رواية طوفان الدرة الفصل الرابع عشر بقلم سعاد محمد سلامه
القاهرة
فقدت الإدراك من هول الصدمة ثواني دقائق كأنها بعالم خالي من الحياة.. الأصوات من حولها خافتة، متقطعة، لا تسمعها كأنها تحت الماء. نظراتها شردت في الفراغ، أنفاسها تعلقت بين حلقها وصدرها، وكأن الهواء قد اختنق فجأة...اهتزت الأرض تحت قدميها، تصدعت جدران روحها وارتجف قلبي بقوة موجعة كأن كل نبضة سكين يغرس في صدرها. لم تعُد تُفرق بين دموع عينيها... والعرق البارد الذي يتصبب بغزارة على وجهها
صرخة مكتومة احتبستها داخلها، تتلوى تبحث عن مخرج، لكنها سجينة الخرس والعجز...
كل شيء من حولها بات بلا لون، بلا صوت، بلا معنى... كأنها في وسط العاصفة، مجرد بقايا إنسان.
فاقت من تلك المشاعر المُهلكة لقلبها حين اهتز ذلك الهاتف بيدها، نظرت له، كانت رسالة... لم تستطع فتحها، عينيها المبللتان أعاقتا الرؤية، لكن الفضول الذي يسكن قلب كل امرأة مجروحة كان أقوى من الانهيار.... عاودت النظر إلى ذلك الخبر، وبعض الصور المُرفقة.... خبر، ربما لو كانت قرأت عكسه، لما شعرت بكل ذاك الألم الذي ينهش كل خلية بجسدها... عاودت عينيها قراءة ذلك الخبر:
"زواج رجل الأعمال طوفان مهران، والحفل أُقيم في الصعيد مكان نشأته... حضور نخبة من الشخصيات اللامعة... والعروس طبيبة من نفس البلدة"
تجمدت أصابعها، واتسعت عيناها بذهول لم تُجيده حتى في أسوأ كوابيسها...
تاهت نظراتها بين الصور... ابتسامته الصافيه والغَريبة عليها، معها بسمته كانت تشعر أنها مُتكلفة
الان يضحك بتلقائية صافية
تسللت دمعة ساخنة من عينيها، ترددت، ثم لحقت بها أخرى كأنها تنهار واحدة تلو الأخرى، مثلها تمامًا... تنهار على مهل...يسأل عقلها:د يعني أنا كنت مجرد محطة... لاء كنت نزوة.
قلبها لم يخذلها فقط، بل تحالف عليها هي الآن تتنفس وجعًا لا يُروى... انكمشت أكثر، كأنها تحاول الاختباء من واقع يصفعها، لكنها فجأة شهقت شهقة عنيدة، ومسحت دموعها بظهر كفها قائلة في سرها:
أنا مش هنهار... واضح أوي إنى رخصت نفسي وأستاهل لما قبلت بعرضه للجواز العرفي، فكرت مع الوقت هقدر أجبره يعلن جوازنا عالملأ بجواز رسمي، لكن واضح...
توقفت تستذكر، هي من كانت تفرض نفسها عليه حتى فى علاقتهم الحمِيمية كانت تشعر أنه معها جسدًا فقط، لم يكُن يقع فى براثن إغرائها كما كانت تظن، بل كان يُعطيها القليل وبفتور منه، ويدفع مقابل ذلك أموال ربما كان يتعمد فعل ذلك، حتى قالها لها واضحة لم يأخذ منها شيء بلا مقابل أعطاه لها أضعافً.. لم تكُن تُريد ذلك الثمن أرادت الحصول على قلبه لكن لم تتمكن منه، كان خطأ حين أستسلمت لرغبته بالطلاق بينهما بسهولة، ظنت ان ذلك مجرد وقت فقط وسيعود لها، لكن ما هذا الذي تراه أمامها زواج علني من أخري، طبيبة، توقفت للحظات وعادت تتمعن فى الخبر، أيضًا الخبر به جزء آخر زواج شقيقته من قريب زوجته
معه بنفس الليلة... خدعها عقلها:
يمكن الجواز ده تم بالبدل ومفيش مشاعر معتقدش طوفان عنده مشاعر...
كذبها قلبها:
إعترفي أوقات كان بيهمس بإسم غيرك وإنتِ نايمة فى حضنه، عمره ما غلط وقالك كلمة حُب، بلاش أوهام...
صرخ عقلها بغباء ينهر قلبها الضعيف... لكن لن تستسلم وإن كانت وافقت على نهاية وِدية بينهما....
حسمت أمرها وخرجت من ذلك الموقع الذي نشر الخبر، فكرت بتسريب خبر أو إشاعة زواجه سرًا بأخري ربما يكون لها تأثيرًا فى زعزعة زواجه.
بالفعل قامت بإتصال هاتفي، بغنج منها سربت تلميحات يفهما الآخر.. اغلقت الهاتف تقبض عليه بيديها بقوة، رغم ألم قلبها لكن تشعر بأمل قادم.
❈-❈-❈
بمنزل حاتم
عاد طوفان إلى جلسته مرة أخرى، وعيناه مُلعقتان بجود التي ابتسمت له بتفهُم هادئ... في المقابل، شعرت بدرية بغصّة من الحقد... كانت تود أن تُثبت سيطرتها على جود وتُظهر أنها باتت تملك زمام الأمور، لكن محاولتها باءت بالفشل... سحبت يدها من قبضة جود بغضب، ثم رمقت طوفان بنظرة مشتعلة بالغضب، وحين التفتت نحو حاتم، وجدته شاردًا غير منتبه لما يحدث... زفرت بضيق، وقلبها يثور بغضب مكبوت.... كيف تُهزم من جود في حضرة الجميع.... نظرت إليها مجددًا، تلك النظرة التي تخلط بين الغيرة والانهزام، قبل أن ترتسم على شفتيها ابتسامة صفراء تحاول بها حفظ ماء وجهها.
بينما جود، التقطت كل تلك المشاعر العابرة في الوجوه... لكنها لم تعلق... وقفت بثقة، ورفعت تلك الصنية بهدوء نحو بدرية التى إلتقطت إحد قطع الحلوي ثم جلست جوار حاتم .... أما طوفان فابتسم بخفة، وكأن ابتسامتها منحته انتصارًا خاصًا.
جلسة كانت على صفيح بارد نظرات حاتم نحو طوفان بها شيء من البُغض وهو يرا طوفان مُبتسم تبدوا السعادة واضحة على ملامحه بالتأكيد سر تلك السعادة هي "دُرة" زوجة أخيه، بالأصح أرملة هي الأخرى إستسلمت ولم تُبالي لا بدماء والدها ولا أخيه، حقد يزداد فى نفوس كل من بدرية وحاتم.
بعد قليل نهضت جود مع والدتها للداخل،
شعرت وجدان بقلب الأُم أن جود ليست بتلك السعادة التى كانت تتوقعها، سألتها:
قوليلى أحوالك إيه مع حاتم.
بخجل أجابتها:
كويسه الحمدلله.
بقلب الأم أيقنت من وجه جود ليس فقط خجل بل هنالك شيء آخر، كادت أن تسألها أكثر لكن نداء بدريه قطع حديثهن فخرجن، نظرت وجدان لـ طوفان وأماءت له برأسها فهم مغزي ذلك ونهض مُبتسمً، قائلًا:
زيارة العرسان بتبقي خفيفة ألف مبروك وبالرفاء والبنين.
نظرت له بدرية بسخط قائله:
إنت كمان عريس، وسيبت عروستك.
أجابتها وجدان:
الواجب على طوفان يصبح على أخته الوحيدة،وجود مش بس أخته ده هو اللى مربيها،يعني معندوش أغلي مِنيها.
تهكمت بدرية بغيظ قائله بحقد:
طبعًا، الأخ قصدي الأخت غالية، ربنا يخليهم لبعض.
-آمين
قالتها وجدان، بينما نظر طوفان نحو جود، فابتسمت وأتبعته بتلقائية، توقف معها أمام باب الشقه أخرج من جيبه تلك البطاقة قائلًا:
طلعت له كريدت جديدة بدل اللى ضاعت منك، كمان ده نقوطك، وأفتكري دايمًا إنك جود مهران أخت طوفان ولازم تحافظي على كيانك ومكانتك ومقامك العالي.
إبتسمت بمحبه وهو يضع قُبلة فوق جبينها، تدمعت عين وجدان،تبسمت جود له،لكن رمقت عيني حاتم الذي نظر نحوهم،نظرته بها شيء من الاستهزاء،لم تهتم،حتى غادر طوفان مع وجدان،دلفت الى غرفة المعيشه تُعيد الترحيب بـ بدرية التى نهضت بعصبية قائلة:
على رأي وجدان إنتم عرسان جُداد هسيبكم تتهنوا ببعض.
لم تُعقب جود لكن حاتم تحدث باهتمام:
عِرسان ايه يا ماما،إنتِ الكُل فى الكُل.
إبتسمت بانتصار وهي تنظر الى جود قائلة بايحاء:
لاء خلاص بقي فى الاهم مني عندك،هنزل زمان أبوك رجع من بره أحضرله الوكل وأسيبكم على راحتكم.
نظر حاتم نحو جود قائلًا:
لما بابا يرجع يطلع لهنا نتعشا كلنا سوا.
اومأت جود بقبول بينما نظرت بدريه ببسمة انتصار.
بعد وقت طويل تعمدت بدرية السهر اقترب الوقت من منتصف الليل،تعمدت البقاء مع حاتم حتى بعد استئذان جود تركها لهما وحدهما،نهضت بدرية بعدما كان نصف حديثها تحريض على رد فعل جود ومقابلتها لها بوجه مكلوم،غادرت بعدما إستفزت رجولة حاتم...
اغلق خلفها باب الشقة توجه الى غرفة النوم،ربما لحسن الحظ وجد جود غافية، لحظات تحكم به الغضب وكاد يوقظها، لكن رنين هاتفه جعله يغادر الغرفة، بينما فتحت جود عينيها لم تكُن نائمة، شعرت بالحِيرة من الذي يتصل بـ حاتم بهذا الوقت... نهضت تتسحب بهدوء لم تكُن يومً فضولية، لكن لا تعلم سبب لذلك، إقتربت من تلك الشُرفة التى يقف بها حاتم، تسمعت بعض من حديثه، إستشفت أنه يُحدث أحد زمُلائه، لكن إنصدمت حين سمعته يقول:
شهر عسل إيه، انا مش بطيق أقعد فى البيت أنا راجع الشغل تاني آخر الأسبوع.
شعرت بوخزات قوية فى قلبها بدأ عقلها يتسأل:
لماذا تزوج بها.
ربما بدأت تفهم أن أحلامها الوردية بدأت تتبخر والواقع يفرض قسوته على قلبها البرئ
❈-❈-❈
بمنزل طوفان قبل قليل حين عاد بصُحبة وجدان،
زفر نفسه بضيق حين رأي دخول
عزمي برفقة زوجته، كذالك كوثر وزوجها
رغم ذلك إستقبلهم بهدوء... نظرت له كوثر بخباثة سائلة:
فى عريس يسيب عروسته يوم الصباحية جايين منين دلوق.
أجابتها وجدان:
جايين من عند جود.
أومأت قائلة باستفسار:
أخبارها ايه، انا وساميه وعزمي كُنا هنروح نصبح عليها بكره.
أجابتها وجدان:
بخير الحمد لله.
تحدثت سامية بسؤال سفيه:
مجبتيش الملايه معاكِ ليه.
نظرت لها وجدان قائلة:
السلو ده بِطل خلاص هما أحرار فى حياتهم وده شئ خاص بينهم...
قاطعتها كوثر بدعم ل ساميه:
ده مش سِلو ده شرف، ولازمن نطمن على بنتنا.
نظرت لها وجدان بجمود وقالت بنبرة صارمة:
بنتكم... جود بقت زوجة راجل، وهي مش ملك لحد غير نفسها وجوزها... الشرف مش بيتقاس بملاية، الشرف في التربية والنية الطيبة والستر.
سادت لحظة صمت مشحونة، تبادل فيها الحاضرون النظرات، قبل أن يحاول عزمي تلطيف الأجواء قائلاً بابتسامة باهتة، يتجاهل التوتر قائلًا وهو يتجه نحو الأريكة:
فعلاً يا وجدان، جود تستاهل الراحة، ربنا يهدي سرها، إحنا جايين نصبح على طوفان وعروسته هي فين.
نظرت وجدان لـ طوفان، فابتسم قائلًا:
ثواني هطلع أناديها.
تركهم طوفان وصعد بشوق الى غرفته... فتحها مباشرة
قبل لحظات
كانت دُرة تشعر بالضيق من مكوثها بالغرفة وحدها وترك طوفان لها، لكن حين سمعت صوت السيارة ذهبت نحو الشرفة، شعرت
...شعرت بدقات قلبها تتسارع، لا تعلم سبب لذلك،ربما التوتر، لكنها ما إن لمحته يخرج من السيارة ويرفع رأسه نحو الشرفة، حتى اختبأت خلف الستارة.
دخل طوفان الغرفة بخطوات متسارعة، كأن الشوق يدفعه أكثر من قدميه، وما إن رأها جالسه تدعي الانشغال بالهاتف تبسم وتنحنح.
نظرت إليه دُرة ، لم تتحرك من مكانها.... كان في عينيه بريق لم تره من قبل، مزيج من الحنين والرغبة والتساؤل.
قال بصوت خافت لكنه عميق:
مساء الخير.
أجابته ببرود، تبسم لها قائلًا
غيرى البيجامة السودة اللى عليكِ وإلبسي عباية عشان فى ضيوف تحت فى المندرة.
سألته بإستفسار:
مين الضيوف دول.
أجابها وعيناه تضُخ شوقً:
ضيوف جايين يصبحوا علينا.
ضمت شفتيها بضجر قائلة:
ما انا عارفة إنهم جايين يصبحوا علينا، بس هما مين.
بنفس الإجابة جاوبها:
لم تنزلى هتعرفي، هسبقك أنا لتحت متغبيش.
تنهدت بقوة قائله:
هو كده لازم يلف ويدور، أما أقوم ألبس عباية وانزل اشوف مين الضيوف دي.
بالفعل إرتدت عباءة سوداء مُزخرفه ببعض الأحجار، وفوقها وشاح أسود، نظرت لنفسها بالمرآة شعرت باعجاب غادرت الغرفة...
لكن قبل أن تدلف الى المندرة للصدفه كان طوفان ينهي حديثه عبر الهاتف بالردهة، ورأي دُرة... نظر نحوها بذهول سُرعان ما أغلق الهاتف وبلحظات قبل خطوة واحدة وتدخل دُرة الى المندرة قبض على معصم يدها وسحبها للخلف، شهقت وهي تنظر له تسير معه رغمً عنها حتى إبتعدا عن المندرة، حاولت سلت يدها لكن طوفان مازال يقبض على يدها يجبرها للسير خلفه حتى وصلا الى غرفتهما، دفعها بقوة بمجرد أن أغلق الباب خلفهما، استدارت نحوه بعينين تشتعلان غضبًا:
فيه إيه يا طوفان... بتشدني وراك كده ليه.
كان صدره يعلو ويهبط من شدّة انفعاله، لم يرد فورًا، فقط ظلّ يرمقها بنظرة غريبة... مزيج من الغضب، والدهشة.
اقترب خطوة منها، ثم قال بصوت خافت لكنه مشحون:
إنتِ شايفة نفسك لابسه إيه
أشار بإصبعه لها من أعلى لأسفل،
ارتبكت للحظة، ثم رفعت ذقنها بعناد:
لابسه عباية زي ما قولت وكنت نازلة لضيوفك... زى ما طلبت.
اقترب أكثر، حتى شعرت بأنفاسه الحارة على وجهها:
عباية سودة يا دُرة.
تفوهت بلا مبالاة:
وفيها إيه، مش بتقول الاسود ملك الألوان.
تنهدت بقوة قائلًا:
وفى عروسة بتقابل ضيوفها بعباية سودة، غيري العباية يا دُرة.
