![]() |
اسكريبت مصاص للدماء كامل بقلم حور حمدان
لقيت رسالة من خالد، فتحتها وأنا مستغربة.
حور، هو إنتِ فيكِ إيه؟ مال وشك في دم أحمر كتير كده ليه؟
عقدت حواجبي وأنا بقرأ الرسالة، هو بيتكلم عن إيه؟ بصيت في مراية التليفون بسرعة، وشي عادي، يمكن أقصد خدودي محمرة شوية؟ بس عادي يعني! رديت عليه وكتبت بسرعة:
أمال المفروض يكون في وشي إيه يا خالد؟
ما لحقتش حتى أقفل الشات، لقيته بعتلي على طول.
آه البنات بتتكسف يا حور، لكن مش للدرجة دي... مش لدرجة إن وشك يتحول بالشكل ده.
حسيت بجسمي بيقشعر، هو يقصد إيه؟ إيه اللي ممكن يكون في وشي وأنا مش واخدة بالي؟ قبل ما أفكر حتى، وصلتني رسالة جديدة... مش رسالة، صورة!
إيدي كانت بتترعش وأنا بفتحها. ثواني، وبقيت حاسة إن روحي اتسحبت مني. الصورة... الصورة كانت...
عنيا كانت حمرا بطريقة مرعبة، كأنها مش بتاعتي، وبُقّي... بُقّي كان نازل منه دم، يقرف، قرف مش طبيعي. كان شكل بشع، بشع بشكل أنا نفسي مش قادرة أوصفه. حسيت برجلي بتترعش وأنا ببعتله بسرعة:
إيه دا؟؟
رد عليا فورًا.
دي الصورة اللي أخدتهالك إمبارح... عشان تصدقي. بصي منظرك كان عامل إزاي.
حسيت إني مش قادرة أتنفس. إمبارح؟! إمبارح كنت معاه فعلًا... بس إزاي؟! إزاي مافتكرتش؟!
نعم...؟
كنت حاسة إن في حاجة غلط، حاجة مش مفهومة، حاجة... مرعبة.
فضلت مبرقة في الشاشة، عيني على الصورة وكأني لو ركزت أكتر ممكن ألاقي تفسير، لكن مفيش أي حاجة منطقية. ده مش وشي... مستحيل يكون وشي! حسيت بجسمي بيتسحب، أنفاسي تقيلة، ودماغي بتلف.
إمبارح...؟ كنت معاه فعلًا إمبارح، بس مستحيل أكون شوفت نفسي بالشكل ده!
كتبت في الآخر:
إمبارح؟ أنت بتتكلم عن إيه يا خالد؟
اتأخرت رسالته، حسيت إن السكون اللي في الأوضة بدأ يضغط على صدري، قلبي بيدق بسرعة مش طبيعية، ودماغي بتجيب سيناريوهات أسوأ بكتير من اللي كنت متخيلة.
بعد دقيقة، جاتلي رسالته.
إمبارح لما كنا مع بعض، لما بصيتِ في المراية… مش فاكرة إنتِ عملتِ إيه؟
شهقت، حطيت إيدي على بقي لا إراديًا. المراية؟ إيه اللي حصل قدام المراية؟ حاولت أفتكر، حاولت أجيب أي حاجة في دماغي… بس لا! كأن اللحظة دي بالذات مش موجودة، كأن في فراغ في ذاكرتي، نقطة سوداء مالهاش أي تفسير.
بسرعة كتبتله:
أنا… أنا مش فاكرة.
ظهر إنه بيكتب… وبطل… وبعدين كتب تاني… حسيت إنه متردد. وبعدها، أخيرًا، وصلتني الرسالة.
حور، انتي لازم تفكري. لأن لو مش فاكرة هتبقى..
"لأن لو مش فاكرة هتبقى.."
الكلمة ما كملتش... وكأن خالد خاف يكتبها. حسيت برجلي بتترعش أكتر، وإيدي بتضغط على التليفون لدرجة إني كنت حاسة إني هكسره في إيدي.
بسرعة كتبتله:
هتبقى إيه يا خالد؟ اتكلم!
لكن مفيش رد
الهوى كان تقيل في الأوضة، والقلق كان بيزيد كل ثانية. دماغي بتلف، وقلبي بيدق بطريقة كأن حد هيخرج منه.
