثري ولكن لا يحب أن يقول أحد أنه عظيم بسبب والده...



تحدث أخيرًا بعد صمته الذي طال :

_يالا بسرعة على بيت ال "عزمي" 

أومأ الحارس له برأسه ومن ثم أسرع حتى يفتح له سيارته الفاخرة؛ حرك. السائق مكبحها وإنطلق إلى منزل صديق رب عمله...

بداخل السيارة كان يحاول "جبل" أن يهاتف "مالك" ولكن المحاولة فاشلة حيثُ لا يجيبه أحد..

صرخ بشدة :







_ أوف رد بقى يا " مالك" 

_إن شاء الله هيكون بخير يا فندم...

كان هذا ما تفوه به حارسه ولكنه تجاهله وقال بأمر :

_ خلص يا بني آدم كل دا في الطريق بقالك خمس دقايق سايق وموصلتش ..

نظر له السائق باستغراب قائلًا بخفوت:

_ يا فندم خمس دقايق وبأقصى سرعة يعني دا وقت الطريق.

جز "جبل" على نواجذه حين قال :

_ غلطان وبتجادلني إنزل ..

ثم وبعد أن قال هكذا اوقف السائق السيارة بخوف، لينزل "جبل" من المقعد الخلفي ويصعد لمقعد السائق مستعد للإنطلاق ، واصل كلامه بثقة :

_ خمس دقائق وهوصل هناك إركب مكاني وشوف يا "عباس" افندي ..

............................................

خرجت "ملاك" من غرفتها واتجهت نحو منضدة الطعام تنهدت بقوةً قبل أن تقول بحزن:

_ تعرفي بابا وماما وحشوني أوي الواحد بيكره الوحدة وأنا انكتب عليا أرافقها لولا وجودك أنا كان حصلي حاجة

أمسكت "سامية" يدها بحنو وقالت :

_ وأنا مليش غيرك يعني إنتي الدنيا عندي وما فيها يا "لوكا" يالا حبيبتي إفطري عشان تجهزي وتبقي قادرة تفوقي في الشغل..

هزت "ملاك" برأسها لتمسك بعد ذلك قطعت الخبز وتضع عليها بعض الجبن والخضار وتبدأ في تناولها، انهت طعمها وقامت بعد أن تناولت رشفة من عصير البرتقال، اتجهت نحو المرآة حتى تتمم على مظهرها حيثُ أنها تركت لشعرها العنان

تلمست بشرتها السمراء وابتسمت لأنها تذكرت والدها حين كان يخبرها بـ: 

_ أخدتي الجمال كله من أمك وخدتي عني السمار فعملتي مزيج شرقي رائع يا طفلة.. 

كم تشتاق إليهم،  مر ثلاث سنوات على موتهم ولازال ألم الفراق صعب وكأنهم أختفوا في الليلة الماضية.. 

أخذت زفيرها لتخرج كل العذاب التي تمر به، حاولت أن تمنع تلك الدمعة اليتيمة التي تقف على جفنها، أمسكت  المنديل لتزيلها.. 

ثم قالت بصياح: 







_ سوسو أنا ماشية يالا سلام.. 

_ سلام يا حبيبة قلبي... 

هذا ما قالته "سامية"  والتي قامت من مكانها ونظرت في صورة أهل "ملاك"  قائلةٍ بحزنٍ :

_ الحزن اللي شايلاه "ملاك" في قلبها كبير يا سيد "ناصر" حاسة إنها وحيدة وأنا بقالي مدة حاسة بحاجة غريبة هتحصل وياعالم هي إيه ؟







............................................

للتو خرج الطبيب وبصدمةً قال :

_ للآسف يا "مالك" بيه المتوفي مات مسموم ولازم نبلغ حالًا و "عزمي" بيه يدخل التشريح..

_ لا....!!!

