رواية اسرت قلبه الفصل التاسع والعشرون
"إلى الهاوية"
جف حلقها وهي تنظر إليه ...لا بد أن هذا هو حلم مجنون من احلامها ...يوسف هنا ...ويقول انه سوف يتزوجها هل تحلم ....كتمت انفاسها وهي نجده يقترب منها ...يرتدي حلة سوداء بينما شعره الرمادي منسدل على جبهته...كم بدا جميلا في تلك اللحظة ...شعرت انه اكثر وسامة مما تعتقد خاصة بعينيه العسلية التي تنظر إليها بحب خالص
-انا مش فاهمة ...
قالتها بحيرة شديدة ...بينما قلبها يقفز من السعادة...ابتسم لها وقال :
-مش عايزك تفهمي غير ان النهاردة هتكوني مراتي ......
.
بعد قليل ....
جلست مذهولة على الطاولة وهي تنظر إلى يوسف الذي وضع يده بيد زوج خالتها بينما خالتها تربت على كتفها وتبتسم لها....ما زالت غير مستوعبة ما حدث ....كيف اصبح هو العريس فجأة واين هو لطيف ...وماذا فعل به؟!
قلبها انقبض فجأة خافت ان يكون يوسف قد تورط في مشاكل او ان لطيف سوف يعود وينتقم منهما ويأخذ ابنها .....تجهم وجهها فجأة وقلبها ينقبض ...رباه تتمنى الا يحدث هذا ... بالتأكيد لطيف لن يمرر هذا مرور الكرام.....
وضعت كفها على قلبها وهي تشعر بالقلق الشديد ....
فجأة نظرت الى يوسف لتجده ينظر إليها بحب ...يطمئنها بنظراته ...فابتسمت وهي تشعر بالراحة تتدفق داخل قلبها .. ...وكأن ابتسامته قضت على القلق بقلبها فلم تستطيع الا انها تبتسم براحة بينما الشيخ يشرع في كتب الكتاب .....
......
انتهى كتب الكتاب وأصبحت زوجته رسمية ...مضت ماجدة بسعادة وهي تشعر لأول مرة منذ زمن بتلك السعادة ...تشعر بسعادة لانها اصبحت تنتمي إليه......
انطلقت الزغاريد من ام عبد الرحمن وخالة ماجدة ....نهض يوسف وهو يقترب من ماجدة ....نظرت إليه بتوتر بينما اللون الاحمر يزحف الى بشرتها من شدة الخجل....تمنت الا يفعل أي شئ ويخجلها ....ارتجف قلبها بينما يقترب بوجهه منها ..
رياه...تسارعت دقات قلبها بعنف بينما توقفت انفاسها للحظات وهي تنتظر بترقب ما سيفعله ...انحنى وقبل جبينها برفق لتغمض عينيها وهي تهتز فعليا ....لقد كانت زوجة من قبل وأم لطفلين ولكن لم يحدث انها تأثرت كما تأثرت بتلك القبلة اللطيفة ....ابتعد يوسف وهو يبتسم لها بحب خالص لتطرق رأسها بخجل وهي تبتسم
...
-أنا همشي دلوقتي ....
قالتها خالتها منيرة وهي تربت على كتف ماجدة...ابتسمت ماجدة وهي ترغب في قول الكثير لخالتها ...يبدو انها كانت تعرف بنية يوسف ولكنها ادركت ان الوقت غير مناسب ابدا... فالليلة ليلة زواجها من يوسف ....احمرت خجلا وهي تفكر في هذا ...لقد خرج هو وصديقه بعد عقد القرآن ولا تعرف حقاً الى أين ....
....
ذهبت خالتها لتجد ام عبد الرحمن تحاول اخذ الصغير لكي ينفرد زوجها بها ..
-لا أنا عايز اقعد مع ماما النهاردة...
قالها الصغير وهو يحاول التملص من يد أم عبد الرحمن ....
عضت السيدة على شفتيها وهي تهمس :
-يا حبيبي والله ما ينفع امك النهاردة عروسة ....
كانت ماجدة تقف وقلبها يؤلمها على صغيرها ...تريد أن توقف ام عبد الرحمن وتخبرها أنها سيبقى معها الليلة ولكنها تخاف أن ينزعج يوسف ..وخاصة أن تلك هي أول ليلة لهما سوياً ..كما أنها تريد أن تعرف ماذا فعل بلطيف ليبعده عنها بتلك البساطة ....
-معلش يا محمد روح النهاردة مع طنط وبكرة هاجي اخدك ...
-ماما أنا عايزة أكون معاكي ..
قالها بنبرة مخنوقة لتعض شفتيها كي تمنع نفسها من البكاء ....
-هو فيه ايه ؟!
قالها يوسف بحيرة وهو يدخل من باب المنزل بينما يحمل حقيبة بلاستيكية كبيرة يبدو أنها العاب للصغير....
نظر إلى أم عبد الرحمن وقال:
-هو حضرتك بتعملي ايه ؟!
ابتسمت أم عبد الرحمن بلطف وقالت :
-هاخد محمد معايا النهاردة يعني انتوا عرسان جداد لازم تكونوا على راحتكم ....
-وهو محمد هيقلق راحتنا يعني ...لا طبعا ابني مش هيطلع برا بيته ...
ثم اقترب وحمل الصغير وهو يقبله وقال :
-انا جيبتلك لعب كتير عشان نلعب أنا وأنت النهاردة...ايه رايك....
