رواية عشق لا يضاهي الفصل الثالث و الثلاثون بقلم اسماء حميدة
كانت أنامل سيرين المستريحة على كتفيه متوترة وجسدها بدأ يرتجف بشدة وهي تتذكر ليلتهما الوحيدة معا قبل اختفاءها ومدى القسۏة التي عاملها بها تلك الليلة فهو لم يراعي انعدام خبرتها ولم يتمكن من احتواء مشاعر الرهبة لعذراء مثلها تمر بتجربة أولى
عندما شعر ظافر بتلك الارتعاشة الجلية التي سرت بأطرافها حرر خصرها من بين ذراعيهه كهمس الريح في ليلة ساكنة قوية في تأثيرها عميقة في أثرها.
ظل ظهر سيرين مستقيما متيبسا كوتر كمان يرفض الاستسلام لأنامل العازف حاولت كبح مشاعرها تذكر نفسها بأن هناك من ينتظر عودتهانوح وزكريا طفليها اللذين لم يفارقا تفكيرها للحظة.
كما أن ظافر ورغم كل شيء لا يزال زوجها أمام القانون فطلاقهما لم يستكمل بعد وذلك الخيط الرفيع الذي يربطهما لم ينقطع تماما.
أغمضت عينيها تاركة
الأفكار تتلاطم داخلها كأمواج بحر هائج كان عليها أن تجاري ظافر أن تنحني للعاصفة حتى تمر حتى تحقق ما جاءت لأجله.
طفل آخر الخلايا الجذعية الأمل الوحيد لإنقاذ نوح بعد أن أثبتت الفحوصات أن زكريا توأمه لن يستطيع التبرع له إذ أن هذا قد يتسبب في خطړ بالغ على حياة الأخير وذلك بسبب ولادتهما المبتسرة لذا لم يكن أمامها سوى خيار واحد خيار يتجسد أمامها الآن في هذا الرجل الذي طالما أشعل ڼارا في قلبها والآن تحاول أن تستخدم تلك الڼار لإنقاذ حياة شخص آخر... شخص لن تبخل لنجاته بحياتها لو تطلب الأمر إنه صغيرها نوح.
استشعر ظافر ترددها فالتصق بها أكثر كمن يحاول إذابة جدار جليدي يفصل بينهما.
في البداية بدا عليه الاندهاش بعد ملاطفته لها وتفهمه لخۏفها عكس السابق لكنه ما لبث أن استرخى وشيئا فشيئا بدأ بإزاحة الحواجز الأخيرة
التي تفصل جسديهما في صمت بينما كان حواس ظافر تلتقط عبير ونعومة بشرتها تلك الرائحة الشهية التي امتزجت ببقايا الماء الدافئ الذي ينساب من خصلاتها حتى عنقها فاشتعلت بصدره رغبة قوية لا يمكن كبحها.
رفعها بين ذراعيه كأنها شيء ثمين يخشى أن ينكسر وأسندها برفق على الأريكة في غرفة المعيشة.
أشاحت سيرين بوجهها بعيدا عنه تتجنب النظر إليه وعيناها معلقتان بسقف كمن تهرب إلى عالم آخر تحاول ألا ترى ما يحدث أو ربما لا تريد أن تواجهه. قبضت يديها على طرف الأريكة بقوة كأنها تمسك بخيط واه من مقاومة تتلاشى.
لكن طيف دينا لم يفارقها الصور التي أرسلتها إليها رسائلها التي تقطر سخرية وسما ترددت في عقلها كصدى مؤلم.
سيرين هل أخبرك ظافر يوما أنه يحبك كان يقولها لي طوال الوقت
اقتربت أنفاسه الحارة التي لامست بشرتها
تلاحقها كظل يسبق الليل فأحست بقشعريرة تتسلق عمودها الفقري لكن كان هناك شيء بداخلها عجزت عن تجاهله صړخة خفية تحاول أن تخرس النبض الذي بدأ يعزف لحنا سريعا داخل صدرها لذا لم تجد مهربا إلا بالكلمات فخرجت منها همسة مرتجفة بالكاد قاومت انكسارها
إني خائڤة.
تصلبت عضلاته كما لو أن كلماتها كانت جليدا انسكب على جمره رمقها بعينين متحفزتين تحملان بين طياتهما عاصفة لم تهدأ بعد.
زم شفتيه بقوة فأصبحتا كخيط مشدود وكأنه يجرع مرارة رفضها له وذلك قبل أن يهمس بصوت منخفض لكنه مشحون بالڠضب المكتوم
سيرين هل ستتظاهرين معي بعدم المعرفة!
انكمشت داخل رداء الحمام وكأنها تحاول الاحتماء من طوفان قادم لا مفر منه.