وبعدين، التليفون اهتز… رسالة جديدة منه.
"هتبقى زيي."
اتجمدت.
إيه؟ زيي؟ زيي إزاي؟ إيه اللي بيقوله ده؟
إيدي نزلت ببطء، وأنا ببص للصورة تاني… عنيا الحمرا، الدم اللي نازل من بُقّي، الإحساس الغريب اللي كنت حاساه… لا، لا يمكن يكون ده حقيقي.
كتبت بسرعة، كأن الحروف كانت بتجري من إيدي:
إنت بتتكلم عن إيه؟! خالد، إيه اللي بيحصل؟
رد بسرعة المرة دي.
"أنا آسف، بس كان لازم تعرفي... إمبارح، لما بصيتِ في المراية، إنتِ عضيتِ شفايفك... وكنتي بتضحكي."
إيه؟
"كنتي بتضحكي يا حور، بس مش ضحكة عادية... كانت ضحكة شخص شَرِه للدم."
شهقت، جسمي كان متخشب، ودماغي مش مستوعبة الكلام.
"أنا اللي عملت فيكِ كده."
إيدي ترعشت على التليفون، حسيت بجسمي بيتسحب أكتر، والعرق ساقع بينزل من جبيني.
كتبت، وأنا حاسة إن الحروف بتخوني:
عملت فيَّ إيه، خالد؟
"حولتك… زينا."
زينا؟!
زينا مين يا خالد؟!
"مصاصي الدماء، حور… إنتِ بقيتِ واحدة منا."
الحروف طفت قدامي… الدنيا بقت ضباب، وكأن كل حاجة حواليّ تلاشت… والوحيد اللي كان ظاهر قدامي… كان أنا.
أنا في المراية… بعيون حمرا وابتسامة مش بتاعتي.
شهقت وأنا ببص لصورتي في المراية لا لا يمكن!
اتراجعت خطوتين، وإيدي كانت بتتهز وقلبي بيدق بسرعة مرعبة. عنيا مكنتش بتتحرك من على انعكاسي، كأني لو غمضت عيني لحظة، ممكن يحصل حاجة أسوأ.
كتبت بسرعة، ودماغي مش مستوعبة أي حاجة:
إنتَ بتكدب… مش ممكن… أنا مش… مش زيك.
خالد رد على طول، كأنه كان مستنيني أكتب.
"إنتِ حاسة بإيه دلوقتي يا حور؟ قلبك بيدق بسرعة؟ جسمك بيقشعر؟ نفسك تقيل؟"
إيدي ترعشت أكتر، وعيوني بدأت تزوغ في الأوضة… كنت حاسة بكل ده… بس… إزاي عرف؟
قبل ما حتى أرد، وصلتني رسالة تانية منه:
"إحساسك ده… مش خوف، ياحور. ده جوع."
حسيت إن جسمي اتجمد… كأن الكلمة دي دخلت في روحي وسكنتها.
جوع؟ لا… لا، مش ممكن!
بسرعة جريت على التلاجة، فتحتها بهلع، خطفت أول حاجة قدامي—تفاحة—وعديت منها عضّة قوية… بس… لا طعم! لا أي حاجة!
رميتها بقوة على الأرض، وحسيت بإحساس غريب إحساس فراغ إحساس جوع بس مش جوع عادي.
اتنفست بصعوبة وكتبتله:
إنت عملت فيَّ إيه؟!!
خالد مردش فورًا…بس كتب ومسح المسدج… وبعد ثواني رجع يكتب… كأنه مش عارف يقولها.
وأخيرًا، وصلتني الرسالة.
"أنا آسف، بس ماكانش ينفع أسيبك تموتي."
حسيت بسخونة في دماغي، وعيني دمعت رغم إني مش عارفة ليه.
تموت؟! بتقول إيه؟! أنا كنت كويسة!
"لأ، ماكنتيش كويسة… إنتِ كنتِ بتموتي بين إيدي."
"كان لازم أعمل كده، يا حور… كان لازم أنقذك."
شهقت، وإيدي تسابت من على التليفون.