ابتسم الصغير ابتسامة سلبت عقله ...وذاق يوسف حينها مشاعر جديدة ...مشاعر الأبوة ...
ضمه إليه وهو يلج به للغرفة ...لوت ام عبد الرحمن شفتيها وقالت:
-يادي العيبة. .ينفع كده بس ده النهاردة ليلة دخلتكم ..وهو رايح يقعد مع العيل الصغير ...
ضحكت ماجدة ودموع السعادة تطفر من عينيها ....لقد كان قلبها محقا لكي يحب شخصاً مثله ..
.......
بعد قليل ...
كانت جالسة على الفراش ترتدي غلالة وردية باهتة نوعا ما بينما تفرك كفها بتوتر وهي تنتظر قدومه ...قلبها يهدر بقوة وهي تشعر انها سوف تفقد وعيها من الخجل ....كيف سيكون الشعور وهي بجواره ؟
أطرقت برأسها وهي تبتسم بينما وجهها قد احمر بقوة ......
بعد قليل ...
نهضت وهي تشعر انه تأخر بشكل أكبر من المعتاد ...قررت ان ترى ما به....هل ما زالت محمد مستيقظاً؟!!
فتحت الباب وخرجت من الغرفة لتتجه الى الغرفة الآخرى...فتحت الباب وتوقفت فجأة وهي ترى ابنها وزوجها نائمان بجوار بعضهما ....خفق قلبها بقوة بينما تنظر إلى المظهر الماثل ...كانت السعادة تسيطر على قلبها كأنه لم يعرف الحزن يوما ...اتسعت ابتسامتها وهي تقترب بهدوء من الفراش وتقوم بتغطيتهما برفق ....
نظرت الى يوسف النائم ...ثم قبلته على جبينه واستقامت وكادت ان تغادر الا انها شهقت بينما يمسك كفها...نظرت إليه لتجده ما زال مغمض عينيه ولكنه جذب كفها إليه وقبله بلطف شديد للغاية ....
فتح عينيه فجأة لتحمر بقوة بسبب تأثير نظراته ...عينيه العسلية كانت تحرقها ...نهض ببطء وبحرص لكي لا يوقظ الصغير ...ثم.سحبها خلفه برفق ....
وصلا لغرفتهما ليدخلها ثم يغلق الباب ...توترت وهي تنظر حولها وتقول بصوت ضعيف مرتبك :
-انا عايزة اعرف انت عملت ايه مع لطيف ....
نظر إليها وقال موبخاً:
-اكيد مش هنتكلم عن لطيف في ليلة دخلتنا ...
احمرت بينما يقبل رأسها ليقول بوعد :
-كل اللي عايزك تعرفيه ان طول ما أنا عايش مش هيقدر يلمسك لا انتِ ولا محمد ...ده وعدي ليكي ....
تصاعدت الدموع لعينيها وانسابت ليمسح دموعها برفق ويضمها إليه في عناق ...وكان عناقهما الأول اجمل مما توقع ....لقد شعر انه بالمكان الصحيح لأول مرة
.....
-آه ...
صرخ لطيف وهو يلقى بكأس الخمر على الحائط ليتحطم متناثرا على الارضية الخشبية ....كان الدموع محبوسة في عينيه لا تأبى التحرر ...شعر بالغضب ...بالقهر...رجل مثل يوسف استطاع اخافته...استطاع ان يهزمه...عرف عن ماضيه ما اخفاه بمهارة عن ماجدة....كيف يمكن لهذا الرجل أن يكون خطيرا لتلك الدرجة ...هو مجرد دكتور جامعي ...كيف يمكن أن يكون مجنون لدرجة انه يتحدي تاجر مخدرات ويسلب منه زوجته ...فرك وجهه وهو يشعر انه سوف يفقد عقله...زوجته ...المرأة التي يحبها ...المرآة التي يعتبرها ملكه الآن تكون بين ذراعي رجل آخر ...نهض مجددا وهو يشد شعره بقوة بينما الدموع المحبوسة تنهمر من عينيه...يتذكر مقابلته مع يوسف ....
......
فتح الباب وهو يصفر بسعادة ليتوقف وهو يجد يوسف امامه ...يبتسم له ابتسامة صفراء ...
-الله ايه الشياكة دي يا عريس ...
-أنت؟!!جاي ليه هنا ؟!...
-الله ومجيش ليه...النهاردة ليلة فرح صح يا لطيف ولا ايه ....
ثم ولج للمنزل وهو يقول :
-بيتك حلو على فكرة... تجارة المخدرات بتكسبك كتير ...
تخشب وجهه وهو ينظر إليه وقال:
-هي حكتلك !!!.
-دي حاجة متستخباش يا لطيف ...أنا عايز اقولك كله عارف تقريبا ...البوليس مستنى بس فرصة يقبض عليك انت واللي أكبر منك ..واللي بغباءك هتديهم الفرصة
-تقصد ايه ؟!
قالها بصوت متشدد ليقول يوسف وهو يقترب منه :
-اقصد أنك هتحاربني انا لو قربت من ماجدة ...أنا ممكن اهد الدنيا على راسك لو قربت من حد يخصني....وماجدة تخضني ...من غباءك افتكرت أنك تقدر تتغذي على خوفها على ابنها ...بس أنا في حياتها وانا مش بخاف يا لطيف ...ممكن أعمل اللي متتخيلوش...عايز اقولك سر عني أنا أجن واحد انت ممكن تشوفه في حياتك والله ... وكمان متنساش مشاكلك الكتير وعكك ...زي بنت الساحل اللي اعتديت عليها ...كانت فضيحة كبيرة بصراحة ولولا تنازل اهلها فجأة عشان انت اتجوزتها لفترة بسيطة ...الشقة اللي اتمسكت فيها وكان كل مرة اللي معاك بيطلعوك من كل فضيحة ...لازم اعترف أنك محظوظ بيهم...بس كمان فيه حاجة هتفاجئك اكتر ...لو قولتلك يا لطيف ان معايا الادلة اللي تقدر ترميك في السجن انت وعدلي الشناوي في السجن...
نظر إليه بصدمة وقال:
-الادلة اللي انت فاكر أنك اتخلصت منها جوز سمرا عمل منها نسخ تانية وبشوية فلوس كل النسخ بقت معايا ....يعني ببساطة روحك في ايديا أنا ...أنا اقدر ادمرك بكذا طريقة !!!!
شحب وجهه وشعر انه أحدهم لكمه بصدره ...
ابتسم يوسف في وجهه وقال:
-انا حاسس أنك انسان ذكي ومش هتقف في طريقي صح ؟!عشان أنا بجد مش عايز أزعلك ...
يالا أسيبك دلوقتي ...أصل النهاردة هو فرحي !خرج من شروده وهو ينفجر بالبكاء ...لقد خسر امام هذا الرجل !!!
..........
-فادي مين اللي عايزة تتجوزه ...ده على جثتي !!!
نظر امجد بها وهو يشعر بنيران مستعرة داخله...بعد هذا كله ...وبعد ان ادرك انه يعشقها...والآن هما يحكموا عليه بالموت....
-امجد فوق لنفسك ايه اللي انت بتعمله ده...جيلان هي اللي طلبت بنفسها تتجوزه وده قرارها ....
كسا الألم عينيه وقال:
-انا عايز اتكلم معاها ...
وبالفعل كاد ان يتجاوز والدته الا انها امسكت ذارعه وهي تهدر به وتقول :
-قولي انت مجنون...مالك يا أمجد دي مش تصرفاتك...فوق يا شيخ امجد ولم الدور عشان خطيب اختك واخو اللي جيلان هتتخطبله هنا ....
كان يتنفس بعنف ...يشعر بشئ بشع يقبض على صدره ....كان يتعذب وهو يستوعب انها وافقت على غيره...
-قوليلها أني عايزة اتجوزها يا امي ....امي متدمريش حياتها وحياتي ....
رمشت والدته وهي تنظر إليه ...لا تصدق ان ابنها يتصرف بتلك الطريقة...
امسكت ذراعه وهي تضغط عليه وتهمس بغضب :
-كده احسن ...انها تتجوز وتمشي من هنا احسن بدل السمعة اللي طلعت عليكم دي
-سمعة ايه ؟!احنا معملناش حاجة !!
قالها امجد وقد احمر وجهه بغضب ...
اقرت والدته صدقه وقالت:
-عارفة ...أنا عارفة وكلنا عارفين ومصدقين ان محصلش حاجة ...عشان انت تربيتي ..وجيلان بنت محترمة ...بس الناس اللي سمعوا أم خطيبتك اللي جات هنا وفضحت الدنيا مش هيصدقوا ان محصلش بينكم أي حاجة ...
-طز في الناس ...
- مش طز في الناس ...مش هتقدر تخليهم يسكتوا هيفضلوا يتكلموا ويخوضوا في شرف المسكينة دي ....انت مش هتتأذي قدها...فكر بعقلك يا أمجد مش بعواطفك...
-يعني عشان الناس ندمر حياتها !!!
قالها بقهر لتقول بسرعة :
-مين جاب ان حياتها هتتدمر؟!بالعكس خالص هي اللي عايزة تتجوز فادي...هي اللي جاتلي وقالت عايزة اتجوزه ...
كان يختنق بالفعل .....وهو لا يستطيع أن يتكلم حتى ...هي من وافقت ....وهو لا يستطيع فعل شئ ...شعر انه عاجز ..نظر الى والدته بيأس وقال:
-بلغيها طلبي أني عايز اتجوزها لو سمحتي يا أمي ...جاسم هيمشي شوية وبعدها هنقعد ونتكلم
نظرت إليه والدته بإحباط ...لم تعهد أمجد بهذا الشكل ...بهذا اليأس ...ولكنها تعرف كم هو عنيد فيما يخصه...ويبدو ان جيلان اصبحت تخصه...
-ياريت اقدر اساعدك يا بني بس مقدرش ده هيأذيها هي ....لو اتجوزتها الكلام هيزيد...
كان عاجز عن الكلام الامور تتعقد بينهما......
-مش.هقدر اتحمل انها تروح لغيري....مش هقعد واشوفها بتتجوز غيري يا امي ....
قالها ثم غادر ....
....