صرخ "مالك" بها بقوةً لتتحول عيناه الحمراوتان إلى الشرار وكإن النيران تخرج منها بشدة، رد عليه الطبيب الذي كان يعارض لأمره :

_بس يا فندم لازم نعرف المصدر  دي حاجة ما ينفعش أبدًا نسكت عنها...

جز "مالك" على نواجذه بحدة  ورفع سبابته  ليقول بعنف وتحذير :

_ أنا خلصت كلامي معاك المبلغ اللي عاوزه هيتكتبلك أهم حاجة جدي يدفن بخير وأما حكاية التسمم فأنا مش هيغمض ليا جفن غير وأنا عارف إيه اللي حصل ولو مطعم هقفله ولو كان حد قاصد فهو هيموت أهم حاجة محدش أبدًا يعرف حاجة...







أومأ الطبيب برأسه بعد أن تنهد بخيبة امل في إقناعه، غادر من أمامه، لتبدأ مراسم التغسيل...

دلف إلى الغرفة محاولاَ ألا يبكي حيث أنه أجبر دموعه أن تجف، تحدث بقسوةٍ :

_ وغلاوتك عندي يا غالي ليجيلك حقك ربنا يرحمك يارب ويجعلك في الجنة يا غالي ...

إقترب منه الخادم الخاص به وقال :

_ "مالك" بيه "حازم"باشا والدك اتصل وبيقول إنه مش هيقدر يجي لإن عنده شغل وبيقول خليك إنت مع مرات عمك وبناتها وإنهي مراسم العزاء





.........................................

أوقفت محرك سيارتها أمام جريدة "...." التي تعمل بها، ولكن وقبل أن تصعد مرت سيارة من جانبها بسرعة فائقة ولسوء الحظ كانت هناك مياه على طريق السير فتبللت ملابسها مما جعلها تصرخ بشدة :

_ حيوان ماشي لا وكمان عديم الذوق والله لعلمك درس يا حيوان

نظرت للوحة السيارة فحفظت رقمها حيث أنها تتصف بالذكاء وسرعة الحفظ..؛ أغمضت عيناها بإستياء وكانت ستغادر ولكن سمعت صوت صاحب الجريدة يناديها بصرامة :

_ أستاذة "ملاك" حضرتك راحة فين ومطلعتيش للشغل ليه...؟؟؟

التفت له بصدمة فكانت تتمنى ألا يراها أحد من العمل ولكن رأها من تبغضه بشدة..

ابتسمت له وقالت بتوتر :

_ أستاذ "فؤاد" أسعد الله صباحك يا غالي عامل إيه ؟

نظر لها بحدة ثم قال بصراخ :





_ إنتي أشطر صحفية وبرغم من كدا متهورة ومتأخرة

ابتلعت ما.في حلقها وحدقت به بقهر وقالت بحنق :

_ يافندم إحنا مظهر الجريدة وواحد مش كويس ماشي بعربيته فبهدلني هروح أغير وأرجع

_ امم لا تروحي تغيري وتجهزي عاوزك تروحي شركة وبيت "حمدي المغربي " عاوزين نفهم إزاي خسر وترجعي تروحي لشركة "جبل المنشاوي" وتعرفي إزاي قدر يكسب الصفقة ويخسر  "حمدي" نص أملاكه أخبار رجال الأعمال لأزم تكون مكتملة قبل أي حد عاوز باقي الصحف يقلدونا عاوزك كمان...

قاطع استرساله بما يقول حين رن هاتفه وأخبره أحد شيءٍ ما جعله يقول :

_ إيه طيب برافو عليك تمام سلام...

قفل الهاتف مع المتصل ليقول بأمر :

_"ملاك" إنسي اللي قولته عشان "عزمي النصراوي" مات وهتروحي تغطي أحداث العزاء وبكرا هتروحي للشركتين يالا يا أستاذة...عاوز أعرف مات إزاي وإيه اللي بيحصل في بيته تمام...

أومأت برأسها بعد أن كورت يدها بغضب قائلةٍ بطاعة:

_ تحت أمرك يا فندم عن إذنك







صعدت سيارتها وبدأت تحرك مكبحها، ظلت تسب وتلعن في هذا المدير الذي لا يرحم قط...