أنقذني؟
ولا حولني لوحش غير كدا خالد اصلا طلع مصاص دماء.! عشان كدا مكنش بيوافق نخرج الصبح في الشمس نهائي؟
حروفه كانت بتخترق دماغي، بتلف جواها زي دوامة مالهاش نهاية. كنت قاعدة على الأرض، التليفون في إيدي، وقلبي بيدق بطريقة مش طبيعية. عنيا لسه مثبتة على المراية، على انعكاسي اللي مبقتش عارفاه.
أنا بقيت… حاجة تانية؟
بس ليه؟ ليه أنا؟
كتبتله وأنا مش قادرة أصدق اللي بكتبه:
إنتَ حولتني… لإنسانة مش طبيعية.
رد بسرعة، كأنه كان متوقع ردّي:
"حولتك عشان تعيشي، مش عشان تموتي. كنتِ هتموتي بين إيديّ، كان لازم أختار."
دموعي وقعت على خدي، بس حسيت بحاجة غريبة… مفيش طعمها المعتاد، مفيش حرارتها… كأنها مجرد سائل مالوش إحساس.
بصيت على الصورة اللي بعتهالي تاني… عنيا، الدم على بُقّي… أنا دلوقتي واحدة منهم؟ مصاصة دماء؟ مستحيل…
الوقت عدى وأنا قاعدة في نفس مكاني، عقلي بيرفض يصدق، لكن إحساسي كان بيقوللي إن في حاجة ناقصة.
جوع.
الجوع اللي كان بيزيد كل دقيقة، كأنه بيأكلني من جوا، كأنه حاجة بتنهش في كياني وبتسحب مني آخر خيط للإنسانية.
وفجأة، التليفون رن. خالد بيتصل.
رديت، وصوتي طالع ضعيف:
أنا… مش عارفة أتعامل مع ده.
"عارف، وعلشان كده أنا جاي لكِ."
شهقت، وقفت بسرعة:
جايلي؟
"إنتي مش هتعرفي تعيشي وسط البشر يا حور. مش هتعرفي تكملي حياتك كأن مفيش حاجة حصلت. الجوع اللي جواكي هيزيد، وأي لحظة ممكن يحصل اللي إنتي مش عايزاه."
بلعت ريقي بصعوبة، قلبي كان بيدق بسرعة، ودماغي بتلف في مليون اتجاه.
"أنا هساعدكِ، بس لازم تيجي معايا."
معاك على فين؟
"لمكان تاني، بعيد عن العالم ده… بعيد عن البشر."
الليل كان مظلم لما وصلت للمكان اللي خالد قالي عليه. كنت واقفة وسط الأشجار العالية، صوت الرياح بيلعب في الأغصان، وهدوء غريب مسيطر على الجو.
مشيت ببطء، حسيت إن جسمي أخف، حواسي أقوى، كأني قادرة أشوف كل حاجة بوضوح حتى في الضلمة. كنت خايفة… لكن في نفس الوقت، كان جوايا إحساس غريب بالراحة، كأني عرفت مكاني الحقيقي.
وفجأة، حسيت بحركة بين الأشجار.
"خالد؟"
ظهر من العتمة، عنيه السودا بتلمع تحت ضوء القمر، ووشه كان هادي، لكن فيه حاجة جديدة… حاجة شبه اللي حاساه جوايا.
"كنتي هتهربي؟"
هزيت راسي ببطء:
لأ… بس لسه مش مستوعبة.
قرب مني، لمس إيدي، ولمسته كانت دافية بطريقة غريبة… كأنها الحاجة الوحيدة اللي لسه بتربطني بالواقع.
"مش لازم تفهمي كل حاجة دلوقتي، بس اللي لازم تعرفيه… إنك مش لوحدك."
اتنفست بعمق، وبصيت حواليّ… الغابة كانت هادية، مظلمة، لكنها كانت… بيتي الجديد.
بصيت له، وسألته السؤال اللي كان في دماغي من الأول:
وهنعيش هنا للأبد؟
ابتسمت.. ابتسامة مطمئنة… ومرعبة في نفس الوقت.
"للأبد، حور… إحنا لبعض، وإحنا هنا هنكون أحرار."
مديت إيدي، وهو مسكها… وساعتها، عرفت إن مفيش رجوع.
تمت
لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا