رواية الكلب ( جميع فصول الرواية كاملة ) بقلم ميدو هيرو


 رواية الكلب الفصل الاول بقلم ميدو هيرو


ايه السواد ده كله؟..

يااااه ده الجو برد اوي. مش ح..حاسس بأطرافي، ايدي ورجلي متلجين بشكل مش طبيعي.

أنا م..مش شايف حاجة خالص!.
مفتح عيني اه بس الدنيا حواليا سواد، كحل.. مش شايف حتى كف ايدي، ايه اللي جابني هنا؟.

انا مش فاكر أي حاجة، أخر حاجة فاكرها موت عمتي.. أيوة الكلام ده من حوالي اااااا ... م م من حوالي اااا ... برضه مش فاكر!.

أنا واقف عمّال أتلفت ورجلي مش مطاوعاني حتى أخد خطوة، زي ما تكون رجلي ملزوقين في الأرض.

في الوقت ده لقيت قلبي أتقبض وبيدق بقوة، يمكن ده حصل لأني حسيت بعيون بتراقبني، والإحساس اتحول ليقين لما لقيت أكتر من عين ظهروا فجأة في الضلمة واختفوا؟!.

عيون بيضا تمامًا، مع اختفاء العيون دي بدأت أسمع أصوات حواليا..
فيه صوت هوا سامعه جاي من مكان ما حواليا، صوت الرياح غريب جدًا، أقرب لهمسات شياطين!.

بجانب أصوات عواء ونباح لكلاب، الواضح إن عددهم كبير.
عايز أتحرك مش قادر، عايز أنطق برضه مش قادر، أنا حتى معرفش أنا فين؟!.

بالتدريج بدأت الرؤية توضح لي شوية شوية لما عيني أعتادت على الضلمة، الليل فارد سيطرته على المكان.. المكان اللي كان بالنسبة لي صدمة مفزعة.. لأني لقيت نفسي واقف في قبر!.
ومش أي قبر، ده قبر عمتي (صفاء) الله يرحمها..

عمري ما أتوه عنه، مش هلحق أنسى تفاصيله.
ب ب بس أ أ أنا جيت هنا ازاي؟!. القبر بابه من برة حديد مقفول بقفل ومتجنزر!.. ازاي دخلت اصلا؟.

بلعت ريقي وبدأت أمسح بعيني المكان كله، الهدوء عم ومبقتش سامع غير دقات قلبي، في الوقت ده التنميل في رجلي بدأ يقل لحد ما راح، أول حاجة عملتها إني روحت على الباب وفضلت أهزه علشان أفتحه، لكنه كان ثابت ومش بيفتح، ازاي هيفتح أصلا وهو مقفول بقفل

بصيت يمين وشمال، عايز اشوف اي حد يلحقني مافيش، مين اللي هلاقيه في الوقت ده أصلا؟!.
لفت نظري من بعيد كلب ضخم بدأ يقرب تجاهي وأنا مخرج راسي من فتحات الباب الحديد، بكل هدوء قرب، عيونه بيضا وخارج منها توهج أو لمعة مميزة ومرعبة، أفتكرت من لحظات لما شوفت أكتر من عين مضيئة معايا في القبر!.

لفيت نفسي بسرعة وبصيت ورايا وأنا مرعوب، مافيش أي حاجة!.
عيني وقعت على (الطاقة) اللي مدفونه جواها عمتي، لقيت الباب المربع الصغير اللي قافل الطاقة بيتهز كأن في حد جواه بيحاول يفتحه!.

قولت لنفسي معقول تكون عمتي لسه عايشة؟!.
بمجرد ما فكرت ف كده جيت علشان أروح أشوفها،
ملحقتش أتحرك لأن باب الطاقة الصغير ده اتشال من مكانه بسبب ضربة قوية من جوة!.

بلعت ريقي من الخوف وأنا باصص على الباب اللي استقر جنبي على الأرض، رجعت أبص تاني جوة الطاقة، مكنتش شايف بوضوح، جوة ضلمة.. بدأت أنادي على عمتي، واتحرك خطوة، أنادي وأنا بقرب اكتر، مش عارف ازاي كل ما كنت اقرب اكتر الضلمة تزيد تُقل أكتر.. لحد ما بقى بيني وبين فتحة الطاقة حوالي متر، نزلت على ركبتي وجيت علشان أقرب وشي لجوة
_ أنت بتعمل ايه هنا؟.

اتفزعت من الصوت اللي سمعته فجأة، بصيت ورايا بعد ما قمت على حيلي، لقيت راجل لابس جلابيا خضرا وعلى راسه عمّه ضخمة لونها أبيض خافية ملامحه كلها، وواقف بثبات قدام باب القبر، وهو ساند على عصايا كبيرة، روحت عليه وأنا بحاول اكلمه لكن صوتي مش خارج، شاورت له يفتح لي الباب، لكنه فضل واقف بثبات من غير ما يتحرك، وقالي نفسه الجملة مرة تانية:

_ أنت بتعمل إيه هنا؟.
مش عارف ليه لما قربت منه شميت ريحة بشعة، أشبه بريحة حيوان ميت، وده بالفعل اللي لقيته، جنبه بكام متر كلب ضخم ميت وجسمه منفوخ، وسامع صوت أزيز خارج منه، ده صوت دود!!.

اللي مكنتش فاهمه إن ده نفس الكلب اللي كنت شايفه من شوية بيقرب مني؟!.
الراجل الغريب ده لما لقاني ببص على الكلب، حرك راسه هو كمان تجاهه، رجع يبص لي تاني وقالي بصوته الأجش:
_ ماتركزش على اللي هتشوفه هنا

قرب مني وهو بيتسند على العصايا وكمل كلامه وقال:
_ أنا هفتح لك الباب.. وياريت ماتجيش هنا تاني

اللي حصل وهو بيقرب، فجأة وقف بعد ما مسك القفل وهيفتح الباب، سمعته بيتمتم بكلام مش مفهوم، الملفت إنه مش باصص عليا، أنا أيوة مش شايف ملامحه ولا شايف حتى عينه، بس راسه نفسها مش متوجهة ناحيتي، ده باصص ورايا، أو علشان أكون واضح أكتر، باصص على حاجة ورايا هي اللي خليته يتمتم بالشكل ده، ويبعد ويرجع زي ما كان واقف تاني!

نفس التنميل حصل مرة تانية، رجلي وأيدي ولساني، جسمي كله نمّل فجأة، بدأت احس بهوا سخن حواليا، وانفاس هادية جدًا ورايا.

الدم نشف في عروقي، لا قادر اتحرك ولا قادر أبص ورايا، كل اللي عملته اني بصيت على الراجل العجوز، اللي لقيته بيرفع العصايا بتاعته، وبيوجهها ورايا!.

في الوقت ده حسيت بإيد من نار بتلمس كتفي ببطء، وصوت الأنفاس قرب جدا لدرجة إنه أستقر جنب ودني الشمال!.
قلبي بيدق بقوة، العرق مغرقني، التنميل في جسمي بيزيد بشكل بشع، لدرجة إني حسيت إن روحي بتتسحب مني.

وبدون أي مقدمات، وسط صوت الرياح ونباح الكلاب، سمعت صوتها.. أيوة صوت عمتي وهي بتهمس في ودني الشمال وبتغنيلي الأغنية اللي كانت بتغنيهالي وأنا صغير (ساعات ساعات.. وساعات ساعات.. أحب عمري وأعشق الحاجات.......وساعات ساعاااااات).. كان فيه صدى صوت بيتردد من مكان ما!

وسط خوفي ورعبي من اللي أنا فيه، إلا إن دمعتي نزلت مني، مكنتش مجرد عمة.. دي كانت أمي وأختي وصاحبتي.
بصعوبة حركت راسي عليها، بطرف عيني قدرت أشوف اللي ورايا، علشان أتفاجيء إن مافيش حد خالص!

جيت أبص قدامي مرة تانية، لقيت عمتي واقفة مكان العجوز وهو مش موجود، واقفة بتبص عليه وعليها كفنها الأبيض المترب، لما شوفتها مصدقتش نفسي، م م مستحيل تكون دي عمتي اللي لسه مدفونة من ايام!.

مكان عيونها فاضي، عيونها مش موجودين، شعرها مقصوص بشكل عشوائي، وشها مشوة تماما، بوئها... بوئها اللي منه سمعتها بتدندن لي في ودني كان متخيط لدرجة إن الشفايف مش باينين من كتر الخياطة!

وفجأة وبدون سابق إنذار لقيتها بتقرب مني وهي بتجري!.
خبطت في الباب الحديد خبطة قوية، كانت عامله زي الزومبي، رجعت لورا وبكل قوة مرة تانية جريت خبطت نفسها في الباب خبطة أقوى، مناخيرها اتكسرت ووشها بينزف دم إسود، المرة التالتة نجحت في إنها تكسر الباب، وقع الباب جنبي وفي اللحظة دي قدرت أصرخ بأعلى صوت عندي وماحستش بنفسي،

أغمى عليا، كان لازم يغمى عليا من بدري، مكنتش أحب أشوفها بالشكل ده، حتى لو كنت معتقد إن اللي شوفته ده كان كابوس.. برضه مكنتش أحب لما كشفت عن وشها لأخر مرة إن صورتها تتشوه في مخيلتي بالشكل المفزع ده، بس ثواني.. ليه قولت كُنت معتقد؟

لأنه للأسف الشديد، مكنش كابوس.. كل اللي شوفته وعيشته كان حقيقي!

وده عرفته لما فتحت عيني مرة تانية، معرفش عدى قد إيه من الوقت بس لقيتني راقد على سريري، مراتي (لبنى) قاعدة جنب مني بتعيط ومنهارة، وحماتي قاعدة على كرسي جنب السرير، ورضوى بنت عمتي صفاء بلبسها الإسود واقفة في البلكونة وجنبها تامر خطيبها وفي نفس الوقت صاحبي الوحيد..
لما لبنى شافتني فتحت عيني، حضنتني وهي بتقولي بإنهيار: 

_ كنت هموت من القلق عليك.
حماتي قامت تنادي على تامر ورضوى، وهي بتقول بصوت عالي: 
_ مش قولتلكم سيدنا الشيخ هو اللي هيقدر على الأسياد.

تامر جالي ملهوف وهو بيطمن عليَّ، وشه كان أصفر جدًا، شوفت على ملامحه نظرات توجس، كان واضح انه متوتر، قال لرضوى اللي كانت جاية بتقرب ببطء وهي بتقدم خطوة وتأخر التانية:
= حبيبتي حاسبي الإزاز.. ابعدي عن ال.. عن المرايا دي خالص.

رضوى كانت بتبص لي بنفس نظرات الكره المعتاده منها.

حاولت أتحرك حسيت إن جسمي كله متدغدغ، قولت بصوت خافت وبألم وأنا باصص لتامر:

= ايه اللي حصل؟.. انا مش قادر أفتكر أي حاجة!.

ابتسم ابتسامة خفيفة بيحاول بيها يطمني، لكنه ماتكلمش.. أنا عارف تامر كويس، تامر مخبي عليا حاجة!.
لقيت حماتي بتقولي: 
_ أدعي لسيدنا وتاج راسنا.. هو اللي شفاك بإيده الطاهرة.

لبنى قامت من على السرير ووقفت جنب حماتي وقالت:
_عندك حق يا ماما.. الحمدلله إننا إطمنّا عليك يا فريد.

قربت مني وهي حاطة إيديها على بطنها وبتقولي بصوت حزين:
_معقولة يومين يا فريد بحالهم؟!.. بقى تعمل فيَّ كده وأنت عارف إني في أول شهور الحمل والتوتر والخوف غلط عليَّ؟.

مكنتش فاهم حاجة، لسه هتكلم لقيت رضوى بصت لتامر وقالت له بحدة:
_ أنا هستناك في العربية تحت.. الله يسامحك أنا أصلا مكنتش عايزه أطلع.

بصت لي بغضب ومشيت، تامر قالها:
_ طب اسبقيني وانا جاي وراكي.

خرجت ولبنى وراها، وتامر قام وهو بيقول:
_ ماتزعلش يا صاحبي انت عارف بقى اللي فيها وموت أمها مقصر فيها ازاي.. كويس انك بخير.. همشي دلوقتي وهاجيلك تاني.

كان متوتر جدا، انا عارف تامر كويس.. لاحظت إنه زي مايكون بيتهرب مني!.
 بصيت حواليا شوية بإرهاق وبعدها نمت.

كانت أيام صعبة جدا مرت عليا من يوم الكابوس بتاع القبر، لبنى مراتي قالت لي اني كنت مختفي يومين برة البيت، مكنتش فاكر أي تفاصيل، وكل ما أسألها او حماتي اللي في الفترة دي مكنتش سيباني.. يقولوا (مش مهم اللي فات.. البركة في الشيخ غالي)!.

حسيت إني بتغير الفترة دي للأسوأ، بعد ما تعافيت وقدرت أقوم من على السرير، مكنش جوايا أي طاقة اعمل اي حاجة..

حتى المدرسة اللي شغال فيها مبقتش طايق اروحها، ومدير المدرسة بنفسه اتصل بيا يطمن عليا، زعقت له وغلطت فيه بدون اي داعي وقفلت في وشه!.

مراتي وحماتي طردتهم من البيت، وحرّجت عليهم ماشوفش حد فيهم طول ما انا صاحي.. وبقيت أفضل القعدة لواحدي.