صعد إلى الشقة التي يقطن بها وهو يشعر بحريق داخله ....الغيرة تفتك به بينما هو عاجز عن فعل أي شئ...يشعر بتأنيب الضمير لانه هو من ورطها في هذا ...هو من جعل اريام تدمر سمعتها ...لو اتبع قلبه منذ البداية ...لو لم يكن عنيد لكان الآن سعيد ...الجميع كان يشجع زواجه من جيلان في البداية ولكنه بحماقته كان يرفض بكل إصرار ويتشدق أن جيلان تكون شقيقته فقط ...لن ينسى ذلك اليوم قبل أن يقرر خطبة اريام كلام والدته معه .
-طلبتيني يا أمي؟
قالها أمجد بإبتسامة بينما يجلس على الفراش بجوار والدته ....هزت دلال رأسها وهي تقول :
-ايوة يا أمجد..عايزة اتكلم معاك في موضوع ...
عبس بحيرة وقال:
-أكيد يا أمي اتفضلي ...
-جيلان ...
-مالها جيلان ....عملت مشكلة ولا ايه !!
نظرت إليه بلوم وقالت:
-ليه محسسني أن البنت بتاعة مشاكل حرام عليك ؟!
ابتسم بسخرية وقال:
-ايه هو انا بظلمها مثلا ....هي فعلا بتاعة مشاكل...مبتسمعش الكلام ومستهترة وبتقف قصادي
-أمجد متنساش وفاة والدها خلاها مزلزلة شوية وبعدين انت مش ملاحظ أنها بدأت تتحسن وهدومها بقت واسعة ولبست خمار...
ابتسم ساخرا وهو يدرك أنها فعلت هذا لتنال إعجابه ...ولكنه لم يشارك أفكاره مع والدته ....
تنفس بضيق وقال:
-انا مش فاهم أنا اعمل ايه برضه .؟!ليه هنتكلم عن جيلان ؟!
-انا عايزاك تتجوز جيلان يا أمجد ...
توسعت عينيه للحظات وقد خفق قلبه بطريقة غريبة ولكن سرعان ما ضحك وقال :
-معلش اتجوز مين ؟!
-جيلان ..
ضحك امجد وقال؛
-أكيد بتهزري يا امي ...جيلان مين دي اللي اتجوزها ربنا يهديكي....
عبست والدته وقالت:
-متتجوزهاش ليه يعني ايه السبب؟!دي بنت عمك ...وانت اولى بيها ...
-امي سامعة نفسك بتقولي ايه؟!ايه الكلام ده ...لا طبعا مش هتجوزها !!
-ايه السبب ؟!
-مش عايزها ...ده مش كفاية ...
-لا مش كفاية يا أمجد ...
قالتها والدته وهي تعبس ليكمل هو :
-طيب جيلان لسه صغيرة ...عقلها صغير ..بنت مستهترة ...مش دي اللي اخليها مراتي ...دي عيلة يا أمي...أنا مش هتجوز عيلة أكيد ...أنا عايز اتجوز واحدة ناضجة ...مش طفلة ...فهمتي ليه ؟؛...
عاد من شروده وهو يمسح وجهه بضيق ...كيف كان غبياّ لتلك الدرجة ...لقد عرضت والدته عليه أن يتزوجها ...عرضت عليه السعادة ولكنه هو تشبث برآيه ...وهو من سوف يندم الآن لو جيلان قررت أن تتزوج حقاً فادي !!
...............
بعد أسبوع ....
كانت تهز ساقها بتوتر ...لا تصدق انها استمعت إليه وأتت إلى هنا ....تنفست عدة مرات لتخرج التوتر الذي تشعر به ولكنها فشلت تماماً...هذا المجنون كان يريدها اليوم أن تخرج من دون النقاب اليوم ....سيف يريد التحرك سريعا وهي غير قادرة على مجارته ...يرغب منها أن تحارب وهي منهكة ...أسلحتها مدمرة ....ليس لديها ثقة ...ما حدث لها زلزلها ....ليس اختفاء جمالها فقط هو ما حطمها بتلك الطريقة ...بل اختفاء كل ما حولها ...شعورها أنها وحيدة ...رغم أن سيف لا يتركها ابدا ...هو دوما يحاول جعلها تستعيد ثقتها الا أنها تشعر أنه سوف يتركها في يوم ما ..قد تنتهي شفقته تلك ويمل منها ...قد يعود لحبيبته السابقة ويتركها هي ..قد تتحطم وقتها ....هي ليست بحاجة للحب ...هي ليست مولعة بهذا الشعور الذي حطمها من قبل ...هي ترغب بوجود اي شخص بجوارها ...تكره أن تكون وحيدة... .تكره أن ...
-بطلي تفكير شوية !!
قالها هامساً وهو يمسك كفها ثم يقبله برفق ....أبعدت كفها بسرعة وهي تنظر حولها وتهمس موبخة ؛
-سيف ...الناس ...عيب كده ...
-بطلي تفكير طيب !!
تنهدت بتعب وقالت؛
-مش قادرة يا سيف ...بجد مش قادرة ...أنا بحاول انسى اللي حصلي والنهاردة هضطر احكي ...هضطر افتح جروحي مرة تانية ...أنا ايه اللي خلاني بس اسمع كلامي واجي....
جملتها الأخيرة خرجت من شفتيها بندم ...شد على كفها وقال:
-انا معاكي متقلقيش ....
-هتكون معايا لامتى يعني ....
قالتها بسخرية مريرة وهي تتذكر حديثها أن يحررها لو ذهبت للطبيب للنفسي ...لم يقل هو اي شئ وقتها بل ظل صامتاً...لا بد أن تلك العرض قد راقه حقاً ...لا بد أنه سعيد لأنها هي من طلبت هذا بنفسها ....
...
-لحد آخر العمر ....هفضل معاكي لحد اخر العمر لو سمحتي لي بكده ...
قالها وهو ينتشلها من تفكيرها ...كلماته ادفئت قلبها ....ولكنها عاجزة عن تصديقه....تريد حقا أن تصدقه ...تثق به ولكنها خائفة أن يحطم قلبها كما حطم عمر قلبها ...غامت عينيها بالألم وهي تتذكر عمر ...عمر الذي حطم قلبها...الذي حطم ثقتها بجميع الرجال....
قالت بنبرة منكسرة :
-عمر برضه قالي كده ...قالي هيفضل جمبي لحد آخر العمر ..
انقبض فكه وغضب غريب يجتاحه...نظر إليها والنيران تتصاعد بعينيه.... قال بنبرة باردة :
:-انا مش عمر ...لو سمحتي متقارننيش بحد ...أنا مش هو ...ومش هكون ...
نظرت إلى الغضب على وجهه بدهشة ...كان ملامحه تصرخ بالغيرة ...تحركت بغير راحة في مقعدها وهي تفكر ..لماذا يشعر بالغيرة عليها....
-فيه ايه مالك؟!
قالتها بتوجس ..ليرمش بدهشة ويفكر ...هل تسأله الآن....
اقترب بوجهه منه وهو يهمس بغضب :
-متجبيش سيرة اي راجل تاني على لسانك قدامي ..أو ورايا حتى ...
كتمت أنفاسها وهي ترى وجهه يتلون بالغضب ...ابتلعت ريقها وهي ترى تحول سيف الغريب أمامها ...
-ليه ...
همست بتوتر ..
-عشان أنا بغير...
قالها ببساطة ...
ثم اشاح وجهه عنها لتطلق أنفاسها بتوتر وهي تنظر إليه ....ماذا يقصد بأنه يغار عليها......لماذا يغار عليها ؟!!هو لا يحبها...بالتأكيد لا ...ومن الأساس هي لا ترغب في أن يحبها ...لأنها ابدا لن تحبه ....
-يالا دورنا !
قالها وهو يخرجها مجددا من شرودها ....نظرت إليه بقلق ليبتسم بلطف وهو يمد كفه لها ويقول:
-انا معاكي متخافيش ...مش هسيبك ابدا يا مياس ...ثقي فيا ...ترطبت عينيها بفعل الدموع وهي تنظر إليه ...شعرت بصدق كلماته رغم أنها تريد بشده ان تكذبه...ولكن دون تردد مدت كفها لكفه ليحتوي هو كفها برقة ويسحبها نحوه...وضع ذراعه على كتفها وهو ينظر إليها يبتسم إليها بلطف ....
.........
في المساء....
-يعني ايه الكلام ده ؟!...
قالها صالح وهو ينظر إليها بينما هي تفرك كفيها بتوتر ....الدموع تنهمر من عينيها بينما تعض شفتيها لتمنع خروج شهقاتها من الخروج ....
كان صالح ينظر إليها بنفاذ صبر ثم ضرب على الطاولة بغضب وصرخ :
-انطقي يالا وقولي يعني ايه الكلام ده !!!
كان القهر يسيطر على نبرته ...قلبها أوجعها ....لقد كسرت قلبه...كما كسرت قلب سيف ....
-انا اسفة يا صالح ...أنا مش بحبك ...
اختفى اللون من وجهه....شعر وكأن أحدهما لكمه في صدره ...أخذت يتنفس عدة مرات كي يسيطر على غضبه ولا يسحبها من شعرها ويضربها بقسوة ...نيران الخيانة احرقته ...شعر بمرارتها في حلقه ....لقد جعلته مغفل ....
نهض واقترب منها ثم أمسك ذراعها بقسوة ليجعلها تنهض بقوة !!!...
شهقت وهي ترى نفسها تلتصق به ...بينما عينيه تشتعلان بالنيران ...ابتلعت ريقها بغضب. هي تقول ؛
-صالح !!!
كانت تتنفس بعنف بينما تشعر بغضبه ...تشعر أنه سوف يقدم على قتلها في آي لحظة ...
-هو أنا لعبة في ايديكي يا هانم !!!
صرخ بها لينتفض جسدها بقوة ودموعها تنهمر بشكل أقوى بينما تقول بنحيب:
-انا اسفة ...اسفة ....
-اخرسي ... متتكلميش.!!!أنتِ بجد احقر واحدة أنا شوفتها في حياتي !!!أنتِ واحدة من غير شرف ولا اخلاق ...
شهقت وهي تسمع إهانته لها ...شعرت أن قلبها يتحطم....تعرف انها مخطئة ..ومخطئة للغاية ولكنها لم تعهده قاسيا لهذا الحد ....
-صالح انا اسفة والله بجد أسفة انا مكنتش عايزة اكسر قلبك ...بس انا مش قادرة احبك ...أنا كنت مشوشة شوية وافتكرت اني بحبك ....أو يمكن حبيتك بس الحب ده انتهى ...مش عارفة اللي حصل ...أنا بحب سيف...
تراجع وهو ينظر إليها بصدمة ...لا يصدق هذة المراة لا بد أنها مجنونة ....
