رواية قلبي اختارك انت الفصل الرابع بقلم مارينا عبود
- طمني يا دكتور، بابا كويس ؟
- متقلقيش هو كويس، أنا كتبتلُه على شوية أدوية ياريت ياخدهم في معادهم، وهرجع أعيد كلامي لحضراتكم تاني واقولكم أن أمجد بيه مينفعش يتعرض لأى ضغوطات نفسية ممكن تزعلُه أو تأثر على نفسيتُه، ياريت تحاولوا تبعدُه عن أي ضغوطات نفسية أو زعل.
- حاضر يا دكتور، بس هو هيكون كويس صح؟
قالتها نور بعياط فاتنهد وقال بهدوء:
- بإذن الله هيكون كويس، أنا عطيتُه حقنه دلوقتِ وبكرة الصُبح هيفوق، اطمنوا.
- تمام، شكرًا جدًا يا دكتور .
- الشكر لله يا بنتي، بعد اذنكم.
نور شاورت للحارس يوصلُه ورجعت بصت لوالدتها بحُزن:
- ماما أنا اسفه، كل ده حصل بسببي.
والدتها مسحت دموعها وحضنتها:
- لا يا حبيبتي، متلوميش نفسكِ، بإذن الله كل حاجة هتبقىَ تمام، يلاه ادخلي اطمني عليه وبعدها روحي ارتاحي في أوضتكِ.
- لا، أنا هفضل جنبُه وهبات معاكِ في الأوضة.
- لا يا حبيبتي، اسمعي الكلام واطمني عليه وروحي ارتاحي.
- بس ...
- اسمعي الكلام يا نور.
اتنهدت نور بيأس:
- حاضر يا ماما.
دخلت الأوضة، قربت مسكت إيدُه وباستها، عيونها دمعت وقالت بحُزن :
- أنا اسفه، دي أول مرة صوتي يعلىَ عليكَ! حقكَ عليا وعلى قلبي وللهِ، بس غصب عني أنتَ بتصرفاتكَ دي بتحرمني من سعادتي يا بابا! أنا مبقتش عارفة أعمل إيه ؟ أنا حقيقي تعبت، بس كل إللى بتمناه أنكَ تكون بخير.
قالتها بعياط وسابتُه وطلعت، دخلت اوضتها وقعدت وراء الباب وفضلت تعيط! مِسكت صورة سيف وقالت بحُزن ووجع:
- ضريبة حُبك طلعت غالية اووي، غالية اووي يا سيف، أنا مبقتش عارفة اكسر قلب مين فيكُم! أنا تعبت اووي ومبقتش عارفة أعمل إيه.
_____
- سيف.
- اهدي وقوليلي إيه إللي حصل؟
سالتها بترقب فعيطت:
- مش عارفة، مش عارفة يابني، هو كان كويس، فجأة حس بتعب ووقع من طولُه!
مسحت دموعها وقُلت بهدوء:
- طيب اهدي، وقوليلي الدكتور قالكِ إيه؟
- معرفش، هو لسه مطلعشِ من عندُه!
اتنهدَت وأخدتها في حُضني:
- تمام، متقلقيش هيبقىَ كويس.
هكون بكدب لو قُلت أني مش خايف، وأنا من جوايا حاسس أني منهار، بس أنا مش هقدر أكون ضعيف قُدامها، لكن الحقيقة أنا مرعوب، بابا هو نقطة ضعفي، أنا مسنود عليه، فضلت حاضنها وأنا بفتكر كل لحظة حلوه بينا، دقيقة بتجر التانية، ولحظات سكوت عظيم في المكان، مفيش غير صوت عياط ماما إللي كان بيقطع قلبي من الخوف، الدكتور خرج فوقفت قُدامه وسألتُه بلهفة وخوف:
- طمني يا دكتور، بابا مالُه.
- مش هخبي عليكم، بس حالتُه مُش مُستقره، أحنا محتاجين نعملوا عملية صمامات قلب فى أسرع وقت.
- صمامات قلب!!
- للاسف.
- طيب العملية دي هتكون خطيرة عليه؟
- لا لا متقلقش، أحنا بس محتاجين موافقتكم على العملية علشان نبعت نجيب الجراح إللي هيعملها.
- طيب، أنا هعمل كل إللى حضرتك تطلبُه، بس المُهم هو يكون كويس.
- تمام، اتفضل معايا علشان نخلص الإجراءات.
هزيت رأسي بالموافقة وبصيت ليوسف وقُلت بارتباك:
- يوسف خليكَ مع ماما.
- تمام، روح أنتَ ومتقلقش.
سيبتهم وروحت مع الدكتور، مليت كُل البيانات، ولكن كان في مشكلة كبيرة وهي أن مصاريف العملية غالية اووي، مكنتش عارف أعمل إيه، اتكلمت مع الدكتور واقنعته أني هدفع مصاريف العملية قبل الوقت المحدد، رغم أني مكنتش عارف هجمعها ازاي في خلال أسبوع بس! ولكن هعمل أي حاجة علشان اجمعها، رجعت لقيت يوسف حاضن ماما، أول ما شافتني جريت عليا وقالت بحُزن:
- طمني يابني، أبوك أمتىَ هيعمل العملية؟
- هيعملها الأسبوع الجاي ياست الكُل.
