رواية مالم تخبرنا به الحياة الفصل الثالث عشر بقلم عائشة الكيلاني
هل في حاجة اكتر سخر*ية من انك تقع في حب البنت اللي اغتص*بتها لما كنت لسه مجرد شاب طا*يش؟!
هقولكم انا ايه الاكتر سخر*ية...الاكتر سخر*ية يا عزيزي إن مش بس كدا لا...دا كمان تكتشف إن عندك طفل منها.
دا أنا...أدهم، ظا*بط عنده ستة و عشرين سنة بس و دا طبعاً يرجع لأسباب أبوية "و*اسطة" ، و دي ببساطة قصتي اللي بتدعو للسخر*ية و الح*قد على واحد معن*دهوش قيم و لا أخلاق زيي قدر يعمل حاجة زي كدا في ط*فلة!
أنا عارف إني أستحق الكر*ه بس بناشدكم إننا نخلي الح*كم للآخر...إنكم تقرأوا القصة للنهاية و تعرفوا الملا*بسات، إنكم تلتمسوا ليا الأعذار حتى لو مكنتش أستحقها عشان...عشان أنا مش هقدر ألتمسها لنفسي و هحكم عليها بالإ*عدام!
__________________
بعد يومين كنت واقف في ممر قسم التحاليل بعد ما طلعت نتيجة تحليل الحمض النووي ليارا و اللي اتضح إن نسبة التطابق بينها و بين حمضي النووي تسعة و تسعين و واحد و خمسين من مية في المية!
يدي كانت بتتر*عش و أنا بعيد قرائة الرقم للمرة الألف و بحاول أتأكد من كون اللي شايفه قدامي حقيقة، مكانش عندي مانع إني أتجوز يمنى و أربي بنتها كأنها بنتي بس المص*يبة دلوقتي ازاي هصارحها بإن يارا بنتي الحقيقية بالفعل؟ ازاي هتقبل تتجوز الشخص اللي اغت*صبها و د*مر حياتها؟ أنا متأكد إنها لو عرفت هتفضل ياسر و عذ*ابه عليا!
طنط عبير، كنتي طلبتي مني إني أن*تقم من كل اللي أذ*وا يمنى، يا ترى جه في دماغك إني ممكن أكون الشخص اللي سببلها أكبر أ*ذى نفسي و جسدي على الإطلاق؟!
في اللحظة دي كان قدامي خيارين...لإما أصارح يمنى بالحقيقة و أخ*سرها و أخ*سر بنتي للأبد، لإما أحتفظ بيها كلها لنفسي، و كشخص أنا*ني و جبا*ن كان معروف طبعاً هختار ايه، طبقت الورقة و حطيتها في جيبي بمنتهى الهدوء و كملت طريقي، آسف...بس مفيش حاجة خير هتيجي من ورا معرفتك يا يمنى..
بوعدك إني أعوضك عن كل المر*ار اللي شفتيه بسببي فسامحيني عشان اخترت أد*فن الحقيقة في مقابل مستقبل كد*اب جميل.
__________________
في المستشفى:
كت*فت يمنى ذراعيها بغ*ضب بينما تطالع هيئة الواقف أمامها قبل أن تنطق:
_لا يعني لا، قلت مش هاجي أقعد في شقتك يا أدهم.
تنهد أدهم بيأ*س بينما يعود للجلوس على الكرسي:
_قلتلك مؤقتاً بس لغاية ما نق*بض على ياسر عشان مضمنش ممكن يعمل فيكي ايه.
عقدت حاجبيها معاً قبل أن تسأله بشك:
_و لما أنا أقعد في شقتك انت هتقعد فين إن شاء الله؟
_ملكيش دعوة هقعد فين، أنا هتصرف.
نظرت إليه بتفكير قبل أن تشيح وجهها بعيداً مرة أخرى بينما تردد بإصرار:
_لا ، مقدرش أعمل حاجة زي كدا أنا هرجع شقتي و...
أم*سكها من كتفيها ليج*برها على النظر في عينيه قبل أن يتحدث مقا*طعاً إياها:
_قلتلك شقتك مش أما*ن! ياسر كان عايز يب*يعك لولا ستر ربنا انه ملحقش...
نظرت إليه بارتباك قبل أن تجيب:
_انت..انت متأكد إنك هتبقى كويس؟!
تركها ليمسح على وجهه بيديه في محاولة منه لتمالك أعصا*به قبل أن يتحدث:
_أنا هبقى كويس، سيبك مني و ركزي على نفسك انتي و يارا.
طالعته بحيرة من أمرها قبل أن تسأله:
_أدهم، انت ليه بتعمل كدا؟ ليه بتساعدني؟
بادلها التحديق قبل أن يجيب:
_علشان أنا بح...
و قبل أن يكمل حديثه قا*طعه اقتحا*م يارا فجأة للغرفة كعادتها برفقة سلمى و التي ما إن رأته همست ليمنى:
_هو أنا كل ما آجي ألاقيه عندك هنا؟ اللي يشوفه ميقولش انه كان را*ميكي لواحد معندهوش لا د*م و لا إحسا*س بقالك سنين.