بكت وهي تكمل ؛
-انا اسفة يا صالح سامحني ...ابوس ايديك سامحني ...ربنا يكرمك بالاحسن مني يا صالح ...أنا واثقة أن ربنا هيعوضك ...انت تستحق الاحسن مني ...أنا بجد أسفة على كل حاجة ...ابوس ايديك سامحني !!!
ابتسم بسخرية وهو ينظر إليها
-هو ده اللي قولتيه لسيف لما خنتيه معايا ؟!
قالها بسخرية لاذعة ثم أكمل وهو يرى انسحاب اللون من وجهها :
-انا معرفش ليه مستغرب ...أنتِ واحدة رخيصة يا نوال....خنتي سيف اللي حبك اكتر من اي حاجة في حياته ...كان بيعاملك زي الملكة وكان هيعادي أبوه عشانك ....بس رميتي كل ده وخنتيه معايا...كنت عاملة نفسك انك بتمنعيني بس أنتِ كنتي فرحانة بإهتمامي بيكي ...خاصة انك حسيتي أن سيف ممكن يخسر ثروة أبوه وقولتي تدوري على صيد تاني ...وكنت أنا المغفل الجديد صحيح !!!
-لا أنا عمري...
-انتِ كدابة ...اي حاجة هتقوليها هتكون كدب...بس الحق مش عليكي ...الحق عليا انا اللي صدقت واحدة خاينة زيك ....اصل زي ما خونتي سيف هتخونيني ...بس الخبر اللي هيكسرك أن سيف مش هيبصلك ...لانه اتجوز وواحد زي سيف مش هيخون شريكة حياته حتى لو مش بيحبها واكيد جربتي من قبل وفشلتي ....أنا همشي يا نوال ..هختفي من حياتك ومش هبكي عليكي...أنتِ مجرد واحدة رخيصة أنا قضيت معاها وقت لطيف شوية ...يعني أنا باجي بيتك وبتسمحيلي ألمسك براحتي...حتى لو مفيش علاقة كاملة بس خلاص أنتِ بالنسبالي مستهلكة ...فمعرفش ايه اللي خلاني اطلب منك تتجوزيني....بجد انا مغفل ...
شهقت بألم وقالت بصوت متقطع من الألم:
-أطلع...أطلع برا ...
ابتسم بسخرية وقال:
-عيوني هطلع يا حبيبتي !!
ثم تركها وذهب بينما يخفي الألم العميق داخله ...كيف وثق يوماً بخائنة !!!
.......
غدا هو عقد قرآن نوران...
فكر بإهتياج وهو يشعر ان قلبه ينصهر بفعل الألم ...انه يختنق ...الغيرة تفتك به ...كيف سيتركها تذهب لغيره بتلك البساطة ...ليته تزوجها ...ليته لم يخسرها ...الآن هو يعاني ويشعر بالعجز لانه لا يستطيع أن يفعل أي شئ بينما هي سوف تكون لشخص آخر غدا ....
نهض عادل وهو يحك شعره بإحباط ...نظر الى خاتم خطبته ثم خلعه وألقاه ارضا وهو يلهث بقوة ...يشعر انه سوف يموت من الإحباط...يجب أن يتكلم مع والده ....
خرج من غرفته ثم نزل للاسفل وهو يعرف أين سيكون والده ...في المكتب كعادته....
وقف امام المكتب ويديه تتعرقان ...يخاف من رد فعله ولكنه ان لم يفعل ذلك سوف يخسر نوران وهو غير مستعد لخسارتها على الإطلاق...طرق الباب بتوتر ليأتيه صوت والده الهادئ ...ولج بخفه وهو ينظر الى والده الجالس على مكتبه بهدوء ...ابتلع ريقه وهو يتقدم للداخل...يريد أن يتحدث ....يتوسل إليه ان يلغي تلك الخطبة مع جميلة ويأتي معه كي يقنع اهل نوران لكي يتزوج منها ...كان يريد ان يصرخ ويخبره انه يعاني ...يموت من فكره انها سوف تصبح لغيره
رفع والده حاجبيه وهو ينظر إليه ...كان يبدو كمن على حافة الإنهيار ...تأفف من الوضع الغريب لأبنه ...هو لا يصدق ان تلك الفتاة تمكنت من التأثير عليه ...ما لا يفهمه كيف يقع ابنه تحت تأثير سحر تلك الفتاة رغم انها قدمت نفسها له على طبق من ذهب .. لو كان هو لكان ألقاها بعد ان انتهى منها ....كيف لا يشمئز عادل من تلك الفتاة...كيف يثق بها بعد ما فعلته !!!
...
-هتفضل باصصلي كده كتير ومش هتتكلم ولا ايه ؟!انطق قول عايز ايه ورايا شغل كتير ....
قالها والده بملل ليبتلع عادل ريقه ...كان لا يعرف كيف يقول لوالده هذا ...كان خائف حقاً من رد فعله ...
تأفف طارق وقال:
-ما تنطق يا بني فيه ايه ؟!
-انا عايز اتجوز نوران مش جميلة !!!
قالها فجأة وكتم انفاسه وهو ينتظر انفجار والده به ....نظر والده إليه للحظات ثم نهض وتعابيره غامضة ...اقترب منه ثم رفع كفه وصفعه بقوة ....
نظر عادل الى والده بصدمة ليقول طارق:
-دي عشان انت انسان غبي ...عايز تدخل واحدة **** العيلة ...واحدة من غير اخلاق...عايز تسيب البنت المحترمة ...بنت الناس ...بنت عمك...عشان تدخل واحدة تربية شوارع زي دي ...
احمر وجه عادل وهدر قائلا:
-لو سمحت يا بابا ....نوران مش تربية شوارع !!!
ابتسم طارق ساخرا وقال:
-لا والله طيب قولي ..البنت اللي تبعت صورها لواحد...وتجيله شقته...تبقى تربية ايه ؟!
ابتلع عادل ريقه وقال:
-انا اللي هددتها تيجي ...اللي حصل كان خارج عن ارادتها...أنا يعتبر اعتديت عليها ...
ضحك والده بسخرية وقال:
-يا حنين ؟!....لا يا حبيبي الموضوع مش كده ...هي لو كانت محترمة مكانتش بعتت صورها...هي اللي وصلت نفسها لكده...دي بنت مش تمام ...
وضع طارق كفه على كتف عادل وقال:
-اسمع مني يا بني...أنا عارف كويس نوعية البنات دي ...دي واحدة توقع منها أي حاجة ...افرض عملت كده مع غيرك زي ما عملت معاك...دي واحدة كانت في بيت اهلها هما مدينها الآمان وكانت تقفل على نفسها وتبعتلك صورها ...قولي دي تخليها ام لعيالك ازاي ...هتعملهم ايه ؟!
تصاعدت الدموع لعيني عادل وقال:
-انا بحبها يا بابا....بحبها ...
عانق وجهه وقال:
-هتنساها ...انت احمد ربنا ان ربنا رحمك منها ومغفل تاني هيلبسها ...متفكرش كتير يا عادل ....جميلة هي المناسبة ليك...بنت صغيرة تقدر تشكلها على مزاجك مش واحدة زي نوران ....أنا بقترح تروح اسبوع إجازة لأي بلد برة مصر تريح دماغك وبالمر تنساها وتنسى الكلام الفاضي ده !!
......
في اليوم التالي ....
الليلة عقد قرآنها ...
تلوت معدتها بألم وهي تشعر بالتوتر يتصاعد داخلها.. كانت تقف امام المرآة وهي تنظر إلى ملامحها الفاتنة...ولكن السعادة لم تز تلك الملامح منذ فترة ...منذ فعلتها السوداء تلك ....
انهمرت الدموع من عينيها وشعرت انها تُساق لطريق.مظلم ....
ارتعشت عندما طُرق الباب ... نظرت لتجد رحيق قد دخلت وهي تنظر إليها ...اقتربت فجأة من رحيق وعانقتها وهي تبكي .......
-ششش كل حاجة هتكون بخير ...ان شاء الله ربنا يعديها على خير ...
شهقت نوران وهي تتمسك بشقيقتها وتقول بصوت مختنق:
-انا انتهيت خلاص يا رحيق ...كل.حاجة هتنكشف....كتب كتابي النهاردة ..هبقى مراته مش هقدر اهرب منه....
ابعدت رحيق شقيقتها عنها برفق ومسحت دموعها وهي تقول :
-قربي من ربنا وادعي يا نوران ربنا هيحميكي مادام توبتك صادقة ربنا يحميكي يارب ...
ثم ضمتها بينما قالت نوران بإختناق:
-انا ازاي في يوم من الايام كرهتك ...ازاي اتنمرت عليكي وقولت عليكي كلام بشع...أنا عمري ما هسامح نفسي ابدا ...أنتِ ازاي مبتكرهنيش يا رحيق ...في مشكلتي دي أنتِ وقفتي جمبي...كلامك الوحيد اللي كان بيريحني يا رحيق.......
ربتت رحيق على ظهرها وقالت بصوت مختنق:
-حبيبتي ربنا يقف معاكي ويحميكي...أنتِ اختي حتة مني ...عمري ما ازعل منك ابدا !!...
انتفضت نوران بقوة وهي تبتعد عن رحيق بينما تسمع صوت الزغاريد...لقد وصل جاسم وأهله..
وبعد ساعات قليلة سيتم عقد القرآن لتكون زوجته...اي مصيبة تلك !!!
.......
-فادي جه مع خالتك عشان جيلان اتمنى انك متعملش مشاكل ابوس ايديك...
قالتها دلال وهي تمسك ذراع أمجد الذي زفر بضيق وقال :
-تمام مش هعمل مشاكل ...اعملي اللي عايزاه ...أنا من الأساس مش مهم عندك أنا عارف ...
ثم تركها وخرج غاضباً......
.....
خرج أمجد وهو يرسم بسمة بالغصب على شفتيه ...فهو يعرف أن اليوم لن يمر على خير ....
عانق جاسم وقال :
-خلي امك تهدى يا عم البنت لسه والدتها متوفية ....
نظر جاسم لوالدته التي توقفت عن إطلاق الزغاريد وقالت :
-حقك عليا يا بني نسيت من فرحتي والله ....
ابتسم جاسم بينما قال فادي بهمس :
-اومال فين جيلان ؟!
تجهم وجه أمجد وظهر عليه الانفعال ....لاحظ جاسم هذا ولكنه لم يتكلم أو يعلق ....يوما بعد يوم يقتنع أن أمجد يحب جيلان والدليل فسخ خطبته بتلك الطريقة....رباه هذا أمر معقد فشقيقه يريدها أيضا !!!
حك جاسم جبينه وقال بإحراج :
-فادي أهدى شوية متبقاش واقع كده !!
ابتسم فادي بخجل لتخرج دلال وهي مبتسمة وتضم شقيقتها تم سلمت على فادي وجاسم...
-خالتي فين جيلان ؟!
قالها فادي وهو يبحث بعينيه عنها...نظرت دلال إلى أمجد الذي انقبض فكيه وكان على وشك فقدان السيطرة على نفسه وقالت ؛
+مش دلوقتي يا فادي بعدين لو سمحت...
كست الخيبة وجهه وقال:
-طيب يا خالتي ...
ابتسمت دلال بتوتر وهي ترى غضب امجد الواضح وقالت:
-يالا يا جماعة اتفضلوا ...ارتاحوا معانا يوم شاق النهاردة
ولجت والدة جاسم وابنائها إلى الصالة لتمسك دلال ذراع ابنها وتقول :
-ممكن تفرد وشك شوية ...ممكن حد يفهم ...
نظر إلى والدته بضيق وقال:
-ياريت يفهم عشان أنا اتخنقت...
-استغفر الله العظيم ...ربنا يهديك يا بني !!
ثم تركته وذهبت للضيوف ...أغمض عينيه وهو يتعوذ من الشيطان....هو يتجه للهاوية دون أن يدري !!!
في المساء ....
-حرارتك شوية مرتفعة ....متقلقيش حاجة بسيطة ...
قالها جورج وهو يخرج مقياس الحرارة من فم سيلا ....زفر وهو يتذكر أنها اتصلت به ما أن خرج من العيادة وأخبرته أنها مريضة لذلك هرع سريعا إليها...كلما حاول الابتعاد عنها تجد طريقة لتجعله يقترب منها مرة آخرى ...
-انا هنزل اجيبلك مضاد حيوي و....
ولكنها أمسكت كفه وهي تقول بصوت مبحوح :
-لا يا جورج ...خليك معايا هنا ...عشان خاطري خليك معايا ...
-سيلا أنا ...
-عشان خاطري ...
هز رأسه وهو يجلس على الفراش جوارها لتتنهد وهي تضع رأسها على كتفه بينما تضمه وتقول :
-انا لو هموت دلوقتي هموت مرتاحة ... كفاية اني في حضنك ....
-سيلا ...
قالها بإرتباك وهو يحاول أن يتملص منها ولكنها كانت تضمه بقوة ورفعت وجهها كي تقبله ....ولكنه ابعدها بإصرار وقال:
-انا بحب ماريانا يا سيلا ....بجد بحبها ...مش هقدر اعمل اي حاجة تقلل منها ...مش هقدر ابقى خاين ....
-أنت ...انت بطلت تحبني يا جورج....
ابتلع ريقه وقال:
-لا ...بتيجي اوقات احس فيها اني كرهتك بس ده محصلش ...بس بحب ماريانا اكتر ...هي اللي راسم حياتي معاها ...
نشيج ناعم خرج من بين شفتيها وقالت:
-ياريتني ما كنت سيبتك ياريت كنت قولتلك كل الحقيقة وقتها أنا واثق انك كنت هتتمسك بيا يا جورج ...ياريت ...
-اهدي يا سيلا خلاص مبقاش فيه داعي للكلام ده ....خلاص اللي حصل حصل ....
أغمضت عينيها والدموع تنهمر من عينيها وقالت :
-طيب خليك جنبي لحد ما انام...ممكن بس تحضني ...أنا سفري خلاص بكرة وهختفي من حياتك ...عشان خاطري يا جورج ....
نظر إليها بيأس ليجدها تنظر إليه بتوسل ....تنهد وهو يقترب منها ثم جلس على الفراش مرة آخرى لتضمه هي بينما تضع رأسه على صدره وتقول :
-انا بحسد ماريانا عليك ....
ثم أغمضت عينيها وهي تغرق بالنوم...
تنهد وهو ينظر إليها ...يشعر بالذنب لانه يفعل هذا ...ألا تعتبر تلك خيانة لماريانا ...المرأة التي تفعل المستحيل لإسعاده...هي الآن تنتظره بينما هو مع سيلا ...
امسك هاتفه بسرعة وهو يبعث لها رسالة لكي تنام والا تنتظره حيث تحجج بوجود مشكلة مع صديقه !!
......
اسفل شقة جورج الحكيم ...
كانا يقفان شابان يافعان ...يدخنان ...قال ادهم :
-دي شقة دكتور يا حاتم يعني فيه خير كتير ...
هز حاتم رأسه بإستحسان وقال:
-بس انت متأكد أن مفيهاش حد ...
هز أدهم رأسه وقال:
-عيب يا صاحبي هو انا تلميذ ...الشقة فاضية خالص ...
قالها ادهم وهو ينظر للشقة الغارقة في الظلام ....
..........
-شكله المأذون جه ..شوفوا نوران جهزت ولا لا ؟!!
قالها أمجد وهو يذهب ليفتح الباب بينما خالته وابنيها كانوا موجودين بصالة المنزل وعدد من الضيوف ...فتح الباب لتختفي البسمة من على وجهه ويقول بغضب :
-أنتِ...أنتِ بتعملي ايه هنا ؟!
ارتبكت أريام وهي تقول:
-انا جاية اعتذر منك ومن جيلان على الكلام اللي طلعته عليكم.!!