.............................................. 

وصلت سيارة "جبل" أمام منزل ال "عزمي"وبالفعل كما قال في سرعة؛ نزل منها يهرول نحو المنزل بعد أن صفها وقال بجموح للسائق :

_ لولا إني في ظروف كنت قولتلك خد حسابك وأمشي أنا مش أحسن منك عشان أوصل في خمس دقايق 

رد عليه "عباس" بإعتذار:

_ آسف يا فندم مش هتتكرر تاني

تجاهله ودلف لصديقه؛ كان سيسأل عنه الخادم ولكنه سمع صوته الصارخ يأتي من غرفة جده؛ أسرع للغرفة وفتحها قائلًا بهدوء:

_ إهدأ يا صاحبي دا نصيبه من الحياة

_ذنبه إيه يا "جبل"عشان يخلف ابن زي أبويا اللي عشان صفقاته مش قادر يحضر العزاء هو مغلطش لمَا قال إن ولاده ماتوا هو كان صح...





حضنه "جبل" بقوة ومن ثم هتف بحب :

_أنا وإنت والبنات كل حاجة له يالا يا حبيب أخوك قوم كدا 

همس في أذنه بقهر :

_جدي مات مسموم يا "جبل" !

نزل الخبر على أذن "جبل" كالصاقعة ، ابتلع ما في حلقه وقال بوعيد :

_ والله لأعرف إزاي دا حصل بس دلوقتي لازم نغسله وندفنه عشان العزاء

انكمش حاجب "مالك" باستغراب ألقى سؤاله بفضول :

_ إزاي عرفت الخبر أنا جدي مات الصبح يعني الخبر لسه داخل حيطان البيت







_مش عارف بس ممكن خدام أو مرات عمك اتصلوا بحد أو "دنيا" كلمت صحابها وتلاقيه كمان وصل للصحافة..



...................................................

حل الليل سريعًا، نُصب صوان كبير في حديقة المنزل، تجمع الرجال فيه، كان صوت القارئ عذب؛ وقف "جبل" ومعه "مالك" لإستقبال الأقارب، كانت العبرات متجمدة في عيناهم التي كانت تحمل الحزن،  تقدم والد "جبل" السيد "جلال المنشاوي" حتى يصافح "مالك" قائلًا له بصلابة :

_مش عاوز أشوف أي نظرة حزن في عينك إنت كبير عيلتك خليك قوي

هز "مالك" رأسه ورد عليه بـ: 

_ حاضر يا عمي.. 

لمح "جبل"  شيءٍ ما فقال بستأذان: 

_ طيب بابا "مالك"  ثواني وجاي 

سأله والده باستغراب: 

_على فين! 







لم ينتظر حتى يجيبه،  فقط هتف بـ: 

_خليك مكاني دقيقة

ذهب باتجاه سيارته وعيناه حادتان وكأنه وجد فريسته،  تحدث بغضب: 

_ إنتي مين وبتعملي إيه هنا•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

يتبع<<<<<<



بقلمي★أميرة أنور ⭐

 الفصل الثاني 

(النمر الجامح) 

استدارت بخوف فلقد فزعت من الصوت الغاضب؛ حاولت أن تبين قوتها وتصرخ وتقول بأنها تبحث عن عديم الأخلاق الذي تسبب في جعل ملابسها تتسخ، إبتلعت ما في حلقها بهدوء ثم وبيدها أشارت نحو السيارة وقالت بجدية:

_بشوف أرقام العربية دي..!

رفع حاجبه بصدمةٍ؛ واضعًا أنامله على أنفه مانعًا ظهور ابتسامته الساخرة، لوى فمه قبل أن يقول باستهزاء:

_عينوكي إمتى في المرور حضرتك

استدرات له رافعة رأسها وبتحذير قاتل وضعت سبابتها نحو وجهه قبل أن تقوله :

_مش مسموح ليك أبداً تكلمني بالطريقة دي إنت متعرفنيش وبعدين إنت مالك شكلك خدام هنا أو من الأمن...

لم يستطيع أن يمنع نفسه من الضحك، تقدم خطوتان فقط نحو السيارة ثم فتحها وجلس بها ليبدأ في تحريك مكبحها تحت نظراتها المذهولة، تيقنت بأنه هو عديم الأخلاق، جزت على نواجذها بغضب قائلةً بانفعال:

_يعني إنت عديم الأخلاق اللي بوظ ليا هدومي الصبح وبوظ يومي.









استغرب من حديثها فرد بـ: 

_هدوم إيه إنتي شكلك هبلة..! 

ثم توقف عن الحديث ليبحث عن أي شخص من الأمن ولكنه عاد يحدق بها حين سمعها تقول بحدة: 

_ الصبح في حدود الساعة تسعة قدام مقر الصحافة اللي بشتغل فيه حضرتك وبعربيتك اللي كنت بتسوقها بسرعة خليت هدومي عبارة عن مية متوسخة من الشارع. 

تذكر الطريق الذي سار منه بأقصى سرعة وجاء المشهد في مخيلته مرة ثانية حيثُ أن الحارس قال له بأن سرعته جعلت الماء تأتي على أحدهم ولكنه لم يبالي لهذا قط. 

فاق من التفكير فيما حدث، تأفف قليلاً وبعدها قال ببرود: 

_والمطلوب يعني. 









_الإعتذار اتفضل إعتذر 

قالتها "ملاك" بكبرياء ولكنه صدمها بما فعل حيثُ قال: 

_ والله تصدقي إنتي بتحلمي بحاجات إنتي سخنة صح..! 

_ها ها ها لا مش سخنة ولا بحلم... 

رفع حاجبه بتحدي وقال: 

_ أصلي إفتكرتك سخنة بصي بقى أنا مش هبرر موقفي ومش هعتذر واللي عندك أعمليه. 

فتحت فاهها باندهاش من أسلوبه، ظنت بأنه سيقول لها آسف ولكنه بالفعل كما لقبته عديم الاخلاق، تمنت لو قابلت والديه حتى تعنفهم على تلك التربية المنحطة التي يتمتع بها ابنهما، فاقت على صوته الخشن قائلاً بصلابةً: 

_وقفتي واتكلمتي ورغيتي كتير وصدعتيني وفي الآخر معرفتش جاية هنا بصفتك إيه ومين. 

تنهدت بقوةٍ وحاولت ألا ترد بعدم إحترام، كانت تصبر نفسها بأن أخلاقها غيره تمامًا فيجب أن تتعامل بأدب حسب بيئتها التي ترعرعت بها:

_أنا صحفية من جريدة (......) وجاية أغطي أحداث العزاء...

أومأ برأسها وأردف بجمود :

_والله لبستي وجيتي على الفاضي ومفيش جديد عزاء زيه زي أي عزاء هتكتبي مين كان موجود بصي مش بحب أخلي حد ينقطع عيشه روحي خديلك كام صورة وأمشي وياريت ماشوفش الخلقة اللي عكرت مزاجي أكتر ماهو متعكر...

لقد نفذ صبرها التي قيدته حتى تتعامل معه، ولكن عجرفته زادت، وذوقه المنحط أصبح في مقياس النملة،ضعطت على أنيابها وقالت بكره:

_ بجد إنت قليل الذوق ومش محترم

_شكراً من ذوقك 

كان هذا رده عليها بكل استفزاز، جعلها تضرب قدمها بالأرض كالأطفال، جاءت حتى ترحل من أمامه ولكنه قال ببرود وكأن حديثه جاء من لوح ثلج كبير:

_ اه نسيت أقولك 









استدارت حتى تسمع ما سيقوله ولكنها تفاجئت بكلامه المستفز:

_جزاكي الله كل خير يا أختاه صحيح اسمك إيه ولا مش مهم هسميكي الرغاية الغاضبة حلو الاسم ولايق عليكي.