أخذت نفسا عميقا ثم قالت بصوت بدا ضعيفا لكنه يحمل نبرة تحد
لا أعرف عم تتحدث
حدق بها
وأطياف الماضي تتسرب
إلى عينيه بلا استئذان لم يكن بحاجة إلى تذكير كانت هناك ليلة محفورة في ذاكرته مثلما حفرت بعقلها للآن ليلة لم يستطع أن يطويها في صفحات النسيان ليلة غيرت كل شيء
أحكم أصابعه حول راحة يده يشد على قبضته حتى برزت عروق يديه في محاولة منه لكبح عاصفة تجتاح صدره ثم دنا إليها وعيناه تضيقان بشك لم ينطفئ
لماذا عدت هذه المرة ما الذي تخفيه عني
لأربع سنوات كانت سيرين شبحا اختفت كأن الأرض ابتلعتها لم يكن ليصدق أنها عادت الآن للا شيء حتما هناك سر وراء ظهورها المفاجئ.
تسارعت نبضاتها خائڤة من أن تلتقط عيناه أثر زكريا ونوح على ملامحها لم يكن يجب أن يراها لم يكن يجب أن يحدث هذا اللقاء أبدا إنها مخاطرة كبيرة قد تتسبب بوقوع کاړثة هكذا أخذت توبخ نفسها.
لكنها لم تكن لتدع خۏفها ينكشف لذا ابتسمت ببرود
وعينيها تحاولان إخفاء ارتجافة قلبها وقالت
سيد ظافر هل أصابك جنون العظمة صحيح أنك رجل ذو نفوذ لكنني لست فقيرة ولا ضعيفة عدت فقط لأساعد أولئك الذين ولدوا بنقص كما ولدت به.
ثم بخطوة واثقة خلعت سماعة الأذن ووضعتها في كفها أمام ناظريه ترمقه بعينين متحديتين
قلت إنك تعرفني إذن يجب أنك تعلم أنني ولدت بضعف سمع.
ظل صامتا يحدق في السماعة وكأنها تحمل سرا لم يكشف بعد.
لكنه لم يبتعد بل اقترب أكثر حتى باتت أنفاسه تلفح وجنتيها ونبضات قلبها تتردد في الهواء بينهما.
بما أنك تدعين أنك لا تعرفينني صوته كان أهدأ من الريح قبل العاصفة لكن نظراته كانت تقول العكس
أخبريني ماذا كنت تفعلين أنت وكارم طوال السنوات الأربع الماضية
كانت أنفاسه ساخنة تلفح بشرتها وكأن المسافة بينهما قد تلاشت فقط جسديهما
اللذان يتحدثان بلغة لا تحتاج إلى كلمات.
لكن سيرين لم تتراجع لم تدع الذكريات تسقط دفاعاتها فنظرت إليه بعينين تحملان شيئا أشبه بالشفقة وقالت
سيد ظافر بالتأكيد أنت لن تهتم بماضي إلا إذا كنت تحمل مشاعر تجاهي أليس كذلك
في تلك اللحظة فقط قد أصابته في مقټل فانقبض صدره وتركها فجأة كمن هرب من شعور لم يكن مستعدا لمواجهته.
نظر بعيدا محاولا أن يخفي ارتباكه تحت قناع اللامبالاة وقال بصوت أجوف
أنت تفكرين في الأمر أكثر مما ينبغي.
لكنها كانت تعرفه جيدا ظافر لم يكن رجلا يخدع بسهولة ولم يكن رجلا ينسى بسهولة.
لكنها لم تعد تهتم.
لم يعد يهمها شيء طالما أن لديها فرصة واحدة لإنقاذ زكريا ونوح.
رن هاتفها فجأة بمكالمة فيديو فنظرت سريعا إلى الشاشة كانت تعرف من المتصل إنه زكريا
لا بد وأنه قد قلق عليها لذا أراد الأطمئنان.
بهدوء وكأنها تخشى أن ينكشف سرها سحبت الهاتف تضغط على زر الإغلاق ثم التفتت إلى ظافر الذي لم يغب عنه أي تفصيلة من تصرفاتها.
قالت بنبرة هادئة لكنها تحمل أكثر مما قد يظهر على السطح
مكالمة غير مرغوب فيها.
ثم رفعت نظرها إليه وكأنها تجره إلى فخ جديد
ألم تكن تريد أن تخبرني كيف نعرف بعضنا البعض سأحضر بعض النبيذ ونتحدث بهدوء.
لم تكن تريد إطالة الحديث لم يكن لديها وقت لتبديده كان عليها إنهاء كل شيء الليلة والرحيل إلى الأبد حتى لا تقع بفخ عشقه المذل مرة أخرى لذا صعدت إلى الطابق العلوي حيث انتظرتها خطتها بصمت زجاجة نبيذ علبة منوم وبعض الأدوات الطبية.
لم يكن عليها سوى أن تلعب
دورها ببراعة كي تحصل على مرجاها ولكن بطريقة معقدة