تحمحمت يمني بإحر*اج قبل أن تجيبها:
_اللي حصل حصل و خلاص...
ابتسمت سلمى بينما تجيبها:
_أيوا طبعا، أهم حاجة إنك كويسة دلوقتي، شوفي جبتلك معايا ايه...حبة كشري إنما ايه، هتاكلي صو*ابعك وراهم...
قلب أدهم عينيه بملل من ثرثرة سلمى الإعتيادية بينما ابتسمت يمنى بتو*تر:
_س..سلمى مش هقدر آكل كشري هنا.
_ليه؟ مش بتحبي الكشري؟ دا طعمه تحفة و هيعجبك خدي معلقة...
تحدثت بينما تمد يدها بالملعقة نحو فمها و ما إن اشتمت يمنى رائحته حتى شعرت بالغثيا*ن لذا د*فعت يدها بعيداً عنها و تحدثت بينما تغطي فمها و أنفها بكفها:
_سلمى، أنا بحب الكشري بس حقيقي أي أكل بيختلط بريحة المستشفى بحس إني عايزة أر*جعه...
عقدت سلمى حاجبيها بينما تعيد تغطية الطبق مجدداً لتتحدث:
_اومال يا حبيبتي ممو*تيش من الع*لقة هتمو*تي نفسك من الجو*ع؟ بصي على نفسك خسيتي ازاي! أراهن إنك حاجة و أربعين كيلو دلوقتي...
تحمحم أدهم قبل أن يتدخل:
_يمنى هتطلع النهاردا من المستشفى و أنا هتأكد من إنها هتاكل كويس.
طالعته سلمى بريبة للحظات قبل أن تتنهد و تستسلم في النهاية.
ابتسم أدهم قبل أن ينادي على يارا لتركض إليه دون تردد ظناً منها أنه سيمنحها بعض من الحلوى كما اعتاد دائماً؛ لكنها وسعت عينيها بذهول و دهشة ما إن أخرج علبة الهدايا متوسطة الحجم من خلف ظهره لتأخذها منه و تبدأ بفتحها على الفور.
_يارا، عي*ب كدا، طب حتى قولي لعمو شكراً...
_شكراً.
تحدثت يارا بينما لم تتوقف يداها عن محاولة نزع ورق الهدايا لتتأوه يمنى بيأ*س منها بينما ابتسم أدهم بدفئ متحدثاً:
_عادي، سيبيها..
سكت قليلاً قبل أن يتحمحم و يكمل بصوت أكثر انخفاضاً:
_ في النهاية يارا زي..زي بنتي بالظبط.
طالعته يمنى بريبة، لما تشعر أن أدهم قد ازداد تعلقاً بيارا في الآونة الأخيرة؟!
____________________
بعد ما الدكاترة تأكدوا من إن حالة يمنى بقت مستقرة سمحولها تطلع أخيراً، أخدتها هي و يارا و وصلتهم شقتي، و دا طبعاً بالعا*فية و بعد منا*هدة كتير مع يمنى، اتأكدت من إنهم كويسين و مش محتاجين حاجة و بعد كدا نزلت عشان أروح لمكاني الجديد مؤخراً من يومين.
خبطت على الباب مرتين قبل ما تفتحلي طفلة صغيرة الباب و أول ما شافتني كشر*ت و اتكلمت بض*يق:
_يوووه، هو انت تاني؟ فين بابا بقى؟
قر*صتها من خدها براحة و أنا بتكلم:
_يا باي عليكي! لسانك طو*يل زي أبوكي بالظبط.
فسحتلي الطريق بامتعا*ض و انا دخلت عشان الاقي أنس قاعد في الصالة و مك*تف دراعاته كالعادة، مبيتكلمش...مبيتفاعلش...مش بيعمل أي حاجة غير إنه بيقعد ير*اقبني كل يوم من أول ما آجي لغاية ما أمشي تاني يوم الصبح!
تجا*هلته لأني عارف إن مفيش فايدة من إني أحاول أكلمه، غيرت هدومي قبل ما أدخل المطبخ، دخلت أروى ورايا كالعادة و هي بتتكلم:
_النهاردا عايزة آكل سوسي.
بصيتلها بحاجب مرفوع:
_ايه سوسي دا؟ قصدك سوشي؟
صقفت بيدها بحماس و هي بتحرك راسها بالموافقة:
_أيوا هو دا، عايزة آكل شوشي.
حطيت يدي في وسطي و اتكلمت:
_يا سلام! و دا شفتيه فين بقى ان شاء الله ؟
ردت بسرعة:
_على الآيباد.
_آه منك يا سو*سة، بتقعدي كام ساعة على الآيباد في اليوم؟ شكلي لازم أسحبه منك.
_لا ملكش دعوة بيه، دا الآيباد بتاعي أنا بس.
اتكلمت و هي بتحضن الآيباد بتاعها فتأوهت بملل:
_طيب طيب خلاص مش عايزه....تعالي أنا هعملك حاجة أحلى من الشوشي بتاعك دا، هعملكم مكرونة بالبشاميل.
كشر*ت بوشها بض*يق:
_أنا مبحبش الماكرونة بالبشاميل.
تندهت بنفا*ذ صبر قبل ما أتكلم:
_طيب بصي، خلينا ناكل ماكرونة بالبشاميل النهاردا و بكرا هاخدك أفسحك انتي و أنس و أوديكم تاكلوا سوشي ايه رأيك؟
همهمت بتفكير قبل ما توافق أخيراً و أنا تنهدت براحة.
بعد حوالي ساعة كنت قاعد على ترابيزة السفرة انا و أروى و بناكل سوى، مكنتش مدي اهتمام لأنس لأن كان بقالي يومين بحاول معاه و هو مكانش بيستجيبلي، عشان كدا النهاردا قررت أتجا*هله تماماً، اللي كان مطمني شوية إنه على الأقل كان بياكل لما ببقى مش موجود، عرفت منين؟ من أروى السو*سة أم لسان طويل زي أيوب.
فجأة أروى اتكلمت من العدم و احنا قاعدين بناكل:
_عمو، هو انت الخدامة اللي بابا باعتهالنا؟
شر*قت بالأكل و أنا ببصلها بصد*مة، كنت هنفي بس لمحت أنس بيبتسم فقررت أجاريها في أفكارها الطفولية:
_أيوا، و الخدامة دي بتحب تا*كل الأطفال اللي م*ش بيسمعوا الكلام.
_همم، زي أنس كدا يعني؟!
_أنا مش طف...
اتكلم أنس قبل ما يك*تم بوقه بيده بسرعة و أنا ابتسمت بجانبية، يظهر إن لسه في أمل منه.
بعد ما خلصنا أكل و لعب نامت أروى في الصالة كالعادة و كالعادة أخدتها و حطيتها في أوضتها قبل ما أرجع أنا عشان أنام في مكاني المعتاد على الكنبة.
أول ما غمضت عيني حسيت بيد بتلم*سني، فتحت عيوني و تراجعت لورا بخو*ف بعد ما لمحت خيا*ل شخص واقف، في البداية فكرت تخي*لاتي و الأصو*ات اللي بسمعها بدأت ترجع تاني بس تنفست براحة لما أخدت بالي إنه أنس، بصيتله و اتكلمت بشك:
_أنس، مالك؟ في خاجة عايزها؟!
اتكلم أنس:
_أنا فاكرك، انت...انت اللي قت*لت عمو آدم مش كدا؟!
بلعت ريقي و بصيتله بصد*مة:
_م..مين اللي قالك الكلام دا؟
_سمعت بابا و ماما و هم بيتكلموا ساعة ما عمو آدم ما*ت.
بما إن أنس دلوقتي عنده ١٢ سنة فأعتقد إن ساعة الحاد*ثة كان عنده سبع سنين...
طبعاً عمر كافي إنه يفتكر اللي حصل بالفعل، فتحت بوقي عشان أرد عليه بس كأن الكلمات طارت، أرد عليه بايه و أنا نفسي مش فاكر اللي حصل ساعتها بسبب تأثير الكحو*ل؟ كل اللي فاكره إني شفت نفسي ماسك سك*ينة و آدم على حجري غر*قان في د*مه، و مع ذلك...مع ذلك في حاجة جوايا كانت رافضة تصدق إن أنا اللي عملت كدا.
بعد فترة من سكوتي اتكلم أنس تاني:
_انت ليه قاعد معانا هنا و بابا مر*جعش لغاية دلوقتي؟ أنا كنت بحب عمو آدم جداً، متقولش إنك قت*لت بابا كمان زي أخوه....
نبضات قلبي بدأت تزيد، لو..لو أيوب ما*ت فدا هيكون بسببي فعلاً، حاولت أتمالك نفسي و أنا بجاوبه:
_أنس، بابا مما*تش...أنا قاعد معاكم مؤقتاً لغاية ما يرجع بالسلامة.
اتكلمت و أنا بتمنى من كل قلبي إن أيوب يصحى و يرجع لأولاده تاني.
________________
تاني يوم سبت أنس و أروى بعد ما عملتلهم الفطار و تأكدت إن في أكل في التلاجة للغدا.
رنت عليا يمنى و أنا في طريقي للشغل بس مرضتش أرد عليها، حسيت إن كلام أنس كان زي الق*لم اللي خلاني أفوق، أنا شخص مجر*م...ازاي هقدر أصارح يمنى بمشاعري و أبص في عينيها من غير ولا ذرة ند*م بعد كل اللي عملته؟
تنهدت بض*يق للمرة الألف، أكيد اللي بيحصلي في حياتي دا تكف*ير ذنو*ب!
بعد خمس دقايق كنت ماشي سرحان في القسم قبل ما تقع عيني على الشخص اللي كان واقف و مستنيني بوش مستقيم خالي من المشا*عر، ازاي نسيت موضوعه تماماً هو كمان؟ نطقت بصد*مة:
_ب..بابا؟!
حلو، يظهر إني مش محتاج أك*فر أكتر من كدا لأن الساعات اللي فاضلالي في الحيا*ة بقت معد*ودة!
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم