رواية نفق الجحيم الفصل الرابع و العشرون بقلم ريناد يوسف
دقايق من الصراع بين توفيق وكرار وإنتهت بإن الرجاله فصلوهم عن بعض بس بعد ماتوفيق كان أذى كرار على كد مايقدر بالضرب والخنق، وكرار كل اللي كان عيدور فعقله إنه معميلش غلط وخد حقه الشرعي من مرته وإن داي حاجه متخصش حد ولا المفروض حد يتحدت فيها معاه أو يحاسبه عليها، وشاف إن اللي عيعمله أبوه فيه قدام الكل ظلم جديد ينضاف علي ظلمه القديم ليه، وإن أبوه عدى معاه كل الخطوط الحمره.
بعد توفيق عن كرار وهو عينهج من التعب وقعد على الكنبه وفضل باصص لكرار اللي واقف قدامه ومثبت عليه عنيه كيف ديب متأهب للأذى بس معارفشي يبدأ كيف ومنين ولا لاقي بصاره عاللي قدامه، وبكل قهر رفع اديه للسما وهو باصصله وقال:
يارب أني غلبت فيه وإحتار فيه العقل والفكر وخفق التأديب، يارب أدبه بطريقتك وإكسره بجبروتك وعرفه في القريب العاجل إنك حق ومعترضاش غير بالحق وإنك جلاب الحقوق، يارب سلط عليه الاعفى منيه وعرفه إن العفي فيه الأعفي منه والقوي فيه الأقوى منه، يارب اشهِدك إني ممسامحهوش ولا راضى عنه دنيا ولا آخره.
خلص دعوته وبعد عينه من على كرار ونزل اديه وهو واعي أمه عتطلع من الباب وتشاور لورده، وورده راحتلها ودخلوا وردوا الباب، وبعد شويه الباب إتفتح وطلعت ورده وكانت شام نايمه على السرير ومتلكلكه باللحاف
قام توفيق وراح عليها بخطوات مهزوزه ولغاية ماوصل حدا سريرها وبص لمونظرها وقالها بحسره:
سامحيني يابتي عاللي جرالك وانتي فبيتي وتحت حمايتي، سامحيني واعذريني لان الأذى والشر اللي حوالينا ساعات كتير عيكون اقوى من إننا نتصدوله، سامحيني على وجعك يابوي اللي مقدرتش اتصداله.
وإهنه شام سالت من عينها دمعه وهي مغمضاها توفيق حسها مية نار نزلت على قلبه وكوته كوى، وبص على أمه عديله وشاف فعيونها هي كمان لوم متحملهوش، وهمل الموطرح كله وطلع لما حس بنغزه فقلبه وراح يشوفله موطرح يقعد فيه لحاله بعيد عن كل البشر ويجالس إحساسه بالتقصير والندم والوجع.
أما كرار فبعد ماأبوه طلع فوق والكل راح موطرحه يقضى باقي ليله اللي إتكدر بعملة كرار، وعديله لازمت شام وشاركتها السرير، كرار ملاقالوش بُد غير إنه يطلع من البيت كله ويروح لأبو دراع يفك عن روحه معاه هبابه.
فطلع وراحله ودور عليه في البيت وحواليه ملقيهش، وإستغرب إنه مقاعدش في البيت في الوكت ديه وهو معروف عنيه إنه لا مش عيطلع من البيت وخصوصي في الوكت ديه من الليل.. بس الدمسه لساها ساقره وديه دليل علي إنه كان قاعد إهنه، فما كان منه الا إنه يقعد جار الدمسه يستناه.
أما أبو دراع فبعد ماقعد الوكت الكافي واللى إتوكد إن أكيد كرار خلص فيه جريمته قرر يعاود للبيت وخصوصى إن البرد نفض جتته نفض برغم النار اللي قايده فقلبه فقرر يعاود للبيت ويستني الصبح بفارغ الصبر عشان يشوف كرار ويحاسبه عاللي عمله، بس ربنا كان بيه رؤوف رحيم وهو واعي كرار قاعد جار الدمسه ومهيضطرش يستنى للصبح بناره القايده من تلاه.
وبسرعه وبدون تردد إتقدم ناحيته ووقف قدامه وبحركه سريعه قومه من موطرحه، ومسكه من قبه بيده الشمال، ورفع يده اليمين وفردها قدام وشه وبص فبطنها عالجرح اللي خاوى بيه كرار قبل مايغمض قبضة يده ويضرب بيها كرار على خشمه بكل حيله خلى خشمه بك دم في الحال.. وداي كانت المره التانيه اللي تترفع فيها إيد أبو دراع اللي خاوت كرار عليه وتأذيه بدال ماكانت دايماً تدافع عنه والمرتين بسبب شام.