ضمت يديها على صدرها، وقفت بعناد تتحدى نظرته:
ايوا سودة... أنا عاجباني العباية دي، ومش هغيرها … ولو مش عاجباك، بلاها مش هانزل لضيوفك.
ضاق فكهُ، وأغمض عينيه لحظة يكبح انفعاله، ثم فتحهما وهو يقترب منها ببطء:
يعني بتعنّدي.
أجابته بلا مبالاة:
لو شايفها عناد، يبقى أيوه… عناد.
مد يده ببطء ولمس طرف العباية عند كتفها، وقال بصوت منخفض لكن حازم:
أنا مش بطلب،أنا بأمُر... دُرة … أنا بقولك غيري العباية أفضلك.
أبعدت يده عنها قائلة بحدة:
وأنا مش من نوع الستات اللي يتقال لهم تلبسي إيه وتقلعي إيه... فاهم.
سادت لحظة صمت متوترة، نظر فيها إلى عينيها مباشرة، وقال بنبرة أقل حدة لكنها مشتعلة:
أنا فاهمك كويس… بس صبري له حدود، قدامك دقيقة واحدة تغيري العباية، والا فعلًا مش هننزل إحنا الإتنين للضيوف وهتبقي ليلتك بلون العباية.
لوهلة إرتابت من نظرة عيناه لكن تجرأت قائلة:
قصدك إيه هتضربني.
إختفي عبوس وجهه وهو يقترب منها حتي بلحظة خطفها من خصرها وضمها له بقوة أربكتها، تبدلت نظرة عينيه من الغضب إلى شيء آخر… نظرة عابثة، مشتعلة برغبة ممزوجة بامتلاك.
همس في أذنها بنبرة رخيمة، عميقة:
لأ... ما هضربكيش، بس هدوقك طعم العناد على طريقتي.
شهقت من قربه، وارتعش جسدها في حضنه، لكن أنفاسها أصبحت متماسكة، حاولت تدفعه دون جدوى، فقالت بصوت مختنق:
قصدك إيه
ضحك همسًا، قائلًا بوعيد وهو ما زال يمسك بها:
هتبقي ليلتنا سودة فى السرير وإحنا سوا زي ليلة إمبارح كده
أبعد وجهه قليلًا لينظر في عينيها بتسليه قائلًا بوعيد:
هتغيري العباية، ولا ننسي الضيوف ونكمل زي ليلة إمبارح.
كان صوته ناعمًا، لكنه يحمل تهديدًا مقنعًا بالشوق والغضب معًا... توترت قائلة باستسلام:
خلاص سيبني وهغير العباية.
ضمها أقوي قائلًا بمزاح:
لا خلاص أنا هتصل على ماما وأقولها تفضل هي مع الضيوف وتقول لهم العِرسان مشغولين بـ...
غمز بإيحاء وهو يضع قُبلة على إحد وجنتيها، إهتزت قائلة:
لاء خلاص قولت هغير العباية ومش من الذوق تسيب الضيوف يستنونا، يقولوا علينا إيه.
إبتسم ماكرًا يقول:
هيقولوا إيه يعني، أكيد عِرسان وملهوفين لبعض.
شعرت بوجنتيها تشتعلان غضبً، وزيادة خفقان فى قلبها، دفعته بيدها قائلة:
فى ضيوف مستنيانا، مش من الذوق نتجاهلهم خلينا ننزل لهم.
إبتسم وهو يجذبها نحو خزانة الثياب قائلًا:
تمام نلتزم الذوق، انا هختار لك عباية على ذوقي من الدولاب، بالفعل مازال يأسرها بين يديه وفتح خزانة الثياب إنتقى لها عباءة باللون الأخضر الزُمردي، كادت تعترض لكن إمتثلت غصبً، كي تتملص من بين يديه، بالفعل تركها سريعًا أخذت العباءة وتوجهت نحو الحمام شاغبها قائلًا:
خليكِ هنا ألبسيها عشان أشوفها مظبوطه ولا...
ضحك حين أغلقت الباب بعنف فى وجهه.
بعد قليل دلف الإثنين الى غرفة الضيوف تفاجئت دُرة بوجود والدتها كذالك جدتها. وباسل وشاهر الذي نهض يقترب منها بابتسامه لكن هي تجاهلته وذهبت نحو جدتها، وتجاهلت وجود سامية وكوثر، اللذان نظرا لها بنظرة غلول من جمالها المُلفت، حاولت وجدان تلطيف اللقاء، تحاملت دُرة على نفسها حتى إنتهي اللقاء وغادر الضيوف ..صعدت وحدها بينما ظل طوفان مع وجدان لدقائق.
دخلت دُرة الى غرفة النوم خلعت تلك العباءة فورًا، تشعر بغضب، لكن إنتهي ذلك الغضب حين فُتح باب الغرفة وطل طوفان الذي وقف مبتسمً حين وقع نظره على دُرة التى تقف بثيابها الداخلية ذات اللون الأسود المعاكس لبشرتها البيضاء... شعرت بالخجل وتوترت وهي تجذب العباءة تضعها فوق جذعها العلوي قائلة بغضب:
بتبص على إيه، مفيش عندك حيا.
ضحك طوفان، سبب لها إغاظه ذهبت نحو الحمام دون جِدال، بينما نزع طوفان ثيابه وظل بسروال داخلي، ذهب نحو الفراش وتمدد عليه، وضع يده فوق راسه ينتظر لدقائق حتى عادت دُرة نظر نحوها بتلك المنامة السوداء ثم ضحك بخفة غير مُباليًا، بينما دُرة
توجهت نحو الفراش تنظر له بترقُب، وهي ترفع دثار الفراش ثم تمددت على الفراش،
بمجرد ان تمددت تقلب طوفان، لوهلة ظنت أنه سيقترب منها لكن كان خبيثً وأعطاها ظهره، تنهدت براحة وهي تُغمض عينيها، كذالك هو نظر نحوها وتبسم، ثم وأغمض عيناه مُتثائبً بسبب الإرهاق غفي هو الآخر.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع
رغم جفاء معاملة بدرية لـ جود،كذالك مشاعر حاتم المُذبذبة معها أحيانًا لطيف،وأحيانًا عنيف برد الفعل بموقف لا يدعي العصبية،لكن كآنه شخص لدية إنفصام
شخصان يتناوبان السكن في قلبه وعقله أحدهما يحاول الاقتراب منها بلُطف، والآخر يود دفعها بعيدًا بلا رحمة، شعور يخشاه ولا يستطيع احتواءه
كلما اقتربت جود بخطوة، تراجع هو بخطوتين، تشعر كأنها تدفع ضريبة ذنب لم ترتكبه.
تفاجئت حين دخلت الى غرفة النوم، وجدت حقيبة على الفراش وهو يضع بداخلها ثياب خاصة، به سألته بدهشه:.
ليه بتحط هدوم فى الشنطة دي.
فى البداية تجاهل الرد لكن جود،يطوي الثياب ويضعها بالحقيبة... إقتربت أكثر وعاودت سؤالها، ترك وضع الثياب وإستقام واقفً ينظر لها ببرود قائلًا بنبرة ثلجية:
عندي مُهمة تبع شُغلى فى الشرطة وهغيب كام يوم، إرتاحتي كده لما جاوبتك.
حدّقت فيه جود للحظات، كأنها تحاول التحقق من انه يمزح، لكن نبرته الباردة كانت كفيلة بأن تزرع في قلبها صدق ما قاله .
قالت بهدوء تخفي خلفه زلزالًا من المشاعر:
تمام أنا سألتك لأني مراتك، مش غريبة.
أشاح بوجهه، وكأن كلماتها زادت من ضيقه، ثم قال وهو يغلق الحقيبة بعنف نسبي:
مراتي... بس أنا مبحبش الأسئلة الكتير اللى ملهاش لازمه.
شعرت وكأن الهواء يُسحب من الغرفة، ردت بتماسكٍ مُتكسّر:
لما أسألك عشان أعرف ليه بتحط هدوم فى الشنطة، ده سؤال مالوش لازمة.