مبقتش طايق اشوف نور، قفلت كل الشبابيك وكل مصدر للنور، لدرجة اني كسرت كل اللمبات اللي في الشقة، وبقيت قاعد في الضلمة الكحل

مبقتش بطيق الماية تنزل على جسمي، ريحتي بقت مقرفة، بس حابب كده، مش باكل وكل ما احط لقمة في بوئي كنت بجيب اللي ف بطني، ولما اخلص بلاقي دود اسود طويل بيزحف!.

كل اللي بعمله اني بنام طول النهار واصحى طول الليل وانا فارد جسمي على السرير وباصص للسقف، حاسس بكل اللي بعمله، لكن في نفس الوقت بسمع أصوات من جوايا بتوجهني اعمل حاجات غريبة، وكنت بنفذ ده.. 
حاجات غريبة جدا مستحيل تيجي في دماغ اي حد، زي مثلا هاجس يخليني اتبول في ركن الاوضة اللي انا فيها، واعمل ده!!.

صوت تاني يخليني اجرح نفسي بسكينة وارسم رسومات على الحيطة، يا دوب املى صباعي بدمي، الاقي صباعي بيتحرك من تلقاء نفسه على الحيطة، لا عارف بعمل ايه ولا ايه المثلثات والحروف المتفرقة والنجوم والوشوش الغريبة اللي برسمها على الحيطة دي!.

وهاجس تالت مكنش بيسيبني قبل ما انام، كنت انام على السرير كما ولدتني امي، بدون ملابس نهائي، ووقتها كان لازم أشوف الكابوس اللي كان ملازمني، ٣ مخلوقات وشهم بشع، جسمهم طويل جداً عيونهم زي عيون القطط، وشعر كثيف مغطي كل جسمهم حتى وشهم كله شعر، ولسانهم طويل زي لسان الأفاعي!.
وال٣ في وضع النوم جنب بعض، وسامحيني مش هكمل شرح واتمنى تكوني فهمتي قصدي، الموضوع كان فيه اسف في اللفظ، نجاسة!.

والكابوس ده يومياً لازم اشوفه، لدرجة اني اعتدت عليه.
وكنت عارف ان فيه اكتر من تعبان عايش معايا ف نفس الاوضة، وأكترهم تحت السرير، لأني بقيت استمتع بصوت فحيحهم المستمر.

قبل وفاة عمتي كنت ملتزم دينياً، في الفترة دي كل ما كنت افكر اصلي، احس بنار بتمسك في راسي!.

وأسمع صوت دبدبة في الصالة وانا قاعد لواحدي في اوضتي وقافل النور كله، اخرج مافيش حد موجود.

كنت يوميا اصحى الساعة ١٢ بالليل.. ادخل المطبخ علشان أشرب، بلاقي صينية الاكل اللي كل يوم الاقيها متغيرة والاكل زي ما هو، كان واضح ان لبنى بتجيبلي الاكل يوميا وتاخده تاني يوم وتجيبلي اكل غيره..

كنت ألاقي على الارض جنب التلاجة حتة لحمة كبيرة، أنزل على ركبتي وأكل فيها بكل شراهة وانا مستمتع جدًا، بس مكنتش بمسكها، انا كنت باكلها وهي على الارض!.

وبحس برجل بتدوس على راسي لحد ما اخلصها كلها.
 اللحمة برغم ريحتها الوحشة وطعمها الخشن المقزز إلا اني كنت حابب طعمها، وفضلت أكل فيها ويحصل نفس التفاصيل اكتر من اسبوعين..

وفي كل مرة الرجل اللي بتدوس على راسي مبكونش شايف مين صاحبها، بمجرد ما اخلص اكل برجع اتحرك من جديد.

وفي يوم كنت بين الصحيان والنوم، سمعت في الصالة اصوات كتير متداخلة، خبط على همهمات، قعدتي في الضلمة خليتني أشوف بوضوح فيها، بصيت في الصالة لقيت كلب ضخم واقف عيونه منورة، وعلى الارض كلب تاني واضح انه ميت، والكلب الضخم بياكل في الكلب اللي ميت، وفجأة فصل رجله بأسنانه الحادة ومسكها بين اسنانه وبدأ يمشي بيها للمطبخ!.

بمجرد ما دخل المطبخ غمضت عيني وروحت في النوم، لما صحيت روحت كلت اللحمة اللي لقيتها في مكانها، وجيت علشان أرجع الاوضة تاني، لقيت حد واقف جوة!.

كنت خارج من المطبخ وعيني وقعت عليه، كان واقف بيتهز هزات خفيفة يمين وشمال، ايده جنبه.. لما بص لي رفع ايده تجاهي وبيأمرني أقرب منه، وده اللي عملته، مكنتش خايف.. شعور الخوف اصلا اختفى من جوايا.

ولما قربت لقيتها عمتي!!.

تعليقات



×