تمنت لو تقتله ويكون هذا العزاء لاثنان وليس لواحد وتكتب حادث قتل في أول صفحات الجريدة وستكبر العنوان كافتخار بنفسها على ما فعلته...

كورت يديها بغضب شديد، ولكنها لم تقول ولم تفعل شيء، تركته ورحلت من أمامه...

أردف بضيق:

_صنف معفن الحمدلله إنك مدخلتيش مزاجي وإلا إيه يخليني أستحمل ليلة كاملة معاكي يا رغاية هانم...

انسحب من جانب سيارته، وعاد يقف مع "مالك" الذي قال باستفسار:

_ في إيه يا "جبل"؟ كنت فين كل دا بقالك نص ساعة لحظت إنك كنت واقف مع بنت بالله لو دي واحدة جديدة عاوزها بلاش النهاردة بالذات موت جدي مش عاوز يحصل حاجة وحشة فيه

هز"جبل" رأسه بهدوء ليقول بعد ذلك بحزن:

_ هو مش جدك لوحدك يا "مالك" وحزنك قد حزني متقلقش...

.................................................

كانت تجوب المكان يمينٍ ويسارًا؛ تبكي بشدة على ما حدث معها، خمس عشر عامًا وهي بتلك المصح النفسي برغم من أن عقلها سليم من أي مضاعفات؛ تنهدت بقوة مخرجة زفيرها بضيق شديد يحمل نيران الانتقام، التفتت لتلك التي تقول لها بنبرة تساؤل :







_ مدام "فوقية" قولي لي إيه اللي خلاكي كل دا هنا برغم من إن عقلك سليم تمامًا 

ابتلعت "فوقية" ما في حلقها؛ هذه السيدة شديدة الجمال عيناها وبرغم علامات الحزن والخذلان التي تحملهم مازلت تسحر من ينظر لهم، حاولت ألا تبكي حيثُ أنها أجبرت دوعها أن تجف.

تكلمت أخيرًا ولكن بقسوة ردت بـ: 

_القسوة والجبروت رموني هنا أنا عقلي سليم حاولت وبرغم من دخولي للمكان دا أخليه سليم لكن نفسيتي صفر في المية كان ممكن اتجنن بس مسكت نفسي وفي كل يوم مر هنا كنت بقول هطلع عشان اللي بيحبوني بس متوصي عليا إني مطلعش وأفضل هنا. 

ابتسمت لها الطبيبة وقالت: 

_إزاي دا إنتي مسموح ليكي تخرجي طالما عقلك سليم 

قهقهت "فوقية" بسخرية وعادت تتحدث بنبرة ثقة: 

_كل واحد بيشتغل هنا بياخد فلوس عشان ابقى مجنونة مدير المتشفى قابض ومقبضهم حاولوا كتير عشان ابقى مجنونة أخدت جلسات كهرباء بس عشانهم بقيت بعافر عشان ماتجننش 

صمتت قليلاً حتى تخرج زفيرها ثم تكلمت متممة ما كانت تقوله ولكن بنيرة بها نغزة قاتلة متيقنة ما سيحدث: 

_بتبصي كدا ليه وفري دموعك اللي في عينك كل دكتور قعد مكانك كانت شفقته بتقتلني وفي الآخر كان بيبقى زيهم بيكتب مجنونة مية في المية وينكتب عليا حبسة جديدة ودا اللي هتتجبري عليه يا دكتورة 

قامت الطبيبة "لميس" تلك الفتاة السمراء التي تتميز بطيبة قلبها، جلست بالمقعد المقابل لها ومدت يدها قائلةٍ بوعد :

_أقسم بالله العظيم ولو هخسر فيها مهنتي لهساعدك وهكون زي بنتك اللي مش هتوافق إن أمها تكون مكانك دا وعد مني والله

مالت عليها "فوقية" لتهمس بنبرة ساخرة بـ: 

_كلهم قالوا كدا والمرة دي أنا واثقة إنك زيهم رني الجرس خلي الممرضة تيجي تاخدني خليني أروح أوضتي مستسلمة للوضع اللي أنا فيه مش مستعدة أخد جلسة كهرباء. 

