 |
اسكريبت جمعتي العيلة علي الفطار كامل بقلم الست نور
- جمعتي العيلة عالفطار؟
- لمتنا مش ناقصها غيرك.
زي عادة كل سنة بجمع أخواتي وحبايبي وقرايبي على سفرة واحدة هم وعيالهم، بس السنة دي الغربة فرقت بيننا وعلشان تدوم اللمة اخترت الغربة، لأجل مفيش حاجة تنقص وكل حاجة اتعودوا عليها تفضل زي ماهي.
- بابا ابقى هاتلي فانوس.
- وأنا كمان يا بابا عايزة فانوس.
- عيوني يحبايبي هجيبلكم أحلى فوانيس.
مسافر علشان دول، علشان كل اللي يطلبوه يلاقوه وحتى لو الأمور أزّمت أستلف من طوب الأرض ولا أخليهم محتاجين حاجة وأنا عايش.
- نفسك في أي يا أم العيال؟
- نفسي ربنا يسمعني عنك سمع خير دايمًا.
- يارب متحرمش منك ولا من وقفتك معايا وفي ضهري يا أصيلة.
صحيح تربية الولاد تقطم الضهر وكتيرة على بنت جميلة اتربت في بيت كانت آخدة فيه حنية أهلها كلهم وكانت دلوعتهم، لا عمرها شالت مسئولية ولا تعرف يعني أي لو اتحطت في موقف يخليها تبقى الست وتبقى الراجل لو الأمر احتاج في غياب جوزها.
- أسافر وأتغرب ومرتبي يبقى أعلى ويكفي الولاد ومصاريفهم ومصاريف البيت ولا أقعد هنا وأرضى بالقليل؟
- أنت شايف أي؟
- أنا دلوقتي باخد رأيك علشان متجيش بعد كده تقوليلي ياريت!
ساب القرار ليا ودلوقتي لو قولتله اقعد معانا وسط عيالك وضاق بيه الحال هيقول أنتِ السبب، ولو قولتله سافر هيقولّي مش عايزاني جنبك!
- كلها سنتين وأجمّع مبلغ ونبتدي بيه مشروع وربنا يرزقنا برزق ولادنا يارب.
- آمين يارب ياغالي.
فقررت أنصحه بإنه يسافر سفرية واحدة يجمع منها مبلغ للمشروع بتاعه وبعدها ميسافرش تاني ولو عليا أنا أستحمل ولو عالولاد فربنا معاهم ويرعاهم.
- حجزت التذكرة؟
- أيوة خلاص الحمدلله.
- توصل بألف سلامة يارب.
- متقوليش للأولاد خليها مفاجأة.
- عيوني.
- تسلملي عيونك يا أصيلة.
ست أصيلة كانت نعم الست لجوزها وقت ما تحب ونعم الراجل والسند قدام الغريب وفي غيبته تسد، وعملت أكتر من اللي ممكن أي ست مكانها كانت ممكن تعمله.
- أحمد مش كان نفسك في عجلة بابا يجيبهالك؟
- أيوة يا ماما.
- ورقية مش كان نفسك في سكيت زي صحابك؟
- أيوة يا ماما.
- طب لو قولتلكم بابا قرر يقعد في سفره أكتر ويشتغل علشان يجيبلكم اللي نفسكم فيه هتعملوا أي؟
كنت واقف ورا الستارة واستنيت ردهم، لكن مفاجأتهم ليا كانت أكبر من مفاجأتي ليهم.
- مش عايزين غير بابا يا ماما، ويفيد بأي لما نقع وبابا بعيد؟ مين يسندنا؟
- خلاص قوليله مش عايزة سكيت يا ماما خليه ييجي علشان وحشني.
عيوني دمعت تلقائي وأنا بحضنهم وفجأة ظهر وخرج من ورا الستارة فشاورتلهم يبصوا ناحية باباهم:
- طب بصوا كده!
- بابا!
جريوا عليه حضنوه بلهفة وعدم تصديق وبكوا بُكا قطع قلبي، والله يسامحها المسافات ولقمة العيش اللي تفرق أب عن عيلته والغربة تاكل في سنين عمره وعمر مراته وولاده وهو بعيد.
- شششـ خلاص اهدوا أنا جيت ومش هسيبكم تاني.
- أنا همسكك مش هسيبك تاني أبدًا.
- وأنا كمان يا رقية هنمسكه سوا.
- هتتلموا عليا بقى؟
- علشان متسافرش يا بابا، فيه حاجات كتير كنا عايزين نحكيهالك ولما رقية عملت العملية كنت خايف وأنت مكنتش موجود، بس أنت قولتلي أنا الراجل في غيابك فجمدت قلبي علشان ماما وأختي.
- حقك عليا يابني كبرتك وشيلتك شيلة مش بتاعتك.
مكنتش متخيل إن غيابي يعمل في ولادي كده وهم لسة أطفال، وفيه حاجات كتير مكنتش أعرفها حصلت عرفتها من الولاد وأنا لأول مرة أسمعها منهم.
- ليه محكتليش عن كل ده؟
- علشان مشيلكش هَـم فوق هَـمك.
- واستحملتي في قلبك كل ده؟
- وعندي استعداد أستحمل أكتر علشانك وعلشان ولادنا.
الليلة كانت عيد لأن بكرة أول يوم رمضان وخلاص رمضان اللي كنت بفطر فيه لوحدي وملوش طعم ولا ريحة ولا فيه ونس العيلة واللمة راح، دلوقتي أنا وسط ولادي ومراتي وبكرة زي عادة كل سنة لمة العيلة.
- جماعة أنا محضرالكم مفاجأة.
- مفاجأة؟ مفاجأة أي؟
- شوفوا بنفسكم.
مقولتش لحد من أهلي عن وصولي وعملتهالهم مفاجأة وأكتر واحدة اتفاجات هي أمي ومن بعدها أخواتي وقرايبي وشوفت في عيونهم كلهم فرحة انتظرتها كتير.
- يا حبيبي يابني! يقطع الغربة اللي تفرقك عني وتغيبك الغيبة دي كلها، وحشتني وحشتني.
- وأنتِ أكتر يا أمي والله وحشتيني ووحشني حضنك.
السلامات كانت حارة واللمة طالت والضحك والهزار والونس اللي كنت مفتقده رجعت أعيشه، وأدركت إن وجودي وسط عيلتي لوحده نعمة تستوجب الشكر والحمد، وكل البيوت مظلمة إلا من اللمة ورمضان يحلى باللمة، والغربة تقسى من غيرها.
- مش قولتلي مش هتسافر تاني؟
- اللي بيسافر مرة بيتكتب عليه الغربة عمره كله.
وهنا الجخ في الخلفية قال سطور تكفي بحور:
"سنين عمرك هتفرط تحت عُقب الباب
وتصحى فجأة فتلاقي إن شعرك شاب
هتحن لزمان فايت ...
طعم الفرح مهما بيحلى في الغربة طبيخ بايت ...
ووجع الغربة زي الدبش
يا واد اللي مداقش الغربة ما اتأدبش"💗
#الست_نور