لم يجب، فقط أمسك بالحقيبة واستدار متجهًا نحو الباب. وقبل أن يخرج، توقف لحظة، دون أن يلتفت تحدث ببروظ:
خلي بالك من نفسك.
كلمات باردة منه وهو يغادر، تاركًا خلفه قلبها معلقًا بين الكبرياء والانكسار.
❈-❈-❈
بالغردقة
بأحد الفنادق
لاحظ نفخها لأكثر مره، إبتسم بخباثة مُتعمدًا تجاهلها يدعي إنشغالة بالعمل عبر حاسوبه الخاص، لديه يقين لن تنتظر طويلًا، وستتحدث
وبالفعل، قبل أن تمُر دقيقة زفرت نفسها بقوة،والقت الهاتف الذي كان بيدها ونهضت من على الفراش وقفت تنظر له غاضبه، تحدثت بنبرة مزيج من ضيق وكبرياء:
إحنا هنفضل هنا لحد إمتي، أنا زهقت، خلينا نرجع للـ المنيا.
أغلق الحاسوب وضعه بجانب ونهض واقفًا يقترب منها قائلًا:
إحنا مبقالناش غير تلات أيام بس.
زفرت نفسها بضيق قائله:
يبقي كفاية كده أنا زهقت، إحنا حتى مخرجناش من الأوضة من وقت ما وصلنا... غير مره واحدة إتغدينا في مطعم الأوتيل.
ضحك حين أصبح أمامها وضع يديه حول خصرها يُقربها من صدره غامزًا بعينيه قائلًا بإيحاء مرح:
وهو فى عِرسان جُداد بيطلعوا من أوضتهم.
انهى حديثه بقُبلة على إحد وجنتيها،
عادت للخلف خطوة زفرت نفسها ورمقته بنظرة نارية، شبكت ذراعيها أمام صدرها ، قائلة بكِبر:
عِرسان، بلاش النغمة دي أنا زهقت خلينا نرجع.
ضحك قائلًا:
لاء هنكمل الأسبوع، أنا أساسًا بفكر ازود كمان أسبوع، مُستمتع هنا، البحر والوجه الحَسن.
نظرت له بحُنق قائلة:
فين البحر أنا مشفتوش غير من بلكونة الأوضة، وفين كمان الوجه الحَسن ده.
ضحك وهو يعاود وضع إحد يديه حول خصرها والأخرى رفعها يلمس وجنتها بنعومة قائلًا:
هو فى وجه فى الكون كله أحسن منك.
نظرت له بحنق،
إبتسم وهو يضع قُبلات على وجنتها يسير بشفاه نحو شفتيها قبل أن تعترض عانق شفتيها بشفتيه بعناق مُتناغم، يدفع جسدها برفق الى أن تمددت على الفراش وهو فوقها مازال يُقبلها،لوهلة كادت تدفعه بيديها، لكن امسك يدها وضعها على موضع قلبه،شعر بإستكانتها مرة أخري،وتناغمها مع قُبلاته،إمتدت يده الى أزرار كنزتها قام بفتحها،كادا يذوبان معًا بالغرام ..،لكن هنالك ما قطع صفو الغرام
، رنّ صوت إشعار عالي من هاتفه
تنهدت بضجر قائلة:
شوف موبايلك أكيد حاجه مهمة.
إبتسم وإبتعد عنها ذهب نحو هاتفه، نظر الشاشة ثم لها قائلًا:
ده شاهر خالك.
نظرت له بزهق وهي تعتدل تغلق منامتها ولم ترد، تنهد بضجر وهو يقوم بالرد على شاهر الذي أنهي الحديث معه سريعًا، ثم عاد يقترب منها قائلًا:
شاهر بيسلم عليكِ.
نظرت له بنزق صامته، ابتسم طوفان قائلًا:
إفردي وشك إحنا عِرسان...
قاطعته بغضب:
بطل النغمة دي، دلوقتي عاوزه أخرج اشم هوا البحر.
عاد يقترب نظرته خبيثه وهو يقترب لكن صدح رنين هاتفه ... نظر نحو شاشة الهاتف بيده، شعر بإندهاش لم ينتبه لفضول دُرة حين سألته:
مش بترد ليه مين
"روان"