حاولت بكل قوتها أن تقنعها ولكن فشلت كل الطرق، قامت "فوقية" من مكانها ورحلت تحت أنظارها المذهولة... 

تنهدت "لميس" بتعب وقالت بثقة: 

_طول ما فيا نفس بيطلع مني هحافظ على حلفاني اللي قولته أما إتخرجت وصدقيني مش هسمح بأي لحظة ظلم... 

.....................................................

في العزاء الخاص بـ ال عزمي











بداخل صوان النساء، كانت "دنيا" صامتة لا تبكي وكأنها دخلت في صدمة عصبية جعلتها هكذا، حاول الجميع التحدث معها حتى والدتها قالت بحزن: 

_ يابنتي عيطي إتكلمي قولي حاجة

كانت "ملاك" تراقب أفعالهم، تسمع همهمات الحضور وتسجلهم بداخل عقلها، شعرت بأن "دنيا" تقترب من الحالة التي وصلت لها في موت أبويها، استدارت بتركيز حين سمعت صوت طفولي صغير يصرخ بحنو: 

_"دنيا" عشان خاطري إتكلمي عشاني فوقي أنا مليش غيرك جدو راح الجنة ليه بتعذبيه كدا. 

حاولت "ملاك" ألا تبكي على حال الفتيات، أخرجت زفيرها بحنق، بدأ الضيوف يرحلوا، وأوشك العزاء على الانتهاء ومازالت "ملاك" جالسة لا تريد أن ترحل، شعرت بأنها يجب أن تمد يد المساعدة لتلك الفتاة، يجب أن تصبح صديقتها فالوحدة التي تشعر بها كوحدتها فإذا شاركتها ممكن أن تتعالج، لا تريد أن تجعلها تمر بنفس الأيام التي مرت بها. 

إقتربت منها وبدأت تتحدث: 







_"دنيا" تعرفي اللي اسمك في معنى 

رفعت "دنيا" رأسها، مما جعل "ملاك" تواصل حديثها بدعم: 

_أيوا إنتي دنيا لناس كتير هنا مامتك وأختك وابن عمك وصحابك حتى أنا اللي منعرفش بعض حساكي دنيا ليا

من تلات سنين بابا وماما ماتوا يعتبر العيلة خلصت مفضلش فيها غيري أصبحت وحيدة تماماً بس رجعت وفوقت عشان كان ورايا حلم وورايا مربية خلت عمرها كله عشاني ماسبتنيش ولا لحظة قومي عشان أي نقطة ليكي في الحياة عاوزاكي لو اتكسرنا في كل حزن صدقيني يبقى ولا لينا لازمة كل واحد منا له سببب في الحياة وطالما إنتي فيكي نفس يبقى تقدري تنجي وتعيشي وتساعدي وأسباب وجودك لسه مخلصتش فخليكي دايما قوية... 

دمعت عين "دنيا" بقوة، بل إنهرت بتلك اللحظة أسرع "مالك" لها والذي سمع حديث "ملاك" وكان معه "جبل" 

حملق بها قبل أن يأخذ إبنة عمه في أحضانه قائلاً لها بشكر: 

_شكراً ليكي يا... 

توقف عن حديثه حيثُ أنه مازال لا يعرف اسمها، مما جعلها تبتسم وتقول: 

_ "ملاك" صحفية في جريدة(......) جاية أغطي أحداث العزاء وصدقني أنا معملتش غير اللي لو حد في مكاني هيعمله و"دنيا" بجد مشكلتها زيي 

أنهت كلامها بعد أن ختمته بـ: 

_همشي أنا بقى لإني إتاخرت عن إذنكوا

ابتسم لها "مالك" مما استفز "جبل" الذي قال بغيظ: 

_سبحان الله ما إنتي ذوق أهو وبتتكلمي حلو أمال معايا عاملة زي الرغاية الغاضبة ليه... 

بدأ الجميع يراقب نقاشهم، تأففت "ملاك" ثم وضعت سبابتها بوجهه وقالت ببرود: 

_هما ذوق لكن إنت المفروض تتربى من جديد وأياك شوف إياك تتدخل في مواضيع ملكش فيها...! 

لقد لعبت في عداد عمرها، دخلت في غابة دون أن تعلم ولم تكن كأي واحدة فتوعد مع نفسه أن يقطع لسانها السليط، أمسك بسبابتها وقال بحد: 

_دي عيلتي وبالنسبة إني مش ذوق فأنا مش ذوق أما التربية فمش أنا لوحدي اللي عاوزها ووعدك إنك على إيدي هتتربي...! 

صفقت له بإنفعال وقالت بسخرية: 

_لا خوفت والله اترعبت مين إنت أصلاً عشان تربيني أنا أربيك وأربي عشرة زيك وأنا أصلاً متربية غصب عنك 

رفع حاجبيه وعاد يتحدث بإصرار: 

_هنشوف يا قطة كانت مشكلة عربية وكانت هتتحل بس لسانك طوله زايد حتة عاوز يتقطع

أمسكت حقيبتها ورحلت من أمامه، تحدثت زوجةالعم بعتاب: 







_يابني دي ضيفة ليه كدا يا "جبل" 

نظر لها بغضب وقال: 

_تستحق أنا مفيش حد يقف قدامي ويكلمني بالطريقة دي هي بتنسى نفسها... 

جذبته "ريناد" من بدلته حتى ينزل لمستواها، فقال بتساؤل: 

_عاوزة إيه يا "ريناد"!؟ 

ربعت" ريناد" يدها لتقول بضيق وتأفف طفولي: 

_وهي لحقت يعني دي لسه أول مرة نتعرف عليها انهاردة

تنهد "جبل" بحرارة قبل أن يقول بصرامة: 

_"ريري" ماتتدخليش في حاجة أكبر منك 

بعد أن أنهى حديثه تقدم وأقترب من"دنيا" وقال بحب: 

_جدي في مكان أحلى من هنا هو في مكان كله حق مفهوش لحظة خيانة واحدة فبلاش صدمتك دي إنتي عارفة إنك غالية عليا أنا أخوكي يا بت إنتي مش لوحدك أنا و"مالك" وأمك وأختك جنبك. 







جلس معهم بتلك الليلة، فبرغم من قسوة قلبه إلا أن تلك العائلة لها فضل كبير عليه فوحدته لم تكتر في حياته حيثُ دخلوها ببهجة وسعادة...

........................................................

ذهبت إلى منزلها والغضب يملؤه قلبها، ظلت تسب وتلعن في هذا الشاب الغليظ، فتحت باب شقتها لتجد أن المربية مازالت تنتظرها، لم تلقي عليها السلام واتجهت إلى غرفتها مما جعل "سامية" تقلق وتقول بذعر: 

_مالك يا "ملاك"!!؟

توقفت"ملاك" عن السير وبدأت تسرد لها ماحدث مع هذا الغليظ،صرخت بغضب:

_عديم الأدب بارد وتنح

ردت عليها "سامية"ببساطة:

_مش هتشوفيه تاني يا بنتي فخلاص ولو شوفتيه تجاهلي التعامل معاه 

أخرجت"ملاك"زفيرها براحة قائلة بيقين:

_صح إنتي عندك حق و....







لم تكمل حديثها حيثُ قاطع محور حديثها رنين هاتفها برقم صديقتها المقربة، ردت على الفور بسعادة:

_قلبي يا قلبي والله بقالك كام يوم في بالي وكنت هتصل اطمن بس في ظروف شغل حصلت ومنعتني 

همست الأخرى وكأن هناك أحد يلاحقها لا تريد أن يسمع حديثها:

_أنا في مشكلة يا"ملاك" ومفيش غيرك هيحلها 

ردت عليها "ملاك" بفزع:

_مشكلة إيه يا بنتي إتكلمي 

_هقولك بصي ياست







بدأت تسرد لها مشكلتها وكانت "ملاك" تستمع لها بتركيز، لتنهي الأخرى حديثها وتقول:

_بس وأنا لازم أحلها ومفيش غيرك هيساعدني

تحدثت "ملاك" بثقة:

_ معاكي طبعاً يا بنتي متقلقيش لو فيه أي حاجة هساعدك بيها أنا مش هتأخر بس خلصي دورك وصدقيني هدخل بدوري 

_تسلملي 

قالتها صديقتها قبل أن تنهي المحادثة، تأففت "ملاك" بغضب وقالت:

_حسبي الله ونعمة الوكيل...!

إنكمش حاجبيه "سامية" باستغراب وقالت بقلق:

_في إيه يا بنتي..!!؟

أغمضت "ملاك" مقلتيها حتى تطمئنها، لتردف بـ:

_ مـفيش يا "سوسو" إطمني هروح أنا أنام لإني على آخري وورايا كذا حاجة بكرا لازم أروح شركة "جبل المنشاوي" ورجع أروح شركة "حمدي المغربي" واروح أعمل مقابلة لكل واحد قي بيته 

أومأت برأسها وعادت تسألها بـ: 

_ طب مش هتأكلي إنتي مأكلتيش حاجة من الصبح

تثاؤبت بنعاس قائلة برفض: 

_لا تعبانة مش قادرة صحيني بس بكرا بدري 

دلفت لغرفتها متجهة إلى مضطجها دون أن تغير ملابسها لتذهب في سبات عميق







.................................................... 

ذهب إلى منزله بعد أن أطمئن على صديقه وعائلته، بتلك اللحظة رن هاتفه برقم والده السيد "جلال" المنشاوي، تأفف بشدة ثم ضغط على زر الرد وبعده المكبر الصوتي ليضع الهاتف على المنضدة، يستمع لما يقوله والده: 

_"جبل" برضه هتنام بعيد عني تعالى حتى النهاردة بات معايا... 

مد شفتاه إلى الأمام قبل أن يهتف بصرامة: 

_إعتبرني مستقل أنا فعلاً مستقل بحالي بنيت نفسي بنفسي بدأت من الصفر وأهي شركتي أضخم من شركتك ومساعدها حياتي ليا لوحدي بقالك خمس سنين كل يوم تعرض عليا نفس العرض وأقولك لا. 

أخرج "جلال" تنهيد حار ثم قال بهدوء: 

_برحتك بس أختك كانت عاوزة تشوفك خليك فاكر إن أبوك إستحمل عشانكوا وبقى من غير زوجة برضه عشانكوا أختك محتاجة اللي يصاحبها وأنا وإنت بنسب لها كل حاجة تقدر تقولي هي مين هيقعد ويضحك معاها ويكلمها ويحس بيها

ابتسم "جبل" بثقة وقال:









_ماهو إنت لو شاغل بالك بيها كنت عرفت إنت أختي بتكلمني كل يوم وخلي بالك "مرام" جاية عندي أما تسافر.

يعلم والده أنه إذا رفض سينفذ إبنه ما يريد، تحدث بحنق: 

_ماشي المهم الصحفية اللي كانت موجودة في عزاء "عزمي" باشا جاية بكرا عشان صفقة نجاحك إتصلوا بالمسؤول عن مواعيدك مردش فأتصلوا بيا وكمان هتروح لحمدي..... 

ابتسم "جبل" بانتصار ثم قال لنفسه: 

_ حلو أوي هي فاكرة إني مش هشوفها تاني وأهي جاية لي برجلها.... 

_________________________________

يتبع........................................................ 

بقلمي أميرة أنور

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1