هزت راسها بتفهم وقالت بلهفة:
- يعني هيرجع معانا البيت النهاردة؟
- لا للاسف، هو هيفضل الأسبوع ده تحت العناية.
ملامحها اتحولت للزعل وعيطت، حاولت اكتم دموعي قدامها واخدتها في حُضني وقُلت بحنان:
- طيب ممكن تبطلي عياط علشان خاطري، صدقيني هيبقىَ كويس وزي الفُل، وبعدين دي عملية صُغيرة ومش مستاهلة الخوف ده كُله، وكمان يا ست الكُل أنا بستقوى بيكِ، وأنتِ عارفة كمان أن بابا بيحبكِ وهو كمان بيستقوى بيكِ، يعني لو أنتِ ضعفتي، أحنا كلنا هنضعف، ووقتها مين إللي هيشجعنا؟ ومين إللى هيسندنا ويقوينا؟ أنا عاوزكِ تمسحى كده دموعكِ علشان عيونكِ الحلوين دول ميتعبوش، وأنتِ عارفة أني واقع في حب وسحر عيونكِ الحلوه دي، ويعز عليا زعلكِ وللهِ.
طلعتها من حُضني ومسحت دموعها، ماما بتحب بابا بشكل مش طبيعي، لدرجة أنه لما هو بيتعب هي كمان بتتعب زيُه، هي بتخاف عليه من نسمة الهواء، أنا من وقت ما وعيت على الدنيا وأنا بشوف حبهُم لبعض، ويمكن ده إللي خلاني أكون النسخة الأجمل والأحن مني، أنا بحبهم اووي، وجودهم في حياتي نعمة كبيرة اتمنى متحرمش منها، هما أجمل حاجة حصلت في حياتي.
- مالكَ؟ أنت قلقان من حوار عملية عمي؟
- قلقان اووي يا يوسف، أنا محتاج اتصرف واكمِل مصاريف العملية قبل المعاد المُحدد.
- طيب متقلقش هتدبر، سيبها على الله وهو هيدبرها.
- يارب يا يوسف، يارب.
قولتها بقلة حيلة فاتنهد وقعد جنبي:
- سيف أنت بينكِ وبين نور مشاكل؟
- لا، بس هي بقالها كام يوم مبتكلمنيش.
- طيب أنتَ مرنتش اطمنت عليها؟
- رنيت وبعتلها وبرضوا مش بترد عليا، أنا حتى بلغتها بموضوع بابا وقولتلها أني هكون معاه طول الوقت في المستشفى، بس هي عملت سين ومردتش على رسايلي، بس أنت بتسأل ليه؟,
- غريبة! بسأل لأني شايف أن ده أكتر وقت المفروض تكون واقفه معاك فيه.
اتنهدت:
- هي فعلًا غريبة يا يوسف، يعني هي في العادي بتكلمني طول الوقت، بس اختفائها ده مضايقني، مبقتش عارف مالها!
- امم، معقولة يكون أبوها عملها حاجة ؟
- أكيد لا، يوسف أبوها بيخاف عليها من الهواء الطاير، بس أنا عارف أنه هيحاول يضغط عليها علشان تبعد عني.
- وأنتَ شايف أنها ممكن تبعد بسبب ضغطه عليها؟
- مستحيل، أنت قولت قبل كده، نور عنيدة وشجاعة، وبتحبني، وأنا وأثق أنها لا يمُكِن تسيبني مهما حصل.
- اتمنى، اتمنى تكون ثقتكَ في محلها.
قالها بتوتر فبصيت لُه بإستغراب:
- في إيه يا يوسف؟ قولي أنتَ مخبي عني حاجة؟
اتنهد وبصلي:
- لا، بس أنا خايف عليك، حاسس أن أبوها مش هيسكت، وأنا خايف عليك يا صاحبي.
ابتسمت وبصيت لُه:
- متخفش عليا، بإذن الله كل الجاي يكون خير، ومتقلقش نور محدش يقدر يضغط عليها، أنا عارفها كويس وعارف أن مهما حصل مستحيل تختار تبعد عني.
بصلي وقال بهدوء:
- اتمنى ده يحصل، اتمنى قلبك ميتوجعش بسببها في النهاية.
- سيبها على الله يا صاحبي.
- على الله يا صاحبي.
ابتسمت وحضنتُه، يوسف شخص جميل اووي، جميل بشكل صعب اوصفُه، هو جدع وصاحب صاحبُه، صديقي المُقرب وكاتم اسراري وحكاياتي، أنا آه معنديش أخوات، بس عندي يوسف بالدنيا كلها، هو رفيق المشوار، ولو عِشت فوق العُمر عُمر مش هقدر الأقي صاحب زيُه.
______
- ماما!! أنتِ بتعيطي ليه؟
- أبوكِ رافض يأكُل أو يشرب أي حاجة يا نور، حتى ادويتُه رافض يأخدها وحالتُه بتدهور يوم وراء يوم، أنا تعبت من الكلام معاه، هو بقالُه أربع أيام على الحالة دي! وأنا مبقتش عارفة أعمل إيه.
اتنهدِت نور وقالت بهدوء وحزن:
- بس أنا عارفة أنا هعمل إيه، بعد إذنكِ يا ماما.
- رايحه على فين؟
- هروح اتكلم معاه، أنا عارفة أن هو زعلان مني ورافض يتكلم معايا، بس أنا هحاول مرة تانية.
- روحي يابنتي، يارب يسمعلكِ.
اتنهدِت وطلعت فوق، كل بتخطي خطوة وترجع عشرة، يمكن لأنها خايفه تواجه، خايفه تاخد قرارها النهائى، قلبها كان موجوع، وروحها منطفية بشكل غريب، عيونها باهته، أخدت نفس عميق وفتحت باب الأوضة ودخلت قعدته على الكرسي قصاد والدها إللي بصلها وقال ببرود:
- هو أنا مش قولتلكِ أني مش عاوزه اشوفكَِ!
- ولحد أمتىَ؟ لحد أمتى يا بابا؟ ممكن بس تفهمني أنتَ رافض تأكُل أو تاخد العلاج ليه؟
- وأنتِ مهتمة بيا اووي؟
- بابا ممكن بلاش كلامك القاسي ده! يا بابا أنتَ ليه مش فاهمني؟
- أنتِ إللي مش قادرة تفهميني، ومش قادرة تفهمي خوفي عليكِ، ده أنتِ حتى لأول مرة في حياتكِ تَرفعي صوتكِ عليا وتعارضيني!! وكل ده بسبب مين يا نور؟ بسببُه ؟ يعني هو بقىَ أهم مني عندكِ؟
- بابا أنا مفيش حد أهم عندي منكَ، أنتَ حياتي كُلها، بس أنتَ إللي مش قادر تفهم أني...
قاطعها بحده:
- نور لو أنتِ جاية علشان تعيدي نفس كلامكِ عن الولد ده، وتقنعيني هو قد إيه بيحبكِ والكلام الفارغ ده فأطلعي يابنتي ووفري كلامكِ.
أخدت نفس عميق ومسحت دموعها بحده وقالت بوجع:
- لا يا بابا، أنا مش جايه اتكلم معاك واقنعكَ سيف بيحبني قد إيه، أنا بس جايه أطلب منك تأكل وتهتم بصحتكَ وأنا بوعدكَ هعملكَ إللي أنتَ عاوزه.
بصلها بإستغراب، فبصتلُه بحزن وعتاب وقامت طلعت وهي بتعيط، نزلت تحت وخرجت وهي بتعيط ومهتمتش لصوت والدتها إللي طلعت تنادي عليها وتحاول توقفها، ركبت عربيتها واتحركت وهي وأخده قرارها النهائى.
- يوسف، خليك مع ماما وخالتو، هروح مشوار وأرجع.
- رايح على فين؟
- رايح أقابل نور.
- طيب مجتشِ تطمن عليك وعلى حالة والدكَ ليه؟
- مش عارف، صوتها مكنشِ مُريح وشكلها بتعيط، كلمتني وقالتلي عاوزه تشوفني ضروري.
عقد حواجبُه وقال بعد تنهيدة طويلة:
- أنا مش عارف ليه مش مرتاح للبنت.
- وأنا مش عارف أنتَ إيه مُشكلتكَ معاها!
- مفيش مشكلة معاها، عمومًا روح شوفها ومتتأخرش، وخد بالك من نفسكَ.
- حاضر.
سيبتُه وخرجت من المستشفى، ركبت تاكسي وروحت على المكان إللى بنتقابل عندُه كل مرة، نزلت من التاكسي وأنا ناوي اعاتبها على بُعدها عني في أكتر وقت أنا محتاجلها فيه! كانت واقفه بتبُص للبحر، قربت وقفت وراها وقُلت بعتاب:
- وأخيرًا الست هانم افتكرتني!
مردتشِ عليا! قربت مِسكت إيدها ولفيتها ناحيتي، كانت ملامحها باهته وعيونها منفخة من العياط، عقدت حواجبي وقُلت بترقب:
- في إيه يا نور؟ باباكِ عملكِ حاجة ؟
نزلت رأسها وفركت في إيديها بتوتر:
- سيف أنا جيت علشان أقولكَ حاجة مهمة تخص علاقتنا.
-قولي يا نور، في إيه قلقتيني.
أخدت نفس عميق وقالت بهدوء مريب:
- سيف أحنا مينفعش نكمل مع بعض.
اتصدمت و...