أما كرار فمن أول ماأبو دراع قرب لمه ومن بعدها عيمل فيه اللي عيمله وهو واخده العجب ومش فاهم أبو دراع عيتصرف معاه إكده ليه، بس ابو دراع فهمه وهو عيقوله:
بالك ياكرار إنت النهارده ندمتني على محبتي وأخوتي ليك اللي اتوكدت دلوكيت إنها كانت فغير محلها ولغير أهلها.. عمري ياكرار ماكان يخطر فبالي إنك ممكن تعمل إكده فوليه ضعيفه وتتعافى عليها بقوتك.. أول نوبه كنت حاططلك عذر السكر والعربده عشان إكده فوتهالك، لكن النهارده ايه العذر اللي يتحطلك فهمني.
كرار رد عليه بعصبيه وهو عيمسح الدم من خشمه:
النهارده مفيش اعذار تتحط ولا محتاجلها، عشان اللي حوصول النهارده حقي ومحدش يقدر يلومني عليه ولا يغلطناي.. ولا نسيتوا إنها مرتي؟
أبو دراع بعصبيه مماثله:
مرتك وحقك بس مش إكده، كل شَي بالاصول ولو مشيت بالأصول محدش يقدر يغلطك ولا يمسلك طرف، لكن إنت كل مشيك بطال وحتى الحلال عتاجيه من السكه الحرام.
كرار وهو عيبعد عن أبو دراع كام خطوه لورا عشان يعلن إحتجاجه الكامل بكل مافيه من قوة:
وانتوا مين عينكم وصايا علي وعلى كل حاجه ععملها، مين عيحاسبكم إنتوا عشان تحاسبوني؟ بأي سلطه الكل طايح فيا وعمالين تلطشوا فيا شمال ويمين؟
ابو دراع: بسلطة الرحمه والشفقه ياعديم الرحمه، إنت كيف كنت سامع حس البنيه وهي عتصرخ من الوجع والخوف وبرضك قادر تكمل فاللي عتعمله ديه؟ أيه أصله اللي بين ضلوعك ديه يابوي بس؟!
كرار: أبو دراع بعد مامديت يدك عليا وهنتني عشان خاطر حرمه مليكش صالح واصل باللي بين ضلوعي ولا ليك صالح بيا أني من أساسه، خلاص إنت فى حِل من رباط الدم واللي بيني وبينك بقي زي اللي بيني وبين أي حد.
خلص كلامه وإتحرك عشان يمشي لكن حس أبو دراع وقفه وهو عيقوله:
طيب إسمع مني الكلمتين دول قبل ماتمشي، حتي لو اللي بيني وبينك إتقطع اني مهسمحلكش تعمل الغلط قدامي وأشوفك بعيني وأقف أتفرج عليك، وإن مليكش رداد ولا عتخاف من حد أني ردادك ياكرار.
لف عليه كرار وساله وهو مش مصدق روحه:
عتبيعني وتتحداني عشان مره ياأبو دراع؟
أبو دراع: قولتلك من هبابه عشان الرحمه مش عشان مره ولا راجل.
كرار: بس ديه عمره ماكان موقفك معاي فاي حاجع اعملها؟! إيه جرالك دلوك!
أبو دراع: كنت متغمي وفوقت، كنت غلطان وإنتبهت لغلطي، كنت فرحان إن بقي ليا أخ كيف ماطول عمري عتمني وحبيته أكتر من روحي ومحبتي ليه عمت عيني وقلبي وعقلي.
كرار: طيب ياأبو دراع براحتك واللي عايز تعمله إعمله، بس مرتي محدش ليه دخل بيها ولا باللي هعمله فيها، أصلا هي سبب كل حاجه عفشه عتوحصول معاي، هي سبب بُغض كل الناس ليا، هي اللي من ساعة مادخلت حياتي خربتها، هي اللي وقعت فزوري أني لحالي والتنين اللي لعبوا بيها لعب قبلي عيرمحوا في الدنيا ومحدش كدهم ولا عاتلين للدنيا هم.
وهي اللي لازمن يتعمل فيها كل اللي هيتعمل فيا، هي اللي هتكون مرايه لأفعال الكل معاي، وكل ماهشوف كره فعيون الناس ليا بسببها هكرهها فحياتها وعيشتها وفخلجاتها اللي لابساهم كمان.
قال إكده وراح عالبيت بالخطوه السريعه وراح على أوضته قوام وفتح الباب مره وحده خلى سته عديله قامت مفزوعه من نومها وشام فتحت عنيها وبدت تتلفت حواليها وهي عتلملم فروحها بخوف، ووقف قبالهم هما التنين وفضل باصص لشام هبابه، وبعدها بص للفرشه بتاعتها وراح عليها ونام من سكات
أما عديله فإبتدت تهدى فشام وتطمنها وتبرطم علي كرار وعلى تربيته وعلى أمه لما شبعت.
وطلع النهار عالكل
توفيق جه يقوم يصلي الفجر بصعوبه وهو حاسس بوجع فصدره وتقل فدراعه، وبالعافيه صلى ورجع لفرشته مره تانيه، ولأول نوبه فحياته مينزلش يتجمع مع أخوه وعياله وعيال أخوه وأمه على طبلية الوكل ويقول لحوريه تجيبله فطوره فى الفرشه، وتقولهم إنه مرايحش الشغل النهارده، وديه اللي خلى الكل اتضرع عليه وكلهم قطروا علي السلم لفوق على أوضته وأولهم نعيم أخوه.
والكل دخل عليه الأوضه ولما شافوا حالته قلبهم وجعهم عليه وخدهم العجب، كيف شكله إتغيرر إكده فكام ساعه لشكل واحد كنه عيان بقاله شهور، كيف الصفار كَسَىَ وشه إكده!
إتقدم عليه نعيم وقعد جاره وبحنيه قاله:
سلامتك ألف سلامه ياولد أبوي، مالك ياخوي إيه اللي تاعبك؟
توفيق بحس مجهد:
سلامتك ياخوي مفيش حاجه، هبابة تعب بس وهيروحوا لحالهم.
نعيم: عمر التعب اللي وصلك لرقدة السرير ماعرفلك طريق جته ياحبيبي مالك بس، روق وهمل كرار ومتحطش عمايله فبالك هتتعب وتخسر صحتك إكده وهو الدنيا هتعلمه وحدها وتخليه يوبقي عال العال.
توفيق: كرار أمره فيد ربه عاد أني سلمت أمره فيد القوي الجبار، ودلوك هملك من كرار ومني، تفطروا وتاخد إنت وصفوت الدهبات وتروحوا لوليام وتبيعوهم وتاخد قرشيناتهم عالقرشينات اللي فى الخزنه دول، وشاور لحوريه عشان تجيبهم وهي راحت قوام عالخزنه وبالمفتاح اللي علي صدرها فتحتها وطلعت منيها الفلوس وجابتهم ادتهم لنعيم، وكمل توفيق..
تاخدوهم كلهم وتروحوا للمقاول السمان اللي فالبر التاني وتشتروا منيه اللودر وتكتبوا ورقته وتجيبوه وتاجوا، ولو فضلت فلوس تجيبوا بيها عجل عفي تدبحوه وتفرقوه للناس حلاوة اللودر.. والباقيين يروحوا عالموقع النفق آخر يوم شغل حفر فيه النهارده تخلصوه خالص عشان هنتنقلوا للشغلانه الجديده.
الكل قال آمين وسمع الحديت، وبعد ماإطمنوا عليه وعلي حاله نزلوا ينفذوا اللي أمرهم بيه.
أما هو فبص لحوريه مرته وسألها بإستغراب:
أمال أمي فين ياحوريه مركبتش معاهم؟
حوريه: نايمه فباط العروسه النهارده وناموسيتها كحلي لساها مصحيتش.
توفيق سمع سيرة شام وإتنهد بوجع وهمس لروحه:
آه من العروسه واللي جرالها آه.. أني كمان عقول أمي مش معقوله تسمع بيا عيان ومتاجيش تطل عليا وتطمن.
أما حوريه فبعد ماقفلت الخزنه عالاوراق اللي فيها نزلت طوالي عشان تجيب لتوفيق الفطور وتفطره.
وأول مانزلت الحوش شافت عديله حماتها طالعه من أوضة كرار وشام وبلؤم إتكلمت:
ياعيني عليك ياتوفيق صعبان عليا العيا واعر قوي يابوي.
وعديله سمعت إسم توفيق ولدها وورا منيه كلمة عيا وشهقت بخوف:
ولدااي.. ماله توفيق ياحوريه إيه صابه، عيتيه إنتي وولدك بعمايلكم ربنا يجازيكم بعدله يابُعده.. خلصت كلامها وهي رايحه على السلم تموج شمال ويمين وتجرى على كد حيلها، وكملت السلم وهي عتبرطم وتشتم علي حوريه وولدها بكل الشتايم اللي جات علي بالها في اللحظه داي.
أما حوريه فدخلت الموطبخ وادت أمر لفكريه تحضر فطور لأبوها، وراحت على اوضة كرار فتحتها ودخلت، وضربت على صدرها بغيظ وهي واعيه ولدها نايم على الأرض في السقعه وشام نايمه علي السرير المفروش ومتكلفته بالغطا، وراحت عليها وشدت من فوقها الغطا فزعتها وهي عتقولها:
قومي قامت قيامتك، غاطسه ياختي في القطن والحرير ومهمله ولدي السقعه والرطوبه تاكل جِنابه، قومي فزي خلي الواد ينام ففرشته.. قوم ياسبع الرجال نام ففرشتك نومة الارض مليقاش لبدنك ياغالي.
قالت كلامها وراحت علي كرار اللي كان صحي في الوكت ديه ومغمض عنيه وعامل روحه نايم وحاطط يده على عنيه ووطت عليه تهز جسمه تصحيه وهو رد عليها. بتقل:
همليني يمه وروحي أني مهصحاش دلوك، وردي الباب وراكي لما إتفتح جاب تيار هوا.
وحوريه إمتثلت لكلامه وبعدت عنه وراحت علي الباب تقفله بعد ماتطلع، وفالوكت ديه كانت شام قامت ونزلت من فوق السرير بوجع وصعوبه، وحوريه ادتها أمر من غير ماتبصلها:
دقيقتين وتاجي تاخديلك بستلة ميه تتسبحي بيها وتحصلينا عالموطبخ ورانا أشغال لازمن تتقضي.
خلصت كلامها وطلعت وقفلت الباب وراها وهملت شام واقفه مغلوبه على أمرها وع الوجع اللي فيها وعلي الهم اللي مستنيها، وآخر المطاف إستسلمت وطلعت تجيب بستلة الميه.
وبمجرد ماطلعت من الأوضه واللي في الحوش وعيوها كل الرجاله نكسوا وشوشهم للارض بخجل من اللي جرالها، ومفيش غير عيون عزت النجسين هما اللي كانوا متعلقين بيها وعياكلوا ويشربوا فجسمها وباين فيهم التمني، وديه خلى شام نفسها تفزع من الوساخه اللي فرجالة العيله داي، ونفسها غمت عليها لما إفتكرت كرار وريحة أنفاسه، وعاودت لأوضتها ودخلت الحمام وإبتدت تستفرغ.
وعلى حس إستفراغها شال كرار اديه عن عنيه وإتعدل نص عدله وسند على كيعانه وفضل باصص عليها بتركيز ومتابعها لغاية ماطلعت من الحمام.
وراحت شام بعدها علي الموطبخ وعاودت بالميه وإتسبحت وغيرت، ولساها هتطلع كرار قالها تجيبله بستلة ميه وهي خدت البستله وراحت تجيبله الميه من سكات تجنباً للمشاكل اللي هي أغني مايكون عنها النهارده بالذات.
أما حد عديله وتوفيق
عديله:
سلامتك ياحبة القلب إيه تاعبك شاله اللي فيك يروح لحوريه يارب
توفيق بضحكه: مفياش حاجه ياحجه متقلقيش، كل الحكايه إن العضمه كبرت بس.
عديله: العضمه معتكبرش ولا الجته عتشيخ طول مالقلب خالى.. مفيش غير الهم بس هو اللي عيخلي الجته تِبلىَ.. وإنت همك تقيل ياتوفيق ولو مارميتهوش ورا ضهرك العضمه هتنطحن طحن مش هتكبر وبس.
توفيق: وفين اروح من الهم يمايه بس دليني؟
عديله:
قولتلك من زمان إتجوز اللي تنسيك الهم وتخلي كل حاجه عفشه تهون عليك وإنت اللي مسامعش كلامي، قولتلك غير الوشوش العكره عشان ترتاح ونفسك تتفتح للدنيا وإنت اللي مقابل إبليسه وساكت، غلبت أفهمك إن الدنيا فيها ناس حلوه وصلح بختك العفش وكل اللي كنت احصله منك ضحكه.. اديك بركت والهم ركبك من بوزها الناشف أهه خليها تنفعك.
توفيق لساه كان هيفتح خاشمه يرد عليها لكن حوريه قاطعته وهي عتدخل من الباب بصنية الوكل وترد هي موطرحه:
يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم، قومي يامرت عمي إتوضي وصلي الصبح والفجر اللي فاتك النهارده وانتي واخده السنيوره فباطك ونايمه ومنومه ولدي عالارض فعز السقعه.
حوريه بصتلها